منتديات الحور العين

منتديات الحور العين (http://www.hor3en.com/vb/index.php)
-   كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! (http://www.hor3en.com/vb/forumdisplay.php?f=88)
-   -   وسائل الثبات على دين الله؟؟؟ (http://www.hor3en.com/vb/showthread.php?t=78367)

أم عبد الله 09-15-2010 05:31 PM

وسائل الثبات على دين الله؟؟؟
 
[color=maroon][font=simplified arabic]المقدمة [/font][/color]
[font=simplified arabic]إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. [/font]
[font=simplified arabic]أما بعد: [/font]
[font=simplified arabic]فإن الثبات على دين الله مطلب أساسي لكل مسلم صادق يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد. [/font]
[font=simplified arabic][color=red]وتكمن أهمية الموضوع في أمور منها:[/color] [/font]
[font=simplified arabic]- وضع المجتمعات الحالية التي يعيش فيها المسلمون، وأنواع الفتن والمغريات التي بنارها يكتوون، وأصناف الشهوات والشبهات التي بسببها أضحى الدين غريباً، فنال المتمسكون به مثلاً عجيباً ([color=red]القابض على دينه كالقابض على الجمر[/color]). [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]ولا شك عند كل ذي لب أن حاجة المسلم اليوم لوسائل الثبات أعظم من حاجة أخيه أيام السلف، والجهد المطلوب لتحقيقه أكبر ؛ لفساد الزمان، وندرة الأخوان، وضعف المعين، وقلة الناصر[/font][font=simplified arabic].[/font]
[font=simplified arabic] [/font]
[font=simplified arabic]- كثرت حوادث الردة والنكوص على الأعقاب، والانتكاسات حتى بين بعض العاملين للإسلام مما يحمل المسلم على الخوف من أمثال تلك المصائر، ويتلمس وسائل الثبات للوصول إلى برٍ آمن. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]- ارتباط الموضوع بالقلب ؛ الذي يقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأنه: (لقلب ابن آدم أشد انقلاباً من القدر إذا اجتمعت غلياً) رواه أحمد 6/4 والحاكم 2/289 وهو في السلسلة الصحيحة 1772. ويضرب عليه الصلاة والسلام للقلب مثلاً آخر فيقول: (إنما سمي القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهراً لبطن) رواه أحمد 4/408 وهو في صحيح الجامع 2361. فسبق الحديث قول الشاعر: [/font]
[center][font=simplified arabic]وما سمي الإنسان إلا لنسيانه ولا القلب إلا أنه يتقلب [/font][/center]
[font=simplified arabic]فتثبيت هذا المتقلب برياح الشهوات والشبهات أمر خطير يحتاج لوسائل جبارة تكافئ ضخامة المهمة وصعوبتها. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[color=maroon][font=simplified arabic]وسائل الثبات [/font][/color]
[font=simplified arabic]ومن رحمة الله عز وجل بنا أن بين لنا في كتابه وعلى لسان نبيه وفي سيرته [/font][font=simplified arabic][/font][font=simplified arabic] وسائل كثيرة للثبات. [color=navy]أستعرض معك أيها القارئ الكريم بعضاً منها[/color]: [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic][color=#800000][b]أولاً: الإقبال على القرآن[/b][/color]: [/font]
[font=simplified arabic]القرآن العظيم وسيلة الثبات الأولى، وهو حبل الله المتين، والنور المبين، من تمسك به عصمه الله، ومن اتبعه أنجاه الله، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]نص الله على أن الغاية التي من أجلها أنزل هذا الكتاب منجماً مفصلاً هي التثبيت، فقال تعالى في معرض الرد على شُبه الكفار {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} الفرقان /32 -33. [/font]
[font=simplified arabic][color=red]لماذا كان القرآن مصدراً للتثبيت ؟؟[/color] [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]- لأنه يزرع الإيمان ويزكي النفس بالصلة بالله. [/font]
[font=simplified arabic]- لأن تلك الآيات تتنزل برداً وسلاماً على قلب المؤمن فلا تعصف به رياح الفتنة، ويطمئن قلبه بذكر الله. [/font]
[font=simplified arabic]- لأنه يزود المسلم بالتصورات والقيم الصحيحة التي يستطيع من خلالها أن يُقوِّم الأوضاع من حوله، وكذا الموازين التي تهيئ له الحكم على الأمور فلا يضطرب حكمه، ولا تتناقض أقواله باختلاف الأحداث والأشخاص. [/font]
[font=simplified arabic]- أنه يرد على الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين كالأمثلة الحية التي عاشها الصدر الأول، [color=red]وهذه نماذج:[/color] [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]1- ما هو أثر قول الله عز وجل: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} الضحى /3 على نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما قال المشركون: (ودع محمد …) أنظر صحيح مسلم بشرح النووي 12/156. [/font]
