منتديات الحور العين

منتديات الحور العين (http://www.hor3en.com/vb/index.php)
-   ( القسم الرمضاني ) (http://www.hor3en.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   درر رمضانيّة / للشيخ عبدالكريم الخضير (http://www.hor3en.com/vb/showthread.php?t=20759)

أمةالله 08-16-2008 09:56 AM

درر رمضانيّة / للشيخ عبدالكريم الخضير
 
[center][font=arial narrow][size=4][color=black]منقولٌ لنفع ٍ وفائدةٍ تعمّ[/color][/size][/font][/center]
[font=arial narrow][size=4][color=black][/color][/size][/font]
[font=arial narrow][size=4][color=black]مع قرب شهر رمضان فهذه درر وفوائد مستخرجة من موقع الشيخ أو أشرطته أو غيرها..خاصة برمضان ومايعين على استغلاله-ارجو للجميع النفع والفائدة
[/color][/size][/font]

[font=arial narrow][size=4][color=red][u]الدرة الأولى..[/u]

[u]تضييع نهار رمضان بالنوم والسهر في القيل والقال[/u][/color] [/size][/font]
[font=arial narrow][size=4]
[/size][/font]

[font=arial narrow][size=4]هذا الموسم العظيم يُفرِّط فيه كثير من النَّاس، تَجِدْهُ في النَّهار نائم وفِي اللَّيل في القِيل والقَال، ولا يَسَْتفيد من هذا الموسم العظيم،
مواسم الدُّنيا يَسْتَغِلُّها النَّاس استغلال قَدْ يُخِلُّ بالعقل أحياناً، تَجِد الإنسان يَتَصَرَّف تَصَرُّفات من أجل استغلال مواسِم الدُّنيا بحيث يَقْرُب من أعمال المجانين، تَجِدْهُ يحرص على كُل شيء، ويستفيد من كُل شيء في أُمُور دُنياه؛
لكنْ إذا جاءت مثل هذهِ المواسم انظُر ترى، نوم في النَّهار، وقد ينامُ عن الفرائض عن الصَّلوات، وهذهِ كارِثَة بالنِّسبة للصَّائِم أنْ يَنَام عن الصَّلوات المَفْرُوضَة، وقد يُؤخِّر صلاة الظُّهر وصلاة العصر إلى أنْ يَنْتَبِه مع غُرُوب الشَّمس، وهذا يُوجد في بيُوت المُسلمين من يَفْعَل هذا من الذُّكُور والإناث؛ لكنْ هل تَتَحَقَّق آثار الصِّيام على مثل هذا الصِّيام؟ لا والله ما يَتَحَقَّق؛ بل لا تَتَحَقَّق بمن فَعل دُون ذلك، يعني من فُوِّت صلاة الجماعة لاشك أنَّ في صَوْمِهِ خَللاً، وإنْ كان صَوْمُهُ إذا فَاتَتْهُ الجماعة صَوْمُهُ صحيح ولا يُؤْمَر بإعادَتِهِ؛ لكنْ مع ذلك صَوْمُهُ فيهِ خَلل فَضْلاً عن كونِهِ يُزَاوِلُ أعمالْ تُخِلُّ بِعَقِيدتِهِ كتركِ الصَّلاة مثلاً، أو تَعَمُّد تأخير الصَّلاة عنْ وَقْتِها، أو يُزَاوِل أعْمال فيها شِرْك ولو أَصْغَر، فلا شكَّ أنَّ أثَر هذه الأُمُور على القبُول واضِح،
وإذا كان الفُسَّاق جَاء فيهم يعني في مَفْهُوم قولِهِ -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] مَفْهُومُهُ أنَّ الفُسَّاق لا يُتَقَبَّل منهم، وأَيُّ فِسْقٍ أعْظَم منْ تَأخِير الصَّلوات عن وقتِها؟ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] ومَعْرُوفٌ أنَّ المُراد بالقَبُول هنا نفيٌ للثَّواب المُرتَّب على العِبادة، لا أنَّ العِبادة باطلة ويُؤْمَر بإعادتِها، ما قَال بإعادَتِها أحد من أهل العلم؛ ولكنْ الثَّواب المُرتَّب عليها لا يَتَحَقَّق؛ لأنَّ نفي القبُول في النُّصُوص يأتِي ويُرادُ بِهِ نفيُ الصِّحة ((لا يَقْبَلُ الله صلاة من أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأ))، و((لا يَقْبَلُ اللهُ صلاة حَائِضٍ إلاّ بِخِمَار)) ويأتِي ويُرادُ بِهِ نفيُ الثَّواب المُرتَّب على العِبادة كما هُنا.[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 09:57 AM

[font=arial narrow][size=4]ا[/size][/font][size=4][font=arial narrow][color=red][u]لدرة الثانية:[/u][/color][/font][/size]
[u][size=4][font=arial narrow][color=red] أحاديث لا بد من التنبيه عليها في رمضان[/color][/font][/size][/u]




[font=arial narrow][size=4][color=sienna]هناك بعض الأحاديث ينبغي التَّنبيه عليها مُتعلِّقة بالموضوع ((صُومُوا تَصِحُّوا)) هذا الحديث يُرْوَى عن عائشة وهو ضعيف ومعناهُ صحيح، حديث: ((المعدة بيتُ الدَّاء، والحِمية رأسُ الدَّواء)) هذا حديث باطل لا أصل لهُ، لا يَثْبُت عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- لا بإسنادٍ صحيح ولا حسن ولا ضعيف هو من قول الحارث بن كلدة طبيب العرب، هذهِ تُذْكَر كثيراً في مثلِ هذه الأيَّام.[/color][/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 09:58 AM

[font=arial narrow][size=4][color=red][u]الدرة الثالثة:
البشارة والتهنئة بدخول رمضان
[/u][/color][/size][/font]



[font=arial narrow][size=4]البِشارة والتَّهنِئة بدخول شهر رمضان مُخرَّجة في صحيح ابن خُزيمة من حديث سلمان وهو حديثٌ ضعيف ((أتاكم شهر رمضان شهر عظيمٌ مُبارك ... إلى آخِرِهِ)) خَرَّجَهُ ابن خُزيْمة؛ لكنَّهُ حديثٌ ضعيف، والتَّهنِئَة عُمُوماً تهنِئَةُ المُسلم بما يَسُرُّهُ في الجُملة لها أصلٌ في الشَّرع؛ لكنْ لا يُتَعَبَّد بلفْظٍ مُعيَّن، ويَسُرُّهُ دُخُول مثل هذا الشَّهر المُبارك العظيم، فإذا هنَّأَ المُسلمُون بعضُهُم بعضاً بألفاظٍ وأساليب لا يتعبَّدُونَ بها فرأيُ الإمام أحمد -رحمهُ الله تعالى- أنَّ الأمر فيهِ سَعة.[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 10:12 AM

[font=arial narrow][size=4][color=red][u]الدرة الرابعة:
اختلاف المطالع
[/u][/color][/size][/font]

