منتديات الحور العين

منتديات الحور العين (http://www.hor3en.com/vb/index.php)
-   عقيدة أهل السنة (http://www.hor3en.com/vb/forumdisplay.php?f=69)
-   -   شبهات وردود للرد على شبهات المفوضة (مذهب أهل التفويض) بحث شامل (http://www.hor3en.com/vb/showthread.php?t=111943)

أم عبد الله 07-10-2012 11:26 PM

شبهات وردود للرد على شبهات المفوضة (مذهب أهل التفويض) بحث شامل
 
[B]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/B]

[B]أقدم لكم بحث شامل للرد على شبهات مذهب أهل التفويض من عدة مصادر[/B]
[B]سأذكرها لا حقا ،ليسهل على كل مسلم معرفة عقيدة السلف بسهولة[/B]
[B]مع الرد على أهل البدع بدليل فأرجو الله عزوجل الأخلاص والقبول ،وجزى الله[/B]
[B]خيرا كل من ساهم وشارك للرد على أهل الأهواء .[/B]
[B][SIZE=6]وإليكم فهرس البحث حسب ترتيب المشاركات :[/SIZE][/B]
[B][COLOR=black]1-[FONT=traditional arabic][SIZE=5]التفويض لغة واصطلاحا [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5][COLOR=#0000ff]2-[B][COLOR=blue]وجوب اتباع السلف الصالح[/COLOR][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT][/B]
[COLOR=#0000ff][B][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=black]3-بطلان إثبات نسبة التفويض للسلف الصالح [/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]4- عقيدة السلف في الصفات: معنى قولهم "أمروها كما جاءت"[/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=black]5- [B]عقيدة السلف في الصفات:[/B][B]معنى قولهم "بـلا كيف"[/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]6-دليل أن السلف كانوا يثبتون الصفات[/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=black]7- جواب: اعتراض في زيادة "بذاته" عند الحديث عن علو الله واستوائه على العرش[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]8- [COLOR=navy][B]الإيمان بنصوص الصفات على ظاهرها[/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]9-صفات الله حقيقيّة أم غير حقيقية؟[/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]10- [COLOR=blue][B]شبة :هل إثبات الصفات على الحقيقة تشبيه ؟![/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=black]11- [/COLOR][B][COLOR=black]قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [/COLOR][/B][/FONT][/SIZE][/B]
[B][B][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=black]ما هو التشبيه وما حكمه؟![/COLOR][/FONT][/SIZE][/B][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]12-أوليس الظاهر المتبادر من اليد هى الجارحة؟![/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]13[COLOR=indigo]-من اللغة العربية .. وليس إدخال العقل والقياس قال تعالى ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) [/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]14-هل آيات الصفات من المحكم أو من المتشابة ؟[/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]15-[COLOR=#800000]العلاقة بين فهم المحكم والمتشابه وقضية التفويض[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]16-[COLOR=#8b0000]السلف أسلم وأعلم وأحكم[/COLOR] [/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic][SIZE=6]17-[SIZE=5]عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة [B]في صفة الاسْتِوَاء وعُلُوِّ الله على خَلْقِه[/B][/SIZE][/SIZE][/FONT][/SIZE][/B]
[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic][COLOR=black]18-عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة في صفة الاسْتِوَاء وعُلُوِّ الله على خَلْقِه [/COLOR][/FONT][/B][/SIZE]
[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic][B][COLOR=black]أقوال السلف الصالح.[/COLOR][/B][/FONT][/B][/SIZE]
[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic]19-أقوال العلماء الذين أثبتوا صفة الاستواء وعلو الله على خلقه.[/FONT][/B][/SIZE]
[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic][COLOR=black]20- [/COLOR][B][COLOR=black]معنى «في السماء»في قوله تعالى: {أأمنتم من في السماء} [/COLOR][/B][/FONT][/B][/SIZE]
[SIZE=5][B][B][FONT=traditional arabic][COLOR=black]وفي حديث الجارية[/COLOR][/FONT][/B][/B][/SIZE]
[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic]21-شبهة :إلى ماذا تـُشير آثار السلف الصالح [B]في علو الله عز وجل فوق السماوات فوق العرش؟[/B][/FONT][/B][/SIZE]
[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic][COLOR=black]22-شبهة :ما قولكم في موافقة ابن حجر والنووي -رحمهما الله-قول الأشاعرة ؟![/COLOR][/FONT][/B][/SIZE]
[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic][COLOR=black]وإنا نرى القدح في ابن حجر والنووي-رحمهما الله- لموافقة قولهم مع الأشاعرة[/COLOR][/FONT][/B][/SIZE]
[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic][COLOR=black]ما هو إلا انتصار مذهبي وترويج لشيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم ؟![/COLOR][/FONT][/B][/SIZE]


[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic]23-شبهة :هل يصح القول بأن العقيدة ليس فيها خلاف على الإطلاق ،أم ليست على إطلاقها، لأن الواقع يخالف ذلك؟![/FONT][/B][/SIZE]

[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic]24-ما تفسركم لهذه الآيات : {وَهُوَ [COLOR=blue]الَّذِي[/COLOR] فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [/FONT][/B][/SIZE]
[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic]{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}و{[COLOR=indigo]وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ[/COLOR]}و؟![/FONT][/B][/SIZE]

[SIZE=5][B][FONT=traditional arabic]25-الفرق بين عقيدة أهل السنة والمفوضة ؟[/FONT][/B][/SIZE]
[B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]26- [B]التفويض: الجهل والجفاء ([/B][B][COLOR=#0000ff]د. عبدالعزيز بن محمد آل عبداللطيف[/COLOR] )[/B]
[/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]27-شبهة :ما تفسركم لهذه الآيات
[IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG]إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG]، [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG]لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG]،
[IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG]إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG]وغيرها من آيات المعية العامة والخاصة
وهل المعية مقولة بالمجاز وليست مقولة بالحقيقة؟!

28-الرد على من أنكر توحيد الأسماء والصفات وقال أنه مما أحدثه المتأخرون!
[/SIZE][/FONT][/B][/COLOR]


٢٩-الرد حول ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني أن شيخ الإسلام ابن تيمية متهم بتشبية في حديث النزول.

٣٠-عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية وثناء أئمة أهل السنة وموقف ابن حجر منه الرابط الاسفل فيه الاجابة
[url]http://www.hor3en.com/vb/showpost.php?p=532414&postcount=33[/url]


[B]جمعت ورتبت من عدة مصادر مع تصريف يسير وإضافات[/B]
[B]يسيره مني :-[/B]
[B]1-[FONT=traditional arabic][SIZE=5]د/ محمود بن عبد الرازق:الكتاب : قضية المحكم والمتشابه[/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5]2-موقع عقيدة السلف الصالح [/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5]3-ملتقى أهل الحديث[/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5]4- شبكة الدفاع عن السنة [/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5]5-مدونة الأشاعرة التكفيريون ...[/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5]6-موقع اسلام ويب [/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5]7-موقع ابن باز وابن عثيمين [/SIZE][/FONT][/B]

أم عبد الله 07-12-2012 01:38 AM

[color=blue]التفويض لغة واصطلاحا :_[/color]
فوض إليه الأمر صيره إليه وجعله الحاكم فيه ، قال الله جل وعز : {[color=indigo] فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ [/color] } (1) ، أي أتكل عليه ،

وفي حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ : ([color=purple] ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ[/color] ) (2) ، أي رددته إليك ، والتفويض في النكاح التزويج بلا مهر ، وقوم فوضى مختلطون ، وقيل : هم الذين لا أمير لهم ، ولا من يجمعهم ، وصار الناس فوضى : أي متفرقين ، وقوم فوضى : أي متساوون لا رئيس لهم ، ونعام فوضى : أي مختلط بعضه ببعض (3) .

[u][color=indigo]أما التفويض في الاصطلاح ، فهو زعم وادعاء من قبل الخلف الأشعرية بأن عقيدة السلف في نصوص الصفات ، هو تفويض العلم بالمعنى لا الكيفية[/color][/u] ،[color=blue] فبعد موت أبى الحسن الأشعري الذي أعلن اتباعه للمنهج السلفي ، ظن علماء الخلف من الأشعرية[/color] كالقاضي أبى بكر الباقلاني : (402هـ) ، وأبى إسحاق الإسفراييني : ( ت418هـ) ، وأبى إسحاق الشيرازي : (476هـ ) ، وإمام الحرمين أبو المعالي الجويني : (478هـ ) ، وفخر الدين الرازي ( 606هـ) ، وكأبى حامد الغزالي الصوفي : (505هـ) ، والآمدي والإيجى وابن فورك والشهرستانى ، وغيرهم من علماء الخلف الأشعرية ، ظن هؤلاء أن مذهب السلف الصالح هو التفويض .
[u][color=blue]
والتفويض عندهم هو القول بأن معنى النص مجهول ولا يعلمه أحد من السلف ، وأنهم فوضوا العلم به إلى الله ، أو ردوا العلم بالمعنى إلى الله لعدم علمهم به ، كالأعجمي حين ينظر إلى القرآن ، والأمر ليس كذلك كما سنرى ، فالسلف فوضوا العلم بالكيفية الغيبية إلى الله ، أو ردوا العلم بكيفية الصفات إلى الله ، أما المعنى فهو معلوم واضح من دلالة اللغة العربية التي نزل بها القرآن[/color][/u](4).[color=blue][/color]

________
(1) غافر:44 .
(2) اخرجه البخاري في كتاب الوضوء ، باب فضل من بات علي الوضوء ، رقم (244) 1/97 .
(3) الفراهيدي : كتاب العين 7/64 ، وابن منظور : لسان العرب 7/210 .[color=blue][/color]
(4)د/ محمود بن عبد الرازق:الكتاب : قضية المحكم والمتشابه ص18.
[font=simplified arabic][size=4][/size][/font]

أم عبد الله 07-13-2012 02:49 AM

[CENTER][B][SIZE=5][COLOR=blue]وجوب اتباع السلف الصالح[/COLOR][/SIZE][/B][/CENTER]


[B][COLOR=darkorchid]تعريف السلف لغة:[/COLOR][/B]
قال ابن فارس: (السين واللام والفاء: أصلٌ يدل على تقدمٍ وسبقٍ، من ذلك: السلف الذين مضوا) (1)، و(السلف: ... الجماعة المتقدمون) (2).
والسلف -أيضًا- من تقدمك من آبائك وذوي قرابتك، الذين هم فوقك في السبق والفضل (3).

[COLOR=blue]اصطلاحًا:[/COLOR]
اختلف أهل العلم فيمن يطلق عليهم السلف الصالح، مع اتفاقهم على أن الصحابة رضوان الله عليهم هم أصل السلف الصالح وخيرهم وأتقاهم.

ونحن في هذا الموقع نذهب مذهب القائلين بأنهم القرون الثلاثة الأولى، لشهادة النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالخيرية، فقال صلى الله عليه وسلم:[COLOR=red]”[/COLOR][COLOR=red]خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ[/COLOR]“ [صحيح البخاري ومسلم].
والقرن يطلق على مدة من الزمان، وقد اختلف العلماء في تحديده على أقوال:
فقيل: أربعون، وقيل: ثمانون، وقيل مائة، وقيل غير ذلك. (4)

وأرجح الأقوال هو أنها مائة عام، فقد وقع في حديث عبد الله بن بسر المازني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ”[COLOR=indigo]لتبلغن قرنًا[/COLOR]“ (5)، وقد مات وعمره مائة سنة، كما قال البخاري في التاريخ الصغير، وهو آخر من مات بالشام من الصحابة.



[B]وجوب اتباع السلف وسلوك طريقهم:[/B]

[B]الأدلة من القرآن والسنة:[/B]

1. قد أوجب القرآن اتباع الصحابة رضوان الله عليهم ولزوم طريقتهم، وتوعد من يخالف سبيلهم بالعذاب الأليم، قال الله تعالى: {[COLOR=blue]وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا[/COLOR]} [النساء: 117]، وهل كان المؤمنون عند نزول هذه الآية الكريمة إلا هم؟

2. وقال تعالى: {[COLOR=blue]فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[/COLOR]} [البقرة: 137].

هذا دليل صريح في أن الذي كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم هو الهدى والحق، ومن اهتدى به فإنه على هدى وعلى صراط مستقيم. فالصحابة هم المعنيون بما في الآية أولًا، ثم من سار على دربهم واقتدى بهم من بعدهم ثانيًا.

3. وقوله تعالى: {[COLOR=blue]قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ[/COLOR]} [يوسف: 108].
والصحابة رضي الله عنهم هم أول أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، فهم على سبيل النبي صلى الله عليه وسلم يدعون إلى الله على بصيرة.

4. ثناء الله عز وجل عليهم ورضاه عنهم، قال الله عز وجل: {[COLOR=indigo]مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا[/COLOR]} [الفتح: 29]

وقوله تعالى: {[COLOR=blue]وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[/COLOR]} [التوبة: 100]

وقوله تعالى: {[COLOR=navy]فأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا[/COLOR]} [الفتح: 26].


5. وتزكية الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، فقال صلى الله عليه وسلم: ”[COLOR=indigo]خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ[/COLOR]“ [متفق عليه].
فهذه الآيات والأحاديث دليل على أنهم على هدى وخير وأنهم أهل للاقتداء والاتباع.


[B]6.[/B] ومن الأدلة: أن الصحابة هم الجيل الوحيد الكامل الذي لم يكن منهم مبتدع، وإنما ظهرت البدع فيمن بعدهم في آخر عصرهم.
وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، في وصف الخوارج: ”[COLOR=blue]يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الأمَّةِ[/COLOR]“ (6)، ولم يقل: (منها)، لأنه لا يخرج من الصحابة هؤلاء القوم، ولكن يخرج في عصرهم رضوان الله عليهم.

ولذلك لما أراد العلماء أن يُعرِّفوا البدعة نصوا على أن البدعة هي: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا، فهذه هي البدعة الموصوفة بأنها الضلالة.

[B]7.[/B] وقد كثر الاختلاف والتفرق بين المسلمين بعد عهد السلف الصالح رضوان الله عليهم، وكل فرقة تفسر النصوص على فهمها، فتجدهم مختلفين في ذلك، وكل فرقة تدعي أن فهمها للنصوص هو الحق، فمن نتبع؟
الجواب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ”فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ“ حديث حسن (7).
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ”وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً“، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ”مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي“ حديث حسن (8).

فهذه أدلة صريحة على أن الحق هو اتباع منهج وفهم الصحابة رضوان الله عليهم للنصوص الشرعية.



[B][COLOR=indigo]الأدلة العقلية:[/COLOR][/B]

1. اتفاق أقوال الصحابة رضي الله عنهم في الأصول، فلم يحصل بينهم اختلاف في أصول الاعتقاد وأصول العبادات وأصول النظر والاستدلال.

ومن ذلك: إجماع الصحابة على إثبات الصفات، وإجماعهم على وجوب قبول السنة واتباع ما صح منها وعدم رد شيء منها، وإجماعهم على عدم تكفير مرتكب الكبيرة، وغير ذلك.

2[COLOR=purple]. أنهم عرفوا حقيقة الجاهلية التي جاء الإسلام للقضاء عليها، لأن بعضهم عاشها بنفسه، والآخرون كانوا حديثي عهد بها، نقلها إليهم أهلوهم وأقاربهم، فلما جاء الإسلام ميزوا بينه وبين الجاهلية.[/COLOR]

3. أن السلف الصالح تلقوا الإسلام وتعاليمه صافية نقية، لم يخلطوها بثقافات وافدة من أديان وثنية أو كتابية محرفة، أو فلسفات وضعية، أو علوم كلامية أو غير ذلك.

[COLOR=navy]4. أنهم تلقوا القرآن غضًا طريًا، وهو ينزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، وعاينوا الأحداث التي مرت بهم وكانت سببًا لنزول كثير من آياته وسوره، فأدركوا مناسبات الآيات، وسياقها ووجهتها، وتفاعلوا معها، وفهموها حق فهمها، وهذا أيضًا جانب آخر مما امتازوا به على من جاء بعدهم.[/COLOR]

5. أنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة دون واسطة، فغالب ما نقلوه عنه أخذوه من فيه، وسمعوه، وأدركوا مقصده ووجهته، وعرفوا مناسبة وروده.

6. التابعون وتابعوهم هم أقرب القرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون عاصروا الصحابة رضوان الله عليهم وأخذوا العلم عنهم. كما أن البدعة في عصرهم كانت أقل من البدعة في العصور التي بعدهم.



بعض الآثار عن الصحابة والسلف الصالح والأئمة بلزوم ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه عامة السلف الصالح:

1. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم، كل بدعة ضلالة» (9).

2. قال الأوزاعي: «اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم» (10).

وقال: «عليك بآثار السلف وإن رفضك الناس، وإياك ورأي الرجال وإن زخرفوه لك بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت منه على طريقٍ مستقيم» (11).

3. كان الحسن البصري في مجلس فذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال: «إنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفا، قومًا اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فإنهم ورب الكعبة على الهدى المستقيم» (12).


4. قال الإمام أحمد بن حنبل: ([COLOR=blue]إن الله جَلَّ ثناؤه، وتقدَّست أسماؤه بعث محمدًا نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - {بالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ[/COLOR]} [التوبة : 33] وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله - صلى الله عليه وسلم - الدال على معنى ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصِّه وعامِّه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب.
فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المعبر عن كتاب الله، الدال على معانيه، شَاهَدَهُ في ذلك أصحابه، من ارتَضَاهُ الله لنبيه واصطفاهُ لَهُ، ونَقَلوا ذلك عنه، فكانوا هُم أعلَم الناسِ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبما أخبر عن معنى ما أراد الله من ذلك بمُشاهَدَتِهِم ما قَصَد لَه الكتاب، فكانوا هم المُعَبِّرين عن ذلك بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم </span>(13).


[B]5. قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني في رسالته: [/B]
(واللجأ إلى كتاب الله عزوجل وسنة نبيه، واتباع سبيل المؤمنين، وخير القرون من خير أمة أخرجت للناس نجاة، ففي المفزع إلى ذلك العصمة، وفي اتباع السلف الصالح النجاة).

6. قال الإمام أبو القاسم اللالكائي في مقدمة شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة:
(أما بعد: فإن أوجب ما على المرء معرفة اعتقاد الدين، وما كلف الله به عباده من فهم توحيده وصفاته وتصديق رسله بالدلائل واليقين، والتوصل إلى طرقها والاستدلال عليها بالحجج والبراهين، وكان من أعظم مقول، وأوضح حجة ومعقول، كتاب الله الحق المبين، ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار المتقين، ثم ما أجمع عليه السلف الصالحون، ثم التمسك بمجموعها والمقام عليها إلى يوم الدين، ثم الاجتناب عن البدع والاستماع إليها مما أحدثها المضلون).

[B]7. قال ابن حجر العسقلاني : [/B]
([COLOR=blue]فالسعيد من تمسك بما كان عليه السلف واجتنب ما أحدثه الخلف[/COLOR]). (14)

8. قال الشيخ أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي المعروف بشاه ولي الله:
(والملة إنما تثبت بالنقل والتوارث، ولا توارث إلا بأن يعظم الذين شاهدوا مواقع الوحي وعرفوا تأويله وشاهدوا سيرة النبي صلى اللّه عليه وسلم ولم يخلطوا معها تعمقًا ولا تهاونًا ولا ملة أخرى). (15)

[B]____________[/B]

(1) مقاييس اللغة لإبن فارس، مادة: سلف.
(2) لسان العرب لإبن منظور، مادة: سلف.
(3) المصدر السابق.
(4) انظر شرح الحديث في فتح الباري لإبن حجر ، وشرح صحيح مسلم للنووي.
(5) مسند الإمام أحمد (ج29 ص235)، حسنه الشيخ شعيب الأرنؤوط.
(6) صحيح البخاري ومسلم.
(7) رواه عدد من الأئمة منهم الترمذي وأبو داود في سننهما؛ وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(8) رواه الترمذي وغيره وحسنه؛ وقال العراقي في "تخريج الإحياء" : أسانيدها جياد.
(9) كتاب الزهد لوكيع بن الجراح، باب: من قال البلاء موكل بالقول.
(10) الشريعة للآجري ؛ وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج1 ص154)
(11) رواه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث؛ والبيهقي في المدخل إلى السنن؛ وروى جزء منه الآجري في كتابه الشريعة.
(12) الشريعة للآجري، باب ذكر فضل جميع الصحابة رضي الله عنهم
(13) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى، تحقيق محمد الفقي (ج3 ص122)
(14) فتح الباري لابن حجر (ج13 ص267)
(15) حجة الله البالغة لأحمد بن عبد الرحيم الدهلوي (ج2 ص333)

منقول من موقع عقيدة السلف الصالح

أم عبد الله 07-13-2012 02:59 AM

[center][b][color=black]أولا:للرد على أول شبهة :بطلان إثبات نسبة التفويض للسلف الصالح [/color][/b][/center]

[center][b][color=blue]مقدمة في عقيـدة السلف الصالح [/color][/b][/center]

[center][b]في صفات الله عز وجل[/b][/center]


[center]الحمدلله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت الكمال، المنزه عما يضاد كماله، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد [/center]

[center]فإن مسائل الأسماء والصفات من أعظم مطالب الدين، وأشرف علوم الأولين والآخرين، وأدقها في عقول أكثر العالمين. وقد حصل فيها من الاختلاف شيء عظيم، بسبب ما أحدثته المبتدعة من الخوض في ذات الله وأسمائه وصفاته . [/center]

[center][color=indigo]ومن أخطر هذه البدع[/color]: ما أحدثته الجهمية من وصف الباري سبحانه بالنقائص، وتعطيل صفات الكمال التي أثبتها لنفسه وأثبتها له أعلم الخلق به رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، ثم ما أحدثه بعدهم المعتزلة، وغيرهم.
وتأثر كثير من المسلمين بذلك، وخاضوا فيه، فتفرقت الكلمة، وظهر مَن نَفَى أسماء الله - تعالى - وصفاته، ومَن نفى صفاته مع إثبات أسمائه، ومَن أثبت الأسماء وبعض الصفات. وكان التأويل المذموم، وانحرف كثير من الناس بهذه الطرق والمناهج المبتدعة، خاصة في هذا العصر الذي اختلطت فيه الثقافات، وكثرت وسائل النشر لهذه الاعتقادات. وأصبح الحق فيه عند بعض الناس غريباً، واستعمل العقل في كثير من العلوم بعيداً عن الوحي. وقَلّت – في قلوب كثير من الناس - منزلة أسماء الله وصفاته، التي تزيد الإيمان، وتشعر العبد بعظمة الخالق الديان، وأنه الواحد الفرد الصمد، له الكمال المطلق في ذاته وصفاته .
ونحن نذكر هنا مقدمة لطيفة عن معتقد السلف الصالح، فنقول و بالله التوفيق :[/center]

[center]اعلموا رحمكم الله أن السلف الصالح وأئمة السنة قد اتفقت أقوالهم على الإيمان بالله تعالى و الشهادة له بالتوحيد , وأنه تعالى موصوف بصفاته التي جاءت في كتابه العزيز وصحّ بها النقل عن نبيه صلى الله عليه و سلم، وبما صحّ في دواوين الإسلام بنقل العدول الثقات عن رسول الله صلى الله عليه و سلم , فأمرُّوا نصوص الصفات كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، متبعين بذلك قول الله تعالى {[color=blue]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[/color]} [الشورى : 11][/center]


[center][b]الأسس التي يقوم عليها مذهب السلف الصالح في الصفات:[/b][/center]

[center]1– إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الصفات والإيمان بها، وأن الله مدح نفسه بها، ودليله قول الله تعالى: {[color=blue]وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[/color]}، {[color=blue]اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[/color]} [البقرة:255]، {[color=blue]وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ[/color]}، {[color=blue]الرحمن على العرش استوى[/color]} [طه:5]، {[color=blue]فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ[/color]} [المائدة:54] إلى غير ذلك من الآيات.

[color=indigo]- قال الإمام أحمد بن حنبل[/color]: «نعبد الله بصفاته كما وصف به نفسه ، قد أجمل الصفة لنفسه ، ولا نتعدى القرآن والحديث ، فنقول كما قال ونصفه كما وصف نفسه ، ولا نتعدى ذلك ، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ، ولا نزيل عنه تعالى ذكره صفة من صفاته شناعة شنعت.» (1)
- [color=indigo]وقال عبد الرحمن بن القاسم[/color] (191 هـ) صاحب الإمام مالك: «لا ينبغي لأحد أن يصف الله إلا بما وصف به نفسه في القرآن ، ولا يشبه يديه بشيء ، ولا وجهه بشيء ، ولكن يقول : له يدان كما وصف نفسه في القرآن ، وله وجه كما وصف نفسه ، يقف عندما وصف به نفسه في الكتاب ، فإنه تبارك وتعالى لا مثل له ولا شبيه ولكن هو الله لا إله إلا هو كما وصف نفسه.» (2) [/center]

[center]2 – تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات، ودليله قوله تعالى {[color=blue]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[/color]} [الشورى:11]، {[color=blue]هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[/color]} [مريم:65]، {[color=blue]وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[/color]} [الإخلاص:4]

-[color=blue]قال إسحاق بن راهويه (238 هـ)[/color] : «إنما يكون التشبيه إذا قال: (يدٌ كيدٍ) أو (مثلُ يدٍ) أو (سمعٌ كسمعٍ) أو (مثلُ سمعٍ)، فإذا قال (سمعٌ كسمعٍ) أو (مثلُ سمعٍ) فهذا التشبيه، وأما إذا قال كما قال الله تعالى، يد وسمع وبصر لا يقول: كيف، ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيها.» (3)[/center]

[center]3 - عدم الخوض في كيفية الصفات، ودليله قوله تعالى {[color=indigo]وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا[/color]} [طه:110]؛ {[color=blue]وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ[/color]} [البقرة:255]

- قال وكيع بن الجراح (197 هـ) في أحاديث الصفات:[color=blue] «نُسلِّم هذه الأحاديث كما جاءت ، ولا نقول كيف هذا؟ ولم جاء هذا ؟ »[/color] (4)[/center]


[center][b]الاعتقاد في الصفات كالاعتقاد في الذات[/b][/center]

[center][b][u]واعتقاد السلف وأهل السنة في صفات الله كاعتقادهم في ذاته المقدسة:[/u][/b]
[b][/b]
[color=blue]قال الخطيب البغدادي (463 هـ) : [/color]
(أما الكلام في الصفات، فإن ما روي منها في السنن الصحاح، مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها ... والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.) (5)[/center]

[center][b]وأنشد أبو عمر محمد بن قدامة (6) (607 هـ) :[/b][/center]


[center]والقول في الصفات يا إخواني ... كالذات والعلم مع البيان
إمرارها من غير ما كفران ... من غير تشبيه ولا عدوان
(7)[/center]


[b]وكانت عقيدتهم في صفات الله تعالى على طريقة واحدة، لا يفرقون بين الصفات في إيمانهم بها:[/b]
- [b][color=blue]عن الوليد بن مسلم قال[/color][/b]: ([color=purple]سألت الأوزاعي ، والثوري ، ومالك بن أنس ، والليث بن سعد[/color] عن الأحاديث التي في الصفات فقالوا: «[color=indigo]أمروها كما جاءت[/color]»

-[b] وقال سفيان بن عيينة (198 هـ)[/b] : «[color=blue]كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثل[/color]» (8)


[b]التأويل مذهب الخلف[/b]

ولم يثبت عن السلف الصالح أنهم تأولوا صفات الله تعالى أو حرّفوها عن معانيها , بل كلهم مجمع على الإيمان بها من غير تأويل وقد اشتهر ذلك عنهم حتى تتابع ذكر ذلك عن جماعة من أهل العلم على مر العصور نذكر أفراداً منهم نصوا على ذلك :

[b][color=blue]قال الامام الترمذي (270 هـ) :[/color][/b]
(هكذا رُوِي عن مالك، و سفيان بن عيينة، و عبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: «أمروها بلا كيف». وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا: هذا تشبيه. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه: اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده. وقالوا: إن معنى اليد ههنا القوة.) (9)

[b][color=blue]وقال الحسين البغوي الشافعي (516 هـ)[/color][/b] بعد ذكره لعدد من آيات وأحاديث الصفات:
(وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة، تلقوها جميعًا بالإيمان والقبول، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى الله عز وجل.) (10)

[b]وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي (620 هـ) في كتابه «لمعة الإعتقاد»: [/b]
"وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم ، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات، لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله. وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم وحذرنا المحدثات وأخبرنا أنها من الضلالات.)
وقال في موضع آخر من نفس الكتاب -بعد ذكره لعدد من آيات وأحاديث الصفات- قال: (فهذا وما أشبهه مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله، ولم يتعرضوا لرده ولا تأويله ، ولا تشبيهه ولا تمثيله.)

هذا كلام أفراد من أهل العلم في أزمان مختلفة ومن تركناهم كثير والقصد التنبيه والتذكير .


[b]التأليف في عقيدة السلف[/b]

وممن ألَّف في عقائد السلف ، وذكر معتقدهم في كتب التفسير المنقولة عن السلف جماعة منهم :
عبد الرزاق، والإمام أحمد، وبقي بن مخلد، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وعبد بن حميد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن جرير الطبري، وأبو بكر بن المنذر، وأبو بكر عبد العزيز، وأبو الشيخ الأصفهاني، وأبو بكر بن مردويه وغيرهم .

وكذلك الكتب المصنفة في السنة والرد على الجهمية ، وأصول الدين المنقولة عن السلف ، مثل:
- كتاب الرد على الجهمية لمحمد بن عبد الله الجعفي شيخ البخاري
- كتاب خلق أفعال العباد للبخاري ،
- كتاب السنة لأبي داود، ولأبي بكر الأثرم، ولعبد الله ابن الإمام أحمد، ولحنبل بن إسحاق ، ولأبي بكر الخلال، ولأبي الشيخ الأصفهاني، ولأبي القاسم الطبراني، ولأبي عبد الله بن منده وغيرهم.
- كتاب الشريعة لأبي بكر الآجري
- أصول السنة لابن أبي زَمَنين.
- كتاب الأصول لأبي عمر الطلمنكي
- الرد على الجهمية لابن منده، وابن أبي حاتم الرازي وغيرهما.

فالأئمة الأربعة، وابن المبارك، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد، والليث بن سعد، والبخاري، ومسلم، وإسماعيل المزني، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والأوزاعي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وإسحاق بن راهويه، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن نصر المروزي وغير هؤلاء كثير كلهم على عقيدة واحدة على مذهب السلف الصالح.

نسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الموقع ويهدي كل مخالف للكتاب و السنة إنه على ذلك قدير.
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.

[b][color=indigo]_________________[/color][/b]


(1) رواه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" بسنده.
(2) رواه ابن أبي زمنين في "أصول السنة" (ص 75) بسنده.
(3) رواه تلميذه الترمذي في سننه.
(4) كتاب "السنة" لعبد الله ابن الإمام أحمد (ج1 ص267) بسند صحيح
(5) ذم التأويل - موفق الدين ابن قدامة (ص15) بسند صحيح، وسير أعلام النبلاء للذهبي (ج18 ص283) بسند آخر صحيح.
(6) أخو موفق الدين عبد الله ابن قدامة المقدسي.
(7) ذيل طبقات الحنابلة - ابن رجب الحنبلي (ج3 ص121)
(8) كتاب الصفات - الدارقطني (ص70)
(9) الجامع الكبير - الترمذي (ج2 ص42-43)
(10) شرح السنة - البغوي (ج1 ص170)
[b][font=traditional arabic][size=5]منقول من موقع عقيدة السلف الصالح[/size][/font] بتصريف[/b]

أم عبد الله 07-14-2012 02:26 AM

[center]عقيدة السلف في الصفات:
معنى قولهم "أمروها كما جاءت"[/center]


[center]بسم الله الرحمن الرحيم[/center]


مقدمة:
وردت عدة آثار صحيحة عن السلف الصالح في أحاديث الصفات بأنها " تُمر كما جاءت بلا كيفَ "، وعن بعضهم بأن "قراءته تفسيره"، ولكن ما معنى أقوالهم هذه؟
سيتبين الجواب عن هذا السؤال في هذا المقال إن شاء الله تعالى.


ذكر بعض هذه الآثار:

- سفيان بن عيينة (198 هـ) : قال أحمد بن نصر: سألت سفيان بن عيينة قلت:
"يا أبا محمد أريد أسألك"، قال : "لا تسأل"،
قلت: "إذا لم أسألك فمن أسأل"، قال: "سل."
قلت: "ما تقول في هذه الأحاديث التي رويت نحو : القلوب بين أصبعين، وأن الله يضحك أو يعجب ممن يذكره في الأسواق؟"
فقال: «أمروها كما جاءت [u][color=#0000ff]بلا كيف[/color][/u].» (1) سنده صحيح.
وقال في رواية: «كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثل » (2)
وفي لفظ: «كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عنه.» (3)

- الأوزاعي (157 هـ)
- سفيان الثوري (161 هـ)
- الليث بن سعد (175 هـ)
- مالك بن أنس (179 هـ)
قال الوليد بن مسلم: سألتُ الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الاحاديث التي فيها الصفة والرؤية والقرآن فقال: "أمروها كما جاءت [u][color=#0000ff]بلا كيف[/color][/u]." (4)
وفي رواية: " سألت سفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي في الرؤية والصفات قال : أمروها على ما جاءت، ولا تفسروها." (5)

- أحمد بن حنبل (241 هـ) : قال أبو بكر المروذي: سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات، والرؤية، والإسراء، وقصة العرش، فصححها أبو عبد الله، وقال : « قد تلقتها العلماء بالقبول، نسلم الأخبار كما جاءت، قال : فقلت له : إن رجلا اعترض في بعض هذه الأخبار كما جاءت، فقال : «يجفى»، وقال: «ما اعتراضه في هذا الموضع، يسلم الأخبار كما جاءت.» (6)
- وقال عبد الله: سألت أبي (الإمام أحمد بن حنبل) رحمه الله عن قوم يقولون: لما كلم الله عز وجل موسى لم يتكلم بصوت. فقال أبي: بلى إن ربك عز وجل تكلم بصوت، هذه الاحاديث نرويها كما جاءت. (13)


- قال أبو عيسى الترمذي (279 هـ) : «وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم روايات كثيرة مثل هذا ما يُذكر فيه أمرُ الرؤية أن الناس يرون ربهم وذِكرُ القَدَم وما أشبه هذه الأشياء. والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع وغيرهم أنهم رَوَوا هذه الأشياء، ثمَّ قالوا: " [color=blue]تُرْوى هذه الأحاديث ونؤمن بها، ولا يُقالُ: كَيفَ ؟، وهذا الذي اخْتَاره أهل الحديث أن يَرْووا هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تُفسر ولا تتوهَّمُ ولا يُقالُ: كيفَ، وهذا أمرُ أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه. ومعنى قوله في الحديث "فيعرفهم نفسه" يعني يتجلى لهم[/color].» (7)

[b]وقال ابن أبي عاصم (ت. 287 هـ) :[/b] "[color=indigo]ومما اتفق أهل العلم على أن نسبوه إلى السنة: ... وإثبات رؤية الله عز وجل، يراه أولياؤه في الآخرة، نظر عيان، كما جاءت الأخبار[/color]." (14)



[b]معناها:[/b]

يتضح معنى قولهم «[color=blue]أمروها كما جاءت[/color]» بما ورد في هذه الآثار التي تُبيّن إثباتهم للمعنى الظاهر قولا واحدًا، فقد ورد في عدد منها ذكر أحاديث الرؤية مع أحاديث الصفات أو ذكرها منفردة،؛ وأحاديث الرؤية واضحة مفهومة المعنى، كان السلف الصالح يؤمنون بها على ظاهرها وهو رؤية الله عز وجل في الآخرة بأبصارهم عيَانًا من غير تكييف (18)، وقد نقلنا الآثار الصحيحة في ذلك عنهم -رحمهم الله- في مقال [u][color=#0000ff]"رؤية الله عز وجل"[/color][/u].

وقال هذه العبارة الإمام أحمد في حديث الصوت كما تقدم، حيث صرح بأن معنى الحديث على ظاهره، وهو أن الله عز وجل تكلم بصوت.
[b][color=blue]وكذلك في أثر الإمام أحمد عندما قال له أبو بكر المروذي:[/color][/b] "إن رجلا اعترض في بعض هذه الأخبار كما جاءت"، فلو كان معنى "أمروها كما جاءت" تعني فقط الإيمان باللفظ دون أي معنى يُفهم منه لما كان هناك مجال
للاعتراض، ولكن لأن معناها الإيمان بها على ظاهرها اعترض بعض الجهلة على ذلك لظنهم أن اعتقاد ظاهرها يعني [u][color=#0000ff]التشبيه[/color][/u]، وهو ليس كذلك.

[b]ومعنى قولنا: «[color=blue]المعنى الظاهر[/color]» أو «على ظاهرها» أي: على المعنى الظاهر الواضح من السياق (17). وما يلي بعض الأمثلة التي توضح المقصود[/b]:
مثال 1 : "وأنا في أفريقيا شاهدت أسدًا وهو ينقض على فريسته."
هنا ظاهر الكلام أن الأسد الذي انقض على فريسته هو الحيوان المعروف.
مثال 2 : " كان خالد في ساحة القتال أسدًا."
ظاهره أن المقصود هو الشجاعة وليس الحيوان.

فهذا هو منهج السلف مع نصوص الصفات كقوله تعالى: {[color=blue]قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[/color]} [ص : 75]
فأمَرّ السلف هذه الآية على ظاهرها وهو أن الله عز وجل خلق آدم بيديه التي هي صفة له، وآمَنوا بأن لله يدين تليق بجلاله لا تشبه أيدي المخلوقات.

[b]ويؤيد صحة ما ذهبنا إليه ما قاله الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله:[/b] « كـل شيء وصف الله به نفسه في كتابه...» فلم يستثن رحمه الله أي صفة وردت في القرآن الكريم؛ إذًا كلامه يشمل كل صفة مذكورة في القرآن الكريم ولا يحتمل المقام التفريق بين صفة وأخرى لهذا قال بعض المحققين: «القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر» أي لا مجال للتفريق في حكم الإيمان بين صفة العلم واليد، بل كلها تُساق مساقًا واحدا وهو إثبات المعنى الظاهر المفهوم وتفويض الكيفية إلى الله عز وجل. ومن الصفات المذكورة في القرآن الكريم: الحياة، والعلم، والسمع، والإرادة، والبصر، والقوة والكلام، والرحمة، والوجه، والغضب، واليدين، وغير ذلك كثير، ولا شك أن السلف الصالح أثبتوا صفة الحياة والعلم والإرادة وغيرها على معناها الظاهر من غير تمثيل ولا تكييف، فعلى هذا فإن كل صفة أخرى ذُكرت في القرآن الكريم تأخذ نفس الحكم, و من فرّق في الإيمان بين صفة وأخرى فهذا محض تحكّم وهوى لا دليل عليه من الكتاب أو السنة أو أقول سلف الأمة.

[b]وبهذا التفصيل يتضح معنى قولهم " تُمر كما جاءت" و" قراءته تفسيره" : أي على ظاهرها من غير تأويل ولا تحريف [u][color=#0000ff]ولا تمثيل[/color][/u] [u][color=#0000ff]ولا تكييف[/color][/u][/b]



[b]ومما يؤكد ذلك تفسير العلماء السابقين لها:[/b]

[color=blue]قال أبو منصور الأزهري (282 - 370 هـ)[/color] - بعد ذكر حديث أن جهنم تمتلئ حتى يضع الله فيها قدمه- : (وأخبرني محمد بن إسحاق السعدي عن العباس الدُّورِي أنه سأل أبا عبيدٍ عن تفسيره وتفسير غيره من حديث النزول والرؤية فقال: "هذه أحاديث رواها لنا الثقاتُ عن الثقات حتى رفعوها إلى النبي عليه السلام؛ وما رأينا أحدًا يفسرها، فنحن نؤمن بها على ما جاءت ولا نفسرها." أراد أنها تترك على ظاهرها كما جاءت. (8)

[b][color=blue]وقال أبو سليمان الخطابي (ت. 388 هـ) في حديث النزول:[/color][/b] (هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها، وإجراءها على ظاهرها ونفي الكيفية عنها.) ثم ذكر آثار السلف التي فيها "أمروها كما جاءت." (9)

[b][color=blue]وقال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني (ت. 535 هـ)[/color][/b]، وقد سُئل عن صفات الرب تعالى فقال: (مذهب مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وحماد ابن سلمة، وحماد بن زيد، وأحمد، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن راهويه، أن صفات الله التي وصف بها نفسه، ووصفه بها رسوله، من السمع، والبصر، والوجه، واليدين، وسائر أوصافه، إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور، من غير كيف يتوهم فيها، ولا تشبيه ولا تأويل، قال ابن عيينة: «كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره» ثم قال:[color=blue][u] أي هو على ظاهره لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل.)[/u][/color] (10)

[b]وقال الذهبي (ت. 748 هـ) :[/b] (وكما قال سفيان وغيره "قراءتها تفسيرها"، يعني أنها بينة واضحة في اللغة، لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف. وهذا هو مذهب السلف مع إتفاقهم أيضا أنها لا تُشْبِه صفات البشر بوجه إذ الباري لا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته.) (11)


إضافة إلى أقوال أخرى للسلف والعلماء المتقدمين والمتأخرين في بيان عقيدة السلف الصالح، والتي سيُفرد لها مقال إن شاء الله.



[b]معنى قول الإمام أحمد: "[u][color=#0000ff]بلا كيف[/color][/u] ولا معنى"[/b]

ورد أثر عن الإمام أحمد رحمه الله فيه أنه قال: « الأحاديث التي تُروى "إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا"، و«الله يُرى»، وأنه يضع قدمه، وما أشبه بذلك، نؤمن بها، ونصدق ولا كيف، ولا معنى، ولا نرد شيئا منها ...» إلخ

وعلى القول بصحة هذه الرواية فإن معنى قوله رحمه الله: "ولا معنى" أنه لا معنى إلا ما ورد في ظاهر النص، ومما يدل على ذلك أنه ورد في لفظٍ آخر لهذه الرواية عند ابن بطة في كتابه "الإبانة الكبرى"، وعند ابن قدامة في كتابه "تحريم النظر في كتب الكلام" أنه قال: "[u][color=#0000ff]بلا كيف[/color][/u] ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه تعالى."

ويدل على ذلك أيضا أن الإمام أحمد ذكر من ضمن الأحاديث حديث الرؤية، وهي من الأحاديث التي يثبتها السلف الصالح على ظاهرها من غير تكييف، ولا يؤمنون بمجرد لفظها دون معنًا يُفهم منه. وقد صرح الإمام أحمد في قول آخر له بالإيمان بحديث الرؤية على ظاهره، فقال:
«[color=blue]والإيمان بالرؤية يوم القيامة كما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم من الأحاديث الصحاح، وأن النبي صلى الله عليه و سلم قد رأى ربه، وأنه مأثور عن رسول الله صلى الله عليه و سلم صحيح، رواه قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس، والحديث عندنا على ظاهره كما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم، والكلام فيه بدعة، ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره ولا تناظر فيه أحدا[/color].» (12)

ومما يؤكد ذلك أن الإمام أحمد رحمه الله قال مثل عبارة: "أمروها كما جاءت" في غير أحاديث الصفات، ولا يُعقل أن يقصد تفويض المعنى، من تلك الآثار:

- سُئِل الإمام أحمد عن قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: ”من كنت مولاه فعلي مولاه“ ما وجهه؟ قال: «لا تكلم في هذا، دع الحديث كما جاء. » (15)

[b][color=blue]- قال أبو بكر المروذي: سألتُ أبا عبد الله (الإمام أحمد) عن قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: ”أنت مني بمنزلة هارون من موسى“ ايش تفسيره؟ قال: «أسكت عن هذا، لا تسأل عن ذا، الخبر كما جاء. »[/color][/b] (16)



[center][b]والحمد لله رب العالمين[/b][/center]





(1) مراسيل أبي داود (ص 182) تحقيق: عبد الله الزهراني - دار الصميعي؛ والصفات للدارقطني (ص71)؛ والعلو للعلي الغفار للذهبي (ص156) ؛ سير أعلام النبلاء (ج8 ص467)
(2) كتاب الصفات للدارقطني (ص70)؛ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص431)
(3) عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني (ص68)؛ الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص158 و307)
(4) علل ابن أبي حاتم (ج5 ص468) عن أبيه عن الهيثم بن خارجة.
(5) معجم ابن المقرئ (ص111)
عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني (ص69)
سير أعلام النبلاء للذهبي (ج 8 / ص 162) من طريق أبي بكر الخلال؛ والشريعة للأجري (ج3 ص1146)، وفيهما أنه سألهم عن أحاديث الصفات.
كتاب الصفات للدارقطني (ص75) ولفظها: "عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية وغير ذلك فقالوا : "أمضها [u][color=#0000ff]بلا كيف[/color][/u]."
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص503) ولفظها: "عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية فقالوا: أمروها [u][color=#0000ff]بلا كيف[/color][/u]."
(6) السنة لأبي بكر الخلال (ج1 ص247) بسند صحيح، قال: "حدثنا أبو بكر المروذي.." وذكره ؛ والشريعة للآجري (ج3 ص1154)؛ وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (ج1 ص138)
(7) الجامع الكبير للترمذي المعروف بـ"سنن الترمذي" (ج4 ص318)
(8) تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري (ج9 ص45-46)
(9) الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص377)
(10) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص263)؛ وكتاب العرش له (ج2 ص359-360)
(11) العلو للعلي الغفار (ص251)
(12) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج1 ص157-158) بسنده؛ وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى بسنده (ج2 ص172 و173).
(13) كتاب السنة لعبد الله بن أحمد (ج1 ص280)؛ والرد على من قال القرآن مخلوق للنجاد (ص31) رواه عن عبد الله ابن الإمام أحمد.
(14) كتاب السنة لابن أبي عاصم (ج1 ص1028)
(15)السنة لأبي بكر الخلال (ج2 ص346) بسند صحيح.
(16) السنة للخلال (ج2 ص347) سنده صحيح.
(17) قال ابن قدامة في "روضة الناظر": «الظاهر: وهو ما يسبق إلى الفهم منه عند الإطلاق معنى، مع تجويز غيره، وإن شئت قلت: ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر، فحكمه أن يصار إلى معناه الظاهر، ولا يجوز تركه إلا بتأويل، والتأويل صرف اللفظ عن الاحتمال الظاهر إلى احتمال مرجوح به لاعتضاده بدليل يصير به أغلب على الظن من المعنى الذي دل عليه الظاهر.»
وقال في "ذم التأويل": «وظاهر اللفظ هو ما يسبق إلى الفهم منه حقيقة كان أو مجازًا، ولذلك كان ظاهر الأسماء العرفية المجاز دون الحقيقة كاسم الراوية والظعينة وغيرهما من الأسماء العرفية، فإن ظاهر هذا المجاز دون الحقيقة، وصرفها إلى الحقيقة يكون تأويلا يحتاج إلى دليل، وكذلك الألفاظ التي لها عرف شرعي وحقيقة لغوية كالوضوء والطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج، إنما ظاهرها العرف الشرعي دون الحقيقة اللغوية»
(18) التكييف هو الكلام والخوض في كيفية الصفة.

أم عبد الله 07-14-2012 02:31 AM

[center][b]عقيدة السلف في الصفات:[/b]
[b]معنى قولهم "بـلا كيف"[/b][/center]



[center]إعداد: أم عبد الله الميساوي[/center]




[center][b]مقدمة:[/b]
[b]ورد في عدد من الآثار عن السلف الصالح في الصفات قولهم: "بلا كيف"، فما معنى قولهم هذا؟[/b]
سيتبين الجواب عن هذا السؤال في هذا المقال إن شاء الله تعالى.[/center]

[center]بعض هذه الآثار[/center]

[center]- سفيان بن عيينة (ت. 198 هـ) : قال أحمد بن نصر: سألت سفيان بن عيينة قلت:
"يا أبا محمد أريد أسألك"، قال : «لا تسأل»،
قلت: "إذا لم أسألك فمن أسأل"، قال: «سل.»
قلت: "ما تقول في هذه الأحاديث التي رويت نحو : القلوب بين أصبعين، وأن الله يضحك أو يعجب ممن يذكره في الأسواق؟"، فقال: «أمروها كما جاءت بلا كيف.» (1) سنده صحيح.
وقال: « كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثل » (2)
الأوزاعي (ت. 157 هـ)، سفيان الثوري (ت. 161 هـ)، الليث بن سعد (175 هـ)، مالك بن أنس (179 هـ) :
قال الوليد بن مسلم: سألتُ الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الاحاديث التي فيها الصفة والرؤية والقرآن فقال: «أمروها كما جاءت بلا كيف.» (3)
قال إسحاق بن راهويه (238 هـ) : سألني ابن طاهر عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم ـ يعني في النزول ـ فقلت له : «النزول بلا كيف.» (4)
وغيرها كثير[/center]


[center]معناها
لو نظرنا في الألفاظ الأخرى للآثار المذكورة سابقا، وكذلك نظرنا في أقوال السلف الأخرى في الصفات، سنجد تفسير قولهم: "بلا كيف"، فالأصل في عبارات الصحابة والتابعين وتابعيهم في أبواب الاعتقاد أن يُحمَل بعضها على بعض ما لم يتعذر ذلك.
ومِن السلف من يروي الأثر بلفظه ومنهم من يرويه بمعناه.
فقد جاء في لفظ آخر لأثر الوليد بن مسلم: سألت سفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي في الرؤية والصفات قال : «أمروها على ما جاءت، ولا تفسروها.» (5)
فـ"بلا كيف" جاءت هنا بلفظ "التفسير"، أي تفسير الكيف والخوض فيه.[/center]

[center]وقال عبد العزيز بن عبد الله الماجشون (ت. 164 هـ) : «إنما أُمِروا بالنظر والتفكر فيا خلق، وإنما يقال: كيفَ؟ لمن لم يكن مرة، ثم كان، أما من لا يحول ولم يزل، وليس له مثل، فإنه لا يُعلم كيف هو إلا هو. » (6)
وقال وكيع بن الجراح (ت. 196 هـ) : « نُسلم هذه الأحاديث كما جاءت، ولا نقول كيف هذا؟، ولم جاء هذا؟ يعني مثل حديث ابن مسعود: "إن الله عز و جل يحمل السموات على أصبع والجبال على أصبع" وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن" ونحوها من الأحاديث» (7)
قال أبو عُبيد القاسم بن سلام (ت. 224 هـ) وذكر الباب الذي يُروى في الرؤية والكرسي وموضع القدمين، وضحك ربنا من قنوط عباده، وقرب غيره، وأين كان ربنا قبل أن يخلق السماء، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك عز وجل قدمه فيها فتقول: قط قط، وأشباه هذه الأحاديث. فقال: «هذه الأحاديث صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم على بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا: لا يُفَسَّر هذا ولا سمعنا أحدًا يفسره. » (8)[/center]

[center]قال إسحاق بن راهويه (ت. 238 هـ) : قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: "يا أبا يعقوب، هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا"، كيف ينزل؟ قال، قلتُ: «أعز الله الأمير! لا يُقال لأمر الرب: كيف؟ إنما ينزل بلا كيفَ.» (9)
وقال أبو عيسى الترمذي (ت. 279 هـ) : «وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِى هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنَ الرِّوَايَاتِ مِنَ الصِّفَاتِ وَنُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالُوا: قَدْ تَثْبُتُ الرِّوَايَاتُ فِى هَذَا، وَيُؤْمَنُ بِهَا، وَلاَ يُتَوَهَّمُ، وَلاَ يُقَالُ: كَيْفَ هَكَذَا رُوِىَ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِى هَذِهِ الأَحَادِيثِ: "أَمِرُّوهَا بِلاَ كَيْف." وَهَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.» (10)
وقال في موضع آخر من سننه: «وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم روايات كثيرة مثل هذا، ما يُذكر فيه أمرُ الرؤية أن الناس يرون ربهم، وذِكرُ القَدَمِ وما أشبه هذه الأشياء. والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع وغيرهم أنهم رَوَوا هذه الأشياء، ثمَّ قالوا: " تُرْوى هذه الأحاديث ونؤمن بها، ولا يُقالُ: كَيفَ » (11)[/center]

[center]قال نُعيم بن حماد (ت. 228 هـ) : « حق على كل مؤمن أن يؤمن بجميع ما وصف الله به نفسه ويترك التفكر في الرب تبارك وتعالى ويتبع حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق". قال نعيم : ليس كمثله شيء ولا يشبهه شيء من الأشياء» (12)[/center]

[center]ومن هذا يتبين أن معنى قول السلف الصالح "بلا كيفَ": أي بلا سؤال: "كيفَ ؟"، فلا علم لنا بكيفية الصفات، والسؤال عنها يؤدي للخوض في الكيفية. حقيقة الصفات من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، والخوض في الكيفية تشبيه، فالإنسان يصف الشيء على ما يشاهده، والله {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، وهو من القول على الله بلا علم، فالواجب إثبات الصفات التي أثبتها الله عز وجل لنفسه، وإثبات ما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، والتسليم لها دون التعرض لكيفياتها بسؤال أو تفسير، بل نفوض علم الكيفية لله عز وجل.[/center]

[center]والكيفية هي: صِفة الشيء وحقيقته وكنهه(13).
والتكييف هو: وصف الكيفية والخوض فيه.[/center]


[center]ومما يؤكد هذا المعنى فهم الأئمة مِمَن جاء بعدهم:[/center]

[center]قال أبو عبد الله الزبيري (14) (ت. 317 هـ) في أخبار الصفات: ( نؤمن بهذه الأخبار التي جاءت ، كما جاءت ، ونؤمن بها إيمانا ، ولا نقول : كيفَ ؟ ولكن ننتهي في ذلك إلى حيث انتهي لنا، فنقول من ذلك ما جاءت به الأخبار كما جاءت.) (15)
قال أبو بكر الإسماعيلي (ت. 371 هـ) في اعتقاد أصحاب الحديث – أهل السنة والجماعة: (وأنه عز وجل استوى على العرش بلا كيف، فإن الله تعالى أنهى إلى أنه استوى على العرش، ولم يذكُر كيف كان استواؤه. ) (16)
وقال: ( الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا؛ على ما صح به الخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة : 210] وقال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر : 22] ونؤمن بذلك كله على ما جاء بلا كيفَ، فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك فعل، فانتهينا إلى ما أحكمه، وكفننا عن الذي يتشابه.) (17)[/center]

[center]قال أبو منصور معمر بن أحمد (ت. 418) عند حديثه عن الصفات: ( كل ذلك بلا كيف ولا تأويل نؤمن بها إيمان أهل السلامة والتسليم، ولا نتفكر في كيفيتها، وساحة التسليم لأهل السنة والسلامة واسعة بحمد لله ومنه، وطلب السلامة في معرفة صفات الله عز وجل أوجب وأولى، وأقمن وأحرى، فإنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]، فـ{ليس كمثله شيء} ينفي كل تشبيه وتمثيل، {وهو السميع البصير} ينفي كل تعطيل وتأويل.) (18)
قال أبو المظفر السمعاني (ت. 489 هـ) : (وأما اليد : صفة لله - تعالى - بلا كيف ، وله يدان ، وقد صح عن النبي أنه قال : ' كلتا يديه يمين' . والله أعلم بكيفية المراد. ) (19)
وغيرهم[/center]



[center]مسائـل في الكيـف:[/center]

[center]1. علمنا وإيماننا بالشيء لا يتوقف على معرفة كيفيته: أي أن نفي العلم بالكيفية لا ينافي الإيمان بأصل الصفة فلا تلازم بين المعنى والكيفية.[/center]

[center]قال حماد بن أبي حنيفة (ت. 176 هـ) : «قلنا لهؤلاء : أرأيتم قول الله عز وجل {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر : 22] وقوله عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة : 210] فهل يجيء ربنا كما قال؟ وهل يجيء الملك صفًا صفًا؟ »
قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفا صفا، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك، ولا ندري كيف جيئته.
فقلنا لهم: «إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته، ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أرأيتم من أنكر أن الملك لا يجيء صفا صفا، ما هو عندكم؟ » قالوا: كافر مكذب.
قلنا: «فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب.» (20)[/center]