[font=simplified arabic]2- وما هو أثر قول الله عز وجل: {لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} النحل /103 لما ادعى كفار قريش أن محمداً صلى الله عليه وسلم إنما يعلمه بشر وأنه يأخذ القرآن عن نجار رومي بمكة ؟ [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]3- وما هو أثر قول الله عز وجل: {أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } التوبة /49 في نفوس المؤمنين لما قال المنافق: " ائذن لي ولا تفتني " ؟ [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]أليس تثبيتاً على تثبيت، وربطاً على القلوب المؤمنة، ورداً على الشبهات، وإسكاتاً لأهل الباطل.. ؟ بلى وربي. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic][color=navy]ومن العجب أن الله يعد المؤمنين في رجوعهم من الحديبية بغنائم كثيرة يأخذونها (وهي غنائم خيبر) وأنه سيعجلها لهم وأنهم سينطلقون إليها دون غيرهم وأن المنافقين سيطلبون مرافقتهم وأن المسلمين سيقولون لن تتبعونا وأنهم سيصرون يريدون أن يبدلوا كلام الله وأنهم سيقولون للمؤمنين بل تحسدوننا وأن الله أجابهم بقوله: (بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً) ثم يحدث هذا كله أمام المؤمنين مرحلة بمرحلة وخطوة بخطوة وكلمة بكلمة.[/color] [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]- ومن هنا نستطيع أن ندرك الفرق بين الذين ربطوا حياتهم بالقرآن وأقبلوا عليه تلاوة وحفظاً وتفسيراً وتدبراً، ومنه ينطلقون، وإليه يفيئون، وبين من جعلوا كلام البشر جل همهم وشغلهم الشاغل. [/font]
[font=simplified arabic]- ويا ليت الذين يطلبون العلم يجعلون للقرآن وتفسيره نصيباً كبيراً من طلبهم. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic][color=#800000][b]ثانياً: التزام شرع الله والعمل الصالح[/b][/color]: [/font]
[font=simplified arabic]قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء} إبراهيم /27. [/font]
[font=simplified arabic]قال قتادة: " أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وفي الآخرة في القبر ". وكذا روي عن غير واحد من السلف تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/421. وقال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} النساء /66. أي على الحق. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]وهذا بيّن، وإلا فهل نتوقع ثباتاً من الكسالى القاعدين عن الأعمال الصالحة إذا أطلت الفتنة برأسها وادلهم الخطب ؟! ولكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم صراطاً مستقيماُ. ولذلك كان [/font][font=simplified arabic][/font][font=simplified arabic] يثابر على الأعمال الصالحة، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل. وكان أصحابه إذا عملوا عملاً أثبتوه. وكانت عائشة رضي الله عنها إذا عملت العمل لزمته. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]وكان [/font][font=simplified arabic][/font][font=simplified arabic] يقول: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة وجبت له الجنة) سنن الترمذي 2/273 وقال: الحديث حسن أو صحيح. وهو في صحيح النسائي 1/388 وصحيح الترمذي 1/131. أي السنن الرواتب. وفي الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه) رواه البخاري، انظر فتح الباري 11/340. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]ثالثاً: تدبر قصص الأنبياء ودراستها للتأسي والعمل[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]والدليل على ذلك قوله تعالى{وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} هود /120. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]فما نزلت تلك الآيات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم للتلهي والتفكه، وإنما لغرض عظيم هو تثبيت فؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفئدة المؤمنين معه. [/font]
[font=simplified arabic]- فلو تأملت يا أخي قول الله عز وجل: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} الأنبياء /68-70 قال ابن عباس: " كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل" الفتح 8/22 [/font]
[font=simplified arabic]ألا تشعر بمعنى من معاني الثبات أمام الطغيان والعذاب يدخل نفسك وأنت تتأمل هذه القصة ؟ [/font]
[font=simplified arabic]- لو تدبرت قول الله عز وجل في قصة موسى: {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} الشعراء /61-62. [/font]
[font=simplified arabic]ألا تحس بمعنى آخر من معاني الثبات عند ملاحقة الطالبين، والثبات في لحظات الشدة وسط صرخات اليائسين وأنت تتدبر هذه القصة ؟. [/font]
[font=simplified arabic]- لو استعرضت قصة سحرة فرعون، ذلك المثل العجيب للثلة التي ثبتت على الحق بعدما تبين. [/font]
