منتديات الحور العين - علامات مرض القلب وصحته لإبن القيم

[FONT=Traditional Arabic][SIZE=6][COLOR=#ff0000][U]علامات مرض القلب وصحته للإمام ابن القيم رحمه الله
[IMG]http://www.nahralbared.com/vb/imgcache/2078.imgcache[/IMG]
[/U]
[/COLOR][COLOR=darkslateblue]كل عضو من أعضاء البدن خلق لفعل خاص، به كماله في حصول ذلك الفعل منه، ومرضه: أن يتعذر عليه الفعل الذي خلق له، حتى لا يصدر منه، أو يصدر مع نوع من الاضطراب. فمرض اليد: أن يتعذر عليها البطش. ومرض العين: أن يتعذر عليها النظر والرؤية. ومرض اللسان: أن يتعذر عليه النطق. ومرض البدن: أن يتعذر عليه حركته الطبيعية، أو يضعف عنها. ومرض القلب: أن يتعذر عليه ما خلق له من معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقائه، والإنابة إليه، وإيثار ذلك على كل شهوه[/COLOR][/SIZE]

[IMG]http://www.zyzoom.org/vb/vb_cache1/2010/11/2/868f2aea1cdc5055f761359b9b8d5a56.gif[/IMG]

[/FONT][FONT=Traditional Arabic][SIZE=6][COLOR=darkslateblue]وقد يمرض القلب ويشتد مرضه، ولا يعرف به صاحبه، لاشتغاله وانصرافه عن معرفة صحته وأسبابها، بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته، وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح، ولا يوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة؛ فإن القلب إذا كان فيه حياة تألم بورود القبيح عليه، وتألم بجهله بالحق بحسب حياته. [/COLOR]
[COLOR=darkslateblue]وما لجرح بميت إيلام [/COLOR][/SIZE][/FONT][FONT=Traditional Arabic]
[SIZE=6][COLOR=darkslateblue]وقد يشعر بمرضه ولكن يشتد عليه تحمل مرارة الدواء والصبر عليها، فهو يؤثر بقاء ألمه على مشقة الدواء، فإن دواءه في مخالفة الهوى وذلك أصعب شيء على النفس وليس لها أنفع منه.[/COLOR][/SIZE][/FONT]
[SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://akhawat.islamway.com/forum/uploads/post-20628-1188454615.gif[/IMG]
[COLOR=darkslateblue]وتارة يوطن نفسه على الصبر، ثم ينفسخ عزمه ولا يستمر معه لضعف علمه وبصيرته وصبره: كمن دخل في طريق مخوف مفض إلى غاية الأمن، وهو يعلم أنه إن صبر عليه انقضى الخوف وأعقبه الأمن، فهو محتاج إلى قوة صبر، وقوة يقين بما يصير إليه، ومتى ضعف صبره ويقينه رجع من الطريق ولم يتحمل مشقتها، ولا سيما إن عدم الرفيق، واستوحش من الوحدة، وجعل يقول : أين ذهب الناس؟ فلي بهم أسوة، وهذه حال أكثر الخلق، وهي التي أهلكتهم، فالبصير الصادق لا يستوحش من قلة الرفيق، ولا من فقده إذا استشعر قلبه مرافقة الرعيل الأول [COLOR=magenta]﴿الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾[/COLOR] فتفرد العبد في طريق طلبه، دليل على صدق الطلب.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://img24.imageshack.us/img24/7383/gifeq.gif[/IMG]
[COLOR=darkslateblue]ولقد سئل إسحاق بن راهَوَيه عن مسألة فأجاب. فقيل له: إن أخاك أحمد بن حنبل يقول فيها بمثل ذلك. فقال: ما ظننت أن أحداً يوافقني عليها. ولم يستوحش بعد ظهور الصواب له من عدم الموافق؛ فإن الحق إذا لاح وتبين لم يحتج إلى شاهد يشهد به. والقلب يبصر الحق كما تبصر العين الشمس، فإذا رأى الرائي الشمس لم يحتج في علمه بها واعتقاده أنها طالعة إلى من يشهد بذلك ويوافقة عليه. [/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://img24.imageshack.us/img24/7383/gifeq.gif[/IMG]
[COLOR=darkslateblue]والمقصود : أن من علامات أمراض القلوب عدولها عن الأغذية النافعة الموافقة لها إلى الأغذية الضارة، وعدولها عن دوائها النافع إلى دائها الضار، فهنا أربعة أمور: غذاء نافع، ودواء شاف، وغذاء ضار، ودواء مهلك.[/COLOR]
[COLOR=darkslateblue]فالقلب الصحيح يؤثر النافع الشافي على الضار المؤذي. والقلب المريض بضد ذلك. [/COLOR][/FONT]
[/SIZE][FONT=Traditional Arabic][SIZE=6][IMG]http://img24.imageshack.us/img24/7383/gifeq.gif[/IMG]
[/SIZE][SIZE=6][COLOR=purple]وأنفع الأغذية : غذاء الإيمان
وأنفع الأدوية : دواء القرآن
[/COLOR][COLOR=darkslateblue]وكل منهما فيه الغذاء والدواء [/COLOR]
[COLOR=darkslateblue][COLOR=red][U]ومن علامات صحته أيضاً[/U][/COLOR] : أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة، ويحل فيها، حتى يبقى كأنه من أهلها وأبنائِها، وقد جاء إلى هذه الدار غريبا يأخذ منها حاجته ويعود إلى وطنه.[/COLOR]
[COLOR=darkslateblue]كما قال عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمر: «[COLOR=magenta]كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وعُدَّ نفسك من أهل القبور».[/COLOR][/COLOR][/SIZE][/FONT]
[SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][COLOR=green](حديث مرفوع)
[/COLOR][COLOR=darkslateblue]وكلما صح القلب من مرضه ترحل إلى الآخرة وقرب منها حتى يصير من أهلها، وكلما مرض القلب واعتل آثر الدنيا واستوطنها حتى يصير من أهلها. [/COLOR]
[COLOR=darkslateblue]ومن علامات صحة القلب : أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى ينيب إلى الله، ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق المحب المضطر إلى محبوبه، الذي لا حياة له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا برضاه وقربه والأنس به، فبه يطمئن، وإليه يسكن، وإليه يأوي، وبه يفرح، وعليه يتوكل، وبه يثق، وأياه يرجو، وله يخاف، فذكره: قوته وغذاؤه ومحبته والشوق إليه: حياته ونعيمه ولذته وسروره، والالتفاف إلى غيره والتعلق بسواه: داؤه، والرجوع إليه: دواؤه، فإذا حصل له ربه سكن إليه واطمأن به وزال ذلك الاضطراب والقلق، وانسدت تلك الفاقة، فإن في القلب فاقة لا يسدها شيء سوى الله أبد،ا وفيه شعث لا يلمه غير الإقبال عليه، وفيه مرض لا يشفيه غير الإخلاص له وعبادته وحده، فهو دائما يضرب على صاحبه حتى يسكن ويطمئن إلى إلهه ومعبوده، فحينئذ يباشر روح الحياة، ويذوق طعمها، ويصير له حياة أخرى غير حياة الغافلين المعرضين عن هذا الأمر الذي له خلق الخلق، ولأجله خلقت الجنة والنار، وله أرسلت الرسل، ونزلت الكتب، ولو لم يكن جزاء إلا نفس وجوده لكفى به جزاء وكفى بفوته حسرة وعقوبة. [/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2515447440b03deb87.gif[/IMG]
[COLOR=darkslateblue]قال بعض العارفين : مساكين أهل الدينا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها قيل: وما أطيب ما فيها؟ ، قال: محبة الله والأنس به والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره وطاعته.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://akhawat.islamway.com/forum/uploads/post-20628-1188454615.gif[/IMG]

