لم يكن الدين الاسلامي أول الاديان والملل التي تتعامل مع شريعة الجزية بل هي معروفه عند أهل الكتاب , فبنو اسرائيل عندما دخلوا بأمر الرب الى الارض المقدسة مع نبيهم يشوع أخذوا الجزية من الكنعانيين فيقول سفر يشوع (10:16) : (فلم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر.فسكن الكنعانيون في وسط افرايم الى هذا اليوم وكانوا عبيدا تحت الجزية) بل ان في كتابهم المقدس فيه شرائع واحكام أشد من الجزية ,فالرب يأمر أنبيائه ان يضعوا الناس تحت نظام التسخير والعبودية بخلاف الجزية التي هي أهون من هذا النظام , ففي سفر التثنية (10:20) أن الرب يأمر نبيه موسى قائلا: (حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح.فان اجابتك الى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك) . فقد كانت الجزية من شرائع التوراة والمسيح عليه السلام لم يذكر كلمة واحدة لالغائها او استنكارها . وأن بولس على ضرورة الالتزام بها وذلك في قوله في رسالة رومية (7:13) : (فاعطوا الجميع حقوقهم . الجزية لمن له الجزية . الجباية لمن له الجباية . والخوف لمن له الخوف والاكرام لمن له الاكرام) . فمن طعن بهذا الحكم في الحقيقة قد طعن على كتابهم المقدس . فالجزية تفرض على غير المسلمين الذين يتصفون بالتالي:
1- لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ايمانا صحيحا يرتضيه الله تعالى .
2- لا يحرمون ما حرم ورسوله فلا يتبعون شرعه في تحريم المحرمات .
3- لا يدينون بالدين الصحيح .
فهؤلاء نحاربهم حتى يسلموا أو يدخلوا تحت سلطان الاسلام بأن يؤدوا الجزية فمتى أدوها وجب قبولها منهم وحرم قتالهم وصاروا في حماية المسلمين ورعايتهم . ولا تأخذ الجزية من الصبي والمرأة والمجنون والاعمى والمريض والشيخ الكبير والفقير ونحوه ...
قال الامام القرطبي : قال علماؤنا رحمهم الله والذي دل عليه القرآن ان الجزية تؤخذ من الرجال المقاتلين لأنه قال: "قاتلوا الذين" الى قوله: "حتى يعطوا الجزية" فيقتضي ذلك وجوبها على من يقاتل , فالجزية انما تؤخذ من الرجال الاحرار البالغين الذين يقاتلون . وقد قال بعض المفسرين ان الامر في الاية الكريمة ليس على الاطلاق بل ان الذين تفرض عليهم الجزية من أهل الكتاب هم الذين لا زالوا ينساقون مع المشركينضد المسلمين من نقض للعهد او اثارة العدو ومعونته او الاغارة على اطراف المملكة كما فعل النصارى في الشام فجاء الامر الالهي بقتالهم حين بدأوا الاسلام بالشر حتى يعطوا الجزية وهم صاغرون والصغار هو جريان أحكام الاسلام عليهم كما نقل عن الامام الشافعي . كما يقول يوسف القرضاوي : ان هذه الاية لا تقرأ منفصلة عن سائر الآيات الاخرى في القرآن فاذا كان هناك من أهل الكتاب من اعتزل المسلمين ولم يقاتلوهموالقوا عليهم السلم فليس على المسلمين ان يقاتلوهم قال تعالى : "فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا" .
لمقرر رد الشبهات عن الاسلام