سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 7 ) : الشيخ زيد البحري
لمعرفة ذلك :
[CENTER][CENTER][FONT="] [/FONT][/CENTER][/CENTER] [CENTER][CENTER][FONT="]سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 7 )[/FONT][/CENTER][/CENTER] [CENTER][CENTER][FONT="]فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري[/FONT][/CENTER][/CENTER] [CENTER][CENTER][FONT="][URL="http://www.albahre.com/"]www.albahre.com[/URL][/FONT][FONT="][/FONT][/CENTER][/CENTER] [CENTER][CENTER][FONT="] [/FONT][/CENTER][/CENTER] [FONT="]أما بعد ، فيا عباد الله :[/FONT] [B]مازلنا نشنف الأسماع بذكر السيرة المعطرة الطيبة الطاهرة لسيد الخلق والبشر محمد عليه الصلاة والسلام .[/B] [B]فيما مضى من حديث [U]، فبعد هجرته عليه الصلاة والسلام[/U] [/B][FONT="]قام ببعض الغزوات :[/FONT] [FONT="]كغزوة العشيرة[/FONT] [FONT="]وغزوة بواط [/FONT] [FONT="]وغزوة بدر الصغرى [/FONT] وبعث بعض السرايا كما سمعتم في الجمعة الماضية ، لكن تلك الغزوات وتلك السرايا لم يوقع الله عز وجل بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش قتالا . [B]فما كان من قريش إلا أن أمضت قوافلها متجهة إلى الشام ، ومتجهة إلى اليمن ، لكنها زادت من الحراسة ؛ وذلك بعد المناورات اليسيرة التي جرت بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم .[/B] [B]في المقابل كان عليه الصلاة والسلام يستطلع أخبار قوافل وعير قريش [/B] [B][FONT="]وفي ذات يوم من [/FONT][/B][B][FONT="]السنة الثانية من الهجرة[/FONT][/B][B][FONT="] إذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يسمع عن قافلة كبيرة قادمة من الشام لقريش عليها أبو سفيان .[/FONT][/B] فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن أرسل رجلا من الصحابة – كما جاء عند مسلم – واسمه [B]" بسبس بن عمرو[/B] " ليستطلع الخبر، فانطلق رضي الله عنه ، ثم عاد ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة القافلة ، وما فيها ، وما تحتويه . فما كان عليه عليه الصلاة والسلام إلا أن ندب أصحابه المستعدين للخروج ، ولم ينتظر أحدا ليصطاد بغيته من قريش . فانطلق عليه الصلاة والسلام ، وفي انطلاقه أراد أن يستوثق من الخبر مرة أخرى ، فأرسل طليعة فيها [FONT="]" علي بن الزغباء ، وبسبس بن عمرو الذي أرسله قبل انطلاقه عليه الصلاة والسلام من المدينة ."[/FONT] فعادا رضي الله عنهما وأخبرا النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر . وكان عليه الصلاة والسلام قد عيَّن على الصلاة إماما " هو ابن أم مكتوم " [FONT="]وعيَّن أميرا على المدينة : " أبا لبابة " رضي الله عنه .[/FONT] فانطلق عليه الصلاة والسلام . [B]وقد جاء في صحيح البخاري أن عدد من كان معه عليه الصلاة والسلام ثلاثمائة وبضعة عشر[/B]( والبضع كما جاء في الحديث من الثلاثة إلى التسعة ) وجاء في رواية مسلم ومعه : [FONT="]" ثلاثمائة وتسعة عشر " [/FONT] فلعل رواية مسلم تبين ما أُبهم في رواية البخاري. [FONT="]ولذا جاء عند ابن هشام في السيرة بسند صحيح لابن عباس رضي الله عنهما :[/FONT] [FONT="](( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : هذه عير لقريش قد أتت ، وفيها أموالهم ، فلعل الله عز وجل أن ينفلكموها ))[/FONT] [B][U]وكان عدد كفار قريش : كما جاء في صحيح مسلم[/U][/B][B] : كان عددهم ألفا ، وكان معهم مئة فارس .[/B] [FONT="]بينما النبي صلى الله عليه وسلم ليس معه إلا فرسان ، ومعه سبعون بعيرا يتعاقب الصحابة رضي الله عنهم عليها : فمرة يمشي بعضهم ، ومرة يركب بعضهم .