[font=arial narrow][size=4]يقول: إذا أُكْمِل عِدَّة شعبان ثلاثين مع أنَّ هُناك رجل في دولةٍ أُخرى رَأَى الهِلال وصَامَتْ تِلك الدَّولة... فهل يصُوم من هُو في دَوْلَةٍ أُخْرَى؟
إِذَا رَأَى الهِلال ثُمَّ رُدَّت شَهَادَتُهُ مثلاً فَيَصْدُقُ عليهِ أنَّهُ رَأَى الهِلال، ويَدْخُل فِي قولِهِ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ)) وبهذا قال جَمْعٌ منْ أَهْلِ العِلم أَنَّهُ يَصُوم، وكَذَا لَوْ رَأَى هِلال شَوَّال يُفْطِر ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ))؛ وَلَكِنْ المُرَجَّح أنَّهُ لا يَصُوم ولا يُفْطِر إِلَّا مع النَّاس ((الصَّوم يوم تَصُومُونْ، والفِطْرُ يوم تُفْطِرُونْ، والأَضْحَى يوم تُضَحُّونْ)) فَيَصُوم مع النَّاس، ويُفْطِر مع النَّاس، هذا الذِّي رَأَى الهِلال فِي دَوْلَةٍ أُخْرَى، وصَامَتْ تِلْكَ الدَّوْلَة ومَنْ فِي البَلَد الآخَر، هَذِهِ المَسْأَلَة يُسَمِّيها أو يَتَكَلَّم عنها أَهلُ العِلْم على اخْتِلاف المَطَالِعْ، وأنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ مَطْلَع، ويَكُون الهِلال قَدْ طَلَع فِي الشَّام، ولا يكُون طَلَع فِي المَدِينة، ويَطْلُع فِي بَلَد ولا يَطْلع فِي بَلَد، فَإِذا رُؤِيَ الهِلال فِي بَلَد يَعْتَمِد الرُّؤْيَة الشَّرْعِيَّة... فَهَل يَلْزَم جَمِيع المُسْلِمِينْ الصَّوم أو يَلْزَم مَنْ فِي بَلَدِهِ وتَبْقَى البُلْدانْ الأُخْرَى على مَطْلَعِهَا ورُؤْيَتِها؟! قولُهُ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ)) هذا لَيْسَ بِخَاص بأَهْلِ المَدِينة كما في قولِهِ: ((ولَكِنْ شَرِّقُوا أو غَرِّبُوا)) لَيْسَ بِخَاص بأَهْلِ المَدِينة؛ وإِنَّما يَتَّجِه لِكُلِّ من يَتَصَوَّر مِنْهُ الإِجَابة ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ)) الأَصْل أنَّ الخِطَاب للأُمَّةِ كُلِّها، وعَلَى هذا إِذَا رُؤِيَ الهِلال فِي أَيِّ بَلَدٍ من بُلْدَانِ المُسْلِمين فَإِنَّهُ يَلْزَمُ جميع المُسْلِمين فِي شَرْقِ الأَرْضِ وغَرْبِهَا الصَّوْم؛ لأنَّ الخِطَاب مُوَجَّهٌ إِلَيْهِم، ولا يُوجَد ما يُخْرِجُ بَعْضَهم عن عُمُوم هذا الخِطَاب، وبِهَذا يقول جَمْعٌ من أهل العِلم، وهو المَعْرُوف عند الحَنَابِلة، وكثير من أهل العِلم، ومِنْ أهْلِ العِلم مَنْ يَرَى اخْتِلاف المَطَالِع وأنَّهُ إِذَا رُؤِيَ الهِلال في بَلَدٍ أو إِقْلِيم لا يَلْزَمُ غيرهُم الصِّيام؛ إلاَّ من كان على سَمْتِها واتَّحَدَ مَطْلَعَهُ مَعَهَا، ويَسْتَدِلُّون على ذلك بِحَديث ابن عبَّاس المُخَرَّج فِي مُسْلِم، وهُو أنَّ كُرَيْباً قَدِمَ المَدِينة من الشَّام، فَرَأَى أَهْلُ الشَّام الهِلال في الجُمعة، وأهْلُ المَدِينة مَا رَأَوْهُ إِلَّا يومُ السَّبت، فقال كُرَيْب: إنَّ مُعَاوية والنَّاس صَامُوا يوم الجُمُعة، وعَلَى هذا أَكْمَلْنَا عِدَة رَمَضَان ثَلاثِينْ، ولا يُمْكِنْ أنْ يَزِيد الشَّهر على ثَلاثِينْ، فابن عبَّاس قال: لكنَّا لا نُفْطِرُ حتَّى نَرَاهُ هكذا أَمَرَنَا رسُولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فَدَلَّ الخَبَر على أنَّ الشَّام لهُم رُؤْيَتُهُم ، وأنَّ أَهْل المَدِينة لهُم رُؤْيَتُهُم، ولم يُفْطِر أهلُ المَدينة بِفِطْر أهل الشَّام المَبْنِيّ على رُؤْيَتِهِم؛ وإنَّمَا أَكْمَلُوا رمضان ثَلاثِينَ يوماً هكذا أَمَرَنَا رسُولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، يَعْنِي الحَدِيث الخَبَر صَحِيح، ومَرْفُوع إلى النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-، وتَجِد من أَهْلِ العِلم أَهْل الأَثَر أَهل الإِتِّبَاع أَهْل الإِقْتِدَاء يُفْتِي بَعضُهُم بِأَنَّ المَطَالِع مُتَّحِدَة، وأنَّ هَذَا أَضْبَط للنَّاس، وأَصْوَنْ لِصِيَامِهِم، فَلا يُتْرَك الأَمْر لِاجْتِهَادَاتْ البُلْدان، بِمَعْنى أنَّ هَؤُلاء يَصُومُون يوم الخَمِيس، وهَؤُلاء يَصُومُون يوم الجُمعة، وهؤُلاء يَصُومُون يوم السَّبت، ويُفْطِرُون قَبْلَهُم بِيَومٍ أو يَوْمَيْن... هل يُمْكِن لِمُجْتَهِدٍ أنْ يَجْتَهِد مع نَصِّ ابن عبَّاس فَيَقُول: بِاتِّحَادِ المَطَالِع... يُمْكِنْ أو مَا يُمْكِنْ؟، يعني لَوْ نَظَرْنَا فِي كَلام الشيخ ابن باز ويَعْرِف هذا الحَدِيث أو حتَّى المَذْهَب عند الحَنَابِلَة، على كُلِّ حَال الهَيْئَة أَفْتَتْ بِاخْتِلاف المَطَالِع؛ لَكِنْ الكَلام مَعَ مَنْ يَقُول بِاتِّحَادِ المَطَالِع مَعَ صِحَّة خَبَر ابن عبَّاس، وقَوْلِهِ: هكذا أَمَرَنَا رسُولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- فِي صَحِيح مُسْلِم... هل المَسْأَلة اجْتِهَادِيَّة أَو نَصِيَّة؛ لِيَسُوغَ فِيهَا الخِلاف؟ قولُهُ: هكذا أَمَرَنَا رسُولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مَرْفُوعْ قَطْعاً؛ لَكِنْ مَا حَقِيقَةُ هذا الأمْر؟ هل أَمْر الرَّسُول -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- الذِّي نَقَلَهُ ابن عبَّاس أَمْر فِي هذِهِ المَسْأَلَة بِخُصُوصِها واتِّحَاد المَطَالِع، أَو أَمْرُهُ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- بِقَوْلِهِ: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ))؛ لأنَّ بعض النَّاس حِينَمَا يَسْمَع كَلام بعض العُلَماء أَهْل الأَثَر أَهْل الإِقْتِدَاء يَقُولُون بِوُجُوب الصَّوم لِجَميع الأُمَّة إِذَا رُؤِيَ الهِلال ولو اخْتَلَفَتْ المَطَالع يقول: كيف يَسُوغ لِمِثْلِ هذا وقَد عُرِفَ بِعِلْمِهِ، وفَضْلِهِ، وإقتِدَائِهِ، وإتِّبَاعِهِ مع صِحَّة حديث ابن عبَّاس، نقُول: ابن عبَّاس هَكَذا قَال: أَمَرَنَا رسُولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-؛ لكن ما حَقِيقَة هذا الأَمْر؟ هَلْ أَمَره في هذِهِ المَسْأَلَة بِخُصُوصِها؟ هَلْ أَمَرَهُم بِهَذِهِ المَسْأَلة التِّي تَدُلُّ على اخْتِلافِ المَطَالِع أو أَمَرَهُم بِقَوْلِهِ: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ)) والنَّصْ كمَا يَفْهَمُهُ ابن عبَّاس فِي دَلَالَتِهِ على اخْتِلاف المَطَالِع يَفْهَمُهُ غَيْرُهُ فِي الدَّلَالَةِ على اتِّحَادِ المَطَالِع، وعلى كُلِّ حَال لِلاجْتِهَادِ فِي مثلِ هَذَا مَجَال، ومن اجتهد وقال باتِّحَادِ المَطَالِع فَلَهُ سَلَف، ودَلَالَةُ الحديث عليهِ وَاضِحَة، ومَنْ اجْتَهَد وقَال بِاخْتِلاف المَطَالِع فَلَهُ سَلَف، ودَلَالَةُ خَبر ابن عبَّاس عليهِ أَوْضَح؛ لِأَنَّ ابن عبَّاس فَهِمَ من حديث: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ)) أنَّهُ خاص بِكُلِّ إِقْلِيمٍ يَخْتَلِف مَطْلَعُهُ عن غَيْرِهِ أو أنَّ لَدَيْهِ أَمْرٌ خَاص بهذِهِ المَسْأَلَة، قد يقول قائل: أنَّ فَهْم الصَّحَابِي مُقَدَّمٌ على فَهْمِ غَيْرِهِ، نقول هذا هُو الأَصل؛ لكنْ لا يَعْنِي أنَّ فَهْمَ الصَّحَابِي أو فَهْم الرَّاوِي مُلْزِم لِغَيْرِهِ، وحديث: ((رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعْ)) يَدُلُّ على ذلك، فهذه المَسْألة لا شكَّ أنَّها مِن الدَّقَائِق في قصة ابن عبَّاس يعني لو كرَّرنا الكلام؛ لأنَّ مِثل هذا يُشْكِل على بعض طُلَّاب العِلْم، يقول: كيف الشيخ ابن باز يُعارض حديث ابن عبَّاس وهو في صحيح مُسلم؟
ابن عبَّاس اسْتَدَلّ بالحديث على اخْتِلَاف المَطَالِع وعَمَلَ بِهِ على هذَا الأَسَاسَ؛ لَكِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِأَمْرِ النَّبِي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-... فهل عند ابن عبَّاس أَمْر خاص فِي هذِهِ المَسْألَة أَو لَعَلَّهُ اسْتَنَدَ فِي قَوْلِهِ هذا على حديث: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ))؟ وحينئذٍ يَبْقَى المَجَال فِي فَهْمِ النَّصْ وَاسِعْ.[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 10:15 AM

