عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 02-01-2009, 04:48 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هذه بعض أقوال أهل العلم في المسألة و بالتحديد معنى القول في السماء.




قال الحكمي (معارج القبول)


و من ذلك التصريح بأنه تعالى في السماء قال الله تعالى أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير الملك 6 7 و في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة في أديم مقروض لم تحصل من ترابها قال فقسمها بين أربعة



نفر بين عيينة بن بدر و أقرع بن حابس و زيد الخيل و الرابع إما علقمة و إما عامر بن الطفيل فقال رجل من أصحابه كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء قال فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألا تأمنوني و أنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا و مساء قال فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشر الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله فقال صلى الله عليه وسلم ويلك أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله قال فلما ولي الرجل قال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه قال لا لعله أن يكون يصلي فقال خالد و كم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس و لا أشق بطونهم قال ثم نظر إليه و هو مقف فقال أنه يخرج من ضئضيء هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية و أظنه قال لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود و عن معاوية بن الحكم في حديث طويل قال و كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد و الجوانية فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنهما و أنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون لكن صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي قلت يا رسول الله أفلا أعتقها قال ائتني بها فأتيته بها فقال لها أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعتقها فإنها مؤمنة أخرجه مسلم و أبو داود و النسائي و غير واحد من الأئمة في تصانيفهم و عن أبي الدرداء رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اشتكى منكم شيئا أو اشتكاه أخ له فليقل ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك أمرك في السماء و الأرض كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض اغفر لنا حوبنا و خطايانا أنت رب الطيبين أنزل رحمة من رحمتك و شفاءا من شفائك على هذا الوجع فيبرأ رواه أبو داود و عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله و من قطعها قطعه الله رواه الترمذي و قال هذا حديث حسن صحيح و له عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي يا حصين كم تعبد اليوم إلها قال أبي سبعة ستة في الأرض وواحدا في السماء قال فأيهم تعد لرغبيك ورهبتك قال الذى في السماء ر قال فلما أسلم حصين قال يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني فقال صلى الله عليه وسلم قل اللهم إلهمني رشدي و أعذني من شر نفسي قال الترمذي هذا حديث حسن غريب و قد روي هذا الحديث عن عمران بن حصين من غير هذا الوجه و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم و الذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها رواه مسلم في صحيحه و عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كنا جلوسا ذات يوم بفناء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت امرأة من بناته فقال أبو سفيان ما مثل محمد في بني هاشم إلا كمثل الريحانة في وسط الزبل فسمعت فأبلغته رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فصعد على منبره و قال ما بال أقوال تبلغني عن أقوام إن الله خلق سموات سبعا فاختار العليا فسكنها و أسكن سمواته من شاء من خلقه ثم اختار خلقه فاختار بني آدم فاختار العرب فاختار مضر فاختار قريش فاختار بني هاشم فاختارني فلم أزل خيارا من خيار فمن أحب قريشا فبحبي أحبهم و من أبغض العرب فببغضي أبغضهم قال الذهبي هو حديث منكر رواه جماعة في كتب السنة و أخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا اخرجي أيتها النفس المطمئنة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة و أبشري بروح و ريحان و رب غير غضبان فيقولون ذلك حتى يعرج بها إلى السماء التي فيها الله عز و جل و ذكر باقى



الحديث رواه أحمد و النسائي و ابن ماجه و ابن جرير و اللفظ له و في الباب أحاديث تأتي إن شاء الله تعالى في ذكر الموت و فتنة القبر و عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما أسري بي مررت برائحة طيبة فقلت يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة قال هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون و أولادها كانت تمشطها فوقع المشط من يدها فقالت باسم الله تعالى فقالت ابنته أبي قالت لا و لكن ربي و رب أبيك الله فقالت أخبر بذلك أبي قالت نعم فأخبرته فدعا بها فقال من ربك هل لك رب غيري قالت ربي و ربك الله الذي في السماء فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ثم دعا بها و بولدها فألقاهما فيها و ساق الحديث بطوله رواه الدارمي و أبو يعلى الموصلي و قال الذهبي هذا حديث حسن الاسناد و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ألقى إبراهيم عليه السلام في النار قال اللهم إنك واحد في السماء و أنا واحد في الأرض أعبدك رواه الدارمي في النقض و قال الذهبي حسن الإسناد و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبرائيل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض رواه