[/FONT] [FONT="]فبلغ أبا سفيان ما يريده النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو سفيان خبيرا بالطرق ، فما كان منه إلا أن غيَّر مساره وطريقه ، فغدا بالقافلة إلى الساحل عن طريق البحر.[/FONT] [FONT="]وندب في قريش يستغيث بهم أن ينقذوا قافلتهم .[/FONT] [FONT="]فوصل الخبر إلى قريش فقامت صناديدها بأنفة وحمية واستكبار وخرجوا ، وكان عددهم كما سبق ألفا .[/FONT] [FONT="]فلما بلغ أبو سفيان الجحفة [/FONT]– وهي بين المدينة ومكة – [FONT="]أرسل إلى قريش [/FONT]: أن القافلة قد نجت ، ويطلب منهم أن يعودوا ، وكان يؤكد عليهم أن يعودوا ولا يلتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، [FONT="]لكن صناديد قريش أبت إلا أن تواجه النبي صلى الله عليه وسلم ـــــــــــ من أجل ماذا ؟[/FONT] من أجل أن يؤمِّنوا قوافلهم في المستقبل ، ومن أن يبينوا لقبائل العرب أن هيبتهم وقوتهم مازالت موجودة فخرجوا يريدون المواجهة . [FONT="]فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بخروج قريش.[/FONT] فإذا بطائفة من المسلمين تحاول أن تثني النبي صلى الله عليه وسلم عن القتال ، فهي لم تخرج لذات القتال ، وإنما خرجت للعير. [FONT="]فصور الله عز وجل هذا المشهد الحاصل والحوار الدائر بين النبي صلى الله عليه وسلم ، وبين هذه الطائفة المؤمنة في آيات عن غزوة بدر :[/FONT] [FONT="]قال عز وجل[/FONT] : [FONT="]((كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ{5} يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ))[/FONT] [B][U]وأما رغبة المهاجرين[/U][/B]- كما جاء في صحيح البخاري – [B]فكانوا مصرين على أن يواجهوا قريشا[/B] [FONT="]ـــــــــــــــ من أجل ماذا ؟[/FONT] [B]من أجل أن يشفوا غليلهم ، وان يستردوا شيئا من أموالهم التي أخذتها قريش .[/B] [B]فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن قال للصحابة : " أشيروا عليّ "[/B] [B]وكان عليه الصلاة والسلام لا يريد المهاجرين ؛ لأنه يعرف رأي المهاجرين .[/B] [FONT="]لكنه يريد الأنصار ـــــــــــــ ولماذا بالذات الأنصار ؟[/FONT] [FONT="]لأنهم هم الغالبية الكبرى في الجيش هذا أولا .[/FONT] [FONT="]ثانيا :[/FONT][FONT="] أن بيعة العقبة التي تحدثت عنها في جمع سالفة قد جرى في محاورها أن الأنصار ينصرون النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقفون معه ، لكن النص الحاصل في بيعة العقبة : أن النصرة إنما تكون داخل المدينة ، وليس خارج المدينة ، وهم الآن خارج المدينة .[/FONT] [FONT="]ففهمها سعد بن معاذ رضي الله عنه ، وكان لواء الأنصار معه :[/FONT] [FONT="]فقال رضي الله عنه :[/FONT] كأنك تريدنا يا رسول الله ؟ [FONT="]فقال عليه الصلاة والسلام :[/FONT] أجل . [B][U]فما كان من سعد رضي الله عنه إلا أن تحدث بهذه الجمل التي سطرها له التاريخ ، فقال رضي الله عنه :[/U][/B] [FONT="]" لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا بأنك على الحق ، وأعطيناك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فوالله لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك وما تخلف رجل منا ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، إننا لصُبرٌ على الحرب ، صُدقٌ عند اللقاء ، فامض لما أمرك الله ، فلعل الله عز وجل أن يريك منا ما تقربه عينك "[/FONT] فسُر عليه الصلاة والسلام بمقولة سعد بن معاذ – كما أخرجها مسلم في صحيحه . [B][U]فقال