ارْحَم لِتُرْحَـم ... مقال لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم
ارْحَم لِتُرْحَـم ... مقال لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم [center]
[font=traditional arabic][size=5]لَمّا كان الجزاء مِن جِنْس العَمَل ، وكان جزاء الإحسان إحسانا ؛ كان أقرب الناس إلى رحمة الله الذين يَرْحَمون الْخَلْق ، والْمُحْسِنين الذين يُحسِنون إلى الناس . قال الله عَزّ وَجَلّ : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ) . قال ابن جرير في تفسيره : يَقُولُ : هَؤُلاَءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمُ الَّذِينَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ، فَيُنْقِذُهُمْ مِنْ عَذَابِهِ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّتَهُ . اهـ . وقال سبحانه وتعالى : (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) . قال مطر الوَرَّاق : [color=darkred]تَنَجَّزوا مَوعُود الله بطاعته ، فإنه قَضَى أن رحمته قَريب مِن المحسنين[/color] . فَمَتى ما استقام الإنسان على طاعة الله ، بِفِعْل أوامِره وتَرْك نواهيه ؛ فهو مِن المحسنين . قال ابن كثير في تفسير الآية : أي: [color=darkred]إن رحمته مُرْصَدة للمحسنين ، الذين يَتَّبِعُون أوَامِره ويَتْرُكُون زَوَاجِره [/color]. اهـ . " [color=darkred]فالْمُحْسِنون لهم البشارة مِن الله بِسَعادة الدنيا والآخرة ، وسَيُحْسِن الله إليهم كما أحسنوا في عبادته ولِعِبَادِه[/color] " قاله الشيخ السعدي في تفسيره . [/size][color=green][size=6]ودُخول الجنة مَرهون بِرحمة الإنسان للخَلْق .[/size][/color] [/font][font=traditional arabic][size=5]وفي الحديث : [color=blue]لَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا[/color] . [color=red]أَفَلاَّ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا تَحَابُّونَ عَلَيْهِ ؟[/color] قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : [color=blue]أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ [/color]، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، [color=blue]لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَرَاحَمُوا [/color]. قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، كُلُّنَا رَحِيم . قَالَ : [color=blue]إِنَّهُ لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ خَاصَّتَهَ ، وَلَكِنْ رَحْمَةُ الْعَامَّةِ [/color]. رواه النسائي في الكبرى والحاكم وصححه ووافقه الذهبي . وفي حديث أنس رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : والذي نفسي بيده لا يضع الله رَحمته إلاَّ على رحيم . قالوا : يا رسول الله كُلنا يَرحم . قال : ليس بِرَحمة أحدكم صاحبه . يَرْحَم الناس كافة . رواه أبو يعلَى والبيهقي في " الشُّعَب " . [/size][color=green][size=6]ويدخل في هذا رَحمة البهائم العجماوات ، حتى يَرْحَم الإنسان الْهِرّ والكلَب ![/size][/color] [/font][font=traditional arabic][size=5]فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ ، فَقَالَ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي ، فَمَلأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟ قَالَ : فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ . رواه البخاري ومسلم . وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا كان يمشي بِطَرِيقٍ فَوَجَدَ غُصْنَ شَوكٍ على الطريق فأخَّره ، فَشَكَرَ الله له ، فَغَفَرَ له . كما في الصحيحين . [/size][color=green][size=6]وحتى يَرْحَم الشاة وهو يُريد ذَبْحها[/size][/color] [/font][font=traditional arabic][size=5]جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها ، أو قال : إني لأرحم الشاة إن أذبحها ، فقال : [color=blue]والشاة إن رحمتها رحمك الله[/color] . رواه الإمام أحمد والبخاري في " الأدب المفْرَد " ، وصححه الألباني والأرنؤوط . وفي الحديث ألآخر : [color=blue]مَن رَحِم ولو ذَبيحة رَحِمَه الله يوم القيامة [/color]. رواه البخاري في " الأدب المفْرَد " ، وحسّنه الألباني . [color=darkred]وما ذلك إلاّ لِمَا قام في قلوبهم مِن تعظيم الْخالِق والرحمة