قبل أن نغرق مع تيتانيك الجديدة
 

[font=traditional arabic][size=4][color=#000080]كتبه/ ياسر عبد التواب[/color][/size][/font]

[font=traditional arabic][size=5][color=#8b0000][b]الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،[/b][/color][/size][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]فالإنسان المعاصر –لا سيما التائه في أغوار العلمانية وجهلها- يركبه الغرور بشكل مثير للسخرية لمجرد أنه صنع شيئًامتقنًا، أو ابتكر نظامًاجديدًا،اجتماعيًّاأو اقتصاديًّا، وكأنه لم يأت أحد في الكون بمثل ما جاء به، ولا يلتفتُ إلى خَـلـْقٍ هم أدنى منه منزلةً يأتون بأعمال، ولهم نظم هي غاية في الإتقان والروعة، كالنحل، والنمل، والعنكبوت.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]بل يصل التمادي مداه حين يظن الإنسان المغرور بالعلمانية في سكرة عماه أنه يمكنه تعميم نتائج نجاحه في جانب على جميع جوانب حياته، بحيث يتجرأ على الخروج عن مسيرة الدين وشرع الله، ويتحدى ربه -سبحانه وتعالى- بذلك الإتقان وذلك الكشف. قل هذا تحديدًا الآن على النظم الاقتصادية والفكرية والسياسية التي تروج لها العلمانية!![/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]لكن دعنا نضرب المثل بتيتانيك،التي يمكن أن نعدها مثالاًواضحًاعلى فشل تقدير البشر،إن لم تكن مثالاًعلى الغرورالبشري.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]لقد تم تصميم السفينة وفقًا لنظرية السفينة التي لا تغرق -وكان لها قاعان-، وتم تطبيق نظريات حسابات الطفو، ودراسة وتحديدالمسافات بين القواطع السادَّةللمياه، ورغم ذلك يضرب الله -تعالى- المثل بهذا الفشل الإنساني -رغم الحرص على الدقة- على عظيم قدرته -تعالى-، وافتقار الناس إليه.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][size=5][color=#8b0000][b]ويمكننا بعين الخيال أن نشاهد إحدى الأميرات البريطانيات وهي تقوم بتدشين السفينة تيتانيك، وتستمع إلى شرح من المهندس الألماني الذي قام بتصميمها وهو يحدثها عن إجراءات الأمان والإمكانيات الخارقة التي تتمتع بها، وتسأله الأميرة: هل يمكن لهذه السفينة أن تغرق؟![/b][/color][/size][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][size=5][color=#8b0000][b]وكان يمكن أن يكون الجواب هادئًا متواضعًا بأنهم اجتهدوا والتوفيق من الله، وما يشبه ذلك من الردود التي تعرف قدر الإنسان، لكن العجيب أن يجيبها المهندس على الفور: "الله لا يستطيع أن يغرقها"!![/b][/color][/size][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]ومع ذلك فقد غرقت في رحلتها الأولى، وتحديدًا الساعة 2.20 بعد ظهر يوم 15 إبريل عام 1912م، ويا لجهل الإنسان بربه وقدرته.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]فبدلاًمن شكر الله -تعالى- وإدراك نعمته؛ حيث هيأ للإنسان القدرة على التنعم برحمة الله -تعالى-، وتسخير الكون له؛ إذا به يظن أن الأمر بيده، وأن إحاطته ببعض أسباب الدنيا تمنعه من أن يأتيه الله -تعالى- من حيث لا يحتسب.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]قال -تعالى-: [color=#006400](وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ . إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ . أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ)[/color][color=#006400](الشورى[/color]:32-34)، [color=#006400](يُوبِقْهُنَّ[/color]): أي يهلكهن.