[center]قال ابن خزيمة الشافعي (ت. 311 هـ) في صفة النزول:
(رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي في نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة، نشهد شهادة مقر بلسانه، مصدق بقلبه، مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب من غير أن نصف الكيفية، لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل، والله جل وعلا لم يترك، ولا نبيه عليه السلام بيان ما بالمسلمين الحاجة إليه من أمر دينهم، فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية إذ النبي لم يصف لنا كيفية النزول.) (23)
قال ابن عبد البر المالكي (ت. 463 هـ) : ( وقد عقلنا وأدركنا بحواسنا أن لنا أرواحا في أبداننا ولا نعلم كيفية ذلك، وليس جهلنا بكيفية الأرواح يوجب أن ليس لنا أرواح، وكذلك ليس جهلنا بكيفيته على عرشه يوجب أنه ليس على عرشه.) (24)[/center]

[center]قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني (ت. 535 هـ) عند حديثه عن صفات الله عز وجل: (فإن قيل: فكيف يصح الإيمان بما لا يحيط علمنا بحقيقته؟ أو كيف يتعاطى وصف شيء لا درك له في عقولنا؟
فالجواب أن إيماننا صحيح بحق ما كلفنا منها، وعلمنا مُحيط بالأمر الذي ألزمناه فيها وإن لم نعرف لما تحتها حقيقة كافية، كما قد أمرنا أن نؤمن بملائكة الله وكتبه ورسله واليوم الآخر، والجنة ونعيمها، والنار وأليم عذابها، ومعلوم أنا لا نحيط علمًا بكل شيء منها على التفصيل، وإنما كلفنا الإيمان بها جملة واحدة، ألا ترى أنا لا نعرف أسماء عدة من الأنبياء وكثير من الملائكة، ولا يمكننا أن نحصي عددهم، ولا نحيط بصفاتهم، ولا نعلم خواص معانيهم، ثم لم يكن ذلك قادحا في إيماننا بما أمرنا أن نؤمن به من أمرهم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الجنة: ”يقول الله تعالى: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.“ [صحيح البخاري ومسلم] .) (25)[/center]


[center]2. الخوض في الكيفيةِ تشبيهٌ، فالإنسان يصف الشيء على ما يشاهده، والله {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.[/center]

[center]قال عبد الرحمن بن مهدي (198 هـ) لفتى من ولد جعفر بن سليمان: «مكانك»، فقعد حتى تفرق الناس. ثم قال ابن مهدي: «تعرف ما في هذه الكورة من الأهواء والاختلاف وكل ذلك يجري مني على بال رضي إلا أمرُك وما بلغني. فإن الأمر لا يزال هينا ما لم يصر إليكم، يعني السلطان، فإذا صار إليكم جل وعظم.» فقال (الغلام) : يا أبا سعيد وما ذاك ؟
قال: «بلغني أنك تتكلم في الرب تبارك وتعالى وتصفه وتشبهه. »
فقال الغلام: نعم. فأخذ يتكلم في الصفة.
فقال: «رُويدك يا بُني حتى نتكلم أول شيء في المخلوق، فإذا عجزنا عن المخلوقات فنحن عن الخالق اعجز واعجز. أخبرني عن حديث حدثنيه شعبة عن الشيباني قال: سمعت زرًا قال: قال عبد الله في قوله: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى}»
قال: رأى جبريل له ستمائة جناح؟ قال: نعم. فعرف الحديث.
فقال عبد الرحمن: «صِف لي خلقًا من خلق الله له ستمائة جناح.» فبقي الغلام ينظر إليه.
فقال عبد الرحمن: «يا بُني فإني أُهون عليك المسألة واضع عنك خمس مائة وسبعة وتسعين (جناحًا)، صِف لي خلقا بثلاثة أجنحة، ركب الجناح الثالث منه موضعًا غير الموضعين اللذين ركبهما الله حتى أعلم.»
فقال: يا أبا سعيد، نحن قد عجزنا عن صفة المخلوق ونحن عن صفة الخالق أعجز وأعجز، فأشهدك إني قد رجعت عن ذلك واستغفر الله. (21)[/center]

[center]قال أبو سعيد عثمان الدارمي (ت. 280 هـ) : « فهذه الأحاديث قد جاءت كلها وأكثر منها في نزول الرب تبارك وتعالى في هذه المواطن، وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا، لا ينكرها منهم أحد ولا يمتنع من روايتها، حتى ظهرت هذه العصابة (الجهمية) فعارضت آثار رسول الله برد، وتشمروا لدفعها بجد فقالوا: "كيف نزوله هذا؟ " قلنا: لم نُكلف معرفة كيفية نزوله في ديننا ولا تعقله قلوبنا، وليس كمثله شيء من خلقه فنشبه منه فعلا أو صفة بفعالهم وصفتهم.» (22)[/center]




[center]آثار عن السلف في أن الله يفعل كيف شاء[/center]

[center]سأل بشر بن السري حمَّادَ بن زيد (ت. 179 هـ) فقال: "يا أبا إسماعيل، الحديث الذي جاء (ينزل الله عز و جل إلى السماء الدنيا) قال حمّاد: «حق كل ذلك كيف شاء الله.» (26)
قال أبو عاصم خُشَيش بن أصرم (ت. 253 هـ) : ( ومما يدل على أن الله تبارك وتعالى ينزل كيف يشاء إذا شاء صعوده إلى السماء واستواؤه على العرش) [27]
قال عثمان الدارمي (ت. 280 هـ) : (ولا يُسأل الرب عما يفعل كيف يفعل، وهم يسألون، لأنه القادر على ما يشاء أن يفعله، كيف يشاء، وإنما يُقال لفعل المخلوق الضعيف الذي لاقدرة له إلا ما أقدره الله تعالى عليه كيف يصنع وكيف قدر.) (28)
وغيرها[/center]



[center]الأثر المشهور عن الإمام مالك عندما سُئل عن كيفية الاستواء[/center]

[center]وردت عدة ألفاظ لجواب الإمام مالك رحمه الله عن سؤال الرجل الذي سأله عن كيفية الاستواء فقال: "يا أبا عبد الله (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى ؟"
وأصح وأشهر هذه الروايات:
الرواية الأولى: « الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاّ مبتدعاً. فأمر به أن يُخرج »
معنى قوله: «الكيف غير معقول»: أي مجهول (غير معلوم)، فالعقل في اللغة نقيض الجهل.
قال الخليل الفراهيدي: (العَقْل : نقيض الجَهْل) (29)
وقال الفيروز آبادي: ( العَقْلُ: العِلْمُ، أو بِصفاتِ الأَشْياءِ من حُسْنِها وقُبْحِها، وكَمَالِها ونُقْصانِها ...) إلخ (30)
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [الحجرات : 4]
وهو أيضا بمعنى الفهم: قال ابن سيده: (وعَقَلَ الشيءَ يَعْقِله عَقْلا : فَهِمَه. (31)
قال الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا..} [الحج : 46]
وقال سبحانه: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت : 43][/center]

[center]وقد أجاب الإمام أبو جعفر الترمذي الشافعي (32) (ت. 295 هـ) بجواب مُشابه عندما سُئل عن صفة النزول:
قال أحمد بن عثمان: حضرتُ عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث النبي صلى الله عليه و سلم ”إن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا“ فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علو؟
فقال أبو جعفر الترمذي: « النزولُ مَعقول، والكيفُ مجهول، والإيمانُ به واجب، والسؤال عنه بدعة.» السند رواته ثقات. (33)[/center]

[center]الرواية الثانية: أجاب الإمام مالك رحمه الله: «الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال: كيفَ، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال: فأُخرج» (34)
وهذا الجواب مشابه لما مر معنا في عدد من آثار السلف الصالح، بأنه لا يُقال: "كيف؟" لصفات الله عز وجل، وذلك لأن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يُخبرانا عن كيفية وحقيقة صفاته، فلا يجوز السؤال عن شيء لم يصلنا علمه وليس هناك سبيل لمعرفته إلا عن الله عز وجل ورسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال الإمام مالك: "وكيفَ عنه مرفوع" أي أنه لا يجوز سؤال "كيفَ" في صفات الله عز وجل، وهو قول مُتفق مع قوله في الرواية الأخرى في الصفات، والتي نقلناها في بداية المقال: «أمروها كما جاءت بلا كيفَ».[/center]



(1) مراسيل أبي داود، باب صلاة التطوع؛ والصفات للدارقطني (ص71)؛ والعلو للعلي الغفار للذهبي (ص156) ؛ سير أعلام النبلاء (ج8 ص467)
(2) كتاب الصفات للدارقطني (ص70)؛ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص431)
(3) علل ابن أبي حاتم (ج5 ص468) عن أبيه عن الهيثم بن خارجة.
(4) الأسماء والصفات للبيهقي - (ج 2 ص377)، إسناده صحيح.
(5) معجم ابن المقرئ (ص111)؛ عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني (ص69)؛ سير أعلام النبلاء للذهبي (ج 8 / ص 162) من طريق أبي بكر الخلال؛ والشريعة للأجري (ج3 ص1146)، وفيهما أنه سألهم عن أحاديث الصفات.
كتاب الصفات للدارقطني (ص75) ولفظها: "عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية وغير ذلك فقالوا : "أمضها بلا كيف."
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص503) ولفظها: "عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية فقالوا: أمروها بلا كيف."
(6) سير أعلام النبلاء للذهبي (ج7 ص311 و312) بسنده، ورواها أيضا في كتابه "العلو للعلي الغفار" (ص141) وصححه؛ ورواها ابن بطة بسنده في "الإبانة الكبرى" له.
(7) كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل (ج1 ص267)؛ وكتاب الصفات للدارقطني (ص71) بسند صحيح.
(8) كتاب الصفات للدارقطني (ص68- 69)؛ ورواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (ج3 ص526) بسنده.
(9) رواه أبو عثمان الصابوني في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث" (ص194) بإسنادين، ورواه أبو القاسم الأصبهاني عن الصابوني من طريق ابنه أبو بكر في "الحجة في بيان المحجة" (ج2 ص124)، ورواه البيهقي في الأسماء والصفات (ج2 ص376 -377) بسند آخر.
(10) جامع الكبير المعروف بسنن الترمذي (ج2 ص41)
(11) الجامع الكبير للترمذي المعروف بـ"سنن الترمذي" (ج4 ص318)
(12) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص527) قال: "ذكره عبد الرحمن (بن أبي حاتم) قال : وجدت في كتاب أبي: نعيم بن حماد قال: ...." وذكره.
(13) كُنْهُ كلَّ شيء: غايتُه ... تقول بلغتُ كُنْهَ الأمر أي غايته (كتاب العين للخليل الفراهيدي ص380)
(14) هو الزبير بن أحمد بن سليمان الزبيري البصري، كان أحد الفقهاء على المذهب الشافعي وكان ضريرا، وهو ثقة. [تاريخ بغداد للخطيب (ج9 ص492)]
(15) الشريعة لأبي بكر الآجري (ج3 ص1155) رواها الآجري عن شيخه أبي عبد الله الزبيري.
(16) اعتقاد أهل السنة لأبي بكر الإسماعيلي (ص36)
(17) عقيدة السلف وأصحاب الحديث لأبي عثمان الصابوني (ص192)، قال: "قرت في رسالة الشيخ أبي بكر الإسماعيلي إلى أهل جيلان: أن الله سبحانه...." إلخ.
(18) الحجة في بيان المحجة لأبي القاسم إسماعيل الأصبهاني (ج1 ص231-244)، قال: "أخبرنا أحمد بن عبد الغفار بن أشتة، أنا أبو منصور معمر بن أحمد قال: ... " وذكره.
(19) تفسير القرآن للسمعاني (ج2 ص51)
(20) رواه أبو عثمان الصابوني بسنده في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث" (ص 233-234) بتحقيق الجديع، (ص63) بتحقيق أبو اليمين المنصوري.
(21) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص530 و531) رواها من طريق ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية" عن أبيه أبي حاتم الرازي عن عبد الرحمن بن عمر رسته عن ابن مهدي. ورواه أبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" (ج9 ص8) بسند آخر إلى عبد الرحمن بن عمر رسته. ونقله الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج9 ص196) و تاريخ الإسلام (ج13 ص284).
(22) الرد على الجهمية للدارمي (ص79)
(23) كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب لابن خزيمة (ج2 ص 289-290)
(24) التمهيد لابن عبد البر (ج7 ص137)
(25) الحجة في بيان المحجة لإسماعيل لأصبهاني (ج1 ص288-289)
(26) رواه ابن بطة في الإبانة الكبرى له.
(27) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع للملطي، باب الفرق وذكرها
(28) الرد على الجهمية للدارمي (ص 76)
(29) كتاب العين للفراهيدي (ج1 ص159)
(30) القاموس المحيط للفيروز آبادي (ص1034)
(31) المحكم والمُحيط الأعظم (ج1 ص205)
(32) قال الخطيب البغدادي عنه: وكان ثقة من أهل العلم والفضل والزهد في الدنيا... ولم يك للشافعيين بالعراق أريس منه ولا أشد ورعا وكان من أهل التقلل في المطعم على حال عظيمة فقرا وورعا وصبرا على الفقـر. [تاريخ بغداد للخطيب (ج2 ص233)]، وقال الدارقطني عنه: ثقة مأمون ناسك [سؤالات الحاكم للدارقطني ص149]
(33) تاريخ مدينة السلام (بغداد) للخطيب البغدادي (ج2 ص234) بسنده، والسند رواته ثقات.
(34) الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص305)

أم عبد الله 07-15-2012 02:01 AM

[b]دليل أن السلف كانوا يثبتون الصفات[/b]

فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: ([color=blue]وَجَاءَ رَبُّك[/color]) «[b] فيجيء الله فيهم والأمم جثيّ[/b]» [تفسير الطبري ج30 ص118-120].



وعن ابن عباس في قوله تعالى: ([color=blue]وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا[/color]) «[b] أي بعين الله تبارك وتعالى[/b] «[color=indigo]وفي رواية أنه أشار بيده إلى عينه [روه البيهقي في الأسماء وال[/color]صفات 396 واللالكائي في شرح أصول السنة 3/411].

الإمام أبو حنيفة رحمه الله سُئِل عن النزول فقال : (( ينزل بلا كيف)) البيهقي في الإسماء والصفات(2/380) ، والصابوني في عقيدة السلف (ص59) وغيرهم."

الإمام يحيى بن معين رحمه الله ( ت: 233 هجريه):
قال: (( إذا سمعت الجهمي يقول : أنا أكفر برب ينزل. فقل : أنا أؤمن برب يفعل ما يريد)) شرح الاعتقاد للالكائي (3/502) ، التمهيد لابن عبد البر (7/151) الإبانة الكبرى لابن بطه (3/3/206) وقال المحقق إسناده صحيح.



قال الإمام حماد بن بي حنيفة (ت:176): ((قلنا لهؤلاء أرأيتم قول الله عز وجل ((وجاء ربك والملك صفاً صفا))
قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفاً صفاً وأما الرب فإنا لا ندري ما عني بذلك ولا ندري كيف مجيئة . فقلت لهم:[color=blue][u] إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئة [/u][/color]، أرأيتم إن أنكر أن الملائكة تجيء صفاً صفا ما هو عندكم!؟ قالوا: كافر مكذب.[color=indigo] قلت: فكذلك من أنكر أن الله سبحانه يجيء فهو كافر مكذب[/color])) رواه أبو عثمان الصابوني ص64 وسنده صحيح.

قال الإمام قوام السنة الأصبهاني رحمه الله:

((قال أبو القاسم وقد سئل عن صفات الرب: مذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وحماد بن سلمة وحماد بن زيد واحمد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن راهوية ، أن صفات الله التي وصف بها نفسه ، ووصفه بها رسوله من: السمع والبصر والوجه واليدان وسائر أوصافه ، إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور من غير كيف يتوهم فيها ، ولا تشبيه ولا تأويل ، قال ابن عيينة: كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره ، أي : هو على ظاهره ، لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل)) مختصر العلو ص281-282."



قول الامام الترمذي :

( لما روى حديث أبي هريرة "إن الله يقبل الصدقة، ويأخذها بيمينه فيربيها" : "هذا حديث صحيح روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث، وما يشبهه من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا: قد ثبتت الروايات في هذا، ونؤمن به، ولا نتوهم، ولا يقال كيف هذا
وروي عن مالك، وابن عيينة، وابن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف.
وهكذا قول أهل العلم، من أهل السنة والجماعة.وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه، [color=navy][b]وفسروها على غير ما فسر أهل العلم،[/b][/color] وقالوا: إن الله لم يخلق آدم [color=red]بيده، [/color]وإنما [color=red]معنى [/color]اليد ها هنا [color=red]النعمة، [/color]وقال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد، أو مثل يد، وسمع كسمع))

قول ابن جرير الطبري في تفسيره (1/192) [b]وأولى [/b][color=red][b]المعاني[/b] [/color]بقول الله جل ثناؤه : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ) [color=indigo][b]علا عليهن وارتفع ، فدبّـرهن بقدرته ، وخلقهن سبع سماوات[/b][/color] .

كذلك قال ابن العربي المالكي - و هو اشعري -

( (( وذهب مالك رحمه الله أن كل حديث منها - اي احاديث الصفات -[color=indigo][b] معلوم المعنى ولذلك قال للذي سأله الاستواء معلوم والكيفية مجهولة [/b][/color])) عارضة الاحوذي 3/166

[color=blue] الإمام العلامة أبي عمر الطلمنكي المالكي رحمه الله - ت 429 هـ - : [/color]

قال الحافظ ابن حجر في الفتح :

( وَقَالَ أَبُو عُمَر الطَّلَمَنْكِيّ : مِنْ تَمَام الْمَعْرِفَة [color=red][u]بِأَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى وَصِفَاته [/u][/color]الَّتِي يَسْتَحِقّ بِهَا الدَّاعِي وَالْحَافِظ مَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [color=red][u]الْمَعْرِفَةُ بِالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَات[/u][/color] وَمَا تَتَضَمَّن مِنْ الْفَوَائِد [color=red][u]وَتَدُلّ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقَائِق[/u][/color] ، [color=indigo]وَمَنْ لَمْ يَعْلَم ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لِمَعَانِي الْأَسْمَاء وَلَا مُسْتَفِيدًا بِذِكْرِهَا مَا [/color][color=indigo][u]تَدُلّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعَانِي[/u] [/color])

[color=blue][u]قول الإمام العلامة قوّام السنة الحافظ إسماعيل بن محمد الأصبهاني الشافعي رحمه الله - ت 535 هـ - إمام الشافعية في زمانه -[/u][/color] في كتابه الحجة في بيان المحجة :


( قال علماء السلف : [color=blue][u]جاءت الأخبار عن النبي صلى الله عليه و سلم متواترة في صفات الله تعالى , موافقة لكتاب الله تعالى , نقلها السلف على سبيل الإثبات و المعرفة و الإيمان به و التسليم , و ترك التمثيل و التكييف[/u][/color] و أنه عز و جل أزلي بصفاته و أسمائه التي وصف بها نفسه , أو وصفه الرسول صلى الله عليه و سلم بها , فمن جحد صفة من صفاته بعد الثبوت كان بذلك جاحداً , و من زعم أنها محدثة لم تكن ثم كانت دخل في حكم التشبيه في الصفات التي هي محدثة في المخلوق زائلة بفنائه غير باقية , و ذلك أن الله تعالى امتدح نفسه بصفاته و دعا عباده الى مدحه بذلك و صدّق به المصطفى عليه الصلاة و السلام و بيّن مراد الله فيما أظهر لعباده من ذكر نفسه و أسمائه و صفاته[color=red][u] و كان ذلك مفهوماً عند العرب غير محتاج الى تأويله [/u][/color]) اهـ 1\170





ويقول الإمام قوام السنة الأصبهاني رحمه الله:

((قال أبو القاسم وقد سئل عن صفات الرب: مذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وحماد بن سلمة وحماد بن زيد واحمد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن راهوية ، أن صفات الله التي وصف بها نفسه ، ووصفه بها رسوله من: السمع والبصر والوجه واليدان وسائر أوصافه ، [color=red][u]إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور [/u][/color]من غير كيف يتوهم فيها ، ولا تشبيه ولا تأويل ، قال ابن عيينة: كل شيء وصف الله به نفسه [u]فقراءته تفسيره[/u] ، أي :هو على ظاهره ، لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل)) مختصر العلو ص281-282.

قال الترمذي في سننه (وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر ، فتأولت الجهمية هذه الآيات وفسروها [color=red]على غير ما فسر أهل العلم ، وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده[/color])

قال شمس الأئمة أبو العباس السرخسي الحنفي : ( وأهل السنة والجماعة ، أثبتوا ماهو الأصل ، [color=red]معلوم المعنى بالنص[/color] _أي بالآيات القطعية والدلالات اليقينية وتوقفوا فيما هو متشابه وهو الكيفية ، ولم يجوزا الأإشتغال في طلب ذلك) (شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري ص 93)

قال شيخ المفسرين أبو جعفر الطبري (التبصير في معالم الدين) ( فإن قيل : فما الصواب من القول في معاني هذه الصفات التي ذكرت ، وجاء ببعضها كتاب الله عز وجل و وحيه وجاء ببعضها رسول الله ، قيل : الصواب من هذا القول عندنا : [color=red]أن نثبت [u]حقائقها[/u]على ما نَعرف من جهة الإثبات ونفي الشبيه[/color] كما نفى ذلك عن نفسه جل ثناؤه فقال : ( ليس كمثله شي وهو السميع البصير ) اهـ

قال الإمام ابن قتيبه: ((الواجب علينا أن ننتهي في صفات الله إلى حيث انتهى في صفته أو حيث انتهى رسوله صلى الله عليه وسلم [color=red]ولا نزيل اللفظ [u]عما تعرفه العرب[/u] ونضعه عليه[/color] ونمسك عما سوى ذلك)) اختلاف اللفظ ص25.

وقال الحافظ القصاب: ((كل صفة وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله ، فليست صفة مجاز ولو كانت صفة مجاز لتحتم تأويلها ولقيل: معنى البصر كذا ، ومعنى السمع كذا ، [color=red][u]ولفسرت بغير السابق إلى الأفهام[/u][/color] ، فلما كان مذهب السلف إقرارها بلا تأويل ، علم أنها غير محمولة على المجاز ، وإنما هي حق بين)) تذكرة الحفاظ 3/939 السير 16/213-214

وقال الإمام الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه ج2/751-752: ((فيقال للمعارض: نراك قد كثرت لجاجتك في رد هذا الحديث إنكاراً منك لوجه الله تعالى ، إذ تجعل ما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم [color=red]بلسان عربي مبين معقول [/color]في سياق اللفظ أنه وجه نفسه...فإن لم تتحول العربية عن معقولها إنه لوجه حقاً كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم))

ويقول الإمام الحافظ أبو عبد الله ابن مندة في التوحيد ج3/7: ((إن الأخبار في صفات الله جاءت متواترة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم موافقة لكتاب الله عز وجل نقلها الخلف عن السلف قرناً بعد قرن ، من لدن الصحابة والتابعين إلى عصرنا هذا على سبيل إثبات الصفات والمعرفة والإيمان به والتسليم ...[color=red]وكان ذلك [u]مفهوماً عند العرب[/u] غير محتاج إلى تأويلها[/color].))

"...أما ابن كثير فقد قلتم على لسان الكوثري أن ابن تيميه أفسد معتقده !فما تريدون من فاسد المعتقد هذا!!؟ اتركوه لنا هذا إمامنا ، وابن كثير الذي رد الظاهر في أذهان المشبهين فهو نفسه الذي قال في رسالته في " العقائد " : ( فإذا نطق الكتاب العزيز و وردت الأخبار الصحيحة بإثبات السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة والعظمة والمشيئة والإرادة والقول والكلام والرضى والسخط والحب والبغض والفرح والضحك : وجب اعتقاد حقيقته ، من غير تشبيه بشي من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين ، والانتهاء إلى ما قاله الله سبحانه وتعالى ورسوله من غير إضافة ولا زيادة عليه ، ولا تكييف له ، ولا تشبيه ، ولا تحريف ، ولا تبديل ، ولا تغيير ، [u]وإزالة لفظه عما تعرفه العرب وتصرفه عليه [/u]، والإمساك عما سوى ذلك ) [ من كتاب " علاقة الإثبات والتفويض " لمعطي رضا نعسان : ص : 51 ] .

قال الحافظ في كتابه "العلو" ص (532)أن الصفات ((لا تأويل لها غير دلالة الخطاب، كما قال السلف: "الاستواء معلوم"، وكما قال سفيان وغيره: "قراءتها تفسيرها" يعني أنها بينة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضايق التأويل والتحريف، وهذا هو مذهب السلف، مع اتفاقهم أيضاً أنها لا تشبه صفات البشر بوجه؛ إذ الباري لا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته.))


قال الذهبي في العلو ج2 ص1337: ((هذا الذي علمت من مذهب السلف ، والمراد بظاهرها أي لا باطن لألفاظ الكتاب والسنة غير ما وضعت له ، كما قال مالك وغيره الاستواء معلوم ، وكذلك القول في السمع والبصر والعلم والكلام والإرادة والوجه ونحو ذلك ، هذه الأشياء معلومة فلا تحتاج إلى بيان وتفسير ، لكن الكيف في جميعها مجهول عندنا))

قال الإمام الدارمي في رده على المريسي(1/286 : ( ثنى سعيد بن أبي مريم عن نافع بن عمر الجحمي قال: سألت ابن أبي مليكة((التابعي الجليل)) عن يد الله: أواحدة أو اثنتان ؟
قال: ((بل اثنتان))والسند صحيح ، فسعيد ابن أبي مريم ثقة ثبت التقريب((2299)) ونافع بن عمر بن عبد الله بن جميل الجمحي ثقة ثبت التقريب((7130))"

الإمام أبي جعفر الترمذي رحمه الله :
سئل الإمام أبو جعفر الترمذي عن نزول الرب فقال: (( النزول معقول ، والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه.)) ) تاريخ بغداد (1/365) ، سير أعلام النبلاء (13/547) ، أقاويل الثقات(201) ، تاريخ الإسلام ، حوادث ووفيات (291-300) (ص245) ، مختصر العلو (ص231) ، وقال الألباني : إسناده صحيح.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سألت أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين رحمهما الله عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين ، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار ، وما يعتقدان من ذلك ، فقالا : (( أدركنا العلماء في جميع الأمصار ، حجازاً ، وعراقاً ، ومصراً ، وشاماً ، ويمناً، وكان من مذهبهم أن الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه بلا كيف ، أحاط بكل ‎شيء علماً ))
أخرجه اللالكائي قال الألباني في مختصر العلو (ص204-205) : ( قلت : هذا صحيح ثابت عن أبي زرعة وأبي حاتم رحمة الله عليهما. . . ) إلى أن قال : ( ورسالة بن أبي حاتم محفوظة في المجموع (11) في الظاهرية في آخر كتاب ( زهد الثمانية من التابعين )

أم عبد الله 07-15-2012 02:09 AM

[center]جواب اعتراض في زيادة "بذاته" عند الحديث عن علو الله واستوائه على العرش[/center]


اعتراض:
إن زيادة لفظ "بذاته" عند الحديث عن الاستواء وعلو الله مثل أن يُقال: (استوى الله على العرش بذاته) أو (الله فوق عرشه بذاته) وما شابهها، مُنكرٌ وبدعة لم ترِد لا في القرآن ولا في السنة ولا عن السلف الصالح.


الجـواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

أولا: مُجرد عدم ورود لفظ في الكتاب أو السنة لا يعني أنه مُنكر وباطل، فما دام أن معناه صحيحٌ وموافق للنصوص الشرعية بفهم السلف الصالح، ولا يتضمن معنًا باطلا، وكانت هناك حاجة لاستخدامه، فلا حرج في إطلاقه.
وقد ورد عن السلف الصالح ألفاظ في مسائل العقيدة لم ترد في القرآن ولا السنة، ولكنها صحيحة في معناها، مثل قولهم: القرآن غير مخلوق، فلفظ "غير مخلوق" لم يرد في الكتاب والسنة، ولكنه مفهوم ومستنبط من القرآن والسنة.


ثانيا: قد ورد عن عدد من السلف استخدام لفظ "بذاته" أو "بنفسه"، وهما بنفس المعنى. من أمثلة ذلك:

1. قال أبو سعيد عثمان الدارمي (ت. 280 هـ) : «لأنه قال في آي كثيرة ما حقق أنه فوق عرشه فوق سماواته فهو كذلك لا شك فيه فلما أخبر أنه مع كل ذي نجوى قلنا علمه وبصره معهم وهو بنفسه على العرش بكماله كما وصف.» (1)

2. قال محمد أبو جعفر بن أبي شيبة (ت. 297 هـ) : « فهو فوق السماوات وفوق العرش بذاته متخلصا من خلقه بائنا منهم، علمه في خلقه لا يخرجون من علمه.» (2)

3. قال الحارث المحاسبي (ت. 243 هـ) : « وأما قوله {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5] {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام : 18] و{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك : 16]» وذكر عددًا من الآيات، ثم قال: «فهذا يوجب أنه فوق العرش، فوق الأشياء، منزه عن الدخول في خلقه، لا يخفى عليه منهم خافية، لأنه أبان في هذه الآيات أن ذاته بنفسه فوق عباده لأنه قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ [الملك : 16]} يعني فوق العرش، والعرش على السماء،..» (3)

وقد نسبها إلى السلف بالمعنى عدد من الأئمة ممن جاءوا بعدهم:

4. قال أبو عمر الطلمنكي المالكي (ت. 429 هـ) في كتابه "الوصول إلى معرفة الأصول": (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: {وهو معكم أينما كنتم} ونحو ذلك من القرآن: أنه علمه، وأن الله تعالى فوق السموات بذاته، مستو على عرشه كيف شاء.) (4)
5. قال أبو نصر السجزي الحنفي (ت. 444 هـ) في كتابه الإبانة: (أئمتناكسفيان الثوري، ومالك، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، عبد الله بن المبارك، والفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه متفقون على أن الله سبحانه وتعالى بذاته فوق العرش، وعلمه بكل مكان) (5)
6. قال يحيى العمراني الشافعي (ت 558هـ) : (عند أصحاب الحديث والسنة أن الله سبحانه بذاته، بائن عن خلقه، على العرش استوى فوق السموات، غير مماس له، وعلمه محيط بالأشياء كلها) (6)
7. كتب ابن الصلاح الشافعي (ت 643هـ) على القصيدة في السنة المنسوبة إلى أبي الحسن الكرجي (532 هـ) : «هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث» (7)، ومما جاء في تلك القصيدة:
[center]عقيدة أصحاب الحديث فقد سمت *** بأرباب دين الله أسنى المراتب
عقائدهم أن الإله بذاته *** على عرشه مع علمه بالغوائب [/center]

8. أبو زكريا يحيى الصرصَرِي الحنبلي (656 هـ):
نظَم أبو زكريا الصرصري الحنبلي قصيدة أثنى فيها على عقيدة الشيخ عبد الكريم الأثري بعد وقوفه على عقيدته "المعتمَد في المُعتقد"، قال فيها مُبيِّنا عقيدة الشيخ:
[center]ومذهبـه في الاسـتواء كمالــكً ** وكالـسلف الأبـرار أهـل التفضُّلِ
وقـال: استوى بذاتِـه فوق عرشه ** ولا تقُل استـولى فمَـن قال يُبطَـل[/center]


ومن الأئمة الذين صرحوا بلفظ "بذاته" أو "بنفسه" عند ذكر اعتقادهم:

9. قال محمد الكرجي القصاب (ت. 360 هـ) : قوله: {يخافون ربهم من فوقهم} دليل على أن الله -جل جلاله- بذاته في السماء [أي فوق السماء] على العرش، وليس في الأرض إلا علمه المحيط بكل شيء.) (8)
10. قال أبو محمد ابن أبي زيد القيرواني المالكي (386 هـ) في مقدمة رسالته المشهورة: (وإنه فوق عرشه المجيد بذاته وهو بكل مكان بعلمه.)
- قال أبو بكر محمد بن موهب المالكي -تلميذ ابن أبي زيد- في شرحه لرسالة الإمام ابن أبي زيد: (فلذلك قال الشيخ أبو محمد: "إنه فوق عرشه" ثم بيَّن أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته) (9)
11. قال أبو زكريا يحيى بن عمار الحنبلي (422 هـ) في رسالته: (لا نقول كما قالت الجهمية: "إنه تعالى مداخل للأمكنة وممازج بكل شيء ولا نعلم أين هو؟ "، بل نقول: هو بذاته على العرش وعلمه محيط بكل شيء، وعلمه وسمعه وبصره وقدرته مدركة لكل شيء. وذلك معنى قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد : 4]فهذا الذي قلناه هو كما قال الله وقاله رسوله.) (10)
12. قال أبو نصر السجزي الحنفي (444 هـ) : (واعتقاد أهل الحق أن الله سبحانه فوق العرش بذاته من غير مماسة.) (11)
13. قال سعد بن علي الزنجاني الشافعي (ت. 471 هـ) في شرح قصيدته في السنة: (ولكنه مستو بذاته على عرشه بلا كيف كما أخبر عن نفسه، وقد أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى، ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى : 1]، وأن لله علو الغلبة والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل، فثبت بذلك أن لله علو الذات، وعلو الصفات، وعلو القهر والغلبة.) (12)
14. قال أبو إسماعيل الأنصاري الهروي الحنبلي (ت. 481 هـ) في كتاب "الصفات" له: (باب إثبات استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة، بائنا من خلقه، من الكتاب والسنة). فذكر رحمه الله دلالات ذلك من الكتاب والسنة – إلى أن قال: (في أخبار شتى أن الله عز وجل في السماء السابعة (أي فوقها) على العرش بنفسه، وهو ينظر كيف تعملون، علمه، وقدرته، واستماعه، ونظره، ورحمته، في كل مكان.) (13)
15. عبد الكريم بن منصور الموصلي الشافعي الأثري (651 هـ) :
نظَم أبو زكريا الصرصري الحنبلي قصيدة أثنى فيها على عقيدة الشيخ عبد الكريم الأثري بعد وقوفه على عقيدته "المعتمَد في المُعتقد"، قال فيها مُبيِّنا عقيدة الشيخ:
[center]وقـال: استوى بذاتِـه فوق عرشه ** ولا تقُل استـولى فمَـن قال يُبطَـل[/center]



ثالثا: معناها صحيح، وهو أن الله فوق العرش، وأن الاستواء كان بالذات، بصفة تليق بجلاله لا نعلمها. واستواؤه سبحانه ليس كاستواء المخلوقات، فلا يُحيط به العرش ولا غيره، وليس هو بحاجة للعرش ولكنه استوى عليه لأنه {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج : 16]، و{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء : 23]. وهذا المعنى هو المفهوم والمُستنبط من النصوص الشرعية، ومن كلام بقية أئمة السلف ممن لم يستخدموا هذا اللفظ، من أمثلة ذلك:


- قول الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «بين سماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمس مئة عام وبين كل سماءين مسيرة خمس مئة عام وبين السماء السابعة وبين الكرسي مسيرة خمس مئة عام وبين الكرسي وبين الماء مسيرة خمس مئة عام والعرش فوق الماء والله تبارك وتعالى فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه» إسناده حسن. (14)
- قول الإمام عبد الله ابن المبارك (181 هـ) : قال علي بن الحسن بن شقيق: سألت عبد الله بن المبارك: "كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عز وجل؟" قال: «على السماء السابعة على عرشه، ولا نقول كما تقول الجهمية: أنه ها هنا في الأرض» (15) إسناده صحيح.
وفي رواية: قال ابن المبارك: «بأنه فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه»(16) إسناده حسن.
- قال الإمام أحمد بن حنبل (241 هـ) : قال يوسف بن موسى القطان: "قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: الله عز و جل فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه في كل مكان؟
قال: « نعم على العرش وعلمه لا يخلو منه مكان.»" (17)
- قال الحافظ أبو عيسى الترمذي (ت. 279 هـ) صاحب السنن: «عِلْمُ الله وقدرته وسلطانه في كل مكان، وهو على العرش كما وصف في كتابه.» (18)


رابعًا: مثل هذه الألفاظ التي لم ترد في النصوص الشرعية، والتي استخدمها السلف والخلف في مسائل العقيدة المختلفة، كانت لأجل الرد على أهل البدع الذين حرّفوا كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فأوَّلوا النصوص وصرفوها عن ظاهرها، فمثلا في مسألة كلام الله والخلق، قالت الجهمية بأن كلام الله مخلوق، فاضطر السلف للرد عليهم فقالوا: «كلام الله غير مخلوق»، وهو ما حصل في مسألة الاستواء، فقال بعض أهل البدع: «استوى الله على عرشه بقدرته وسلطانه، والله بذاته في كل مكان»، ومنهم من قال: «استواء الله هو استيلاءه على العرش أو الملك»، فرد عليهم السلف وأئمة السنة ممن جاءوا بعدهم بأن الله في كل مكان بعلمه وسلطانه، وهو فوق العرش بذاته. فكان استخدام مثل هذه الألفاظ الزائدة التي لم ترِد في النصوص الشرعية لحاجة، فيُحكم على اللفظ بناءًً على معناه، ولا يُستخدم إلا عند الحاجة، وللرد على أهل البدع، أما إذا كان المُستمع يفهم معناها دون هذه الألفاظ، خاصة عوام الناس الذين لم تنحرف فطرتهم، فالأولى تركها واللتزام بألفاظ النصوص الشرعية.



(1) الرد على الجهمية للدارمي (ص44)
(2) العرش وما رُوي فيه لأبي جعفر محمد بن أبي شيبة (ص291-292)
(3) فهم القرآن ومعانيه للحارث المحاسبي (ص349-350)
(4) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص246)؛ واجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (ص142) تحقيق: عواد عبد الله المعتق.
(5) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص341)؛ سير أعلام النبلاء أيضا للذهبي (ج17 ص656)، وأيضا كتابه العلو.
(6) الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار للعمراني (ج2 ص607)
(7) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص342) قال – بعد ذكر البيت الذي فيه ذكر علو الله على عرشه من قصيدة الكرجي-: "وموجود بها الآن نسخ من بعضها نسخة بخط الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، على أولها مكتوب: هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث، بخطه رحمه الله." وذكر مثله في كتابه "العلو للعلي الغفار" عند الحديث عن قصيدة الكرجي.
(8) نكتب القرآن للقصاب (ج2 ص68-69)
(9) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص 246)
(10) العلو للعلي الغفار (ص245)، وكتاب العرش له (ج2 ص340 و348)؛ وجزء منه في "الحجة في بيان المحجة" لإسماعيل الأصبهاني (ج2 ص107)
(11) رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص126)، تحقيق: محمد باكريم – دار الراية سنة 1414.
(12) اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (ص197) تحقيق عواد المعتق – الطبعة الأولى
(13) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص364)، وسير أعلام النبلاء (ج18 ص514)
(14) رواه أبو الشيخ في "العظمة" (ج2 ص688-689) قال: حدثنا الوليد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود رضي الله عنه، وذكره. وروى جزءا منه الإمام الدارمي في نقضه على بشر المريسي (1/ 422) : عن موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود. ورواه أحمد بن مروان الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (6 / 406) بسنده؛ واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (ج3 ص395-396) بسنده، ومن طريقه رواه ابن قدامة في "إثبات صفة العلو" (ص151-152)؛ وغيرهم؛ كلهم من طريق عاصم بن بهدلة. وعاصم صدوق، وقد وثقه جماعة، وحسّن حديثه آخرون. قال الهيثمي في مجمع الزوائد في عدة مواضع: حسن الحديث. وقال الذهبي في ميزان الأعتدال (2 /357) : هو حسن الحديث. وقال أبو بكر البزار: لم يكن بالحافظ، ولا نعلمُ أحدًا تَرك حديثه على ذلك، وهو مشهور. (تهذيب التهذيب لإبن حجر 2 /251)
(15) "السنة" لعبد الله بن أحمد (ج1 ص111) قال: حدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال سألت عبدالله بن المبارك، وذكره. رواته ثقات والسند صحيح.
(16) الرد على الجهمية للدارمي (ص40) قال: حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا علي بن الحسن ابن شقيق عن ابن المبارك. سنده حسن.
(17) شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي (3 / 402)؛ ورواه الخلال في كتابه "السنة" عن شيخه يوسف بن موسى القطان عن الإمام أحمد، كما في كتابي الحافظ الذهبي "العرش" (ج2 ص247) و"العلو للعلي الغفار" (ص176)، قال: رواه الخلال عن يوسف، ويوسف بن موسى القطان ثقة، فسنده صحيح.
(18) الجامع الكبير للترمذي (المعروف بسنن الترمذي) (ج5 ص327) تحقيق: بشار عواد معروف –دار الغرب الإسلامي – الطبعة الأولى

أم عبد الله 07-15-2012 02:11 AM

[center][color=navy][b]الإيمان بنصوص الصفات على ظاهرها[/b][/color][/center]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

منهج السلف الصالح في نصوص صفات الله عز وجل هو الإيمان بها على ظاهرها بلا تشبيهٍ لها بصفات المخلوقين، ولا خوض في كيفيتها(1)، فالواجب في أسماء الله وصفاته هو إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه العزيز، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، مع نفي التمثيل، وتفويض كيفيتها إلى الله عز وجل.

[b][u]ولا تُصرف الآيات والأحاديث عن ظاهرها إلا بدليل صحيح، خلافاً لما يفعله كثير من أهل البدع، حيث صرفوا كثير من نصوص الصفات عن ظاهرها اتباعًا لأهوائهم،[/u][/b] ولما توهموه من أدلة عقلية وإنما هي شبهات، فأخطئوا فهم النصوص وأساءوا في تأويلها بدعوى التنزيه؛ وكذا فعل غيرهم مع نصوص الوعد والوعيد وغيرها، فادّعوا المجاز في كثير من الآيات والأحاديث، وأولوا النصوص فألحدوا فيها.

[color=blue][b]قال أبو منصور الازهري الشافعي (282-370هـ)[/b][/color] بعد ذكره لإلحاد المشركين في أسماء الله: «وملحدوا زماننا هذا: هؤلاء الذين تلقبوا بـ"الباطنية" وادعوا أن للقرآن ظاهرًا وباطنا، وأن علم الباطن فيه معهم، فأحالوا شرائع الإسلام بما تأولوا فيها من الباطن الذي يخالف ظاهر العربية التي بها نزل القرآن، وكل باطن يدعيه مدع في كتاب الله عز وجل مُخالف ظاهر كلام العرب الذين خوطبوا به فهو باطل، لأنه إذا جاز لهم أ، يدعوا فيه باطنا خلاف الظاهر، جاز لغيرهم ذلك، وهو إبطال الأصل. وإنما زاغوا عن إنكار القرآن ولاذوا بالباطل الذي تأولوه ليغروا به الغرّ الجاهل، ولئلا يُنسبوا إلى التعطيل والزندقة.» (2)

[color=blue][b]وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي (ت. 795 هـ) [/b][/color]عند حديثه عن نصوص الصفات: «وكان السلف ينسبون تأويل (3) هذه الآيات والأحاديث الصحيحة إلى الجهمية، لأن جهْمّا وأصحابه أولُ من اشتهر عنهم أن الله تعالى مُنزّهٌ عما دلّت عليه هذه النصوص بأدلة العقول التي سموّها "أدلة قطعية" وهي المحكمات، وجعلوا ألفاظ الكتاب والسنة هي المتشابهات، فعرضوا ما فيها على تلك الخيالات، فقبلوا ما دلّت على ثبوته بزعمهم، وردّوا ما دلّت على نفيه بزعمهم، ووافقهم على ذلك سائر طوائف أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، وزعموا أنّ ظاهر ما يدلّ عليه الكتاب والسنة تشبيه وتجسيم وضلال، واشتقّوا من ذلك -لمن آمن بما أنزل الله على رسوله- أسماء ما أنزلَ اللهُ بها من سلطان؛ بل هي افتراءٌ على الله، يُنفّرون بها عن الإيمان بالله ورسوله. وزعموا أنّ ما ورد في الكتاب والسنة من ذلك - مع كثرته وانتشاره - من باب التوسع والتجوز، وأنه يُحمل على مجازات اللغة المستبعدة، وهذا من أعظم أبواب القدحِ في الشريعة المحكمةِ المُطهّرةِ، وهو من جِنس حَمْل الباطنية نصوصَ الإخبار عن الغُيوبِ؛ كالمعاد والجنة والنار على التوسع والمجاز دون الحقيقة، وحملِهم نصوص الامر والنهي عن مثل ذلك، وهذا كله مروق عن دين الإسلام.» (4)

وقد وردت أقوال للسلف والأئمة من بعدهم تدل على أن السلف الصالح أثبتوا نصوص الصفات على ظاهرها دون تشبيه أو تكييف؛ ولكن قبل الشروع في ذكر تلك الأقوال، يجب بيان المقصود من "الظاهر" الذي أثبته السلف الصالح، والذي يجب على كل مسلم إثباته من غير تشبيه ولا تكييف.

[color=blue][b]المقصود بالظاهر:[/b][/color] المعنى اللغوي الظاهر الواضح من سياق الكلام(5)؛ وما يلي بعض الأمثلة التي توضح المقصود:
مثال 1 : "وأنا في أفريقيا شاهدت أسدًا وهو ينقض على فريسته."
هنا ظاهر الكلام أن الأسد الذي انقض على فريسته هو الحيوان المعروف.
مثال 2 : " كان خالد في ساحة القتال أسدًا."
ظاهره أن المقصود هو الشجاعة وليس الحيوان.

هذا هو منهج السلف مع نصوص الصفات كقوله تعالى: {[color=blue]قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[/color]} [ص : 75]
فأثبت السلف هذه الآية على ظاهرها وهو أن الله عز وجل خلق آدم بيديه التي هي صفة له، مع اعتقادهم بأنها لا تشبه أيدي المخلوقين؛ أما أهل البدع فردوا ظاهرها وقالوا بأن اليدين في الآية ليست حقيقية، وأن معناها هو القدرة أو النعمة أو غير ذلك من المعاني المجازية لليد.
فليس المقصود من إثبات الظاهر إثبات كيفية صفات الله، فالاتفاق فقط في أصل معنى الصفة وليس في كيفية الصفة، فلا يعلم كيفية صفات الله إلا هو سبحانه، وهي ليست ككيفية صفات المخلوقين {[color=blue]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[/color]}

[color=red][b]وما يلي مجموعة من أقوال السلف ومن جاء بعدهم في الإيمان بآيات وأحاديث الصفات على ظاهرها من غير تشبيه ولا تكييف:[/b][/color]


[size=5][b]أقوال السلف الصالح:[/b][/size]

1. ورد عن جمْعٍ من السلف الصالح، منهم الأوزاعي (ت. 157 هـ)، وسفيان الثوري (ت. 161 هـ)، و الليث بن سعد (ت. 175 هـ)، والإمام مالك بن أنس (ت. 179 هـ)، والإمام أحمد بن حنبل (ت. 241 هـ) أنهم قالوا عن أحاديث الصفات والرؤية: «أمروها كما جاءت بلا كيف»؛ وقد بيّن الإمام اللغوي أبو منصور الأزهري (ت. 370 هـ) معنى مقولة السلف هذه بعد ذكر قول أبي عبيدٍ القاسم بن سلام (ت. 224هـ) في حديث القَدم ونزول الله إلى السماء الدنيا ورؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة: "[color=blue][b]نحن نؤمن بها على ما جاءت ولا نفسرها." قائلا: «أراد أنها تترك على ظاهرها كما جاءت[/b][/color].» (6)


2[b]. قول الإمام سفيان بن عيينة (ت. 198هـ)[/b] : «كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن [u]فقراءته تفسيره [color=blue]لا كيف ولا مثل[/color]»[/u]. (7)

[b]قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني الشافعي (ت. 535 هـ) [/b]مبينا لمعنى مقولة ابن عيينة "فقراءته تفسيره" : « أي هو على ظاهره لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل.» (8)
[b]

3. قال أبو بكر ابن أبي عاصم (ت. 287هـ)[/b] : «وجميع ما في كتابنا كتاب السنة الكبير الذي فيه الأبواب من الأخبار التي ذكرنا أنها توجب العلم، فنحن نؤمن بها لصحتها، وعدالة ناقليها، ويجب التسليم لها على ظاهرها، وترك تكلف الكلام في كيفيتها» فذكر في ذلك النزول إلى سماء الدنيا، والإستواء على العرش، وغير ذلك. (9)


[b]أقوال العلماء من بعدهم:
[/b]
[color=blue][b]- ابن جرير الطبري (ت. 310هـ) :[/b][/color]
قال بعد نقاشه مع فرقة من أهل البدع في صفتي النزول والمجيء: «فإن قال لنا منهم قائلٌ: فما أنت قائلٌ في معنى ذلك؟ قيل له: معنى ذلك ما دلّ عليه ظاهر الخبر، وليس عندنا للخبر إلا التسليم والإيمان به، فنقول: يجيء ربنا -جل جلاله- يوم القيامة و الملك صفاً صفاً، ويهبط إلى السماء الدنيا وينزل إليها في كل ليلةٍ ... وكالذي قلنا في هذه المعاني من القول: الصواب من القيل في كل ما ورد به الخبر في صفات الله عز وجل وأسمائه تعالى ذكره بنحو ما ذكرناه.» (10)


[color=blue][b]- أبو عثمان الصابوني الشافعي (ت. 449هـ) :[/b][/color]
قال عند حديثه عن عقيدة السلف أصحاب الحديث في صفات الله: «بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة عليه، ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف، ولا تبديل، ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب وتضعه عليه بتأويل منكر، ويجرونه على الظاهر، ويكِلُون علمه (11) إلى الله تعالى». (12)

وقال في وصيته أنه "يسلك في الآيات التي وردت في ذكر صفات البارئ –جل جلاله-، والأخبار التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بابها، كآيات مجيء الرب يوم القيامة، وإتيان الله في ظُلل من الغمام، وخلق آدم بيده، واستوائه على عرشه، وكأخبار نزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا، والضحك والنجوى، ووضع الكنيف على من يُناجيه يوم القيامة، وغيرها، مسلك السلف الصالح، وأئمة الدين، من قوبها وروايتها على وجهها، بعد صحة سندها، وإيرادِها على ظاهرها، والتصديق بها والتسليم لها، واتقاء اعتقاد التكييف، والتشبيه فيها، واجتناب ما يؤدي إلى القول بردّها، وترك قبولها، أو تحريفها بتأويل يُستنكر، ولم ينزل الله به سلطانا، ولم يجر به للصحابة والتابعين والسلف الصالح لسان". (13)


[color=blue][b]- أبو محمد الحسين البغوي الشافعي (ت. 510 هـ) :[/b][/color]
قال: «وكذلك كل ما جاء به الكتاب أو السنة من هذا القبيل في صفات الله تعالى، كالنفس، والوجه، والعين، واليد، والرجل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك، والفرح ...» فذكر أدلة هذه الصفات من القرآن والسنة ثم قال: «فهذه ونظائرها صفات الله تعالى، ورد بها السمع يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل، مجتنبا عن التشبيه، ومُعتقدًا أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق، قال الله سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]، وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة.» (14)


[color=blue][b]- أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني الشافعي (ت. 535 هـ) :[/b][/color]
قال بعد ذكر الآيات في صفة الاستواء والغضب والرضا والنزول وغيرها: «فهذا وأمثاله مما صح نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مذهبنا فيه ومذهب السلف، إثباته وإجراؤه على ظاهره، ونفي الكيفية والتشبيه عنه، وقد نفى قوم الصفات فأبطلوا ما أثبته الله تعالى، وتأولها قوم على خلاف الظاهر فخرجوا من ذلك إلى ضرب من التعطيل والتشبيه، والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأ/رين، لأن دين الله تعالى بين الالي والمقصر عنه.» (15)

وقال عندما سُئل عن صفات الرب تعالى: «مذهب مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وحماد ابن سلمة، وحماد بن زيد، وأحمد، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن راهويه، أن صفات الله التي وصف بها نفسه، ووصفه بها رسوله، من السمع، والبصر، والوجه، واليدين، وسائر أوصافه، إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور، من غير كيف يتوهم فيها، ولا تشبيه ولا تأويل...» (16)


[color=blue][b]- محمد أنور شاه الكشميري الحنفي :[/b][/color]
قال في شرحه لسنن الترمذي: «واعلم أن المشابهات مثل نزول الله إلى السماء الدنيا، واستواءه على العرش، فراي السلف فيها الإيمان على ظاهره ما ورد إمهاله على ظاهره بلا تأويل ولا تكييف، ويفوض أمر الكيفية إلى الله تعالى » ثم ذكر كلاما طويلا في أقوال الفرق والمذاهب إلى أن قال: «فحاصل الباب أن نؤمن بالمتشابهات كما وردت بظاهرها ونفوض التفاصيل إلى الله» (17)

[b]_____________[/b]

(1) المقصود بكيفية الصفة: حقيقتها وصفتها.
(2) الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي لأبي منصور الأزهري (ص495) تحقيق: د. عبد المنعم طوعي بشناتي/ دار البشائر الإسلامية – بيروت/ الطبعة الأولى 1419هـ - 1998م
(3) التأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنا آخر مرجوح.
(4) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب الحنبلي (ج7 ص230-231) تحقيق مجموعة من العلماء منهم محمود بن شعبان ومجدي بن عبد الخالق والسيد بن عزت المرسي وغيرهم / مكتبة الغرباء الأثرية – المدينة المنورة/ الطبعة الأولى 1416هـ - 1996م
(5) قال ابن قدامة في "روضة الناظر" : «الظاهر: وهو ما يسبق إلى الفهم منه عند الإطلاق معنى، مع تجويز غيره، وإن شئت قلت: ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر، فحكمه أن يصار إلى معناه الظاهر، ولا يجوز تركه إلا بتأويل، والتأويل صرف اللفظ عن الاحتمال الظاهر إلى احتمال مرجوح به لاعتضاده بدليل يصير به أغلب على الظن من المعنى الذي دل عليه الظاهر»
(6) تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري (ج9 ص45-46)
(7) كتاب الصفات للدارقطني (ص70)؛ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص431)
(8) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص263)؛ وكتاب العرش له (ج2 ص359-360)
(9) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص273) والعلو للعلي الغفار (ص 197)
(10) التبصير في معالم الدين لابن جرير الطبري (ص146-147) تحقيق: علي الشبل / دار العاصمة – الرياض/ الطبعة الأولى 1416هـ - 1996م
(11) أي العلم بكيفية الصفات.
(12) عقيدة السلف واصحاب الحديث لأبي عثمان إسماعيل الصابوني (ص39) تحقيق: أبو اليمين المنصوري/ دار المنهاج – القاهرة/ الطبعة الأولى 1423هـ - 2003م
(13) طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين السبكي (ج4 ص288) تحقيق: محمود الطناحي وعبد الفتاح الحلو/ دار إحياء الكتب العربية.
(14) شرح السنة للحسين البغوي (ج1 ص168-171) تحقيق: شعيب الأرنؤوط ومحمد زهير الشاويش/ المكتب الإسلامي –بيروت/ الطبعة الثانية 1403هـ - 1983م
(15) الحجة في بيان المحجة لإسماعيل الأصبهاني (ج1 ص287-288) تحقيق: محمد بن ربيع المدخلي/ دار الراية للنشر والتوزيع
(16) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص263)؛ وكتاب العرش له (ج2 ص359-360)
(17) العرف الشذي شرح سنن الترمذي (ج1 ص416 و418) تصحيح محمود شاكر/ دار إحياء التراث العربي– بيروت/ الطبعة الأولى 1425هـ - 2004م

أم عبد الله 07-15-2012 04:35 PM

[center][b]

صفات الله حقيقيّة أم غير حقيقية؟[/b][/center]



مقدمة:

إن معرفة الله عز وجل هي أهم وأجلّ العلوم، ومعرفته سبحانه تكون بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وهي تُستمد من نصوص الوحي: القرآن والسنة، فلا يُوصف الله عز وجل إلا بما وصف به نفسه في كتابه العزيز أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن تدبر هذه النصوص العظيمة وجدها واضحة وجليّة في دلالتها على صفاته العليا. ورغم وضوحها فقد وقع من بعض المنتسبين للإسلام تحريفٌ لمعاني هذه النصوص، فنَفوا عنها حقيقتها تذرعًا بالمجاز، ظنّا منهم أنه الحق. والسبب في ذلك هو أنهم جعلوا عقولهم حَكَمًا فيها دون نصوص الوحي، فاعتقدوا أن إثبات تلك الصفات حقيقةً لله يقتضي التشبيه، وهو ليس كذلك،

[color=blue]فكما قال الحافظ نُعيم بن حماد (ت. 228 هـ)[/color] : «ليس ما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه»(1)، فالتشبيه يكون باعتقاد أن صفات الله كصفات المخلوقين،

قال الإمام[color=indigo] إسحاق بن راهويه [/color](ت. 238 هـ) : «إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد، أو سمع كسمع أو مثل سمع. فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع، فهذا التشبيه؛ أما إذا قال كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر، ولا يقول: كيفَ؟ ولا يقول: مثلَ سمع، ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيها، وهو كما قال الله تعالى في كتابه: {[color=blue]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[/color]} [الشورى : 11]»(2). فلو أن هؤلاء القوم تأملوا وتدبروا آيات الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم حق التدبر ودرسوا آثار السلف الصالح في هذه النصوص، لما صرفوها عن حقائقها بأنواع المجازات؛ لأنها بينة في دلالتها، لا تقتضي تشبيها ولا معاني باطلة.