النبي عليه الصلاة والسلام[/U][/B] – كما جاء عند البخاري والنسائي ومسند الإمام أحمد - [B][U]وصححها ابن كثير رحمه الله :[/U][/B] [FONT="]قال عليه الصلاة والسلام :[/FONT] [FONT="](( سيروا وأبشروا ، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، فلكأني أنظر إلى مصارع القوم))[/FONT] [FONT="]وكان عليه الصلاة والسلام قبل أن يلتقي الجيشان قال[/FONT] : [FONT="](( هذا مصرع فلان -حدد بالاسم- هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان ))[/FONT][FONT="][/FONT] [FONT="]وهل صُرعوا في هذه الأماكن ؟[/FONT] سيأتي الحديث عنه إن شاء الله لاحقا فلما التقى الجيشان وزّعهم النبي عليه الصلاة والسلام ، ووزع أصحابه . [FONT="]جاء في صحيح مسلم قوله عليه الصلاة والسلام ، قال :[/FONT] [FONT="](( هذه مكة ، قد ألقت بأفلاذ كبدها إليكم ))[/FONT] [FONT="]فهذا تأنيس منه عليه الصلاة والسلام لأن العاقبة المحمودة لهم فقال هذه المقولة .[/FONT] [FONT="]فما كان من قريش إلا أن تنازعوا فيما بينهم ، فقام أحد زعمائهم ، وهو [/FONT][FONT="]عتبة بن ربيعة[/FONT][FONT="] ، فأراد أن يثني الجيش عن مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن بينهم أرحاما موصولة .[/FONT] [FONT="]لكن أبا جهل خرج بأنفة ، قال تعالى : [/FONT] [FONT="]((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ))[/FONT] هذه في سورة [FONT="]" الأنفال[/FONT] " يصور حقيقة أبي جهل ، ومن معه لما خرجوا يريدون أن يرهبوا النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يبينوا للعرب أنهم على قوة . [B]فما كان من أبي جهل إلا أن اتَّهم عتبة بأنه جبان يخشى من القتل فأثنى أبو جهل عزيمة ورأي عتبة .[/B] فلما جاء [FONT="]اليوم السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة[/FONT] يصور لنا [FONT="]علي[/FONT] رضي الله عنه ما جرى في تلك الليلة التي تعقب المعركة [FONT="]فيقول رضي الله عنه :[/FONT] [B]" فأنزل الله عز وجل مطرا ، وأنزل النعاس ، فما من رجل إلا وهو نائم إلا النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي إلى شجرة ويدعو ربه عز وجل قائلا : " اللهم إن تُهلِك هذه العصابة لا تُعبد في الأرض "[/B] [FONT="]والقرآن يصور لنا هذا الأمر :[/FONT] [FONT="]قال عز وجل[/FONT] – كما في سورة الأنفال - : [FONT="]{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ }[/FONT] فلما طلع الفجر صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وحرضهم على القتال . وما جاء في كتب السيرة من قصة [FONT="]الحباب بن المنذر[/FONT] وأنه أشار إلى النبي عليه الصلاة والسلام بأن هذا المكان ليس مكانا للحرب إلا إن كان هناك وحي قد أوحاه الله عز وجل إليه ــــــــــــــ فهذه عند الحاكم ، وحكم عليها الذهبي بالنكارة [B]وضعّف إسنادها ابن كثير[/B] رحمه الله بأنها منقطعة [FONT="]الشاهد من هذا :[/FONT] أنه لما جاء الصباح نظَّمهم النبي صلى الله عليه وسلم ووزعهم ، وهذا أسلوب جديد لم تعتد عليه العرب. [FONT="]فبُني عريش للنبي عليه الصلاة والسلام بمشورة[/FONT] " [B]سعد بن معاذ[/B] " لكي يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من إدارة الحرب ، هو في هذا المكان وهو مطمئن دون أن يناله سوء . [B]فكان النبي عليه الصلاة والسلام يهتف بربه حتى سقط رداؤه ، فأتى إليه أبو بكر من الخلف والتزمه ليهون على[/B] [B]النبي عليه الصلاة والسلام ،[/B] [FONT="]وقال :[/FONT] [FONT="]" كفاك مناشدتك لربك "[/FONT] [FONT="]فقال عز وجل