[font=simplified arabic]ألا ترى أن معنى عظيماً من معاني الثبات يستقر في النفس أمام تهديدات الظالم وهو يقول: {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى} طه /71 [/font]
[font=simplified arabic]ثبات القلة المؤمنة الذي لا يشوبه أدنى تراجع وهم يقولون: {قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} طه /72. [/font]
[font=simplified arabic]- وهكذا قصة المؤمن في سورة يس ومؤمن آل فرعون وأصحاب الأخدود وغيرها يكاد الثبات يكون أعظم دروسها قاطبة. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic]
[/font][/color]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]رابعاً: الدعاء[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]من صفات عباد الله المؤمنين أنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يثبتهم: [/font]
[font=simplified arabic](ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا)، (ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا). ولما كانت (قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء) رواه الإمام أحمد ومسلم عن ابن عمر مرفوعاً انظر مسلم بشرح النووي 16/204. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) رواه الترمذي عن أنس مرفوعاً تحفة الأحوذي 6/349 وهو في صحيح الجامع 7864. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]خامساً: ذكر الله[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]وهو من أعظم أسباب التثبيت. [/font]
[font=simplified arabic]- تأمل في هذا الاقتران بين الأمرين في قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} الأنفال /45. فجعله من أعظم ما يعين على الثبات في الجهاد. [/font]
[font=simplified arabic]" وتأمل أبدان فارس والروم كيف خانتهم أحوج ما كانوا إليها " ما بين القوسين مقتبس من كلام ابن القيم رحمه الله في الداء والدواء. بالرغم من قلة عدد وعدة الذاكرين الله كثيراً. [/font]
[font=simplified arabic]- وبماذا استعان يوسف عليه السلام في الثبات أمام فتنة المرأة ذات المنصب والجمال لما دعته إلى نفسها ؟ ألم يدخل في حصن " معاذ الله " فتكسرت أمواج جنود الشهوات على أسوار حصنه ؟ [/font]
[font=simplified arabic]وكذا تكون فاعلية الأذكار في تثبيت المؤمنين. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic]
[/font][/color]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]سادساً: الحرص على أن يسلك المسلم طريقاً صحيحاً[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]والطريق الوحيد الصحيح الذي يجب على كل مسلم سلوكه هو طريق أهل السنة والجماعة، طريق الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، أهل العقيدة الصافية والمنهج السليم واتباع السنة والدليل، والتميز عن أعداء الله ومفاصلة أهل الباطل.. [/font]
[font=simplified arabic]وإذا أردت أن تعرف قيمة هذا في الثبات فتأمل وسائل نفسك: لماذا ضل كثير من السابقين واللاحقين وتحيروا ولم تثبت أقدامهم على الصراط المستقيم ولا ماتوا عليه ؟ أو وصلوا إليه بعدما انقضى جل عمرهم وأضاعوا أوقاتاً ثمينة من حياتهم ؟؟. [/font]
[font=simplified arabic]فترى أحدهم يتنقل في منازل البدع والضلال من الفلسفة إلى علم الكلام والاعتزال إلى التحريف والتأويل إلى التفويض والإرجاء، ومن طريقة في التصوف إلى أخرى.. [/font]
[font=simplified arabic]وهكذا أهل البدع يتحيرون ويضطربون، وانظر كيف حُرم أهل الكلام الثبات عند الممات فقال السلف: " أكثر الناس شكاً عند الموت أهل الكلام " لكن فكر وتدبر هل رجع من أهل السنة والجماعة عن طريقه سَخْطَةً بعد إذ عرفه وفقهه وسلكه ؟ قد يتركه لأهواء وشهوات أو لشبهات عرضت لعقله الضعيف، لكن لا يتركه لأنه قد رأى أصح منه أو تبين له بطلانه. [/font]
[font=simplified arabic]ومصداق هذا مساءلة هرقل لأبي سفيان عن أتباع محمد [/font][font=simplified arabic][/font][font=simplified arabic] ؟ قال هرقل لأبي سفيان: " فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ " قال أبو سفيان: لا. ثم قال هرقل: " وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب " رواه البخاري، الفتح 1/32. [/font]
[font=simplified arabic]سمعنا كثيراً عن كبار تنقلوا في منازل البدع وآخرين هداهم الله فتركوا الباطل وانتقلوا إلى مذهب أهل السنة والجماعة ساخطين على مذاهبهم الأولى، ولكن هل سمعنا العكس ؟! [/font]
[font=simplified arabic]فإن أردت الثبات فعليك بسبيل المؤمنين. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic]