ودلالة النصوص على حقيقة صفات الله عز وجل تكون أحيانًا مُستفادةً من سياق الآية أو الحديث، وأحيانًا من فِعل النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، وأحيانًا أخرى من غير ذلك مما سنُبَيّنُه في هذا المقال إن شاء الله تعالى.



[b]دلالة نصوص الكتاب والسنة على أن صفات الله حقيقية:[/b]

[size=6][b]
- القرآن الكريم:[/b][/size]

1. قال الله تعالى: {[color=blue]فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ[/color]} [فصلت : 15]
ففي الآية أن قوم عاد سألوا: «[color=indigo]من أشد منا قوة؟[/color]»
فأجابهم الله عز وجل بقوله: {[color=blue]أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قوة[/color]}
ولا يصح أن يكون الجواب إلا موافقًا للسؤال،
[color=blue][b]
قال أبو أحمد الكرجي القصاب (ت. 360هـ) في هذه الآية[/b][/color]: «وقوله (تعالى) ... حجة على المعتزلة والجهمية فيما يزعمون: أن كل ما وُصف به المخلوق لم يجز أن يوصف به الخالق، من أجل التشبيه، وهذا نص القرآن ينكر على عاد ادعاء القوة، ويخبر أن الله أشد قوة منهم، والرد لا يكون إلا بمثله»(3). [u][b]ولا شك أن قوة عاد حقيقية، فقوة الله أيضا حقيقية ولكنها أعظم، فقوة المخلوق لا شيء عند قوة الله عز وجل، بل هو سبحانه الذي أعطانا هذه القوة[/b][/u].


2. قال الله تعالى: {[color=blue]وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا[/color]} [النساء : 125]
تفسير هذه الآية في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة مبينة للقرآن، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
”[color=blue]إِنِّى أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِى مِنْكُمْ خَلِيلٌ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِى خَلِيلاً كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِى خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيل[/color]اً“ [صحيح مسلم].

وقال صلى الله عليه وسلم: ”[color=purple]أَلاَ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خِلٍّ مِنْ خِلِّهِ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً إِنَّ صَاحِبَكُمْ[/color](4)[color=indigo] خَلِيلُ اللَّهِ[/color]“ [صحيح مسلم]
وفي لفظ: ”[color=blue]ألا إني أبرأ إلى كل خليل من خُلّته[/color]“(5).
والخليل من "الخُلّة" – بضم الخاء كما في الرواية الثالثة-، وهي غاية المحبة وخالصها وأتمها. قال الزجّاج (311هـ): «الخليل: المُحب الذي ليس في محبته خلل»(6).

[color=blue][b]وقال ابن كثير (ت. 774هـ)[/b][/color]: «والخُلّة: هي غاية المحبة ... وهكذا نال هذه المنزلة خاتم الأنبياء وسيُد الرسل محمد، صلوات الله وسلامه عليه كما ثبت في الصحيحين وغيرهما»(7).
والدليل على أن خُلّة الله لإبراهيم عليه السلام ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم حقيقية، هو أن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن اتخاذ أبي بكر رضي الله عنه خليلا لأجل أنه خليل الله، ولو لم تكن خُلة الله لنبيه حقيقية لما كان هناك مانع في اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر خليلا.


3. قال تعالى: {[color=blue]وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا[/color]} [النساء : 164]

الفعل "كَلّم" في هذه الآية مؤكد بالمصدر "تكليمًا"، وهو دليل على أن الله كلّم موسى حقيقةً، قال أبو جعفر النحّاس (ت. 338هـ) : «{[color=blue]وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا[/color]} مصدر مؤكد، وأجمع النحويّون على أنك إذا أكدّت الفعل بالمصدر لم يكن مجازًا ... فكذا لما قال: {تكليمًا}، وَجَبَ أن يكون كلامًا على الحقيقة من الكلام الذي يُعقل»(8).


4. قال الله تعالى: {[color=blue]إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا[/color]} [النساء : 58]
وهذه تفسيرها بفعل نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبو يونس مولى أبي هريرة أنه سمع أبا هريرة يقرأ هذه الآية: {[color=blue]إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا[/color]} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}، ويضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه، ويقول: هكذا سمعت رسول الله يقرأها ويضع إصبعيه. (9)
قَصَدَ النبي صلى الله عليه وسلم بفعله هذا إثبات أن الله مُتّصِف بسمع وبصر حقيقيّين فالحديث عن صفتي السمع والبصر، وليس مقصوده تشبيه صفات الله بصفات المخلوق، فحاشا أن يُشبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بالمخلوقين، والله عز وجل يقول: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]، فأثبت الله عز وجل لنفسه السمع والبصر، ونَفَى عنها المِثل.



[b]- السنة النبوية:[/b]

5. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ”[b][u]لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ[/u] فَلاَةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِى ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِى وَأَنَا رَبُّكَ. أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ[/b]“.

وفي رواية سنن الترمذى: ”[color=blue][b]لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ رَجُلٍ...[/b][/color]“.

وفي رواية سنن الدارمي: ”[color=red][b]فما هو بأشد فرحا بها من الله بتوبة عبده إذا تاب إليه[/b][/color]“.

الحديث واضح من سياقه، وهو دليل على أن الله متصف بالفرح حقيقةً، ولكن فرحه لا يشبه فرح المخلوقين، فهو فرح يليق بجلاله لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه، وواجبنا الإيمان والتسليم.

قال الحافظ شمس الدين الذهبي (ت. 748 هـ) عند تعقيبه على تأويل أحد العلماء لصفة الفرح لله تعالى : «ليت المؤلف سكت فإن الحديث من أحاديث الصفات التي تمر على ما جاءت كما هو معلوم من مذهب السلف، والتأويل الذي ذكره ليس بشيء ... والنبي صلى الله عليه وسلم قد جعل فرح الخالق عز وجل أشد من فرح الذي ضلت راحلته، فتأمل هذا وكُف، واعلم أن نبيك لا يقول إلا حقا، فهو أعلم بما يجب لله وما يمتنع عليه من جميع الخلق، اللهم اكتب لنا الإيمان بك في قلوبنا وأيدنا بروح منك». (10)

6. عن عمر بن الخطاب أنه قال: قدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بِسَبْي، فإذا امرأة من السبي تبتغي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته؛ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِى النَّارِ؟“ قُلْنَا: لاَ وَاللَّهِ وَهِىَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا“. [صحيح البخاري ومسلم]

هو واضح من سياقه كالحديث الذي قبله، ففيه إثبات صفة الرحمة لله عز وجل حقيقةً.

7. قال ابن عمر رضي الله عنه: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: ”يأخذ الجبّار سماواته وأرضيه بيده“ وقبض بيده فجعل يقبضها ويبسطها ”ثم يقول: أنا الجبار، أين الجبارون؟ أين المتكبرون“، قال: ويتميّل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن شماله، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إنّي لأقول: أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم؟». [صحيح مسلم، وسنن النسائي، واللفظ لابن ماجه](11)
قبَضَ النبي صلى الله عليه وسلم يده ليُبَيّن أن الله يقبض الأرض والسموات بيده حقيقةً، وليس مقصوده تشبيه قبض الله بقبضه.

8. عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكْبُو مرة، وتسفَعُه النار مرة“ إلى أن قال: ”ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأُوليَيْن، فيقول: أي رب، أدنِني من هذه لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب، هذه لا أسألك غيرها. وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليها، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمِع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب أدخلنيها. فيقول: يا ابن آدم، ما يَصْريني منك(12)؟ أيُرضيك أن أعطيك الدنيا، ومثلها معها؟ قال: يا رب أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟“ فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألوني ممّ أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: ”من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر“. [صحيح مسلم وغيره](13)

في هذا دليل واضح على أن الله يضحك حقيقة، فالنبي صلى الله عليه وسلم ضحك من ضحك الله عز وجل، وضحكه -سبحانه- ليس كضحك المخلوقين، وكيفيته لا يعلمها إلا الله عز وجل، وما علينا إلا الإيمان والتسليم.


[size=5][b]
فهم السلف الصالح لنصوص الصفات:[/b][/size]

ثبت عن عدد من أئمة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم فتابعيهم، أقوال وأفعال تدل على أنهم فهموا هذه الصفات على الحقيقة كما هو ظاهر النص، فأثبتوها لله عز وجل من غير تشبيه ولا تكييف ولا تحريف بالمجازات، وما يلي ذكرٌ لمجموعةٍ منها:
[color=blue][b]
- أم المؤمنين عائشة (ت. 58 هـ) رضي الله عنها:[/b][/color]
قالت في صفة السمع لله عز وجل: «الحمد لله الذي وسع سمْعُه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تُكلمه، وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل الله عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة : 1] إلى آخر الآية».(14)
[color=blue][b]
- الصحابي ابن مسعود (ت. 33 هـ) رضي الله عنه:[/b][/color]
عن عبد الله بن مسعود -رضى الله عنه- قال: جاء حبر من اليهود فقال: "إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السموات على إصبع ، والأرضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يهزهن، ثم يقول: أنا الملك أنا الملك." فلقد رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه تعجبا وتصديقا لقوله؛ ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر : 67]

فابن مسعود رضي الله عنه فهم أن ضحك النبي صلى الله عليه وسلم كان لتعجبه وتصديقه لقول اليهودي، من أن الخلائق يوم القيامة ستكون على أصابع الله عز وجل حقيقة، ولكن من غير تشبيهها بصفة المخلوقين، وكيفيتها لا يعلمها إلا هو سبحانه، وواجبنا الإيمان والتسليم.

[color=blue][b]- سليمان الأعمش (ت. 148 هـ) :[/b][/color]
روى الأعمش قول النبي صلى الله عليه وسلم: ”إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يُقلبها“ [حديث صحيح]،[color=blue][b] ثم أشار بإصبعيه[/b][/color](15).

[color=blue][b]- حماد بن أبي حنيفة (ت. 176هـ) :[/b][/color]
قال في مناظرة له مع المبتدعة: «قلنا لهؤلاء : أرأيتم قول الله عز وجل{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر : 22] وقوله عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة : 210] فهل يجيء ربنا كما قال؟ وهل يجيء الملك صفًا صفًا؟ » قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفا صفا، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك، ولا ندري كيف جيئته. فقلنا لهم: «إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته، ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أرأيتم من أنكر أن الملك لا يجيء صفا صفا، ما هو عندكم؟ » قالوا: كافر مكذب.
قلنا: «فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب». (16)

[b][color=blue]- حمّاد بن زيد (ت. 179 هـ) :[/color][/b]
قال: «مَثَلُ الجهمية مثل رجل قيل له: أفي دارك نخلة؟ قال: نعم. قيل: فلها خوص؟ قال: لا. قيل: فلها سعف؟ قال: لا. قيل: فلها كرب؟ قال: لا. قيل: فلها جذع؟ قال: لا. قيل: فلها أصل؟ قال: لا. قيل: فلا نخلة في دارك. هؤلاء مِثل الجهمية قيل لهم:
لكم ربّ؟ قالوا: نعم. قيل: يتكلم؟ قالوا: لا. قيل: فله يد(17)؟ قالوا: لا. قيل: فله قدم(18)؟ قالوا: لا. قيل: فله إصبع؟ قالوا: لا. قيل: فيرضى ويغضب؟ قالوا: لا. قيل: فلا رب لكم! » إسناده صحيح.(19)

[color=blue][b]- يحيى بن سعيد القطان (ت. 198 هـ) :[/b][/color]
قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل: سمعت أبـي رحمه الله: حدثنا يحيى بن سعيد بحديث سفيان ... عن النبي صلى الله عليه وسلم: ”أن الله يمسك السموات على أصبع“ قال أبي رحمه الله: جعل يحيى يشير بأصابعه، وأراني أبي كيف جعل يشير بأصبعه، يضع أصبعا أصبعا حتى أتى على آخرها.(20)

[color=blue][b]- أبو معمر الهذلي (ت. 236 هـ) :[/b][/color]
قال: «من زعم أن الله عز وجل لا يتكلم، ولا يسمع، ولا يبصر، ولا يغضب، ولا يرضى -وذكر أشياء من هذه الصفات-، فهو كافر بالله عز وجل، إن رأيتموه على بئر واقفًا فألقوه فيها، بهذا أدين الله عز وجل، لأنهم كفار بالله»(21) إسناده صحيح.

[color=blue][b]- الإمام أحمد بن حنبل (ت. 241 هـ) :[/b][/color]
روى الخلال في كتابه "السنة" أن أبا بكر المروزي حدث بحديث ”إن الله يمسك السموات على أصبع“ عن الإمام أحمد وقال: رأيت أبا عبد الله يشير بإصبع إصبع.(22)
[color=blue][b]
- عمرو بن عثمان المكي الصوفي (297 هـ) :[/b][/color]
قال في كتابه "أداب المريدين والتعرف لأحوال العبّاد" في باب: ما يجيء به الشياطين للتائبين : «وأما الوجه الثالث الذي يأتي به الناس إذا هم امتنعوا عليه واعتصموا بالله، فإنه يوسوس لهم في أمر الخالق ليفسد عليهم أحوال التوحيد ...» وذكر كلاما طويلا إلى أن قال: «فهذا من أعظم ما يوسوس به في التوحيد بالتشكيك، وفي صفات الرب بالتشبيه والتمثيل، أو بالجحد لها والتعطيل، وأن يُدخل عليهم مقاييس عظمة الرب بقدر عقولهم؛ فيهلكوا إن قبلوا، أو يضعضع(23) أركانهم، إلا أن يلجأوا في ذلك إلى العلم، وتحقيق المعرفة بالله عز وجل من حيث أخبر عن نفسه، ووصف به رسوله؛ فهو تعالى القائل: {أنا الله} لا الشجرة. الجائي هو لا أمره، المستوي على عرشه بعظمة جلاله دون كل مكان، الذي كلم موسى تكليما، وأراه من آياته عظيمًا، فسمع موسى كلام الله الوارث لخلقه، السميع لأصواتهم، الناظر بعينه إلى أجسامهم، [b][u]يداه مبسوطتان[color=blue] وهما غير نعمته وقدرته[/color]، وخلق آدم بيده»[/u][/b](24).



[b]أقوال أئمة السنة ممن جاء بعدهم:[/b]

[color=blue]- ابن جرير الطبري (ت. 310 هـ) :[/color]
ذكر مجموعة من الصفات منها: اليد، والسمع، وصفة النزول، والبصر، والضحك، وغيرها مما ثبت في نصوص القرآن والسنة، ثم قال: «فإن قال لنا قائلٌ: فما الصواب من القول في معاني هذه الصفات التي ذكرت، وجاء ببعضها كتاب الله عز وجل ووحيه، وجاء ببعضها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قيل: الصواب من هذا القول عندنا: أن نُثبت حقائقها على ما نعرف من جهة الإثبات، ونفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه –جل ثناؤه- فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى : 11]».(25)

[color=blue][b]- أبو العباس السراج الشافعي (ت. 313 هـ) :[/b][/color]
قال: «من لم يقر ويؤمن بأن الله تعالى: يعجب، ويضحك، وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: ”مَن يسألني فأعطيه؟“؛ فهو زنديق كافر، يُستتاب، فإن تاب وإلا ضُرب عنقه»(26).
[color=blue][b]
- أبو أحمد الكرجي القصاب (ت. 360 هـ) :[/b][/color]
قال في كتاب "السنة" له: «كل صفة وصف الله بها نفسه أو وصف بها نبيه، فهي صفةٌ حقيقةً لا مجازًا»(27).

[color=blue][b]- أبو عمر الطلمنكي المالكي (ت. 429 هـ) :[/b][/color]
قال في كتاب "الوصول إلى معرفة الأصول" : (قال قوم من المعتزلة والجهمية: لا يجوز أن يسمى الله عز وجل بهذه الإسماء على الحقيقة ويسمى بها المخلوق. فنفوا عن الله الحقائق من أسمائه، وأثبتوها لخلقه، فإذا سُئلوا ما حملهم على هذا الزيغ؟
قالوا: الإجتماع في التسمية يوجب التشبيه. قلنا: هذا خروج عن اللغة التي خوطبنا بها لأن المعقول في اللغة أن الإشتباه في اللغة لا تحصل بالتسمية، وإنما تشبيه الأشياء بأنفسها أو بهيئات فيها كالبياض بالبياض، والسواد بالسواد، والطويل بالطويل، والقصير بالقصير، ولو كانت الأسماء توجب إشتباها لاشتبهت الأشياء كلها لشمول إسم الشيء لها، وعموم تسمية الأشياء به، فنسألهم: أتقولون إن الله موجود؟ فإن قالوا: نعم، قيل لهم: يلزمكم على دعواكم أن يكون مشبها للموجودين»(28).

[color=blue][b]- أبو الحسن ابن القزويني الشافعي (ت. 442 هـ) :[/b][/color]
أخرج الخليفة العباسي القائم بأمر الله الاعتقاد القادري في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، فقُرئ في الديوان، وحضر الزهاد والعلماء، وممن حضر: الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني، فكتب بخطه تحته قبل أن يكتب الفقهاء: «هذا قول أهل السنة، وهو اعتقادي، وعليه اعتمادي».
ومما جاء في الاعتقاد القادري: «وما وصف الله سبحانه به نفسه، أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو صفات الله عز وجل على حقيقته لا على سبيل المجاز»(29).

[color=blue][b]- ابن عبد البر المالكي (ت. 463 هـ) :[/b][/color]
قال في "التمهيد": «أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يُكيّفون شيئا من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة. وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج؛ فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة، ويزعمون أن من أقَرّ بها مُشبّه»(30).
وقال في "الاستذكار": «أقول: إن الله ليس بظلام للعبيد، ولو عذبهم لم يكن ظالمًا لهم، ولكنْ جلّ مَن تَسمّى بالغفور الرحيم الرءوف الحكيم، أن تكون صفاته إلا حقيقةً لا إله إلا هو، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } [الأنبياء : 23]»(31).
[color=blue][b]
- أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني الشافعي (ت. 535 هـ) :[/b][/color]
قال: «ولا يجوز إضافة المجاز إلى صفات الله تعالى». (32)

[color=blue][b]- ابن القيم الحنبلي (ت. 751 هـ) :[/b][/color]
قال في "إعلام الموقعين" : «وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانا ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكاتب والسنة كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم؛ لم يسوموها تأويلا، ولم يحرفوها عن مواضعها تبديلا، ولم يبدوا لشيء منها إبطالا، ولا ضربوا لها أمثالا، ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها، ولم يقل أحد منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها، بل تلقوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإيمان والتعظيم، وجعلوا الأمر فيها كلها أمرًا واحدًا، وأجروها على سنن واحد.»

[b]- ابن رجب الحنبلي (ت. 795 هـ) :[/b]
قال في "ذيل طبقات الحنابلة"، في ترجمة الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي:
«وأما قوله: "ولا أنزهه تنزيهاً ينفي حقيقة النزول"، فإنْ صح هذا عنه، فهو حق، وهو كقول القائل: لا أنزهه تنزيهاً ينفي حقيقة وجوده، أو حقيقة كلامه، أو حقيقة علمه، أو سمعه وبصره، ونحو ذلك».
وغيرهم، اقتصرنا على مَن ذكرنا اختصارًا.

وبهذا يتبين أن الحق هو إثبات هذه الصفات كما جاءت في نصوص الكتاب والسنة، نثبتها لله عز وجل حقيقةً من غير تشبيه ولا وصفٍ لكيفيتها، ومن لم يبلغ ذلك عقله، فعليه التسليم، فلم يوجب الله علينا إدراكه.
[b]______________[/b]
(1) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص532) من طريق ابن أبي حاتم الذي رواه في "الرد على الجهمية" عن عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي [وهو صدوق (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 5/163)] عن نعيم بن حماد. سير أعلام النبلاء للذهبي (ج10 ص610) بسندٍ آخر؛ تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر (ج62 ص163) بسنده.
(2) رواه عنه تلميذه أبو عيسى الترمذي في سننه: سنن الترمذي (ج2 ص42).
(3) نكتب القرآن لأبي أحمد القصاب (ج4 ص68) تحقيق: علي بن غازي التويجري – دار ابن القيم ودار ابن عفان – الطبعة الأولى 1424هـ/ 2003م
(4) قال وكيع: يعني نفسه. (سنن ابن ماجه 1/70) طبعة دار الرسالة.
(5) سنن ابن ماجه رقم 93 (ج1 ص70) - دار الرسالة العالمية؛ قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح. وأخرجه ابن عساكر في معجم الشيوخ وقال: حديث صحيح (ج1 ص61-62) تحقيق الدكتورة وفاء تقي الدين – دار البشائر – الطبعة الأولى؛ ورواه الإمام أحمد في مسنده (ج6 ص55=56) طبعة مؤسسة الرسالة.
(6) معاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج (ج2 ص112)
(7) البداية والنهاية لابن كثير (ج1 ص390) تحقيق: عبد الله التركي، دار هجر.
(8) إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس (ج1 ص507) تحقيق: زهير زاهد، الناشر: عالم الكتب.
(9) جزء فيه قراءات النبي لأبي عمر الدوري (ص84) تحقيق: حكمت بشير ياسين؛ سنن أبي داود (ج5 ص241) بتحقيق محمد عوامة، تفسير ابن أبي حاتم (ج3 ص987) تحقيق: أسعد محمد الطيب. قال ابن حجر في فتح الباري: أخرجه أبو داود بسند قوي على شرط مسلم (13/385)
(10) المهذب في اختصار السنن الكبير (ج 8 ص1494) تحقيق دار المشكاة العلمية بإشراف أبي تميم ياسر بن إبراهيم- دار الوطن للنشر- الطبعة الأولى 1422هـ - 2001م
(11) صحيح مسلم - كتاب صفة القيامة والجنة والنار (ص1285) دار طيبة - الطبعة الأولى؛ والسنن الكبرى للنسائي (ج7 ص145) مؤسسة الرسالة – الطبعة الأولى؛ وسنن ابن ماجه (ج1 ص137) تحقيق شعيب الأرنؤوط – مؤسسة الرسالة - الطبعة الأولى.
(12) قوله: "ما يصريني منك"؛ أي : ما يقطع مسألتك عني؟ يُقال: صريت الشيء: إذا قطعته. (شرح السنة للبغوي 15/188)
(13) رواه مسلم في صحيحه (ص103-104) دار طيبة- الطبعة الأولى؛ والإمام أحمد في مسنده (ج7 ص14-16) طبعة مؤسسة الرسالة؛ والبزار في مسنده البحر الزخار (ج4 ص273-274) تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله؛ وغيرهم.
(14) مسند الإمام أحمد (ج40 ص228)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه البخاري في صحيحه – كتاب التوحيد/ باب قوله تعالى (إن الله كان سميعا بصيرا)؛ والنسائي في سننه؛ وأبو الشيخ في "العظمة" (ج2 ص537)، وغيرهم.
(15) سنن ابن ماجه (ج5 ص9-10) طبعة دار الرسالة العالمية.
(16) رواه أبو عثمان الصابوني في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث" عن كتاب أبي عبد الله محمد بن أحمد أبي حفص البخاري، والذي رواه عن عبد الله بن عثمان الملقب بعبدان، عن محمد بن الحسن الشيباني، عن حماد بن أبي حنيفة. (ص 233-234) بتحقيق الجديع، و(ص63) بتحقيق أبو اليمين المنصوري.
(17) من أدلة صفة اليد لله عز وجل قوله تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص : 75]
(18) دليل صفة القَدم لله عز وجل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ”لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول: قط قط وعزتك. ويزوى بعضها إلى بعض.“ حديث صحيح مُتفق عليه [صحيح البخاري ومسلم].
(19) رواه ابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"، قال: "حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني، حدثنا أبي، عن سليمان بن حرب، قال: قال حماد بن زيد: ..." وذكره. شرح مذاهب أهل السنة (ص34-35) تحقيق: عادل بن محمد.
وذكره أبو يعلى في "إبطال التأويلات" عن أبي القاسم عبد الكريم (ج1 ص55)، و أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني التيمي في "الحجة في بيان المحجة".
(20) كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل (ج1 ص264) تحقيق: محمد بن سعيد القحطاني – دار ابن القيم. وذكر مثله أبو يعلى في "إبطال التأويلات" عن أبي طالب، فقال: "نص عليه أحمد في رواية أبي طالب: سُئل أبو عبد الله عن حديث الخبر ”يضع السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع“ يقول إلا شار بيده هكذا؛ أي: يشير، فقال أبو عبد الله (الإمام أحمد) : "رأيت يحيى يحدث بهذا الحديث ويضع إصبعا إصبعا ..." (إبطال التأويلات لأبي يعلى 2/322).
ورواه عن الإمام عبد الله بن أحمد: الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"، قال: "وكذا خرجه أحمد بن حنبل في كتاب "السنة" عن يحيى بن سعيد وقال: وجعل يحيى يشير بأصبعه يضع أصبعا على أصبع حتى أتى على آخرها." (فتح الباري 13/409)
(21) رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في "السنة" (ج1 ص281)، قال: سمعت أبا معمر الهذلي يقول: ... ؛ ورواه ابن النجاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق" (ص5-6) عن شيخه الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (ج7 ص254) بسنده إلى ابن النجاد.
(22) فتح الباري لابن حجر - عن أبي بكر الخلال- (ج13 ص409) تحقيق: عبد القادر شيبة الحمد.
(23) الضعضعة: الضعف، والذل والخضوع. (انظر: العين للفراهيدي 1/72؛ وجمهرة اللغة لابن دريد 1/156)
(24) اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (ج2 ص274) دراسة وتحقيق: د. عواد المعتق- الطبعة الأولى، والعرش للذهبي (ج2 ص271-272) تحقيق: د. محمد بن خليفة التميمي- الطبعة الأولى.
(25) التبصير في معالم الدين للطبري (ص140) تحقيق: الشبل، دار العاصمة.
(26) "تذكرة الحفاظ" للذهبي (ج2 215) تحقيق: زكريا عميرات، طبعة دار الكتب العلمية بيروت؛ و"سير أعلام النبلاء" أيضا للذهبي (ج14 ص396) طبعة مؤسسة الرسالة.
(27) "تذكرة الحفاظ" للذهبي (ج3 ص101)، و"العلو للعلي الغفار" (ص239)؛ و"درء تعارض العقل والنقل" لابن تيمية (ج3 ص229) طبعة دار الكنوز الأدبية – الرياض.
(28) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص246)
(29) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (ج2 ص370-371) تحقيق: عبد الرحمن العثيمين؛ والمنتظم لابن الجوزي (ج15 ص279) تحقيق: محمد ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية- بيروت.
(30) "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" لابن عبد البر (ج7 ص145) – الحديث الخامس والعشرون.
(31) الاستذكار لابن عبد البر (ج8 ص403) طبعة دار قتيبة-بيروت، ودار الوعي- القاهرة، الطبعة الأولى 1414هـ - 1993م
(32) الحجة في بيان المحجة لأبي القاسم إسماعيل الأصبهاني (ج1 ص446) تحقيق: محمد بن ربيع المدخلي- دار الراية.

أم عبد الله 07-15-2012 05:08 PM

[center][size=5][color=blue][b]شبة :هل إثبات الصفات على الحقيقة تشبيه ؟![/b][/color][/size][/center]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد

[b]سيكون جواب هذا السؤال في عدة نقاط:[/b]


1. إثبات الصفات على الحقيقة – لا المجاز – لا يلزم منه التشبيه، فكما لم يلزم من إثبات ذاتٍ حقيقية، وحياة حقيقية، وعلم حقيقي، تشبيه؛ فإنه لا يلزم التشبيه من إثبات باقي الصفات الثابتة في القرآن والسنة على الحقيقة؛ لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يحذو حذوه.

[b][color=blue]قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني (ت. 535 هـ) :[/color][/b]
«قال أهل السنة: نَصِف الله بما وَصَف به نفسه، ونؤمن بذلك إذ كان طريق الشرع الاتباع لا الابتداع، مع تحقيقنا أن صفاته لا يشبهها صفات، وذاته لا يشبهها ذات، وقد نفى الله تعالى عن نفسه التشبيه بقوله : {ليس كمثله شيء} فمن شبه الله بخلقه فقد كفر؛ وأثبت لنفسه صفات فقال {وهو السميع البصير}. وليس في إثبات الصفات ما يُفضي إلى التشبيه، كما أنه ليس في إثبات الذات ما يفضي إلى التشبيه، وفي قوله : {ليس كمثله شيْءٌ} دليل على أنه ليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات.) (1)



2. لو كان إثباتها حقيقةً تشبيهًا، لكان النبي صلى الله عليه وسلم أول المشبّهين بفعله، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكْبُو مرة، وتسفَعُه النار مرة» إلى أن قال -صلى الله عليه وسلم-: ”ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأُوليَيْن، فيقول: أي رب، أدنِني من هذه لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب، هذه لا أسألك غيرها. وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليها، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمِع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب أدخلنيها. فيقول: يا ابن آدم، ما يَصْريني منك؟ أيُرضيك أن أعطيك الدنيا، ومثلها معها؟ قال: "يا رب أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟" “ فضحك ابن مسعود فقال: «ألا تسألوني ممّ أضحك؟» فقالوا: "مم تضحك؟" قال: «هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقالوا: "ممّ تضحك يا رسول الله؟" قال: ”من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر“. [صحيح مسلم وغيره]

ومقصود النبي صلى الله عليه وسلم من فعله هو تأكيد أن ضحك الله عز وجل حقيقي وليس أن ضحك الله عز وجل كضحكه صلى الله عليه وسلم، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يشبه صفات الله عز وجل والله يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى : 11]؛ فهذا دليل على أن إثبات الصفات على الحقيقة ليس بتشبيه.

وانظر لمشاركة السابقة لمزيدٍ من الأمثلةِ المشابهةِ لهذا الحديث.



3. ما يلزم في المخلوق لا يلزم في الخالق، فالقول بأن إثبات صفة اليد أو العين يلزم منه أنها عضو أو جارحة، باطل؛ لأن صفة الله هي الأصل، فالله متصف بصفة اليد(2) منذ الأزل قبل وجود أيدي المخلوقات، وأيدي المخلوقات محدثة، خلقها الله وسمّاها باسم صفته، وجعلها بكيفية تُناسب ذواتنا التي هي أجسام مركبة، أما صفات الله فهي على صفة تليق بذاته عز وجل، لا علم لنا بكيفيتها. وقد جعل الله لنا بعض الصفات التي توافق صفاته في الاسم لأجل الفهم فقط، وذلك حتى نعرف الله عز وجل -من غير إحاطة به-، ولنعظمه ونعبده حق عبادته.
[color=blue][b]
قال الإمام عبد العزيز الماجِشُون (ت. 164 هـ / من تابعي التابعين) في رسالته[/b][/color]: «فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمُّقا وتكلفًا، فقد استهوته الشياطين في الأرض حيران، فصار يستدل بزعمه على جحد ما وصف الرب وسمَّى من نفسه، بأن قال: لا بُد إن كان له كذا مِن أن يكون له كذا، فعمِيَ عن البّيِّن بالخفي، فجحد ما سمَّى الرب من نفسه...» ثم تكلم عن آيات وأحاديث رؤية الله يوم القيامة، وذكر مجموعة من نصوص الصفات كقوله تعالى { قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ص : 75]، وحديث ”لَا تَمْتَلِئُ النَّارُ حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ“ وقوله سبحانه: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر : 67]، ثم قال: « فوالله ما دلَّهم على عظم ما وصف به نفسه، وما تحيط به قبضته، إلا صغر نظيرها منهم عندهم – إنّ ذلك الذي أُلقِيَ في رُوعهم (3)، وخلق على معرفته قلوبهم، فما وصف الله من نفسه وسمّاه على لسان رسوله سميناه كما سماه، ولم نتكلف منه علم ما سواه، لا هذا، ولا هذا، ولا نجحد ما وصف، ولا نتكلف معرفة ما لم يصف.» (4)

وعن شقيق بن سلمة أن شريحًا قرأ: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات : 12]؛ قال شريح: إن الله لا يعجب من شيء، إنما يعجب من لا يعلم. قال الأعمش: فذكرته لإبراهيم (النخعي / ت. 196 هـ) فقال: «إن شريحا كان يعجبه رأيه، إن عبد الله (بن مسعود) كان أعلم من شريح ، وكان عبد الله يقرؤها {بل عجبتُ} (بضم التاء) » ا.هـ(5). أي أن الذي يعجب هو الله عز وجل.

[b]قال أبو جعفر النحَّاس (ت. 338 هـ) [/b]: «وهذا الذي قاله - أي شريح- لا يلزم، وبضم التاء قرأ علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس ... فالله جل وعز العالم بالأشياء، وبما يكون، ولكن لا يقع التعجب إلا بعد الكون. فهو منه جل وعلا خلافُه من الآدميين؛ لأنه قد علمه قبلُ وبعدُ»(6).
والصحيح أنه قد يقع التعجب من المخلوقين حتى حال علمهم بالشيء، فمثلا: نحن نعلم أن عظمة الله عز وجل ليس لها حدود، ولكن مع ذلك نحن نتعجب كلما نظرنا إلى السماء والنجوم وعجائب خلق الله عز وجل.



4. الاعتراض على بعض الصفات الواردة في الكتاب والسنة على أنها جارحة وأعضاء، كصفة اليد والقَدم، لم يكن معروفا في عهد السلف رحمهم الله إلا عند أهل البدع كالجهمية وغيرهم، أما السلف الصالح فكانوا يؤمنون بها كما جاءت، ويقولون عن كل الصفات: «[color=blue]أمروها كما جاءت بلا كيف[/color]»، أي أمروها على ظاهرها دون السؤال عن تلك الصفة: كيف هي؟ بل يفوضون كيفيتها لله عز وجل. وكون اليد عضو وجارحة هو من كيفية صفات المخلوقين، والله ليس كمثله شيء، ويد الله عز وجل على كيفية لا تشبه كيفية صفات المخلوقين، وهي من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا هو سبحانه، وواجبنا الإيمان والتسليم

[b]صح عن الصحابي عبد الله بن عباس (ت. 68 هـ) –رضي الله عنهما-[/b] أنه أنكر على من استنكر شيئا من نصوص الصفات بزعم أن الله منزه عما تدل عليه تلك الآيات أو الأحاديث؛ فروى عبد الرزاق في "مصنفه" ... أن طاووس بن كيسان قال: سمعت رجلاً يُحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة : ”تحاجت الجنة والنار“، وفيه: ”فلا تمتلي حتى يضع رجله“ -أو قال: ” قدمه - فيها“؛ فقام رجل فانتفض، فقال ابن عباس –رضي الله عنه- : « ما فَرَقُ هؤلاء؟! يجدون عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه ». (7)

[b][color=blue]قال الحافظ عثمان الدارمي (ت. 280 هـ) [/color][/b]في رده على بِشر المريسي المعتزلي:
«فيقال لهذا المعارض: أما دعواك عليهم (أي أصحاب الحديث) أنهم ثبتوا له سمعا وبصرًا، فقد صدقت. وأما دعواك عليهم أنه كعينٍ وكسمعٍ فإنه كذب ادعيت عليهم؛ لأنه ليس كمثله شيء، ولا كصفاته صفة. وأما دعواك أنهم يقولون: "جارح مركب" فهذا كفر لا يقوله أحد من المسلمين، ولكنا نثبت له السمع والبصر والعين بلا تكييف، كما أثبته لنفسه فيما أنزل من كتابه، وأثبته له الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وهذا الذي تكرره مرة بعد مرة: جارح وعضو وما أشبهه، حشو وخرافات، وتشنيع لا يقوله أحد من العالمين: وقد روينا روايات السمع والبصر والعين في صدر هذا الكتاب بأسانيدها وألفاظها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنقول كما قال، ونعني بها كما عنى والتكييف عنا مرفوع، وذكر الجوارح والأعضاء تكلف منك وتشنيع»(8).



5. لا دليل من القرآن، أو السنة، أو أثر عن أحد من السلف على أن نصوص الصفات ليست على ظاهرها، ولا أن الصفات على المجاز وليس الحقيقة، ولا أن إثبات الصفات على الحقيقة تشبيه، بل إن الجهمية كانوا ينفون ويؤولون الصفات لاعتقادهم أن إثباتها على الحقيقة تشبيه فسمَّاههم السلف: معطلة. أما قوله تعالى {ليس كمثله شيء}،
[color=blue][b]فقد قال الحافظ عثمان الدارمي رحمه الله:[/b][/color] «ونحن نقول كما قال ابن عباس: ليس لله مثل ولا شبه، ولا كمثله شيء، ولا كصفاته صفة، فقولنا: {ليس كمثله شيء} أنه شيء أعظم الأشياء، وخالق الأشياء، وأحسن الأشياء، نور السموات والأرض. وقول الجهمية: {ليس كمثله شيء} يعنون أنه لا شيء ... واتخذوا قوله تعالى: {ليس كمثله شيء} دِلْسَةً على الجهال ليروجوا عليهم بها الضلال، كلمةُ حق يبتغى بها باطل. ولئن كان السفهاء في غلط من مذاهبهم، إن الفقهاء منهم على يقين»(9).



6. لو كان اعتقاد ظاهر النصوص تشبيهًا لحذر منه السلف الصالح، لأن الأصل في الكلام أن يكون على ظاهره، والناس يأخذون بظاهر الكلام ما لم يرد دليل على أن الظاهر غير مُراد.

[b]قال الحافظ ابن رجب الحنبلي (ت. 795 هـ) رحمه الله[/b]: «وزعموا أن ظاهر ما يدل عليه الكتاب والسنة تشبيه، وتجسيم، وضلال، واشتقّوا من ذلك -لمن آمن بما أنزل الله على رسوله- أسماء ما أنزلَ اللهُ بها من سلطان؛ بل هي افتراءٌ على الله، يُنفّرون بها عن الإيمان بالله ورسوله. وزعموا أنّ ما ورد في الكتاب والسنة من ذلك - مع كثرته وانتشاره - من باب التوسع والتجوز، وأنه يُحمل على مجازات اللغة المستبعدة، وهذا من أعظم أبواب القدحِ في الشريعة المحكمةِ المُطهّرةِ، وهو من جِنس حَمْل الباطنية نصوصَ الإخبار عن الغُيوبِ؛ كالمعاد والجنة والنار على التوسع والمجاز دون الحقيقة، وحملِهم نصوص الامر والنهي عن مثل ذلك، وهذا كله مروق عن دين الإسلام.
ولم ينه علماء السلف الصالح وأئمة الإسلام كالشافعي وأحمد وغيرهما عن الكلام، وحذّروا عنه، إلا خوفاً من الوقوع في مثل ذلك، ولو علم هؤلاء الأئمة أن حمل النصوص على ظاهرها كفر لوجب عليهم تبيينُ ذلك وتحذير الأمة منه؛ فإن ذلك من تمامِ نصيحةِ المسلمين ، فكيف كان ينصحون الأمة فيما يتعلق بالاحكام العملية ويَدَعون نصيحتَهم فيما يتعلق بأصول الاعتقادات، هذا من أبطل الباطل)(10).



7. التشبيه يكون في الكيفية، وليس في إثبات الصفة التي أثبتها الله لنفسه وأثبتها له رسوله -صلى الله عليه وسلم- دون الخوض في كيفيتها؛ قال ابن عبد البر المالكي (ت. 463 هـ) : (ومحال أن يكون من قال عن الله ما هو في كتابه منصوص مشبها إذا لم يكيف شيئا وأقر أنه ليس كمثله شيء). (11)

[color=blue][b]وقال ابن خزيمة (ت. 311هـ) رحمه الله[/b][/color]، مُبيِّنًا أن إثبات الصفة على الحقيقة ليس بتشبيه:
«وزعمت الجهمية -عليهم لعائن الله- أن أهل السنة ومتبعي الآثار القائلين بكتاب ربهم وسنة نبيهم، المثبتين لله عز وجل من صفاته ما وصف الله به نفسه في محكم تنزيله المثبت بين الدفتين، وعلى لسان نبيه المصطفى بنقل العدل عن العدل موصولا إليه، مشبهة جهلا منهم بكتاب ربنا وسنة نبينا، وقلة معرفتهم بلغة العرب الذين بلغتهم خوطبنا.

وقد ذكرنا من الكتاب والسنة في ذكر وجه ربنا بما فيه الغنية والكفاية. ونزيده شرحًا فاسمعوا الآن أيها العقلاء: ما نذكر من جنس اللغة السائرة بين العرب، هل يقع اسم المشبهة على أهل الآثار ومتبعي السنن؟

نحن نقول وعلماؤنا جميعا في جميع الأقطار: أن لمعبودنا عز وجل وجهًا كما أعلمنا الله في محكم تنزيله، فذوّاه (12) بالجلال والإكرام، وحكم له بالبقاء، ونفى عنه الهلاك.
ونقول: إن لوجه ربنا عز وجل من النور والضياء والبهاء ما لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره، محجوب عن أبصار أهل الدنيا، لا يراه بشر ما دام في الدنيا الفانية.

ونقول: إن وجه ربنا القديم لا يزال باقيا، فنفى عنه الهلاك والفناء.
ونقول: إن لبني آدم وجوها كتب الله عليها الهلاك، ونفى عنها الجلال والإكرام، غير موصوفة بالنور والضياء والبهاء التي وصف الله بها وجهه. تدرك وجوه بني آدم أبصار أهل الدنيا، لا تحرق لأحد شعرة فما فوقها لنفي السبحات عنها التي بيّنها نبينا المصطفى لوجه خالقنا.
ونقول: إن وجوه بني آدم محدثة مخلوقة، لم تكن فكوّنها الله بعد أن لم تكن مخلوقة، أوجدها بعد ما كانت عَدَمًا، وإن جميع وجوه بني آدم فانية غير باقية، تصير جميعا ميتًا، ثم تصير رميمًا، ثم ينشئها الله بعد ما قد صارت رميما، فتلقى من النشور والحشر والوقوف بين يدي خالقها في القيامة ومن المحاسبة بما قدمت يداه، وكسبه في الدنيا، ما لا يعلم صفته غير الخالق البارئ. ثم تصير إما إلى جنة منعمة فيها، أو إلى النار معذبة فيها، فهل يخطر -يا ذوى الحجا- ببال عاقل مركب فيه العقل، يفهم لغة العرب، ويعرف خطابها، ويعلم التشبيه، أن هذا الوجه شبيه بذاك الوجه ؟
وهل ها هنا -أيها العقلاء- تشبيه وجه ربنا جل ثناؤه الذى هو كما وصفنا وبينا صفته من الكتاب والسنة بتشبيه وجوه بني آدم التي ذكرناها ووصفناها غير اتفاق اسم الوجه، وإيقاع اسم الوجه على وجه بني آدم كما سمّى الله وجهه وجها ؟
ولو كان تشبيها من علمائنا لكان كل قائل: أن لبني آدم وجها، وللخنازير، والقردة، والكلاب، والسباع، والحمير، والبغال، والحيات، والعقارب، وجوهًا قد شبه وجوه بني آدم بوجوه الخنازير والقردة والكلاب وغيرها مما ذكرت. ولست أحسب أن أعقل الجهمية المعطلة عند نفسه، لو قال له أكرم الناس عليه: وجهك يشبه وجه الخنزير، والقرد، والدب، والكلب، والحمار، والبغل، ونحو هذا، إلا غضب، لأنه خرج من سوء الأدب في الفحش في المنطق من الشتم للمشبه وجهه بوجه ما ذكرنا، ولعله بعد يقذفه ويقذف أبويه.
ولست أحسب أن عاقلا يسمع هذا القائل المشبه وجه ابن آدم بوجوه ما ذكرنا إلا ويرميه بالكذب، والزور، والبهت، أو بِالعَتَهِ، والخبل، أو يحكم عليه بزوال العقل، ورفع القلم، لتشبيه وجه ابن آدم بوجوه ما ذكرنا. فتفكروا يا ذوى الألباب: أوجوه ما ذكرنا أقرب شبها بوجوه بني آدم أو وجه خالقنا بوجوه بني آدم ؟
فإذا لم تطلق العرب تشبيه وجوه بني آدم بوجوه ما ذكرنا من السباع، واسم الوجه قد يقع على جميع وجوهها كما يقع اسم الوجه على وجوه بني آدم، فكيف يلزم أن يقال لنا: أنتم مشبهة؟
ووجوه بني آدم ووجوه ما ذكرنا من السباع والبهائم محدثة، كلها مخلوقة، قد قضى الله فناءها وهلاكها، وقد كانت عَدَمًا فكوّنها الله وخلقها وأحدثها. وجميع ما ذكرناه من السباع والبهائم لوجوهها أبصار، وخدود، وجباه، وأنوف، وألسنة، وأفواه، وأسنان، وشفاه؛ ولا يقول مركب فيه العقل لأحد من بني آدم: وجهك شبيه بوجه الخنزير، ولا عينك شبيهة بعين قرد، ولا فمك فم دب، ولا شفتاك كشفتي كلب، ولا خدك خد ذئب، إلا على المشاتمة كما يرمي الرامي الإنسان بما ليس فيه.
فإذا كان ما ذكرنا على ما وصفنا، ثبت عند العقلاء وأهل التمييز أن من رمى أهل الآثار، القائلين بكتاب ربهم وسنة نبيهم، بالتشبيه، فقد قال الباطل والكذب والزور والبهتان، وخالف الكتاب والسنة، وخرج من لسان العرب»(13).
[b]_________[/b]
(1) الحجة في بيان المحجة لاسماعيل الأصبهاني (ج2 ص186)
(2) من أدلة صفة اليد لله عز وجل قوله تعالى { قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ص : 75]
(3) رُوع القلب: ذِهنُه وخَلَدُه. يُقال: رجع إليه رُوعُه ورُواعُه إذا ذهب قلبه ثم تاب إليه. (كتاب العين للخليل الفراهيدي 2/242)
(4) نقله ابن تيمية في تلبيس الجهمية (ج2 ص167-168)، وفي رسالته العرشية (ج1 ص20)؛ ورواه ابن بطة في الإبانة بسنده إلى الماجشون؛ وروى اللالكائي جزءًا من الرسالة في كتابه "شرح اعتقاد أصول أهل السنة" (ج3 ص502) من طريق ابن أبي حاتم الذي رواه بسنده إلى الماجشون في كتابه "الرد على الجهمية" .
(5) الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص415)؛ وتفسير عبد الرزاق الصنعاني (ج2 ص142)؛ ومعاني القرآن للفراء (ج2 ص384)
(6) معاني القرآن للنحاس (ج6 ص16) تحقيق: محمد علي الصابوني.
(7) رواه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه بسند رواته ثقات (ج11 ص423) تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي -الطبعة الأولى - منشورات المجلس العلمي؛ ورواه أيضا في تفسيره (ج2 ص239) . ورواه ابن أبي عاصم في "السنة" (ج1 ص339)
(8) نقض الدارمي (ج2 ص688-689)
(9) نقض الدارمي (ج2 ص909- 910)
(10) فتح الباري لابن رجب الحنبلي (ج7 ص230-231)
(11)الاستذكار لابن عبد البر (ج2 ص528)
(12) أي وصفه بـ« ذو »
(13) كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب لابن خزيمة (ج1 ص53)

أم عبد الله 07-15-2012 05:16 PM

[center][b]قال الله تعالى: {[color=blue]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[/color]}
[size=5]ما هو التشبيه وما حكمه؟![/size][/b][/center]


[b]مقدمة:[/b]
مر معنا في مقدمة [color=indigo]عقيدة السلف في صفات الله عز وجل[/color] أن الأسس التي تقوم عليها عقيـدة الإسلام في الصفات هي:
- إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الصفات والإيمان بها
- تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات
- عدم الخوض في كيفية صفات الله
وهذا المقال سيتحدث عن الأساس الثاني وهو تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات، وعدم تشبيه ذاته وصفاته بذوات المخلوقين وصفاتهم.



[color=blue][b]تعريف التشبيه:[/b][/color]
في اللغة: الشِّبْهُ والشَّبَهُ والشَّبِيهُ: المِثْلُ، والجمع أَشْباهٌ، وأَشْبَه الشيءُ الشيءَ: مَاثَله.(1) فالتشبيه: التمثيل.(2)
وشَبَّه: إذا ساوَى بين شيءٍ وشيء. (3)

[color=blue][b]قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني (ت. 535 هـ)[/b][/color] : «وأما التشبيه: فهو مصدر شبّه يشبّه تشبيها، يُقال: شبهت الشيء بالشيء أ مثلته به، وقسته عليه، إما بذاته أو بصفاته، أو بأفعاله.» (4)

[color=blue][b]
الأدلة على تنزيه الله عن التشبيه والتمثيل:[/b][/color]

{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]
قال أبو جعفر النَّحّاس (ت. 338 هـ) عن الكاف في "كمثله" : «الكاف زائدة للتوكيد.» (5)
قال أبو منصور معمر بن أحمد الأصبهاني (ت. 418 هـ) : «فـ{ليس كمثله شيء} ينفي كل تشبيه وتمثيل، {وهو السميع البصير} ينفي كل تعطيل وتأول. فهذا مذهب أهل السنة والجماعة والأثر» (6)
{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم : 65]
سميًّا: أي مثلا أو شبيها
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص : 4]
أي ليس له كفء ولا مثل.



[color=blue][b]التشبيه في صفات الله[/b][/color]

أولا: التشبيه في صفات الله عز وجل يكون بتشبيه صفات لله بصفات المخلوق: كأن يعتقد المسلم أو يقول: حياة الله مثل حياة المخلوقين، أو كلام الله مثل كلام البشر، أو وجه الله كوجه المخلوقين .. إلخ. فيكون نفي التشبيه والتمثيل (أي التنزيه) باعتقاد أن صفات الله عز وجل ليست كصفات المخلوقين، وأنها على صفة تليق بجلال الله وكماله لا نعلمها، وعلينا الإيمان والتسليم.

[color=blue][b]- قال إسحاق بن راهويه (ت. 238 هـ) [/b][/color]: «إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع. فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى فى كتابه: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } » (7)

[color=blue][b]- قال خُشَيْش بن أصرم (ت. 253 هـ)[/b][/color] في "الاستقامة" : «وأنكر جهم أن يكون لله سمع وبصر، وقد أخبرنا الله عز وجل في كتابه، ووصف نفسه في كتابه، قال الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]، ثم أخبر عن خلقه، فقال عز وجل {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان : 2]. فهذه صفة من صفات الله أخبرنا أنها في خلقه، غير أنَّا لا نقول: إن سمعه كسمع الآدميين، ولا بصره كأبصارهم ...) ثم ذكر أدلة على أن الله يسمع ويرى، إضافة إلى صفات أخرى، ثم قال: (فقد وصف الله من نفسه أشياء جعلها في خلقه والذي يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وإنما أوجب الله على المؤمنين اتباع كتابه وسنة رسوله.» (8)

[color=blue][b]- قال عثمان الدارمي (ت. 280 هـ)[/b][/color] في رده على بِشر المريسي المعتزلي:
«وادعى المعارض أيضا أن المقري حدَّث عن حرملة بن عمران عن أبي موسى يونس عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي –صلى الله عليه وسلم أنه قرأ: {سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء : 58] فوضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه (9). وقد عرفنا هذا من رواية المقري وغيره كما روى المعارض، غير أنه ادعى أن بعض كتبة الحديث ثبتوا به بصرًا بعين كعين وسمعًا كسمع جارحًا مركبًا.

فيقال لهذا المعارض: أما دعواك عليهم أنهم ثبتوا له سمعا وبصرا، فقد صدقت. وأما دعواك عليهم أنه كعينٍ وكسمعٍ فإنه كذب ادعيت عليهم؛ لأنه ليس كمثله شيء، ولا كصفاته صفة.
وأما دعواك أنهم يقولون: "جارح مركب" فهذا كفر لا يقوله أحد من المسلمين، ولكنا نثبت له السمع والبصر والعين بلا تكييف، كما أثبته لنفسه فيما أنزل من كتابه، وأثبته له الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وهذا الذي تكرره مرة بعد مرة: جارح وعضو وما أشبهه، حشو وخرافات، وتشنيع لا يقوله أحد من العالمين: وقد روينا روايات السمع والبصر والعين في صدر هذا الكتاب بأسانيدها وألفاظها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنقول كما قال، ونعني بها كما عنى والتكييف عنا مرفوع، وذكر الجوارح والأعضاء تكلف منك وتشنيع.» (10)

[color=blue][b]- قال أبو إسحاق إبراهيم بن شاقلا الحنبلي (ت. 369 هـ)[/b][/color] لأبي سليمان الدمشقي – أحد أتباع ابن كُلاب- في مناظرة بينهما عندما قال له أبو سليمان: "أنتم المشبهة"، قال ابن شاقلا: (حاشا لله، المُشبِّه الذي يقول: وجهٌ كوجهِي، ويَدٌ كَيَدِي، فأما نحن فنقول: له وجهه، كما أثبت لنفسه وجهًا، وله يدٌ، كما أثبتَ لنفسه يَداً، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11] ومن قال هذا فقد سَلِم.) (11)

[color=blue][b]- قال أبو عثمان الصابوني الشافعي (ت. 449 هـ) [/b][/color]: (ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه، فيقولون: إنه خلق آدم بيديه، كما نص سبحانه عليه في قوله –عز من قائل- {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ص : 75]. ولا يحرفون الكلام عن مواضعه، بحمل اليدين على النعمتين، أو القوتين؛ تحريف المعتزلة والجهمية – أهلكهم الله-، ولا يكيفونهما بكيف، أو يشبهونهما بأيدي المخلوقين، تشبيه المشبهة –خذلهم الله-.) (12)

[color=blue][b]- قال ابن البنا الحنبلي (ت. 471 هـ) [/b][/color]: (وأما المشبهة والمجسمة فهم الذين يجعلون صفات الله -عز وجل- مثل صفات المخلوقين، وهم كفار.) (13)

[b]- قال الحافظ الذهبي (ت. 748) [/b]: (ليس يلزم من إثبات صفاته شيء من إثبات التشبيه والتجسيم، فإن التشبيه إنما يقال: يدٌ كيدنا ... وأما إذا قيل: يد لا تشبه الأيدي، كما أنّ ذاته لا تشبه الذوات، وسمعه لا يشبه الأسماع، وبصره لا يشبه الأبصار ولا فرق بين الجمع، فإن ذلك تنزيه.) (14)
[color=blue][b]- قال ابن الوزير (ت. 840 هـ)[/b][/color] : (وكذلك كل صفة يوصف بها الرب سبحانه ويوصف بها العبد، وان الرب يوصف بها على أتم الوصف مجردة عن جميع النقائص، والعبد يوصف بها محفوفة بالنقص، وبهذا فسر أهل السنة نفي التشبيه، ولم يفسروه بنفي الصفات وتعطيلها كما صنعت الباطنية الملاحدة.) (15)


ثانيا: التشبيه والتمثيل يكون في كيفيّة وحقيقة الصفة، أي كيف هي على الحقيقة، وليس في معنى الصفة. والخوض في الكيفية تشبيه، فالإنسان يصف الشيء على ما يشاهده، والله {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.