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]واسم "تيتانيك" يعني: الجبار أو المارد، سميت بذلك للفخامة التي كانت عليها وضخامة حجمها، ولم يكن غرقها أخذًا سريعًافي لحظة واحدة،كالصاروخ تشالنجر "المتحدي" الذي سقط أمام مودعيه تحديدًابعد انطلاقه بـ 73 ثانية في28 يناير 1986 م،وتسبب في مصرع روّاد الفضاء السبعة الذين كانوا على متنه.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]وإنما غرقت السفينة تيتانيك في العمق [color=#000000]بين سواحل نيويورك وكندا،[/color] وكما يقول الدكتور مصطفى الجمال -من جامعة الإسكندرية-؛ بعد ما لاحظ أحد ضباطها وجود هالة من السواد تنبئ عن وجود جبل من الجليد في طريق الإبحار، وتبعد عن مقدمة السفينة آنذاك بمسافة حوالي ثمانية أميال بحرية؛حتى أعطى القرار الخاطئ بإصداره الأوامر بتحويل وتغيير مسار السفينة فجأة من قيمة الصفر إلى أقصى قيمة لوضع الدفة؛ مما نتج عنه إجهادات عصر فجائية للبدن نتج عنها حدوث شرخ بسطح السفينة، والذي هيأت الظروف له الانتشار بسرعة الصوت في المادة؛ مما أدي إلى انشطار السفينة إلى جزأين غرق الجزء الأمامي منها في التو، بينما ظل الجزء الخلفي يقاوم الغرق لمدة حوالي ساعتين ونصف الساعة كانت كافية لإنقاذ أقل من نصف عدد الركاب بينما غرق جميع من كانوا جهة المقدم من السفينة.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]وقد ظن البعض خطأًأن السفينة قد ارتطمت بجبل من الجليد،مع أن موضع غرقها كان يبعد عن أقرب جبل للجليد في المنطقة بقيمة تقدر بخمسة أميال بحرية،أي حوالي 10كيلومترات![/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]ولانعني -بالطبع- عندما نذم غرورَالإنسان وظنَّه الإحاطةبالأشياء؛أننا نحب الأذى للبشر.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][size=5][color=#8b0000][b]ولا أننا نظن أن الله -تعالى- عاقب أصحاب السفينة بما نقل عن مصممها؛ فالله -تعالى- رحيم لا يحاسب الإنسان بجريرة غيره.[/b][/color][/size][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]ولا يـُظن -أيضًا- أننا ضد إتقان الأعمال.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][size=5][color=#8b0000][b]ولا أننا ننتقد اجتهاد الإنسان في مجالات العلم أو العمل، أو نقلل من أهمية البحث والاجتهاد، فهذه قضية أخرى لا أظن أننا نختلف عليها، ولم يكن ثمة شيء في أن تخترع السفينة تلك أو الصاروخ إياه -مع تحفظنا على إضاعة الأموال بشكل أناني وغير واضح الفائدة في مثل الصاروخ؛ بينما البشرية ترزح تحت وطأة الفقر، والجهل، والمرض-.[/b][/color][/size][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]إنما نحن ضد أن يظن الإنسان أنه بمعزل عن قدرة الله، وأن إتقانه لعمل ما يغنيه عن ربه -تعالى-، ويدفعه ذلك إلى محاولة الاستقلال بالتشريع،وتنظيم حياته وفق آرائه البحتة، وبعيدًاعن تشريع الله -تعالى- وهدايته؛ وتكشف الأيام والأحداث أنه كان مخطأً وساذجًا عند ظنه ذلك، ولكنه يندم بعد فوات الأوان. فهل نقول ذلك على ندم "بوش" -المزعوم- على غزوه للعراق دون سند إلا الغطرسة والغرور، ومزاعم مخابراته التي تهرف، وها هو يدفع الثمن غاليًا؟ نعم.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]وكم من عالم ضل وأضل، وظَلَم وآذى! إما بتجاربه المباشرة أو بنتائج أعماله، ولو أنه أخضع جموح نفسه ورغباته العلمية والعملية لضوابط الشرع العقدية والأخلاقية؛ لما شهدنا هذا البؤس الذي جرَّت إليه الآلات الحربية، وقنابل الإبادة الجماعية، والتجارب الدوائية على البشر،والنظم الاقتصادية التي لعبت بالإنسان وآذته؛كالشيوعية والرأسمالية وهلم جرًّا....