[size=4][font=arial narrow][color=red][u]الدرة الخامسة:
ألا تريد استغلال هذه المواسم في الطاعات؟![/u][/color]

[/font][/size]
[font=arial narrow][size=4]هذا الذِّي ضيَّع أوقاتهُ في القيل والقال... هل يُعان على حِفْظِ لسانِهِ في أوقات المواسم؟ هل يُعان على استغلال المواسم؟ يسمع بقوله -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((من حجَّ فلم يرفث ولم يفسُق رجع من ذُنُوبِهِ كيوم ولدته أُمُّهُ)) أربعة أيَّام يحرص على حِفْظِ لِسانِهِ فلا يستطيع؛ لأنَّهُ لم يتعرَّف على الله في حال الرَّخاء، لِسَانُهُ في القيل والقال في أوقات الرَّخاء؛ فإذا جاء وقتُ الشِّدَّة لا يُعان على ذلك، وقُل مثل هذا في تلاوة القرآن، نجد من طلبة العِلم من يَتَفرَّغ في رمضان أو في العشر الأواخر من رمضان بأنْ يهجُر أهلهُ ووطنَهُ وجميع وسائل الرَّاحة إلى أماكن المُضاعفات، في أشْرَف الأوقات، ويَسْمع عن سَلَفِ هذهِ الأُمَّة من يقرأ القُرآن في يوم، ومن يقرأ القُرآن في اليوم مرَّتين، ومنهم من يقرأ في يومين، ومنهم من يقرأ في ثلاث، فَيَحرص على أنْ يختم القرآن فلا يَسْتطيع، يَجْلِس ويتعرَّض لهذا، يجلس من صلاة العصر إلى أذان المغرب فَاتِحاً المُصحف يُريد أنْ يقرأ في ساعتين يعني أقل تقدير يقرأ سِتَّة أجزاء هذا إذا كان مِمَّن لم يَتَعوَّد ويَتَمَرَّنْ على قِراءة القُرآن، يعني الجُزء بثُلث ساعة كُل إنسان يستطيع هذا؛ لكن ما الحَصِيلة؟ وما النَّتيجة؟؟؟ لأنَّهُ لم يتعوَّد في وقت الرَّخاء... كم يقرأ؟ لا يزيد على الجُزء، يقرأ آية آيتين؛ ثُمَّ يلتفِت يَمِيناً وشِمالاً عَلَّ أحداً أنْ يَعْرِفَهُ فيَجْلِسْ معهُ؛ لِيُزاول المِهنة التِّي كان يُزاولُها عَامَهُ كُلَّهُ؛ إنْ وجد أنْ جاءهُ أحد؛ وإلا ذهب هو ليبحث عن النَّاس... طيب لماذا أنت سافرت وتركت أهلك... ألا تُريد أنْ تستغل هذهِ الأوقات؟ هذا واقع كثير من الشَّباب، وأقول: يُوجد -ولله الحمد- منْ يفعل فِعل السَّلف، يعني يُوجد من يقرأ القرآن في يوم، ليست المسألة مسألة يأس وقنوط – لا – لكن هذا فيه الحثّ حث الأخوان على استغلال الأوقات، وقولُهُ -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((تعرَّف على الله في الرَّخاء يعرفكَ في الشِّدَّة)) مُضطرِد في كُلِّ شيء؛ فإذا تعوَّدْت قراءة القرآن في أوقات الرَّخاء، وخَصَّصْت لهُ وقتاً من سَنَام وقتك، لا على الفَرغة! بحيث إذا جئت قبل الإقامة بخمس دقائق أو عشر دقائق فتحت المُصحف وقرأت وإلا فلا! – لا – يعني لو جَلَس طالب العلم من صلاة الصُّبح في مكانِهِ، وأتى بالأذكار المُرغَّب فيها؛ ثُمَّ قرأ القرآن إلى أنْ تَنْتَشِر الشَّمس هذا يقرأ القرآن في سبع من غير مَشَقَّة، ومن غير تفويت أي مصلحة لا دينيَّة ولا دُنيويَّة؛ بل سوف يجدُ أثرها على بقيَّة يومِهِ، كما قال شيخ الإسلام، هي الزَّاد التِّي تُعينُهُ على بقيَّة أعمالِهِ الصَّالحة في يومِهِ ، ابن القيم رحمهُ الله تعالى لمَّا شَرَح حال الأبرار، وحال المُقرَّبين في (طريق الهِجرتين) وَضع برنامج من استِيقاظهم من النَّوم لصلاة الصُّبح، وكيفيَّة استعدادِهِم للصَّلاة، وذهابِهِم إليها، وقُربهِم من الإمام، واستِماعُهم للقراءة المشهُودة؛ ثُمَّ الجُلُوس إلى انتِشَار الشَّمس مع الانكِسَار بين يدي الله -جلَّ وعلا-، والتَّعرُّض لنَفَحَاتِهِ؛ مثل هذا يُعان بَقِيَّة يومِهِ، وإذا كان هذا ديْدَنُهُ يُعانْ بَقِيَّة عُمرِهِ، والإنسان يمُوت على ما عاش عليهِ، المُغنِّي يمُوت على خشبة المسرح، والتَّالي لِكِتاب الله يمُوت ورأسُهُ في المُصحف، هذهِ حقائق، والمُصلِّي يمُوت وهو ساجد، يعني هذه حقائق أمثلة عملِيَّة، نعرف من شيُوخنا من صار عليهِ حادث سيَّارة، وأُدْخِل المُستشفى في العِناية المُركَّزة لا يَعْرِفُ أحداً، ولا ينْطِق بكلمة، والقُرآنُ يُسمعُ من لِسَانِهِ واضِحاً جَلِيًّا، ويُوجد من المُؤذِّنِين من أفْنَى عُمرَهُ في هذا العمل الجليل والمُؤذِّنُون أطول النَّاس أعناقاً يوم القيامة يُوجد من يُسمع منهُ الأذان وهو في العناية في وقت الأذان، المقصُود أنَّ على طالب العلم أنْ يبذل الأسباب، ويدفع الموانع قَدْر استطاعتِهِ، مثل هذا الجِهاد، والمُجاهدة تأتي بالتَّدريج، ما تأتِي دُفْعة واحِدة؛ ولِذا جاء عنْ بعض السَّلف أنَّهُم كابَدُوا قِيام الليل سِنين؛ ثُمَّ تَلَذَّذُوا بِهِ بَقِيَّة العُمر، كُل شخص يَتَلَذَّذ بِمُناجاة محبُوبِهِ؛ بل وُجِد هذا في الحيوان يَتَلَذَّذ بِمُجالسة ومُناجاة محبُوبِهِ؛ فإذا كان المحبُوب هو الله -جلَّ وعلا- فحدِّث ولا حرج، وإذا كان ابن القيم يشرح حال المُقرَّبين يُقسِمُ بالله أنَّهُ ما شمَّ لهُم رائِحة... فكيف بغيرِهِ؟! وقد وَصَف حالهُم وبرنامجهم اليومي وصفاً دقيقاً كأنَّهُ منهم ومن بينهم؛ بل الذِّي يغلبُ على الظَّن أنَّهُ منهم، ويقول مع ذلك إنَّهُ يستفيد فائِدة ولو لم يكن ممَّن يفعل هذا علَّ أحداً أنْ يفعلهُ فيُكتب لهُ من أجرِهِ، وإذا تَحَدَّثنا عن القِيام، وعن الصِّيام، وعن تِلاوة القرآن فلا يعني هذا أنَّ الإنسان مُتَّصِف بهذا الوصف! والله المُستعان.[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 10:19 AM