مصورا الحالة والحقيقة [/FONT]–[FONT="] كما في سورة الأنفال[/FONT] : [FONT="]قال عز وجل :[/FONT] [FONT="]((إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ))[/FONT] [FONT="]فأغاثه الله عز وجل بالملائكة :[/FONT] [FONT="]{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ }[/FONT] ( يعني يتبع بعضهم بعضا ) [FONT="]فخرج النبي صلى الله عليه وسلم لما بُشر كما جاء في صحيح البخاري[/FONT] – خرج إلى ساحة القتال وهو يقرأ قول الله عز وجل : [FONT="]{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }[/FONT] وجاء في المسند أن النبي صلى اله عليه وسلم كان مشاركا بل كان من أشدهم بأسا . [FONT="]ولذا قال علي رضي الله عنه ويصور لنا الحال يقول : [/FONT][FONT="]" اتقينا به عليه الصلاة والسلام ، فما كان أحد منا أقرب إلى العدو منه"[/FONT] [FONT="]ولذا جاء في صحيح مسلم في صبيحة المعركة :[/FONT] [FONT="]قال :[/FONT] [FONT="](( لا يتقدمنَّ أحد منكم حتى أكون أنا دونه )) [/FONT] فكان في مقدمة الجيش عليه الصلاة والسلام ، وهذا يدل على شجاعته . [FONT="]فلما دنا منهم قال عليه الصلاة والسلام[/FONT] : [FONT="](( قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض ))[/FONT] [FONT="]فالتقى الجيشان :[/FONT] [FONT="]فجعل أبو جهل يستفتح بالله عز وجل ويقول :[/FONT] [B]اللهم أينا كان أقطع للرحم وأتى بما لم نعرفه فأحنه الغداة ([/B] يعني اقضِ عيه الغداة الآن في الصباح ) [FONT="]فصوّر الله عز وجل هذا القول[/FONT] – كما في سورة الأنفال – [FONT="]فقال عز وجل [/FONT][FONT="]: ((إِن تَسْتَفْتِحُواْ[/FONT] – ( يعني يا كفار قريش وعلى رأسهم ) – [FONT="]إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ))[/FONT] فخرج عتبة بن ربيعة خرج ؛ لأنه في أول الأمر لما أراد أن يثني قريشا من اللقيا فاتهمه أبو جهل بالجبن خرج هو وولداه ، خرج [FONT="]عتبة بن ربيعة[/FONT] وولداه : [FONT="]" الوليد و شيبة "[/FONT] خرجوا للمبارزة . [FONT="]فخرج لهم ثلاثة من الأنصار فأبوا قالوا[/FONT] : [FONT="]لابد أن نلتقي بأحد من عشائرنا .[/FONT] فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم عمه [FONT="]" حمزة بن عبد المطلب " و " علي بن أبي طالب " و " عبيدة بن الحارث " [/FONT] فتبارز الثلاثة فقتل هؤلاء الثلاثة أولئك الثلاثة من كفار قريش . [FONT="]وفي هؤلاء الستة أنزل الله عز وجل قوله تعالى في سورة[/FONT] [FONT="]" الحج "[/FONT] : [FONT="]{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ }[/FONT] [FONT="]الآيات المذكورة إلى قوله عز وجل :[/FONT] [FONT="]((الْحَمِيدُ)) .[/FONT] [FONT="]فحرضهم النبي صلى الله عليه وسلم على القتال ، فقال [/FONT]–[FONT="] كما في صحيح البخاري :[/FONT] [FONT="](( والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيُقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ))[/FONT] وهذا تشجيع منه عليه الصلاة والسلام لهم . فقام عليه الصلاة والسلام ، وهذه معجزة ،فأخذ حفنة من التراب ، فنثرها في وجوه القوم ، فما تركت أحدا من أفراد قريش إلا ووقعت ذرات التراب في عينيه . [FONT="]حفنة هذه معجزة :[/FONT] [FONT="]ولذا قال عز وجل[/FONT] – كما في سورة الأنفال - : [FONT="]((وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى))[/FONT] [B][U]وكان شعار المسلمين آنذاك كان شعارهم[/U][/B] [FONT="]" التوحيد[/FONT] " كانوا يقولون [FONT="]: " أحد أحد "[/FONT] . [FONT="]فقتل المسلمون :[/FONT] [FONT="]" فرعون هذه الأمة " وهو " أبو جهل " [/FONT] [FONT="]وقتلوا " أمية بن خلف وابنه " [/FONT] كما جاء ذلك في صحيحي البخاري ومسلم [FONT="]فبلغ صرعاهم كما جاء في صحيح مسلم أن قُتل منهم " [/FONT][FONT="]سبعون "[/FONT][FONT="] وأُسر منهم [/FONT][FONT="]" سبعون "[/FONT][FONT="][/FONT] [B]ولذا النبي عليه الصلاة والسلام – كما أخبر قبل حدوث المعركة بأن هذا هو مصرع فلان ، ومصرع فلان ، فما تجاوز أحدهم موضع إشارته عليه الصلاة والسلام ، فأصبح هؤلاء صرعى في تلك المواطن التي أشار النبي صلى الله عليه وسلم إليها .[/B] وفرّ البقية تاركين أموالهم ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة وعشرين من صناديدهم فسُحبوا ثم قُذفوا في بئر من آبار بدر- كما جاء في الصحيحين . [FONT="]انظروا إلى العجب :[/FONT] وحينما أذكر سيرة النبي عليه الصلاة والسلام أنا أسردها لكم سردا ، وإلا لو جلس الإنسان على كل فقرة ، وعلى كل حادثة لاستنبط منها فوائد جمة لكن المقصود من عرض هذه الأحداث أن يكون المسلم على إطلاع وثيق بما جرى في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام. [B][U][FONT="]والفوائد كثيرة :[/FONT][/U][/B][B][U] فمن أمعن نظره وفكره كثيرا سواء مما نذكره أو مما لم نذكره وجدها[/U][/B] [FONT="]الشاهد من هذا :[/FONT] أن الله عز وجل – كما في سورة آل عمران - ذكر فضله على هذه الأمة : [FONT="]فقال عز وجل :[/FONT] [FONT="](( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ[/FONT] ( يعني قلة ) )) فنصركم الله عز وجل [FONT="]ولهذا قال تعالى : [/FONT][FONT="]((كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ))[/FONT] فلما جرى ما جرى - وكما قلت لكم : الملائكة شاركوا في القتال [FONT="]فماذا جرى ؟[/FONT] من سلم من كفار قريش هرب [FONT="]ومن قُتل من الصناديد[/FONT] وهم [FONT="]" أربعة وعشرون[/FONT]" قُذفوا في البئر [FONT="]بقي ماذا ؟[/FONT] بقيت الغنائم والأسرى [FONT="]فأما الغنائم فحصل نزاع بين الصحابة في هذه الغنائم ــــــــــ لمن تكون ؟[/FONT] [FONT="]للشباب ، للشيوخ ؟[/FONT] ولم يكن فيها حكم شرعي قبل ذلك [B][U]فأنزل الله عز وجل قوله تعالى :[/U][/B] [FONT="]((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ))[/FONT] يعني يحكمان فيها بما يشاءان فحكم الله عز وجل في هذه الغنائم بأن أربعة أخماس منها للمقاتلين ، وأما الخمس فهو يؤخذ من الغنائم ويُعد فيئا. [FONT="]فأنزل الله عز وجل[/FONT] : [FONT="]((وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ....... ))[/FONT][FONT="] الآيات[/FONT] وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم لتسعة ممن لم يحضر القتال ؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كلفهم بأشياء فأشركهم كأنهم قد قاتلوا. وكذلك أشرك من ضمن هؤلاء التسعة أشرك [FONT="]عثمان بن عفان ؛ [/FONT]لأنه تخلف في المدينة لعذر إذ كانت بنت النبي صلى الله عليه وسلم [FONT="]" رقية "[/FONT] وهي تحت عثمان يعني أنه زوجها كانت مريضة في مرض موتها فأبقاه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة حتى يقوم على شئونها فماتت في مرضها ذلك ، فقسم له النبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة كأنه حاضر – كما جاء في مسند الإمام أحمد. هذا شان الغنائم [FONT="]أما شأن الأسرى :[/FONT] فبعد جلسة الاستراحة إن شاء الله تعالى أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ، وتوبوا إليه أن ربي كان غفورا رحيما [CENTER][CENTER][FONT="]الخطبة الثانية[/FONT][/CENTER][/CENTER] [FONT="]أما بعد ، فيا عباد الله :[/FONT] [FONT="]شأن الأسرى الذين هم أسرى بدر :[/FONT] [FONT="]استشار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر واستشار عمر في شأن الأسرى:[/FONT] [FONT="]ماذا يصنع بهم ؟