[color=blue][b]- قال عبد الرحمن بن مهدي (ت. 198 هـ)[/b][/color] لِفَتى من ولد جعفر بن سليمان: «مكانك»
فقعد حتى تفرق الناس. ثم قال ابن مهدي: «تعرف ما في هذه الكورة من الأهواء والاختلاف، وكل ذلك يجري مني على بالٍ رَضِي إلا أمرُك وما بلغني، فإن الأمر لا يزال هَيِّنًا ما لم يصر إليكم، يعني السلطان، فإذا صار إليكم جلَّ وعَظُم.»
فقال (الغلام) : "يا أبا سعيد وما ذاك؟ "
قال: « بلغني أنك تتكلم في الرب تبارك وتعالى وتصفه وتشبهه. »
فقال الغلام: "نعم". فأخذ يتكلم في الصفة.
فقال: «رُويدك يا بُني حتى نتكلم أول شيء في المخلوق، فإذا عجزنا عن المخلوقات فنحن عن الخالق اعجز واعجز. أخبرني عن حديث حدثنيه شعبة عن الشيباني قال: سمعت زرًا قال: قال عبد الله في قوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم : 18]
قال: رأى جبريل له ستمائة جناح؟ قال: نعم. فعرف الحديث.
فقال عبد الرحمن: «صِف لي خلقًا من خلق الله له ستمائة جناح.» فبقي الغلام ينظر إليه.
فقال عبد الرحمن: «يا بُني فإني أُهوِّن عليك المسألة، واضع عنك خمس مائة وسبعة وتسعين (جناحًا)، صِف لي خلقا بثلاثة أجنحة، ركب الجناح الثالث منه موضعًا غير الموضعين اللذين ركبهما الله حتى أعلم»
فقال (الغلام) : "يا أبا سعيد، نحن قد عجزنا عن صفة المخلوق ونحن عن صفة الخالق أعجز وأعجز، فأشهدك إني قد رجعت عن ذلك واستغفر الله." (16)

[color=blue][b]قال ابن عبد البر المالكي (ت. 463 هـ) [/b][/color]: (ومُحالٌ أن يكون مَن قال عن اللهِ ما هو في كتابه منصوصٌ مُشبهًا إذا لم يُكيّف شيئا، وأقرّ أنه ليس كمثله شيء.) (40)

[b]قال الحسين البغوي الشافعي (ت. 510 هـ)[/b] في صفات الله عز وجل : (وكذلك كل ما جاء من هذا القبيل في الكتاب أو السنة كاليد والإصبع ، والعين والمجيء ، والإتيان، فالإيمان بها فرض، والامتناع عن الخوض فيها واجب، فالمهتدي من سلك فيها طريق التسليم ، والخائض فيها زائغ ، والمنكر معطل، والمُكيِّف مشبه، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}) (17)


ثالثًا: الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات، فكما لم يلزم التشبيه في إثبات الذات، لم يلزم التشبيه في إثبات الصفات.

[color=blue][b]قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني الشافعي (ت. 535 هـ) [/b][/color]بعد ذكر مجموعة من الآيات والأحاديث في صفات الله عز وجل : (فهذا وأمثاله مما صح نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مذهبنا فيه ومذهب السلف إثباته وإجراؤه على ظاهره، ونفي الكيفية والتشبيه عنه .... والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، وإثبات الله تعالى إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فإذا قلنا يد، وسمع، وبصر، ونحوها، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه ولم يقل: معنى اليد: القوة، ولا معنى السمع والبصر: العلم والإدراك. ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار، ونقول إنما وجب إثباتها لأن الشرع ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، كذلك قال علماء السلف في أخبار الصفات:[color=indigo] أمروها كما جـاءت[/color].) (18)


[size=5][color=blue][b]رابعا: الاشتراك في مطلق الاسم لا يقتضي التشبيه والتمثيل:[/b][/color][/size]

[b]- قال عثمان الدارمي (ت. 280 هـ)[/b] في رده على بِشر المريسي المعتزلي:
« إنما نصفه بالأسماء لا بالتكييف ولا بالتشبيه، كما يقال: إنه ملك كريم، عليم، حكيم، حليم، رحيم، لطيف، مؤمن، عزيز، جبار، متكبر. وقد يجوز أن يدعى البشر ببعض هذه الأسماء، وإن كانت مخالفة لصفاتهم. فالأسماء فيها متفقة، والتشبيه والكيفية مفترقة، كما يقال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء، يعني في الشبه والطعم والذوق والمنظر واللون. فإذا كان كذلك فالله أبعد من الشبه وأبعد. فإن كنا مشبهة عندك أن وحدنا الله إلهًا واحدًا بصفات أخذناها عنه وعن كتابه، فوصفناه بما وصف به نفسه في كتابه، فالله في دعواكم أول المشبهين بنفسه، ثم رسوله الذي أنبأنا ذلك عنه. فلا تظلموا أنفسكم ولا تكابروا العلم؛ إذ جهلتموه فإن التسمية في التشبيه بعيدة.» (19)

-[color=blue][/color][b][color=blue][/color][/b] : (نحن نقول: إن الله سميع بصير كما أعلمنا خالقنا وبارؤنا، ونقول: من له سمع وبصر من بني آدم فهو سميع بصير، ولا نقول أن هذا تشبيه المخلوق بالخالق.) (20)

وقـال: (ولو لزم - يا ذوى الحجا- أهل السنة والآثار إذا أثبتوا لمعبودهم يدين كما ثبتهما الله لنفسه، وثبتوا له نفسا -عز ربنا وجل-، وأنه سميع بصير، يسمع ويرى، ما ادعى هؤلاء الجهلة عليهم أنهم مشبهة، للزم كل من سمى الله ملكًا، أو عظيمًا ورؤوفًا، ورحيمًا، وجبارًا، ومتكبرًا، أنه قد شبه خالقه -عز وجل- بخلقه، حاش لله أن يكون من وصف الله جل وعلا، بما وصف الله به نفسه، في كتابه، أو على لسان نبيه المصطفى –صلى الله عليه وسلم- مشبها خالقه بخلقه.) (21)

-[color=blue][b] قال أبو عمر الطلمنكي المالكي الأندلسي (ت. 429 هـ)[/b][/color] في كتاب "الوصول إلى معرفة الأصول" : (قال قوم من المعتزلة والجهمية: لا يجوز أن يسمى الله عز وجل بهذه الإسماء على الحقيقة ويسمى بها المخلوق. فنفوا عن الله الحقائق من أسمائه، وأثبتوها لخلقه، فإذا سُئلوا ما حملهم على هذا الزيغ؟ قالوا: الإجتماع في التسمية يوجب التشبيه.

قلنا: هذا خروج عن اللغة التي خوطبنا بها لأن المعقول في اللغة أن الإشتباه في اللغة لا تحصل بالتسمية، وإنما تشبيه الأشياء بأنفسها أو بهيئات فيها كالبياض بالبياض، والسواد بالسواد، والطويل بالطويل، والقصير بالقصير، ولو كانت الأسماء توجب إشتباها لاشتبهت الأشياء كلها لشمول إسم الشيء لها، وعموم تسمية الأشياء به، فنسألهم: أتقولون إن الله موجود؟ فإن قالوا: نعم. قيل لهم: يلزمكم على دعواكم أن يكون مشبها للموجودين. وإن قالوا: موجود ولا يوجب وجوده الإشتباه بينه وبين الموجودات. قلنا: فكذلك هو حيٌ، عالمٌ، قادرٌ، مريدٌ، سميعٌ، بصيرٌ، متكلمٌ، يعني ولا يلزم إشتباهه بمن اتصف بهذه الصفات.) (23)

[color=blue][b]قال أبو نصر السجزي الحنفي (ت. 444 هـ)[/b][/color] : (والأصل الذي يجب أن يُعلم: أن اتفاق التسميات لا يوجب اتِّفاق المسمّين بها، فنحن إذا قلنا: إن الله موجود رؤوف واحد حيٌّ عليم سميع بصير متكلم، وقلنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان موجودًا حيًّا عالمًا سميعًا بصيرًا متكلمًا، لم يكن ذلك تشبيها، ولا خالفنا به أحدًا من السلف والأئمة، بل الله موجود لم يزل، واحد حي قديم قيوم عالم سميع بصير متكلم فيما لم يزل، ولا يجوز أن يوصف بأضداد هذه الصفات.) (24)


[color=blue][u][size=5][b]خامسًا: كل مُعطل مُمثل، وكل مُمثل مُعطل: وذلك لأن المُعطِّل تصوّر التشبيه في ذهنه فنفى الصفة، والمُمثل عطَّل الصفة بتمثيله الخالق بالمخلوق، إذ ليست هي حقيقة الصفة كما أنه عطل النصوص. [/b][/size][/u][/color]

[color=blue][b]قال ابن بطة العكبري الحنبلي (ت. 387 هـ) في الإبانة[/b][/color]: (الجهمية ترد هذه الأحاديث وتجحدها وتكذب الرواة، وفي تكذيبها لهذه الأحاديث رد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاندة له، ومن رد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رد على الله ؛ قال الله عز وجل : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [الحشر : 7] ، فإذا قامت الحُّجة على الجَهْمِي، وعلم صحة هذه الأحاديث ولم يقدر على جحدها، قال: الحديث صحيح، وإنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ”ينزل ربنا في كل ليلة“ ينزل أمره. قلنا: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ”ينزل الله عز وجل“ ، ”وينزل ربنا“ ولو أراد أمره لقال: «ينزل أمر ربنا». فيقول (الجهمي) : إن قلنا: "ينزل"، فقد قلنا: إنه يزول والله لا يزول، ولو كان ينزل لزال؛ لأن كل نازل زائل.
فقلنا: أوَ لستم تزعمون أنكم تنفون التشبيه عن رب العالمين؟ فقد صرتم بهذه المقالة إلى أقبح التشبيه، وأشد الخلاف؛ لأنكم إن جحدتم الآثار، وكذبتم بالحديث، رددتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله، وكذبتم خبره، وإن قلتم: لا ينزل إلا بزوال، فقد شبهتموه بخلقه، وزعمتم أنه لا يقدر أن ينزل إلا بزواله على وصف المخلوق الذي إذا كان بمكان خلا منه مكان. لكنا نصدق نبينا صلى الله عليه وسلم ونقبل ما جاء به فإنا بذلك أمرنا وإليه ندبنا، فنقول كما قال: ”ينزل ربنا عز وجل“ ولا نقول : إنه يزول، بل ينزل كيف شاء، لا نصف نزوله، ولا نحدّه، ولا نقول: إن نزوله زواله.)



[size=5][color=blue][b]أقوال السلف الصالح والأئمة من بعدهم في تنزيه الله عن التشبيه:
[/b][/color][/size]
[color=blue][b]- قال عبد الرحمن بن القاسم (ت. 191 هـ) صاحب الإمام مالك[/b][/color]: «لا ينبغي لأحد أن يصف الله إلا بما وصف به نفسه في القرآن، ولا يشبه يديه بشيء، ولا وجهه بشيء، ولكن يقول : له يدان كما وصف نفسه في القرآن، وله وجه كما وصف نفسه، يقف عندما وصف به نفسه في الكتاب، فإنه تبارك وتعالى لا مثل له ولا شبيه، ولكن هو الله لا إله إلا هو كما وصف نفسه» (25)
[color=blue][b]- قال نُعيم بن حماد (ت. 228 هـ)[/b][/color] : «حق على كل مؤمن أن يؤمن بجميع ما وصف الله به نفسه ويترك التفكر في الرب تبارك وتعالى ويتبع حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق". قال نعيم : ليس كمثله شيء ولا يشبهه شيء من الأشياء» (26)

[color=blue][b]- قال عثمان الدارمي (ت. 280 هـ)[/b][/color] : «وكما أنه ليس كمثله شيء فليس كيده يد.» (27)
وقال: «وكما ليس كمثله شيء ليس كسمعه سمع ولا كبصره بصر ولا لهما عند الخلق قياس ولا مثال ولا شبيه.» (28)
وقـال: «فهذه الأحاديث قد جاءت كلها وأكثر منها في نزول الرب تبارك وتعالى في هذه المواطن، وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا، لا ينكرها منهم أحد ولا يمتنع من روايتها، حتى ظهرت هذه العصابة (الجهمية) فعارضت آثار رسول الله برد، وتشمروا لدفعها بجد فقالوا: "كيف نزوله هذا؟" قلنا: لم نُكلف معرفة كيفية نزوله في ديننا ولا تعقله قلوبنا، وليس كمثله شيء من خلقه فنشبه منه فعلا أو صفة بفعالهم وصفتهم.» (29)

-[color=blue][b] قال ابن أبي زَمَنِين المالكي الأندلسي (ت. 399 هـ) [/b][/color]: (فهذه صفاتُ ربِّنا التي وصف بها نفسه في كتابه، ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم، وليس في شيء منها تحديد، ولا تشبيه، ولا تقدير، فسبحان من {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}. لم تره العيون فتحده كيف هو كَيْنُونِيته، لكن رأته القلوب في حقائق الإيمان به.) (30)

[color=blue][b]- قال يحيى بن عمار الحنبلي (ت. 422 هـ)[/b][/color] في رسالته إلى السلطان محمود: (ولا نحتاج في هذا الباب إلى قولٍ أكثر من هذا أن نؤمن به، وننفي الكيفية عنه، ونتقي الشك فيه، ونوقن بأن ما قاله الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا نتفكر في ذلك ولا نسلط عليه الوهم، والخاطر، والوسواس، وتعلم حقًّا يقينا أن كل ما تصور في همك ووهمك من كيفية أو تشبيه، فإن الله سبحانه بخلافه وغيره.) (31)

[color=indigo][b]وغيرهم كثير، اقتصرنا على ما ذكرناه اختصارًا.[/b][/color]



[size=6]حُكم التشبيه:[/size]
تشبيه صفات الله عز وجل كُفرٌ، فهو ردٌّ للنصوص كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]، وقوله سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص : 4] وغيرها من نصوص التنزيه.

-[color=blue][b] قال نعيم بن حماد (ت. 228 هـ)[/b][/color] : «من شبه الله بشيء من خلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، فليس ما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه» (32)
- قال إسحاق بن راهويه (ت. 238 هـ) : «من وصف الله فشبه صفاته بصفت أحد من خلق الله فهو كافر بالله العظيم، لأنه وصف بصفاته، إنما هو استسلام لأمر الله ولما سن الرسول.» (33)
[color=blue][b]- يزيد بن هارون (ت. 206هـ)[/b][/color] : قال شاذ بن يحيى الواسطي: كنت قاعدًا عند يزيد بن هارون، فجاء رجل فقال: يا أبا خالد، ما تقول في الجهمية ؟
قال: «يُستتابون، إن الجهمية غلت ففرغت في غلوها إلى أن نَفَت، وإنّ المشبهة غلت ففرغت في غلوها حتى مثلت. فالجهمية يستتابون، والمشبهة: كذى» رماهم بأمر عظيم. (34)



[color=blue][b]من علامات أهل البدع: تسميتهم لأهل السنة – أهل الأثر- بالمشبهة
[/b][/color] [u][b]
- قال إسحاق بن راهويه (ت. 238 هـ) [/b][/u]: « علامة جهم وأصحابه دعواهم على أهل الجماعة -وما أولعوا به من الكذب- أنهم مشبهة، بل هم المعطلة، ولو جاز أن يُقال لهم: هم المشبهة، لاحتمل ذلك، وذلك أنهم يقولن: إن الرب -تبارك وتعالى- في كل مكان بكماله، في أسفل الأرضين وأعلى السموات على معنى واحد، وكذبوا في ذلك، ولزمهم الكفر.» (35)

[color=blue][u][b]- قال أبو زرعة الرازي (ت. 264 هـ) [/b][/u][/color]: «المعطلة النافية الذين ينكرون صفات الله عز وجل التي وصف بها نفسه في كتابه، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، ويكذبون بالأخبار الصحاح التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفات، ويتأولونها بآرائهم المنكوسة على موافقة ما اعتقدوا من الضلالة وينسبون رواتها إلى التشبيه، فمن نسب الواصفين ربهم تبارك وتعالى بما وصف به نفسه في كتابه، وعلى لسان نبيه –صلى الله عليه وسلم-، من غير تمثيل ولا تشبيه، إلى التشبيه فهو مُعطل نافٍ، ويُستدل عليهم بنسبتهم إياهم إلى التشبيه أنهم معطلة نافية، كذلك كان أهل العلم يقولون منهم: عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح.» (36)
[color=indigo][b]وقـال: «علامة الجمهية: تسميتهم أهل السنة مشبهة» (37)[/b][/color]

-[color=blue][b] وقال أبو حاتم الرازي (ت. 277 هـ) [/b][/color]: «وعلامة الجهمية: أن يسموا أهل السنة مشبهة ونابتة» (38)
[b]- قال أبو عثمان الصابوني (ت. 449 هـ)[/b] : (وعلامات البدع على أهلها ظاهرة بادية، وأظهر آياتهم وعلاماتهم: شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، واحتقارهم لهم، وتسميتهم إياهم حشويّة، وجهلة، وظاهرية، ومشبهة. اعتقادًا منهم في أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها بمعزل عن العلم، وأن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم، من نتائج عقولهم الفاسدة، ووساوس صدورهم المظلمة، وهواجس قلوبهم الخالية عن الخير، العاطلة، وحججهم بل شبههم الداحضة الباطلة {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } [محمد : 23]، {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج : 18].) (39)

(1) لسان العرب لابن منظور، مادة: شبه.
(2) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري (ج6 ص2236)
(3) تهذيب اللغة للأزهري (ج6 ص92)
(4) الحجة في بيان المحجة لإسماعيل الأصبهاني (ج1 ص306)
(5) معاني القرآن للنحاس (ص297)
(6) الحجة في بيان المحجة لأبي القاسم إسماعيل الأصبهاني (ج1 ص231-244)، قال: "أخبرنا أحمد بن عبد الغفار بن أشتة، أنا أبو منصور معمر بن أحمد قال: ... " وذكر الاعتقاد.
(7) رواه عنه تلميذه أبو عيسى الترمذي في سننه / سنن الترمذي (ج2 ص42)
(8) التنبيه والرد على أهل البدع والأهواء للملطي (ص89-90)
(9) سنن أبي داود حديث رقم (4730) كتاب السنة، باب في الجهمية، سنده صحيح.
(10) نقض الدارمي (ج2 ص688-689)
(11) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (ج3 ص239)، قال: "قرأت بخط الوالد السعيد (أبو يعلى) قال: نقلتُ من خط أبي بكر بن شاقلا قال: أخبرنا أبو إسحاق بن شاقلا – قراءة عليه- قال: ... فذكر المناظرة.
(12) عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني (ص37) تحقيق أبو اليمين المنصوري ، و(ص161-162) بتحقيق ناصر الجديع
(13) المختار في أصول السنة لابن البنا (ص 81)
(14) الأربعين في صفات رب العالمين (ج1 ص104)
(15) إيثار الحق على الخلق لابن الوزير (ص128)
(16) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص530 و531) رواها من طريق ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية" عن أبيه أبي حاتم الرازي عن عبد الرحمن بن عمر رسته عن ابن مهدي. ورواه أبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" (ج9 ص8) بسند آخر إلى عبد الرحمن بن عمر رسته. ونقله الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج9 ص196) و تاريخ الإسلام (ج13 ص284).
(17) شرح السنة للبغوي (ج15 ص257)
(18) الحجة في بيان المحجّة لإسماعيل الأصبهاني (ج1 ص288-289)
(19) نقض الدارمي (ج1 ص302-303)
(20) كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل لابن خزيمة (ج1 ص61 فما بعده)
(21) كتاب التوحيد (ج1 ص64)
(23) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص246)
(24) درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (ج2 ص89-90)
(25) أصول السنة لابن أبي زمنين (ص75) بسنده قال: حدثني إسحاق (بن إبراهيم الطليطلي)، عن محمد بن عمر بن لبابة، عن محمد بن أحمد العتبي، عن عيسى بن دينار، عن عبد الرحمن بن القاسم أنه قال: .... وذكره.
(26) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص527) قال: "ذكره عبد الرحمن (بن أبي حاتم) قال : وجدت في كتاب أبي: نعيم بن حماد قال: ...." وذكره.
(27) نقض الدارمي على بشر المريسي (ج1 ص299)
(28) نقض الدارمي (ج1 ص308)
(29) الرد على الجهمية للدارمي (ص79)
(30) أصول السنة لابن أبي زمنين (ص74)
(31) الحجة في بيان المحجة لإسماعيل الأصبهاني (ج2 ص107)
(32) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص532) من طريق ابن أبي حاتم الذي رواه في "الرد على الجهمية" عن عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي (وهو صدوق [الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/163)] ) عن نعيم بن حماد. سير أعلام النبلاء للذهبي (ج10 ص610) بسندٍ آخر؛ تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر (ج62 ص163) بسنده.
(33) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص532) بسند صحيح من طريق عبد الرحمن بن أبي حاتم الذي رواه في كتابه "الرد على الجهمية".
(34) شرح أصول اعتقاد أهل السنة (ج3 ص531-532)
(35) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص532) بسند صحيح من طريق عبد الرحمن بن أبي حاتم الذي رواه في كتابه "الرد على الجهمية".
(36) الحجة في بيان المحجة (ج1 ص187)، قال: قال أبو الشيخ: حكى إسماعيل بن زرارة قال: سمعت أبا زرعة الرازي قال: ... فذكره.
(37) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج1 ص180) بسند صحيح
(38) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج1 ص182) و(ج3 ص533)
(39) عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني (ص 299) تحقيق ناصر الجديع؛ ورواه عن الإمام الصابوني الإمام إسماعيل الاصبهاني من طريق ابن الإمام الصابوني أبو بكر (ج 1 ص203-204)
(40) الاستذكار لابن عبد البر (ج8 ص150) تحقيق الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي / الناشر: دار قتيبة ودار الوعي؛ الطبعة الأولى 1414 هـ - 1993م

أم عبد الله 07-16-2012 03:07 AM

[b]أوليس الظاهر المتبادر من اليد هى الجارحة[/b]؟!

[color=darkgreen]أردتُ أن أنبه على قاعدة كليّة لا تنخرم في مسألة التبادر، فقد أكثر أهل البدع أن يقولوا:[/color]
[color=darkgreen](إن أمارة الحقيقة التبادر) [color=red](1)[/color]
(المتبادر إلى الذهن من اليد = الجارحة) [color=red](2)[/color]
[color=blue]لذلك لا بدّ من نفي حقيقة الصفة، والقول بالمجاز، أو لا بدّ من التفويض التام للمعنى والكيفيّة معًا.[/color]

فهاتان مقدمتان أولى وثانية(على طريقة الجدل)؛ وإبطال إحدى المقدمتين يقضي ببطلان النتيجة.
[color=red]ونحن ننازع في المقدّمتين جميعًا[/color]

[color=blue]فأمّا المقدّمة الأولى (أمارة الحقيقة التبادر)[/color]، فنحن ننازع في إطلاقها، أي: إطلاق جعل التبادر أمارة على الحقيقة.
لأن التبادر يختلف من شخص إلى شخص، فالذي يتبادر إلى ذهن العربي سليم اللغة والفطرة،
يختلف عن المتبادر إلى ذهن الأعجمي الذي استعجمت عليه العربية وإن كان متحدّثًا بها،
وهما يختلفان عن المتبادر إلى ذهن العجمي الذي لا يعرف من اللغة إلا تترجم له.
فأيّ تبادر هذا الذي زعمتموه أمارة على الحقيقة؟

[color=blue]وأمّا المقدمة الثانية (أن المتبادر إلى الذهن إذا أطلقت اليد = الجارحة)[/color] [color=red]فباطلة بالعقل والشرع.[/color]

[color=black]فأمّا بطلانها عقلاً، [/color]فإن جماهير العقلاء قد جزموا أن (الكليّ) لا وجود له في الخارج، وأن وجوده ذهني فقط.
(والمراد بالكلي ما كان جنسًا أو نوعًا مثلاً)..
فالأجناس والأنواع لا وجود لها في الخارج باتفاق العقلاء (إلا من شذّ من أهل السفسطة).

بمعنى:
أنه لا يوجد في الخارج (شجرة)..
بل يوجد شجرة تفاح، أو شجرة حنظل، أو شجرة نخيل... إلخ
وأما قولك (شجرة) فهذا جنس، والجنس كلّي لا وجود له إلا في الذهن.

كذلك لا يوجد في الخارج (يد)..
بل يوجد يد الإنسان، ويد السلحفاة، ويد الزرافة، ويد الكرسيّ..
ويد الله تبارك وتعالى.
وأما قولك (يد) فهذا جنس، والجنس كلّي لا وجود له إلا في الذهن.

فكيف تجعلون (تبادر الكلّي) علامة على حقيقة (اللفظ المخصوص)؟
[color=red]إنما التبادر أمارة الحقيقة لكل لفظ كلي في السياق الذي هو فيه فحسب، بحسب إضافته، وحينها لن يكون كليًّا، بل يصير جزئيًّا بالإضافة[/color]
ولو قلتَ لعاقلٍ (شجرة) وسكتّ، فقطعًا لن تجزم ما الذي تبادر إلى ذهنه من شجرة مخصوصة.

[color=black]وأما بطلانها شرعًا[/color]، فقد دلّت نصوص الكتاب والسنّة وإجماع المسلمين أن صفات الله عز وجل لا تشبه ولا تماثل صفات المخلوقين.
[color=blue]وأجمع المسلمون أن الفطرة السليمة تقضي بذلك.[/color]
فمن أين جعلتم المتبادر إلى الذهن من قولنا (يد الله) الجارحة؟
إلا أن يكون مقصودكم الذهن السقيم، فيكون خروجًا عن محل النزاع.
===
فالمقصود:
أن القضية تعرض هكذا على الصواب:
[color=red](1)[/color] أمارة الحقيقة في صفات الله تعالى = المتبادر إلى ذهن العربي الموحّد خاصّة (لا كلّ تبادر)
[color=red](2)[/color] المتبادر إلى ذهن العربي الموحد من (يد الله) أنها تليق بذاته وليس كمثلها شيء لا جارحة ولا غيرها، لأن العقل السليم قضى باستحالة شبه الخالق بالمخلوق.
[color=red]النتيجة:[/color] [color=blue]يد الله بمعناها الحقيقي ليس كمثلها شيء، ولسنا في حاجة إلى تأويل ولا تفويض للمعنى، بل نقول: هي يد على الحقيقة وإن لم ندر كيفيتها.[/color]
____________

[quote][b][size=5][color=black]وقول المخالف أن اليد إن كانت حقيقية فلا تكون إلا جارحة لا يصح إلا في حق المخلوق .[/color][color=red][u] ومنه تعلم أنه لم يعطل إلا بعد تلطخ قلبه بالتشبيه[/u][/color][/size][/b]
[b][size=5][color=blue]فيَد المخلوق حقيقة لا تكون إلا جارحة أما يد الخالق فتكون حقيقية ولا تكون جارحة .[/color][/size][/b]
[b][size=5][color=blue]قال ابن منظور في اللسان :[/color][/size][/b]
[b][size=5][color=blue]" وفي التنزيل ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار )[/color][/size][/b]
[b][size=5][color=blue]والاستجراح النقصان والعيب والفساد وهو منه حكاه أبو عبيد [/color][/size][/b]
[b][size=5][color=blue]وجوارح الإنسان أعضاؤه وعوامل جسده كيديه ورجليه واحدتها جارحة لأنهن يجرحن الخير والشر أي يكسبنه " ا.هـ[/color][/size][/b]
[b][size=5][color=blue]فيد الإنسان وصفت بالجارحة لما تقوم به لا لذات اليد فكفى تلبيسا يا مسفسطة[/color][/size][/b]
[/quote][/color]

أم عبد الله 07-17-2012 02:36 AM

[B]
[B][B][SIZE=5][SIZE=4][QUOTE] [/SIZE]
[B][B][SIZE=5]من اللغة العربية .. وليس إدخال العقل والقياس [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]قال تعالى ( [COLOR=blue]قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[/COLOR] ) [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]فهل تسطيع أن تأتي بمثنى مقرون بباء من القرآن أو السنة أو الشعر العربي مجاز لا حقيقة [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]لايوجد في كلام العرب مثنى مضاف لضمير المتكلم مقرونا بالباء ومحمولا على المجاز في اللغة العربية .[/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]أكرر المطلوب مثنى مضاف لضمير المتكلم مقرونا بحرف الجر الباء يكون قبلها فعل للمتكلم مثل ( ضربت بيدي , رأيت بعيني , وهكذا ) [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]الشاهد من كلام العرب يكون من شعر الجاهلية أو من القرآن الكريم [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]القرآن عربي مبين وربنا جل وعلا يريد اخبار عباده بأن لديه يدين حقيقيتين[/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]وحيث أنه لايوجد في كلام العرب مثنى مضاف الى ضمير المتكلم مجرور بالباء[/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]وهو أعلم بكلام العرب من المتفلسفة المعطلة فهمنا أنه يقصد يدين حقيقيتين [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]وهنا نكتة طريفة [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]اذا كانت اليدين في هذه الاية مجازا ( القدرة مثلا ) فما الفضل لأدم اذ خلقه الله كما خلق ابليس بقدرته [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]خلق الله المخلوقات بكن [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]وعندما تحدث عن البشر قال " [COLOR=blue]خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[/COLOR]"[/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]وقال " [COLOR=blue]سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي[/COLOR] "[/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]وقال " [COLOR=blue]خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ[/COLOR] "[/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]وغيرها مما يوحي بفضل الانسان على سائر المخلوقات [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]ربنا يقول لابليس مامنعك أن تسجد لما خلقت بيدي[/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]فلو كان ابليس مخلوقا بنفس الطريقة لقال "[COLOR=blue] وانا ايضا يارب خلقتني بيديك مجازا كما خلقت آدم[/COLOR] " [/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]الا ترون أن ابليس قال " [COLOR=blue]أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ[/COLOR] "[/SIZE][/B]
[B][SIZE=5]حين وجد أن الله قد أضاف فضيلة لأدم بخلقه بيديه [/SIZE][/B]
[SIZE=5][B]فهرب للاحتجاج بمادة الخلق حين أعيته المقارنة بطريقة الخلق[/B] [/SIZE][/B]
[SIZE=4][/QUOTE][/SIZE]
[/SIZE][/B][/B][/B][B]منقول[/B]

أم عبد الله 07-17-2012 04:28 PM

[b]هل آيات الصفات من المحكم أو من المتشابة ؟[/b]

[b]المقصود [font=traditional arabic][size=5]بمتشابه القرآن ، ما يؤدى الخوض فيه إلى الضلال من جهة التجهم على وصف الغيبيات ، وتصوير ما فيها من الكيفيات ، وتمثيلها من خلال الأقيسة التي تحكم سائر المخلوقات ، أو القول بتعطيل الصفات ، وتأويلها على غير مراد الله من الآيات ، والنتيجة التي نصل إليها من هذه الرؤية ،[u] أن القرآن جميعه محكم المعنى لقوله تعالى عن جميع آيات القرآن[/u] : { [color=blue]الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير[/color] } (1) ،
أي أحكمت باعتبار المعنى ، فليس في القرآن كلام بلا معنى ، [color=blue][u]أما من جهة الكيفية التي دلت عليها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، فبعضها محكم معلوم ، وبعضها متشابه مجهول[/u][/color] ، وهذا المقصود بقول الإمام مالك رحمه الله :
( [color=blue]الاستواء معلوم ، والكيف مجهول [/color]) ، وهو المعنى المشار إليه في قوله تعالى : {[color=blue] هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات[/color] } (2) ، فلو سأل سائل عن استواء الله الذي ورد في قوله تعالى : { [color=blue]الرحمن على العرش استوى[/color] } هل هو من المحكمات أم من المتشابهات ؟ قيل له : الاستواء محكم المعنى ، متشابه الكيف .[/size][/font][/b]
[b][font=traditional arabic][size=5][/size][/font][/b]
[b][font=traditional arabic][size=5]فما عاينه الإنسان من الكيفيات التي تتعلق بالمخلوقات ، والتي دلت عليها ألفاظ الآيات ككيفية أداء الصلاة والزكاة والصيام وأفعال الحج وما شابه ذلك ، فهذا محكم المعنى والكيفية ، فلو سأل مسلم أعجمي لا يعرف العربية عن معنى الصلاة في قوله تعالى : {[color=blue] الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون[/color] } (3) ،
لقيل له بلسانه : الصلاة ، أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم ، فيسأل عن كيفية أدائها ؟ فيقال له : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نحاكيه تماما في الكيفية فقال مبينا ذلك في بعض الأحاديث النبوية : ([color=blue] وصلوا كما رأيتموني أصلي ، فإذا حضرت الصلاة ، فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم[/color] ) (4) .

أما إذا كان المعنى معلوما ، والكيف الذي دل عليه المعنى مجهولا ، كانت الآية من المتشابه باعتبار الكيف لا المعنى ، كما في جميع الأخبار والنصوص التي وردت في وصف عالم الغيب ، فالجنة مثلا ، سمعنا عن وجود ألوان النعيم فيها ، وأخبرنا الله بذلك في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعلى الرغم من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية ألوان النعيم فيها : ( قال الله : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فاقرءوا إن شئتم : {[color=blue] فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين[/color] } ) (5) .[/size][/font]
[/b]
[b][font=traditional arabic][size=5]فتأمل قوله : ( [color=blue]ما لا عين رأت ولا أذن سمعت[/color] ) ماذا يعنى ؟ هل يعنى معنى الآيات والنصوص التي وردت عن وصف الجنة ، أم الكيفية التي دلت عليها ؟ فإن قيل المعنى : فخطأ ، لأننا سمعنا به في الكتاب والسنة ، كما أن المعنى لا يرى بعين البصر ، وإنما يدرك بعين البصيرة ، وإن قيل الكيف فصواب ، لأننا لم نره ولم نر له مثيلا .

فالمتشابه كيفية الموجودات في الجنة ، لا المعنى الذي يدل عليها ، وعلى ذلك فجميع آيات الصفات محكمة المعنى متشابهة في الكيفية فقط ، فلا يدخل في المتشابه معاني الآيات التي وصف الله بها نفسه ، كما اعتقد الخلف ذلك في مذهب السلف ، وإلا لكانت الآيات بلا معنى ، وكانت ألفاظها معطلة عن الهداية والبيان ، فقوله تعالى : { [color=blue]وأخر متشابهات[/color] } أي باعتبار الكيف لا المعنى .
وجميع آيات القرآن لها معنى معلوم عند الراسخين في العلم ، حسب اجتهادهم في تحصيله ، وعليه جاء قول ابن عباس - رضي الله عنه - في آية آل عمران : ([color=blue] أنا من الراسخين في العلم [/color]) (6) .

فالمتشابه هو الذي استأثر الله بعلمه من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا هو والتي أخبرنا بها في كتابه ، ومن ثم فإن القرآن كله محكم باعتبار المعنى الذي دل عليه اللفظ وباعتبار الكيفية ففيه المحكم والمتشابه ، قال ابن تيميه رحمه الله معقبا على قوله تعالى : {[color=blue] كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب [/color]} (7) : ( [color=blue]وهذا يعم الآيات المحكمات والآيات المتشابهات ، وما لا يعقل له معنى لا يتدبر[/color] ) (8) .[/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5]وقال أيضا في قوله تعالى : {[color=blue] أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها[/color] } (9) ، ([color=blue] فلم يستثن شيئا منه نهي عن تدبره ، والله ورسوله صلى الله عليه وسلم إنما ذم من اتبع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، فأما من تدبر المحكم والمتشابه كما أمره الله ، وطلب فهمه ومعرفة معناه ، فلم يذمه الله بل أمر بذلك ومدح عليه[/color] ) (10) .

وقد ذكر أن الصحابة والتابعين ، لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله ، أو قال هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه ، ولا قال قط أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين ، أن في القرآن آيات لا تعلم معناها ولا يفهمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أهل العلم والإيمان جميعهم ، وإنما قد ينفون علم بعض الناس وهذا لا ريب فيه (11) .[/size][/font]
[/b]
[b][font=traditional arabic][size=5]وهؤلاء لم يفهموا مراد السلف بقولهم لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله ، فإن التأويل في عرف السلف ، المراد به الحقيقة التي يؤول إليه الكلام ، كالتأويل في مثل قوله تعالى : {[color=blue] هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق[/color] } (12) ، وكقوله تعالى : { [color=blue]وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا[/color] } (13) ، فتأويل الكلام الطلبي هو نفس فعل المأمور به والمنهي عنه ، تأويله تنفيذه ، كما قالت عائشة رضي الله عنها : ( [color=blue]كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن[/color] ) (14) .

وأما تأويل ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر فهو وقوعة ، وهو نفس الحقيقة التي أخبر الله عنها ، وذلك في حق الله هو كنه ذاته وصفاته التي لا يعلمها غيره ، ولهذا قال مالك وربيعة : ( [color=blue]الاستواء معلوم والكيف مجهول [/color]) (15) .[/size][/font]
[/b]
[b][font=traditional arabic][size=5]وعلى هذا المنهج السلفي لفهم المحكم والمتشابه يمكن تفسير آية آل عمران ، بأن الله يخبر أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب ، أي بينات واضحات الدلالة ، لا التباس فيها على أحد ، سواء من جهة المعنى أو الكيفية ، وهي أصل الدين وقوام العبودية ، وتتمثل في الأحكام الشرعية الدينية ، فلا بد من وضوحها وبيان معانيها ، ولا بد من وصف كيفيتها لسائر الناس ، دون اشتباه أو التباس ، فهن حجة الرب وعصمة العباد ، ودفع خصوم الباطل ، ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه ، وفي هذا يقول ابن عباس رضي الله عنهما : ([color=blue] المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمر به ويعمل به [/color]) (16) ، وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس والسدي أنهم قالوا : المحكم الذي يعمل به (17) .

وأخر متشابهات كآيات الصفات من حيث اشتراك الألفاظ والكلمات عند تجردها عن الإضافة والتخصيص والتركيب لا من حيث المعنى المراد ، ابتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام ، ألا يصرفن إلى الباطل ، ولا يحرفن عن الحق ، ولهذا قال الله تعالى : {[color=blue] فأما الذين في قلوبهم زيغ[/color] } ، أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل ، { [color=blue]فيتبعون ما تشابه منه[/color] } ، إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة ، وينزلوه عليها {[color=blue] ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله[/color] } أي تحريفه على ما يريدون (18) .[/size][/font]
[/b]
[b][font=traditional arabic][size=5]روى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { [color=blue]هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله[/color] } قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه ، فأولئك الذين سمي الله فاحذروهم ) (19) .

وقوله تعالى : { [color=blue]وما يعلم تأويله إلا الله[/color] } ، يجب الوقف هاهنا ، إذا كان المقصود هو العلم بكيفية الحقائق الغيبية وكيفية الصفات الإلهية ، فلا يعلم ذلك إلا الله ، ويجوز الوقف على قوله سبحانه : {[color=blue] والراسخون في العلم[/color] } إذا كان المقصود هو العلم بمعاني الآيات القرآنية ، سواء المتعلقة بالخالق أو المخلوق ، وكذلك كيفية أداء الأحكام الشرعية ، أو كيفية ما دلت عليه الآيات في الإخبار عن سائر المخلوقات في الدنيا .

قال ابن كثير : ([color=indigo] وأما إن أريد بالتأويل التفسير والبيان والتعبير عن الشيء فالوقف على[/color] قوله : { [color=blue]والراسخون في العلم[/color] } ، لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار ، وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه ) (20) .[/size][/font]
_______________[/b]

[b]
[font=traditional arabic][size=5](1) هود:1.
(2) ال عمران:7 .[/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5](3) البقرة:3 .
(4) اخرجه البخاري في كتاب الآذان ، باب من قال فليؤذن في السفر مؤذن برقم (602) 1/226.
(5)السجدة:17 ، والحديث أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق ، باب ما جاء في صفة الجنة ، برقم (3072) 3/1185.[/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5](6) ابن جرير : أبو جعفر محمد ابن جرير الطبري ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، ، تحقيق الأستاذ محمود محمد شاكر ، مراجعة الشيخ أحمد محمد شاكر ، القاهرة ، طبعة دار المعارف ، 6/170 .
(7) سورة ص:29 .
(8) ابن تيمية : رسالة الإكليل ضمن مجموعة الرسائل 2/8 .[/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5](9) أحمد:24 .
(10) ابن تيمية : رسالة الإكليل 2/8 .
(11) ابن تيمية : رسالة الإكليل 2/15 .[/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5](12) الأعراف:53 .
(13) يوسف:100.
(14) رواه البخاري في كتاب الأذان باب التسبيح والدعاء في السجود برقم (784) 1/281 .
(15) ابن القيم : الصواعق 3/921 بتصرف .[/size][/font]

[font=traditional arabic][size=5](16) ابن كثير : تفسير 1/347 ، وابن جرير :جامع البيان 3/172 ، والسيوطي :الدر المنثور 2/144.
(17) البغوي : أبو محمد الحسين بن مسعود ، (1407هـ) ، معالم التنزيل ، بيروت ، دار المعرفة ، 1/279.
(18) ابن كثير : تفسير 1/347.[/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5](19) اخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن ، باب تفسير سورة آل عمران برقم (4273) 4/1655.
(20) ابن كثير : تفسير 1/348.[/size][/font]
[/b]

أم عبد الله 07-17-2012 04:45 PM

[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5][COLOR=#800000]العلاقة بين فهم المحكم والمتشابه وقضية التفويض[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B]

[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=#0000ff]المطلب الأول : حقيقة مذهب الخلف في نصوص الصفات :[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]يعتقد الخلف من الأشعرية والماتريدية أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، التي وردت في الصفات الخبرية موهمة للتشبيه والجسمية ، وظاهرها باطل غير مراد ، فإما أن تؤول وإما أنها من أخبار الآحاد التي لا تفيد اليقين في أمور الاعتقاد (1) .[/FONT][/SIZE][/B]

[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]وقد بنوا ذلك على أصول عقلية ، زعموا أنها أمور يقينية ، واعتبروها أصول الدين والفيصل المبين في النظر إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فما وافق تلك الأصول من النصوص والآيات فهو دليل لهم ، وما خالف أصولهم وتقسيمهم للتوحيد ، فينبغي عندهم التعامل معه بأي وسيلة ، إما بادعاء مجاز أو تأويل ، أو تهوين وتعطيل ، أو تقبيحها في نفس السامع حتى تبدو ضربا من المستحيل المهم أن يقر بأن ظاهرها الذي ورد في التنزيل ، باطل ومستحيل ويجب صرفه إلى شيء آخر.[/FONT][/SIZE][/B]

[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]فالتوحيد عندهم مبنى على قولهم : إن الله واحد في ذاته لا قسيم له ، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له ، وهم يدرجون تحت شعار أنه لا ينقسم نفي علو الله على خلقه ومباينته لمصنوعاته ونفي ما ينفونه من صفاته ، ويقولون : إن إثبات ذلك يقتضي أن يكون مركبا منقسما مشابها للحوادث (2) .[/FONT][/SIZE][/B]

[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5]يقول الرازي وهو من أعمدة المذهب الأشعري في نفي علو الله على خلقه وتعطيل استوائه على عرشه : ( لو كان الله مختصا بالمكان لكان الجانب الذي في يمينه يلي ما على يساره ، فيكون مركبا منقسما فلا يكون أحدا في الحقيقة ، فيبطل قوله : {[COLOR=blue] قل هو الله أحد [/COLOR]} ) (3) .[/SIZE][/FONT][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]وهم لما نفوا الاستواء وعطلوا علو الفوقية بهذه الحجج العقلية ،ساءت سمعتهم عند عامة المسلمين ، فالله يقول صراحة هو على العرش ، وهم يقولون صراحة ليس على العرش ، فما المخرج من هذه المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه ؟ والجواب في قول أحدهم :[/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]( لو سئلنا عن قوله تعالى : { [COLOR=blue]الرحمن على العرش استوى[/COLOR] } ، لقلنا المراد بالاستواء القهر والغلبة والعلو ، ومنه قول العرب استوى فلان على المملكة أي استعلى عليها واطردت له ، ومنه قول الشاعر :[/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]قد استوى بشر على العراق : من غير سيف أو دم مهراق ) (4) .[/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]وهذا تحريف للكلم عن مواضعه في ثوب التأويل ، فالتأويل يقبل إن كان بدليل صحيح ، لكن العرب لا تعرف أبدا استوى بمعنى استولى ، بل إن أهل اللغة لما سمعوا ذلك أنكروه غاية الإنكار ولم يجعلوه من لغة العرب .[/FONT][/SIZE][/B]

[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5]روى الحسن بن محمد الطبري عن أبي عبد الله نفطويه النحوي ، قال أخبرني أبو سليمان ، قال : ( كنا عند ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الله ما معنى : {[COLOR=blue] الرحمن على العرش استوى[/COLOR] } ؟ قال : إنه مستو على عرشه كما أخبر ، فقال الرجل : إنما معنى استوى استولى ، فقال له ابن الأعرابي : ما يدريك ؟ العرب لا تقول استولى فلان على الشيء حتى يكون له فيه مضاد ، فأيهما غلب قيل قد استولى عليه ، والله تعالى لا مضاد له فهو على عرشه كما أخبر ) (5) .[/SIZE][/FONT][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]وقال أبو سليمان الخطابي وهو من أئمة اللغة : ( وزعم بعضهم أن الاستواء هنا بمعنى الاستيلاء ، ونزع فيه إلى بيت مجهول لم يقله شاعر معروف يصح الاحتجاج بقوله ، ولو كان الاستواء ها هنا بمعنى الاستيلاء لكان الكلام عديم الفائدة ، لأن الله تعالى قد أحاط علمه وقدرته بكل شيء وكل بقعة من السماوات والأرضين وتحت العرش ، فما معنى تخصيصه العرش بالذكر؟! ثم إن الاستيلاء إنما يتحقق معناه عند المنع من الشيء ، فإذا وقع الظفر به قيل استولى عليه فأي منع كان هناك حتى يوصف بالاستيلاء بعده ! ) (6) .[/FONT][/SIZE][/B]

[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5]ومعلوم أن كل تأويل لا يحتمله اللفظ في أصل وضعه ، وكما جرت به عادة الخطاب بين العرب هو نوع من التزوير والتدليس ، والخلط والتلبيس ، الذي يضيع ثوابت القول وقواعد الكلم ، فأهل العلم يعلمون أن إثبات الاستواء والنزول ، والوجه واليد والقبض والبسط ، وسائر صفات الذات والفعل لا يسمى في لغة العرب التي نزل بها القرآن تركيبا ولا انقساما ولا تمثيلا ، وكان أولى بالصحابة والتابعين ، وهم أئمة اللغة وأسياد الفهم أن يعترض واحد منهم على الأقل ويقول : كيف نؤمن بهذه الصفات التي تدل على التركيب والانقسام في الذات ؟ (7) .[/SIZE][/FONT][/B]

[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic]ولذلك فإن كثيرا ممن نشأ في الأوساط التي يسودها مذهب الخلف أنكروا تأويلهم المتعسف للنصوص ، وادعوا أن السكوت وتفويض الأمر إلى الله هو المسلك المفضل ، ظنا منهم أنهم على عقيدة السلف الصالح ، فظهرت قضية التفويض التي وسم بها السلف متأثرة بعقيدة الخلف في فهم المحكم والمتشابه ، وعدم التمييز بين كون معاني نصوص الصفات محكمات ، وكون الكيفية الغيبية هي فقط من المتشابهات ، وقد سرى هذا الاعتقاد منذ ظهور المذهب الأشعري حتى عصرنا هذا .[/FONT][/SIZE][/B]

[B]للمزيد أرجو الإطلاع على الرابط ادناه[/B]
[B]قضية المحكم والمتشابه وأثرها على القول بالتفويض[/B]
[URL]http://www.hor3en.com/vb/showthread.php?t=109277[/URL]
[B]_______________[/B]
[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5](1) انظر في هذا المعني : الشيخ محمد عبده ، (1966م) ، رسالة التوحيد ، نشر مطابع دار الكتاب العربي ص 17 وما بعدها ، وجمال الدين : أحمد بن محمد بن سعيد ، (1998م) ، أصول الدين ، تحقيق عمر وفيق الداعوق ، بيروت ، نشر دار البشائر الإسلامية ، ص63.[/SIZE][/FONT][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic](2) ابن تيمية : درء تعارض العقل والنقل 1/225.[/FONT][/SIZE] [/B]

[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5](3) الرازي : فخر الدين ، (1406هـ) ، أساس التقديس ، تحقيق الدكتور أحمد حجازي السقا ، القاهرة ، طبعة مكتبة الكليات الأزهرية ص 203.[/SIZE][/FONT][/B]
[B][COLOR=blue][FONT=traditional arabic][SIZE=5][COLOR=#000000](4) عبد الملك : بن عبد الله بن يوسف ، (1987م) ، لمع الأدلة في قواعد أهل السنة والجماعة ، تحقيق د. فوقية حسين ، بيروت ، نشر عالم الكتب ص 108 ، والشاعر هو الأخطل النصراني الحاقد علي الإسلام والمسلمين ، قال ابن كثير في التعقيب علي هذا البيت : ( هذا البيت تستدل به الجهمية علي أن الاستواء بمعني الاستيلاء ، وهذا من تحريف الكلم عن مواضعه وليس في بيت هذا النصراني حجة ولا دليل علي ذلك ، ولا أراد الله عز وجل باستوائه علي عرشه استيلاءه عليه ، ولا نجد أضعف من حجج الجهمية ، حتى أداهم الإفلاس من الحجج إلي بيت هذا النصراني المقبوح ) انظر البداية والنهاية 9/295 ، والعجب كل العجب أن قوة احتجاج الأشعرية بهذا البيت علي نفي الاستواء أقوي من قوة الاحتجاج بكلام الله علي إثباته ، مع أن الأخطل النصراني المشرك هو القائل في شعره مستهزءا بالصلاة والصيام والأضاحي : ولست بصائم رمضان يوما : ولست بآكل لحم الأضاحي - ولست بزائر بيتا بعيدا : بمكة ابتغي فيه صلاحي - ولست بقائم كالعير أدعو ... : ... قبيل الصبح حي علي الفلاح ، انظر السابق 9/263 ، وابن الجوزي : (1412هـ) ، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، تحقيق محمد ومصطفي عبد القادر عطا ، بيروت ، دار الكتب العلمية 7/36 .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/COLOR][/B][COLOR=blue]
[/COLOR][B][COLOR=#000000][FONT=traditional arabic][SIZE=5](5) ابن القيم : (1415هـ) ، حاشية ابن القيم علي سنن أبي داود ،بيروت ، دار الكتب العلمية 3/18.[/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[B][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=#000000](6) ابن تيمية : (1392هـ) ، بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية ، مكة المكرمة ، نشر مطبعة الحكومة 2/438.[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][FONT=traditional arabic][SIZE=5](7) انظر أنواع التأويلات الباطلة وأمثلتها من كلام الأشعرية في مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية ص43 وما بعدها ، و درء تعارض العقل والنقل 1/226 وما بعدها.[/SIZE][/FONT][/B]

أم عبد الله 07-17-2012 04:51 PM

[IMG]http://www.hor3en.com/vb/images/icons/islam.gif[/IMG][FONT=Traditional Arabic][SIZE=6] [COLOR=darkred]السلف أسلم وأعلم وأحكم[/COLOR] [IMG]http://www.hor3en.com/vb/images/icons/islam.gif[/IMG]
[/SIZE][/FONT]
[CENTER][COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]يقول ضُلال المتكلمين وجهلتهم [COLOR=royalblue]( أن طريقة القوم أسلم ، وأن طريقتنا أحكم وأعلم )[/COLOR]،[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]كما يقول المنتسبين إلى الفقه عن السلف أنهم لم يتفرغوا لاستنباط الفقه وضبط قواعده[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]وأحكامه اشتغالاً منهم بغيره والمتأخرون تفرغوا لذلك فهُم أفقه .[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]


[COLOR=blue][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][B]ونرد عليهم ونقول بتوفيق الله :[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]كل هؤلاء محجوبون عن معرفة مقادير السلف ، وعمق علومهم ، وقلة تكلفهم[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]وكمال بصائرهم . وتالله ما امتاز عنهم المتأخرون إلا بالتكلف والإشتغال بالأطراف[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]التى كانت همة القوم مراعاة أصولها وضبط قواعدها ، وشد معاقدها ، وهممهم مثمرة[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]إلى المطالب العالية فى كل شئ ، فالمتأخرون فى شأن والقوم فى شأن آخر ،[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]وقد جعل الله لكل شئ قدراً .[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]

[FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B][IMG]http://www.al-wed.com/pic-vb/6.gif[/IMG][/B][/SIZE][/FONT]

[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]وهذه العبارة باطلة من كل الوجوه وهى سبٌ صريح للمتقدمين لأنك إذا تكلمت[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]فيمن كرمهم الله ووصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم خير القرون بالتنقيص[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]تكون قد سببت وخالفت الله فيما حكم ، فالسلف طريقتهم [U][COLOR=royalblue]أسلم[/COLOR][/U] لأنهم لم يتعرضوا لشئ[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]وراء النصوص [U]، [COLOR=royalblue]وأعلم[/COLOR][/U] لأنهم أخذوا عقيدتهم من الكتاب والسنة ، [U][COLOR=royalblue]وأحكم[/COLOR][/U] لأنهم سلكوا[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]الطريق الواجب سلوكه وهو إجراء النصوص على ظاهرها اللائق بالله عز وجل . [/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[IMG]http://gallery.egyptsons.com/data/media/5/tealscrollroses.gif[/IMG]

[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][B][SIZE=6][COLOR=blue]وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :[/COLOR][/SIZE][/B][/FONT][/COLOR]
[COLOR=red][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]هذا القول على مافيه من التناقض قد يوصل إلى الكفر[/B][/SIZE][/FONT][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B] فهو[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]

[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B][SIZE=6][COLOR=darkred]أولاً[/COLOR][/SIZE] فيه تناقض لأنهم قالوا طريقة السلف أسلم ولا يُعقل أن تكون الطريقة أسلم [/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]وغيرها أعلم وأحكم لأن الأسلم يستلزم أن يكون أعلم وأحكم فلا سلامة[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]إلا بعلم بأسباب السلامة وحكمة فى سلوك هذه الأسباب .[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]


[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B][SIZE=6][COLOR=darkred]ثانياً :[/COLOR][/SIZE] أين العلم والحكمة من التحريف والتعطيل [COLOR=red]( فى طريقتهم )[/COLOR][/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]

[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B][SIZE=6][COLOR=darkred]ثالثاً :[/COLOR][/SIZE] يلزم منه أن يكون المخالفون أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم [/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]وأصحابه لأن طريقة السلف هى طريقة [COLOR=teal]النبى صلى الله عليه وسلم[/COLOR] وأصحابه .[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]

[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B][SIZE=6][COLOR=darkred]رابعاً :[/COLOR][/SIZE] أنها قد تصل إلى الكفر لأنها تستلزم تجهيل النبى وتسفيهه .[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]فتجهيله ضد العلم وتسفيهه ضد الحكمة وهذا خطر عظيم ..أ.هـ.[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]

[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B][IMG]http://www.al-wed.com/pic-vb/6.gif[/IMG][/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]

[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B][COLOR=darkgreen]فهذه العبارة باطلة[/COLOR] حتى وإن أرادوا بها معنى صحيحاً فهؤلاء بحثوا وتعمقوا فى أشياء [/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]كان السلف لم يتكلموا فيها وخوضهم فى هذه الأشياء هو الذى ضرهم وأوصلهم إلى الحيرة[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]والشك وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : [COLOR=darkorchid]" هلك المتنطعون "[/COLOR] [/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]ولو أنهم بقوا على ما كان عليه السلف الصالح ما وصلوا إلى هذا الشك والحيرة [/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]حتى إن بعض أئمتهم يتمنى الموت على عقيدة أُمه العجوز التى لم تعرف هذا الضلال . [/B][/SIZE][/FONT][/COLOR][/CENTER]
[FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][COLOR=navy][B][U]فالعقيدة الفاسدة لا يمكن أن يستطيع الإنسان العيش عليها أبداً ،[/U][/B][/COLOR][/SIZE][/FONT]


[CENTER][B][SIZE=5][FONT=Comic Sans MS][COLOR=black][COLOR=blue]فهذا الرازى يقول :[/COLOR] رأيت أقر بالطرق طريقة القرآن أقرأ فى الإثبات[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=Comic Sans MS][COLOR=black][COLOR=red](الرحمن على العرش إستوى)[/COLOR] يعنى فأثبت ، وأقرأ فى النفى [/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[COLOR=black][B][SIZE=5][FONT=Comic Sans MS][COLOR=red](ليس كمثله شئ)[/COLOR] و [COLOR=red](ولا يُحيطون به علماً)[/COLOR][/FONT][/SIZE][/B]
[B][SIZE=5][FONT=Comic Sans MS]ومن جرّب مثل تجربتى عرف مثل معرفتى . [/FONT][/SIZE][/B][/COLOR]
[IMG]http://i1114.photobucket.com/albums/k524/onelastdream/A7lashare-cd52b0c56f.gif[/IMG]