[size=4][font=arial narrow][color=red][u]الدرة السادسة:

الصوم جُنَّة[/u][/color]
[/font][/size]

[font=arial narrow][size=4]((الصَّومُ جُنَّة)) جُنَّة وقاية يجتنُّ بها الصَّائم ويَتَّقِي بها و ((الصَّومُ جُنَّة)) والتَّقوى من أعظم فوائِد الصِّيام، كما في قولِهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة/183]، هذه العِلَّة والحِكْمَة من مشرُوعِيَّة الصِّيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة/183] فهو جُنَّة يقي العبد مِمَّا يَكْره في الدُّنيا والآخرة.[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 10:20 AM

[size=4][font=arial narrow][color=red][u]الدرة السابعة:
أيهما أفضل التدبر أم كثرة الختمات؟[/u][/color]

[/font][/size]
[font=arial narrow][size=4]هل كثرة قراءة القرآن في رمضان بسرعة هو الحل... أو الأفضل القراءة بالتَّدبُّر وإنْ قلَّ الختم؟
عامَّةُ أهل العلم؛ بل جُمهُورهم على أنَّ القراءة على الوجه المأمُور بها أفضل وإنْ قَلَّتْ، والشَّافعي -رحمهُ الله- وبعضُ العُلماء يَرَوْن أنَّ استغلال مثل هذا الوقت بالقراءة السّرَيعة مع تكثير الحُرُوف أفضل؛ لأنَّ لهُ بكل حرف عشر حسنات، وصُورة الخِلاف إنَّما تَرِد فيمن أراد أنْ يجلِس ساعة بعد صلاة الصُّبح مثلاً أو بعد صلاة الظُّهُر أو بعد العصر، ويقول: هل أقرأ في هذهِ السَّاعة جُزْئِين أو خمسة أجزاء؟ جُزئين بالتَّدبُّر والتَّرتيل أو خمسة أجزاء بالسُّرعة؟! نقول الجُمهور على أنك تقرأ جُزئين أفضل، والشَّافعيَّة يرون أنَّ كُلَّما كثُرت الحُرُوف كان أفضل وأكثر الحسنات، وعلى كُلِّ حال القراءة على الوجه المأمُور بها أفضل ولو تَرَتَّب على ذلك إنَّهُ لا يقرأ القُرآن إلا أربع مرَّات، خمس مرَّات، ثلاث مرَّات، أو مع السُّرعة يقرأ عشر مرَّات، خمسة عشر مرَّة؛ لا شكَّ أنَّ التَّدبُّر والتَّرتيل أفضل.[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 10:22 AM