[/font][/color]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]سابعاً: التربية[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]التربية الإيمانية العلمية الواعية المتدرجة عامل أساسي من عوامل الثبات. [/font]
[font=simplified arabic]التربية الإيمانية: التي تحيي القلب والضمير بالخوف والرجاء والمحبة، المنافية للجفاف الناتج من البعد عن نصوص القرآن والسنة، والعكوف على أقاويل الرجال. [/font]
[font=simplified arabic]التربية العلمية: القائمة على الدليل الصحيح المنافية للتقليد والأمعية الذميمة. [/font]
[font=simplified arabic]التربية الواعية: التي لا تعرف سبيل المجرمين وتدرس خطط أعداء الإسلام وتحيط بالواقع علماً وبالأحداث فهماً وتقويماً، المنافية للانغلاق والتقوقع على البيئات الصغيرة المحدودة. [/font]
[font=simplified arabic]التربية المتدرجة: التي تسير بالمسلم شيئاً فشيئاً، ترتقي به في مدارج كماله بتخطيط موزون، والمنافية للارتجال والتسرع والقفزات المحطمة. [/font]
[font=simplified arabic]ولكي ندرك أهمية هذا العنصر من عناصر الثبات، فلنعد إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسائل أنفسنا. [/font]
[font=simplified arabic]- ما هو مصدر ثبات صحابة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، إبان فترة الاضطهاد ؟ [/font]
[font=simplified arabic]- كيف ثبت بلال وخباب ومصعب وآل ياسر وغيرهم من المستضعفين وحتى كبار الصحابة في حصار الشعب وغيره ؟ [/font]
[font=simplified arabic]- هل يمكن أن يكون ثباتهم بغير تربية عميقة من مشكاة النبوة، صقلت شخصياتهم ؟ [/font]
[font=simplified arabic]لنأخذ رجلاً صحابياً مثل خباب بن الأرت رضي الله عنه، الذي كانت مولاته تحمي أسياخ الحديد حتى تحمر ثم تطرحه عليها عاري الظهر فلا يطفئها إلا ودك (أي الشحم) ظهره حين يسيل عليها، ما الذي جعله يصبر على هذا كله ؟. [/font]
[font=simplified arabic]- وبلال تحت الصخرة في الرمضاء، وسمية في الأغلال والسلاسل.. [/font]
[font=simplified arabic]- وسؤال منبثق من موقف آخر في العهد المدني، من الذي ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حُنين لما انهزم أكثر المسلمين ؟ هل هم حديثو العهد بالإسلام ومُسلِمة الفتح الذين لم يتربوا وقتاً كافياً في مدرسة النبوة والذين خرج كثير منهم طلباً للغنائم ؟ كلا.. إن غالب من ثبت هم أولئك الصفوة المؤمنة التي تلقت قدراً عظيماً من التربية على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. [/font]
[font=simplified arabic]لو لم تكن هناك تربية ترى هل كان سيثبت هؤلاء ؟ [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]ثامناً: الثقة بالطريق[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]لا شك أنه كلما ازدادت الثقة بالطريق الذي يسلكه المسلم، كان ثباته عليه أكبر.. ولهذا وسائل منها: [/font]
[font=simplified arabic]- استشعار أن الصراط المستقيم الذي تسلكه - يا أخي - ليس جديداً ولا وليد قرنك وزمانك، وإنما هو طريق عتيق (عتيق صفة مدح) قد سار فيه من قبلك الأنبياء والصديقون والعلماء والشهداء والصالحون، فتزول غربتك، وتتبدل وحشتك أنساً، وكآبتك فرحاً وسروراً، لأنك تشعر بأن أولئك كلهم أخوة لك في الطريق والمنهج. [/font]
[font=simplified arabic]- الشعور بالاصطفاء، قال الله عز وجل: (الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى) النمل /59. وقال: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) فاطر /32. وقال: (وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث) يوسف /6. وكما أن الله اصطفى الأنبياء فللصالحين نصيب من ذلك الاصطفاء وهو ما ورثوه من علوم الأنبياء. [/font]
[font=simplified arabic]- ماذا يكون شعورك لو أن الله خلقك جماداً، أو دابة، أو كافراً ملحداً، أو داعياً إلى بدعة، أو فاسقاً، أو مسلماً غير داعية لإسلامه، أو داعية في طريق متعدد الأخطاء ؟ [/font]
[font=simplified arabic]- ألا ترى أن شعورك باصطفاء الله لك وأنْ جعلك داعية من أهل السنة والجماعة من عوامل ثباتك على منهجك وطريقك ؟ [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]تاسعاً: ممارسة الدعوة إلى الله عز وجل[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]النفس إن لم تتحرك تأسن، وإن لم تنطلق تتعفن، ومن أعظم مجالات انطلاق النفس: الدعوة إلى الله، فهي وظيفة الرسل، ومخلصة النفس من العذاب ؛ فيها تتفجر الطاقات، وتنجز المهمات (فلذلك فادع، واستقم كما أمرت). وليس يصح شيء يقال فيه " فلان لا يتقدم ولا يتأخر " فإن النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، والإيمان يزيد وينقص. [/font]
[font=simplified arabic]والدعوة إلى المنهج الصحيح - ببذل الوقت، وكدّ الفكر، وسعي الجسد، وانطلاق اللسان، بحيث تصبح الدعوة هم المسلم وشغله الشاغل - يقطع الطريق على محاولات الشيطان بالإضلال والفتنة. [/font]