[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]فكل من ظن أن المتأخرون أفقه لأنهم تفرغوا للإشتغال بأحكامه وضبط وإستنباط قواعده[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]فهو لم يعرف مقدار السلف وعُمق علومهم وكمال بصائرهم وقلة تكلفهم فالمتأخرون[/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]إشتغلوا بالأطراف والمتقدمون كانت همتهم مراعاة الأصول وضبط قواعدها [/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B]وشد معاقدها وهمتهم المطالب العالية. [/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]
[COLOR=black][FONT=Comic Sans MS][SIZE=5][B][COLOR=indigo][U]لذا فالقوم لهم شأن والمتأخرون لهم شأن والبون شاسع بين الإثنين .[/U][/COLOR] [/B][/SIZE][/FONT][/COLOR]

[URL]http://www.hor3en.com/vb/showthread.php?t=20270[/URL][/CENTER]

أم عبد الله 07-17-2012 04:55 PM

[b]عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة [/b]
[b]في صفة الاسْتِوَاء وعُلُوِّ الله على خَلْقِه[/b]

[center][b]بسم الله الرحمن الرحيم[/b][/center]

[b]مقدمة[/b]
[b]هذا المقال يبين بإختصار عقيدة السلف الصالح - أهل الأثر- أصحاب الحديث -، وهم أهل السنة والجماعة، في صفة الإستواء وعلو الله على خلقه.[/b]

[b]عقيدة السلف، أهل السنة:[/b]

[b]1. أن الله عز وجل فوق العرش، فوق السماوات، فوق جميع خلقه.[/b]

[b][color=blue]الآدلة من القرآن الكريم:[/color][/b]
[b]* قال الله تعالى:[/b]
[b]{[color=blue]الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[/color]} [طه: 5] [/b]
[b]والعرش أعلى المخلوقات، فهو فوق السماوات وكل المخلوقات.[/b]

[b]* وقال سبحانه: {[color=blue]يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ[/color]} [النحل : 50][/b]
[b]* وقال: {[color=indigo]تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ[/color]} [المعارج: 3-4] والعروج: الصعود. (1) أي الملائكة تصعد إلى الله عز وجل، لأنه فوق.[/b]

[b]* وقال: {[color=blue]وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ[/color]} [النساء : 157 ، 158][/b]

[b]* وقال عز وجل: [color=blue]{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء...}[/color] الآية [الملك: 16-17][/b]
[b]قال أبو بكر أحمد الصبغي (342 هـ) : (قد تضع العرب «في» بموضع «على» قال الله عز وجل: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة : 2]، وقال {[color=navy]وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ[/color]}[/b]

[b] [طه : 71] ومعناه: على الأرض وعلى النخل ، فكذلك قوله: {في السماء} أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم) (2)[/b]

[b][color=indigo]* وقال تعالى: {هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3][/color][/b]

[b]عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: ”اللهم رب السموات ورب الأرض ورب كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن ؛ أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته ، أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء“ [صحيح مسلم، وسنن أبي داود واللفظ لأبي داود] و«دونك» هنا معناها: أقرب، أي أقرب بعلمه. [/b]

[b][color=blue]قال ابن جرير الطبري (310 هـ) :[/color] وقوله: {وَالظَّاهِرُ} يقول: وهو الظاهر على كل شيء دونه، وهو العالي فوق كل شيء، فلا شيء أعلى منه. {وَالْبَاطِنُ} يقول: وهو الباطن جميع الأشياء، فلا شيء أقرب إلى شيء منه، كما قال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق : 16] (3) . وذكر في تفسير تلك الآية: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}: بالعلم بما تُوَسْوس به نفسه.[/b]

[b][color=blue]قال ابن أبي زَمَنِين (399 هـ) :[/color] (والظاهر العالي فوق كل شيء ما خُلق ، والباطن بطن علمه بخلقه تعالى {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد : 3]) (4) [/b]

[b]وغيرها من الآيات.[/b]


[b][color=blue]الأدلة من السنة:[/color][/b]

[b]* حديث الجارية:[/b]
[b]عن معاوية بن الحكم قال: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟"[/b]
[b]قَالَ: (ائْتِنِي بِهَا) فَأَتَيْتُهُ بِهَا ، فَقَالَ لَهَا: ”أَيْنَ اللَّهُ“، قَالَتْ: «[u][color=#0000ff]فِي السَّمَاء[/color][/u]».[/b]
[b]قَالَ: ”مَنْ أَنَا ؟“ قَالَتْ: «أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ»[/b]
[b]قَالَ: ”أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ“ [رواه مسلم في صحيحه][/b]

[b]* في حجة الوداع قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُبهَا (5) إِلَى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّات...“ [صحيح مسلم]. والنبي صلى الله عليه وسلم كان مستشهدا بالله حينئِذ ولم يكن داعِيا حتى يُقال: السماء قِبلة الدعاء.[/b]

[b]* قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”الْمَلاَئِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ ، مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ ، فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ ، وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ“ [صحيح البخاري][/b]




[b][color=blue]2. أن الله استوى على عرشه[/color][/b]

[b]قال الله تعالى:[/b]
[b]{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] [/b]
[b]وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش} [الأعراف:54؛ يونس:3؛ الرعد:2؛ الفرقان:59؛ السجدة:4؛ الحديد:4][/b]

[b]قَالَ التابعي مُجَاهِدٌ (102 هـ) : {اسْتَوَى} علا على العرش. (6)[/b]
[b]قال بشر بن عمر الزهراني (209 هـ) : سمعت غير واحد من المفسرين يقول : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}: ارتفع. (7) [/b]
[b]قال اللغوي أبو العباس ثعلب (291 هـ) : {استوى على العرش}: علا. (8) [/b]
[b]قال المفسر ابن جرير الطبري (310 هـ) في تفسير الأية الأولى: (الرحمن على عرشه ارتفع وعلا»، وفي تفسير الآية الثانية: (يعني: (علا عليه»<>[/b]



[b][color=blue]3. أن الله عز وجل استوى على عرشه لأنه {فَعّـالٌ لِمَا يُرِيد} [سورة البروج : 16] وليس لحاجته للعرش، بل الله مستغن عن العرش وغير العرش.[/color][/b]
[b]قال الله تعالى: [/b]
[b]{إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت : 6][/b]
[b]{هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس : 68][/b]
[b]{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر : 15][/b]
[b]وقال أبو جعفر الطحاوي (321 هـ) في عقيدته المشهورة: (وهو مستغن عن العرش وما دونه. محيط بكل شيء وفوقه)[/b]



[b][color=blue]4. أن الله بائن (9) من خلقه:[/color][/b]
[b]معنى أن الله بائن من خلقه: أي أنه منفصل عن المخلوقات، فليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته. ولا يحويه أو يُحيط به شيء من خلقه.[/b]
[b]قال الله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5][/b]

[b][color=blue]فكل المخلوقات تحت العرش والله فوق العرش فهو بائنٌ عنهم.[/color][/b]

[b]ابن المبارك (181 هـ) : روى ابن شقيق أنه قيل لابن المبارك: "كيف نعرف ربنا؟"[/b]
[b]قال: «بأنه فوق السماء السابعة على العرش، بائن من خلقه» (10) [/b]
[b]إسحاق بن راهويه (238 هـ) : قال حرب الكرماني: قلت لإسحاق بن راهويه: "في قول الله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة : 7] كيف تقول فيه ؟" قال: «حيث ما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه.» [/b]
[b]ثم ذكر عن ابن المبارك: (هو على عرشه بائن من خلقه)، ثم قال: «أعلى شيء في ذلك وأثبته قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}» (11) [/b]



[b][color=blue]5. أن استواء الله عز وجل ليس كاستواء المخلوقين، نؤمن بأن الله استوى على عرشه استواءً يليق بجلاله لا يشبه استواء المخلوق.[/color][/b]

[b]لقول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11][/b]
[b]وقوله {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص : 4] كفوا: أي مَثِيلاً.[/b]



[b][color=blue]6. أن كَيفِيَّة استواء الله عز وجل غير معلومة لنا، فلم يُعلمنا الله تعالى ولا رسوله –صلى الله عليه وسلم- تفاصيل ذلك، ولا يجوز السؤال عن كيفية صفاته، فالله وحده يعلم كيف استوى على عرشه، وواجبنا الإيمان والتسليم.[/color][/b]

[b]قال الإمام مالك (179 هـ) جوابا على من سأله "كيف استوى؟": «الإستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب». والأثر مشهور عند أهل العلم.[/b]
[b]قال وكيع بن الجراح (197 هـ) في أحاديث الصفات: « نُسلِّم هذه الأحاديث كما جاءت ، ولا نقول كيف هذا؟ ولم جاء هذا ؟» (12) [/b]
[b]قال أبو بكر الإسماعيلي (371 هـ) : (وأنه عز وجل استوى على العرش بلا كيف، فإن الله تعالى أنهى (13) إلى أنّه استوى على العرش، ولم يذكُر كيف كان استواؤُه.) (14)[/b]

[b]____________[/b]
[b](1) في كتاب العين للخليل بن أحمد (ج1 ص223): وعَرَجَ يعرُجُ عُروجاً أي صَعِد.[/b]
[b](2) الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص324)، قال: (قال أبو عبد الله الحافظ: قال الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه: ...) وذكره. والسند صحيح، فأبو عبد الله الحافظ هو الحاكم وكان من تلاميذ الصبغي، وكان الحاكم من شيوخ البيهقي رحمهم الله جميعا. [/b]
[b](3) جامع البيان للطبري (ج23 ص168) [/b]
[b](4) رياض الجنة بتخريج أصول السنة لابن أبي زمنين (ص61) [/b]
[b](5) أي يُمِيِلها إليهم، يُريد بذلك أن يُشْهِدَ اللَّه عليهم (النهاية في غريب الأثر لابن الأثير 2 /112)[/b]
[b](6) صحيح البخاري، كتاب التوحيد/ باب ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ).[/b]
[b](7) مسند إسحاق بن راهويه (ت. 238 هـ) كما في اتحاف الخيرة المهرة للبوصيري (ج1 ص186)، والمطالب العالية لابن حجر (ج12 ص570)، فالإسناد صحيح؛ ورواها اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة بسنده عن إسحاق بن راهويه (ج3 ص396)[/b]
[b](8) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص399) وسنده صحيح. قال اللالكائي: وجدت بخط أبي الحسن الدارقطني عن اسحاق الهادي (والصحيح الكاذي كما في المخطوط الثاني المذكور في هامش الكتاب، وكما نقله الإمام الذهبي في كتابه "الأربعين في صفات رب العالمين" (ج1 ص37) وكتابه "العلو") قال: سمعت أبا العباس ثعلب يقول: وذكره. قال الخطيب البغدادي في تاريخه (تاريخ بغداد): إسحاق بن احمد بن محمد بن إبراهيم أبو الحسين الكاذى كان يقدم من قريته كاذة إلى بغداد فيحدث بها روى عن محمد بن يوسف بن الطباع ... وأبى العباس ثعلب... وكان ثقة ووصفه لنا بن رزقويه بالزهد. ا.هـ. [/b]
[b](9) "بَانَ" الشيء إذا انفصل فهو "بَائِنٌ" (المصباح المنير للفيومي - ص41)[/b]
[b](10) الرد على الجهمية للدارمي (ص39-40) بسند حسن، عن الحسن بن الصباح البزاز ثنا علي بن الحسن بن شقيق. وعبد الله بن أحمد بن حنبل في كتابه "السنة" (ص175) عن عبد الله بن شبويه عن ابن شقيق. ورواها غيرهما كثير بعضهم نقلا عن هؤلاء وبعضهم بأسانيدهم.[/b]
[b](11) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص244) قال: رواه الخلال في كتابه "السنة" عن حرب. وسير أعلام النبلاء له (ج11 ص370) [/b]
[b](12) كتاب "السنة" لعبد الله بن أحمد بن حنبل (ج1 ص267) بسند صحيح عن أحمد بن إبراهيم عن وكيع؛ ورواه الدارقطني في كتابه "الصفات" (ص71) عن محمد بن مخلد ، حدثنا إسحاق بن يعقوب العطار ، قال : سمعت أحمد الدورقي يقول : سمعت وكيعا وذكره. [/b]
[b](13) اللفظ عند الحافظ الذهبي في كتابه "العلو": (فإنه انتهى إلى).[/b]
[b](14) اعتقاد أهل السنة لأبي بكر الإسماعيلي (ص36) [/b]

أم عبد الله 07-17-2012 05:21 PM

عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة
في صفة الاسْتِوَاء وعُلُوِّ الله على خَلْقِه

[b][color=blue]أقوال السلف الصالح:[/color][/b]


[b]الصحابة رضوان الله عليهم[/b]
[b][color=blue]1. أبو بكر الصديق رضي الله عنه: [/color][/b]
لما مات النبي صلى الله عليه وسلم، صعد أبو بكر رضي الله عنه المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أيها الناس! إن كان محمدٌ إلهكم الذي تعبدون فإن إلهكم محمدًا قد مات، وإن كان إلهكم الذي [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] فإن إلهكم لم يمت، ثم تلا: {[color=blue]وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ[/color]} (1) حتى ختم الآية ...» (2) إسناده حسن.

[b][color=blue]2. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:[/color][/b] «[color=indigo]بين سماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمس مئة عام وبين كل سماءين مسيرة خمس مئة عام وبين السماء السابعة وبين الكرسي مسيرة خمس مئة عام وبين الكرسي وبين الماء مسيرة خمس مئة عام والعرش فوق الماء والله تبارك وتعالى فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه[/color]» درجته: حسن. (3)


[b][color=blue]بعد جيل الصحابة إلى 200 هـ[/color][/b]
[b][color=indigo]3. قال ابن اسحاق (150 هـ) إمام المغازي:[/color][/b] «يقول تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف : 54] الآية، وقال تعالى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود : 7] الآية، [color=indigo]فكان كما وصف نفسه تبارك وتعالى إذ ليس إلا الماء، عليه العرش،[u] وعلى العرش ذو الجلال والعزة والسلطان[/u] والملك والقدرة والحلم والعلم والرحمة والنعمة الفعال لما يريد، الواحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، الأول لم يكن قبله شيء لخلقه الخلق وليس معه شيء غيره، الآخر لبقائه بعد الخلق كما كان ليس قبله شيء، الظاهر الباطن في علوه على خلقه فليس شيء فوقه، الباطن لإحاطته بخلقه فليس دونه شيء[/color].» (62)
[b][color=blue]4. أبو حنيفة النعمان (ت 150 هـ) : [/color][/b]
قال الإمام الطحاوي في "العقيدة الطحاوية" التي أملى فيها عقيدة الإمام أبي حنيفة وصاحبيه أبو يوسف ومحمد بن الحسن: «والعرش والكرسي حق كما بين في كتابه، وهو مستغن عن العرش وما دونه محيط بكل شيء وفوقه» قوله: (وفوقه) أي [color=blue]"وفوق كل شيء" إثبات لفوقية الله عز وجل فوق كل المخلوقات بما فيها العرش[/color].


وقوله في موضع آخر «لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات» نفي لإحاطة الخلق بالله عز وجل، فـ(لا تحويه الجهات الست) التي هي مخلوقاته، بل هو فوق الجهات والمخلوقات كلها. وهو رد على الحلُولِيَّة والجهمية الذين كانوا يقولون بأن الله حالٌّ في خلقه، وأنه في كل مكان، تعالى الله علو الكبيرا.

[b][color=blue]ورُوي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال في الفقه الأكبر:[/color][/b] [b][u]«[/u][/b][b][u]من قال: "لا أعرف الله أفي السماء أم في الأرض"[/u] [u]فقد[/u][/b][u] [size=5][b]كفر[/b][/size]،[/u]
[b][color=blue]قال الله تعالى {الرحمن على العرش استوى} فإن قال: "أقول بهذه الآية ولكن لا أدري أين العرش في السماء أم في الأرض" [/color][size=5][color=red][u]فقد كفر أيضا[/u][/color][/size][/b][b][size=5][color=red][u]»[/u][/color][/size][/b] (4)[b] وذلك لأن في كلا القولين شك في فوقية الله عز وجل، لا يدري هل الله فوق مخلوقاته أم لا، وفيه اعتقاد احتمال وجود الله عز وجل في الأرض داخل مخلوقاته، تعالى الله علوا كبيرا. فكان بذلك منكرا للنصوص الشرعية، ومعتقدًا جواز حلول الله في خلقه، وكلاهما كفر.[/b]

[b][color=blue]5. مالك بن أنس (179 هـ) :[/color][/b] جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله {الرحمن على العرش استوى} فكيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء (5)،[color=blue][size=5]ثم قال: [/size][size=5][b][color=red][u]«الإستواء غير مجهول،[/u][/color][/b] [/size]والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا» فأمر به أن يخرج[/color]. (6)

[color=blue]قال أبو بكر ابن العربي المالكي عند حديثه عن أحاديث الصفات:[/color] ([b]ومذهب مالك رحمه الله أن كل حديث منها معلوم المعنى ولذلك قال للذي سأله: "الإستواء معلوم والكيفية مجهولة".)[/b] (7)
وعن الإمام مالك أنه قال: «الله [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء» (8)
الذين شهدوا بأن هذه هي عقيدة الإمام مالك رحمه الله: أبو حاتم الرازي (277 هـ) - ابن أبي زيد القيرواني (386 هـ) - محمد بن موهب المالكي (406 هـ) - أبو القاسم اللالكائي (418 هـ) - أبو نصر السجزي (444 هـ)، وسيأتي ذكر أقوالهم إن شاء الله.

[color=blue]6. قال حماد بن زيد (179 هـ):[/color] (إنما يدورون على أن يقولوا: ليس [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] إله) يعني الجهمية. صحيح.(9)

[color=blue]7. ابن المبارك (181 هـ) :[/color] قال علي بن الحسن بن شقيق: سألت عبد الله بن المبارك: "كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عز وجل؟"
قال: «على السماء السابعة على عرشه، ولا نقول كما تقول الجهمية: أنه ها هنا في الأرض» (10) صحيح.
وفي رواية: قال ابن المبارك: «بأنه فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه» (11) إسناده حسن.

[b][color=blue]8. أبو يوسف القاضي (182 هـ) ومحمد بن الحسن الشيباني (189 هـ) صاحبا أبي حنيفة:[/color][/b] قد مر ذكر اعتقادهما عند ذكر اعتقاد الإمام أبي حنيفة رحمهم الله جميعا.

[b]9. قال جرير بن عبد الحميد الضبي (188 هـ)[/b] : (كلام الجهمية أوله عسل، وآخره سم، وإنما يحاولون أن يقولوا: ليس [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] إله) (12)

[b][color=indigo]10. قال أبو معاذ خالد بن سليمان البلخي (199 هـ)[/color][/b] : (كان جهم على معبر ترمذ، وكان فصيح اللسان، ولم يكن له علم ولا مجالسة أهل العلم، فكلم السُمَنية [ديانة بوذية]، فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده. فدخل البيت لا يخرج، ثم خرج إليهم بعد أيام فقال: "هو هذا الهواء مع كل شيء، وفي كل شيء، ولا يخلوا منه شيء." قال أبو معاذ: "كذب عدو الله، إن الله [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] على العرش كما وصف نفسه.") (61)




[b]201 إلى 300 هـ[/b]

[b]11. محمد بن إدريس الشافعي (204 هـ) :[/b] قال أبو عثمان الصابوني: "وإمامنا أبو عبد الله محمد بن إدريس السافعي رضي الله عنه احتج في كتابه المبسوط في مسألة اعتاق الرقبة المؤمنة في الكفارة، وأن غير المؤمنة لا يصح التكفير بها بخير معاوية بن الحكم، وأنه أراد أن يعتق الجارية السوداء لكفارة، وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إعتاقه إياها، فامتحنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها: ”من أنا؟“ فأشارت إليه وإلى السماء، يعني أنك رسول الله الذي [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u]، فقال صلى الله عليه وسلم: ”أعتقها فإنها مؤمنة“. فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامها وإيمانها لما اقرت بأن ربها [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u]، وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية. وإنما احتج الشافعي رحمة الله عليه على المخالفين في قولهم بجواز إعتاق الرقبة الكافرة في الكفارة بهذا الخبر؛ لاعتقاده أن الله سبحانه فوق خلقه، وفوق سبع سماواته على عرشه، كما معتقد المسلمين من أهل السنة والجماعة، سلَفِهم وخلفِهم؛ إذ كان رحمه الله لا يرو خبرًا صحيحًا ثم لا يقول به." ثم ذكرًا آثرين في ذلك منها قول الشافعي رحمه الله - منكرًا على رجل سأله عن حديث حدث به الشافعي هل يقول به؟ - : «... أروي حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم لا أقول به !». [عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني ص118 و189]
[b][color=blue][u]وممن شهد بأنها عقيدة الإمام الشافعي : الحافظ أبو حاتم الرازي (195 - 277 هـ)، وسيأتي ذكر قوله.[/u][/color][/b]

[b][u]12. قال سعيد بن عامر الضبعي (208 هـ) وهو من شيوخ البخاري[/u][/b]: «[color=blue] الجهمية شرٌّ قولاً من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان: أن الله تبارك وتعالى على العرش، وقالوا هم: ليس على العرش شيء.»[/color][color=blue] صحيح.[/color] (13)

[b]13. قال محمد بن يوسف الفريابي (212 هـ) وهو من شيوخ البخاري[/b]: «من قال: إن الله ليس على عرشه فهو كافر.» [خلق أفعال العباد للإمام البخاري (ج2 ص39)]

[b]14. قال محمد بن مصعب الدَّعَّاء (228 هـ) :[/b] « من زعم أنك لا تَتَكلَّم ولا تُرَى في الآخرة فهو كافر بوجهك لا يعرفك، أشهدُ أنك فوق العرش فوق سبع سموات، ليس كما يقول أعداء الله الزنادقة » صحيح. (14)

[color=blue]15. أبو عبد الله ابن الأعرابي (231 هـ) :[/color] قال أبو سليمان داود بن علي: كنا عند ابن الاعرابي فأتاه رجل فقال له: "ما معنى قول الله عز و جل: {الرحمن على العرش استوى} ؟
فقال: « هو على عرشه كما أخبر عز و جل. »
فقال: "يا أبا عبد الله ليس هذا معناه، إنما معناه استولى."
قال: « اسكت! ما أنت وهذا لا يقال: استولى على الشيء إلا أن يكون له مضاد فإذا غلب أحدهما قيل: استولى، أما سمعت النابغة:

[center]ألا لمثلك أو من أنت سابقه *** سبق الجواد إذا استولى على الأمد» (15)[/center]

[b][color=indigo]16. قال قتيبة بن سعيد (240 هـ) :[/color][/b] « هذا قول الأئمة المأخوذ في الإسلام والسنة» وذكر مجموعة من العقائد منها: «ونعرف الله [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] السابعة على عرشه، كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه : 5 ، 6] » (16) صحيح.

[b][u]17. أحمد بن حنبل (241 هـ) :[/u][/b] قال يوسف بن موسى القطان (17): (قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: الله عز و جل فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه في كل مكان؟
قال: « نعم على العرش وعلمه لا يخلو منه مكان. “ صحيح. (18)
الذين شهدوا بأن هذه هي عقيدة الإمام أحمد رحمه الله: صاحباه: أبو حاتم الرازي (277 هـ) وحرب الكرماني (280 هـ) - أبو القاسم اللالكائي (418 هـ) - أبو نصر السجزي (444 هـ).</span> وسيأتي ذكر أقوالهم إن شاء الله.

[b]18. قال محمد بن أسلم الطوسي (242 هـ) :[/b] قال لي عبد الله بن طاهر: "قد بلغني أنك لا ترفع رأسك إلى السماء"، فقلتُ برأسي هكذا إلى السماء ساعة، ثم قلت: «ولِمَ لا أرفع رأسي إلى السماء؟ وهل أرجو الخير إلا ممن [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] ؟! » [سير أعلام النبلاء للذهبي (12 / 202)، والعلو للعلي الغفار (ص191)، بإسناد جيد من طريق أبي عبد الله الحاكم قال: دثنا يحيى العنبري حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا محمد بن أسلم.]

[b]19. قال الحارث المحاسبي الصوفي (243 هـ) :[/b] « وأما قوله {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5]) {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام : 18] و{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك : 16]» وذكر عددًا من الآيات، ثم قال: «فهذا يوجب أنه فوق العرش، فوق الأشياء، منزه عن الدخول في خلقه، لا يخفى عليه منهم خافية، لأنه أبان في هذه الآيات أن ذاته بنفسه فوق عباده لأنه قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ [الملك : 16]} يعني فوق العرش، والعرش على السماء، لأن من كان فوق شيء على السماء فهو [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u]، وقد قال مثل ذلك {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة : 2] يعني على الأرض لا يريد الدخول في جوفها وكذلك قوله: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه : 71] يعني فوقها» (19)

[b]20. قال خُشَيْش بن أصرم (253 هـ) في كتابه "الإستقامة":[/b] «وأنكر جهم أن يكون الله [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] دون الأرض، وقد دل في كتابه أنه [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] دون الأرض بقوله حين قال لعيسى عليه السلام {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران : 55]، وقوله {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء:157 ، 158] وقال: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة : 5]» وذكر جملة من الأدلة من القرآن، ثم قال: «لو كان في الأرض كما هو [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] لم يُنَزّل من السماء إلى الأرض شيئا، ولكان يصعد من الأرض إلى السماء كما ينزل من السماء إلى الأرض، وقد جاءت الآثار عن النبي أن الله عز و جل [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] دون الأرض) ثم ذكر أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقال: «من كفر بآية من كتاب الله فقد كفر به أجمع، فمن أنكر العرش فقد كفر به أجمع، ومن أنكر العرش فقد كفر بالله، وجاءت الآثار بأن لله عرشا وأنه على عرشه.» (20)

[b]21. محمد بن يحيى الذهلي (258 هـ) : كتب أبو عمرو المستملي (21) :[/b] (سُئل محمد بن يحيى عن حديث عبد الله بن معاوية عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليعلم العبد أن الله معه حيث كان." فقال: « يريد أن الله علمه محيط بكل ما كان، والله على العرش.» (22)

[b]22. أبو زرعة الرازي (264 هـ) :[/b] قال ابن أبي حاتم الرازي: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا: « أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم:» وذكرا أمورا منها «وأن الله عز و جل على عرشه بائن من خلقه، كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسول صلى الله عليه و سلم بلا كيف، أحاط بكل شيء علما {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11] » (23)

[b]23. قال إسماعيل بن يحيي المزني الشافعي (264 هـ) في كتابه في السنة :[/b] « عالٍ على عرشه، وهو دانٍ بعلمه من خلقه، أحاط علمه بالأمور، وأنفذ في خَلْقِه سابق المقدور {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر : 19]»
وقال في موضع آخر: « عالٍ على عرشه، بائن من خلقه » (24)

[b]24. أبو حاتم الرازي (277 هـ) :[/b] قال أبو القاسم اللالكائي: "ووجدت في بعض كتب أبي حاتم محمد بن إدريس ابن المنذر الحنظلي الرازي -رحمه الله- مما سمع منه، يقول: « مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان، مذهب أهل الأثر مثل أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن إبراهيم ، وأبي عبيد القاسم بن سلام ، والشافعي . ولزوم الكتاب والسنة، والذب عن الأئمة المتبعة لآثار السلف، واختيار ما اختاره أهل السنة من الأئمة في الأمصار مثل : مالك بن أنس في المدينة ، والأوزاعي بالشام ، والليث بن سعد بمصر ، وسفيان الثوري وحماد بن زياد بالعراق من الحوادث مما لا يوجد فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين) ) وذكر أمورا منها: « أن الله على عرشه بائن من خلقه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11] »." (25)

[b]25. قال أبو عيسى الترمذي (279 هـ) :[/b] « عِلْم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان، وهو على العرش كما وصف في كتابه. » (26)

[b]26. قال حرب بن إسماعيل الكرماني (280 هـ) في مسائله:[/b] « هذا مذهب أهل العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المتمسّكين بها، المُقتدى بهم فيها من لَدُن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا، وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام -وغيرهم-؛ فَمَن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها، أو عاب قائلَها، فهو مخالفٌ مبتدعٌ خارجٌ عن الجماعة، زائلٌ عن منهج السّنّة وطريق الحق. وهو مذهب أحمد وإسحاقَ بن إبراهيم بن مَخْلَد، وعبدالله بن الزبير الحُمَيدي، وسعيد بن منصور -وغيرهم- ممن جالسْنا وأخذنا عنهم العلم، فكان من قولهم: » (27) وذكر أمورا كثيرة منها: « وخلق سبع سماوات بعضها فوق بعض وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا إلى السماء الدنيا مسيرة خمس مئة عام ، وبين كل سماء إلى سماء خمس مئة عام، والماء فوق السماء العليا السابعة، وعرش الرحمن - عز وجل- فوق الماء، والله - عز وجل- على العرش ... وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نار ونور وظلمة، وما هو أعلم به. فإذا احتج مبتدع أو مخالف بقول الله - عز وجل-: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]، وبقوله - تعالى-: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [ المجادلة:7 ] ،ونحو هذا من متشابه القرآن؛ فقل إنما يعني بذلك العلم؛ لأن الله - عز وجل- على العرش فوق السماء السابعة العليا، يعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه، لا يخلو من علمه مكان.) (28)

وقال ابن أبي حاتم في كتابه "الرد على الجهمية": أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني: « الجهمية أعداء الله، وهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق، وأنه لا يعرف لله مكان، وليس على عرش، ولا كرسي، وهم كفار فاحذرهم.» (29)

[b]27. قال عثمان الدارمي (280 هـ)[/b] : (وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه فوق سمواته) (30)
وقال: (فالله تبارك وتعالى فوق عرشه، فوق سمواته، بائن من خلقه، فمن لم يعرفه بذلك لم يعرف إلهه الذي يعبده) (31)
[b]28. قال أبو بكر بن أبي عاصم (287 هـ) في كتابه "السنة":[/b] «باب: ما ذكر أن الله تعالى في سمائه دون أرضه» ثم روى بإسناده حديث الجارية الذي فيه سؤال النبي صلى الله عليه وسلم "أين الله؟". (32)
[b]29. قال أبو جعفر بن أبي شيبة (297 هـ) :[/b] « فهو فوق السماوات وفوق العرش بذاته متخلصا من خلقه بائنا منهم، علمه في خلقه لا يخرجون من علمه. » (33)

[b]30. قال عمرو بن عثمان المكي الصوفي (297 هـ)[/b] في كتاب "أداب المريدين والتعرف لأحوال العبّاد" في باب ما يجيء به الشياطين للتائبين: (إذا هم امتنعوا عليه واعتصموا بالله فإنه يوسوس لهم في أمر الخالق ليفسد عليهم أحوال التوحيد) وذكر كلاما طويلا إلى أن قال: « فهو تعالى القائل: {أنا الله} لا الشجرة، الجائي قبل أن يكون جائيا، لا أمره، المستوي على عرشه بعظمة جلاله دون كل مكان » (34)




[b][u][color=blue]شهادة العلماء الذين أتوا بعد عهد السلف الصالح بأن هذا الإعتقاد هو عقيدة السلف، عقيدة المسلمين، عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث:[/color][/u][/b]

[b]من 301 إلى 500 هـ)[/b]
[b]31. قال أبو الحسن الأشعري (324 هـ) في كتابه "مقالات الإسلاميين":[/b] (باب اختلافهم في البارىء هل هو في مكان دون مكان؟ أم لا في مكان؟ أم في كل مكان ؟ ) وذكر أقوال الفرق ثم قال: (قال أهل السنة وأصحاب الحديث: ... وأنه على العرش كما قال عز وجل {الرحمن على العرش} ولا نقدم بين يدى الله في القول بل نقول استوى بلا كيف) (35)
وقال في موضع آخر: (جُملة ما عليه أهل الحديث والسنة: الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله) وذكر أمورا منها: (وأن الله سبحانه على عرشه كما قال {الرحمن على العرش استوى} (36)

[b]32. قال أبو بكر الآجري (360 هـ) :[/b] (فعِلْمُه عز وجل محيط بجميع خلقه، وهو على عرشه، وهذا قول المسلمين.) (37)

[b]33. قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي (386 هـ) في كتابه "الجامع"[/b] : (فمما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة، ومن السنن التي خِلافُها بدعةٌ وضلالة: أن الله تبارك اسمه) وذكر أمورا منها: (وأنه فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وأنه في كل مكان بعلمه) وذكر باقي الإعتقاد ثم قال في آخره: (وكل ما قدَّمنا ذِكْرَه فهو قول أهل السنة وأيمة الناس في الفقهِ والحديث على ما بيناه، وكله قول مالك، فمنه منصوص من قوله، ومنه معلوم من مذهبه.) (38)

[b]34. قال ابن بطة العكبري الحنبلي (387 هـ)[/b] في كتابه الإبانة الكبرى: ( وأجمع المسلمون من الصحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله تبارك وتعالى على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه وعلمه محيط بجميع خلقه لا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلولية.)
[b]35. قال ابن أبي زَمَنِين المالكي (ت 399هـ) :[/b] (ومن قول أهل السنة : أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق ، ثم استوى عليه كيف شاء ، كما أخبر عن نفسه في قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه: 5 ، 6]) (39)

وقال: (ومن قول أهل السنة : أن الله عز وجل بائن من خلقه، مُحتجب عنهم بالحُجُب) (40)

[b]36. قال محمد بن موهب المالكي (406 هـ) في شرحه لرسالة الإمام ابن أبي زيد:[/b] (وقد تأتي لفظة «في» في لغة العرب بمعنى فوق، كقوله {فأمشوا في مناكبها} و(في جذوع النخل} و{أأمنتم من في السماء} قال أهل التأويل(41): يريد فوقها، وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله في السماء يعني فوقها وعليها) (42)

[b]37. قال أبو القاسم اللالكائي الشافعي (418 هـ) :[/b] (سياق ما رُوي في قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} وأن الله على عرشه [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u]. وقال عز وجل: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} وقال: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} وقال: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة}. فدلت هذه الآيات أنه تعالى [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] وعلمه بكل مكان من أرضه وسمائه. ورُوي ذلك عن الصحابة: عن عمر وابن مسعود وابن عباس وأم سلمة. ومن التابعين: ربيعة بن أبي عبد الرحمن وسليمان التيمي ومقاتل بن حيان. وبه قال الفقهاء: مالك بن أنس وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل.) (43)
[b]38. قال أبو عمر الطلمنكي المالكي (429 هـ) في كتابه "الوصول إلى معرفة الأصول":[/b] (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: {وهو معكم أينما كنتم} ونحو ذلك من القرآن: أنه علمه، وأن الله تعالى فوق السموات بذاته، مستو على عرشه كيف شاء.
وقال أهل السنة في قوله: {الرحمن على العرش استوى} : إن الإستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز) (44)
[b]39. قال أبو نعيم الأصبهاني الصوفي (ت 430هـ) في كتابه "محجة الواثقين:[/b] (وأجمعوا أن الله فوق سماواته وأنه عال على عرشه ، مستو عليه ، لا مستول كما تقول الجهمية) (45)
وقال في كتاب الإعتقاد له: (طريقنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة، ومما اعتقدوه: أن الله لم يزل كاملا بجميع صفاته القديمة) وذكر جملة من العقائد منها: (وأن الأحاديث التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرش، وإستواء الله عليه، يثبتونها، من غير تكييف، ولا تمثيل، وأن الله تعالى بائن من خلقه، والخلق بائنون منه، لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم، وهو مستو على عرشه في سمائه دون أرضه) (46)
[b]40. قال أبو نصر السجزي الحنفي (ت. 444 هـ) في كتابه الإبانة:[/b] (أئمتنا كسفيان الثوري، ومالك، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، عبد الله بن المبارك، والفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه متفقون على أن الله سبحانه وتعالى بذاته فوق العرش، وعلمه بكل مكان) (47)
[b]41. قال أبو عثمان الصابوني الشافعي (ت 449هـ) في كتابه "عقيدة السلف أصحاب[/b] الحديث": (ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله سبحانه فوق سبع سمواته، على عرشه مستو؛ كما نطق به كتابه، في قوله عز وجل في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف :54]) وذكر آيات الإستواء على العرش وآيات أخرى في علو الله، بعضها ذكرناها في الجزء الأول للمقال، ثم قال: (وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف رحمهم الله لم يختلفوا في أن الله على عرشه، وعرشه فوق سمواته.) (48)
[b]42. قال ابن عبد البر المالكي (ت 463 هـ) في كتابه "التمهيد":[/b] (وأما احتجاجهم بقوله عز {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة:7] فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية، لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التآويل (49) في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية: هو على العرش وعلمه في كل مكان وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله.) (50)

وقال في شرح حديث النزول: (وفيه دليل على أن الله عز وجل [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] على العرش من فوق سبع سموات، كما قالت الجماعة. وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم أن الله عز وجل في كل مكان، وليس على العرش.) (51)
وقال في "الإستذكار": (الله عز وجل [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] على العرش مِن فوقِ سبع سماوات، وعِلْمُه في كل مكان كما قالت الجماعة أهل السنة أهل الفقه والأثر.) (52)


[b]من 501 إلى 750 هـ[/b]
[b]43. قال الحسين البغوي الشافعي (ت 510هـ) :[/b] (وقال الله عز وجل (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وقال الله تعالى (ثم استوى على العرش) ) وذكر عددا من الآيات والأحاديث في الصفات، ثم قال-: (فهذه ونظائرها صفات لله تعالى ورد بها السمع يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل ، مجتنبا عن التشبيه، معتقدا أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق ، قال الله سبحانه وتعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [ الشورى : 11 ]. وعلى هذا مضى سلف الأمة ، وعلماء السنة) (53)

[b]44. قال يحيى العمراني الشافعي (ت 558هـ) :[/b] (عند أصحاب الحديث والسنة أن الله سبحانه بذاته، بائن عن خلقه، على العرش استوى فوق السموات، غير مماس له، وعلمه محيط بالأشياء كلها) (54)
[b]45. قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 620هـ) :[/b] (فإن الله تعالى وصف نفسه بالعلو [u][color=#0000ff]في السماء[/color][/u] ووصفه بذلك محمد خاتم الأنبياء، وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابه الأتقياء والأئمة من الفقهاء، وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين، وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين، وجعله مغروزًا في طباع الخلق أجمعين، فتَرَاهم عند نزول الكرب بهم يلحظون السماء بأعينهم ويرفعون نحوها للدعاء أيديهم، وينتظرون مجئ الفرج من ربهم، وينطقون بذلك بألسنتهم لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته، أو مفتون بتقليده واتباعه على ضلالته) (55)
[b]46. كتب ابن الصلاح الشافعي (ت 643هـ) على القصيدة في السنة المنسوبة إلى أبي الحسن الكرجي (532 هـ) : (هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث)[/b] (56)، ومما جاء في تلك القصيدة:

[center]عقيدة أصحاب الحديث فقد سمت *** بأرباب دين الله أسنى المراتب
عقائدهم أن الإله بذاته *** على عرشه مع علمه بالغوائب[/center]

[b]47. قال أبو عبد الله القرطبي المالكي (671 هـ= في كتابه[/b] "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى": (وأظهر هذه الأقوال ... ما تظاهرت عليه الآي والأخبار أن الله سبحانه على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف، بائن من جميع خلقه هذا جملة مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات.) (57)
وقال في تفسيره: (وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نَطَقوا هم والكافَّة بإثباتها (58) لله تعالى كما نطق كتابُه وأخبرت رسله. ولم يُنكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخصَّ العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جَهِلوا كيفية الاستواء فإنه لا تُعلم حقيقته. قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم - يعني في اللغة – والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة.) (59)
48. قال شمس الدين الذهبي الشافعي (ت 748هـ) في خاتمة كتابه "العلو للعلي الغفار" : (والله فوق عرشه كما أجمع عليه الصدر الأول ونقله عنهم الأئمة)
وقال في كتاب العرش له: (الدليل على أن الله تعالى فوق العرش، فوق المخلوقات، مباين لها، ليس بداخل في شيء منها، على أن علمه في كل مكان. الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة، والتابعين، والأئمة المهديين.) (60)
______________
(1) آل عمران : 144
(2) مصنف ابن أبي شيبة (ج20 ص560-5620) عن (محمد) ابن فضيل عن أبيه عن نافع عن ابن عمر؛ ومن طريقه عثمان الدارمي في الرد على الجهمية (ص44-45)؛ والبزار في مسنده (ج1 ص182-183)
(3) رواه أبو الشيخ في "العظمة" (ج2 ص688-689) قال: حدثنا الوليد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود رضي الله عنه، وذكره. وروى جزءا منه الإمام الدارمي في نقضه على بشر المريسي (1/ 422) : عن موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود. ورواه أحمد بن مروان الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (6 / 406) بسنده؛ واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (ج3 ص395-396) بسنده، ومن طريقه رواه ابن قدامة في "إثبات صفة العلو" (ص151-152)؛ وغيرهم؛ كلهم من طريق عاصم بن بهدلة. وعاصم صدوق، وقد وثقه جماعة، وحسّن حديثه آخرون. قال الهيثمي في مجمع الزوائد في عدة مواضع: حسن الحديث. وقال الذهبي في ميزان الأعتدال (2 /357) : هو حسن الحديث. وقال أبو بكر البزار: لم يكن بالحافظ، ولا نعلمُ أحدًا تَرك حديثه على ذلك، وهو مشهور. (تهذيب التهذيب لإبن حجر 2 /251)
(4) شرح الفقه الأكبر لأبي منصور الماتريدي (ص25) - مراجعة: عبد الله بن إبراهيم الأنصاري- طبع بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند – بحيدر آباد الدكن – سنة 1321 هـ
(5) أي العَرَق.
(6) الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص305-306)، والأثر ثابت ومشهور عن الإمام مالك.
(7) عارضة الأحوذي شرح صحيح الترمذي (ج3 ص166)
(8) "السنة" لعبد الله بن أحمد بن حنبل (ج1 ص280) عن أبيه (الإمام أحمد) عن سريج بن النعمان عن عبد الله بن نافع عن الإمام مالك.
(9) سير أعلام النبلاء للذهبي (ج7 ص461) وتذكرة الحفاظ له (ج1 ص168) عن ابن أبي حاتم الرازي الذي رواه في كتابه "الرد على الجهمية" (العلو للعلي الغفار ص143) بسند صحيح؛ وفي رواية أخرى: (إنما يحاولون أن ليس في السماء شيء)، رواه الإمام أحمد في مسنده (ج45 ص566) بسند صحيح، وغيرهم.
(10) "السنة" لعبد الله بن أحمد (ج1 ص111) قال: حدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال سألت عبدالله بن المبارك، وذكره. رواته ثقات والسند صحيح.
(11)الرد على الجهمية للدارمي (ص40) قال: حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا علي بن الحسن ابن شقيق عن ابن المبارك. سنده حسن.
(12) رواه ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية"، ومن طريقه الذهبي في كتابه العرش (ج2 ص191)، وكتابه الأربعين في صفات رب العالمين له (ج1 ص60)، وكتابه "العلو للعلي الغفار"؛ قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو هارون محمد بن خالد (صدوق – الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/245) حدثنا يحيى بن المغيرة (صدوق- الجرح والتعديل 9/191) : سمعت جرير بن عبد الحميد يقول، وذكره.
(13) رواه البخاري في "خلق أفعال العباد" (ج2 ص17) -تحقيق: فهد الفهيد، عن سعيد بن عامر الضبعي، وهو شيخه. ورواه ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية"، ومن طريقه الذهبي في كتاب العرش (ج2 ص207)، و"العلو للعلي الغفار" له. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال: حدثت عن سعيد ابن عامر الضبعي ، وذكره. وذكره الذهبي أيضا في كتابه "الأربعين" في الصفات (ج1 ص42). .
(14) رواه الإمام عبد الله بن أحمد في "السنة" له (ج1 ص173 ) بسند صحيح، قال: حدثني أبو الحسن بن العطار محمد بن محمد (ثقة - [تاريخ بغداد 4/ 334]) قال: سمعت محمد بن مصعب العابد يقول: وذكره. ورواه الدارقطني في كتابه "الصفات" (ص72-73) بسنده عن محمد بن مخلد العطار (ثقة مأمون [سؤالات حمزة للدارقطني ص81]) عن أبي الحسن العطار؛ والنجاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق" (ص71) بسنده؛ والخطيب في "تاريخ (بغداد) مدينة السلام" (ج4 ص452).
(15) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص399) قال: أخبرنا محمد بن جعفر النحوي – إجازة- ثنا أو عبد الله نفطويه قال حدثني أبو سليمان داود بن علي. والأثر صحيح.
(16) شعار أصحاب الحديث لأبي أحمد الحاكم (ص40-41)، قال: سمعت محمد بن إسحاق الثقفي (أبو العباس السراج) قال: سمعت أبا رجاء قتيبه بن سعيد. إسناده صحيح.
(17) هو يوسف بن موسى بن راشد القطان، قال الخطيب البغدادي في تاريخه: وصف غير واحد من الأئمة يوسف بن موسى بالثقة واحتج به البخاري في صحيحه. ا.هـ. توفي يوسف القطان سنة 253 هـ.
(18) شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي (3 / 402)؛ ورواه الخلال في كتابه "السنة" عن شيخه يوسف بن موسى القطان عن الإمام أحمد، كما في كتابي الحافظ الذهبي "العرش" (ج2 ص247) و"العلو للعلي الغفار" (ص176)، قال: رواه الخلال عن يوسف. فسنده صحيح.
(19) فهم القرآن ومعانيه للحارث المحاسبي (ص349-350).
(20) "التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع" لمحمد الملطي الشافعي / باب الفرق وذكرها.
(21) هو أحمد بن المبارك أبو عمرو، محدث نيسابور، توفي سنة أربع وثمانين ومئتين، انظر سيرته في سير أعلام النبلاء (ج13 ص373).
(22) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص186) : من طريق الحاكم قال: قرأت بخط أبي عمرو المستملي، وذكره.
(23) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج1 ص176-177) بسند صحيح.
(24) شرح السنة للمزني (ص79 و82)
(25) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج1 ص180-182)
(26) الجامع الكبير للترمذي (المعروف بسنن الترمذي) (ج5 ص327)
(27) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم (ص827 )، قال: "و نحن نحكي اجماعهم كما حكاه حرب صاحب الإمام أحمد عنهم بلفظه، قال في مسائله المشهورة: ..." وذكره.
(28) حادي الأرواح (ص835-836).
(29) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص262).
(30) نقض الإمام عثمان بن سعيد الدارمي على المريسي (ج1 ص340)
(31) الرد على الجهمية للدارمي (ص39)
(32) كتاب السنة لابن أبي عاصم (ج1 ص342)
(33) العرش وما رُوي فيه لأبي جعفر بن أبي شيبة (ص291-292)
(34) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص272)
(35) مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين لأبي الحسن الأشعري (ج1 ص260)، تحقيق: محمد عبد الحميد.
(36) مقالات الإسلاميين (ج1 ص320)
(37) الشريعة لأبي بكر الآجري (ج3 ص1076)
(38) كتاب الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ لابن أبي زيد القيرواني (ص107- 108 و117)
(39) رياض الجنة بتخريج أصول السنة لابن أبي زمنين (ص88)
(40) رياض الجنة (ص106)
(41) أي التفسير، فالتأويل في اللغة معناه التفسير.
(42) العلو للعلي الغفار - الذهبي (ص264)
(43) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص387-388)
(44) العلو للذهبي (ص246)
(45) مرعي الكرمي في أقاويل الثقات (ص90)، وأبو العون السفاريني في لوامع الأنوار البهية (ج1 ص196-197)
(46) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص345-346)، ونقلها في كتابه "العلو للعلي الغفار" أيضا.
(47) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص341)، وسير أعلام النبلاء له (ج17 ص656)، وأيضا كتابه العلو للعلي الغفار.
(48) عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني (ص175 و176)؛ والذهبي في كتاب العرش (ج2 ص350).
(49) أي التفسير.
(50) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر (ج7 ص138-139)
(51) التمهيد (ج7 ص129)
(52) الإستذكار لابن عبد البر (ج2 ص148)
(53) شرح السنة للحسين البغوي (ج1 ص169-171)
(54) الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار للعمراني (ج2 ص607)
(55) إثبات صفة العلو لابن قدامة المقدسي (ص63)
(56) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص342) قال – بعد ذكر البيت الذي فيه ذكر علو الله على عرشه من قصيدة الكرجي-: "وموجود بها الآن نسخ من بعضها نسخة بخط الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، على أولها مكتوب: هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث، بخطه رحمه الله." وذكر مثله في كتابه "العلو للعلي الغفار" عند الحديث عن قصيدة الكرجي.
(57) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (ج2 ص132)
(58) يقصد بـ"الجهة": الفوق، يعني أن السلف لم ينفوا أن الله عز وجل فوق ولا قالوا بأنه ليس فوق، بل أثبتوا أنه تعالى فوق جميع خلقه، كما هو ظاهر من الآثار المذكورة في هذا المقال.
(59) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ج9 ص239)
(60) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص5)
(61) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص201) من طريق ابن أبي حاتم الرازي الذي رواه في كتابه "الرد على الجهمية"؛ ورواه البيهقي بسند صحيح في كتابه "الأسماء والصفات (ج2 ص337)
(62) العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني (ج2 ص460) بسنده قال: حدثنا محمد بن الحسين الطبركي، قال: حديثنا محمد ابن عيسى الدامغاني، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن اسحاق قال ... وذكره

أم عبد الله 07-17-2012 05:31 PM

[CENTER]بسم الله الرحمن الرحيم[/CENTER]


مقدمة
أقوال العلماء الذين أثبتوا صفة الاستواء وعلو الله على خلقه.
ملاحظة: الترتيب بحسب تاريخ الوفاة.



[B][COLOR=blue]301 – 400 هـ[/COLOR][/B]

[B]1. قال الحافظ ابن الأخرم (301 هـ) في وصية له:[/B] (ونقول الله على العرش، وعلمه محيط بالدنيا والآخرة.) (1)
[B]2. قال ابن جرير الطبري (310 هـ) في تفسير معنى الاستواء:[/B] (والاستواء في كلام العرب منصرف على وجوه؛ منها: ...) وذكر عدة معاني آخرها: (ومنها: العلوُّ والارتفاع، كقول القائل: استوى فلان على سريره. يعني به: عُلوُّه عليه.) قال: (وأولى المعاني بقول الله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة : 29] : علا عليهن وارتفع، فدبَّرهن بقدرته وخلقهن سبع سماوات.) (2)
- وقال: (وأما قوله:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فإنه يعني: علا عليه.) (3)
- وقال: ({الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} يقول تعالى ذكره: الرحمن على عرشه ارتفع وعلا.) (4)
وقال في تفسير قوله تعالى {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [القصص: 38] : ({وَإِنِّي لأظُنُّهُ} فيما يقول من أن له معبودًا يعبده في السماء، وأنه هو الذي يؤيده وينصره، وهو الذي أرسله إلينا {من الكاذبين}) (5)
- وقال: ( {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} يقول: وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمُكم، ويعلم أعمالكم ومُتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سماواته السبع) (6)
- وقال: (وعنى بقوله: {هوَ رَابِعُهُمْ} بمعنى: أنه مشاهدهم بعلمه وهو على عرشه.) (7)


[COLOR=blue][B]3. قال ابن خزيمة الشافعي (311 هـ) :[/B][/COLOR] (وقالت [عائشة رضي الله عنها]: «سبحان من وسع سمعه الأصوات»، فسمع الله -جل وعلا- كلام المجادلة، وهو فوق سبع سموات مستو على عرشه وقد خفي بعض كلامها على من حضرها وقرب منها.) (8)
- وقال بعد ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: ”وإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه وسط الجنة، وأعلا الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة“ [صحيح البخاري] : (فالخبر يصرح أن عرش ربنا –جل وعلا- فوق جنته، وقد أعلمنا – جل وعلا- أنه مستو على عرشه، فخالقنا عال فوق عرشه الذي هو فوق جنته.) (9)
- وقال: (فتلك الأخبار كلها دالة على أن الخالق الباري فوق سبع سمواته، لا على ما زعمت المعطلة: أن معبودهم هو معهم في منازلهم.) (10)
- وقال: (من لم يُقرّ بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سمواته فهو كافر بربه، يُستتاب فإن تاب وإلا ضُربت عنقه) (11)


[B][COLOR=blue]4. قال أبو بكر أحمد الصبغي الشافعي (342 هـ) :[/COLOR][/B] (تضع العرب «في» بموضع «على» قال الله عز وجل: {فسيحوا في الأرض}، وقال {لأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه: على الأرض وعلى النخل، فكذلك قوله: {في السماء} أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم) (12)

[B][COLOR=blue]5. قال ابن القرطي المالكي (355 هـ) في مقدمة كتابه في تسمية الرواة عن مالك:[/COLOR][/B] (الحمد لله الحميد، ذي الرشد والتسديد، والحمد لله أحق ما بدي، وأولى من شكر الواحد الصمد، جل عن المثل فلا شبه ولا عدل، عال على عرشه، فهو دان بعلمه) (13)

[B]6. قال أبو القاسم الطبراني (360 هـ) صاحب المعجم الكبير والأوسط والصغير في كتاب "السنة" له:[/B] (باب ما جاء في استواء الله تعالى على عرشه، وأنه بائن من خلقه) ثم روى حديث أبي رزين: "قلت: يا رسول الله أين كان ربنا؟"، وحديث الأوعال وأن العرش على ظهورهن والله فوق العرش، وغير ذلك. (14)

[B]7. قال أبو بكر الآجري (360 هـ) :[/B] (والذي يذهب إليه أهل العلم أن الله عز وجل سبحانه على عرشه فوق سماواته، وعلمُهُ محيط بكل شيء)
وقال: (وفي كتاب الله عز وجل آيات تدل على أن الله تبارك وتعالى في السماء على عرشه، وعلمه محيط بجميع خلقه.)

وقال: (باب ذكر السنن التي دلت العقلاء على أن الله عز وجل على عرشه، فوق سبع سماواته، وعلمه محيط بكل شيء، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.) (15)

[B]8. قال أبو أحمد الكرجي القصاب (360 هـ) :[/B] (هو في السماء على العرش بلا مِرية ولا شك، وعلمه بكل مكان لا يخلو من علمه مكان.) (51)
وقال: (قوله: {يخافون ربهم من فوقهم} دليل على أن الله -جل جلاله- بذاته في السماء [أي فوق السماء] على العرش، وليس في الأرض إلا علمه المحيط بكل شيء. وهذا والله من المصائب العظيمة أن يضطرنا جهل المعتزلة والجهمية، وسخافة عقولهم إلى تثبيت هذا عليهم، وهو شيء لا يخفى على نوبية سوداء.) وذكر حديث الجارية. (52)

[B][COLOR=blue]9. قال أبو الشيخ الأصبهاني (369 هـ) :[/COLOR][/B] (ذكر عرش الرب تبارك وتعالى وكرسيه وعظم خلقهما، وعلو الرب تبارك وتعالى فوق عرشه) (16) ثم ساق جملة من الأحاديث في ذلك.
10. قال أبو الحسين محمد الملطي الشافعي (377 هـ) في كتابه "التنبيه والرد": (أما تفسير قوله {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} فيها تقديم يقول كان استواؤه على العرش قبل خلق السموات والأرض والله تعالى فوق العرش فهذا تفسيرهما.) (17)

[B][COLOR=blue]11. قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي (386 هـ) في كتابه "الجامع":[/COLOR][/B] (فمما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة، ومن السنن التي خِلافُها بدعةٌ وضلالة: أن الله تبارك اسمه ...) وذكر أمورا منها: (وأنه فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وأنه في كل مكان بعلمه) وذكر باقي الاعتقاد ثم قال في آخره: (وكل ما قدَّمنا ذِكْرَه فهو قول أهل السنة وأيمة الناس في الفقهِ والحديث على ما بيناه، وكله قول مالك ، فمنه منصوص من قوله، ومنه معلوم من مذهبه.) (18)
- وقال في مقدمة رسالته المشهورة: (وإنه فوق عرشه المجيد بذاته وهو بكل مكان بعلمه)
- العلماء الذين شهدوا بأن هذه هي عقيدة الإمام ابن أبي زيد:
= قال محمد بن الحسن المرادي القيرواني المالكي (489 هـ) صاحب رسالة "الإيماء إلى مسألة الاستواء": (والسادس: قول الطبري (19) وابن أبي زيد والقاضي عبد الوهاب وجماعة من شيوخ الحديث والفقه وهو ظاهر بعض كتب القاضي أبي بكر رضي الله عنه وأبي الحسن، وحكاه عنه أعني عن القاضي أبي بكر القاضي عبد الوهاب نصا وهو أنه سبحانه مستوٍ على العرش بذاته – وأطلقوا في بعض الأماكن فوق عرشه)، ثم قال القرطبي – بعد نقله لكلام المرادي- : (وهو قول ابن عبد البر والطلمنكي وغيرهما من الأندلسيين، والخطابي (سيأتي قوله) (20) في كتاب شعار الدين) (21)
= وقال أبو بكر ابن العربي المالكي: (ثم جاءت طائفة ركبت عليه فقالت: «إنه فوق العرش بذاته» وعليها شيخ المغرب أبو محمد عبد الله بن أبي زيد) (22)
= وممن شهد على ذلك أيضا: تلميذه أبو بكر محمد بن موهب، وسيأتي ذكر كلامه إن شاء الله.


