منتديات الحور العين - مَثلُ نورِ الله في قلبِ عبدهِ المؤمِنْ

[INDENT][CENTER][CENTER] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=#17365d]
[/COLOR][/SIZE][/FONT]
[FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=#17365d]للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[/CENTER]
[RIGHT][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]
[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]ضرب الله سبحانه وتعالى النور في قلب عبده مثلاً لا يعقله إلا العالمون، فقال سبحانه وتعالى: [/COLOR][COLOR=#3333ff]﴿[/COLOR][B][COLOR=#c00000]اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[/COLOR][/B][COLOR=#3333ff]﴾[/COLOR][COLOR=black] قال أبيُّ بنُ كعب : [/COLOR][COLOR=black]«[/COLOR][B][COLOR=#1f497d]مَثَلُ نُورِه في قلب المسلم[/COLOR][/B][COLOR=black]»[/COLOR][COLOR=black].[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]وهذا هو النور الذي أودعه في قلبه مِنْ معرفته ومحبته والإيمان به وذكره، وهو نوره الذي أنزله إليهم، فأحياهم به، وجعلهم يمشون به بين الناس، وأصلُه في قلوبهم، ثم تَقْوَى مادته، وتتزايد حتى تظهر على وجوههم وجوارحهم وأبدانهم، بل ثيابهم ودُورهم، يُبْصِرُه مَنْ هو مِنْ جنسهم، وسائر الخلق له منكرون.
[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]فإذا كان يوم القيامة برز ذلك النور، وصار بأيمانهم يسعى بين أيديهم في ظلمة الجِسْر حتى يقطعوه، وهم فيه على حسب قوته وضعفه في قلوبهم في الدنيا، فمنهم من نوره كالشمس، وآخر كالقمر، وآخر كالنجم، وآخر كالسراج، وآخر يُعْطَي نوراً على إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ أخرى، إذ كانت هذه حال نوره في الدنيا، فأُعْطِىَ على الجسر بمقدار ذلك، بل هو نفس نوره ظهر له عياناً، ولما لم يكن للمنافق نور ثابت في الدنيا، بل كان نوره ظاهراً، لا باطناً = أُعطِى نوراً ظاهراً مآله إلى الظلمة والذَّهاب.
[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]وضرب الله عز و جل لهذا النور، ومحلِّه، وحامله، ومادته مثلاً بالمشكاة، وهي الكُوَّة في الحائط، فهي مثل الصَّدْرِ، وفي تلك المشكاة زجاجة من أصفى الزجاج، وحتى شُبِّهت بالكوكب الدُّرِّيِّ في بياضه وصفائه، وهي مثل القلب، وشُبِّه بالزجاجة لأنها جمعت أوصافا هي في قلب المؤمن، وهي: الصفاء، والرقة، والصلابة، فيرى الحق والهدى بصفائه، وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة بِرقَّتِه، ويجاهد أعداء الله تعالى، ويغلظ عليهم، ويشتد في الحق، ويصلب فيه بصلابته، فلا تُبْطِل صفةٌ منه صفةً أخرى، ولا تعارضها، بل تساعدها وتُعاضِدُها، [/COLOR][COLOR=#3333ff]﴿[/COLOR][B][COLOR=#c00000]أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ[/COLOR][/B][COLOR=#3333ff]﴾[/COLOR][COLOR=black] وقال تعالى: [/COLOR][COLOR=#3333ff]﴿[/COLOR][B][COLOR=#c00000]فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ[/COLOR][/B][COLOR=#3333ff]﴾[/COLOR][COLOR=black] وقال تعالى: [/COLOR][COLOR=#3333ff]﴿[/COLOR][B][COLOR=#c00000]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ[/COLOR][/B][COLOR=#3333ff]﴾[/COLOR][COLOR=black].
[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]وفي أثرٍ: [/COLOR][COLOR=black]«[/COLOR][B][COLOR=#1f497d]القُلوبُ آنيةُ الله تعالى في أرْضه، فَأحَبُّها إليْهِ أرَقُّها، وَأصْلَبُها، وَأصْفَاها[/COLOR][/B][COLOR=black]»[/COLOR][COLOR=black].[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]وبإزاء هذا القلب قلبان مذمومان في طرفي نقيض :
[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][B][COLOR=black]أحدهما[/COLOR][/B][COLOR=black] : قلبٌ حَجَرِيٌّ قاسٍ لا رحمة فيه، ولا إحسان ولا بِرّ، ولا له صفاء يَرى به الحق، بل هو جبارٌ جاهل؛ لا عالمٌ بالحق ولا راحمٌ للخلق.[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black][B]وبإزائه[/B] : قلبٌ ضعيف مائيّ، لا قوة فيه، ولا استمساك، بل يَقْبَل كل صورة، وليس له قوة حفظ تلك الصُّور، ولا قوة التأثير في غيره، وكلُّ ما خالطه أثَّر فيه، من قويٍّ وضعيف، وطيِّبٍ خبيث.