[size=4][font=arial narrow][color=red][u]الدرة الثامنة:
هديُهُ عليهِ الصَّلاة والسَّلام في قيام الليل
[/u][/color]
[/font][/size]
[font=arial narrow][size=4]القِيام شأنُهُ عظيم، والقِيام يُرادُ بِهِ الصَّلاة، من بعْدِ صلاة العِشاء إلى طُلُوع الفجر هذا قِيامُ الليل، وعِمَارة هذا الوقت بالصَّلاة والتِّلاوة والذِّكر، وأفْضَلُهُ كما جاء عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((وأفْضَلُ القِيام قِيَام دَاوُود وصلاة دَاوُود -عليه السَّلام- يَنامُ نِصْفَ الليل، ثُمَّ يَقُومُ ثُلث الليل ثُمَّ يَنامُ سُدْسَهُ))، يَنامُ نِصْفَ الليل، ويَحْسِب الليل من صلاة العِشاء من الوقت الذِّي يَتَسَنَّى فيهِ القِيام، وإذا تمَّ الحِسابُ على هذا الأساس من صلاة العِشاء ونام نِصف الليل يكُونُ قِيامُهُ في الثُّلث الأخير، بينما لو حَسَبْنا الليل من غُرُوب الشَّمس صار قِيَامُهُ بدأ من نِصف الليل قبل وقت النُّزُول الإلهي كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، فالمقصُود أنَّ هذا الوقت يُعمر بالصَّلاة والتِّلاوة والذِّكْر، فالنَّوم الذِّي ينامُهُ بعد صلاة العِشاء، وينوي بِهِ الاستعانة على القِيام هو في صلاة، هو في قِيام وفي عبادة يُكتب لهُ أجرُها، فإذا قام الثُّلث واستغل هذا الوقت بما يَكْتُبُهُ اللهُ لهُ على خِلافٍ بين أهل العلم في القَدْر المُحدَّد من الرَّكعات، فلقد جاء عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنَّها قالت ((ما كان رسُول الله صلى الله عليه وسلَّم يزيدُ في رمضان ولا في غيرِهِ على إحدى عشرةَ ركعة ، يُصلِّي أربعاً فلا تسأل عن حُسْنِهِنّ وطُولِهِنّ، ثُمَّ يُصلِّي أربعاً فلا تسأل عن حُسْنِهِنّ وطُولِهِنّ، ثُمَّ يُوتِر بثلاث)) هذهِ إحدى عشرة، وجاء أيضاً عن النبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- في الصَّحيحين ثلاث عشرة، وصحَّ عنهُ الخمس عشرة في حديث ابن عبَّاس، كُلُّ هذا يَدُلُّنا على أنَّ العدد غير مُرَاد، ويُؤيِّدُ هذا الإطْلاق في حديث: ((صلاةُ الليلِ مثْنَى مثْنَى)) فتُصلِّي في الليل ركعتين ركعتين كما قال ابن عبَّاس: ((صلَّى ركعتين، ثُمَّ ركعتين، ثُمَّ ركعتين، ثُمَّ ركعتين، ثُمَّ ركعتين، ثُمَّ ركعتين، ثُمَّ أَوْتَر)) خمس عشرة ركعة، المقصُود أنَّ العدد غير مُرَاد بدليل أنَّهُ ثبت عنهُ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- الزِّيادة على الإحدى عشرة، وما جاء في حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- على حدِّ عِلمِها، والمُثْبِتْ مُقدَّم على النَّافِي، فَعَلَى هذا القول المُرجَّح في القيام أنَّهُ لا حدَّ لهُ؛ بل يُصلِّي الأرْفَق بِهِ والأنْفَع لِقَلْبِهِ؛ فإذا كان الأرْفَق بِهِ كَثْرَة الرُّكُوع والسُّجُود وفي هذا يقُول النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- لمَنْ طلب مُرافقَتُهُ في الجنَّة، قال: ((أعِنِّي على نفسِكَ بكثرة السُّجُود)) والسُّجُود أَشْرَف أرْكان الصَّلاة ((وأَقْرَبُ ما يكُون العبدُ من ربِّهِ وهو ساجد)) والكَثْرَة مطلُوبة ، كما قال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((أعِنِّي على نفسِكَ بكثرة السُّجُود)) وإذا كان الأنْسَب لهُ تطويل القِيام، وكثرة قراءة القرآن ؛ لأنَّهُ يتلذَّذ بِهِ، فالقُرآنُ أفضلُ الأذكار، والخِلافُ بين أهلِ العلم في المُفاضلة بين طُول القِيام الذِّي هو القُنُوت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة/238]، وهو أشْرَفُ من غيرِهِ بِذِكْرِهِ لا بِذَاتِهِ، والسُّجُود أشْرَف بِذَاتِهِ، وعلى كُلِّ حال المسألة مُفْتَرَضَة في من يُريدُ أنْ يقُوم من الليل ساعة أو ساعتين أو ثلاث ويسأل يقول هل أُصلِّي في ثلاث السَّاعات إحْدَى عشرة ركعة أو أُصلِّي ثلاثين ركعة... أيُّهُما أفضل؟ نقول: إذا أردْتَ أنْ تَقْتَدِيَ بما ثَبَت عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- كمًّا وكيفاً فهذا هو الأكمل، ما تقول أنا أقتدِي بالنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- في حديث عائشة وأنَّهُ ما زاد ثُمَّ تنقُرُ إحدى عشرة ركعة في عشر دقائق وتقول: أصبت السُّنَّة! لا يا أخي، إذا أرَدْت أنْ تنظُر إلى هذا العدد فانظُر إلى أنَّهُ -عليه الصَّلاة والسَّلام- افتتح البقرة ثُمَّ النِّساء ثُمَّ آل عمران في ركعة، ورُكُوعُهُ قريبٌ من قِيامِهِ، رُكُوعُهُ وسُجُودُهُ قريب من السواء، فإذا استغلَّ الوقت، ولِذا جاء في سُورة المُزمِّل التَّحديد بالوقت بالزَّمن لا بالعَدد {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل/ 2]، ثُمَّ في آخر السُّورة {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} [المزمل/20]، المقصُود أنَّ التَّحديد بالزَّمن لهُ نَظَر؛ بل لهُ الحظُّ الأكبر من النَّظر؛ فالذِّي يُصلِّي ثلاث ساعات أفضل من الذِّي يُصلِّي ساعتين اتِّفَاقاً؛ فالمسألة مسألة وقت، فإذا عمر هذا الوقت بطاعة الله -جلَّ وعلا- وعندنا ما يُؤيِّدُ الإطلاق ((صلاةُ الليلِ مثْنَى مثْنَى)) فلتُصلِّ ما شِئْت على أنْ تَجْتَنِب السُّرعة والعجلة التِّي تذهبُ بِلُبِّ الصَّلاة، تأتي بصلاةٍ صحيحة تُفيدُكَ، وتُقرِّبُك من الله -جلَّ وعلا-، ويرى بعضُهُم أنَّ ما زاد على الإحدى عشرة بدعة؛ لكن كيف نقُولُ بدعة وقد ثَبَت عن النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- غير هذا العَدَد، وصحَّ عنهُ الإطلاق ((صلاةُ الليلِ مثْنَى مثْنَى)) في حديث عائشة: ((يُصلِّي أربعاً)) وإذا ضَممنا إليه صلاةُ الليلِ مثْنَى مثْنَى قُلنا يُصلِّي أربعاً بسلامين، وأهلُ العلم يُؤكِّدُون على أنَّ من قام إلى ثالثة في صلاة الليل فكأنَّما قام إلى ثالثة في فجر، لا بدَّ أنْ يَرجع، فيُصلِّي أربع... فلماذا قالت أربع ما قالت ركعتين ركعتين؛ لأنَّ الفواصل بين هذهِ الرَّكعات بين كُل أربع ركعات، ولِذا سُمِّيت الصَّلاة في رمضان تراويح؛ لأنَّهم يستريحُون بين كُل أربع ركعات، وهو ما يدل عليه حديث عائشة ((يُصلِّي أربعاً فلا تسأل عن حُسْنِهِنّ وطُولِهِنّ، ثُمَّ يُصلِّي أربعاً)) يدلُّ على أنَّ هُناك فاصل بين الأربع.[/size][/font]
[font=arial narrow][size=4]__________________
[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 10:23 AM

[size=4][font=arial narrow][u][color=#ff0000]الدرة التاسعة:
[/color][/u]أمرٌ مُهم يغفل عنهُ كثيرٌ من النَّاس
[/font][/size]

[font=arial narrow][size=4]((وإنَّك لن تُنْفِق نفقة تبتغي بها وجه الله إلاّ أُجِرْتَ بها حتَّى ما تجعلُ في فيِّ امرأتك)) وهذا من فَضْلِ الله -جلَّ وعلا- ورحمتِهِ للأُمَّة أنْ جَعَل النَّفقة الواجِبَة فيها أجر؛ بلْ جعل اللَّذة فيها أجر ((أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أيكون عليه وزر؟ قال: نعم، وكذلك الحلال فيه أجر)) لكن مثل هذا يحتاج إلى نِيَّة، ((وإنَّك لن تُنْفِق نفقة تبتغي بها وجه الله إلاّ أُجِرْتَ بها حتَّى ما تجعلُ في فيِّ امرأتك)) تشتري حليب لِطِفْلِك فيهِ أجر، تشتري أدْنَى شيء نفقة لأولادِك فيهِ أجر؛ لكنْ اسْتَحْضِر النِّيَّة وأنَّك تُؤدِّي بذلك واجب أوجَبَهُ اللهُ عليك، ولا أقل من أنْ يَسْتَحْضِر الإنسان النِّيَّة العامَّة، يعني إذا عَزَبَت النِّيَّة في كونِهِ يدخل بقالة يأخذ خُبز يحتاج إلى نِيَّة؛ لكنْ أقل الأحوال النِّيَّة العامَّة في ميزانِيَّة المَصْرُوف الشَّهريّ وأنت داخل المَحل الكبير تأخُذ أغراض لمُدَّة شهر تنوِي بذلك التَّقرُّب إلى الله -جلَّ وعلا- وأنَّك تُؤدِّي هذا الواجب أما بالنِّسبة لكل فردٍ فرد هذا ما فيه شك أنَّهُ فيه مشقَّة على النَّاس، بعض النَّاس يجعل يوم وليكُن اليوم الذِّي يستلم فيه المُرتَّب الشَّهريّ لِقضاء الحوائج مِيزانِيَّة الحوائِج لهذا الشَّهر، نقول خمسة آلاف مثلاً يدخل المحل الكبير ويختار بهذهِ النِّيَّة، وتجري لكَ الأُجُور إلى مثله من الأجر الثَّاني، ((وإنَّك لن تُنْفِق نفقة تبتغي بها وجه الله إلاّ أُجِرْتَ بها حتَّى ما تجعلُ في فيِّ امرأتك))، النِّيَّة العامَّة تنفع، ولذلك المُزارع إذا زَرَع ينوي بذلك الخير، وإنْ استحضر بذلك وقت الزِّراعة أنْ يُؤكل منهُ من النَّاس، من الدَّواب، من الطُّيُور، كُل هذا فيهِ أجر؛ لكنْ ما يلزم أنْ ينوِ يعني كُل ما أُكِل منهُ يُكتب لهُ أجر، النِّيَّة العَامَّة تكفيهِ؛ بل مثل هذا يقول بعض أهل العلم أنَّ مثل هذا لا يحتاج إلى نِيَّة، الأجر رُتِّب عليهِ وإنْ ما نوى، قُل مثل هذا في الفرس التِّي يربطُها للجهاد في سبيل الله ثُمَّ تشربُ من الماء يُكتب لهُ الأجر ولو لم يقصد شُربها كما جاء في الحديث الصَّحيح؛ ولو لم ينوِ شُربها من الماء؛ لأنَّهُ إنَّما رَبَطها في سبيل الله، وفضل الله واسع، فعلينا أنْ نُرِيَ الله -جلَّ وعلا- منَّا الإخلاص، وقصد التَّقرُّب إليهِ -جلَّ وعلا- ((حتَّى ما تجعلُ في فيِّ امرأتك)) هذا من حُسن العِشْرَة والتَّعامُل يعني تأخُذ اللُّقمة وتضعها في فِيها، بعض النَّاس يأنَفْ من هذا ويتكبَّر؛ لكنْ لا شكَّ أنَّ هذا من العِشْرَة بالمعرُوف، وبعض النَّاس إذا دخل بيتُهُ مثل الإمبراطُور ما يُريد أحد يَتنفَّس، والنَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- في خِدْمَةِ أهلهِ {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة : 228].
[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 10:24 AM