قال الشيخ عبد الرحمان السحيم

جواز السؤال بـ : أين الله ؟
والجواب : أنه في السماء .
من شهد أن الله في السماء وشهد للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة حُـكم له بالإيمان ، والسرائر أمرها إلى الله .
أما من شهد أن الله في كل مكان أو أنه لا يعلم أين الله ، فلا يُشهد له بالإيمان

قال الشيخ العلامة عبد الله الغنيمان (شرح العقيدة الواسطية)

يقول المصنف رحمه الله تعالى: [وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية : (أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: اعتقها فإنها مؤمنة) رواه مسلم . وقوله صلى الله عليه وسلم : (أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك أينما كنت) ، حديث حسن أخرجه الطبراني من حديث عبادة بن الصامت . وقوله صلى الله عليه وسلم : (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه، ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه) متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم : (اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عني الدين وأغنني من الفقر) رواه مسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم لما رفع الصحابة أصواتهم بالذكر: (أيها الناس! أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنما تدعون سميعاً بصيراً قريباً ، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) متفق عليه ]. علو الله جل وعلا على خلقه ثابت بأدلة الوحي، وبأدلة العقل، وبأدلة الفطر التي فطر الله جل وعلا عليها خلقه، ونفي العلو شذوذ جاء به أهل البدع، شذوذ عن الإيمان الذي ركزه الله جل وعلا في قلوب عباده بأنه فوقهم تعالى وتقدس. أما مخالفته للوحي فأمر ظاهر لا كلام فيه، ولا يجادل في ذلك إلا ضال في دينه، أو جاهل لا يعرف شيئاً من الحق، وقوله للجارية : (أين الله؟) ، هذا من تمام الأدلة التي ذكرها، والأدلة كثيرة، حتى أوصلها بعض العلماء إلى ألف دليل، كلها تدل على علو الله، وهذا لأنواعها وليس لأفرادها، أما أفرادها فكثيرة جداً، فحصرها صعب، ومعلوم أنه يكفي المؤمن لاتباع الحق ولو دليل واحد، ولكن كثرة الأدلة وتضافرها تدل على قوة ذلك.