[font=simplified arabic]زد على ذلك ما يحدث في نفس الداعية من الشعور بالتحدي تجاه العوائق، والمعاندين، وأهل الباطل، وهو يسير في مشواره الدعوي، فيرتقي إيمانه، وتقوى أركانه. [/font]
[font=simplified arabic]فتكون الدعوة بالإضافة لما فيها من الأجر العظيم وسيلة من وسائل الثبات، والحماية من التراجع والتقهقر، لأن الذي يُهاجم لا يحتاج للدفاع، والله مع الدعاة يثبتهم ويسدد خطاهم والداعية كالطبيب يحارب المرض بخبرته وعلمه، وبمحاربته في الآخرين فهو أبعد من غيره عن الوقوع فيه. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]عاشراً: الالتفاف حول العناصر المثبتة[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]تلك العناصر التي من صفاتها ما أخبرنا به عليه الصلاة والسلام: (إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر) حسن رواه ابن ماجة عن أنس مرفوعاً 237 وابن أبي عاصم في كتاب السنة 1/127 وانظر السلسلة الصحيحة 1332. [/font]
[font=simplified arabic]البحث عن العلماء والصالحين والدعاة المؤمنين، والالتفاف حولهم معين كبير على الثبات. وقد حدثت في التاريخ الإسلامي فتن ثبت الله فيها المسلمين برجال. [/font]
[font=simplified arabic]ومن ذلك: ما قاله علي بن المديني رحمه الله تعالى " أعز الله الدين بالصديق يوم الردة، وبأحمد يوم المحنة ". [/font]
[font=simplified arabic]وتأمل ما قاله ابن القيم رحمه الله عن دور شيخه شيخ الإسلام في التثبيت: " وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت بنا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله عنا، وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه وفتح لهم أبوابها في دار العمل، وآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها ". الوابل الصيب ص 97. [/font]
[font=simplified arabic]وهنا تبرز الأخوة الإسلامية كمصدر أساسي للتثبيت، فإخوانك الصالحون والقدوات والمربون هم العون لك في الطريق، والركن الشديد الذي تأوي إليه فيثبتوك بما معهم من آيات الله والحكمة.. الزمهم وعش في أكنافهم وإياك والوحدة فتتخطفك الشياطين فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic]الحادي عشر: الثقة بنصر الله وأن المستقبل للإسلام: [/font][/color]
[font=simplified arabic]نحتاج إلى الثبات كثيراً عند تأخر النصر، حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها، قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} آل عمران /146-148. [/font]
[font=simplified arabic]ولما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبت أصحابه المعذبين أخبرهم بأن المستقبل للإسلام في أوقات التعذيب والمحن فماذا قال ؟ [/font]
[font=simplified arabic]جاء في حديث خباب مرفوعاً عند البخاري: (وليُتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه) رواه البخاري، انظر فتح الباري 7/165. [/font]
[font=simplified arabic]فعرض أحاديث البشارة بأن المستقبل للإسلام على الناشئة مهم في تربيتهم على الثبات. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]الثاني عشر: معرفة حقيقة الباطل وعدم الاغترار به[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]في قول الله عز وجل: {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ} آل عمران /196 تسرية عن المؤمنين وتثبيت لهم. [/font]
[font=simplified arabic]وفي قوله عز وجل: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء[/font][font=simplified arabic]} [/font][font=simplified arabic]الرعد /17 عبرة لأولي الألباب في عدم الخوف من الباطل والاستسلام له. [/font]
[font=simplified arabic]ومن طريقة القرآن فضح أهل الباطل وتعرية أهدافهم ووسائلهم {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} الأنعام /55 حتى لا يؤخذ المسلمون على حين غرة، وحتى يعرفوا من أين يؤتى الإسلام. [/font]
[font=simplified arabic]وكم سمعنا ورأينا حركات تهاوت ودعاة زلت أقدامهم ففقدوا الثبات لما أتوا من حيث لم يحتسبوا بسبب جهلهم بأعدائهم. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]الثالث عشر: استجماع الأخلاق المعينة على الثبات[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]وعلى رأسها الصبر، ففي حديث الصحيحين: (وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر) رواه البخاري في كتاب الزكاة - باب الاستعفاف عن المسألة، ومسلم في كتاب الزكاة - باب فضل التعفف والصبر. وأشد الصبر عند الصدمة الأولى، وإذا أصيب المرء بما لم يتوقع تحصل النكسة ويزول الثبات إذا عدم الصبر. [/font]