بالْخَلْق . [/color] قال أنس رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالعيال ، وكان له ابن مُسْتَرْضَع في ناحية المدينة ، وكان ظِئره قَيْنًا ، وكُـنّا نأتيه ، وقد دَخَّن البيت بإذخرٍ ؛ فَيُقَبِّله ويَشُمّه . رواه البخاري في " الأدب المفْرَد " ، وصححه الألباني . ولَمّا أَرْسَلَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ : إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا ، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلامَ وَيَقُولُ : إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى ، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا ، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنَّةٍ ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ، فَقَالَ سَعْدٌ : [color=red]يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا ؟[/color] فَقَالَ : [color=blue]هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ [/color]. رواه البخاري ومسلم . وأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ ومعه صبي ، فجعل يَضُمّه إليه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [color=red]أترحمه ؟ [/color]ق ال : نعم . قال : فالله أرحم بك منك[color=blue] به ، وهو أرحم الراحمين [/color]. رواه البخاري في " الأدب المفْرَد " ، وصححه الألباني . [/size][color=green][size=6]فَمَن أراد أن يُرْحَم فَلْيَرْحَم .. [/size][/color] [/font][font=traditional arabic][size=5]وفي الحديث : [color=blue]الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ [/color]" رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وصححه الألباني والأرنؤوط . وفي الحديث الآخَر : [color=blue]ارْحَمُوا تُرْحَمُوا [/color]، [color=navy]واغْفِرُوا يُغْفَر لَكم [/color]. رواه الإمام أحمد والبخاري في " الأدب المفْرَد " ، وصححه الألباني . وقال شعيب الأرنؤوط عن إسناد أحمد : إسناده حسن . [/size][color=green][size=6]ومَن لا يَرْحَـم لا يُرْحَـم .[/size][/color] [/font][font=traditional arabic][size=5]لَمَّا قَدِم الأقرع بن حابس فأبْصَر النبي صلى الله عليه وسلم يُقبّل الْحَسَن ، فقال : إن لي عشرة من الولد ما قَـبَّلْتُ واحدًا منهم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [color=blue]إنه مَن لا يَرحم لا يُرْحَم [/color]. رواه البخاري ومسلم . وفيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة عُذِّبَت في هِرّة سَجَنَتْها حتى ماتت ، فَدَخَلَتْ فيها النار ، لا هي أطعمتها وسَقَتْها إذْ حَبَسَتها ، ولا هي تركتها تأكُل مِن خشاش الأرض . رواه البخاري ومسلم . [/size][color=green][size=6]ولا تُنْزَع الرحمة إلاَّ مِن قَلْب شَقِيّ[/size][/color] [/font][font=traditional arabic][size=5]قال عليه الصلاة والسلام : [color=blue]لا تُنْزَع الرحمة إلاَّ مِن شَقي [/color]. رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي . وحسّنه الألباني والأرنؤوط . وقَدِم ناس مِن الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : [color=red]أتُقبِّلون صبيانكم ؟! [/color] فقالوا : نعم . فقالوا : لكنا والله ما نُقبِّل ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [color=blue]وَأَمْلِك إن كان الله نَزَع منكم الرحمة ؟! [/color]رواه البخاري ومسلم . [/size][color=green][size=6]فَكُن كما شئت ، يكُن الله لك كما كُنْت لِعبادِه .. [/size][/color] [/font][font=traditional arabic][size=5]قال ابن القيم : [color=royalblue]ومَن عامَل خَلْقَه بِصِفة عَامَلَه الله تعالى بِتِلك الصِّفَة بِعينها في الدنيا والآخرة ، فالله تعالى لِعَبْدِه على حسب ما يكون العَبْد لِخَلْقِه[/color] . اهـ . و " [color=green]هل جزاء مَن أحسن في عِبادة الخالق ونَفْع عبيده ، إلاَّ أن يُحْسِن إليه بالثواب الجزيل ، والفوز الكبير ، والنعيم الْمُقِيم ، والعَيش السليم ؟[/color] " كما قال الشيخ السعدي في تفسيره . منقول [/size][/font][/center] |
جعلها الله في ميزانك كالجبال
|
جزاكِ الله خيراً
|
الساعة الآن 03:04 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.