" مدارج السالكين " لابن القيم : أصل الكتاب واسمه ومنهجه فيه والملاحظات عليه
[RIGHT][INDENT]الإسلام سؤال وجواب - 148316
[COLOR="Red"]السؤال: ما هو منهج الإمام ابن القيم في كتابه " مدارج السالكين " ؟ وهل هناك ملاحظات على هذا الكتاب ؟ وبم تنصحون قارئه ؟ .[/COLOR] الجواب : الحمد لله [COLOR="Red"]أولاً[/COLOR]: أصل كتاب " مدارج السالكين " : هذا الكتاب شرح وتعليق على كتاب الإمام أبي إسماعيل الهروي – توفي 481 هـ - المسمَّى " منازل السائرين " ، وهو كتاب في أحوال السلوك وطريق السير إلى الله ، ألفه بعد أن سأله جماعة من أهل " هراة " عن رغبتهم في الوقوف على منازل السائرين إلى الله ، فأجابهم في ذلك ، وجعله مائة مقام مقسومة على عشرة أقسام كل منها يحتوي على عشر مقامات . [COLOR="Red"]ثانياً[/COLOR]: لمحات عن منهج المؤلف في الكتاب : 1. لم يلتزم في شرحه لكتاب الهروي ترتيب الكتاب ، بل يقدم بعض الجمل ، ويؤخر أخرى ، كشرحه لكلام الهروي في " القصد " الذي جعله الهروي في الباب الحادي والأربعين ، فجعلها ابن القيم بعد منزلة " البصيرة " أول المنازل التي شرحها ، وكتقديم ابن القيم منزلة " المحاسبة " على منزلة " التوبة " مخالفاً بذلك ترتيب الهروي . 2. لم يكن ابن القيم في كتابه مجرد شارح لكلام الهروي يتناوله بالتفسير ، بل كانت شخصيته واضحة أثناء شرحه ، وكأنه اتخذ من شرحه لكتاب الهروي مناسبة ملائمة لبيان آرائه هو ، كما فعل في مقدمة كتابه في الكلام على سورة الفاتحة وجعلها بداية منطلقه في الكلام على منازل السائرين إلى الله ، بل إن ابن القيم لم يصرح في كتابه " المدارج " أنه ألفه بقصد شرح كتاب الهروي . 3. لم يلتزم ابن القيم رحمه الله بشرح جميع جُمَل الكتاب ، وإنما كان يختار بعض الفِقر فيسوقها كاملة ، أو يختصرها ، ثم يقوم بشرحها ، بل أول ما عُني بشرحه من كتاب الهروي هو منزلة " البصيرة " ، تاركاً جملة من الكتاب لم يشرحها . 4. يتميز كتاب الهروي في بعض مواطنه بالعبارات الغامضة ، وكان ابن القيم مدركاً لذلك فتجده يقول مثلا " كلام فيه قلق وتعقيد ، وهو باللغز أشبه منه بالبيان " ، ومع ذلك فقد شرح كثيراً من عبارات الكتاب الغامضة . 5. أولى ابن القيم النصوص المجملة من كتاب الهروي عناية خاصة ؛ لما يعلم من تسلط بعض أهل الفلسفة والحلـول على هذه الجمَل وشرْحهم لها بما يوافق مذهبهم . 6. يمتاز أسلوب ابن القيم بالبسط والإطناب في شرحه لما يريد ، وهذه عادة عند المؤلف في كتبه غالباً . 7. لم يكن دفاع ابن القيم عن الهروي ضد خصومه يعني الموافقة المطلقة له على آرائه ، أو المتابعة الكاملة له ، فقد وجد في آرائه ما تجب مخالفته فيه ، ولكنه كان حريصاً على تقديره وتبجيله ، لما هو معروف عن الهروي من صلابته في السنة ، وشدته على البدع وأهلها . ولذلك عندما علق على خطأ في كلام الهروي فقال " شيخ الإسلام – أي : الهروي – حبيب إلينا ، والحق أحب إلينا منه ، وكل من عدا المعصوم صلى الله عليه وسلم فمأخوذ من قوله ومتروك .... " ، بل إنه في بعض الأحيان يرفض ما يذكره الهروي من أن هذه المنزلة من منازل السائرين إلى الله ، أو أن هذه المنزلة من منازل العامة ، كما فعل الهروي في منزلة " التوبة " ، و " الإنصاف " ، و " الرجاء " ، و " الشكر " . 