[COLOR=darkslateblue]وقال آخر : إنه ليمر بي أوقات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://akhawat.islamway.com/forum/uploads/post-20628-1188454615.gif[/IMG]

[COLOR=darkslateblue]وقال آخر : والله ما طابت الدنيا إلا بمحبته وطاعته، ولا الجنة إلا برؤيته ومشاهدته.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://akhawat.islamway.com/forum/uploads/post-20628-1188454615.gif[/IMG]

[COLOR=darkslateblue]وقال أبو الحسين الوراق : حياة القلب في ذكر الحي الذي لا يموت، والعيش الهني: الحياة مع الله تعالى لا غير.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1808847440b4ccf424.gif[/IMG]
[COLOR=darkslateblue]ولهذا كان الفوت عند العارفين بالله أشد عليهم من الموت؛ لأن الفوت انقطاع عن الحق، والموت انقطاع عن الخلق، فكم بين الانقطاعين؟.[/COLOR]
[COLOR=darkslateblue]وقال آخر : من قرت عينه بالله تعالى قرت به كل عين، ومن لم تقر عينه بالله تقطع قلبه على الدنيا حسرات.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1808847440b4ccf424.gif[/IMG]
[COLOR=darkslateblue]وقال يحيى بن معاذ : من سر بخدمة الله سرت الأشياء كلها بخدمته، ومن قرت عينه بالله قرت عيون كل أحد بالنظر إليه.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1808847440b4ccf424.gif[/IMG]
[COLOR=darkslateblue][COLOR=red][U]ومن علامات صحة القلب[/U][/COLOR] : أن لا يفتر عن ذكر ربه، ولا يسأم من خدمته، ولا يأنس بغيره؛ إلا بمن يدله عليه، ويذكره به، ويذاكره بهذا الأمر. [/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://www.alfrasha.com/up/7594656861547749615.gif[/IMG]