[B][COLOR=blue]12. قال ابن بطة العكبري الحنبلي (387 هـ) في كتابه الإبانة الكبرى:[/COLOR][/B] ( وأجمع المسلمون من الصحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله تبارك وتعالى على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه، وعلمه محيط بجميع خلقه، لا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحُلولية.)

[B]13. قال أبو سليمان الخطابي (388 هـ) في كتابه "شعار الدين":[/B] (وقال حكاية عن فرعون أنه قال {يا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} فوقع قصد الكافر إلى الجهة التي أخبره موسى عنها ولذلك لم يطلبه في طول الأرض ولا عرضها ولم ينزل إلى طبقات الأرض السفلى. فدل ما تلوناه من هذه الآي على أن الله سبحانه في السماء مستو على العرش، ولو كان بكل مكان لم يكن لهذا التخصيص معنى ولا فيه فائدة، *وقد جرت عادة المسلمين خاصتهم وعامتهم بأن يدعو ربهم عند الابتهال والرغبة إليه ويرفعوا أيديهم إلى السماء وذلك لاستفاضة العلم عندهم بأن ربهم المدعو في السماء سبحانه.* ) (23)


[B]14. قال محمد بن إسحاق ابن منده (395 هـ) :[/B] (ذكر الآي المتلوة والأخبار المأثورة في أن الله عز وجل على العرش فوق خلقه بائنا عنهم وبدء خلق العرش والماء، قال الله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5] وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَن}ُ [الفرقان : 59] وقال: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس : 3])
وقال في موضع آخر: (بيان آخر يدل على أن العرش فوق السموات وأن الله تعالى فوق الخلق بائنا عنهم) (24)
[B]15. قال ابن أبي زَمَنِين المالكي (399 هـ) بعد ذكره لحديث النزول:[/B] (وهذا الحديث بَيَّن أن الله عز وجل على عرشه في السماء دون والأرض، وهو أيضا بين في كتاب الله ، وفي غير ما حديث عن رسول الله.) (25)



[B]401- 500 هـ[/B]

[B]16. أبو بكر محمد بن موهب المالكي (406 هـ)[/B] تلميذ ابن أبي زيد، قال في شرحه لرسالة الإمام محمد بن أبي زيد القيرواني: (أما قوله «إنه فوق عرشه المجيد بذاته»، فمعنى «فوق» و«على» عند جميع العرب واحد وبالكتاب والسنة تصديق ذلك وهو قوله تعالى: {ثم استوى على العرش} وقال: {الرحمن على العرش استوى}، وقال: {يخافون ربهم من فوقهم}) وساق حديث الجارية والمعراج إلى سدرة المنتهى إلى أن قال: (وقد تأتي لفظة «في» في لغة العرب بمعنى فوق كقوله: {فامشوا في مناكبها} و{في جذوع النخل} و {أأمنتم من في السماء}، قال أهل التأويل(26) : يريد فوقها، وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي أن الله في السماء يعني فوقها وعليها، فلذلك قال الشيخ أبو محمد (27) : "إنه فوق عرشه" ثم بيَّن أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته)
ثم سرد كلاما طويلا إلى أن قال: (فلما أيقن المنصفون إفراد ذكره بالاستواء على عرشه بعد خلق سماواته وأرضه وتخصيصه بصفة الاستواء علموا أن الاستواء هنا غير الاستيلاء ونحوه، فأقروا بوصفه بالاستواء على عرشه وأنه على الحقيقة لا على المجاز لأنه الصادق في قيله ووقفوا عن تكييف ذلك وتمثيله إذ ليس كمثله شيء.)

[B]17. قال أبو زكريا يحيى بن عمار الحنبلي (422 هـ) في رسالته:[/B] (لا نقول كما قالت الجهمية: "إنه تعالى مداخل للأمكنة وممازج بكل شيء ولا نعلم أين هو؟ "، بل نقول: هو بذاته على العرش وعلمه محيط بكل شيء، وعلمه وسمعه وبصره وقدرته مدركة لكل شيء. وذلك معنى قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد : 4] فهذا الذي قلناه هو كما قال الله وقاله رسوله.) (28)
[B]18. قال أبو القاسم اللالكائي الشافعي (418 هـ)[/B] : (سياق ما رُوي في قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} وأن الله على عرشه [U][COLOR=#0000ff]في السماء[/COLOR][/U]. وقال عز وجل: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} وقال: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} وقال: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة}. فدلت هذه الآيات أنه تعالى [U][COLOR=#0000ff]في السماء[/COLOR][/U] وعلمه بكل مكان من أرضه وسمائه.»</ (56)

[B][COLOR=blue]19. قال أبو عمر الطلمنكي المالكي (429 هـ)[/COLOR][/B] في كتابه "الوصول إلى معرفة الأصول": (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: {وهو معكم أينما كنتم} ونحو ذلك من القرآن: أنه علمه، وأن الله تعالى فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء.) وقال: (قال أهل السنة في قوله: {الرحمن على العرش استوى} : إن الإستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز.) (57)

[B]20. قال أبو نعيم الأصبهاني الصوفي (ت 430هـ) في كتاب الإعتقاد له:[/B] (طريقنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة، ومما اعتقدوه: أن الله لم يزل كاملا بجميع صفاته القديمة) وذكر جملة من العقائد منها: (وأن الأحاديث التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرش، وإستواء الله عليه، يثبتونها، من غير تكييف، ولا تمثيل، وأن الله تعالى بائن من خلقه، والخلق بائنون منه، لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم، وهو مستو على عرشه في سمائه دون أرضه). (58)
[B][COLOR=blue]21. قال أبو عمرو الداني المالكي (444 هـ) في أرجوزته في السنة:[/COLOR][/B]

[CENTER]ومن عقود السنة الايمان * بكل ما جاء به القرآن
وبالحديث المسند المروي * عن الائمة عن النبي
إلى أن قال
كلامه وقوله قديم * وهو فوق عرشه العظيم (29)[/CENTER]

[B]22. قال أبو نصر السجزي الحنفي (444 هـ) :[/B] (واعتقاد أهل الحق أن الله سبحانه فوق العرش بذاته من غير مماسة.) [30]

[B][COLOR=indigo]23. قال أبو عثمان الصابوني الشافعي (449هـ) في كتابه[/COLOR][/B] «عقيدة السلف أصحاب الحديث»: (ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله سبحانه وتعالى فوق سبع سمواته، على عرشه، كما نطق به كتابه في قوله عز وجل في سورة يونس: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس : 3]) [31] وذكر آيات الاستواء على العرش وآيات أخر في علو الله، بعضها ذكرناها في الجزء الأول للمقال.

[B]24. قال ابن عبد البر المالكي (463 هـ) :[/B] (وأما قوله في هذا الحديث للجارية: ”أين الله؟“ فعلى ذلك جماعة أهل السنة وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه وسائر نقلته كلهم يقول ما قال الله تعالى في كتابه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5] وأن الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان وهو ظاهر القرآن في قوله عز وجل: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [الملك : 16] وبقوله عز وجل: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر : 10] وقوله: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج : 4] (32) وانظر أقوالاً غيرها لهذا الإمام في الجزء الثاني من المقال.

[B]25. قال سعد بن علي الزنْجاني الشافعي (ت. 471 هـ)[/B] في شرحه لقصيدته في السنة: (وليس معنى الإستواء أيضًا أنه ماس العرش أو إعتمد عليه أو طابقه، فإن كل ذلك مُمتنع في وصفه جل ذكره، ولكنه مستوٍ بذاته على عرشه بلا كيف، كما أخبر عن نفسه، وقد أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى، ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى : 1]؛ وأن لله علو الغلبة والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو، لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل، فثبت بذلك أن لله علو الذات، وعلو الصفات، وعلو القهر والغلبة؛ وجماهير المسلمين، وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله جل ثناؤه من جهة الفوق في الدعاء والسؤال، فاتفاقهم بأجمعهم على الإشارة إلى الله سبحانه من جهة الفوق حُجّة، ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل، ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق، وقال تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ } [النحل : 50]...) وذكر عددًا من الآيات التي تدل على علو ذات الله، وذكر معها حديث الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم: "أين الله؟". (50)
[B]26. قال أبو الخطاب أحمد المقرئ الحنبلي (476 هـ) في قصيدته في السنة: [/B]

[CENTER]وَللجبلِ الرحمنُّ لمَّا بَدَا له *** تَدَكْدَك خوفا كالشَّظَى يتقطّعُ
وَكَلَّمَ مُوسى ربُّه فوق عرشه *** على الطُّور تكليما فما زال يخْضَع (33)[/CENTER]

[B]27. قال أبو إسماعيل الأنصاري الهروي الحنبلي الصوفي (481 هـ) في كتاب[/B] «الصفات» له: (باب إثبات استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة، بائنا من خلقه، من الكتاب والسنة). فذكر رحمه الله دلالات ذلك من الكتاب والسنة – إلى أن قال: (في أخبار شتى أن الله عز وجل في السماء السابعة على العرش بنفسه، وهو ينظر كيف تعملون، علمه، وقدرته، واستماعه، ونظره، ورحمته، في كل مكان.) (34)



[B]501- 700 هـ[/B]

[B]28. قال الحسين البغوي الشافعي (ت 510هـ) :[/B] (وقال الله عز وجل (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وقال الله تعالى (ثم استوى على العرش) ) وذكر عددا من الآيات والأحاديث في الصفات، ثم قال-: (فهذه ونظائرها صفات لله تعالى ورد بها السمع يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل ، مجتنبا عن التشبيه، معتقدا أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق ، قال الله سبحانه وتعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [ الشورى : 11 ]. وعلى هذا مضى سلف الأمة ، وعلماء السنة) (59)

[B]29. قال ابن أبي يعلى الحنبلي (526 هـ) :[/B] (الحمد لله العلي العظيم، السميع البصير، ذي الفضل الواسع، والمنن التوابع، والنعم السوابغ، والحِجَج البَوَالِغ، علا فكان فوق سبع سمواته، ثُم على عرشه استوى، يعلم السر وأخفى) (35)

[B]30. قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني الشافعي (535 هـ)[/B] في كتابه «الحجة في بيان المحجة»: (فصل في بيان أن العرش فوق السموات، وأن الله عز وجل فوق العرش) (36) وذكر آثارا في ذلك.
[B]31. قال عدي بن مسافر الهكاري الشافعي (555 هـ) في اعتقاده:[/B] "وأن الله على عرشه، بائن من خلقه، كما وصف نفسه في كتاب وعلى لسان نبيه بلا كيف، أحاط بكل شيء علمًا وهو بكل شيء عليم، قال تعالى {الرحمن على العرش استوى}" (48)

[B]32. قال يحيى العمراني الشافعي (ت 558هـ) :[/B] (عند أصحاب الحديث والسنة أن الله سبحانه بذاته، بائن عن خلقه، على العرش استوى فوق السموات، غير مماس له، وعلمه محيط بالأشياء كلها) (60)

[B]33. قال عبد القادر الجيلاني الحنبلي الصوفي (561 هـ)[/B] في كتابه «الغنية»: (وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء، {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه})

وقال: (وأن الله تعالى خلق سموات بعضها فوق بعض، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض، ومن الأرض العليا إلى السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام ..... والله تعالى على العرش ودونه حجب من نار ونور وظلمة، وما هو أعلم به) (37)
34. قال عبد الغني المقدسي الحنبلي (600 هـ) في كتابه «الصفات» بعد ذكر آيات وأحاديث في العلو والإستواء: (وفي هذه المسألة أدلة من الكتاب والسنة يطول بذكرها الكتاب. ومُنكِرُ أن يكون الله – عز وجل – في جهة العلو، بعد هذه الآيات والأحاديث: مخالفٌ لكتاب الله، ومنكر لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.)

وقال بعد ذكر حديث الجارية: (ومَنْ أجهلُ جهلاً، وأسخف عقلاً، وأضل سبيلاً ممن يقول: إنه لا يجوز أن يُقال: "أين الله؟" بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله: ”أين الله؟“) (38)

[B]35. قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي (620 هـ)[/B] : (وأخبر عن فرعون أنه قال {يا هامان ابن لي صرحا لعلي ابلغ الاسباب اسباب السموات فأطلع الى اله موسى واني لاظنه كاذبا} يعني أظن موسى كاذبا في أن الله إلهه في السماء، والمخالف في هذه المسئلة قد أنكر هذا يزعم أن موسى كاذب في هذا بطريق القطع واليقين، مع مخالفته لرب العالمين، وتخطئته لنبيه الصادق الامين، وتركه منهج الصحابه والتابعين، والأئمة السابقين، وسائر الخلق أجمعين. ونسأل الله تعالى أن يعصمنا من البدع برحمته، ويوفقنا لاتباع سنته.) (39) وانظر قوله المنقول في الجزء الثاني من المقال.
[B]36. كتب ابن الصلاح الشافعي (ت 643هـ)[/B] على القصيدة في السنة المنسوبة إلى أبي الحسن الكرجي (532 هـ) : (هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث) (61)، ومما جاء في تلك القصيدة:

[CENTER]عقيدة أصحاب الحديث فقد سمت *** بأرباب دين الله أسنى المراتب
عقائدهم أن الإله بذاته *** على عرشه مع علمه بالغوائب[/CENTER]

[B][COLOR=blue]37. عبد الكريم بن منصور الموصلي الشافعي الأثري (651 هـ): [/COLOR][/B]
نظَم أبو زكريا الصرصري الحنبلي قصيدة أثنى فيها على عقيدة الشيخ عبد الكريم الأثري بعد وقوفه على عقيدته "المعتمَد في المُعتقد"، قال فيها مُبيِّنا عقيدة الشيخ:

[CENTER]ومذهبـه في الاسـتواء كمالــكً ** وكالـسلف الأبـرار أهـل التفضُّلِ
وقـال: استوى بذاته فـوق عرشه ** ولا تقُل استـولى فمَـن قال يُبطَـل
فـذاك الذي ضِدٌّ يقـال فـسوءَةً ** لِـذي خَطَـلٍ راوٍ يُغيـثُ وأخْطَـلِ
وقد بـانَ منه خَلقُـه وهو بـائنٌ ** مِـنَ الخَلْق مُحْصٍ للخَـفِيِّ وللجَـلي
و{أقرب من حبل الوريـد} مُفسّرٌ ** ومـا كان في معناهُ بـالعِلم فاعقـلِ
عـلا في السماء اللهُ فـوقَ عِباده ** دليلُـك في القـرآن غيـرُ مَفَـلَّل
وإثبـات إيمان الجُويرية اتّخِـذ ** دليـلا عليه مُسنَدًا غـير مُرسَـلِ (49)[/CENTER]

[B]3837. قال أبو زكريا يحيى الصرصري الحنبلي الصوفي (656 هـ) : [/B]

[CENTER]أقرّ بأن الله جلّ ثناؤه ... إلهٌ قديم قاهر مترفع
سميع بصير ما له في صفاته ... شبيه يَرَى من فوق سبع ويَسمعُ
وخلق الطباق السبع والأرض واسعٌ ... وكرسيّه منهن في الخلق أوسع
قضى خلقه ثم استوى فوق عرشه ... ومن علمه لم يخل في الأرض موضع
ومن قال إن الله جلّ بذاته ... بكل مكانٍ جاهلٌ متسرع (40)[/CENTER]

[B]39. قال عبد الرزّاق الرسعني الحنبلي (661 هـ) في قصيدته (41) في مدح السنة وذم البدعة:[/B]

[CENTER]وقُل إنَّ ربِّي في السماء قد استوى *** على العرش واقطع كلَّ وهْمٍ وزائل
وأَطْلِق جوازَ الأَيْن فالنصُّ ثابتٌ (42) *** صحيحٌ ظاهرٌ غيرُ خامل (43)[/CENTER]

[COLOR=blue][B]40. قال عبد الرحمن المقدسي الحنبلي (682 هـ) ابن أخ موفق الدين ابن قدامة: (مسألة:[/B][/COLOR] «إلا الأخرس فانه يومئ برأسه إلى السماء» ... إذا ثبت هذا فإنه يشير إلى السماء برأسه لأن إشارته تقوم مقام نطق الناطق وإشارته إلى السماء تدل على قصده تسمية الذي في السماء. ونحو هذا قال الشعبي. وقد دل على هذا حديث أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية أعجمية، فقال: يا رسول الله، إن عليَّ رقبة مؤمنة، أفأعتق هذه؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين الله؟" فأشارت إلى السماء ...) إلى آخر الحديث، ثم قال: ( فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإيمانها بإشارتها إلى السماء، تريد أن الله سبحانه فيها.) (44)



[B][COLOR=blue]701 هـ فما بعدها [/COLOR][/B]

[B]41. قال ابن شيخ الحَزّامِيين الحنبلي (53) (711 هـ) :[/B] (العبد إذا أيقن أن الله تعالى فوق السماء عال على عرشه بلا حصر، ولا كيفية، وأنه الآن في صفاته كما كان في قِدمه صار لقلبه قبلة في صلاته، وتوجهه ودعائه، ومن لا يعرف ربه بأنه فوق سماواته على عرشه، فإنه يبقى ضائعًا لا يعرف وجهة معبوده لكن ربما عرفه بسمعه، وبصره، وقِدمه، وتلك بلا هذا معرفة ناقصة بخلاف من عرف أن إلهه الذي يعبده فوق الأشياء ... ) ثم قال: (ويعتقد أنه في علوه قريب من خلقه، وهو معهم بعلمه، وسمعه، وبصره، وإحاطته، وقدرته، ومشيئته، وذاته فوق الأشياء فوق العرش.) (54)
[B][COLOR=blue]42. قال تقي الدين ابن تيمية الحنبلي (728 هـ) في العقيدة الواسطية:[/COLOR][/B] (وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله : الإيمان بما أخبر الله به في كتابه، وتواتر عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه سلف الأمة : من أنه سبحانه فوق سمواته، على عرشه، عليّ على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا يعلم ما هم عاملون، كما جمع بين ذلك في قوله: {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير} وليس معنى قوله: {وهو معكم} أنه مختلط بالخلق، فإن هذا لا توجبه اللغة وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة، وخلاف ما فطر الله عليه الخلق؛ بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته هو موضوع في السماء؛ وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان؛ وهو سبحانه فوق العرش رقيب على خلقه، مهيمن عليهم، مطلع إليهم، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته.)

[B][COLOR=blue]43. قال ابن عبد الهادي الحنبلي (744 هـ) :[/COLOR][/B] (وهو سبحانه فوق سمواته على عرشه ، وقد دنا من عباده ونزل إلى السماء الدنيا ، فإن علوه سبحانه وعلى خلقه أمر ذاتي ، له معلوم بالعقل والفطرة وإجماع الرسل ، فلا يكون فوقه شيء البتة.) (45)
[B][COLOR=blue]44. قال ابن القيم الجوزية الحنبلي (751 هـ) :[/COLOR][/B] (هو سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه.) (55)
[B]45. قال ابن أبي العز الحنفي (792 هـ) في شرحه للعقيدة الطحاوية:[/B] (فهو فوق العرش مع حمله بقدرته للعرش وحملته) وقال: (ومن سمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام السلف، وجد منه في إثبات الفوقية ما لا ينحصر، ولا ريب أن الله سبحانه لما خلق الخلق، لم يخلقهم في ذاته المقدسة، تعالى الله عن ذلك) وذكر الأدلة على علو الله عز وجل من القرآن والسنة وأقوال السلف والعقل. (46)

[B]46. قال شهاب الدين أبو الثناء الآلوسي الحنفي (1270 هـ) :[/B] (فهو جل شأنه. وعز سلطانه. في جهة العلو على الوجه اللائق به مع نفي اللوازم المستحيلة عليه سبحانه وتعالى. وأدلة كونه تعالى كذلك من الآيات والأحاديث والآثار أكثر من أن تحصى. وأوفر من أن تستقصى. وفيما يجده كل أحد في نفسه من الميل الطبيعي الضروري إلى جهة العلو في الاستمداد حالتي الرغبة والرهبة شاهد قوي لذلك.) (47)

____________
(1) تاريخ الإسلام (ج23 ص78)، وتذكرة الحفاظ له (ج2 ص223) كلاهما للذهبي.
(2) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري – تحقيق التركي (ج1 ص456-457)
(3) جامع البيان للطبري - التركي (ج13 ص411)
(4) جامع البيان (ج16 ص11)
(5) جامع البيان (ج19 ص581)
(6) جامع البيان (ج22 ص387)
(7) جامع البيان (ج22 ص468)
(8) التوحيد وإثبات صفات الرب عزوجل لابن خزيمة (ج1 ص107)
(9) التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل (ج1 ص241)
(10) التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل (ج1 ص273)
(11) معرفة علوم الحديث للحاكم (ص285) قال: " سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول:..." وذكره. ورواه ابن قدامة في "إثبات صفة العلو" (ص185) بسنده إلى الحاكم.
(12) الأسماء والصفات للبيهقي (ص324)، قال: (قال أبو عبد الله الحافظ: قال الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه: ...) وذكره. والسند صحيح، فأبو عبد الله الحافظ هو الحاكم وكان من تلاميذ الصبغي، وكان الحاكم من شيوخ البيهقي رحمهم الله جميعا.
(13) سير أعلام النبلاء للذهبي (ج16 ص78)
(14) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص227-228)، وكتاب العرش له (ج2 ص316)
(15) الشريعة للآجري (ج8 ص1075 و1079 و1081)
(16) العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني (ج2 ص543)
(17) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع للملطي الشافعي (ص85) – تحقيق: يمان المياديني
(18) كتاب الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ لابن أبي زيد القيرواني (ص107- 108 و117)
(19) هو أبو جعفر بن جرير الطبري صاحب التفسير المشهور.
(20) أبو سليمان الخطابي (388 هـ)
(21) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى لأبي عبد الله القرطبي (ج2 ص123)؛ والعلو للعلي الغفار للذهبي (ص261)
(22) العواصم من القواصم لابن العربي (ص215)
(23) نقله ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود - عون المعبود شرح سنن أبي داود مع شرح الحافظ ابن القيم الجوزية (ج13 ص35-36)، وكذلك ذكر الإمام القرطبي ما بين النجمتين ( * ) في كتابه "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته" (ص170) تحقيق العشاحسونة، وعزاه إلى الخطابي في "شعار الدين"؛ قال ابن الصلاح في "طبقات فقهاء الشافعية في ترجمة الخطابي: "منها كتابه الموسوم بـ: ' شعار الدين' في أصول الدين ، التزم فيه إيراد أوضح ما يعرفه من الدلائل من غير أن يجرد طريقة المتكلمين" إلى أن قال "وصرح بأنه سبحانه وتعالى في السماء".
(24) كتاب التوحيد ومعرفة أسماء الله وصفاته لابن منده (ج3 ص185 و187)
(25) رياض الجنة بتخريج أصول السنة لابن أبي زمنين (ص113)
(26) أي التفسير، فمن معاني التأويل في اللغة: التفسير.
(27) أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني
(28) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص245)، وكتاب العرش له (ج2 ص340 و348)؛ وجزء منه في "الحجة في بيان المحجة" لإسماعيل الأصبهاني (ج2 ص107)
(29) سير أعلام النبلاء للذهبي (ج18 ص81-82)، وتاريخ الإسلام له (ج30 ص101)
(30) رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص126)، تحقيق: محمد باكريم – دار الراية سنة 1414.
(31) عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني (ص44)؛ والذهبي في كتاب العرش (ج2 ص350)
(32) الاستذكار لابن عبد البر (ج7 ص337)
(33) ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي (ج1 ص107)
(34) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص364)، وسير أعلام النبلاء (ج18 ص514)
(35) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (ج1 ص5)
(36) الحجة في بيان المحجة لاسماعيل الأصبهاني (ج2 ص83)
(37) الغنية لطالبي طريق الحق لعبد القادر الجيلاني (ج1 ص121 و123)
(38) كتاب الصفات لعبد الغني المقدسي (ص75 و76)
(39) إثبات صفة العلو لموفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي (ص65)
(40) ذيل مرآة الزمان لليونيني – في ترجمة أبي زكريا يحيى بن يوسف الصرصري الحنبلي
(41) [URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=977997&postcount=1"][U][COLOR=#0000ff]مجلة الإصلاح الجزائرية- العدد الثاني عشر[/COLOR][/U][/URL] (ص75-76)، قرأها وعلق عليها: عمار تمالت.
(42) وهو حديث الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم: (أين الله؟)، وهو في صحيح مسلم.
(43) الخامل: الخفيُّ.
(44) الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة المقدسي (ج27 ص321-322)
(45) الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص229)
(46) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص372 و379-380)
(47) غرائب الإغتراب لشهاب الدين الآلوسي، في خاتمة الكتاب.
(48) اعتقاد أهل السنة والجماعة لعدي بن مسافر الهكاري (ص30)
(49) وقع القريض ليحيى الصرصري (ص22)
(50) إجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن القيم (ص197-198)
(51) نكت القرآن للقصاب (ج3 ص694)
(52) نكتب القرآن (ج2 ص68-69)
(53) هو عماد الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي الصوفي المعروف بابن شيخ الحزاميين.
(54) رسالة في إثبات الاستواء والفوقية لابن شيخ الحزاميين (ص49-50) تحقيق: عدنان بن حمود أبو زيد - مكتبة الثقافة الدينية- القاهرة-الطبعة الأولى
(55) مدارج السالكين لابن القيم (ج2 ص41) تحقيق رضوان جامع رضوان
(56) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص387-388)
(57) اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (ج2 ص142) تحقيق عواد عبد الله المعتق. والعلو للعلي الغفار للذهبي (ص246)؛ درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (ج3 ص228)
(58) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص345-346)، ونقلها في كتابه "العلو للعلي الغفار" أيضا.
(59) شرح السنة للحسين البغوي (ج1 ص169-171)
(60) الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار للعمراني (ج2 ص607)
(61) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص342) قال – بعد ذكر البيت الذي فيه ذكر علو الله على عرشه من قصيدة الكرجي-: "وموجود بها الآن نسخ من بعضها نسخة بخط الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، على أولها مكتوب: هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث، بخطه رحمه الله." وذكر مثله في كتابه "العلو للعلي الغفار" عند الحديث عن قصيدة الكرجي.</SPAN>

أم عبد الله 07-17-2012 05:44 PM

[center][b]معنى «في السماء»في قوله تعالى: {أأمنتم من في السماء}
وفي حديث الجارية[/b][/center]



الآية:
قال الله تعالى: {[color=blue]أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ[/color] } الآية [الملك: 16-17]

[b]حديث الجارية:
[/b]عن معاوية بن الحكم قال: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟»
قَالَ: ”ائْتِنِي بِهَا“ فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا: ”أَيْنَ اللَّهُ“، قَالَتْ: «[color=blue]فِي السَّمَاءِ[/color].»
قَالَ: ”مَنْ أَنَا“ قَالَتْ: «أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ.»
قَالَ: ”[color=blue]أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ“[/color] [صحيح مسلم]


اتفق أئمة المسلمين على أن كلمة «[color=blue]في السماء[/color]» في الآية وحديث الجارية ليست بمعنى داخل السماء، فتعالى سبحانه أن يكون حالَ في شيءٍ من المخلوقات أو أنها تحَويِه، فهذا معنى باطل قد أجمع أئمة السلف على خِلافِه، وفسروها بما يوافق اللغة، والنصوص الشرعية الكثيرة، والعقل، والفطرة.

ففسر أهل العلم "السماء" بالعرش، لأن معنى السماء في اللغة هو سقف الشيء، والعرش سقف المخلوقات، فهو فوق المخلوقات كلها، وكل المخلوقات تحته.
[b][color=blue]قال الزجاج (311 هـ) :[/color][/b] (السماء في اللغة: يقال لكل ما ارتفع وعلا قد سَمَا يَسمُو، وكل سقف فهو سماء، ومن هذا قيل للسحاب: السَّماءُ، لأنها عالية.) [1]

[b]وقال ابن فارس (395 هـ) :[/b] (والسماء: سقف البيت. وكلُّ عالٍ مطلٍّ سماء، حتَّى يقال لظهر الفرس سَماء) [2]


[b][color=blue]وفُسِّرت «في» بـ«على» :

[/color]قال أبو بكر أحمد الصبغي (342 هـ)[/b] : (قد تضع العرب «في» بموضع «على» قال الله عز وجل: {فسيحوا في الأرض}، وقال {لأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه: على الأرض وعلى النخل ، فكذلك قوله: {في السماء} أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم) [3]
[b]قال الحارث المحاسبي (ت 243 هـ) في معناها:[/b] (يعني فوق العرش، والعرش على السماء لأن من كان فوق شيء على السماء فهو في السماء) [4]

[b][color=blue]قال أبو بكر البيهقي (458هـ) :[/color][/b] (وقال {أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وأراد من فوق السماء ، كما قال {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه : 71] يعني على جذوع النخل ، وقال {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة : 2] يعني على الأرض ، وكل ما علا فهو سماء ، والعرش أعلى السماوات ، فمعنى الآية والله أعلم: أأمنتم من على العرش ، كما صرح به في سائر الآيات) [5]
فمعنى «في السماء» في الآية وحديث الجارية: فوق السماء على العرش.


[b]المقصود بـ"مَن" في الآية: هو الله -عز وجل-:
[/b]
- جواب الجارية على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ”أين الله؟“ بـ: «في السماء»، فشهد لها بالإيمان.
[b]- قال محمد بن يزيد المبرد (286 هـ) :[/b] (والسؤال عن كل ما يعقل بـ"مَن" كما قال عز وجل: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}. فـ"مَن" لله عز وجل) (6)
- [b]قال ابن جرير الطبري (310 هـ) :[/b] {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وهو الله. (7)
[b]- قال ابن أبي زَمَنِين (399هـ) :[/b] {من في السماء} يعني نفسه. (8)
-[b] قال أبو المظفر السمعاني (489 هـ)[/b] في تفسير الآية: أأمنتم ربكم. (9)
_____________
(1) تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري (ج13 ص117)
(2) معجم مقاييس اللغة (ج3 ص98)
(3) الأسماء والصفات للبيهقي (ص324)، قال: (قال أبو عبد الله الحافظ: قال الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه: ...) وذكره. والسند صحيح، فأبو عبد الله الحافظ هو الحاكم وكان من تلاميذ الصبغي، وكان الحاكم من شيوخ البيهقي رحمهم الله جميعا.
(4) فهم القرآن ومعانيه للمحاسبي، القسم الرابع/ باب ما لا يجوز فيه النسخ وما يجوز ذلك فيه.
(5) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث- تأليف البيهقي (ص116)
(6) المقتضب لمحمد بن يزيد المبرد (ج2 ص51)
(7) جامع البيان في تأويل القرآن – ابن جرير الطبري (ج23 / ص 513)
(8) تفسير القرآن العزيز ابن أبي زمنين (ج5 ص14)
(9) تفسير القرآن للسمعاني (ج6 ص12)

أم عبد الله 07-17-2012 05:49 PM

[CENTER]
[B]شبهة :إلى ماذا تـُشير آثار السلف الصالح [/B]
[B]في علو الله عز وجل فوق السماوات فوق العرش؟[/B][/CENTER]



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد
فإذا نظرنا ودرسنا كلام السلف جيدا لوجدنا بأن [U][COLOR=#810081]أقوالهم في علو الله فوق عرشه[/COLOR][/U] تُشير إلى علو الذات، وليس علو المكانة، مع اعتقادهم بعلو مكانة الله عز وجل.
وما يلي بيان ذلك:

1. من سياق الكلام، بأن لا يكون حديثهم في المكانة، أمثلة على ذلك:
-[COLOR=blue] قول الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه:[/COLOR] «بين سماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمس مئة عام وبين كل سماءين مسيرة خمس مئة عام وبين السماء السابعة وبين الكرسي مسيرة خمس مئة عام وبين الكرسي وبين الماء مسيرة خمس مئة عام[COLOR=blue] والعرش فوق الماء والله تبارك وتعالى فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه[/COLOR]» إسناده حسن. (1)

-[B] أحمد بن حنبل : قال يوسف بن موسى القطان(2)[/B] : (قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: "الله عز وجل فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه في كل مكان؟
قال: «[COLOR=blue]نعم على العرش وعلمه لا يخلو منه مكان.»[/COLOR] صحيح. (3)

[COLOR=blue]قال خُشَيش بن أصرم (253 هـ) في كتابه "الاستقامة":[/COLOR] « لو كان في الأرض كما هو في السماء لم يُنَزّل من السماء إلى الأرض شيئا، ولكان يصعد من الأرض إلى السماء كما ينزل من السماء إلى الأرض، وقد جاءت الآثار عن النبي أن الله عز وجل [U][COLOR=#810081]في السماء[/COLOR][/U] دون الأرض) ثم ذكر أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وغيرهم


[COLOR=blue][B]2. بالتصريح بقولهم "بنفسه" أو "بذاته"، مثـل:[/B][/COLOR]
[B][COLOR=blue]- قول أبي سعيد عثمان الدارمي (ت. 280 هـ) :[/COLOR][/B] «[U]لأنه قال في آي كثيرة ما حقق أنه فوق عرشه فوق سماواته، فهو كذلك لا شك فيه، فلما أخبر أنه مع كل ذي نجوى، قلنا: علمه وبصره معهم،[COLOR=blue] وهو بنفسه على العرش[/COLOR] بكماله كما وصف[/U].» (4)

[COLOR=blue]- قول أبي جعفر بن أبي شيبة (297 هـ) :[/COLOR] « فهو فوق السماوات [COLOR=blue][U]وفوق العرش بذاته[/U][/COLOR] متخلصًا من خلقه بائنًا منهم، علمه في خلقه لا يخرجون من علمه.» (5)

[B]وهذا ما فهمه من جاء بعدهم من علماء أهل السنة، بأن مقصودهم هو أن الله على عرشه بذاته:[/B]
[COLOR=blue]- قال أبو عمر الطلمنكي (429 هـ) في كتابه "الوصول إلى معرفة الأصول":[/COLOR] (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: ?وهو معكم أينما كنتم? ونحو ذلك من القرآن: أنه علمه، وأن الله تعالى فوق السموات بذاته، مستو على عرشه كيف شاء. وقال أهل السنة في قوله: ?الرحمن على العرش استوى? : إن الاستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز) (6)

[B][COLOR=blue]- قال أبو نصر السجزي (444 هـ) في كتابه الإبانة:[/COLOR][/B] (أئمتنا كسفيان الثوري، ومالك، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، عبد الله بن المبارك، والفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه[COLOR=blue] متفقون على أن الله سبحانه وتعالى بذاته فوق العرش،[/COLOR] وعلمه بكل مكان) (7)

[COLOR=blue]- كتب ابن الصلاح (643هـ)[/COLOR] على القصيدة في السنة المنسوبة إلى أبي الحسن الكرجي (532 هـ) : (هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث) (8)، ومما جاء في تلك القصيدة:

[CENTER]عقيدة أصحاب الحديث فقد سمت *** بأرباب دين الله أسنى المراتب
عقائدهم أن الإله بذاته *** على عرشه مع علمه بالغوائب[/CENTER]


[B]3. قولهم "[COLOR=blue]دون الأرض[/COLOR]"، فلو كان مقصودهم علو المكانة، لكان في قولهم نَفيٌ لعلو الله عز وجل على أرضه، وهذا نقص الله منزه عنه.[/B]
أمثلة:
[COLOR=blue]- قال خُشَيْش بن أصرم في كتابه "الاستقامة":[/COLOR] «وأنكر جهم أن يكون الله في السماء دون الأرض، وقد دل في كتابه أنه في السماء دون الأرض.»</ (9)

[B]- قال أبو بكر بن أبي عاصم (287 هـ) في كتابه "السنة":[/B] «باب: ما ذكر أن الله تعالى في سمائه دون أرضه» ثم روى بإسناده حديث الجارية الذي فيه سؤال النبي صلى الله عليه وسلم "[COLOR=blue]أين الله؟[/COLOR]".


4. كانت أقوالهم ردًا على الجهمية الذين يقولون بأن الله عز وجل ليس على العرش وأنه في كل مكان بذاته، فردوا عليهم بأن الله فوق العرش وعلمه في كل مكان. ولو كانوا يقصدون المكانة لما كان لردهم معنى، لأن الجهمية لم ينكروا علو مكانة الله عز وجل حتى يقول لهم السلف بأن الله أعلى مكانة من العرش.
أمثلة:
[B]- ابن المبارك (181 هـ) : قال علي بن الحسن بن شقيق:[/B] سألت عبد الله بن المبارك: "كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عز وجل؟" قال: «على السماء السابعة على عرشه، ولا نقول كما تقول الجهمية: أنه ها هنا في الأرض»</> صحيح (10)

[B][COLOR=blue]قال جرير بن عبد الحميد الضبي (188 هـ) :[/COLOR][/B] «كلام الجهمية أوله عسل، وآخره سم، وإنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء إله.» (11)
[COLOR=blue]قال سعيد بن عامر الضبعي (208 هـ) :[/COLOR] « الجهمية أشَرٌّ قولاً من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى على العرش، وقالوا هم: ليس على العرش شيء » صحيح. (12)
[COLOR=blue]قال خُشَيْش بن أصرم في كتابه "الاستقامة":[/COLOR] «وأنكر جهم أن يكون الله في السماء دون الأرض، وقد دل في كتابه أنه في السماء دون الأرض.»</> وغيرهم.
وقد ألَّفَ بعضهم كُتبًا في الرد على الجهمية، فيه ذكر لعلو الله على خلقه.


[B]5. تفسير السلف الصالح الاستواء بـ: "العلو والارتفاع"، والاستواء بمعنى "العلو" لا يكون إلا علواً حقيقيا بالذات، أما علو المكانة فليس من معاني الاستواء.[/B]
[B]وهذه بعض أقوال السلف الصالح في معنى استواء الله عز وجل:[/B]

[COLOR=blue]قَالَ التابعي مُجَاهِدٌ (102 هـ) :[/COLOR] {اسْتَوَى} علا على العرش. (16)
[B]قال بشر بن عمر الزهراني (207 هـ)[/B] : سمعت غير واحد من المفسرين يقول : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}: ارتفع. (17)
[COLOR=blue]قال اللغوي أبو العباس ثعلب (291 هـ)[/COLOR] : {استوى على العرش}: علا. (18)
قال ابن جرير الطبري (310 هـ) في تفسير قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} : (الرحمن على عرشه ارتفع وعلا)، وفي تفسير الآية {ثم استوى على العرش}: (يعني: علا عليه).



6. [URL="http://as-salaf.com/article.php?aid=12&lang=ar"][U][COLOR=#0000ff]تفسيرهم لقوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36-37].[/COLOR][/U]
[U][COLOR=#0000ff]- قال يحيى بن سلام (200 هـ) في تفسير الآية الثانية: ({لعلي أبلغ الأسباب} يعني الأبواب {فأطلع إلى إله موسى} الذي يزعم {وإني لأظنه كاذبا} ما في السماء أحدٌ تعمد الكذب.) (19) [/COLOR][/U]
[U][COLOR=#0000ff]- قال عثمان الدارمي (280 هـ) : (ففي هذه الآية بيان بَيِّن ودلالة ظاهرة أن موسى كان يدعو فرعون إلى معرفة الله بأنه فوق السماء، فمن أجل ذلك أمر ببناء الصرح، ورام الاطلاع إليه.) (20)[/COLOR][/U]
[/URL]

7. في كثير من هذه الآثار قال السلف: "وعلمه في كل مكان" أو "لا يخلو من علمه مكان" وما شابهها من إثبات إحاطة علم الله بخلقه، فلو فسرنا قولهم بأن الله "فوق العرش" أو "في السماء" بـ: القدرة أو السلطان ونحوه، لكان معناه هكذا: "وهو فوق عرشه، بسلطانه وقدرته، وفي كل مكان بعلمه"، أو "هو بقدرته وسلطانه في السماء، وعلمه مُحيط بكل شيء."
فينتج عن هذا حصر قدرة الله وسلطانه في العرش والسماء، دون غيرها من الأمكنة بخلاف العلم، وهذا ظاهر البطلان، فإن سلطان الله وقدرته وعلمه في كل مكان، كما قال أبو إسماعيل الترمذي (ت. 279 هـ) في سننه: (عِلْم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان، وهو على العرش كما وصف في كتابه.)




8. قولهم بأن الله فوق سماواته أو فوق السماء السابعة، يدل على أنهم أرادوا السماء المبنية ولم يريدوا مجرد معنى العلو لأن لفظ السماء إذا جمع انصرف للسماوات المبنية لا غير، وكذلك إذا وصف بصفة تبين ذلك كما في قولهم: السماء السابعة فإنها تنصرف إلى السماء المبنية لا إلى مجرد العلو.
[B]أمثلة من أقوالهم:[/B]
[COLOR=blue]قال محمد بن مصعب الدَّعَّاء (228 هـ)[/COLOR] : « من زعم أنك لا تَتَكلَّم ولا تُرَى في الآخرة فهو كافر بوجهك لا يعرفك، أشهدُ أنك فوق العرش فوق سبع سماوات، ليس كما يقول أعداء الله الزنادقة » صحيح. (13)
[B]قال حرب بن إسماعيل الكرماني (280 هـ)[/B] : (الله - عز وجل- على العرش فوق السماء السابعة العليا، يعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه، لا يخلو من علمه مكان.) (14)

[COLOR=blue]- قال ابن أبي زيد القيرواني (386 هـ) في كتابه "الجامع"[/COLOR] : (فمما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة، ومن السنن التي خِلافُها بدعةٌ وضلالة: أن الله تبارك اسمه) وذكر أمورا منها: (وأنه فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وأنه في كل مكان بعلمه) وذكر باقي الإعتقاد ثم قال في آخره: (وكل ما قدَّمنا ذِكْرَه فهو قول أهل السنة وأيمة الناس في الفقهِ والحديث على ما بيناه، وكله قول مالك، فمنه منصوص من قوله، ومنه معلوم من مذهبه.) (15)
وغيرها
_______________
(1) رواه أبو الشيخ في "العظمة" (2 /688-689) قال: حدثنا الوليد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود رضي الله عنه، وذكره. وروى جزءا منه الإمام الدارمي في نقضه على بشر المريسي (1/ 422) : عن موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود. ورواه أحمد بن مروان الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (6 / 406) بسنده؛ واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (3/ 395-396) بسنده، ومن طريقه رواه ابن قدامة في "إثبات صفة العلو" (ص151-152)؛ وغيرهم؛ كلهم من طريق عاصم بن بهدلة. وعاصم صدوق، وقد وثقه جماعة، وحسّن حديثه آخرون. قال الهيثمي في مجمع الزوائد في عدة مواضع: حسن الحديث. وقال الذهبي في ميزان الأعتدال (2 /357) : هو حسن الحديث. وقال أبو بكر البزار: لم يكن بالحافظ، ولا نعلمُ أحدًا تَرك حديثه على ذلك، وهو مشهور. (تهذيب التهذيب لإبن حجر 2 /251)
(2) هو يوسف بن موسى بن راشد القطان، قال الخطيب البغدادي في تاريخه: وصف غير واحد من الأئمة يوسف بن موسى بالثقة واحتج به البخاري في صحيحه. ا.هـ. توفي يوسف القطان سنة 253 هـ.
(3) شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي (3 / 402)؛ ورواه الخلال في كتابه "السنة" عن شيخه يوسف بن موسى القطان عن الإمام أحمد، كما في كتابي الحافظ الذهبي "العرش" (2/ 247) و"العلو للعلي الغفار" (ص176)، قال: رواه الخلال عن يوسف. فسنده صحيح.
(4) الرد على الجهمية للدارمي (ص44) .
(5) العرش وما رُوي فيه لأبي جعفر بن أبي شيبة (ص291-292)
(6) العلو للذهبي (ص246)
(7) كتاب العرش للذهبي (2 /341)، وسير أعلام النبلاء له (17 /656)، وأيضا كتابه العلو للعلي الغفار.
(8) كتاب العرش للذهبي (2 /342) قال – بعد ذكر البيت الذي فيه ذكر علو الله على عرشه من قصيدة الكرجي-: "وموجود بها الآن نسخ من بعضها نسخة بخط الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، على أولها مكتوب: هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث، بخطه رحمه الله." وذكر مثله في كتابه "العلو للعلي الغفار" عند الحديث عن قصيدة الكرجي.
(9) "التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع" لمحمد الملطي الشافعي / باب الفرق وذكرها.
(10) "السنة" لعبد الله بن أحمد (1 /111) قال: حدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال سألت عبدالله بن المبارك، وذكره. رواته ثقات والسند صحيح.
(11) رواه ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية"، ومن طريقه الذهبي في كتابه العرش (2 /191)، وكتابه الأربعين في صفات رب العالمين له (1 /60)، وكتابه "العلو للعلي الغفار"؛ قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو هارون محمد بن خالد (صدوق – الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/ 245) حدثنا يحيى بن المغيرة (صدوق- الجرح والتعديل 9/ 191) : سمعت جرير بن عبد الحميد يقول، وذكره.
(12) رواه البخاري في "خلق أفعال العباد" (ص9) عن سعيد بن عامر الضبعي، وهو شيخه. ورواه ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية"، ومن طريقه الذهبي في كتاب العرش (2 /207)، و"العلو للعلي الغفار" له. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال: حدثت عن سعيد ابن عامر الضبعي ، وذكره. وذكره الذهبي أيضا في كتابه "الأربعين" في الصفات (1 /42). .
(13) رواه الإمام عبد الله بن أحمد في "السنة" له (ج1 ص173 ) بسند صحيح، قال: حدثني أبو الحسن بن العطار محمد بن محمد (ثقة - [تاريخ بغداد 4/ 334]) قال: سمعت محمد بن مصعب العابد يقول: وذكره. ورواه الدارقطني في كتابه "الصفات" (ص72-73) بسنده عن محمد بن مخلد العطار (ثقة مأمون [سؤالات حمزة للدارقطني ص81]) عن أبي الحسن العطار؛ والنجاد في "الرد على من يقول القرآن مخلوق" (ص71) بسنده؛ والخطيب في "تاريخ (بغداد) مدينة السلام" (ج4 ص452).
(14) حادي الأرواح (ص835-836).
(15) كتاب الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ لابن أبي زيد القيرواني (ص107- 108 و117)
(16) صحيح البخاري، كتاب التوحيد/ باب ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ).
(17) مسند إسحاق بن راهويه (ت. 238 هـ) كما في اتحاف الخيرة المهرة للبوصيري (ج1 ص186)، والمطالب العالية لابن حجر (ج12 ص570)، فالإسناد صحيح؛ ورواها اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة بسنده عن إسحاق بن راهويه (ج3 ص396)
(18) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص399) وسنده صحيح. قال اللالكائي: وجدت بخط أبي الحسن الدارقطني عن اسحاق الهادي (والصحيح الكاذي كما في المخطوط الثاني المذكور في هامش الكتاب، وكما نقله الإمام الذهبي في كتابه "الأربعين في صفات رب العالمين" (ج1 ص37) وكتابه "العلو") قال: سمعت أبا العباس ثعلب يقول: وذكره. قال الخطيب البغدادي في تاريخه (تاريخ بغداد): إسحاق بن احمد بن محمد بن إبراهيم أبو الحسين الكاذى كان يقدم من قريته كاذة إلى بغداد فيحدث بها روى عن محمد بن يوسف بن الطباع ... وأبى العباس ثعلب... وكان ثقة ووصفه لنا بن رزقويه بالزهد. ا.هـ.
(19) تفسير القرآن العزيز- ابن أبي زمنين (ج4 ص134)
(20) الرد على الجهمية - الدارمي (ص37)

أم عبد الله 07-17-2012 06:37 PM

شبهة :ما قولكم في موافقة ابن حجر والنووي -رحمهما الله-قول الأشاعرة ؟!
وإنا نرى القدح في ابن حجر والنووي-رحمهما الله- لموافقة قولهم مع الأشاعرة
ما هو إلا انتصار مذهبي وترويج لشيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم ؟!