8. أكثر ابن القيم في كتابه من ذكر شيخه ابن تيمية رحمه الله ، مما جعل الكتاب مصدراً مهماً لمعرفة كثير من آراء الشيخ واختياراته العلمية ، بل وسيرة حياته . 9. وقد امتاز الكتاب – وهذه من أهم مزاياه – بكلام هذا الإمام فيما يتعلق بتهذيب النفوس وأعمال القلوب ، وهو كلام من قد خالطت هذه المعاني الإيمانية سويداء قلبه ، فقام بترجمتها في هذا المؤلَّف ، وكان كلام ابن القيم في هذه الجوانب كلاماً عظيماً قلَّ من يأتي بمثله فضلاً عن أفضل منه ، خاصة وقد عرفنا أنه ألَّفه في أواخر حياته بعد أن رسخت قدمه في العلم . [COLOR="Red"]ثالثاً [/COLOR]: ملاحظات على كتاب " مدارج السالكين " : ممن كتب ملاحظات جيدة ومعتدلة على كتاب المدارج الدكتور عبد الحميد مدكور في مقدمة تحقيقه للجزء الثاني من الكتاب ونذكرها هنا – بتصرف - . 1. الوقوع في التكرار أحياناً ، ومن أمثلة ذلك حديثه عن الشوق وعلاقته باللقاء ، وهل يزول الشوق عنده أو لا ، وكذا المفاضلة بين التصوف والفقر ، وكان من أهم ما وقع التكرار فيه : ما تحدث به عن " الفناء " ، وقد تكرر في حديثه عند شرحه لنصوص الهروي لأقسام الفناء ودرجاته ، وكان من الممكن الاستغناء بإحدى المرتين عن الأخرى ، لا سيما وقد استمر الحديث صفحات عديدة في كل منهما . 2. وربما تحدث ابن القيم عن بعض المسائل بإيجاز أحياناً لكنه يعود فيفصلها على نحو أوفى ، ومن ذلك حديثه عن العلاقة بين العلم والمعرفة عند الصوفية ، أو حديثه عن الجمع ومراتبه ، وقد قال في المرة الثانية : " وقد تقدم ذكر الجمع ولم يحصل به الشفاء ونحن – الآن – ذاكرون حقيقته وأقسامه ، والصحيح منه والمعلول " . 3. وقد يضطرب تقسيمه للشيء ، فيجعله قسمين أحياناً ؛ ويجعله ثلاثة أقسام أحياناً أخرى مع أن مناط التقسيم أو أساسه واحد ، ومن ذلك أنه قسم الفراسة إلى قسمين : فراسة إيمانية ، وفراسة تتعلق بالجوع والسهر والخلوة والرياضات ، وقد عاد فقسمها هي نفسها إلى ثلاثة أقسام أضاف فيها إلى القسمين السابقين ما سماه الفراسة الْخِلْقية التي صنف فيها الأطباء وغيرهم ، وقد أورد الأقسام الثلاثة موجزة ثم شرحها . 4. وقد يقسم الشيء إلى أقسام يبدأ في الحديث عنها فيتحدث عن بعضها ، وينسى بعضها ، ومن ذلك أنه ذكر أن آراء الناس في إثبات المحبة ونفيها أربعة أقسام ، ولم يذكر من هذه الآراء إلا رأيين . 