[size=4][font=arial narrow][color=red][u]الدرة العاشرة:
استحباب السحور[/u][/color]


قال رسُول الله -صلى الله عليه وسلَّم-: ((تَسَحَّرُوا فإنَّ في السحور بركة)) وهذا أمر بالسحُور، وأقَلُّ أحوالِهِ الاستحباب، والأصل في الأمر الوُجُوب؛ لكنْ ثَبَت أنَّ النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- واصل؛ فالأمر بالسَّحُور مُستحب، ومن أقوى ما يُصرف بِهِ من الوُجُوب إلى الاستحباب العِلَّة، العلَّة إيش؟ ((فإنَّ في السَّحُور بركة)) طلب البركة واجب ولا َّ مُستحب؟ مُستحب، إذاً الأمر بالسَّحُور مُستحب، وفيهِ مُخالفة لأهل الكتاب، اتِّباعاً للسُّنَّة، وامتِثالاً للأمر، ومُخالفة لأهل الكتاب، والتَّقَوِّي بِهِ، وقد جاء مَدْحُهُ ((نِعم السَّحُور)) ولا سِيَّما إذا كان من التَّمر، أيضاً وقت السَّحُور، وهو وقت الاستغفار، {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [آل عمران: 17] ينبغي أن يكون الإنسان مُستيقظ في هذا الوقت يدعو الله -جلَّ وعلا- ويستغفر، وأُمُور كثيرة مُترتِّبة على تناول هذا الطَّعام، وفيه أيضاً إعانة على مُزاولة هذه العِبادة والتَّقوِّي على العِبادات الأُخرى، ومُخالفة أهل الكتاب، وامتثال هذا الأمر ((تَسَحَّرُوا فإنَّ في السحور بركة)).[/font][/size]

أمةالله 08-16-2008 10:26 AM

[size=4][font=arial narrow][color=red][u]الدرة الحادية عشر:
الصيام يُنمِّي ملكة المُراقبة
[/u][/color]

وليس الصِّيامُ في الإسلام من أجلِ تعذيب النَّفس؛ بل لِتربيتها وتزكِيَتها، والصِّيامُ أيضاً يُنمِّي لدى الصَّائم مَلَكَة المُراقبة، فهو ينتهي عن مَلاذِّ الدُّنيا وشهواتِها، وما يمنعُهُ من ذلك سوى إطلاعُ الله تعالى عليه ومُراقبتُهُ لهُ، لا جَرَمَ أنَّهُ يحصُلُ لهُ من تَكرارِ هذه المُلاحظة المُصاحِبَةِ للعمل مَلَكَة المُراقبة لله تعالى والحياءُ منهُ سُبحانهُ أنْ يراهُ حيثُ نهاهُ، و إلاّ فما الذِّي يمنع الَّصائِم أنْ يدخُل في مكانٍ ويستخفي عن النَّاس ويأكُل ويشرب؟؛ لكن هذهِ المَلَكة هو يعرف أنَّ الله -جلَّ وعلا- مُطَّلع عليه، فمن تكرار هذه العبادة مع الالتزام بعدم المفطرات مع الخلوة لا شكَّ أنَّهُ تنمي عندهُ هذهِ المَلَكة، وفي هذهِ المُراقبة من كمال الإيمان بالله تعالى والاستغراق في تعظيمِهِ وتقدِيسِهِ أكبر مُعدٍّ للنُّفُوس ومُؤهِّلٍ لها لِضبطِ النَّفس ونزَاهَتِها في الدُّنيا وسعادتها في الآخرة، والمُراقبة كما قال ابن القيم في مدارج السالكين: "دوامِ علمُ العبدِ وتَيَقُّنِهِ بإطلاع الحقِّ سُبحانهُ وتعالى على ظاهِرِهِ وباطِنِهِ"، وهي ثمرةُ علم الإنسان بأنَّ الله -سُبحانهُ وتعالى- رقيبٌ عليهِ، نَاظِرٌ إليهِ، سامِعٌ لقولِهِ، وهو مُطَّلِعٌ على عَمَلِهِ في كُلَّ وقتٍ وكُلَّ لحظة، وكُلَّ نَفَس وكُلَّ طرفة عين والغافلُ عن هذا بمعزل، ومن أدِلَّتِهِ قولهُ تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [البقرة: 235]، وقال الله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً} [الأحزاب: 52]، وقال -جلَّ وعلا-: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، وقال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14]، وقال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19] إلى غير ذلك من الآيات، في حديث جبريل -الذِّي تقدَّم شرحُهُ- في سُؤالِهِ عن الدِّين سأل النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- عن الإحسان، فقال لهُ: ((أنْ تعبُد الله كأنَّكَ تراهُ؛ فإنْ لمْ تكُن تراهُ فإنَّهُ يراك))، والمٌراقبة كما قال ابن القيم -رحمهُ الله تعالى- هي: "التَّعبُّد بأسماءِ الله الحُسنى" الرَّقِيبْ، والحفيظ، والعليم، والسَّميع، والبصير، فمن عقَل هذهِ الأسماء وتعبَّد بمُقتضاها حصلتُ لهُ المُراقبة ، يعني التَّعبُّد لله -جلّ وعلا- بِمعاني هذهِ الأسماء هو معنى الإحصاء الذِّي ورد في حديث الأسماء: ((من أحصاها دخل الجنة)) وش معنى أحصاها؟ عَدَّها وكتبها في ورقة وردَّدها؟ هذا الإحصاء؟! لا بُدَّ من العمل بمُقتضاها؛ فإذا عَمِل بمُقتضى الرَّقيب والحفيظ السَّميع العليم البصير حَصَلت لهُ هذهِ المُراقبة.[/font][/size]

أمةالله 08-16-2008 10:27 AM

[font=arial narrow][size=4][color=red]ا[/color][/size][/font][size=4][font=arial narrow][color=red]لدرة الثانية عشر:
تفريط بعض الناس في رمضان[/color]