[/FONT] إذ لم ينزل الله عز وجل حكما في هذه الأسرى ؛ لأنها أول غزوة جرت بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين المشركين . [B][I][U]فما كان من عمر رضي الله عنه إلا أن قال[/U][/I][/B] [FONT="]:" لا تدع ولا تذر منهم أحدا لأنهم أئمة كفر ، وسيسلطون عشائرهم على المسلمين فيما يُستقبل ، ثم قال عمر رضي الله عنه : " من أجل أن تكون لنا قوة وهيبة "[/FONT] [B][U]فما كان من أبي بكر رضي الله عنه إلا أن قال :[/U][/B] [FONT="]" يا رسول الله بل نبقي عليهم ، ولنأخذ منهم الفداء ، فأخذ الفداء يكون لنا قوة ، وإبقاؤهم لعل الله عز وجل أن يهديهم ويدخلهم في الإسلام "[/FONT] فاطمأن النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر رضي الله عنه . [FONT="]فماذا صنع عليه الصلاة والسلام ؟[/FONT] قام عليه الصلاة والسلام بأخذ الفداء [B][U]وهذا الفداء يختلف باختلاف شخصية كل شخص منهم :[/U][/B] فكان [B]العباس بن عبد المطلب[/B] ذا شخصية كبرى ، فأخذ منه النبي صلى الله عليه وسلم مئة أوقية من الذهب وأخذ من [B]عقيل بن أبي طالب [/B]ثمانين أوقية وأخذ من غيرهم أربعين ومن عجز عن إتمام فدائه أسقطه النبي صلى الله عليه وسلم أي أسقط عنه هذا الفاضل . [FONT="]ومن كان متعلما يعرف القراءة والكتابة -[/FONT] كما جاء في مسند الإمام أحمد ألزمه النبي لى الله عليه وسلم حتى تُفكَّ رقبته ألزمه أن يعلم صبيان أهل الأنصار أن يعلمهم القراءة والكتابة حتى يطلقه . [FONT="]لكنه عليه الصلاة والسلام لما رجع إلى المدينة أمر بقتل اثنين :[/FONT] أمر بقتل اثنين من صناديد قريش ، وذلك لأن هذين الاثنين كانا يؤذيانه عليه الصلاة والسلام : [FONT="]ـــــــ عقبة بن أبي مُعَيْط[/FONT] [FONT="]ـــــــ والنضر بن الحارث .[/FONT] فقتلهما النبي صلى الله عليه وسلم ليكون درسا للطغاة في المستقبل أما بقية الأسرى ممن عجز فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم – كما في معجم الطبراني وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد – أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالأسرى أن يعاملوهم معاملة حسنة . [B]فما كان من هؤلاء الأسرى إلا أن توالى إسلامهم بين فترات متقطعة .[/B] لكن رجوع النبي صلى الله عليه وسلم في رأي أبي بكر عوتب في ذلك من ربه عز وجل : [FONT="]فجاء القرآن[/FONT] – كما في سورة الأنفال – [FONT="]جاء القرآن مؤيدا لرأي عمر ، فقال عز وجل : [/FONT][FONT="]{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }[/FONT] فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم [FONT="]" زيد بن حارثة[/FONT] " و" [FONT="]عبد الله بن رواحة "[/FONT] ليبشرا من في المدينة بخبر النصر ، ففرحوا بذلك . [B][I]لكن أسامة رضي الله عنه يقول :[/I][/B] [FONT="]" ما صدَّقت بالخبرحتى رأيت – ( يعني ما استوثقت وإلا هو سيصدق لأنهم رسل من النبي عليه الصلاة والسلام ) لكنه يقول لم يطمئن قلبي حتى رأيت الأسرى مقرنين في السلاسل.[/FONT]" وسُمِّي هذا اليوم – كما في سورة الأنفال – [FONT="]بيوم الفرقان ،[/FONT] لأن الله عز وجل فرق به بين الحق والباطل . وجاءت السنة صريحة بذكر فضائل " البدريين " الذين شاركوا في معركة " بدر " . [FONT="]قريش ـــــــــــ ما حالها بعد رجوعها ؟