حديث الجارية رواه مسلم ، ورواه غيره، وهو حديث ثابت في الصحيح، وهو يدل على جواز السؤال عن الله بأين، وأهل البدع يشنعون على أهل السنة ويسمونهم الأينية، يعني: أنهم يثبتون الأين لله بالسؤال عنه، فينبغي أن يسألوا من الذي أثبت هذا؟ هل هم أهل السنة من ذات أنفسهم أو أنهم يقتدون بسيدهم وبنبيهم صلى الله عليه وسلم؟ لا شك أن الذي يرد هذا يرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيه أن علو الله ثابت في الفطر، فهذه الجارية بفطرتها أخبرت بما انطوى عليه قلبها من الإيمان والفطرة التي فطر الله عليها عباده، فهذا علم يثبت في النفس وتميل إليه وتريده كما أنها تريد اللبن، فإن المولود وقت وضعه يطلب اللبن بفطرته، فكذلك الفطرة على وجود الله وأنه فوق، وهذه الفطرة قد يغيرها المربي. (قالت: في السماء) سبق أن (في) بمعنى (على) يعني: على السماء، وهذا أمر واضح، وإن قدر أن (في) على بابها فيكون المقصود بالسماء: العلو، والمعنى: أن الله في العلو. وقوله: (من أنا؟ قالت: أنت رسول الله )، وفي رواية أنها أشارت إلى السماء أيضاً وقالت: (أنت رسول من في السماء) ، فالله جل وعلا في السماء، وهذا أمر ثابت بالعقل والفطرة والشرع: ثم قال صلى الله عليه وسلم : (اعتقها فإنها مؤمنة) ، وفي هذا دليل على أن الإيمان شرط في العتق؛ لأنه قال: (اعتقها فإنها مؤمنة) فجاء الحكم مرتباً على ما سبق بالفاء، وهذا يدل على أن هذا علته، ولو تخلف ذلك تخلف الحكم؛ ولهذا قال: (فإنها مؤمنة) ، فالذي يثبت أن ربه في السماء يحكم بأنه مؤمن. وفي هذا دليل على أن الواجب على العبد معرفة الله جل وعلا بالفطرة وبالوحي، وليس كما يقول أهل الضلال أنه يعرفه بالشك أو النظر أو القصد للنظر، ثلاثة أقوال عندهم، وهي أقوال باطلة، بل قال بعض العلماء: إنها كفر، لماذا؟ لأن هذه الأمور لا يعرفها سادات الخلق من الصحابة وأتباعهم، وإنما جاء بها الجهمية وأضرابهم من معتزلة وأصحاب الكلام، والمشكلة أن هذا بقي عند الأشاعرة كما هو موجود في كتبهم، وحاول كثير من أئمتهم إبطال هذه الدعوة فقال: هذه مسألة بقيت في المذهب عن المتكلمين، وليست هذه فقط التي بقيت في مذهب الأشاعرة من المتكلمين، بل بقيت مسائل كثيرة جداً، ولكن أنكرت هذه لظهور بطلانها ووضوحه. وفي هذا الحديث -كما تقدم- جواز السؤال عن الله بأين هو؟ وقد سئل عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وأجاب كما روي أنه قيل له: أين كان ربنا قبل خلق العرش وقَبل خلق السموات والأرض ؟ قال: (كان في عمى، فوقه هواء وتحته هواء) ، وكلمة عمى هذه رويت بالمد والقصر، فإذا كانت بالمد (عماء) فقالوا: معناها السحاب الرقيق كما جاء ذلك في القرآن: هل يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ [البقرة:210] ، ويكون المقصود: أي: كان في ظلل من الغمام، وإذا كانت بالقصر (عمى) فمعنى ذلك أنه شيء لا يعلم، أي: أنه أمر لا يعلمه إلا هو جل وعلا، وليس في هذا متمسك لأهل الباطل الذين يقولون: كان الله ولا مكان ، وهو الآن على ما كان عليه قبل خلق المكان، تعالى الله وتقدس، فإن هذا من اختراعهم ومن بدعهم ، والذي يقول: إن هذا الكلام حديث فقد أبعد عن الصواب كثيراً، فليس ذلك حديثاً، وإنما هو قول أهل البدع. وفيه أنه يكتفى بالحكم بإيمان الإنسان أن يؤمن أن الله جل وعلا ربه، ومقتضى ذلك أنه معبوده، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، والصواب أن هذا هو أول ما يجب على الإنسان.



في حديث الجارية إثبات العلو لله جل وعلا كما هو ظاهر، وهذا هو المقصود من سياق الحديث، فالله فوق، وبعض الناس يقول: إن الله في جهة العلو، وكلمة (جهة) هذه لم تأت لا في الكتاب ولا في السنة، ولا يجوز التعبير بالشيء الذي لم يأت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هو في كتاب الله، وإنما الواجب أن يعبر بالألفاظ الشرعية، ومعلوم أن ما يوصف الله جل وعلا به يجب أن يكون بالنص لا بقياس ولا بعقل، وهذا معنى قول أهل السنة: صفات الله جل وعلا توقيفية، فإذا قال قائل: هل الله في جهة أو ليس في جهة؟ فقل: هذا القول بدعة، لا ينفى ولا يثبت، بل يستفسر ويعلم ما مراده، فإن كان مراده أن الله في جهة العلو، فنقول: هذا المعنى صواب، ولكن العبارة باطلة؛ لأنها بدعة، وكذلك إذا قال: إن الله ليس في جهة يتوقف فيه حتى يتبين مراده، فإن أراد بقوله: إن الله ليس في جهة، أي: أنه ليس هناك جهة تحويه تعالى وتقدس، ولا شيء يقله أو يظله ، فنقول: المعنى صواب وحق، ولكن العبارة باطلة، ويجب أن يعبر بالعبارة الشرعية وهي أن الله فوق، وأن الله هو العلي الأعلى، وما أشبه ذلك من العبارات التي جاءت في الكتاب والسنة، أما إذا أراد أمراً باطلاً فيرد لفظه ومعناه.