بعض النَّاس ينام في مكانٍ مُظلم، والمُكيِّف شغَّال ما يسمع شيء، فإذا انتبه استيْقظ بعد الأذان أكل، هذا إذا اسْتَيْقظ عليهِ أنْ يَتَثَبَّت ويسأل قبل أنْ يأكل، هل طَلع الفجر أو لم يطلع؟ يقول: يأكل باعتبار أنَّ الأصل بقاء اللَّيل! لا – يا أخي، أنت مُفرِّط، وعليكَ القضاء حِينئِذٍ، أمَّا إذا بَذَلْتَ الأسباب واسْتَيْقَظت ونظرت في الأُفُق وسألت من حولك، بَذَلْتَ الأسْبَاب؛ ثُمَّ تَبيَّنَ لك أنَّكَ أكلْتَ بالنَّهار، فالأصل بقاء اللِّيل، كثير من النَّاس يُفرِّط يستيقظ بعد الأذان بنصف ساعة مثلاً أو بربع ساعة أو والنَّاس يُصلُّون، يسمع الإقامة ثُمَّ يأكل! نقول: أنت يا أخي مُفرِّط، يقول: الأصل بقاء اللَّيل، لا – يا أخي، لو تُرِك مثل هذا لنقول بإمكانك أن تنام في قبو في مطمُورة كما يقول أهل العلم بحيث لا ترى الضِّياء إلى الإفطار، تقول الأصل بقاء النَّهار؟ ليس بصحيح هذا؛ ثُمَّ بعد ذلك عليهِ أنْ يستمر مُمْسِكاً عن الطَّعامِ والشَّراب والجماع والشهوة، عليهِ أنْ يُمْسِك عن المُفطِّرات حتَّى يَتَيَقَّن غُرُوب الشَّمس، ولو أكَلَ ظَانًّا أنَّ الشَّمس قد غَرَبت، أو ينظُر في الأُفُق ما يرى الشَّمس لوُجُود غيم أو ما أشبه ذلك أو كُسُوف مُطْبِق بحيث لا تُرى الشَّمس ثُمَّ طلعت عليهِ الشَّمس؛ فإنَّ مثل هذا عليهِ أنْ يَقْضِي لحديث أسماء بنت أبي بكر في الصَّحيح أنَّهم أفْطرُوا ثُمَّ طلعت الشَّمس وحينئذٍ أُمِرُوا بالقضاء، وهل بُدٌّ من القضاء؛ لأنَّ الأصل بقاء النُّهار في مثل هذهِ الصُّورة، والتَّسامُح في مثل هذا، بعض النَّاس ساعتهُ يكون فيها زيادة في الدَّقائق مثلاً عشر دقائق أو خمس دقائق ثُمَّ يُفطر باعتبار أنَّ هذهِ السَّاعة مُطابِقة للتَّقويم؛ لأنْ بعض النَّاس عندهُ حِرْص وهذا في الغالب على الدَّوام الوظيفة، تَجِد السَّاعة يُقدِّمها ربع ساعة بحيث إذا رآها عَجِلَ إلى دوامِهِ ظَنَّ أنَّهُ مُتأخِّر، ثُمَّ يَسْتَصْحِب هذا في الإفطار، نقول: لو تحرص يا أخي على دينك مثل حِرْصِك على دُنياك حصلت على خيرٍ عظيم مع أنَّهُ هو الأصل؛ لأنَّك إنَّما خُلِقْتَ لِتحقيق العُبُوديَّة لله -جلَّ وعلا-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وأمَّا بالنِّسبة لأُمُور الدُّنيا يعني آخر ما يُفَكَّر بِهِ {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]. والعكس الآنْ صار عند كثير من المُسلمين الأصل عندهُ هذهِ الدُّنيا وحُطامُها ثُمَّ بعد ذلك يحتاج إلى أنْ يُقال لهُ ولا تنسَ نصيبكَ من الآخرة، واللهُ المُستعان[/font][/size]

أمةالله 08-16-2008 11:32 AM

[size=4][font=arial narrow][color=red][u]الدرة الثالثة عشر:
آثار الصوم الشرعية التي تترتب عليه[/u][/color]


التذكير بعدل الله -سُبحانهُ وتعالى-، ومُساواتِهِ بين خلقهِ، حيثُ جعل هذا الركن فرضاً على جميع المُسلمين غنِيِّهم وفقيرهم مُلُوكِهِم وسوقتِهم، وبذلك يتذكَّر المُلُوك العدل الذِّي فُرض عليهم إقامتُهُ بين رعاياهم، ومن ذلك أنَّهُ وجاءٌ للصَّائم ووسيلةٌ لطهارتِهِ وعفافِهِ، وما ذاك إلا لأنَّ الشَّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدَّم، والصَّوم يُضيِّقُ تلك المجاري، ويُذكِّرُ بالله وعظمتِهِ فيضعفُ سُلطان الشَّهوة، ويقوى سُلطان الإيمان، ولذلك وجَّه النبي -عليه الصَّلاة والسّلام- من لا يجدُ القُدرة على النكاح إلى الصِّيام، فقال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصَّوم فإنَّهُ لهُ وجاء)) لكن تجد كثير من الشباب تكثر شكواهم من شدة الشهوة أثناء الصِّيام، تقوى عند بعضهم الشهوة... لماذا؟ هل لأنَّ هُناك خُلف في الخبر؟ - لا – إنَّما المُراد بالصَّوم، الصَّوم الذِّي تترتَّب عليه آثارُهُ الشَّرعيَّة، أمَّا شخص في سحورِهِ يتناول جميع أنواع الأطعمة التي تُؤجِّج هذه الشهوة، وتزيد من هذه الغريزة، وتُعينُ عليها، ثُم بعد ذلك لا يُزاول أي عمل، يقضي على ما أَكلهُ تَجِدُهُ مرتاح، نائم أكثر الوقت، وقد تكدَّست عندهُ هذه الأغذية المُؤجِّجة للشهوة والمُنمِّية لها، أو يتعرِّض كذلك لمواضع الفِتن.
المقدم: والآن يكثر -مع كل أسف- في رمضان ظهور بعض النِّساء في الأسواق وكثرتها!، وما يُعرض في القنوات الفضائيَّة في رمضان مع كلِّ أسف.
هذا لا إشكال فيه من الأصل يعني مثل هذا – نسأل الله السَّلامة والعافية – معرِّضٌ صومهُ للبُطلان؛ لأنَّ مُزاولة المُنكر أثناء الصِّيام ((من لم يدع قول الزُّور والعمل به فليس لله حاجة في أنْ يدع طعامه وشرابه)) لكن المسألة مُفترضة في شاب من أوساط النَّاس، تسحَّر السّحور من أنواع الأغذية التي في بعضها ما يزيد في الباءة مثلا، ويُؤجِّج الشهوة ثُم ينام إلى صلاة الظُّهر الآن ما تهضّم شيء من طعامِهِ فما يبقى وقت لئن يحترق هذا الطَّعام الذِّي أكلهُ ويهضم، المقصُود أنَّ مثل هذه الطَّريقة لا تترتَّب آثار الصِّيام عليها، الصِّيام صحيح ومُجزئ ومُسْقِط للطَّلب؛ لكنْ يبقى أنَّهُ لا بُد من مُلاحظة ما لحَظَهُ الشَّرع من الأُمُور التِّي رُتِّبت على هذه العِبادة؛ فعلى الإنسان أنْ يحرص على أن يكُون صومُهُ شرعيًّا تترتَّب آثارُهُ عليهِ؛ لأنَّ في الحديث الذِّي يرد ذكرُهُ – إنْ شاء الله تعالى – فيما بعد والتَّعليق عليهِ، حديث: ((...ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما ما اجتُنِبت الكبائر)) يعني المقصُود العِبادات المُكفرَّة التِّي تترتَّبُ آثارُها هي التِّي تُؤدِّى على الوجه المشرُوع، وفي كلام شيخ الإسلام ما يُلْمِح إلى هذا؛ فالصَّلاة التِّي لا ينصرف صاحِبُها منها بشيء، أو لا ينصرف منها إلاَّ بالعُشْر، هي عند الفُقهاء صحيحة ومُجزِيَة ومُسْقِطة للطَّلب... لكن هل تترتَّبُ عليها آثارُها؟! هل تنهى صاحِبُها عن الفحشاء والمُنكر؟ يعني نجد كثير من المُصلِّين يُزاول بعض المُنكرات، في الوحي المُنزَّل الذِّي لا يتطرَّق إليه أدْنى احتمال النَّقيض {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت : 45]، يعني قد يقول قائل: الصَّلاة تنهى عن الفحشاء والمُنكر بكلام الله -جلَّ وعلا-؛ لكنْ بعض النَّاس ما نهتْهُ صلاتُهُ عن الفحشاء والمُنكر، نقول: الصَّلاة التِّي تنهى عن الفحشاء والمُنكر هي التِّي تُؤدِّى على الوجه المطلُوب بِشَرائِطها وأركانِها وسُننِها، ويُؤتى بها امتِثالاً لقولِهِ –عليه الصَّلاة والسَّلام–: ((صلُّوا كما رأيتُمُوني أُصلِّي)) لكن الذِّي يُصلِّي وقلبُهُ خارج المسجد؟ قلبُهُ في أعمالِهِ في دُنياهُ، مثل هذا لا تترتَّب عليهِ آثارُها، وقُل مثل هذا في سائر العِبادات رمضان إلى رمضان، العُمرة إلى العُمرة، تجد مثلاً من يَعْصِي أثناء العِبادة، مثل هذا لا تترتَّب آثارُهُ عليها، ولذا الصَّوم الحقيقي المُورِث للتَّقوى هو الذِّي يُؤدَّى على ما أمر الله – جلَّ وعلا – وما أُثِرَ عن نَبيِّهِ – عليهِ الصَّلاة والسَّلام – على الوجه الشَّرعي والمرضي.[/font][/size]