[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]وفي الزجاجة مصباح، وهو النور الذي في الفتيلة، وهي حاملته، ولذلك النورِ مادّةٌ، وهي زيتٌ قد عُصِر من زيتونةٍ في أعدل الأماكن، تصيبها الشمس أول النهار وآخره، فزيتُها من أصفى الزيت وأبعده من الكدر، حتى إنه ليكاد من صفائه يضيء بلا نار، فهذه مادة نور المصباح.
[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]وكذلك مادة نور المصباح الذي في قلب المؤمن، هو من شجرة الوحي التي هي أعظم الأشياء بركة، وأبعدها من الانحراف، بل هي أوسط الأمور وأعدلها وأفضلها، لم تنحرف انحراف النصرانية، ولا انحراف اليهودية، بل هي وسط بين الطرفين المذمومين في كل شيء، فهذه مادة مصباح الإيمان في قلب المؤمن.
[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]ولما كان ذلك الزيت قد اشتد صفاؤه حتى كاد أن يضيء بنفسه، ثم خالط النار، فاشتدت بها إضاءته، وقويت مادةُ ضوءِ النار به = كان ذلك نوراً على نور.[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]وهكذا المؤمن قلبه مضيء يكاد يعرف الحق بفطرته وعقله، ولكنْ لا مادة له من نفسه، فجاءت مادة الوحي فباشرت قلبه، وخالطت بشاشته، فازداد نورا بالوحي على نوره الذي فطره الله تعالى عليه، فاجتمع له نور الوحي إلى نور الفطرة، نورٌ على نور، فيكاد ينطق بالحق وإن لم يسمع فيه أثراً، ثم يسمع الأثر مطابقاً لما شهدت به فطرته، فيكون نوراً على نور، فهذا شأن المؤمن يدرك الحق بفطرته مجملاً، ثم يسمع الأثر جاء به مفصلاً، فينشأ إيمانه عن شهادة الوحي والفطرة.
[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]فليتأمل اللبيب هذه الآية العظيمة، ومطابقتها لهذه المعاني الشريفة، فَذَكَر سبحانه وتعالى نورَه في السموات والأرض، ونورَه في قلوب عباده المؤمنين، النورَ المعقولَ المشهودَ بالبصائر والقلوب، والنورَ المحسوسَ المشهود بالأبصارِ، الذي استنارت به أقطار العالم العُلْوي والسُّفْلِي، فهما نوران عظيمان، أحدهما أعظم من الآخر.[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=black]وكما أنه إذا فُقِد أحدهما من مكان أو موضع، لم يَعِشْ فيه آدميُّ ولا غيرُه؛ لأن الحيوان إنما يتكوَّن حيثُ النور، ومواضعُ الظلمة التي لا يشرق عليها نورٌ لا يعيشُ فيها حيوانٌ، ولا يتكوَّنُ ألبته = فكذلك أمة فُقِد منها نور الوحي والإيمان ميتة، وقلبٌ فُقِد منه هذا النور ميّتٌ ولا بُدّ، لا حياة له ألبتة، كما لا حياة للحيوان في مكانٍ لا نور فيه.
[/COLOR][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]
[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[CENTER][RIGHT] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][B][COLOR=black]نقله لكم[/COLOR][/B][/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[/CENTER]
[RIGHT][SIZE=5]
[/SIZE] [/RIGHT]
[CENTER][RIGHT] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][B][U][COLOR=#3333ff][URL="http://www.aborashed.com/"][COLOR=#3333ff]www.aborashed.com[/COLOR][/URL][/COLOR][/U][/B][/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[/CENTER]
[RIGHT][SIZE=5]
[/SIZE] [/RIGHT]
[CENTER][RIGHT] [FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][B][COLOR=black]من كتاب الوابل الصيب 119[/COLOR][/B][/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[/CENTER]
[/INDENT]