[font=simplified arabic]- تأمل فيما قاله ابن الجوزي رحمه الله: " رأيت كبيراً قارب الثمانين وكان يحافظ على الجماعة فمات ولد لابنته، فقال: ما ينبغي لأحد أن يدعو، فإنه ما يستجيب. ثم قال: إن الله تعالى يعاند فما يترك لنا ولداً " الثبات عند الممات لابن الجوزي ص34 تعالى الله عن قوله علواً كبيراً. [/font]
[font=simplified arabic]- لما أصيب المسلمون في أحد لم يكونوا ليتوقعوا تلك المصيبة لأن الله وعدهم بالنصر، فعلمهم الله بدرس شديد بالدماء والشهداء: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [/font][font=simplified arabic]} [/font][font=simplified arabic] آل عمران /165 ماذا حصل من عند أنفسهم ؟ [/font]
[font=simplified arabic]فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، منكم من يريد الدنيا. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]الرابع عشر: وصية الرجل الصالح[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]عندما يتعرض المسلم لفتنة ويبتليه ربه ليمحصه، يكون من عوامل الثبات أن يقيض الله له رجلاً صالحاً يعظه ويثبته، فتكون كلمات ينفع الله بها، ويسدد الخطى، وتكون هذه الكلمات مشحونة بالتذكير بالله، ولقائه، وجنته، وناره. [/font]
[font=simplified arabic]وهاك أخي، هذه الأمثلة من سيرة الإمام أحمد رحمه الله، الذي دخل المحنة ليخرج ذهباً نقياً. [/font]
[font=simplified arabic]لقد سيق إلى المأمون مقيداً بالأغلال، وقد توعده وعيداً شديداً قبل أن يصل إليه، حتى لقد قال خادم للإمام أحمد: (يعز عليّ يا أبا عبد الله، أن المأمون قد سل سيفاً لم يسله قبل ذلك، وأنه يقسم بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لئن لم تجبه إلى القول بخلق القرآن ليقتلنك بذلك السيف) البداية والنهاية 1/332. [/font]
[font=simplified arabic]وهنا ينتهز الأذكياء من أهل البصيرة الفرصة ليلقوا إلى إمامهم بكلمات التثبيت ؛ ففي السير للذهبي 11/238 عن أبي جعفر الأنباري قال: " لما حُمِل أحمد إلى المأمون أخبرت، فعبرت الفرات، فإذا هو جالس في الخان فسلمت عليه. [/font]
[font=simplified arabic]فقال: يا أبا جعفر تعنيت. [/font]
[font=simplified arabic]فقلت: يا هذا، أنت اليوم رأس والناس يقتدون بك، فو الله لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن خلق، وإن لم تُجب ليمتنعن خلق من الناس كثير، ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك، فإنك تموت، لابد من الموت، فاتق الله ولا تجب. فجعل أحمد يبكي ويقول: ما شاء الله. ثم قال: يا أبا جعفر أعِد.. [/font]
[font=simplified arabic]فأعدت عليه وهو يقول: ما شاء الله... أ.هـ " [/font]
[font=simplified arabic]وقال الإمام أحمد في سياق رحلته إلى المأمون: " صرنا إلى الرحبة منها في جوف الليل، فعرض لنا رجل فقال: أيكم أحمد بن حنبل. [/font]
[font=simplified arabic]فقيل له: هذا. فقال للجمال: على رسلك.. ثم قال: " يا هذا، ما عليك أن تُقتل ها هنا، وتدخل الجنة " ثم قال: أستودعك الله، ومضى. [/font]
[font=simplified arabic]فسألت عنه، فقيل لي هذا رجل من العرب من ربيعة يعمل الصوف في البادية يقال له: جابر بن عامر يُذكر بخير " سير أعلام النبلاء 11/241. [/font]
[font=simplified arabic]وفي البداية والنهاية: أن أعرابي قال للإمام أحمد: " يا هذا إنك وافد الناس فلا تكن شؤماً عليهم، وإنك رأس الناس اليوم فإياك أن تجيبهم إلى ما يدعونك إليه، فيجيبوا فتحمل أوزارهم يوم القيامة، وإن كنت تحب الله، فاصبر على ما أنت فيه، فإنه ما بينك وبين الجنة إلا أن تقتل ". [/font]
[font=simplified arabic]قال الإمام أحمد: وكان كلامه مما قوى عزمي على ما أنا فيه من الامتناع عن ذلك الذي يدعونني إليه. البداية والنهاية 1/332 [/font]
[font=simplified arabic]وفي رواية أن الإمام أحمد قال: " ما سمعت كلمة وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة الأعرابي كلمني بها في رحبة طوق وهي بلدة بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات، قال: " يا أحمد إن يقتلك الحق متّ شهيداً، وإن عشت عشت حميداً.. فقوي قلبي " سير أعلام النبلاء 11/241. [/font]
[font=simplified arabic]ويقول الإمام أحمد عن مرافقة الشاب محمد بن نوح الذي صمد معه في الفتنة: [/font]
[font=simplified arabic]ما رأيت أحداً - على حداثة سنه، وقدر علمه - أقوم بأمر الله من محمد بن نوح، إني لأرجو أن يكون قد ختم له بخير. [/font]
[font=simplified arabic]قال لي ذات يوم: " يا أبا عبد الله، الله الله، إنك لست مثلي، أنت رجل يُقتدى بك، قد مد الخلق أعناقهم إليك، لما يكون منك، فاتق الله، واثبت لأمر الله. فمات وصليت عليه ودفنته. سير أعلام النبلاء 11/242. [/font]
[font=simplified arabic]وحتى أهل السجن الذين كان يصلي بهم الإمام أحمد وهو مقيد، قد ساهموا في تثبيته. [/font]