قال الشيخ عبد الله بن جبرين (شرح لمعة الإعتقاد)

الدليل الثاني : قوله تعالى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ( الملك:16 ) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ( الملك:17 ) الله تعالى قطع الكلام عما بعده في قوله تعالى : أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ هذا وقف مطلق ، أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ هذا وقف جائز أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ( الملك:17 ) ولا شك أن هذا دليل واضح على إثبات العلو و( في السماء ) يفسرونها بتفسيرين:
التفسير الأول: أن تكون ( في ) بمعنى: على، وهذا مشهور في اللغة كما في قوله تعالى : أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ( المائدة:26 ) يعني: على الأرض ، أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ( غافر:82 ) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ( النمل:69 ) ليس المراد في جوفها بل المراد عليها، وكذلك قوله عن فرعون وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ( طه:71 ) ليس المراد أنه ينحت لهم ويدخلهم في الجذوع، بل المراد أنه يصلبهم على جذوع النخل، فدل على أن ( في ) تأتي بمعنى على: فِي السَّمَاءِ ( الملك:17 ) يعني: على السماء.
التفسير الثاني: أن السماء بمعنى العلو، وأن كل ما ارتفع فإنه سماء ، يقولون : سما فلان يعني ارتفع ، سما هذا البناء ارتفع، هذا بناء سامٍ، أي: مرتفع ، هذا جبل سامٍ، أي: مرتفع ، فالسمو: بمعنى الارتفاع , فإذا قيل: ( من في السماء) أي: في جهة العلو التي لا يعلم نهايتها وقدرها إلا هو سبحانه -فإن قيل فيها دليل على الحصر؟ -فالجواب ليس معنى ( في السماء ) أن السماء تحصره، أو تحويه - تعالى الله - بل هو فوقها كما يشاء, وإذا استدلوا بقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ( الزخرف:84 ) وقالوا: هذا دليل على أنه في الأرض كما أنه في المساء, فالجواب عن هذه الآية، وعن الآية التي في سورة الأنعام وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ ( الأنعام:3 ) أن المراد: الإله في السماوات والإله في الأرض ؛ بمعنى المألوه الذي تألهه القلوب ، والذي يستحق أن يكون إلهًا معبودًا وحده ، وذلك لأنه لم يقف عند ( السماء )، بل وصلها ، ولم يقل ( وهو الله في السماء ) ، وهو الذي في السماء وفي الأرض، بل قال : وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ( الزخرف:84 ) يعني : إله في السماء، وإله في الأرض , ويمثل بعضهم ذلك بما إذا قلت مثلا : فلان أمير في العراق وأمير في الشام مع أنه بأحدهما ، والمعنى: أن إمارته عامة لهذه البلاد، فالله - تعالى - ألوهيته عامة لأهل السماوات والأرض ولما شاء الله ، هذا دليلُ إثبات أنه في السماء, كما ورد أيضا في الأحاديث مثل حديث رقية المريض ، وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، وإن كان في سنده مقال، ولكن شيخ الإسلام يكثر الاستدلال به مما يدل على أن المقال لا يقدح فيه، وفيه إذا مرض أحدكم، أو مرض أخ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك ، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء؛ فاجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع , والشاهد قوله: ربنا الله الذي في السماء ، ولم يقل في السماء والأرض، ولم يقل: ( ملكك ) كما يعبرون عنه، أو ( في السماء سلطانك ) كما تقوله النفاة ، أو ( في السماء أمره ) كما يقولونه ، والأحاديث في هذا كثيرة, ومثله قصة الجارية جاء رجل وقال يا رسول الله: إن علي عتق رقبة، وإن عندي جارية أفأعتقها؟ فقال: ائت بها. الحديث فلما جاء بها امتحنها النبي صلى الله عليه وسلم؛ هل هي مؤمنة؟ لأن من شرط العتق أن يكون العتيق مؤمنا لقوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ( النساء:92 ) فأول شيء بدأها بقوله: أين الله ؟ فقالت: في السماء ، إما أن ذلك فطرة، وإما أن ذلك عن علم تلقته وتعلمته، قال: من أنا ؟ قالت: أنت رسول الله ، فقال: أعتقها فإنها مؤمنة , زكاها وشهد لها بالإيمان لما اعترفت بأن الله في السماء، فدل على أنه لا يكمل الإيمان إلا بهذا الشرط؛ وهو الاعتقاد أن الله في السماء، ويفيد أن من اعتقد غير ذلك فإنه ناقص الإيمان, ومثل هذا أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء أي: ربكم الذي في السماء، وقال صلى الله عليه وسلم: ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحًا ومساءً والأحاديث كثيرة ، والحاصل أن هذا دليل على إثبات العلو، ومحمله كما قلنا.