[/FONT] [B]قام الزعماء ، وأبو أن تنزل قطرة دمع من أعينهم لا من الرجال ، ولا من النساء ، ولا من الأطفال ، وألا يقيموا عزاء حتى لا تحصل بهم شماتة ، وحتى لا يفرح المسلمون بهذا النصر.[/B] [B]بل إنهم فعلوا أشياء عجيبة تخالف المألوف الذي اعتيد عليه في قبائل العرب .[/B] أتوا إلى رجل وهو صحابي وهو [FONT="]" سعد بن النعمان بن أتَّال "[/FONT]وهو يعتمر يلبي – معروف أن من دخل الحرم فهو آمن هذا معروف حتى فيما مضى قبل الإسلام – وأخذوه وأسروه لكي يشفوا غليلهم ، فما خلصه النبي صلى الله عليه وسلم من أيديهم إلا بفداء عمرو بن أبي سفيان الذي وقع أسيرا في أيدي الصحابة رضي الله عنهم . [FONT="]لكنهم لم يستقروا على هذا ، ـــــــــــــ ماذا صنعوا ؟[/FONT] [FONT="]قاموا – كما جاء في صحيح البخاري في غزوة الرجيع – كما سياتي معنا- قاموا إلى رجلين : [/FONT] [FONT="]وهما "خبيب بن عدي "[/FONT] [FONT="]" وابن الدِّثنة[/FONT] " وكانا مسلمين ، فاشتروا هذين الرجلين حتى قاموا بقتلهما من اجل أن يشفوا غليلهم من النبي عليه الصلاة والسلام. بل إن [FONT="]زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم[/FONT] أرادت ان تلحق بأبيها عليه الصلاة والسلام فتعرض أناس لقافلتها بل كادوا أن يؤذوها ، فكادوا أن يؤذوها لكن الله عز وجل سلمها فعادت إلى مكة ومُنعت رضي الله عنها من أن تلحق بأبيها النبي عليه الصلاة والسلام . [FONT="]ولا أدل من غيظهم الذي حملوه أنه جاء عن عمير بن وهب الجمحي أنه جلس مع صفوان بن أمية في الحجر فتذاكرا أمر القليب :[/FONT] [B]وقال عمير :[/B] لولا عيال لدي وأموال عليّ لذهبت إلى محمد وقتلته فاننتهزها صفوان ، [B][U]وقال :[/U][/B] عيالك مع عيالي ، ودينك عليّ ، فاذهب [FONT="]فانطلق عمير بن وهب[/FONT] ، فلما أتى إلى المدينة ، ودخل فيها رآه عمر رضي الله عنه ، فقال عمر رضي الله عنه لبعض الصحابة الذين كانوا معه، : [FONT="]قال : هذا الكلب ما جاء إلا لشر[/FONT] [FONT="]فربط ناقته فأمسكه عمر رضي الله عنه بتلابيب ثيابه ،فأدخله على النبي عليه الصلاة والسلام :[/FONT] [FONT="]فقال عليه الصلاة والسلام : أطلقه يا عمر .[/FONT] [FONT="]قال : ما الذي أتى بك يا عمير ؟[/FONT] [FONT="]فقال : من أجل هذا الأسير؛ لأن ابنه وقع أسيرا في يد النبي صلى الله عليه وسلم[/FONT] [FONT="]قال : إذاً ما بال هذا السيف في عنقك ؟[/FONT] [FONT="]قال : قبحها الله من سيوف ، وهل أغنت عنا شيئا ؟[/FONT] [FONT="]فقال : أصدقني الحديث [/FONT] [FONT="]قال : هو هذا الحديث [/FONT] [FONT="]فقال عليه الصلاة والسلام : بل جلست أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فتذاكرتما أمر القليب ، وقلت : لولا دين عليّ وعيال عندي لذهبت إلى محمد وقتلته ، والله مانعك من ذلك [/FONT] [FONT="]فقال عمير : والله ما سمع بهذا الكلام أحد غيرنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله .[/FONT] [FONT="]فعاد عمير وقد أسلم ، ودعا إلى الإسلام في مكة .[/FONT] [FONT="]وبهذا انتهت غزوة " بدر " فكان من " حسان بن ثابت رضي الله عنه "[/FONT] أن أنشد فيها أشعارا يعبر عن مدى فرحته بما جرى من هذا النصر العظيم ، وقصائده مشهورة في كتب السير ،لا أذكرها حتى لا أطيل عليكم . ثم بعد ذلك توالت أحداث في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، نأتي على شيء منها في الجمعة القادمة إن تيسر ذلك إن شاء الله تعالى . |
الساعة الآن 05:24 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.