[COLOR=darkslateblue][COLOR=red][U]ومن علامات صحته[/U][/COLOR] : أنه إذا فاته ورده وجد لفواته ألماً أعظم من تألم الحريص بفوات ماله وفقده.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://www.alfrasha.com/up/7594656861547749615.gif[/IMG]

[COLOR=darkslateblue][COLOR=red][U]ومن علامات صحته[/U][/COLOR] : أنه يشتاق إلى الخدمة كما يشتاق الجائع إلى الطعام والشراب.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://www.alfrasha.com/up/7594656861547749615.gif[/IMG]

[COLOR=darkslateblue][COLOR=red][U]ومن علامات صحته[/U][/COLOR] : أنه إذا دخل في الصلاة ذهب عنه همه وغمه بالدنيا، واشتد عليه خروجه منها، ووجد فيها راحته ونعيمه، وقرت عينه وسرور قلبه. [/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://www.alfrasha.com/up/7594656861547749615.gif[/IMG]

[COLOR=darkslateblue][COLOR=red]ومن علامات صحته :[/COLOR] أن يكون همه واحداً وأن يكون في الله.[/COLOR]
[COLOR=darkslateblue][COLOR=red]ومن علامات صحته[/COLOR] : أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعا من أشد الناس شحا بماله.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][SIZE=6][FONT=Traditional Arabic][IMG]http://www.alfrasha.com/up/7594656861547749615.gif[/IMG]

[COLOR=darkslateblue]ومنها : أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل؛ فيحرص على الإخلاص فيه، والنصيحة والمتابعة والإحسان، ويشهد مع ذلك منة الله عليه فيه، وتقصيره في حق الله.[/COLOR][/FONT]
[/SIZE][FONT=Traditional Arabic][SIZE=6][IMG]http://www.alfrasha.com/up/7594656861547749615.gif[/IMG]

[/SIZE][SIZE=6][COLOR=teal][U]فهذه ست مشاهد لا يشهدها إلا القلب الحي السليم.
[/U][/COLOR][COLOR=darkslateblue]وبالجملة فالقلب الصحيح : هو الذي همه كله في الله، وحبه كله له، وقصده له، وبدنه له، وأعماله له، ونومه له، ويقظته له، وحديثه والحديث عنه أشهى إليه من كل حديث، وأفكاره تحوم على مراضيه ومحابِّه، الخلوة به آثر عنده من الخلطة إلا حيث تكون الخلطة أحب إليه وأرضى له، قرة عينه به، وطمأنينته وسكونه إليه، فهو كلما وجد من نفسه التفاتا إلى غيره تلا عليها [COLOR=magenta]﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾[/COLOR] فهو يردد عليها الخطاب بذلك ليسمعه من ربه يوم لقائه فينصبغ القلب بين يدي إلهه ومعبوده الحق بصبغة العبودية، فتصير العبودية صفة له وذوقا لا تكلفا، فيأتي بها توددا وتحببا وتقربا، كما يأتي المحب المتيّم في محبة محبوبه بخدمته وقضاء أشغاله، فكلما عرض له أمر من ربه أو نهي أحس من قلبه ناطقا ينطق: لبيك وسعديك، إني سامع مطيع، ممتثل ولك، علي المنة في ذلك، والحمد فيه عائد إليك. [/COLOR][/SIZE][/FONT]
[FONT=Traditional Arabic][SIZE=6][IMG]http://www.alfrasha.com/up/1387489781758583837.gif[/IMG]

[COLOR=darkslateblue]وإذا أصابه قَدَر وجد من قلبه ناطقا يقول: أنا عبدك ومسكينك وفقيرك، وأنا عبدك الفقير العاجز الضعيف المسكين، وأنت ربي العزيز الرحيم؛ لا صبر لي إن لم تصبرني، ولا قوة لي إن لم تحملني وتقوني، لا ملجأ لي منك إلا إليك، ولا مستعان لي إلا بك، ولا انصراف لي عن بابك، ولا مذهب لي عنك. [/COLOR]
[COLOR=darkslateblue]فينطرح بمجموعه بين يديه، ويعتمد بكليته عليه، فإن أصابه بما يكره قال : رحمة أهديت إلي، ودواء نافع من طبيب مشفق، وإن صُرف عنه ما يُحب قال: شراً صرف عني.[/COLOR][/SIZE][/FONT]