[B]أولا: أهل السنَّة والجماعة منصفون في الحكم على الآخرين ، لا يرفعون الناس فوق ما يستحقون ، ولا ينقصون قدرهم ، ومن الإنصاف بيان خطأ المخطئ من أهل العلم والفضل ، والتأول له ، والترحم عليه ، كما أن من الإنصاف التحذير من خطئه ؛ لئلا يغتر أحد بمكانته فيقلده فيما أخطأ فيه ؛وهذا هى خصائص عقيدة أهل السنة والجماعة .[/B]

[B]ثانيا:أهل السنة لا يعرفون انتصار مذهبي ولا ترويج مذاهب فمدارنا الدليل كما قال الله سبحانه[/B]
[B]وتعالى [/B][SIZE=5][FONT=Simplified Arabic] [COLOR=#ff0000][B]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [COLOR=blue]فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[/COLOR]}[/B][COLOR=#808080]سورة النساء الآية 59.[/COLOR][FONT=Simplified Arabic][COLOR=#808080]
[/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/SIZE]
[SIZE=5][FONT=Simplified Arabic][COLOR=#ff0000][FONT=Simplified Arabic][COLOR=#808080][SIZE=5][B]وإليكم رد ابن عثيمين -رحمه الله -على شبهة ابن حجر والنووي :[/B][/SIZE][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/SIZE]
[B][COLOR=blue]العثيمين-رحمه الله- في ابن حجر والنووي ... ليسوا مبتدعة وليسوا أشاعرة[/COLOR] ..[/B]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه للنووية - الحديث 28 -:

[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]ولكن الذي يعذر صاحبها فيها لا تخرج عن كونها ضلالة، ولكن يعذر الإنسان إذا صدرت منه هذه البدعة عن تأويل وحسن قصد.[/SIZE][/COLOR][/FONT]
[FONT=Arabic Transparent][SIZE=5][COLOR=blue][COLOR=darkred]وأضرب مثلاً بحافظين معتمدين موثوقين بين المسلمين وهما[/COLOR]: النووي وابن حجر رحمهما الله تعالى .[/COLOR][/SIZE][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][SIZE=5][COLOR=#0000ff]فالنووي: [COLOR=darkred]لا نشك أن الرجل ناصح، وأن له قدم صدق في الإسلام، ويدل لذلك قبول مؤلفاته حتى إنك لا تجد مسجدا من مساجد المسلمين إلا ويقرأ فيه كتاب (رياض الصالحين)[/COLOR][/COLOR][/SIZE][/FONT]


[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]وهذا يدل على القبول، ولا شك أنه ناصح، ولكنه - رحمه الله - أخطأ في تأويل آيات الصفات حيث سلك فيها مسلك المؤولة، فهل نقول: إن الرجل مبتدع؟[/SIZE][/COLOR][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]نقول: قوله بدعة لكن هو غير مبتدع، لأنه في الحقيقة متأول، والمتأول إذا أخطأ مع اجتهاده فله أجر، فكيف نصفه بأنه مبتدع وننفر الناس منه، والقول غير القائل، فقد يقول الإنسان كلمة الكفر ولا يكفر.[/SIZE][/COLOR][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][SIZE=5][COLOR=darkred]أرأيتم الرجل الذي أضل راحلته حتى أيس منها، واضطجع تحت شجرة ينتظر الموت،فإذا بالناقة على رأسه، فأخذ بها وقال من شدة الفرح:اللهم أنت عبدي وأنا ربك،وهذه الكلمة كلمة كفر لكن هو لم يكفر،قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أَخطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَح" [/COLOR][/SIZE][URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn1"][FONT=Times New Roman][SIZE=5][COLOR=darkred][U][1][/U][/COLOR][/SIZE][/FONT][/URL][/FONT][FONT=Arabic Transparent][FONT=Times New Roman][SIZE=5][COLOR=darkred][205][/COLOR][/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5] أرأيتم الرجل يكره على الكفر قولاً أو فعلاً فهل يكفر؟[/SIZE][/COLOR][/FONT]
[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]الجواب:لا، القول كفر والفعل كفر لكن هذا القائل أو الفاعل ليس بكافر لأنه مكره.[/SIZE][/COLOR][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][SIZE=5][COLOR=darkred]أرأيتم الرجل الذي كان مسرفاً على نفسه فقال لأهله: إذا مت فأحرقوني وذرُّوني في اليمِّ - أي البحر - فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين[/COLOR][/SIZE][URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn2"][FONT=Times New Roman][SIZE=5][COLOR=darkred][U][2][/U][/COLOR][/SIZE][/FONT][/URL][/FONT][FONT=Arabic Transparent][FONT=Times New Roman][SIZE=5][COLOR=darkred][206][/COLOR][/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]، ظن أنه بذلك ينجو من عذاب الله، وهذا شك في قدرة الله عزّ وجل، والشك في قدرة الله كفر، ولكن هذا الرجل لم يكفر.[/SIZE][/COLOR][/FONT]
[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]جمعه الله عزّ وجل وسأله لماذا صنعت هذا؟ قال: مخافتك. وفي رواية أخرى: من خشيتك، فغفر الله له.[/SIZE][/COLOR][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]أما الحافظ الثاني: [COLOR=blue]فهو ابن حجر[/COLOR]- رحمه الله - وابن حجر حسب ما بلغ علمي متذبذب في الواقع، أحياناً يسلك مسلك السلف، وأحياناً يمشي على طريقة التأويل التي هي في نظرنا تحريف.[/SIZE][/COLOR][/FONT]
[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]مثل هذين الرجلين هل يمكن أن نقدح فيهما؟[/SIZE][/COLOR][/FONT]
[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]أبداً، لكننا لا نقبل خطأهما، خطؤهما شيء واجتهادهما شيء آخر.[/SIZE][/COLOR][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][SIZE=5][COLOR=red]أقول هذا لأنه نبتت نابتة قبل سنتين أو ثلاث تهاجم هذين الرجلين هجوماً عنيفاً، وتقول: يجب إحراق فتح الباري وإحراق شرح صحيح مسلم، -أعوذ بالله- كيف يجرؤ إنسان على هذا الكلام، لكنه الغرور والإعجاب بالنفس واحتقار الآخرين.[/COLOR][/SIZE][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]والبدعة المكفرة أو المفسقة لا نحكم على صاحبها أنه كافر أو فاسق حتى تقوم عليه الحجة، لقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) (القصص:59) [/SIZE][/COLOR][/FONT]

[COLOR=darkred][SIZE=5][FONT=Arabic Transparent]وقال عزّ وجل: ([/FONT][FONT=Arabic Transparent]وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(الاسراء: الآية15) ولو كان الإنسان يكفر ولو لم تقم عليه الحجة لكان يعذب، وقال عزّ وجل: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )(النساء: الآية165) والآيات في هذه كثيرة.[/FONT][/SIZE][/COLOR]

[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]فعلينا أن نتئد وأن لا نتسرع، وأن لا نقول لشخص أتى ببدعة واحدة من آلاف السنن إنه رجل مبتدع.[/SIZE][/COLOR][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]وهل يصح أن ننسب هذين الرجلين وأمثالهما إلى الأشاعرة، [COLOR=blue]ونقول: هما من الأشاعرة؟[/COLOR][/SIZE][/COLOR][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]ا[/SIZE][/COLOR][/FONT][FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]لجواب:[COLOR=red]لا، لأن الأشاعرة لهم مذهب مستقل له كيان في [/COLOR][/SIZE][/COLOR][/FONT][FONT=Arabic Transparent][SIZE=5][COLOR=red]الأسماء والصفات والإيمان وأحوال الآخرة.[/COLOR][/SIZE][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]وما أحسن ما كتبه أخونا سفر الحوالي عما علم من مذهبهم، لأن أكثر الناس لا يفهم عنهم إلا أنهم مخالفون للسلف في باب الأسماء والصفات، ولكن لهم خلافات كثيرة.[/SIZE][/COLOR][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][SIZE=5][COLOR=red]فإذا قال قائل بمسألة من مسائل الصفات بما يوافق مذهبهم فلا نقول: إنه أشعري.[/COLOR][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arabic Transparent][SIZE=5][COLOR=red]أرأيتم لو أن إنساناً من الحنابلة اختار قولاً للشافعية فهل نقول إنه شافعي؟[/COLOR][/SIZE][/FONT]
[FONT=Arabic Transparent][SIZE=5][COLOR=red]الجواب:لا نقول إنه شافعي.[/COLOR][/SIZE][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][SIZE=5][COLOR=blue]فانتبهوا لهذه المسائل الدقيقة، ولا تتسرعوا، ولا تتهاونوا باغتياب العلماء السابقين واللاحقين، لأن غيبة العالم ليست قدحاً في شخصه فقط، بل في شخصه وما يحمله من الشريعة، لأنه إذا ساء ظن الناس فيه فإنهم لن يقبلوا ما يقول من شريعة الله، وتكون المصيبة على الشريعة أكثر.[/COLOR][/SIZE][/FONT]

[FONT=Arabic Transparent][COLOR=darkred][SIZE=5]ثم إنكم ستجدون قوماً يسلكون هذا المسلك المشين فعليكم بنصحهم، وإذا وجد فيكم من لسانه منطلق في القول في العلماء فانصحوه وحذروه وقولوا له: اتق الله، أنت لم تُتَعَبَّد بهذا، وما الفائدة من أن تقول فلان فيه فلان فيه، بل قل: هذا القول فيه كذا وكذا بقطع النظر عن الأشخاص.[/SIZE][/COLOR][/FONT]
[COLOR=darkred][SIZE=5][FONT=Arabic Transparent]لكن قد يكون من الأفضل أن نذكر الشخص بما فيه لئلا يغتر الناس به، لكن لا على سبيل العموم هكذا في المجالس، لأنه ليس كل إنسان إذا ذكرت القول يفهم القائل، فذكر القائل جائز عند الضرورة، وإلا فالمهم إبطال القول الباطل، والله الموفق.[/FONT][/SIZE][/COLOR]

[B]وفي كتاب العلم للشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
[/B]
98ـ [COLOR=blue]سئل الشيخ ـ غفر الله له ـ: ما قولكم فيما يحصل م البعض من قدح في الحافظين النووي وابن حجر وأنهما من أهل البدع؟[/COLOR]
[COLOR=blue]وهل الخطأ من العلماء في العقيدة ولو كان عن اجتهاد وتأويل يلحق صاحبه بالطوائف المبتدعة؟[/COLOR]
[COLOR=blue]وهل هناك فرق بين الخطأ في الأمور العلمية والعملية؟[/COLOR]

[B][COLOR=red]فأجاب فضيلته بقوله:[/COLOR]
[/B]
[B][SIZE=6]
[RIGHT][SIZE=5]إن الشيخين الحافظين( النووي ابن حجر) لهما قدم صدق ونفع كبير في الأمة الإسلامية ولئن وقع منهما خطأ في تأويل بعض نصوص الصفات إنه لمغمور بما لهما من الفضائل والمنافع الجمة ولا نظن أن ما وقع منهما إلا صادر عن اجتهاد وتأويل سائغ ـ[U] ولو في رأيهما[/U] وأرجو الله تعالى أن يكون من الخطأ المغفور وأن يكون ما قدماه من الخير والنفع من السعي المشكور وأن يصدق عليهما قول الله تعالى[/SIZE][/RIGHT]
[/SIZE][RIGHT][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic])ِ[/FONT]نَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ )(هود: من الآية114). [U]والذي نرى أنهما من أهل السنة والجماعة، ويشهد لذلك خدمتهما لسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم وحرصهما على تنقيتها مما ينسب إليها من الشوائب، وعلى تحقيق ما دلت عليه من أحكام ولكنهما خالفا في آيات الصفات وأحاديثها أو بعض ذلك عن جادة أهل السنة عن اجتهاد أخطئا فيه، فنرجو الله تعالى أن يعاملهما بعفوه.[/U]

وأما الخطأ في العقيدة: فإن كان خطأ مخالفاً لطريق السلف، فهو ضلال بلا شك ولكن لا يحكم على صاحبه بالضلال حتى تقوم عليه الحجة، فإذا قامت عليه الحجة، وأصر على خطئه وضلاله، كان مبتدعاً فيما خالف فيه الحق، وإن كان سلفيًّا فيما سواه، فلا يوصف بأنه مبتدع على وجه الإطلاق، ولا بأنه سلفي على وجه الإطلاق، بل يوصف بأنه سلفي فيما وافق السلف، مبتدع فيما خالفهم، كا قال أهل السنة في الفاسق: إنه مؤمن بما معه من الإيمان، فاسق بما معه م العصيان، فلا يعطي الوصف المطلق ولا ينفى عنه مطلق الوصف، وهذا هو العدل الذي أمر الله به، إلا أن يصل المبتدع إلى حد يخرجه من الملة فإنه لا كرامة له في هذه الحال .[/SIZE][/RIGHT]
[SIZE=5]

[/SIZE][B]
[RIGHT][SIZE=5]وأما الفرق بين الخطأ في الأمور العلمية والعملية: فلا أعلم أصلاً للتفريق بين الخطأ في الأمور العلمية والعملية لكن لما كان السلف مجمعين فيما نعلم على الإيمان في الأمور العلمية الحيوية والخلاف فيها إنما هو في فروع من أصولها لا في أصولها كان المخالف فيها أقل عدداً وأعظم لوماً. وقد اختلف السلف في شيء من فروع أصولها كاختلافهم، هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه في اليقظة واختلافهم في اسم الملكين اللذين يسألان الميت في قبره، واختلافهم في الذي يوضع في الميزان أهو الأعمال أم صحائف الأعمال أم العامل؟ واختلافهم هل يكون عذاب القبر على البدن وحده دون الروح؟ واختلافهم هل يسأل الأطفال وغير المكلفين في قبورهم؟ واختلافهم هل الأمم السابقة يسألون في قبورهم كما تسأل هذه الأمة؟ واختلافهم في صفة الصراط المنصوب على جهنم؟ واختلافهم هل النار تفنى أو مؤبدة، وأشياء أخرى وإن كان الحق مع الجمهور في هذه المسائل، والخلاف فيها ضعيف.
وكذلك يكون في الأمور العملية خلاف يكون قويًّا تارة وضعيفاً تارة.[/SIZE][/RIGHT]
[SIZE=5]وبهذا تعرف أهمية الدعاء المأثور: اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

[/SIZE][/B][/B]

[RIGHT][URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref1"][FONT=Times New Roman][COLOR=#800080][U][1][/U][/COLOR][/FONT][/URL][SIZE=2][FONT=Times New Roman][205] أخرجه مسلم – كتاب التوبة، باب: الحض على التوبة والفرح بها، (2747)،(7)[/FONT][/SIZE]

[URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref2"][FONT=Times New Roman][COLOR=#800080][U][2][/U][/COLOR][/FONT][/URL][SIZE=2][FONT=Times New Roman][206] أخرجه البخاري – كتاب: أحاديث الأنبياء، باب، (3481). ومسلم – كتاب: التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأناه سبقت غضبه، (2756)،(25)[/FONT][/SIZE]
[/RIGHT]
[SIZE=5][FONT=Simplified Arabic][COLOR=#ff0000][FONT=Simplified Arabic][COLOR=#808080][SIZE=5][/SIZE]
[/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/SIZE]

أم عبد الله 07-17-2012 07:34 PM

[B][COLOR=blue]شبهة :هل يصح القول بأن العقيدة ليس فيها خلاف على الإطلاق ،أم ليست على إطلاقها، لأن الواقع يخالف ذلك؟![/COLOR][/B]
[B][COLOR=#0000ff][/COLOR][/B]


[SIZE=2][FONT=Arial][SIZE=5][B]الإجابــة[/B][/SIZE][/FONT]
[SIZE=5][/SIZE]
[SIZE=5][/SIZE]
[SIZE=5][/SIZE]
[SIZE=5][/SIZE]
[SIZE=5][/SIZE]
[B][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=red]الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: [/COLOR][/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=black]فهذا الكلام صواب وموافق للواقع، وقد قاله واحد من أئمة هذا العصر، وهو العلامة [COLOR=maroon]ابن عثيمين[/COLOR] في (شرح العقيدة السفارينية). وقد قال به قبله شيخ الإسلام [COLOR=maroon]ابن تيمية[/COLOR] كما في (مختصر الفتاوى المصرية).[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=Arial][SIZE=5][/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=Arial][SIZE=5][/SIZE][/FONT][/B]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]قال: [COLOR=#6600cc]تقسيم المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها، ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها، ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن أئمة الإسلام، وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة ونحوهم من أئمة البدعة، وهم متناقضون، فإذا قيل لهم: ما حد أصول الدين؟ فإن قيل: مسائل الاعتقاد. يقال لهم: قد تنازع الناس في أن محمدا صلى الله عليه وسلم هل رأى ربه؟ وفي أن عثمان أفضل أم علي؟ وفي كثير من معاني القرآن وتصحيح بعض الأحاديث، وهي اعتقادات ولا كفر فيها باتفاق المسلمين. ووجوب الصلاة والزكاة والحج وتحريم الفواحش والخمر هي مسائل عمليه، والمنكر لها يكفر اتفاقا. وإن قيل: الأصول هي القطعية. فيقال: كثير من مسائل النظر ليست قطعية، وكون المسألة قطعية أو ظنية هي أمور تختلف باختلاف الناس، فقد يكون قاطعا عند هذا ما ليس قاطعا عند هذا، كمن سمع لفظ النص وتيقن مراده ولا يبلغ قوة النص الآخر عنده، فلا يكون عنده ظنيا فضلا عن كونه قطعيا[/COLOR]. اهـ. [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[B][FONT=Arial][SIZE=5][/SIZE][/FONT][/B]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]وهذا هو عين كلام الشيخ [COLOR=maroon]ابن عثيمين[/COLOR] من حيث المعنى والمؤدى، ولزيادة الإيضاح نقول: إن المقصود بالعقيدة في اصطلاح العلماء: كل خبر جاء عن الله أو رسوله يتضمن خبرًا غيبيًّا لا يتعلق به حكم عملي شرعي، كالحديث عن الآخرة والجنة والنار وخروج الدجال ونزول عيسى وعذاب القبر، وراجع في ذلك الفتوى رقم:</>[/SIZE][/FONT][URL="http://www.hor3en.com/vb/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=34532"][U][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=#0000ff]34532[/COLOR][/SIZE][/FONT][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=5].[/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[B][FONT=Arial][SIZE=5][/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=Arial][SIZE=5][/SIZE][/FONT][/B]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]وهي بهذا الإطلاق تقابل الشريعة، فالإسلام عقيدة وشريعة، والشريعة تعني التكاليف العملية التي جاء بها الإسلام من العبادات والمعاملات. والعقيدة ليست أموراً عملية بل هي أمور علمية يجب على المسلم اعتقادها، وراجع في ذلك الفتوى رقم:</>[/SIZE][/FONT][URL="http://www.hor3en.com/vb/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=2246"][U][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=#0000ff]2246[/COLOR][/SIZE][/FONT][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=5]. [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[B][FONT=Arial][SIZE=5][/SIZE][/FONT][/B]
[B][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=black]ولابد من الانتباه إلى أن مسائل العقيدة وإن كان يجب التصديق بها، إلا أن هذا التصديق يتفاوت من مسألة إلى مسألة، بحسب ما فيها من أدلة واستفاضتها وقوة دلالتها ووضوحها، ثم بحسب الاتفاق أو الاختلاف على مدلولها، فإذا حصل غلبة الظن صح إطلاق وجوب التصديق بشأنها، فإن غلبة الظن تنزل منزلة العلم، ولهذا وجب قبول خبر الواحد في العقائد، وإن كان يفيد الظن عند جمهور العلماء، لأن الظن الذي يفيده ظن راجح فيجب العمل به واعتقاد مقتضاه، وراجع تفصيل ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: [/COLOR][/SIZE][/FONT][URL="http://www.hor3en.com/vb/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=6906"][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=black][U]6906[/U][/COLOR][/SIZE][/FONT][/URL][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=black] ، [/COLOR][/SIZE][/FONT][URL="http://www.hor3en.com/vb/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=28926"][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=black][U]28926[/U][/COLOR][/SIZE][/FONT][/URL][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=black] ، [/COLOR][/SIZE][/FONT][URL="http://www.hor3en.com/vb/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=97011"][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=black][U]97011[/U][/COLOR][/SIZE][/FONT][/URL][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]. [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[B][FONT=Arial][SIZE=5][/SIZE][/FONT][/B]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]وقد وقع في بعض المسائل ـ وإن كانت قليلة ـ خلاف بين الصحابة الكرام لهذه الاعتبارات السابقة. وهذا لا يقدح في وحدة منهجهم في التلقي والاستدلال، ولا في اتفاقهم من حيث الجملة، لأن هذه المسائل التي اختلفوا فيها قد تحقق فيها ضابط الاختلاف السائغ، حيث تمسك كل صاحب بدليل يراه راجحا، ولم يخالف نصا ولا إجماعا سابقا. [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5][/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]ومع ذلك فلابد من الانتباه إلى أن الأصل في باب العقائد هو حصول الاتفاق، وأن الاختلاف فيها أمر نادر، وهكذا كان حال الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك ينبغي أن يكون حال تابعيهم بإحسان. وأمر آخر وهو أن الاختلاف السائغ في هذا الباب لم يقع بحمد الله إلا في جزئيات تفصيلية يسيرة، وليست في أمور كلية، فمثلا: مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في ليلة المعراج، وإن كان قد حصل فيها اختلاف، إلا إنهم لم يختلفوا في رؤية المؤمنين عامة لربهم يوم القيامة، بخلاف أهل البدع الذي أحدثوا بعد ذلك القول بعدمها، وأن الله تعالى لا يرى يوم القيامة. [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[SIZE=5][/SIZE]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]ولندرة هذا الخلاف السائغ في باب العقائد، وقرب مأخذه ويسر الخطب فيه، أطلق بعض أهل العلم القول بأنه لم يحصل فيها اختلاف، وبعضهم أخرج هذه المسائل أصلا من باب الخلاف في العقيدة ، كما فعل الشيخ [COLOR=maroon]عبد المحسن العباد[/COLOR] في رده لأباطيل [COLOR=maroon]حسن المالكي[/COLOR] في (الانتصار للصحابة الأخيار) فقال: [COLOR=#6600cc]ومِثْل اختلاف عائشة وابن عباس رضي الله عنهما في رؤية النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ربَّه ليلة المعراج لا يُعدُّ خلافاً في العقيدة؛ لدلالة الآيات الكثيرة والأحاديث المتواترة وإجماع أهل السنة والجماعة على ثبوت رؤية الله في الدار الآخرة.[/COLOR] اهـ. [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[SIZE=5][/SIZE]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]وقال الدكتور [COLOR=maroon]عبد الرحمن البراك[/COLOR]: [COLOR=#6600cc]الصحابة لم يختلفوا في مسائل الاعتقاد، ولم يختلفوا في صفات الله ... وكذلك لم يختلفوا في القدر وأفعال العباد وفي حكم أهل الكبائر، وهذا الاتفاق لا يمنع أن يختلفوا في بعض الجزئيات، كمسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج، كما اختلفوا في تفسير بعض الآيات، هل هي من آيات الصفات؟ كقوله تعالى: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله. [البقرة: 115]، فالأكثرون قالوا: المراد بالوجه الجهة، وهي القبلة، فوجه الله قبلة الله، كما قال مجاهد. وقال بعض أهل السنة: (وجه الله) هو وجهه الذي هو صفته سبحانه وتعالى، وليس ذلك اختلافاً في إثبات الوجه لله سبحانه وتعالى، فإنه ثابت بالنصوص التي لا تحتمل، كقوله تعالى: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" [الرحمن: 27] .[/COLOR]. اهـ. [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[SIZE=5][/SIZE]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]وقال الدكتور [COLOR=maroon]عبد الرّحمن المحمود[/COLOR] في (موقف ابن تيمية من الأشاعرة): [COLOR=#6600cc]لم يكن بين الصحابة خلاف في العقيدة، فهم متفقون في أمور العقائد التى تلقوها عن النبي صلى الله عليه وسلم بكل وضوح وبيان، وهذا بخلاف مسائل الأحكام الفرعية القابلة للاجتهاد والاختلاف، يقول ابن القيم رحمه الله: "إن أهل الإيمان قد يتنازعون في بعض الأحكام، ولا يخرجون بذلك عن الإيمان، وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين، وأكمل الأمة إيمانا. ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة، كلمة واحدة، من أولهم إلى آخرهم، لم يسوموها تأويلا، و لم يحرفوها عن مواضعها تبديلا[/COLOR] .. " اهـ.[/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[SIZE=5][/SIZE]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]ثم قال: [COLOR=#6600cc]والأمور اليسيرة التي اختلفوا فيها كرؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه، وغيرها لا تؤثر في هذه القاعدة العامة، لأن الخلاف فيها كان لأسباب وقد يكون لبعض الصحابة من العلم ما ليس عند الآخر، لكنهم رضي الله عنهم إذا جاءهم الدليل خضعوا له بلا تردد[/COLOR]. اهـ. [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[SIZE=5][/SIZE]
[B][COLOR=black][FONT=Arial][SIZE=5]وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز القول: إن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في العقيدة، مثل رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه سبحانه في ليلة المعراج؟ وهل الموتى يسمعون أم لا؟ ويقول: إن هذا من العقيدة؟ [/SIZE][/FONT][/COLOR][/B]
[SIZE=5][/SIZE]
[SIZE=5][B][COLOR=black][FONT=Arial]فأجابت: [COLOR=#6600cc]العقيدة الإسلامية والحمد لله ليس فيها اختلاف بين الصحابة ولا غيرهم ممن جاء بعدهم من أهل السنة والجماعة؛ لأنهم يعتقدون ما دل عليه الكتاب والسنة، ولا يحدثون شيئا من عند أنفسهم أو بآرائهم، وهذا الذي سبب اجتماعهم واتفاقهم على عقيدة واحدة ومنهج واحد؛ عملا بقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}. ومن ذلك مسألة رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، فهم مجمعون على ثبوتها بموجب الأدلة المتواترة من الكتاب والسنة ولم يختلفوا فيها. وأما الاختلاف في هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج رؤية بصرية، فهو اختلاف في واقعة معينة في الدنيا، وليس اختلافا في الرؤية يوم القيامة.[/COLOR] اهـ. [/FONT][/COLOR][/B][B][COLOR=black][FONT=Arial]والحاصل أن من نظر من أهل العلم إلى الأصل والغالب نفى حصول الاختلاف، ومن نظر إلى الجزئيات التفصيلية أثبته بقدر معلوم ومحصور في دائرة الخلاف السائغ، ولا يتعدى حد النادر.[/FONT][/COLOR][/B][B][COLOR=black][FONT=Arial]والله أعلم.[/FONT][/COLOR][/B][/SIZE]
[SIZE=2][B][SIZE=5]منقول بتصريف اسلام ويب[/SIZE][/B]
[/SIZE]



[/SIZE]

أم عبد الله 07-17-2012 08:17 PM

ما تفسركم لهذه الآيات : {وَهُوَ [COLOR=blue]الَّذِي[/COLOR] فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}
{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}و{[COLOR=indigo]وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ[/COLOR]}و
؟!

ملاحظه :أرجو الانتباه ابتداءً ([COLOR=blue]الذي[/COLOR])في بداية الآية حتى لا يتوهم أحد أن الآية تتحدث
عن إلهين -حاشا لله- .
{وَهُوَ [U][COLOR=blue]الَّذِي[/COLOR][/U] فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}

معنى "[COLOR=blue]إله[/COLOR]"

[B][COLOR=blue]قال ابن فارس (395 هـ):[/COLOR][/B] الهمزة واللام والهاء أصل واحد،[COLOR=blue] وهو التعبُّد[/COLOR]. [U]فالإله الله تعالى، وسمّيَ بذلك لأنّه معبود. ويقال تألّه الرجُل، إذا تعبّد.[/U] (3)

والإله المعبود، وهو الله عز وجل، ثم استعاره المشركون لما عبدوه (من الأصنام وغيرها) من دون الله تعالى (4)، لاعتقادهم أَن العبادة تَحُقُّ لها. (5)

[B][U]وبهذا يظهر غلط من زعم أن قول الله تعالى: {وَهُوَ[COLOR=blue] الَّذِي[/COLOR] فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف : 84] يدل على أن الله في كل مكان، [COLOR=blue]بل معناها أنه سبحانه وتعالى معبود في السماء والأرض[/COLOR].[/U][/B]

[B]جملة من أقوال العلماء في تفسير هذه الآية:[/B]
[COLOR=blue]- قتادة ( * )[/COLOR] : أي يُعبد في السماء، ويُعبد في الأرض. (6)
[COLOR=blue]- ابن جرير الطبري (310هـ)[/COLOR] : (يقول تعالى ذكره: والله الذي له الألوهة ( ** ) في السماء معبود، وفي الأرض معبود كما هو في السماء معبود، لا شيء سواه تصلح عبادته; يقول تعالى ذكره: فأفردوا لمن هذه صفته العبادة، ولا تشركوا به شيئا غيره.) (7)
[COLOR=blue]- ابن أبي زَمَنِين (399هـ)[/COLOR] : هو المُوَحَّدُ في السماء وفي الأرض. (8)
-[COLOR=blue] أبو المظفر السمعاني (489هـ)[/COLOR] : أي : معبود في السماء والأرض. (9)
- ابن كثير (774هـ) : وقوله: {[COLOR=blue]وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ[/COLOR]} اختلف مفسرو هذه الآية على أقوال، بعد الاتفاق على تخطئة قول الجَهْمِيَّة الأول القائلين بأنه -تعالى عن قولهم علوًا كبيرًا-في كل مكان؛ حيث حملوا الآية على ذلك، فأصح الأقوال أنه المدعو الله في السموات وفي الأرض، أي: يعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السموات ومن في الأرض، ويسمونه الله، ويدعونه رَغَبًا ورَهَبًا، إلا من كفر من الجن والإنس، وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى: {[COLOR=blue]وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأرْضِ إِلَهٌ[/COLOR]} [الزخرف: 84]، أي: هو إله مَنْ في السماء وإله مَنْ في الأرض. (11)

__________________
[CENTER][B]ثانيا :قال الله تعالى:{وهو معكم أين ما كنتم}[/B]
[B]القرب والمعية[/B][/CENTER]

وصف الله عز وجل نفسه بالمعية في العديد من الآيات، بعضها معية عامة لخلقه كقوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد : 4]
{[COLOR=blue]مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ[/COLOR]} [المجادلة : 7]

وبعضها معية خاصة بالمؤمنين كقوله تعالى:
{[COLOR=indigo]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[/COLOR]} [البقرة : 153]
{[COLOR=blue]إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا[/COLOR]} [التوبة : 40]

وكذلك وصف الله عز وجل نفسه بأنه قريب من عباده فقال:
{[COLOR=blue]وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ[/COLOR]} [ق : 16]
{[COLOR=indigo]وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[/COLOR]} [البقرة : 186]
وغيرها من النصوص.

معية الله العامة هي لجميع خلقه، فالله عز وجل مع خلقه بعلمه وإحاطته، يرى ويسمع كل شيء، أما المعية الخاصة بالمؤمنين فمقتضاها النصر والتأييد والحفظ. هذا ما دلت عليه الآيات وآثار السلف الصالح رحمهم الله، كما سيتبين في هذا المقال.

[U][B]وقد ظهر في عصر التابعين رجل اسمه الجهم بن صفوان، الذي تُنسب إليه فرقة الجهمية، فسَّرَ هذه الآيات على غير ما فسرها السلف الصالح،[/B][/U] وقال قولا عظيماً لم يسبقه إليه أحد من المسلمين، وهو قوله بأن الله عز وجل في كل مكان بذاته، أنه قريب منا ومعنا بذاته – تعالى الله عما يقول علوًا كبيرا- نافياً علوه جل وعلا فوق عرشه، وأساء فهم آيات القرب والمعية العامة، وتبعه في ذلك بِشر المريسي وغيره من أهل الضلال ممن جاء بعدهم.

[B][COLOR=blue]قال أبو معاذ خالد بن سليمان البلخي (ت. 199 هـ)[/COLOR][/B] : «كان جهم على معبر ترمذ، وكان فصيح اللسان، ولم يكن له علم ولا مجالسة أهل العلم، فكلم السُمَنية، فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده. فدخل البيت لا يخرج، ثم خرج إليهم بعد أيام فقال: "هو هذا الهواء مع كل شيء، وفي كل شيء، ولا يخلوا منه شيء." قال أبو معاذ: كذب عدو الله، إن [URL="http://as-salaf.com/article.php?aid=9〈=ar"][U][COLOR=#0000ff]الله في السماء[/COLOR][/U][/URL] على العرش كما وصف نفسه.» (1)

[B][COLOR=blue]قال إسحاق بن راهويه (ت. 238 هـ)[/COLOR][/B] : «علامة جهم وأصحابه دعواهم على أهل الجماعة وما أولعوا به من الكذب: أنهم مشبهة، بل هم المعطلة، ولو جاز أن يقال لهم: هم المشبهة لاحتمل ذلك، وذلك أنهم يقولون: [U]إن الرب تبارك وتعالى في كل مكان بكماله، في أسفل الأرضين وأعلى السموات على معنى واحد، وكذبوا في ذلك ولزمهم الكفر.»[/U] (2)

[B][U]وقال أبو عاصم خُشَيش بن أصرم (ت. 253 هـ) عند حديثه عن أصناف الجهمية[/U][/B]: «ومنهم صنف زعموا أنه ليس بين الله وبين خلقه حجاب ولا خلل وأنه لا يتخلص من خلقه ولا يتخلص الخلق منه إلا أن يفنيهم أجمع فلا يبقى من خلقه شيء وهو مع الآخر في آخر خلقه ممتزج به فإذا أمات خلقه تخلص منهم وتخلصوا منه وأنه لا يخلو منه شيء من خلقه ولا يخلو هو منهم.

[B]ومنهم صنف أنكروا أن يكون الله سبحانه في السماء وأنكروا الكرسي وأنكروا العرش أن يكون الله فوقه وفوق السموات من قبل هذا وقالوا إن الله في كل مكان حتى في الأمكنة القذرة تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.[/B]

[COLOR=indigo]ومنهم صنف قالوا لا نقول إن الله بائن من الخلق ولا غير بائن ولا فوقهم ولا تحتهم ولا بين أيمانهم ولا عن شمائلهم ولا هو أعظم من بعوض ولا قراد ولا أصغر منها» (3)[/COLOR]

[B]وقال أبو جعفر بن أبي شيبة (ت. 297 هـ)[/B] : «[COLOR=blue]ذكروا أن الجهمية يقولون أن ليس بين الله عز و جل وبين خلقه حجاب، وأنكروا العرش وأن يكون هو فوقه وفوق السماوات، وقالوا: إن الله في كل مكان وأنه لا يتخلص من خلقه ولا يتخلص الخلق منه إلا أن يفنيهم فلا يبقى من خلقه شيء وهو مع الآخر فالآخر من خلقه ممتزج به فإذا أفنى خلقه تخلص منهم وتخلصوا منه، [U][B]تبارك الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا[/B][/U][/COLOR]» (4)

[B]وقال الذهبي (ت. 748 هـ) في سيرة الجهم بن صفوان[/B] : (وكان الجهم ينكر صفات الرب عز وجل وينزهه بزعمه عن الصفات كلها ويقول بخلق القرآن،[U][COLOR=blue] ويزعم أن الله ليس على العرش بل في كل مكان[/COLOR][/U]) (5)

[B]وقال ابن رجب الحنبلي (ت. 795 هـ):[/B] (ولم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفهمون من هذه النصوص غير المعنى الصحيح المراد بها، فيستفيدون بذلك معرفة عظمة الله، وجلاله، واطِّلاعه على عباده وإحاطته بهم وقربه من عابديه، وإجابته لدعائهم فيزدادون به خشية لله، وتعظيما، وإجلالا، ومهابة، ومراقبة، واستحياء، ويعبدونه كأنهم يرونه.

ثم حدثَ بعدَهم من قلَّ ورعُه ، وساء فهمه وقصدُه ، وضعُفت عظمة الله وهيبته في صدره ، وأراد أن يري الناس امتيازه عليهم بدقة الفهم وقوة النظر ، فزعم أن هذه النصوص تدل على أن الله بذاته في كل مكان ، كما يُحكى ذلك عن طوائف من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، وهذا شيء ما خطر لمن كان قبلهم من الصحابة - رضي الله عنهم - ، وهؤلاء ممن يتبع ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وقد حذر النبي أمته منهم في حديث عائشة الصحيح المتفق عليه .

وتعلقوا - أيضا - بما فهموه بفهمهم القاصر مع قصدهم الفاسد بآيات في كتاب الله ، مثل قوله تعالى : {[COLOR=blue]وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ[/COLOR]} وقوله : {[COLOR=blue]مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُم[/COLOR]}، فقال من قال من علماء السلف حينئذ : إنما أراد أنه معهم بعلمه ، وقصدوا بذلك إبطال ما قاله أولئك ، مما لم يكن أحد قبلهم قاله ولا فهمه من القرآن.) (6)

[U]وقد رد السلف الصالح وعلماء أهل السنة على استدلالهم بهذه الآيات، وبينوا المعنى الصحيح لهذه الآيات. فهذه الآيات أولها وآخرها تدل على معناها، وتُبين أن المقصود هو علم الله عز وجل بكل شيء:[/U]

الأية الأولى: {[COLOR=blue]هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ[U] [COLOR=red]يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ[/COLOR] وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[/U][/COLOR]}

الأية الثانية: {[COLOR=indigo][COLOR=red][U]أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي[/U][/COLOR] السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[/COLOR]} [المجادلة : 7]

الأية الثالثة: {[COLOR=blue]وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ[COLOR=red][U] وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ[/U][/COLOR] وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ[/COLOR]} [ق : 16]

[B][COLOR=blue]وممن ذكر هذا من أئمة السلف الصالح:[/COLOR][/B]
[B]قال أبو طالب أحمد بن حميد: سألت أحمد بن حنبل (ت. 241 هـ)[/B] عن رجل قال: الله معنا وتلا: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم}، فقال الإمام أحمد: «قد تَجَهَّمَ هذا، يأخذون بآخر الآية ويدعون أولها، قرأت عليه: {[COLOR=blue]ألم تر أن الله يعلم...}[/COLOR] [B]فعلمه معهم[/B].» (7)

[B]وقال أبو سعيد عثمان الدارمي (ت. 280 هـ)[/B] : «فقال بعضهم: دعونا من تفسير العلماء إنما احتججنا بكتاب الله فأتوا بكتاب الله. قلنا: نعم، هذا الذي احتججتم به هو حق كما قال الله عز و جل وبها نقول على المعنى الذي ذكرنا غير أنكم جهلتم معناها فضللتم عن سواء السبيل وتعلقتم بوسط الآية وأغفلتم فاتحتها وخاتمتها لأن الله عز وجل افتتح الآية بالعلم بهم وختمها به فقال: {[COLOR=blue]ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم[/COLOR]} . . . إلى قوله {[B]ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم[/B]}، ففي هذا [COLOR=blue]دليل على أنه أراد العلم بهم وبأعمالهم لا أنه نفسه في كل مكان معهم كما زعمتم، فهذه حجة بالغة لو عقلتم.»[/COLOR] (8)


[B]أما بيان تفسير السلف والعلماء لكل آية:[/B]

[B][COLOR=blue]قال الإمام الشافعي (ت. 204 هـ)[/COLOR][/B] : «وأعلَمَ عباده -مع ما أقام عليهم من الحجة: بأن ليس كمثله أحد في شيء. - : أن عِلمه بالسرائر والعلانية واحدٌ. فقال: {[COLOR=blue]وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ [U][COLOR=red]وَنَعْلَمُ[/COLOR][/U] ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ من حَبْلِ الْوَرِيدِ[/COLOR]} وقال عز وجل {[COLOR=blue][COLOR=red][U]يَعْلَمُ[/U][/COLOR] خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وما تُخْفِي الصُّدُورُ[/COLOR]}» (9)
[B][COLOR=blue]وقال نعيم بن حماد (ت. 228 هـ) في قوله تعالى[/COLOR][/B] {[COLOR=blue]وهو معكم[/COLOR]}: «أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه، ألا ترى قوله {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} الآية، [COLOR=red]أراد: أنه لا يخفى عليه خافية[/COLOR].» (10)
[B]وقال عثمان الدارمي (280 هـ) في رده على احتجاج الجهمية بقوله تعالى[/B] {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} : «قلنا هذه الآية لنا عليكم لا لكم. إنما يعني أنه حاضر كل نجوى ومع كل أحد من فوق العرش بعلمه، لأن علمه بهم محيط، وبصره فيهم نافذ، لا يحجبه شيء عن علمه وبصره، ولا يتوارون منه بشيء، وهو بكماله فوق العرش بائن من خلقه يعلم السر وأخفى) (11)

[B]وقال حرب بن إسماعيل الكرماني (ت. 280 هـ) في مسائله:[/B] «وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نار ونور وظلمة، وما هو أعلم به. فإذا احتج مبتدع أو مخالف بقول الله - عز وجل-: {[COLOR=indigo]وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ[/COLOR]} [ق: 16]، وبقوله - تعالى-: {[COLOR=blue]مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا[/COLOR]} [ المجادلة:7 ] [COLOR=blue][U]،ونحو هذا من متشابه القرآن؛ فقل إنما يعني بذلك العلم؛ لأن الله - عز وجل- على العرش فوق السماء السابعة العليا، يعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه، لا يخلو من علمه مكان.»[/U][/COLOR] (12)

[U]قال ابن جرير الطبري (310 هـ[/U]) : «{[COLOR=blue]وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ[/COLOR]} يقول: وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يَعْلَمُكم، ويعلم أعمالكم، ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سمواته السبع.» (13)
[COLOR=blue]قال ابن أبي زيد القيرواني (ت. 386 هـ)[/COLOR] في مقدمة رسالته المشهورة: «وأنه فوق عرشه المجيد بذاته [B][U][COLOR=red]وهو في كل مكان بعلمه،[/COLOR][/U][/B] خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد {[COLOR=blue]وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[/COLOR]}»

[B]قال أبو عمر الطلمنكي المالكي (ت. 429 هـ) في كتابه "الوصول إلى معرفة الأصول":[/B] «أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: {[COLOR=blue]وهو معكم أينما كنتم[/COLOR]} ونحو ذلك من القرآن:[COLOR=red] أنه علمه، وأن الله تعالى فوق السموات بذاته، مستو على عرشه كيف شاء[/COLOR].» ([14])
[B][COLOR=blue]وقال الحسين البغوي (510 هـ)[/COLOR][/B] : «{[COLOR=blue]وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ[/COLOR]} [COLOR=red][B]أعلم به،[/B][/COLOR] {[COLOR=indigo]مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ[/COLOR]}[B] لأن أبعاضه وأجزاءه يحجب بعضها بعضًا، ولا يحجب علم الله شيء.» [/B](15)

[B][SIZE=5]قال ابن حجر العسقلاني (ت. 852 هـ)[/SIZE][/B] : (قوله ”[COLOR=blue]الله ثالثهما[/COLOR]“[COLOR=red][U] أي: معاونهما وناصرهما، وإلا فهو مع كل اثنين بعلمه كما قال[/U][/COLOR] {[COLOR=blue]ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم[/COLOR]} الآية) (16)

[B]وغير هذه الأقوال كثير ولكن اقتصرنا على المذكور اختصارًا.[/B]


[B]شبهة وجوابها:[/B]

[B]قال ابن رجب الحنبلي (ت. 795 هـ)[/B] : (وزَعَم بعضُ من تحذلقَ أن ما قاله هؤلاء الأئمة خطأٌ، لأن علم الله صفة لا تُفارقُ ذاته.
[B][U]وهذا سوءُ ظنٍّ منه بأئمة الإسلام، فإنهم لم يريدوا ما ظنه بهم وإنما أرادوا أن علم الله متعلقٌ بما في الأمكنة كلها، ففيها معلوماته لا صفة ذاته كما وقعت الإشارة في القرآن إلى ذلك بقوله تعالى[/U][/B]: {[COLOR=blue]وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا[/COLOR]} [طه : 98]، وقوله {[COLOR=blue]رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا[/COLOR]} [غافر : 7]، وقوله {[COLOR=blue]ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ[/COLOR]} [الحديد : 4].) (17)
_______

(2) جامع البيان في تأويل القرآن للطبري (22ج ص254) - تحقيق أحمد شاكر
(3) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (ج1 ص127)
(4) المصباح المنير للفيومي، مادة "أله".
(5) لسان العرب مادة: "أله".
(6) جامع البيان للطبري / تفسير الطبري (ج21 ص653) تحقيق شاكر؛ تفسير عبد الرزاق الصنعاني (ج2 ص203)؛ الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص343).
(7) جامع البيان / تفسير الطبري(ج21 ص652) تحقيق شاكر
(8) تفسير ابن أبي زمنين المجلد 4 ص196.
(9) تفسير السمعاني (ج5 ص119)
(11) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (ج3 ص239-240).
[B]__________________[/B]


(1) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص201) من طريق ابن أبي حاتم الرازي الذي رواه في كتابه "الرد على الجهمية"؛ ورواه البيهقي بسند صحيح في كتابه "الأسماء والصفات (ج2 ص337)]
(2) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص532) من طريق عبد الرحمن بن أبي حاتم (الذي رواه في كتابه الرد على الجهمية) عن أحمد بن سلمة عن اسحاق.
(3) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع لأبي الحسين الملطي ، باب الفرق وذكرها
(4) العرش وما روي فيه لأبي جعفر بن أبي شيبة (ص 276)
(5) تاريخ الإسلام للذهبي (ج8 ص 66)
(6) فتح الباري لابن رحب (ج3 ص113)
(7) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص 176)، والإبانة الكبرى لابن بطة.
(8) الرد على الجهمية للدارمي (ص43)
(9) أحكام القرآن للشافعي (ج1 ص300)
(10) كتاب العرش للذهبي (ج2 ص238) قال: (وكلا القولين صحيح عنه)، رواه من طريق ابن بطة بسنده، وهو في الإبانة لابن بطة.
(11) الرد على الجهمية (ص42-43)
(12) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم (ص835-836)، قال ابن القيم: "و نحن نحكي اجماعهم كما حكاه حرب صاحب الإمام أحمد عنهم بلفظه، قال في مسائله المشهورة: ..." وذكره.
(13) جامع البيان للطبري (ج22 ص 387)
(14) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص 246)
(15) معالم التنزيل للبغوي (ج7 ص358)
(16) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر (ج7 ص305)
(17) فتح الباري لابن رجب (ج3 ص115)

أم عبد الله 07-17-2012 09:06 PM

[b]الفرق بين عقيدة أهل السنة والمفوضة ؟[/b]

إذا سألت مفوض وقلت له أتثبت لله يد ؟!
يرد عليك المفوض ويقول :([b]يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ[/b])!!!!

أما إذا سألت أحد من أهل السنة والجماعة نفس السؤال وقولت

أتثبت لله يد ؟!
سايقول :نعم أثبت لله عزوجل يد من غير تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل ولاتأويل
ولا تمثيل ([color=blue]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[/color]).

وهذا امتثالا لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم في إثبات الصفات لله عزوجل

([b]ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره . قال : قلت[/b] :[b][u] يا رسول الله ! أويضحك الرب[/u][/b] ؟[b] قال :[/b] [b][color=blue]نعم[/color][/b] . [b]قلت :[color=blue] لن نعدم من رب يضحك خيرا[/color][/b])
الراوي: أبو رزين لقيط بن عامر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1/78خلاصة الدرجة: حسن
قال الرسول (صلى الله عليه وسلم )نعم
يا مفوضة قال نعم
يا أشاعرة قال نعم
يا........

وفي النهاية لتعلموا بارك الله فيكم حقيقة مذهب أهل التفويض هو تعطيل الصفة
وصدق من قال عنهم أخبث المذاهب .
والحمد لله رب العالمين .

أم عبد الله 08-02-2012 01:06 AM

[CENTER][B][SIZE=6]التفويض: الجهل والجفاء[/SIZE][/B][/CENTER]

[CENTER][SIZE=4][B][FONT=Arial][U][COLOR=#0000ff]د. عبدالعزيز بن محمد آل عبداللطيف[/COLOR][/U] [/FONT][/B][/SIZE][/CENTER]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[CENTER][FONT=Arial][SIZE=4][B]قرر السلف الصالح أن صفات الله - تعالى - معلومة المعنى ومجهولة الكيفيـة، كمـا قـال الإمـام مالك بـن أنس - وكذا شيخه ربيعة الرأي -: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"[U][COLOR=#0000ff][1][/COLOR][/U].[/B][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]وبيَّن ذلك شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني (ت 449هـ) قائلاً: "وقد أعاذ الله - تعالى - أهل السُّنة من التحريف والتشبيه والتكييف، ومَنَّ عليهم بالتعريف والتفهيم، حتى سلكوا سبيل التوحيد والتنزيه... "[U][COLOR=#0000ff][2][/COLOR][/U]. [/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]فأفصح في هذه العبارة عن مجانبة السلف طرائق التحريف والتمثيل والتكييف، ولزوم سبيل التعريف والتفهيم خلافاً لأرباب التجهيل والتفويض.[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]وقال قِوام السُّنة الأصفهاني (ت 535هـ): "ينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها؛ فيعظموا الله حق عظمته، ولو أراد رجل أن يعامل رجلاً طلب أن يعرف اسمه وكُنْيَتَه، واسم أبيه وجدِّه، وسأل عن صغير أمره وكبيره؛ فالله الذي خلقنا ورزقنا، ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه أَوْلَى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها"[U][COLOR=#0000ff][3][/COLOR][/U].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]فمعاني الصفات الإلهية معلومة؛ إذ أن الله أمر بتدبُّر القرآن كله في عدَّة آيات، فقال - سبحانه -: {[COLOR=#339966]كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ[/COLOR]} [ص: ٩٢] وقال - تعالى -: {[COLOR=#339966]أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[/COLOR]} [محمد: ٤٢].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#008080][B]والتدبُّر هو:[/B][/COLOR][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]أن يفهم آيات القرآن ويعقِلها ويعلم معانيها، وأشرَفُ ذلك آيات الصفات... "وإذا كان الله قد حَضَّ الكفار والمنافقين على تدبُّره، عُلِمَ أن معانيه مما يمكن للكفار والمنافقين فهمها ومعرفتها؛ فكيف لا يكون ذلك ممكناً للمؤمنين؟ وهذا يبيِّن أن معانيه كانت معروفة بيِّنةً لهم"[U][COLOR=#0000ff][4][/COLOR][/U].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]وأما أهل التفويض[U][COLOR=#0000ff][5][/COLOR][/U] والتجهيل؛ فهم القائلون بأن نصوص الصفات ألفاظ لا تُعْقَل معانيها، ولا ندري ما أراد الله ورسوله منها، ولكن نقرؤها ألفاظاً لا معاني لها؛ فجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكــلام الأعجمي الذي لا يُفهم[U][COLOR=#0000ff][6][/COLOR][/U]! [/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]ومذهب التجهيل والتضليل وإن كان مقابلاً لمذهب أهل التحريف والتأويل المذموم، إلاَّ أن منشأ الاشتباه واحد؛ إذ أن طائفتَيِّ التفويض والتحريف قد انقدح في أذهانهم أن في إثبات نصوص الصفات تمثيلاً وتشبيهاً[/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn7"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][7][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B]؛ فنفوا الصفات الإلهية التي دلَّت عليها نصوص الوحيين، واستروحوا إلى التفويض تارةً، والتحريف تارةً أخرى[/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn8"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][8][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B]، كما في جوهرة (الأشاعرة):[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[CENTER][FONT=Arial][SIZE=4][B]وكل نصٍّ أوْهَمَ التشبيها أوِّلْه أو فوِّض ورُمْ تنزيها[/B][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]ومن ذلك أن أبا المعالي الجويني سلك التعطيل والتحريف، كما في كتابه (الإرشاد) ثم أعقب ذلك بالتفويض والتجهيل في (الرسالة النظامية)[/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn9"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][9][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B]. [/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]ولئن كان الأشاعرة والماتريدية ونحوهم يترنَّحون بين تأويل مذموم وتفويض مجهول؛ فيسوِّغون المذهبَيْن بدعوى: "أن مذهب السلف أسلم، ومذهب الخلف أعلم وأحكم!".[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]والمصيبة أن متسنِّنَةً في هذا العصر قد غشيتهم هذه اللوثة؛ فتوثبوا على عقيدة السلف الصالح، وتنكَّبُوا الهدى والنور، والعلم والبصيرة، ولَحِقهم الولع والهوس بمذهب التجهيل والتفويض، فنعوذ بالله من الحور بعد الكور[/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn10"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][10][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]ولئن كان التفويض ناشئاً عن جهل بمذهب السلف، أو ضلال بتصويب طريقة الخلف، فربما كان باعث ذلك الشهوة وحظوظ النفس، والتفلُّت من لزوم الصراط المستقيم: "إن النفوس فيها نوع من الكِبر؛ فتحبُّ أن تخرج من العبودية والاتباع بحسب الإمكان، كما قال أبو عثمان النيسـابوري - رحمه الله -: ما ترك أحد شيئاً من السُّنة إلا لِكِبْر في نفسه، ثم هذا مظنَّة لغيره؛ فينسلخ القلب عن حقيقة اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويصير فيه من الكِبْر وضعف الإيمان بالله ما يفسد عليه دينه"[/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn11"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][11][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[SIZE=4][B][FONT=Arial][COLOR=#800000]ويقـال لهـؤلاء المفوِّضـة:[/COLOR] هـا أنتـم تثبتون أن للـه - تعالـى - ذاتاً - تليق به سبحانه - تعقلونها وتعْلَمونها، فكذا أسماؤه وصفاته - عز وجل - تُعلم وتُعْقَل؛ فالقول في الصفات كالقول في الذات[/FONT][/B][/SIZE][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn12"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][12][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]"[COLOR=#800000]ويقال أيضاً:[/COLOR] أتقولون بهذا التجهيل في جميع أسماء الله - تعالى - وصفاته؟ فإن قالوا: هذا في الجميع كان هذا عناداً ظاهـراً وجحداً لما يُعلم بالاضطرار من دين الإسلام، بل كُفْر صريح؛ فإنا نفهم من قوله - تعالى -: {[COLOR=#339966]وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[/COLOR]} [الأعراف: ٦٥١] معنىً، ونفهـم من قولـه - تعالـى -: {[COLOR=#339966]إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ[/COLOR]} [إبراهيم: ٧٤] معنىً، وصبيان المسلمين بل وكل عاقل يفهم هذا.[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[SIZE=4][B][FONT=Arial][COLOR=#800000]ويقال لهذا المعاند:[/COLOR] فهل هذه الأسماء دالة على الإله المعبود أم لا؟ فإن قال: لا، كان معطِّلاً محضاً، وما أعلم مسلماً يقول: هذا، وإن قال: نعم، قيل له: فلم فهمت منها دلالتها على نفس الرب، ولم تفهم دلالتها على ما فيها من المعاني من الرحمة والعلم، وكلاهما في الدلالة سواء؟"[/FONT][/B][/SIZE][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn13"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][13][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=blue][B]ومن أَوْجُه فساد مذهب التفويض:[/B][/COLOR][/FONT][/SIZE]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]"أن هذا قدح في القرآن والأنبياء؛ إذ كان الله أنزل القرآن وأخبر أنه جعله هدىً وبياناً للناس، وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغ البلاغ المبين، وأن يبيِّن للناس ما نُزِّل إليهم، وأمر بتدبُّر القرآن وعَقْلِه، ومع هـذا؛ فأشرف مـا فيـه - وهـو مـا أخبـر الــربُّ عـن صفـاتـه - لا يعلم أحد معناه؛ فلا يُعْقَل ولا يُتَدبَّر! ولا يكون الرسول بلَّغ البلاغ المبين... فتبيَّن أن قول أهل التفويض من شر أقوال أهل البدع والإلحاد"[/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn14"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][14][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]"إن من أعظم أبواب الصدِّ عن سبيل الله وإطفاء نور الله، والإلحاد في آيات الله وإبطال رسالة الله، دعوى أن القرآن لا يُفهم معناه، ولا طريق لنا إلى العلم بمعناه... فمن كان يرى أن الذي أمر الله به، أن تكون الأمة كلها لا تعقل معاني الكتاب، فهو ممن يدعو إلى الإعراض عن معاني كتاب الله ونسيانها، ولهذا صار هؤلاء ينسون معانيه حقيقة؛ فلا يخطر بقلوبهم المعنى الذي أراده الله ولا يتفكرونه... "[/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn15"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][15][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B]. [/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[SIZE=4][B][FONT=Arial][COLOR=#800000]ومن الأجوبة العقلية والضرورية في ردِّ هذا التجهيل؛ [/COLOR]أن من قرأ مصنَّفات الناس في الطب والنحو والفقه والأصول... لكان من أحرص الناس على فَهْم معنى ذلك، ولكان من أثقل الأمور عليه قراءة كلام لا يفهمه، فإذا كان السابقون - رضي الله عنهم - يعلمون أن هذا كلام الله وكتابه الذي أنزله إليهم وهداهم به، أفلا يكونون أحرص الناس على فهمه ومعرفة معناه؟ بل ومن المعلوم أن رغبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعريفهم معاني القرآن أعظم من رغبته من تعريفهم حروفه...[/FONT][/B][/SIZE][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn16"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][16][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]وها هنا ضرورة فطرية، وأمر وَجْديٌّ لا انفكاك عنه؛ وهو أن التعرف على الله بأسمائه وصفاته وما يستلزم ذلك من محبته وعبادته لهو أكبر المقاصد وأجلُّ المطالب؛ فمعرفة هذا أصل الدين، وأساس الهداية، وأفضل ما اكتسبته القلوب، وأدركته العقول؛ فلا يُتَصوَّر أن يكون السلف الصالح كلهم كانوا مُعْرِضين عن هذا؛ لا يسألون عنه، ولا يشتاقون إلى معرفته، ولا تطلب قلوبهم الحــق فيه، وهــم - ليلاً ونهاراً - يتوجهون بقلوبهم إليه - سبحانه - ويدعونه تضرعاً وخفية، ورغبةً ورهباً. والقلوب مجبولة مفطورة على طلب العلم بهذا، ومعرفة الحق فيه، وهي مشتاقة إليه أكثر من شوقها إلى كثير من الأمور[/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn17"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][17][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]ويتعذر على هؤلاء المفــوِّضة أن ينكــروا ما يجــدونه في قلوبهــم من محبة اللـه - تعالــى - لما لــه - سبحانه وتعالى - من صفات الكمال والجلال والجمال، ولعظيم نِعَمِه وكثرة آلائه...[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]وكذا استصحاب الخوف من ملك الملوك، ومالك يوم الدين، هو ناشئ عن ظهور آثار أسمائه وصفاته الدالة على بطشه، وقهره، وعدله، وانتقامه... كما يمتنع أن يجحدوا ما في أنفسهم من الطمع برحمة الله ورأفته؛ إذ يرجون رحمته ويرغبون إليه.[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]إن التعرُّف على الله - تعالى - والعلم بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا والتفقه في فهم معانيها يحقــق عبــادة الله - تعالى - ومحبته وخشيته ورجاءه؛ فكلما ازداد العبد معرفة بربِّه ازداد إيماناً وتوحيداً[/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn18"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][18][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]قال ابن القيِّم: "لا يستقر للعبد قَدَم في المعرفة - بل ولا في الإيمان حتى يؤمن بصفات الربِّ - جل جلاله - ويعرفها معرفة تخرج عن حدِّ الجهل بربِّه؛ فالإيمان بالصفات وتعرُّفُها هو أساس الإسلام، وقاعدة الإيمان، وثمرة شجرة الإحسان"[/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftn19"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][19][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]والمقصود أن مذهب التفويض بلوازمه الفاسدة وما يؤول إليــه، من شــر المذاهب؛ لِـمَا فيه من الطعــن في حكمــة الله - تعالى - ورحمته وعلمه... ونفي صفاته، وانتقاص القرآن في هدايته وبيانه وشفائه، والقدح في سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - من جهة عِلْمِه وبيانه ونُصْحه؛ إذ هو - صلى الله عليه وسلم - أعلم النــاس بــربه - سبحانه وتعالى - وأفصح الناس وأنصح الناس... واستجهالِ السابقين الأولين، ولَـمْزِ الصحابة - رضــي الله عنهم - بقلَّة العلم وضعف الحكمة..[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]وما كان لمذهب التجهيل والتضليل أن يروج على فئام من المسلمين، لولا تقصير علماء ودعاة أهل السُّنة والجماعة عن تبليغ رسالات الله ومدافعة شبهات المبطلين، لا سيما وأن مذهب التفويض قد ينشأ عن ضعفٍ وقعودٍ عن مجالدة أرباب التأويل الفاسد؛ فقد يعلم بعضهم فساد تأويلات المحرِّفين لآيات الصفات، لكنه يضعف عن تحقيق الإيمان بمعاني القرآن؛ فيركن إلى الجهل، ويخلد إلى التفويض، ويُعْرِض عن معاني القرآن ولا حول ولا قوة إلا بالله[U][COLOR=#0000ff][20][/COLOR][/U].[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[FONT=Arial][SIZE=4][B]ــــــــــــ[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref1"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][1][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] أخرجه اللالكائي في شرح أصول السُّنة: 2/398، والصابوني في عقيدة السلف: ص 181، والذهبي في العلو: ص 98 وغيرهم.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref2"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][2][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] عقيدة السلف أصحاب الحديث: ص 63.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref3"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][3][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] الحجة في بيان المحجة: 1/22.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref4"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][4][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] القاعدة المراكشية لابن تيمية: ص 30. [/B][/SIZE][/FONT][URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref5"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][5][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] كتب د. أحمد القاضي رسالة علمية متينة بعنوان: «مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات عرض ونقد» تزيد على ستمائة صفحة، وهي مطبوعة متداولة؛ بيَّن حقيقة هذا المذهب مع الرد على شبهاتهم، وقد انتفعتُ بها.[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref6"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][6][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية: 13/295، والصواعق المرسلة لابن القيم: 2/422.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref7"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][7][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية: 5/476.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref8"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][8][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] الحموية لابن تيمية: ص 205، 206.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref9"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][9][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] انظر: الدرء: 3/381.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref10"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][10][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] مثل يُضرب لمن أصابه نقصٌ بعد زيادة.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref11"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][11][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] اقتضاء الصراط المستقيم: 2/612.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref12"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][12][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] هذا الأصل الكبير «القول في الصفات كالقول في الذات» قرره جمع من المحققين: كالخطابي، والخطيب البغدادي، وابن الزاغوني، وأبي عثمان الصابوني، وابن عبد البر، وابن تيمية رحمهم الله.[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref13"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][13][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] مجموع الفتاوى: 13/297 ،298 (بتصرف يسير).[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref14"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][14][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] الدرء: 1/205،204 (باختصار).[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref15"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][15][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] جواب الاعتراضات المصرية لابن تيمية: ص 24، 25 (باختصار).[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref16"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][16][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] انظر: جواب الاعتراضات المصرية: ص 14، والقاعدة المراكشية: ص 29.[/B][/SIZE][/FONT]
[B][FONT=Arial][/FONT][/B]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref17"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][17][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] انظر: الحَمَوية: ص 196، والقاعدة المراكشية: ص 47، 48.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref18"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][18][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] انظر: تفسير السعدي: 1/24.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref19"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][19][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B] مدارج السالكين: 3/347.[/B][/SIZE][/FONT]
[URL="file:///C:/Users/tharwat/Desktop/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;®&Ugrave;…&Ugrave;Š&Oslash;³%20%2013%20%20%20&Oslash;±&Ugrave;…&Oslash;¶&Oslash;§&Ugrave;†%201430&Ugrave;‡&Ugrave;€/&Oslash;§&Ugrave;„&Oslash;&ordf;&Ugrave;&Ugrave;ˆ&Ugrave;Š&Oslash;¶.doc#_ftnref20"][U][SIZE=4][FONT=Arial][COLOR=#0000ff][B][20][/B][/COLOR][/FONT][/SIZE][/U][/URL][FONT=Arial][SIZE=4][B]انظر: تفصيل ذلك في: جواب الاعتراضات المصرية لابن تيمية: ص 26-31[/B][/SIZE][/FONT]

أم عبد الله 08-25-2012 08:51 PM

شبهة :ما تفسركم لهذه الآيات
[IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG]إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG]، [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG]لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG]،
[IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG]إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG]وغيرها من آيات المعية العامة والخاصة
وهل المعية مقولة بالمجاز وليست مقولة بالحقيقة؟!