[font=simplified arabic]فقد قال الإمام أحمد مرة في الحبس: " لست أبالي بالحبس - ما هو ومنزلي إلا واحد - ولا قتلاً بالسيف، وإنما أخاف فتنة السوط " [/font]
[font=simplified arabic]فسمعه بعض أهل الحبس فقال: " لا عليك يا أبا عبد الله، فما هو إلا سوطان، ثم لا تدري أين يقع الباقي " فكأنه سُرِّي عنه. سير أعلام النبلاء 11/240. [/font]
[font=simplified arabic]فاحرص أيها الأخ الكريم على طلب الوصية من الصالحين: وأعقلها إذا تليت عليك. [/font]
[font=simplified arabic]- اطلبها قبل سفر إذا خشيت مما قد يقع فيه. [/font]
[font=simplified arabic]- اطلبها أثناء ابتلاء، أو قبل محنة متوقعة. [/font]
[font=simplified arabic]- اطلبها إذا عُينت في منصب أو ورثت مالاً وغنى. [/font]
[font=simplified arabic]وثبت نفسك، وثبت غيرك والله ولي المؤمنين. [/font]
[font=simplified arabic][color=#800000][b]الخامس عشر: التأمل في نعيم الجنة وعذاب النار وتذكر الموت[/b][/color]: [/font]
[font=simplified arabic]والجنة بلاد الأفراح، وسلوة الأحزان، ومحط رحال المؤمنين والنفس مفطورة على عدم التضحية والعمل والثبات إلا بمقابل يهوّن عليها الصعاب، ويذلل لها ما في الطريق من عقبات ومشاق. [/font]
[font=simplified arabic]فالذي يعلم الأجر تهون عليه مشقة العمل، وهو يسير ويعلم بأنه إذا لم يثبت فستفوته جنة عرضها السموات والأرض، ثم إن النفس تحتاج إلى ما يرفعها من الطين الأرضي ويجذبها إلى العالم العلوي. [/font]
[font=simplified arabic]وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم ذكر الجنة في تثبيت أصحابه، ففي الحديث الحسن الصحيح مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بياسر وعمار وأم عمار وهم يؤذون في الله تعالى فقال لهم: (صبراً آل ياسر صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة) رواه الحاكم 3/383، وهو حديث حسن صحيح، انظر تخريجه في فقه السيرة تحقيق الألباني ص103. [/font]
[font=simplified arabic]وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يقول للأنصار: (إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) متفق عليه. [/font]
[font=simplified arabic]وكذلك من تأمل حال الفريقين في القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وسائر منازل الآخرة. [/font]
[font=simplified arabic]كما أن تذكر الموت يحمي المسلم من التردي، ويوقفه عند حدود الله فلا يتعداها. لأنه إذا علم أن الموت أدنى من شراك نعله، وأن ساعته قد تكون بعد لحظات، فكيف تسول له نفسه أن يزل، أو يتمادى في الانحراف، ولأجل هذا قال صلى الله عليه وسلم : (أكثروا من ذكر هادم اللذات) رواه الترمذي 2/50 وصححه في إرواء الغليل 3/145. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic]مواطن الثبات [/font][/color]
[font=simplified arabic]وهي كثيرة تحتاج إلى تفصيل، نكتفي بسرد بعضها على وجه الإجمال في هذا المقام: [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic]أولاً: الثبات في الفتن: [/font][/color]
[font=simplified arabic]التقلبات التي تصيب القلوب سببها الفتن، فإذا تعرض القلب لفتن السراء والضراء فلا يثبت إلا أصحاب البصيرة الذين عمّر الإيمان قلوبهم. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]ومن أنواع الفتن[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]- فتنة المال: {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ } التوبة /75،76 [/font]
[font=simplified arabic]فتنة الجاه{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} الكهف /28. [/font]
[font=simplified arabic]وعن خطورة الفتنتين السابقتين قال صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه) رواه الإمام أحمد في السند 3/460 وهو في صحيح الجامع 5496. والمعنى أن حرص المرء على المال والشرف أشد فساداً للدين من الذئبين الجائعين أرسلا في غنم. [/font]
[font=simplified arabic]- فتنة الزوجة: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [/font][font=simplified arabic]} [/font][font=simplified arabic]التغابن /14. [/font]
[font=simplified arabic]- فتنة الأولاد: (الولد مجبنة مبخلة محزنة) رواه أبو يعلى 2/305 وله شواهد، وهو في صحيح الجامع 7037. [/font]
[font=simplified arabic]- فتنة الاضطهاد والطغيان والظلم: ويمثلها أروع تمثيل قول الله عز وجل: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} ) البروج 4-9. [/font]
[font=simplified arabic]وروى البخاري عن خباب رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة في ظل الكعبة، فقال عليه السلام: (قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيُجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد، من دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه ) رواه البخاري، انظر فتح الباري 12/315. [/font]