قال الشيخ عبد العزيز بن باز (فتوى على موقع الشيخ)

أما حديث الجارية التي أراد سيدها إعتاقها كفارة لما حصل منه من ضربها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: رسول الله، قال: اعتقها فإنها مؤمنة))[8] فإن فيه الدلالة على علو الله على خلقه وأن الاعتراف بذلك دليل على الإيـمان


قال الشيخ خالد المصلح (شرح لمعة الإعتقاد)

أما الأحاديث فذكر: ((رَبَّنَا الله الّذِي في السّماءِ تَقَدّسَ اسْمُكَ)) وهـٰذا الحديث رواه أبو داود وغيره بسند حسن كما قال شيخ الإسلام رحمه الله، وهو حديث مشهور بأنه حديث رقية المريض فإنه يقرأ على المريض.
الشاهد فيه قوله: ((رَبَّنَا الله الّذِي في السّماءِ تَقَدّسَ اسْمُكَ)) (ربَّنا) بالنصب لأنه دعاء (يا ربنا) تقدير يا النداء: يا ربنا (((رَبَّنَا الله الّذِي في السّماءِ تَقَدّسَ اسْمُكَ))، وقال للجاريَّة:((أيْنَ الله؟))، قالتْ: في السَّماءِ) أي في العلو، (في السَّماءِ) أي في العلو؛ لأن السماء يطلق على العالي، فهو اسم جنس لما علا، السماء اسم جنس لما علا، ويمكن أن يقال: في السماء أي سماء السقف المحفوظ، وتكون في هنا بمعنى على. كما قال تعالى في قول فرعون: ﴿وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴿فِي جُذُوعِ وهو معلوم أن التصليب لا يكون في بطن الجذوع إنما يكون عليها، فكانت في هنا بمعنى على، وكقوله تعالىٰ: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾،الناس لا يمشون في الأرض داخلها إنما عليها، فـ(في) تأتي بمعنى (على) فقول الله تعالى: ﴿ءَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء﴾،وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((رَبَّنَا الله الّذِي في السّماءِ)). معناه إما أنه الذي في العلو، وإما أن يكون المراد بالسماء السقف المحفوظ ثم قال الشيخ