في البداية أحب أذكركم تم الرد على جزء من هذه الشبه بالأعلى من هذا الموضوع
على هذا الرابط ادناه
[URL]http://www.hor3en.com/vb/showpost.php?p=501887&postcount=25[/URL]

وللرد على الشق الثاني من الشبهة منقول من احدى مشاركات الملتقى :

[SIZE=5][COLOR=indigo]قال الشيخ يوسف الغفيص:[/COLOR][/SIZE]
[B][[COLOR=blue][U]يَعْلَمُ مَا[/U][/COLOR] يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ[U] وَاللَّهُ بِمَا[COLOR=blue] تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[/COLOR][/U] [الحديد:4] فأخبره أنه فوق العرش يعلم كل شيء،[/B]
[B]فهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: ([COLOR=blue]والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه[/COLOR]).[/B]
[B]محل الإشكال بين صفة العلو وصفة المعية: أن طائفةً ظنوا أن المعية تستلزم الحلول والمقارنة الذاتية، ومن هنا ظن من ظن من المتكلمين وأتباعهم أنه وقع في كلام السلف شيء من التأويل في صفة المعية، ومن هنا انغلق الجواب عن هذا المقام في كلام كثير، حتى قال من قال منهم: إن المعية مقولة بالمجاز وليست مقولة بالحقيقة! [/B]
[B][COLOR=blue][U]والصحيح أن مذهب السلف رحمهم الله،[/U][/COLOR] وهو الذي عليه الكبار من أهل السنة والجماعة -[U][COLOR=blue]أن هذه الصفة مقولة بالحقيقة،[/COLOR] وأنها لا تستلزم الحلول والمقارنة الذاتية[/U]. [/B]

[B]وننبه هنا إلى ضرورة التفريق بين مقامين لمعرفة معنى أي كلمة: الأول: مقام الإفراد. الثاني: مقام السياق. أي: بين اللفظ المفرد وبين اللفظ المركب في سياق معين -أي:مركب مع ألفاظ أخرى-. فأنت إذا أخذت كلمة مع فهي لفظ مثبت، ومدلول المعية هو المصاحبة والمقارنة، لكن هذه المصاحبة والمقارنة لم تضف ولم تخصص؛ لأن التفسير الآن للفظ المجرد عن الإضافة والتخصيص والتركيب اللفظي. إما إذا وقعت في سياق فقيل: زيد مع عمر، فهذا السياق يكون بحسبه، قد تكون المعية مصاحبةً ذاتية، وقد تكون مصاحبةً علمية، وقد تكون مصاحبة بالنصر والتأييد، وقد تكون مصاحبة بالنسب.. وهلم جرا. فهي مصاحبة لكن المصاحبة متعددة؛[/B]
[B][U][COLOR=blue]ولهذا إذا قيل: قال السلطان: أنا مع الرعية. فهذا سياق عربي صحيح، ولا يفهم من ذلك ولا يقع في خلد أحد من عقلاء بني آدم أنه معهم بذاته، ولا أنه معهم حتى بعلمه، وإنما أنه معهم بعنايته ونصره ودفاعه عنهم.. إلخ.[/COLOR][/U][/B]
[B][SIZE=6][COLOR=red][U]إذاً:[/U][/COLOR][/SIZE] المصاحبة ليست هي المصاحبة الذاتية فقط، فمن تحقق له هذا المعنى زال عنه الإشكال في مسألة المعية زوالاً تاماً: أنه فرق بين اللفظ المجرداً واللفظ المركب في السياق. فهل هذه المصاحبة مصاحبة ذاتية أو علمية أو مصاحبة نصر وتأييد.. إلخ؟ يقال: هذا بحسب السياق، فلما جاءت المعية مضافةً إلى الله امتنع أن تكون معيةً ذاتية حلولية؛ لأن الله بائن عن خلقه؛ ولأن هذا المعنى نقص محض. [/B]
[B][SIZE=5][COLOR=blue]إذاً [/COLOR][/SIZE][U]فسر السياق القرآني الذي جاء في ذكر المعية بحسب المعنى المناسب له في سياق العرب وكلامهم، ومن قال: إن هذا من باب التأويل أو أن السلف تأولوا المعية.. فهذا مبني على أن المعية تستلزم الحلول والذاتية، وهذا إثباته دونه خرط القتاد لغة وشرعاً وعقلاً، فإنه لا يوجد في لسان العرب ولا في الشرع ولا في العقل أن المعية إذا أطلقت لزم منها الحلول والمصاحبة الذاتية. فإذا كان هذا ليس لازماً بين المخلوقات أنفسها فبين الخالق والمخلوق من باب أولى؛ ولهذا يمتنع أن يقال: ظاهر نصوص المعية أن الله معنا بذاته ولكنا نأولها إلى المعنى اللائق به، بل يقال: ظاهرها أن الله معنا بعلمه أو معنا بنصره وتأييده؛ وليس في ظاهر القرآن ما هو من الباطل الذي يصار إلى نفيه؛ فإن القرآن ظاهره الحق ولا شك، وليس له باطن يخالف الظاهر. وهذا التقسيم -الظاهر والباطن- في نصوص الصفات تقسيم شائع عند طائفة من المتكلمين، لكنهم لا يقابلون الظاهر بالباطن، وإنما يقابلون الظاهر بالمجاز أو نحوه، فلما جاء الباطنية أطلقوا الظاهر والباطن، وجعلوا ما يقابل الظاهر وهو الباطن؛ ولهذا هو ليس من الاصطلاحات الفاضلة.[/U] [/B]

[B][FONT=Arial][SIZE=6][COLOR=#008000]معنى كلمة (مع) في اللغة[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B]
[B][وذلك أن كلمة مع في اللغة إذا أطلقت]. إذا أطلقت : أي جردت عن الإضافة والتخصيص فقيل: مع أو: المعية.. فمعنى هذه الكلمة مطلق المصاحبة والمقارنة. [فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال]. من غير وجوب يعني: من غير لزوم، وإن كانت المعية تارة يقصد بها: المقارنة الذاتية، كما إذا قيل: عقلي معي. فهو مقارن لك مقارنة ذاتية حلولية، فقول المصنف هنا: من غير وجوب. أي: هو نفي للوجوب، ولا يعني نفي الوجوب نفي الإمكان. [فإذا قيدت بمعنىً من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى]. أي: أنه إذا كانت مجردة ثم أدخلت في سياق، فإن السياق هو الذي يدل على معنى المصاحبة والمقارنة التي تدل عليها المعية، سواء كانت مصاحبة علمية، أو مصاحبة ذاتية، أو مصاحبة نصر وتأييد... أو نحو ذلك؛ ففي المعية العلمية لا بأس أن يقال: معنا بعلمه. أي أنها مصاحبة علم من حيث التفسير، وإن كان الملتزم هو اللفظ القرآني؛ لأن عندنا قاعدة: أنه لا ينتقل إلى لفظ مرادف ليس فيه غرض إلا المرادفة، ويترك اللفظ الذي عبر به في النص، فخير من قولك: مصاحبة علمية، أن تقول: معية علمية؛ لأن لفظ المعية هو اللفظ الشرعي. [فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو النجم معنا، ويقال: هذا المتاع معي]. ما زلنا نسير والقمر معنا هذه معية ومصاحبة إبصار، فالعرب تقول: ما زلنا نسير والقمر معنا.. فهل لزم من تلك المعية الحلول والذاتية بينهم وبين القمر؟ الجواب: لا، فهل القضية قضية مصاحبة علمية فهم يعلمون القمر والقمر يعلمهم؟ الجواب: لا، إنما المقصود معية الإبصار، فإذا وقع ذلك بين المخلوقات أنفسها ولم يلزم من ذلك الحلول والذاتية ولم يحتج الكلام إلى التأويل فمن باب أولى إذا كان في كلام الله المضاف إلى نفسه. أي: أننا في قول العرب: ما زلنا نسير والقمر معنا لم نحتج فيه إلى التأويل، فإنه لا أحد يقول: إن ظاهره أن القمر مع العرب، أي: بين يديهم ومعهم حال فيهم، وأن هذا هو المعنى الظاهر، وهو الحقيقة، وأن المجاز أنهم يبصرونه. [U][COLOR=blue]وهذا يدل على أن لفظ المعية ليس له علاقة بمسألة المجاز بوجه من الوجوه.[/COLOR][/U][/B]

[B][ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك؛ وإن كان فوق رأسك، فالله مع خلقه حقيقة، وهو فوق عرشه حقيقة]. أي: أنه لا تعارض بين المعنيين، ولو قيل: إن المعية هي الحلول والذاتية؛ قيل: هذا التحصيل حكم لا بد له من موجب، وهذا الموجب إما أن يكون اللغة أو العقل أو الشرع، والعقل والشرع لا يدلان عليه، واللغة كذلك عند التحقيق، فإن العرب تقول: ما زلنا نسير والقمر معنا. وهذا بدهي لا يحتاج إلى تأويل. [/B]

[B][FONT=Arial][SIZE=6][COLOR=#008000]اختلاف المعية بحسب مواردها[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B]
[B][ثم هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال: [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG][/B][B][COLOR=indigo]يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا[/COLOR] [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG][الحديد:4]. إلى قوله: [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG][COLOR=blue]وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ[/COLOR] [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG][الحديد:4] دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم، وهذا معنى قول السلف: إنه معهم بعلمه، وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته]. وهذا معنى قول السلف أنه معهم بعلمه؛ لأن هذا هو المناسب للسياق؛ ولهذا ابتدئت الآية بالعلم وختمت بالعلم، فهو معهم بعلمه. وترى أن لفظ المعية هنا له إفادة خاصة، فالله سبحانه وتعالى مع خلقه مطلع عليهم، شهيد عليهم، مهيمن عليهم. [وكذلك في قوله: [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG]مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG][المجادلة:7] إلى قوله: [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG]هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG][المجادلة:7] ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار: (لا تحزن إن الله معنا) كان هذا أيضاً حقاً على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع والنصر والتأييد]. أي: ليست معيةً علمية محضة، بل هي معية علمية ومعية نصر وتأييد؛ ولهذا كل معية خاصة تتضمن المعية العامة وزيادة: [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG]لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG][التوبة:40] أي: معنا بعلمه ونصره وتأييده؛ ولهذا كانت مختصة بالنبي صلى الله عليه وسلم و[U]أبي بكر[/U] ، ولم تقع للمشركين، ولو كانت المعية معية علمية لكانت متحققة حتى مع المشركين. وقوله: ودلت الحال أي: دل السياق والمورد. [وكذلك قوله تعالى: [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG]إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG][النحل:128]. وهذه تفارق المعية العامة، لأنها خصت بالمؤمنين، فدل على أن لها اختصاصاً بهم. [/B]

[B][وكذلك قوله لموسى وهارون: [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG][COLOR=blue]إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى[/COLOR] [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG][طه:46]. [U]هذه معية خاصة؛ ولهذا[/U] قال سبحانه: [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG][COLOR=blue]إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى[/COLOR] [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG][طه:46] ففي صفة السمع والبصر أطلق ولم يضف، [/B]

[B][U]أما في المعية فقال: معكما وذلك لأن السمع والرؤية كما أنه يدخل فيهما موسى وهارون كذلك يدخل فيهما فرعون ومن معه، لكن في المعية لا يدخل فرعون ومن معه، لأن هذه المعية هي معية النصر والتأييد، فتفصيل السياق القرآني يدل على هذا[/U]: [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif[/IMG][COLOR=blue]إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى[/COLOR] [IMG]http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[/IMG][طه:46] [U]ولم يقل سبحانه: أسمعكما وأراكما،[/U] [COLOR=blue][U]بل قال: أسمع وأرى ليشمل هذا ما يقع من فرعون ومن معه كما يقع من موسى وهارون.[/U][/COLOR] [/B]

[B][FONT=Arial][SIZE=6][COLOR=#008000]الفرق بين التصور والفرض العقلي[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B]
[B][هنا المعية على ظاهرها، وحكمها في هذه المواطن: النصر والتأييد. وقد يدخل على صبي من يخيفه فيبكي فيشرف عليه أبوه من فوق السقف فيقول: لا تخف، أنا معك، أو أنا هنا، أو أنا حاضر... ونحو ذلك، ينبهه على المعية الموجودة بحكم الحال دفع المكروه، ففرقٌ بين معنى المعية وبين مقتضاها]. هذا محصل الجواب في مسألة المعية: أنه كل من تحقق له الفرق بين معنى المعية ومقتضاها فإنه يزول عنه الإشكال، وأن الإشكال فرع عن التسوية بين معنى المعية وبين مقتضاها، فإن المعنى الكلي للفظة المعية في حال التجريد والقطع عن السياق والإضافة هو مطلق المصاحبة والمقارنة. ومقتضاها: هو مدلولها بحسب السياق، فلكل سياق ما يناسبه، فمن قال: إن المعية هي الحلول والذاتية. قيل: يلزمك أن كل سياق في كلام العرب ورد فيه حرف مع فإنه يحمل على حلول الذات، وهذا لا يلتزمه عاقل، أو على أقل تقدير أنه يلزم منه أن كل سياق جاء في كلام العرب، واستعمل فيه لفظ مع فإنه يدل بظاهره على الحلول والذاتية ويحتاج إلى تأويل.. وهذا لا يلتزمه أحد؛ لأنه ليس هذا هو ظاهر الكلام في جمهور موارد المعية، فإن الناس لا يفهمون من قول العرب: ما زلنا نسير والقمر معنا؛ إلا معنىً واحداً، وهو أنهم يبصرون القمر، وإذا فرض في العقل معنىً آخر تبين بالعقل أنه معنىً ممتنع يفرضه العقل ولا يتصوره، ومعلوم أن العقل يفرض المحال، لكنه لا يتصور المحال، والعبرة ليست بفرض العقل وإنما العبرة بتصوره. وهذه أيضاً قضية عقلية مهمة وهي: التفريق بين فرض العقل وبين تصوره. فمن قال: إن هذا الشيء ثبت بالعقل؛ لأنه كذا.. نقول: هذا فرض عقلي، والشيء لا يكون له أثر إلا إذا تصوره العقل تصوراً صحيحاً، أما إذا فرضه العقل فإن العقل يفرض المحال، ودرجة الفرض في العقل سابقة على درجة التصور، حيث إن الفرض هو المبدأ الأول، فالعقل يفرض الشيء أحياناً ثم يدخل دائرة التصور فلا يقبل التصور؛ فيكون محالاً في العقل. إذاً: فرق بين الفرض العقلي وبين التصور العقلي؛ ولهذا يقولون: الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وليس عن فرضه. والتصور: هو الدرجة الثانية بعد الفرض، وهو دخول المفروض محل القبول العقلي. أي: كأن الفرض بمنزلة السؤال على العقل والتصور بمنزلة الجواب ونحن نعلم أنه ليس كل سؤال يمكن جوابه، فكذلك هنا. [/B]

[B][FONT=Arial][SIZE=6][COLOR=#008000]لفظ المعية بين الاشتراك اللفظي والتواطؤ[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B]
[B][وربما صار مقتضاها من معناها فيختلف باختلاف المواضع. فلفظ المعية قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع، يقتضي في كل موضع أموراً لا يقتضيها في الموضع الآخر، فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع، أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها -وإن امتاز كل موضع بخاصية- فعلى التقدير ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق حتى يقال: قد صرفت عن ظاهرها]. وكأنه يمكن أن ينتهى إلى نتيجة، وهي: أن لفظ المعية إما أن يكون مقولاً بالاشتراك اللفظي أو مقولاً بالتواطؤ، فإن كان مقولاً بالاشتراك اللفظي فلكل سياق ما يناسبه، وهذا يزيد المسألة تباعداً ولا يوجب التلازم في حكم المعية. وإن كان مقولاً بالتواطؤ قيل: التواطؤ يقع بقدر واحد كلي، وإنما أوجب ذلك اختلاف السياقات. فسواء فرضت أن اللفظ مقول بالتواطؤ أو مقول بالاشتراك اللفظي فإنه في كلا الحالين لا يستلزم في سائر موارده الحلول والذاتية. اهـ [/B]

أم سُهَيْل 09-16-2012 12:41 AM

[font=traditional arabic][size=5][b]بسم الله الرحمن الرحيم[/b][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][b]وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته[/b][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][b]ما شاء الله[/b][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][b]ولكنه يحتاج قراءة بتمعن[/b][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][b]نسأل الله أن ييسر لنا قراءته [/b][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][b]بارك الله فيكِ حبيبتي أم عبد الله ونفع بكِ وجعله في موازين حسناتكِ[/b][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][b]اللهم آآآآآآآآآآمين[/b][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][/size][/font]
[font=traditional arabic][size=5][/size][/font]
[b][font=traditional arabic][size=5][/size][/font][/b]

أم عبد الله 09-16-2012 03:24 AM

اللهم آمين وإياكِ يا حبيبة أم سهيل بارك الله فيكِ
أسعدني جدا مرورك الطيب .

أم عبد الله 06-12-2013 11:21 AM

[FONT=Arial][SIZE=7]
[B][COLOR=#0000ff][B]28-الرد على من أنكر توحيد الأسماء والصفات وقال أنه مما أحدثه المتأخرون!
[/B][/COLOR][/B]
[/SIZE][/FONT][FONT=Arial][SIZE=7][B][U][COLOR=Red]
[/COLOR][/U][COLOR=blue][COLOR=Red][U]* وهذه الأسماء والاصطلاحات لا شك أنها أسماء واصطلاحات لم يتكلم بها الله ولا رسوله على هذا النحو وإنما أطلقها علماء السلف رضوان الله عليهم وليس هذا من البدع المحدثة بل هو من التقسيمات العلمية التي تيسر سبيل المعرفة كما يقال علم التفسير وأصول التفسير، وعلم الحديث، ومصطلح الحديث، والفقه وأصول الفقه وعلم التوحيد، وكل هذه الأقسام لم تأت في القرآن أو في السنة، ولم يعلم الرسول الأمة الدين مقسماً على هذا النحو فيعطيهم مثلاً درساً في التفسير وآخر في الحديث وثالثاً في السيرة‏.‏‏.‏ وإنما كان العلم الشرعي جملة واحدة ثم حدثت هذه الأقسام والتفريعات والاصطلاحات لتيسير تعلم العلوم، وكذلك الشأن في قولنا توحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية والربوبية إنما هي فصول في علم واحد وهي مسائل الإيمان بالله ولأن الإيمان بالله يندرج تحته فصول كثيرة من العلوم لهذا احتاج العلماء إلى هذه الاصطلاحات فقالوا توحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية،[/U][/COLOR][/COLOR][B][COLOR=blue][COLOR=Red] [/COLOR][U]وجاء أيضاً من قال توحيد الحاكمية وهذا عندما نشأ في المسلمين من فرق بين أمور الدين وأمور الدنيا، وظن أن للمسلم الخيار في أن يتحاكم إلى شرع الله أو شرع غيره، فجاء من قال من العلماء المحدثين أن الإيمان بالله يقتضي أن نؤمن بأنه لا حكم إلا له كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ألا له الخلق والأمر‏}‏ وقال ‏{‏والله يحكم لا معقب لحكمه‏}‏ فأطلق من هذه الآيات وما شابهها وسمي نوعاً جديداً من أنواع التوحيد هو ‏(‏توحيد الحاكمية‏)‏ ولا شك أن المعني الذي قصده من أطلق هذا اللفظ صحيح وإن كان الاصطلاح نفسه واللفظ حادث وكما أسلفنا ليس هذا من باب الابتداع وإنما هو من المصالح الشرعية لتقريب المعنى المراد إلى الذهن، وتفصيل العلوم وإيضاح المراد‏.‏ [/U][/COLOR]

فضيلة الشيخ /عبد الرحمن عبد الخالق
[/B]

[/B]
[/SIZE][/FONT][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][FONT=Arial][SIZE=7]
[/SIZE][/FONT][FONT=Arial][SIZE=7][COLOR=#6666ff]السؤال[/COLOR][/SIZE][/FONT][FONT=Arial][SIZE=7][COLOR=#6666ff] ما القول في قوم ينكرون توحيد الأسماء والصفات، ويعتبرون ذلك مما أحدثه المتأخرون؟ [/COLOR][/SIZE][/FONT][FONT=Arial][SIZE=7]


توحيد الأسماء والصفات هو أحد أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

فالذي ينكر توحيد الأسماء والصفات منكر لنوع من أنواع التوحيد، والذين ينكرون هذا التوحيد لا يخلون من أحد حالين:

الحال الأولى: أن ينكروا ذلك بعدما عرفوا أنه حق، فأنكروه عنادًا، ودعوا إلى إنكار؛ فهؤلاء كفار؛ لأنهم أنكروا ما أثبته الله لنفسه ـ وهم يعلمونه ـ من غير تأويل.

والحال الثانية: أن يكونوا مقلدين لغيرهم؛ لثقتهم بهم، وظنهم أنهم على حق، أو فعلوا ذلك لتأويل ظنوه صحيحًا، ولم يفعلوا ذلك عن عناد، بل فعلوه من أجل تنزيه الرب بزعمهم؛ فهؤلاء ضلال مخطئون، لا يكفرون؛ لأنهم مقلدون أو متأولون.

والدليل على كفر الأولين قوله تعالى عن المشركين: {[COLOR=Indigo]وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَن[/COLOR]} [الرعد: 30].

قال الشيخ سليمان بن عبد الله في "تيسير العزيز الحميد": "لأن الله تعالى سمى جحود اسم من أسمائه كفرًا، فدل على أن جحود شيء من أسماء الله وصفاته كفر، فمن جحد شيئًا من أسمائه وصفاته من الفلاسفة والجهمية والمعتزلة ونحوهم؛ فله نصيب من الكفر بقدر ما جحد من الاسم أو الصفة"([1]).

وقال أيضًا: "بل نقول: من لم يؤمن بذلك؛ فليس من المؤمنين، ومن وجد في قلبه حرجًا من ذلك؛ فهو من المنافقين"([2]).

وتوحيد الأسماء والصفات ليس مما أحدثه المتأخرون؛ فقد سمعت حكم الله فيمن أنكر اسمه الرحمن، والإيمان بهذا النوع موجود في كلام الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم من السلف:

قال الإمام مالك لما سئل عن استواء الله على عرشه: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"([3]).

وقال عبد الله بن المبارك: "نعرف ربنا بأنه فوق سبع سماوات، على العرش مستو، بائن من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية"([4]).

وقال الإمام الأوزاعي: "كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى ذِكْرُهُ فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة"([5]).

وقال الإمام أبو حنيفة: "ومن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض؟ فقد كفر؛ لأن الله تعالى يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، عرشه فوق سبع سماواته"([6]).

وذكرنا قول الإمام مالك.

وإذا أردت الاستزادة من كلام السلف في هذا الموضوع؛ فراجع كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية" للإمام ابن القيم.
[COLOR=Red]
لكن بعض العلماء يدخل توحيد الأسماء والصفات في توحيد الربوبية، ويقول: التوحيد نوعان: توحيد في المعرفة والإثبات، وهو توحيد الربوبية، وتوحيد في الطلب والقصد، وهو توحيد الألوهية، ولما وجد من ينكر الأسماء والصفات؛ جعل هذا النوع مستقلاً من أجل التنبيه على إثباته والرد على من أنكره.
[/COLOR]
وأنواع التوحيد الثلاثة موجودة في القرآن الكريم، وبالأخص في أول سورة، وعليك أن تراجع أول كتاب "مدارج السالكين" لابن القيم([7]).
------------------------------
([1]) انظر: "تيسير العزيز الحميد" (ص575).

([2]) انظر: "تيسير العزيز الحميد" (ص577).

([3]) انظر: "مختصر العلو" للذهبي (ص141).

([4]) انظر: "مختصر العلو" للذهبي (ص141) بنحوه.

([5]) انظر: "مختصر العلو" للذهبي (ص141) بنحوه

([6]) انظر: "مختصر العلو" للذهبي (ص136).

([7]) انظر: "مدارج السالكين" (1/36 ـ 46).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - (ج 1/ ص 21) [ رقم الفتوى في مصدرها: 8]
فضيلة الشيخ [/SIZE][/FONT][SIZE=6][FONT=Arial][SIZE=7][URL="http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&userid=88"][COLOR=blue] / صالح بن فوزان الفوزان[/COLOR][/URL]
[/SIZE][/FONT][COLOR=blue][FONT=Arial][SIZE=7]ــــــــــــــــ

[/SIZE][/FONT]
[/COLOR][/SIZE][/SIZE][/FONT][/B]

أم عبد الله 11-21-2016 03:04 PM

ظ¢ظ©-[COLOR="black"]حول ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني عن تشبيه شيخ الإسلام ابن تيمية نزول الله سبحانه في الثلث الأخير من الليل بنزول خلقه[/COLOR]


السؤال:
ما صحة ما اتهم به شيخ الإسلام ابن تيمية ونقله ابنُ حجَر في الدّرَر الكامنة صفحة 154: "فذكَروا أنه (ابن تيمية) ذكر حديث النّـزول، فنَـزل عن المنبر درَجتَين، فقال: كنُـزولي هذا، فنُسِب إلى التّجسيم". وهل صحيح أنّ هذا من كلام ابن حجر العسقلاني في حق ابن تيمية؟
تم النشر بتاريخ: 2015-04-05
الحمد لله:
أولا: أخرج البخاري في صحيحه (1145) ومسلم (1261) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ" .
وقد روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوٌ من ثمانية وعشرين صحابياً ـ رضي الله عنهم . واتفق أهل السنة على تلقي ذلك بالقبول . وقد سبق الكلام على هذا الحديث وفق مذهب أهل السنة في الفتوى رقم (20081).

ثانيا: شيخ الإسلام ابن تيمية إمام كبير من أئمة الإسلام ، وعلم من أعلام الهدى ، وذلك باعتراف جماهير أئمة العلم والدين ، وقد سبق بيان جمع من أقوال العلماء ، ومنهم الحافظ ابن حجر العسقلاني، في تزكية شيخ الإسلام ابن تيمية والثناء عليه فليراجع ذلك في الفتوى رقم (96323).

ثالثا: ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه (الدرر الكامنة) أن جماعة ذكروا أن ابن تيمية رحمه الله كان على المنبر ، فقال : إن الله جل شأنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كنزولي هذا ، ثم نزل على درج المنبر درجتين .
وهذا نص كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (1 / 180): " واتفق أن الشيخ نصر المنبجي كان قد تقدم في الدولة لاعتقاد بيبرس الجاشنكير فيه [أي : يعتقد فيه العلم والفضيلة] ، فبلغه (أي الشيخ نصر المنبجي ) أن ابن تيمية يقع في ابن العربي لأنه (أي الشيخ نصر المنبجي ) كان يعتقد أنه (أي ابن عربي) مستقيم ، وأن الذي ينسب إليه من الاتحاد أو الإلحاد : من قصور فهم من ينكر عليه ، فأرسل (أي ابن تيمية) ينكر عليه (أي على الشيخ نصر) ، وكتب إليه كتابا طويلا ، ونسبه وأصحابه إلى الاتحاد الذي هو حقيقة الإلحاد ، فعظم ذلك عليهم وأعانه ( أي الشيخ نصر) عليه (على ابن تيمية) قوم آخرون ، ضبطوا عليه كلمات في العقائد مغيرة ، وقعت منه في مواعظه وفتاويه ، فذكروا أنه ذكر حديث النزول ، فنزل عن المنبر درجتين فقال : كنزولي هذا ، فنسب إلى التجسيم" انتهى.

من هذا النقل نلاحظ أن الحافظ ابن حجر لم ينقل هذا الكلام عن ابن تيمية رحمه الله ، وإنما عن جماعة من خصومه لم يذكرهم ، هم الذين حكوا هذه الواقعة عن الشيخ ابن تيمية رحمه الله ، بل فيها أن هذه الكلمات : مغيرة ، يعني ـ والله أعلم ـ أن ناقلها عن شيخ الإسلام : لم يحرر لفظه .
والذي نقل هذا الكلام الباطل عن شيخ الإسلام ابن تيمية هو الرحالة ابن بطوطة ، حيث قال في (رحلة ابن بطوطة/43) " وكنت إذ ذاك بدمشق، فحضرته (أي ابن تيمية) يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم. فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل درجة من درج المنبر . فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء، وأنكر ما تكلم به. فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته" انتهى.

وهذا الكلام من ابن بطوطة غير صحيح ، بل إن الدلائل والقرائن متعاضدة على إثبات كذب هذه الواقعة التي نقلها عن ابن تيمية رحمه الله .
ومن هذه الدلائل: أن ابن بطوطة دخل دمشق في التاسع من رمضان عام ستة وعشرين وسبعمائة ، فقد قال في رحلته ( وكان دخولي لبعلبك عشية النهار ، وخرجت منها بالغدو لفرط اشتياقي إلى دمشق ، وصلت يوم الخميس ، التاسع من شهر رمضان المعظم ، عام ستةٍ وعشرين وسبع مئة إلى مدينة دمشق الشام ، فنزلت فيها بمدرسة المالكية المعروفة بالشرابيشية ( انتهى.
وفي هذا التوقيت كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله سجينا في سجن القلعة، وتوفي في محبسه ذلك ، فقد جاء في ذيل طبقات الحنابلة (4 / 525): "مكث الشيخ فِي القلعة من شعبان سنة ست وعشرين إِلَى ذي القعدة سنة ثمان وعشرين، ثُمَّ مرض بضعة وعشرين يوما، وَلَمْ يعلم أَكْثَر النَّاس بمرضه، وَلَمْ يفجأهم إلا موته" انتهى.

فكيف قابل ابن بطوطة شيخ الإسلام وسمع منه وهو في هذا الوقت كان سجينا؟ ويمكنك أيها السائل مراجعة هذا الرابط:
[url]http://www.saaid.net/Minute/31.htm[/url]
ففيه تفنيد وقائع ما ذكره ابن بطوطة عن شيخ الإسلام ابن تيمية.

وفي النهاية ننبه على أن كتب شيخ الإسلام ابن تيمية مليئة بالعبارات والنقولات التي تثبت براءته - رحمه الله - من مذهب التشبيه والتمثيل ، بل مذهبه إثبات صفات الله جل وعلا : على ما يليق به سبحانه من غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل .
ومن ذلك قوله في مجموع الفتاوى (3 / 217): "اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ حَقِيقَةً؛ لَكِنْ بِلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ" انتهى.
وقال رحمه الله وهو ينقل عقيدة أهل السنة والجماعة في صفات الله جل وعلا : " الْإِيمَانُ بِمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ" انتهى من مجموع الفتاوى (3 / 162).
وقال أيضا في مجموع الفتاوى (5 / 195):" فَالْقَوْلُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَالْقَوْلِ فِي بَعْضٍ. وَمَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ؛ وَلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ. فَلَا يَجُوزُ نَفْيُ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ؛ وَلَا يَجُوزُ تَمْثِيلُهَا بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ؛ بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ" انتهى.

والله أعلم.

موقع الإسلام سؤال وجواب

أم عبد الله 11-21-2016 03:32 PM

تنبيه:ابن حجر الهيتمي غير الحافظ ابن حجر العسقلاني !
السؤال:
رجاءً الإجابة على سؤالي عن عقيدة الشيخ ابن تيمية ، حيث قرأت أنه انحرف عن العقيدة الصحيحة ، وأنه وصف الله بصفات البشر ، أيضاً قرأت أن علماء مثل ابن حجر العسقلانى لا يقدرونه ، هل يمكنكم توضيح هذه المسألة لي ؟ . شكراً لكم ، والسلام عليكم .
تم النشر بتاريخ: 2007-02-05
الحمد لله
أولاً :
يُعدُّ شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية من المجددين البارزين في الإسلام ، وقد وُلد – رحمه الله – عام 661 هـ وتوفي عام 728 هـ ، وإذا كان أثر المجدد عادة في زمانه وقرنه فإن أثر شيخ الإسلام ابتدأ في زمانه ولا يزال أثره إلى الآن على العلماء وطلاب العلم والجماعات الإسلامية التي تنتسب للسنَّة ، ولا يزال أهل العلم ينهلون من علمه في الرد على أعداء الدين من اليهود والنصارى ، والفرق المنسبة للإسلام كالرافضة والحلولية والجهمية ، والفرق المبتدعة كالأشعرية والمرجئة .
وتحقيقاته في مسائل الفقه والحديث والتفسير والسلوك أشهر من أن نذكر نماذج لها ، فكتبه ومؤلفاته شاهدة عليها ، وليس هو – رحمه الله – بحاجة لمن يزكيه من أمثالنا ، بل علمه وفقهه حاضر شاهد لا ينكره إلا جاهل أو جاحد .
ثانياً :
وشهادات الأئمة في عصره ، وبعد عصره تبين للمنصف كذب الادعاءات التي يفتريها أعداء الملة ، وأعداء السنَّة على هذا الإمام العلَم ، وفي ثنايا هذه التزكيات بيان علم وفقه وقوة حجة هذا الإمام ، وبه يُعرف السبب الذي حاربه من أجله أهل الكفر والبدعة ، وهو أنه هدم أصولهم فخرَّ عليهم السقف من فوقهم ، وسنذكر في بعض هذه الشهادات صحة اعتقاد شيخ الإسلام ابن تيمية ، ونصرته للسنَّة ، ورده على أهل البدع والخرافات .
وهذه التزكيات والشهادات لهذا الإمام لم تكن من تلامذته وأصحابه فحسب ، بل شهد له حتى مخالفوه بالإمام والتقدم في العلم والفقه ، وقوة الحجة ، بل وشهدوا له بالشجاعة والسخاء والجهاد في سبيل الله لنصرة الإسلام ، وهذه بعض الشهادات والتزكيات :
1. قال الإمام الذهبي – رحمه الله - في " معجم شيوخه " :
هو شيخنا ، وشيخ الإسلام ، وفريد العصر ، علماً ، ومعرفة ، وشجاعة ، وذكاء ، وتنويراً إلهيّاً ً، وكرماً ، ونصحاً للأمَّة ، وأمراً بالمعروف ، ونهياً عن المنكر ، سمع الحديث ، وأكثر بنفسه من طلبه وكتابته ، وخرج ، ونظر في الرجال ، والطبقات ، وحصَّل ما لم يحصله غيره .
برَع في تفسير القرآن ، وغاص في دقيق معانيه ، بطبع سيَّال ، وخاطر إلى مواقع الإِشكال ميَّال ، واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها ، وبرع في الحديث ، وحفِظه ، فقلَّ من يحفظ ما يحفظه من الحديث ، معزوّاً إلى أصوله وصحابته ، مع شدة استحضاره له وقت إقامة الدليل ، وفاق الناس في معرفة الفقه ، واختلاف المذاهب ، وفتاوى الصحابة والتابعين ، بحيث إنه إذا أفتى لم يلتزم بمذهب ، بل يقوم بما دليله عنده ، وأتقن العربيَّة أصولاً وفروعاً ، وتعليلاً واختلافاً ، ونظر في العقليات ، وعرف أقوال المتكلمين ، وَرَدَّ عليهم ، وَنبَّه على خطئهم ، وحذَّر منهم ، ونصر السنَّة بأوضح حجج وأبهر براهين ، وأُوذي في ذات اللّه من المخالفين ، وأُخيف في نصر السنَّة المحضة ، حتى أعلى الله مناره ، وجمع قلوب أهل التقوى على محبته والدعاء له ، وَكَبَتَ أعداءه ، وهدى به رجالاً من أهل الملل والنحل ، وجبل قلوب الملوك والأمراء على الانقياد له غالباً ، وعلى طاعته ، أحيى به الشام ، بل والإسلام ، بعد أن كاد ينثلم بتثبيت أولى الأمر لما أقبل حزب التتر والبغي في خيلائهم ، فظُنت بالله الظنون ، وزلزل المؤمنون ، واشْرَأَب النفاق وأبدى صفحته .
ومحاسنه كثيرة ، وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي ، فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت : إني ما رأيت بعيني مثله ، وأنه ما رأى مثل نفسه .
انظر " ذيل طبقات الحنابلة " لابن رجب الحنبلي ( 4 / 390 ) .
2. وقال الحافظ عماد الدين الواسطي – رحمه الله - :
والله ، ثم والله ، لم يُرَ تحت أديم السماء مثل شيخكم ابن تيمية ، علماً ، وعملاً ، وحالاً ، وخلُقاً ، واتِّباعاً ، وكرماً ، وحلْماً ، وقياماً في حق الله تعالى عند انتهاك حرماته ، أصدق النَّاس عقداً ، وأصحهم علماً وعزماً ، وأنفذهم وأعلاهم في انتصار الحق وقيامه همةً ، وأسخاهم كفّاً ، وأكملهم اتباعاً لسنَّة محمد صلى الله عليه وسلّم ، ما رأينا في عصرنا هذا مَن تستجلي النبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل يشهد القلب الصحيح أن هذا هو الاتباع حقيقة .
" العقود الدرية " ( ص 311 ) .
3. وقال الحافظ جلال الدين السيوطي – رحمه الله - :
ابن تيمية ، الشيخ ، الإمام ، العلامة ، الحافظ ، الناقد ، الفقيه ، المجتهد ، المفسر البارع ، شيخ الإسلام ، علَم الزهاد ، نادرة العصر ، تقي الدين أبو العباس أحمد المفتي شهاب الدين عبد الحليم بن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني .
أحد الأعلام ، ولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة ، وسمع ابن أبي اليسر ، وابن عبد الدائم ، وعدّة .
وعني بالحديث ، وخرَّج ، وانتقى ، وبرع في الرجال ، وعلل الحديث ، وفقهه ، وفي علوم الإسلام ، وعلم الكلام ، وغير ذلك .
وكان من بحور العلم ، ومن الأذكياء المعدودين ، والزهاد ، والأفراد ، ألَّف ثلاثمائة مجلدة ، وامتحن وأوذي مراراً .
مات في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة .
" طبقات الحفاظ " ( ص 516 ، 517 ) .
وقد طعن ابن حجر الهيتمي [ من كبار فقهاء الشافعية ، توفي 974هـ ، وهو شخص آخر غير ابن حجر العسقلاني ، صاحب فتح الباري ، المتوفي 852هـ ] في شيخي الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم كثيراً ، واتهمهما بالقول بالتجسيم والتشبيه وقبائح الاعتقادات ، وقد ردَّ عليه كثيرون ، وبينوا زيف قوله ، وأظهروا براءة الإمامين من كل اعتقاد يخالف الكتاب والسنة ، ومن هؤلاء :
4. الملا علي قاري – رحمه الله – حيث قال – بعد أن ذكر اتهام ابن حجر لهما وطعنه في عقيدتهما - :
أقول : صانهما الله – أي : ابن القيم وشيخه ابن تيمية - عن هذه السمة الشنيعة ، والنسبة الفظيعة ، ومن طالع " شرح منازل السائرين " لنديم الباري الشيخ عبد الله الأنصاري قدس الله سره الجلي ، وهو شيخ الإسلام عند الصوفية : تبيَّن له أنهما كانا من أهل السنة والجماعة ، بل ومن أولياء هذه الأمة ، ومما ذكر في الشرح المذكور ما نصه على وفق المسطور :
" وهذا الكلام من شيخ الإسلام يبين مرتبته من السنَّة ، ومقداره في العلم ، وأنه بريء مما رماه أعداؤه الجهمية من التشبيه والتمثيل ، على عادتهم في رمي أهل الحديث والسنَّة بذلك ، كرمي الرافضة لهم بأنهم نواصب ، والناصبة بأنهم روافض ، والمعتزلة بأنهم نوابت حشوية ، وذلك ميراث من أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم في رميه ، ورمي أصحابه بأنهم صبأة ، قد ابتدعوا ديناً محدثاً ، وهذا ميراث لأهل الحديث والسنة من نبيهم بتلقيب أهل الباطل لهم بالألقاب المذمومة .
وقدس الله روح الشافعي حيث يقول وقد نسب إلى الرفض :
إن كان رفضا حب آل محمد *** فليشهد الثقلان أني رافضي
ورضي الله عن شيخنا أبي العباس بن تيمية حيث يقول :
إن كان نصباً حب آل محمد *** فليشهد الثقلان أني ناصبي
وعفا الله عن الثالث – وهو ابن القيم - حيث يقول :
فإن كان تجسيماً ثبوت صفاته *** وتنزيهها عن كل تأويل مفتر
فإني بحمد الله ربي مجسم *** هلموا شهوداً واملئوا كل محضرِ " .
" مرقاة المفاتيح " لملا علي القاري ( 8 / 146 ، 147 ) .
وما بين علامتي التنصيص " " نقله الملا علي قاري عن الإمام ابن القيم من كتابه " مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين " ( 2 / 87 ، 88 ) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة :
يقول الناس : إن ابن تيمية ليس من أهل السنة والجماعة ، وإنه ضال مضل ، وعليه ابن حجر ، وغيره ، هل قولهم صدق أم لا ؟ .
فأجابوا :
إن الشيخ أحمد بن عبد الحليم بن تيمية إمام من أئمة أهل السنة والجماعة ، يدعو إلى الحق ، وإلى الطريق المستقيم ، قد نصر الله به السنَّة ، وقمع به أهل البدعة والزيغ ، ومن حكم عليه بغير ذلك : فهو المبتدع ، الضال ، المضل ، قد عميت عليهم الأنباء ، فظنوا الحق باطلاً ، والباطل حقّاً ، يَعرف ذلك من أنار الله بصيرته ، وقرأ كتبه ، وكتب خصومه ، وقارن بين سيرته وسيرتهم ، وهذا خير شاهد وفاصل بين الفريقين .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 451 ، 254 ) .
ثالثاً :
كلام الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي - رحمه الله – في شيخ الإسلام ابن تيمية :
الحافظ ابن حجر العسقلاني إمام مشهور ، توفي عام 852 هـ ، وهو صاحب التصانيف النافعة ، مثل " فتح الباري شرح صحيح البخاري " ، و " التلخيص الحبير " ، و " تهذيب التهذيب " وغيرها ، وكان للحافظ ابن حجر كلمات متفرقات في شيخ الإسلام ابن تيمية ، شهد له بها بالعلم والفضل والدفاع عن السنَّة ، وما ينتقده الحافظ ابن حجر – رحمه الله – على شيخ الإسلام قابل للنقض ، وهو نفسه – رحمه الله – هناك من تعقبه في بعض المسائل العقيدية ، ولا يهمنا هنا عرض ذلك ، والبحث فيه ، وإنما يهمنا نقل كلامه – رحمه الله – في شيخ الإسلام ثناء ومدحاً ؛ ليتبين خطأ من قال إن الحافظ – رحمه الله – لا يقدِّر شيخ الإسلام ابن تيمية ! .
وهذه نُبذ من كلام الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في حق شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
1. ألَّف الشيخ ابن ناصر الدين الدمشقي كتاباً سماه " الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر " ردّاً على واحدٍ متعصبي الأحناف زعم أنه لا يجوز تسمية ابن تيمية بـ " شيخ الإسلام " ، وأنه من فعل ذلك فقد كفر ! ، وقد ذكر فيه خمساً وثمانين إماماً من أئمة المسلمين كلهم وصف ابن تيمية بـ " شيخ الإسلام " ، ونقل أقوالهم من كتبهم بذلك ، ولما قرأ الحافظ بن حجر رحمه الله هذا الكتاب – " الرد الوافر " - كتب عليه تقريظاً ، وهذا نصه :
الحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى .
وقفتُ على هذا التأليف النافع ، والمجموع الذي هو للمقاصد التي جمع لأجلها جامع ، فتحققت سعة اطلاع الإمام الذي صنفه ، وتضلعه من العلوم النافعة بما عظمه بين العلماء وشرَّفه ، وشهرة إمامة الشيخ تقي الدين أشهر من الشمس ، وتلقيبه بـ " شيخ الإسلام " في عصره باق إلى الآن على الألسنة الزكية ، ويستمر غداً كما كان بالأمس ، ولا ينكر ذلك إلا من جهل مقداره ، أو تجنب الإنصاف ، فما أغلط من تعاطى ذلك وأكثر عثاره ، فالله تعالى هو المسؤول أن يقينا شرور أنفسنا ، وحصائد ألسنتنا بمنِّه وفضله ، ولو لم يكن من الدليل على إمامة هذا الرجل إلا ما نبَّه عليه الحافظ الشهير علم الدين البرزالي في " تاريخه " : أنه لم يوجد في الإسلام من اجتمع في جنازته لما مات ما اجتمع في جنازة الشيخ تقي الدين ، وأشار إلى أن جنازة الإمام أحمد كانت حافلة جدّاً شهدها مئات ألوف ، ولكن لو كان بدمشق من الخلائق نظير من كان ببغداد أو أضعاف ذلك : لما تأخر أحد منهم عن شهود جنازته ، وأيضاً فجميع من كان ببغداد إلا الأقل كانوا يعتقدون إمامة الإمام أحمد ، وكان أمير بغداد وخليفة ذلك الوقت إذا ذاك في غاية المحبة له والتعظيم ، بخلاف ابن تيمية فكان أمير البلد حين مات غائباً ، وكان أكثر مَن بالبلد مِن الفقهاء قد تعصبوا عليه حتى مات محبوساً بالقلعة ، ومع هذا فلم يتخلف منهم عن حضور جنازته والترحم عليه والتأسف عليه إلا ثلاثة أنفس ، تأخروا خشية على أنفسهم من العامة .
ومع حضور هذا الجمع العظيم : فلم يكن لذلك باعث إلا اعتقاد إمامته وبركته ، لا بجمع سلطان ، ولا غيره ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أنتم شهداء الله في الأرض ) - رواه البخاري ومسلم - .
ولقد قام على الشيخ تقي الدين جماعة من العلماء مراراً ، بسبب أشياء أنكروها عليه من الأصول والفروع ، وعقدت له بسبب ذلك عدة مجالس بالقاهرة ، وبدمشق ، ولا يحفظ عن أحد منهم أنه أفتى بزندقته ، ولا حكم بسفك دمه مع شدة المتعصبين عليه حينئذ من أهل الدولة ، حتى حبس بالقاهرة ، ثم بالإسكندرية ، ومع ذلك فكلهم معترف بسعة علمه ، وكثرة ورعه ، وزهده ، ووصفه بالسخاء ، والشجاعة ، وغير ذلك من قيامه في نصر الإسلام ، والدعوة إلى الله تعالى في السر والعلانية ، فكيف لا يُنكر على مَن أطلق " أنه كافر " ، بل من أطلق على من سماه شيخ الإسلام : الكفر ، وليس في تسميته بذلك ما يقتضي ذلك ؛ فإنه شيخ في الإسلام بلا ريب ، والمسائل التي أنكرت عليه ما كان يقولها بالتشهي ، ولا يصر على القول بها بعد قيام الدليل عليه عناداً ، وهذه تصانيفه طافحة بالرد على من يقول بالتجسيم ، والتبري منه ، ومع ذلك فهو بشر يخطئ ويصيب ، فالذي أصاب فيه - وهو الأكثر - يستفاد منه ، ويترحم عليه بسببه ، والذي أخطأ فيه لا يقلد فيه ، بل هو معذور ؛ لأن أئمة عصره شهدوا له بأن أدوات الاجتهاد اجتمعت فيه ، حتى كان أشد المتعصبين عليه ، والقائمين في إيصال الشر إليه ، وهو الشيخ كمال الدين الزملكاني ، يشهد له بذلك ، وكذلك الشيخ صدر الدين بن الوكيل ، الذي لم يثبت لمناظرته غيره .
ومن أعجب العجب أن هذا الرجل كان أعظم الناس قياماً على أهل البدع من الروافض ، والحلولية ، والاتحادية ، وتصانيفه في ذلك كثيرة شهيرة ، وفتاويه فيهم لا تدخل تحت الحصر ، فيا قرة أعينهم إذا سمعوا بكفره ، ويا سرورهم إذا رأوا من يكفر من لا يكفره ، فالواجب على من تلبّس بالعلم وكان له عقل أن يتأمل كلام الرجل من تصانيفه المشتهرة ، أو من ألسنة من يوثق به من أهل النقل ، فيفرد من ذلك ما يُنكر ، فيحذِّر منه على قصد النصح ، ويثني عليه بفضائله فيما أصاب من ذلك ، كدأب غيره من العلماء ، ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف : لكان غاية في الدلالة على عظم منزلته ، فكيف وقد شهد له بالتقدم في العلوم ، والتميز في المنطوق والمفهوم أئمة عصره من الشافعية وغيرهم ، فضلاً عن الحنابلة ، فالذي يطلق عليه مع هذه الأشياء الكفر ، أو على من سمَّاه " شيخ الإسلام " : لا يلتفت إليه ، ولا يعوَّل في هذا المقام عليه ، بل يجب ردعه عن ذلك إلى أن يراجع الحق ، ويذعن للصواب ، والله يقول الحق ، وهو يهدي السبيل ، وحسبنا الله ، ونعم الوكيل .
صفة خطه أدام الله بقاءه.
قاله ، وكتبه : أحمد بن علي بن محمد بن حجر الشافعي ، عفا الله عنه ، وذلك في يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الأول ، عام خمسة وثلاثين وثمانمائة ، حامداً لله ، ومصليّاً على رسوله محمد ، وآله ومسلماً .
" الرد الوافر " للإمام ابن ناصر الدين الدمشقي ( ص 145 ، 146 ) ، ونقل الحافظ السخاوي – تلميذ ابن حجر – كلام شيخه في كتابه " الجواهر والدرر " ( 2 / 734 – 736 ) .

02 ترجم الحافظ ابن حجر لشيخ الإسلام ابن تيمية ، عليهما رحمة الله ، ترجمة حفيلة في كتابه " الدرر الكامنة " ، قال في أولها :
" .. وتحول به أبوه من حران سنة 67 ، فسمع من ابن عبد الدائم والقاسم الأربلي والمسلم ابن علان وابن أبي عمر والفخر في آخرين ، وقرأ بنفسه ونسخ سنن أبي داود وحصل الأجزاء ونظر في الرجال والعلل ، وتفقه وتمهر ، وتميز وتقدم ، وصنف ودرس وأفتى ، وفاق الأقران ، وصار عجباً في سرعة الاستحضار وقوة الجنان والتوسع في المنقول والمعقول والإطالة على مذاهب السلف والخلف .. " انتهى .
الدرر الكامنة ، في أعيان المائة الثامنة "1/168) .
وقد نقل في هذه الترجمة كثيرا من نصوص الأئمة ، في الثناء على شيخ الإسلام رحمه الله ، والإقرار بإمامته في علوم المعقول والمنقول ، ومن ذلك قوله :
03 " وقرأت بخط الحافظ صلاح الدين العلائي ، في ثبت شيخ شيوخنا الحافظ بهاء الدين عبد الله بن محمد بن خليل ، ما نصه : وسمع بهاء الدين المذكور على الشيخين شيخنا وسيدنا وإمامنا فيما بيننا وبين الله تعالى ، شيخ التحقيق ، السالك بمن اتبعه أحسن طريق ، ذي الفضائل المتكاثرة ، والحجج القاهرة ، التي أقرت الأمم كافة أن هممها عن حصرها قاصرة ، ومتعنا الله بعلومه الفاخرة ونفعنا به في الدنيا والآخرة ، وهو الشيخ الإمام العالم الرباني والحبر البحر القطب النوراني ، إمام الأئمة ، بركة الأمة ، علامة العلماء ، وارث الأنبياء ، آخر المجتهدين ، أوحد علماء الدين ، شيخ الإسلام ، حجة الأعلام ، قدوة الأنام ، برهان المتعلمين ، قامع المبتدعين ، سيف المناظرين ، بحر العلوم ، كنز المستفيدين ، ترجمان القرآن ، أعجوبة الزمان ، فريد العصر والأوان ، تقي الدين ، إمام المسلمين ، حجة الله على العالمين ، اللاحق بالصالحين ، والمشبه بالماضين ، مفتي الفرق ، ناصر الحق ، علامة الهدى ، عمدة الحفاظ ، فارس المعاني والألفاظ ، ركن الشريعة ، ذو الفنون البديعة ، أبو العباس ابن تيمية !! "
الدرر الكامنة (186-187) .
رابعاً :
إذا كانت هذه النصوص التي نقلناها أو أشرنا إليها ، من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله ، أو مما نقله الحافظ عن غيره ، ناطقة بتقدير شيخ الإسلام ، والإشادة بمنزلته من العلم والدين ؛ فإن ذلك لا يعني أن الحافظ لم يخالف شيخ الإسلام البتة في مسألة من المسائل العلمية ، أو لم ينتقده قط ؛ فما زال أهل العلم يردون بعضهم على بعض ؛ من غير أن يلزم من ذلك أن يكون الراد لا يقدر المردود عليه قدره ، فضلا عن أن يبدعه أو يضلله ، وقديما قال الإمام مالك رحمه الله قولته الشهيرة : " كل يؤخذ من قوله ويترك ، إلا صاحب هذا القبر " ، أو نحوا من ذلك ، ـ يعني : رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ .
وهذا بغض النظر عما إذا كان الصواب ، في المسألة المعينة ، مع شيخ الإسلام ، أو مع مخالفه ومن يرد عليه ، الحافظ ابن حجر أو غيره . فكيف إذا كان الصواب في عامة ما أنكروه عليه ، أو معظمه في جانب شيخ الإسلام ، رحم الله الجميع .

ويمكن مراجعة كثير من هذه المسائل التي انتقدت على شيخ الإسلام ، ولا سيما من قبل ابن حجر الهيتمي ، المشار إلى موقفه آنفا ، فيما كتبه الشيخ نعمان خير الدين ابن الآلوسي رحمه الله ، في كتابه النافع : " جلاء العينين في محاكمة الأحمدين " ، يعني : أحمد بن تيمية ، وأحمد بن حجر الهيتمي ، عليهما رحمة الله .
وينظر أيضا كتاب : دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو بحث أكاديمي من إعداد الدكتور : عبد الله بن صالح الغصن .
خامساً :
ما ورد في السؤال من أن شيخ الإسلام انحرف عن العقيدة الصحيحة ووصف الله تعالى بصفات خلقه ، هو من أفرى الفرى ، وأبين الكذب على شيخ الإسلام ومنهجه وعقيدته ، ومن يطالع شيئا من مصنفاته الكبار أو الصغار يتحقق ذلك ، ومن هذه النصوص والقواعد التي يشق الإشارة إلى جميعها هنا ، فضلا عن نقلها ، قوله رحمه الله :
" اتفق سلف الأمة وأئمتها أن الله ليس كمثله شيء ، لا فى ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، وقال من قال من الأئمة : من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها " اهـ
فتاوى شيخ الإسلام (2/126) .
وقال رحمه الله :
" ثم القول الشامل في جميع هذا الباب : أن يوصف الله بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله ، وبما وصفه به السابقون الأولون ؛ لا يُتجاوز القرآن والحديث .
قال الإمام أحمد رضي الله عنه : لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله ؛ لا يتجاوز القرآن والحديث . ٍ
ومذهب السلف أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله ، من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، ونعلم أن ما وصف الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاجى ، بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه ، لا سيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول ، وأفصح الخلق في بيان العلم ، وأفصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد .
وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء ، لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ، ولا في أفعاله ، فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة ، وله أفعال حقيقة ، فكذلك له صفات حقيقة ؛ وهو ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، وكل ما أوجب نقصا أو حدوثا فإن الله منزه عنه حقيقة ؛ فانه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه ، ويمتنع عليه الحدوث ؛ لامتناع العدم عليه ، واستلزام الحدوث سابقة العدم ، ولافتقار المحدَث إلى محدِث ، ولوجوب وجوده بنفسه ، سبحانه وتعالى .
ومذهب السلف بين التعطيل والتمثيل ؛ فلا يمثلون صفات الله بصفات خلقه ، كما لا يمثلون ذاته بذات خلقه ، ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ؛ فيعطلوا أسماءه الحسنى وصفاته العليا ، ويحرفوا الكلم عن مواضعه ، ويلحدوا في أسماء الله وآياته .
وكل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل فهو جامع بين التعطيل والتمثيل ؛ أما المعطلون فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق ، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات ؛ فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل ؛ مثلوا أولا ، وعطلوا آخرا ؛ وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته ، بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم ، وتعطيل لما يستحقه هو سبحانه من الأسماء والصفات اللائقة بالله سبحانه وتعالى .. "
فتاوى شيخ الإسلام (5/26-27) .

ونصوص شيخ الإسلام في هذا المعنى كثيرة جدا ، كما أشرنا ، وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله .
والله الموفق .


الإسلام سؤال وجواب


الساعة الآن 04:29 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.