عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 03-10-2009, 01:01 AM
أبو مصعب السلفي أبو مصعب السلفي غير متواجد حالياً
الراجي سِتْر وعفو ربه
 




افتراضي

المطلب الثاني:
الرحمة

والرحمة لغة: الرِّقة والمغفرة والتعطّف(1)

زفي مفردات ألفاظ القرآن "والرحمة: رقَّة تقتضي الإحسان إلى المرحموم, وقد تُستعمل تارة في الرقة المجردة, وتارة في الإحسان المجرد عن الرّقة, نحو رحم الله فلاناً"(2)

فالرحمة من أخلاق الإسلام التي أمر الله بها, بل إنه سبحانه اتصف بها "كَتَبَ ربُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة"
وقال أيضاً "ورحمتي وسعت كل شئ"
فقد وردت الرحمة في القرآن والسنة كثيراً
فمن السنة:
1- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال "من لا يَرحم لا يُرحَم" البخاري.

فالرحمة أمر فطري في البشر; بل في البهائم, وخي من الأخلاق المأمور بها
حتى لقد رحم -عليه الصلاة والسلام- الجمادات, كما ورد عنه رحمته للجذع الذي حنَّ لفراقه -عليه الصلاة والسلام-, حيث لما سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- حنين جذع النخلة نزل من على منبره وضمّه إليه وسكَّن من روعه

أما بالنسبة لتصحيح الأخطاء بهذا الخُلُق العظيم منه -عليه الصلاة والسلام- فمن ذلك:

1- حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال "دخل النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال "ما هذا الحبل؟" قالوا: هذا حبل لزينب, فإذا فترت تعلقت. فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- "لا. حُلّوه, لُيصلِّ أحدكم نشاطه, فإذا فتر فليقعد" البخاري.
ففي هذا الحديث رحمته -عليه الصلاة والسلام- بهذه المرأة وبأمته كذلك, حيث لم يكلفهم ما يجهدهم, ويسقّ عليهم.

2- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال لي النبي -عليه الصلاة والسلام- "إنك لتصوم الدهو وتقوم الليل.." وفيه "صُم يوماً وأفطر يوماً" وفيه كذلك "فإنك إن فعلت ذلك هججَمَت عينك(3) ونَفَهَت نفسك(4), وإن لنفسك عليك حقاً" متفق عليه.
فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أشفق على ابن عمرو ورحمه وأرشده إلى الصواب من هذا الفعل,
وفيه تصحيح للخطأ الذي وقع فيه هذا الصحابي الجليل, قال النووي -رحمه الله- "وحاصل الحديث بيان رفق رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بأمّته, وشفقته عليهم, وإرشادهم إلى مصالحهم, وحثهم على ما يُطيقون الدوام عليه" شرح مُسلم (3/225)
وقد قال ابن حجر مثل هذا الكلام في الفتح (4/265).

فالداعية المُخلص هو الذي تدفعه الشفقة والرحمة على المدعوين, والخوف عليهم من عاقبة ذلك الخطأ إلى ملاحظتهم وتصحيح أخطائهم,
وهذا ما فعله إمام الدعاة وقدوة المربيين محمد -عليه الصلاة والسلام-... وقد احتل رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بهذا الخُلُق -الرحمة- المكانة العظيمة في قلوب أصحابه, حتى فَدَوَهُ بالأموال والآباء والبنين, بل تعدَّى ذلك الفداء بأنفسهم رضوان الله عليهم, وما ذلك إلا لأنه -عليه الصلاة والسلام- كان رحيماً شفيقاً بهم ولم يكن فاحشاً ولا مُفحشاً ولا صخّاباً ولا عنيفاً, قال سبحانه وتعالى عنه {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159

3- حديث الرجل الذي أصاب أهله في نهار رمضان وجاء إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يستفتيه, وفيه : أنه لم يجد ما يُعتق به ولا يستطيع الصيام, ولا يجد ما يُطعم به, فلما جاء بعض الطعام إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره أن يتصدق به فأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يجد أفقر من أهل بيته في المدينة, فضحك النبي -عليه الصلاة والسلام-, ورحمه ثم قال له: أطعم أهلك
وهذا في حال من ندم على خطئه واشتدَّ أسفه.


------
(1)القاموس المُحيط مادة (رحم) صـ 1436
(2)مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني صـ 347
(3)هجمت عينك: غارت وضعفت لكثرة السهر (فتح الباري)(النووي)
(4)نفهت نفسك: كلَّت (الفتح) وقيل ضَعُفَت (النووي)
التوقيع

قال الشاطبي في "الموافقات":
المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبداً لله اختيارًا, كما هو عبد لله اضطراراً .
اللـــه !! .. كلام يعجز اللسان من التعقيب عليه ويُكتفى بنقله وحسب .
===
الذي لا شك فيه: أن محاولة مزاوجة الإسلام بالديموقراطية هى معركة يحارب الغرب من أجلها بلا هوادة، بعد أن تبين له أن النصر على الجهاديين أمر بعيد المنال.
د/ أحمد خضر
===
الطريقان مختلفان بلا شك، إسلام يسمونه بالمعتدل: يرضى عنه الغرب، محوره ديموقراطيته الليبرالية، ويُكتفى فيه بالشعائر التعبدية، والأخلاق الفاضلة،
وإسلام حقيقي: محوره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأساسه شريعة الله عز وجل، وسنامه الجهاد في سبيل الله.
فأي الطريقين تختاره مصر بعد مبارك؟!
د/أحمد خضر

من مقال
رد مع اقتباس