[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][size=5][b][color=#8b0000]فالله -تعالى- هو خالق الكون ومدبر أمره، ولا يكون في ملك الإنسان إلا ما شاء، ولا يجلبالإنسان من خير أو شر إلا إذا أراده -سبحانه-، بل هو في الحقيقة المعطي والمانع، والمعز والمذل؛ فيجب على الإنسان أن يدرك حجمه، قال -تعالى-[color=#006400]: [/color][color=#006400]([/color][/color][color=#006400][color=#006400]قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[/color][color=#006400]([/color]آل عمران:26).[/color][/b][/size][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][size=5][b][color=#006400][color=#000000]وكل ما يأتينا من رزق من السماوات والأرض هو من عنده -تعالى- ومن إنعامه، يقول الله -تعالى[/color]-: [color=#ff00ff]([/color][/color][color=#ff00ff]اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ . وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ . فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)( الروم:48-50).[/color][/b][/size][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][size=5][b][color=#8b0000]انظر إلى الفرج من عند الله، وكيف يفرح العباد بذلك، فإذا فرحواهلاَّ شكروا الله -سبحانه وتعالى- أن أعطاهم ذلك! فلا ينسَ العاقل وهو في غمرة فرحته بنجاحه، أو برزقٍ أعطاه الله -عز وجل- إياه؛ أن يشكر الله -سبحانه-، ولا يطغَ ولا يبغِ، ولا هو كذلك إن أصابه ضراء كفر؛ كمثل الذين ذمهم الله في قوله -تعالى-: [color=#006400](وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ)[/color][/color][color=#006400](الروم:51).[/color][/b][/size][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][size=5][color=#8b0000][b]فإذا رأوا رياحاً صفراء، أو رأوا سحابات صفراء، أو رأوا الزرع أصفر؛ يئسوا وقنطوا وحزنوا على ذلك، وظلوا من بعده يكفرون.[/b][/color][/size][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]وعجيب جداً حال الإنسان! إذا وجد الرزق والماء والطعام، ووجد من فضل الله ورحمته عليه في الدنيا؛فإنه يفخر به، ويرتفع على غيره، ويكفر النعمة ولا يشكر الله -سبحانه وتعالى-، فإذا ضيق الله -عز وجل- عليه؛ كفر نعمة الله عليه، وبدأ يشتكي من الله، فينسى أنه أعطاه قبل ذلك، وأنه سيعطيه بعد ذلك، ولكن يضيق -سبحانه وتعالى- على العبد؛ حتى يلجئه إلى ربه، وحتى يجأر إليه، ويعرف النعم.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]ولو أن الإنسان اعتبر بهذا، وعمم مفهومه على جميع حاله؛ لما تكرر معه هذا الفشل في أحوال كثيرة، وأقصد هنا ما يتعلق بما نسميه: "تيتانيك الثانية"،التي أطلت برأسها مع ظهور قمة الجبل الجليدي للأزمة الاقتصادية الحالية، والتي يتوقع منهاغرق سريع ومريع،ينذر بكارثة معها تيتانيك الأولى.[/b][/size][/color][/font]
[size=5][/size]
[font=traditional arabic][color=#8b0000][size=5][b]وليس ذلك زعمًا مني، بل إن خبراءَ يشهدون أن تلك الأزمة الجديدة هي تيتانيك أخرى ربما تبتلع الولايات المتحدة، وغالبًا النظام الرأسمالي برمته لو كنا ننظر إلى الأمور بمقدماتها، أما ما مظاهرذلك؟وكيف نسعى لنتقيه؟ فذلك حديث آخر[/b][/size][/color][/font]

فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

جزاكم الله خيراً

واياكم