[font=simplified arabic]- فتنة الدجال: وهي أعظم فتن المحيا: (يا أيها الناس إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله آدم أعظم من فتنة الدجال.. يا عباد الله، أيها الناس: فاثبتوا فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه قبلي نبي..) رواه ابن ماجه 2/1359 انظر صحيح الجامع 7752. [/font]
[font=simplified arabic]وعن مراحل ثبات القلوب وزيغها أمام الفتن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى يصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، إلا ما أشرب من هواه) رواه الإمام أحمد 5/386، ومسلم 1/128 واللفظ له. " معنى عرض الحصير: أي تؤثر الفتن في القلب كتأثير الحصير في جنب النائم عليه. ومعنى مربداً: بياض شديد قد خالطه سواد، مجخياً: أي مقلوباً منكوساً. " [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]ثانياً: الثبات في الجهاد[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ } الأنفال /45. ومن الكبائر في ديننا الفرار من الزحف وكان عليه الصلاة والسلام وهو يحمل التراب على ظهره في الخندق يردد مع المؤمنين: (وثبت الأقدام إن لاقينا) رواه البخاري في كتاب الغزوات، باب غزوة الخندق انظر الفتح 7/399. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]ثالثاً: الثبات على المنهج[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} الأحزاب /23 مبادئهم أغلى من أرواحهم، إصرار لا يعرف التنازل. [/font]
[color=maroon][font=simplified arabic][b]رابعاً: الثبات عند الممات[/b]: [/font][/color]
[font=simplified arabic]أما أهل الكفر والفجور فإنهم يحرمون الثبات في أشد الأوقات كربة فلا يستطيعون التلفظ بالشهادة عند الموت، وهذا من علامات سوء الخاتمة كما قيل لرجل عند موته: قل لا إله إلا الله فجعل يحرك رأسه يميناً وشمالاً يرفض قولها. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]وآخر يقول عند موته: " هذه قطعة جيدة، هذه مشتراها رخيص "، وثالث يذكر أسماء قطع الشطرنج. ورابع يدندن بألحان أو كلمات أغنية، أو ذكر معشوق. [/font]
[font=simplified arabic]ذلك لأن مثل هذه الأمور أشغلتهم عن ذكر الله في الدنيا. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]وقد يرى من هؤلاء سواد وجه أو نتن رائحة، أو صرف عن القبلة عند خروج أرواحهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]أما أهل الصلاح والسنة فإن الله يوفقهم للثبات عند الممات، فينطقون بالشهادتين. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]وقد يُرى من هؤلاء تهلل وجه أو طيب رائحة ونوع استبشار عند خروج أرواحهم. [/font]
[font=simplified arabic]وهذا مثال لواحد ممن وفقهم الله للثبات في نازلة الموت، إنه أبو زرعة الرازي أحد أئمة أهل الحديث وهذا سياق قصته: [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic]قال أبو جعفر محمد بن علي ورّاق أبي زرعة: حضرنا أبا زرعة بما شهران قرية من قرى الري وهو في السَّوْق أي عند احتضاره وعنده أبو حاتم وابن واره والمنذر بن شاذان وغيرهم، فذكروا حديث التلقين (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) واستحيوا من أبي زرعة أن يلقنوه، فقالوا تعالوا نذكر الحديث، فقال ابن واره: حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن صالح، وجعل يقول ابن أبي - ولم يجاوزه - فقال أبو حاتم: حدثنا بُندار حدثنا أبو عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح، لم يجاوز، والباقون سكتوا، فقال أبو زرعة وهو في السَّوْق " وفتح عينيه " حدثنا بُندار حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد عن صالح ابن أبي غريب عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) وخرجت روحه رحمه الله. سير أعلام النبلاء 13/76-85. [/font]
[font=simplified arabic]ومثل هؤلاء قال الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} فصلت /30. [/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic][/font]
[font=simplified arabic][color=red]اللهم اجعلنا منهم، اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.اللهم آمين[/color][/font]
[font=simplified arabic]موقع الإسلام سؤال وجواب[/font]

مشتاقة للجنان 09-16-2010 01:05 AM

[center][font=traditional arabic][size=6][color=blue]جزاكِ الله خيرا وبارك فيك ِ اختى [/color][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=6][color=blue]جعله ربى فى ميزان حسناتك[/color][/size][/font] [/center]

أم عبد الله 09-17-2010 01:19 AM

اللهم آمين وإياكِ
وخيرا جزاكِ أختي وشكرا على مرورك الطيب.


الساعة الآن 08:05 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.