وأما قوله تعالىٰ: ﴿ءَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءفهذا فيه إثبات صفة العلو لله عز وجل. وقوله تعالىٰ: ﴿فِي السَّمَاء السماء يحتمل أحد معنيين:
المعنى الأول: السقف المحفوظ.
والمعنى الثاني: أنه العلو.
لأنّ السماء في لغة العرب اسم جنس للعالي.
فعلى المعنى الأول -وهو أن السماء المقصود بها السقف المحفوظ- فيكون قوله تعالىٰ: ﴿ءَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أي من على السماء، فـ(فِي) بمعنى (على).
وعلى المعنى الثاني -وهو أن السماء جنس العالي؛ اسم لجنس ما علا- تكون (في) على بابها، ليست بمعنى (على).
على أننا نعتقد أن الله جل وعلا محيط بكل شيء ليس فيه شيء من خلقه، ولا هو في شيء من خلقه جل وعلا.
بل هو العالي الذي لا شيء فوقه، فهو جل وعلا على كل شيء، مستوٍ على عرشه، بائن أي منفصل عن خلقه، فليس فيه شيء من خلقه، ولا هو في شيء من خلقه، تعالىٰ الله عما يظن الجاهلون ويقولون علواًّ كبيراً.
وهذا الذي ذكرناه في قوله تعالىٰ: ﴿ءَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَجْرِهِ في كل ما شابه هذا التركيب، ما شابه هذه الصيغة.
فقوله رحمه الله: (وقولُ النبيِّصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((رَبَّنَا الله الّذِي في السّماءِ تَقَدّسَ اسْمُكَ))؛ ((في السّماءِ)) هنا كم فيها من وجه؟ فيها وجهان:
الوجه الأول: أن المراد بالسماء هنا السقف المحفوظ.
والوجه الثاني: أن السماء المراد بها جنس ما علا.
تقول: نزل علينا المطر من السماء؛ يعني من السقف المحفوظ أو من جهة العلو؟ من جهة العلو؛ لأن المطر لا ينزل من السقف المحفوظ، إنما ينزل من السحاب.
وكقوله تعالىٰ: ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء يعني يمدد حبل إلى السقف المحفوظ أو إلى السماء يعني إلى جهة العلو -سقف بيته أو ما أشبه ذلك-؟ ما المقصود بالآية: ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء العالي أو السماء التي هي السقف المحفوظ، ما المراد ؟ جهة العلو؛ هذا معنى قوله تعالىٰ: ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء﴾.
فالسماء تطلق على جنس ما علا في لغة العرب.
وتطلق أيضاً على السقف المحفوظ الذي جعله الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى طباقاً. واضح المعنى؟
طيب، في كل الموارد التي يرد فيها الخبر بأن الله جل وعلا في السماء:
إما أن تقول: السقف المحفوظ فتكون في هنا بمعنى علا.
وإما أن تقول: جهة العلو فتكون في هنا بمعنى الظرفية على بابها.
طيب قال رحمه الله: (وقال للجارية:((أيْنَ الله؟))، قالتْ: في السَّماءِ) نفس الكلام:
·إما في السماء أي على السماء التي هي السقف المحفوظ.
·أو في السماء يعني في العلو فيكون إثباتاً لعلوه جل وعلا على كل شيء.
(قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ))). وهذا الحديث في صحيح الإمام مسلم من حديث معاوية بن الحكم، في قصة ضرب جاريته حيث سألها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((من أنا))؟ فقالت: أنت رسول الله. ثم سألها: ((أين الله))؟ قالت: في السماء. فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لمعاوية بن الحكم: ((أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)).
يقول: (رواه مالكُ بنُ أنَسٍ ومسلمٌ وغيرُهما مِنَ الأئمة .