5. وقد يقوم ابن القيم ببعض الإحصاءات ثم يتبين عدم الدقة فيها ، ومن ذلك : أنه احتج على رفعة مقام التوكل بأن الله عز وجل قد أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم في أربعة مواضع ، على حين أنها تسعة لا أربعة . ومن ذلك : أنه قال – وهو في سياق بيانه لمعنى الفقر وحقيقته – عند الصوفية إن لفظ الفقر وقع في القرآن في ثلاثة مواضع ، وهذا غير صحيح ؛ لأن لفظ " الفقر " لم يرد في القرآن إلا مرة واحدة في الآية ( 268 ) من سورة البقرة ، ويلاحظ أنه أكد كلامه بذكر ثلاث من الآيات التي ورد فيها لفظ الفقراء لا الفقر ، فإن كان مقصده الحديث عن لفظ الفقراء : فقد ورد اللفظ في القرآن سبع مرات لا ثلاثاً كما قال . وأخيراً : ولئن وقع شيء من هذه الهنات في مثل هذا الكتاب الضخم الكبير : فإن ذلك لا يقلِّل من فضائله ، ولا يضعف من مزاياه ، ولقد سبق ابن القيم إلى الاعتذار عما يمكن أن يكون قد سبق به قلمه ، أو انتهى إليه فهمه ، فقال في أواخر كتابه : " وما وجدتَ فيه من خطأ : فإن قائله لم يأل جهد الإصابة ، ويأبى الله إلا أن ينفرد بالكمال ... " . انتهى مختصراً من تقرير أعده موقع " ثمرات المطابع " ، ويمكن الاطلاع عليه كاملاً هنا : [url]http://ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=37993&d=1144058898[/url] سادساً: شهادات بعض العلماء في الكتاب : ونزيد هنا فنذكر بعض أقوال أهل العلم في كتاب ابن القيم " مدارج السالكين " : 1. سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : هل لكم ملحوظات على كتاب " مدارج السالكين " لابن القيم ؟ . فأجاب : [COLOR="Blue"]ابن القيم رحمه الله أكبر من أن يكون لي وأمثالي ملاحظات عليه ، وإن كان غير معصوم ، لكن الكتاب - كما تعرف - هو شرح لـ " منازل السائرين " ، وأصل الكتاب المشروح فيه بعض الملاحظات ، ففيه ما يومئ إلى شيء كبير في الدِّين ، وإن كان ابن القيم رحمه الله اعتذر عنه ، وبيَّن أنه بريء مما يتبادر من كلامه . وما من إنسان إلا ويؤخذ من قوله ويُترك ، وأنا ما قرأت الكتاب من أوله إلى آخره ، لكن أقرأ بعض المواضع منه ؛ لأن بعض المواضع لا يمكن أن تجدها في كتاب ، وبعض الهفوات لا أحد يسلم منها .[/COLOR] انتهى من " لقاء الباب المفتوح " ( 132 / السؤال رقم 9 ) . 2. وقال الشيخ عبد الكريم الخضير – حفظه الله - : [COLOR="Blue"]" مدارج السالكين " كتاب مفيد في أدواء القلوب ، ولا يسلم من ملاحظات يسيرة ، لكنه كتاب نافع ، علَّق عليه الشيخ " حامد الفقي " ، وشدد في العبارة أحياناً على ابن القيم بكلام لا ينبغي أن يقال في جانبه . المقصود : أن ابن القيم ليس بمعصوم ، وحاول – رحمه الله - أن يقرب الكتاب الأصل المشروح ويدنيه لطلاب العلم ويتكلم على ما فيه من ملاحظات ، ولم يسلم - رحمة الله عليه - . والكتاب نفيس ، والأشياء التي تلاحظ على الكتاب مغمورة في بحار ما فيه من علم جم . طبعه الشيخ محمد رشيد رضا بمطبعة المنار ، ثم طبعه الشيخ محمد حامد الفقي بمطبعة أنصار السنة المحمدية .[/COLOR] انتهى من موقع الشيخ . [url]http://www.khudheir.com/****/108[/url] والله أعلم [/INDENT][/RIGHT] |
الساعة الآن 05:56 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.