ثم قال رحمه الله: (وقالَ النبيُّصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُصَيْنٍ) حصين بن المنذر الخزاعي والد عمران بن حصين رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وكان في مكة وكان شيخاً كبيراً أتاه قومه فقالوا له: إن محمداً يسفه آلهتنا ويذم آلهتنا ويسفه أحلامنا فأته لعله يسمع منك، فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما أقبل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه: ((أوسعوا للشيخ)) -لكبر سنه- فقال له ما قال: لماذا تسفه آلهتنا؟ وما إلى ذلك مما جاء من أجل الإنكار فيه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يا حصين كم إلـٰهاً تعبد؟)) قال: سبعة. قال: ستة في الأرض وواحداً في السماء. فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ؟)) يعني من لما تحب وترغب، ومن لما تخاف وترهب؟ يعني من الذي تدخره لمطالبك ومطامعك وآمالك فتسأله؟ ومن الذي تدخره لرهبتك، لمخاوفك، وما ترهب فترجو منه دفع ذلك أو رفعه؟ قال حصين: الّذي في السَّماء. يعني الله عز وجل. حصين مسلم في هذه الحال أو كافر؟ في هذه الحال هل هو مسلم أو كافر؟ كافر لأنه أخبر بأنه يعبد سبعة ولا يكون هذا من مسلم مع ذلك يعتقد أن الله في السماء.
وهذا دليل من الأدلة التي تضاف إلى ما ذكره شيخ الإسلام وغيره من أن إثبات العلو لله عز وجل لا يختص أهل الإسلام؛ بل يُقر به كل إنسان مسلم أو كافر.
(قالَ: ((فَاتْرُكِ السِّتَّةَ وَاعْبُدِ الذِي في السَّماءِ))) قال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اتْرُكِ السِّتَّةَ)) أي فلا تتوجه إليهم بعبادة ولا رغبة ((وَاعْبُدِ الذِي في السَّماءِ)) أي أخلص عبادتك لله الذي في السماء جل وعلا ((وَأَنَا أُعَلِّمُكَ دَعْوَتَيْن)) وفي رواية ((كلمتين))، (فَأَسْلَمَ) ظاهر هذا السياق أنه أسلم في الحال، والذي يظهر من الروايات الأخرى أنه أسلم بعد حين. ثم أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أوفني ما وعدتني؛ علمني الكلمتين. فعلمه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمتين جامعتين تجمعان للإنسان خير الدنيا والآخرة: ((اللَّهُمَّ ألْهِمْنيِ رُشْدِي وَقِنيِ شَرَّ نَفْسِي))، وفي رواية: ((وأعذني من شر نفسي))، ومن وفق إلى هذين: إلى الرشد وإلى وقاية شر النفس فقد جمع الله له الخير؛ لأن إلهام الرشد تحصل به الهداية، فإن من أُلهم رشده أي أعطي الهداية ووفق إليها ووقي أي حفظ وجنب شر نفسه يكمل له العلم والعمل، العلم النافع والعمل الصالح. فسأل الله عز وجل ما يعين على الهداية واجتناب ما يمنع منها؛ لأن الذي يحصل به الضلال وعدم الاستقامة أمران:
الجهل: وهذا يتوقاه بقوله: ((اللَّهُمَّ ألْهِمْنيِ رُشْدِي)).
اتباع الهوى: وهذا يتوقاه بقوله: ((وَقِنيِ شَرَّ نَفْسِي)). فإن الإنسان قد يكون عالماً للحق؛ لكن يحول بينه وبين اتباعه والأخذ به هوى نفسه واتباع شهواته.
فإذا وقي هذا ووفق إلى ذاك فقد كمل له الخير، وهذا الحديث رواه الترمذي وقال عنه: غريب، وقد حسنه جماعة من العلماء، وهو من رواية الحسن بن أبي الحسن البصري عن عمران رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قال: (وَفيمَا نُقِلَ مِنْ عَلاماتِ النبيِّصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأصحابِهِ في الكُتُبِ المتقدِّمةِ) أي كتب الأنبياء كالتوراة والإنجيل: (أنَّهم يَسْجُدون بالأرْضِ، ويَزْعُمون أنَّ إلـٰهَهمْ في السَّماءِ.) وهذا وصف صادق على الأمة، فإن أهل الإسلام يسجدون بالأرض، ثم إذا سجدوا ماذا يقولون؟ يقولون: سبحان ربي الأعلى. (ويَزْعُمون أنَّ إلـٰهَهمْ في السَّماءِ) أي في العلو، ولذلك كل ساجد يقول: سبحان ربي الأعلى. وأول ما ينقدح في القلب عند قولك في وصف الله: الأعلى أي شيء؟ علوه جل وعلا بذاته في السماء.
هذا أول ما يتبادر إلى القلب، وهذا أمر وقع فيه الخلاف بين أهل السنة وغيرهم.
فإن غير أهل السنة ينكرون هذا النوع من العلو ويقولون: الأعلى قدراً والأعلى قهراً، لكنهم لا يقولون: الأعلى ذاتاً، والعلو الذي يثبته أهل السنة والجماعة لله عز وجل هو العلو بأنواعه كلها:
فله جل وعلا علو الذات، فهو فوق كل شيء سبحانه وبحمده
.














رد مع اقتباس