أمةالله 08-16-2008 11:34 AM

[u][font=arial narrow][size=4][color=#ff0000]الدرة الرابعة عشر:
تفريط بعض الناس في رمضان

[/color][/size][/font][/u]
[font=arial narrow][size=4]بعض النَّاس ينام في مكانٍ مُظلم، والمُكيِّف شغَّال ما يسمع شيء، فإذا انتبه استيْقظ بعد الأذان أكل، هذا إذا اسْتَيْقظ عليهِ أنْ يَتَثَبَّت ويسأل قبل أنْ يأكل، هل طَلع الفجر أو لم يطلع؟ يقول: يأكل باعتبار أنَّ الأصل بقاء اللَّيل! لا – يا أخي، أنت مُفرِّط، وعليكَ القضاء حِينئِذٍ، أمَّا إذا بَذَلْتَ الأسباب واسْتَيْقَظت ونظرت في الأُفُق وسألت من حولك، بَذَلْتَ الأسْبَاب؛ ثُمَّ تَبيَّنَ لك أنَّكَ أكلْتَ بالنَّهار، فالأصل بقاء اللِّيل، كثير من النَّاس يُفرِّط يستيقظ بعد الأذان بنصف ساعة مثلاً أو بربع ساعة أو والنَّاس يُصلُّون، يسمع الإقامة ثُمَّ يأكل! نقول: أنت يا أخي مُفرِّط، يقول: الأصل بقاء اللَّيل، لا – يا أخي، لو تُرِك مثل هذا لنقول بإمكانك أن تنام في قبو في مطمُورة كما يقول أهل العلم بحيث لا ترى الضِّياء إلى الإفطار، تقول الأصل بقاء النَّهار؟ ليس بصحيح هذا؛ ثُمَّ بعد ذلك عليهِ أنْ يستمر مُمْسِكاً عن الطَّعامِ والشَّراب والجماع والشهوة، عليهِ أنْ يُمْسِك عن المُفطِّرات حتَّى يَتَيَقَّن غُرُوب الشَّمس، ولو أكَلَ ظَانًّا أنَّ الشَّمس قد غَرَبت، أو ينظُر في الأُفُق ما يرى الشَّمس لوُجُود غيم أو ما أشبه ذلك أو كُسُوف مُطْبِق بحيث لا تُرى الشَّمس ثُمَّ طلعت عليهِ الشَّمس؛ فإنَّ مثل هذا عليهِ أنْ يَقْضِي لحديث أسماء بنت أبي بكر في الصَّحيح أنَّهم أفْطرُوا ثُمَّ طلعت الشَّمس وحينئذٍ أُمِرُوا بالقضاء، وهل بُدٌّ من القضاء؛ لأنَّ الأصل بقاء النُّهار في مثل هذهِ الصُّورة، والتَّسامُح في مثل هذا، بعض النَّاس ساعتهُ يكون فيها زيادة في الدَّقائق مثلاً عشر دقائق أو خمس دقائق ثُمَّ يُفطر باعتبار أنَّ هذهِ السَّاعة مُطابِقة للتَّقويم؛ لأنْ بعض النَّاس عندهُ حِرْص وهذا في الغالب على الدَّوام الوظيفة، تَجِد السَّاعة يُقدِّمها ربع ساعة بحيث إذا رآها عَجِلَ إلى دوامِهِ ظَنَّ أنَّهُ مُتأخِّر، ثُمَّ يَسْتَصْحِب هذا في الإفطار، نقول: لو تحرص يا أخي على دينك مثل حِرْصِك على دُنياك حصلت على خيرٍ عظيم مع أنَّهُ هو الأصل؛ لأنَّك إنَّما خُلِقْتَ لِتحقيق العُبُوديَّة لله -جلَّ وعلا-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وأمَّا بالنِّسبة لأُمُور الدُّنيا يعني آخر ما يُفَكَّر بِهِ {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]. والعكس الآنْ صار عند كثير من المُسلمين الأصل عندهُ هذهِ الدُّنيا وحُطامُها ثُمَّ بعد ذلك يحتاج إلى أنْ يُقال لهُ ولا تنسَ نصيبكَ من الآخرة، واللهُ المُستعان[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 11:37 AM

[font=arial narrow][size=4][color=red][u]الدرة الخامسة عشر:
من أعظم فوائد الصيام[/u][/color]


والتَّقوى من أعظم فوائد الصِّيام ، كما في قولِهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّتقُون} [البقرة:183] هذه العِلَّة والحِكمة من مشرُوعيَّة الصِّيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّتقُون} [البقرة:183] فهو جُنَّة يقِي العبد مما يكره في الدُّنيا والآخرة.[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 11:39 AM

[u][color=#ff0000]الدرة السادسة عشر:

[font=arial narrow][size=4]أيهما أفضل في صلاة التراويح.. القراءة من المُصحف أم عن ظهر قلب؟


[/size][/font][/color][/u][font=arial narrow][size=4]أيهما أفضل للإمام في صلاة التراويح... أن يقرأ من المُصحف أم عن ظهر قلب؟ إذا كان حِفْظُهُ ضعيفاً؟
على كُلِّ حال الأصل أنْ يقرأ من حِفْظِهِ؛ لأنَّ الحنفِيَّة يُخالفُون في حكم القراءة من المُصحف، وعائشة – رضي الله تعالى عنها – اتخذت إماماً يقرأ من المُصحف، والجُمهُور يقيسُون القراءة على المُصحف بحمل النَّبي –عليه الصَّلاة والسَّلام– أُمامة بنت زينب وهو في الصَّلاة، فإذا قام حملها، وإذا رَكَع وضعها، إذا سَجد وضعها، المقصُود إنَّ القراءة من المُصحف لا شيءَ فيها؛ لكنْ الأكمل للإمام أنْ يقرأ من حِفْظِهِ، إذا كان حِفْظُهُ ضعيفاً وكثير الأخطاء يقرأ من المُصحف[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 11:41 AM

[u][font=arial narrow][size=4]ا[/size][/font][size=4][font=arial narrow][color=red]لدرة السابعة عشر:
تعمد الفطر في رمضان[/color]
[/font][/size][/u]

[font=arial narrow][size=4]أما من تعمَّد الفِطر في رمضان؛ فإنَّهُ جاء فيهِ الحديث: ((لمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهر وإنْ صَامَهُ)) لكنَّ هذا لا شكَّ أنَّهُ زَجر، وتشديد في هذا الباب؛ لِئلاَّ يتساهل النَّاس في الفِطْر؛ وإلاّ فالقَضَاء عند الجُمهُور لازم؛ بل من باب أولى، وقُل مثل هذا في الصَّلاة إذا تعمَّد تأخيرها عن وقتها فقد نقل ابن حزمٍ الاتفاق على أنَّهُ لا يقضيها؛ لأنَّ المسألة أعظم منْ أنْ تُقضَ؛ بل بتعمُّدهِ إخراجها عن وقتها يكْفُرُ بذلك عند جمع من أهل العِلم وقد أُفْتِيَ بِهِ، وهو قول ابن حزم وجمع من أهل العِلم؛ ولكنْ الجُمهُور على خِلافِهِ؛ بل نُقِلَ الاتفاق على أنَّهُ يلزمُهُ القضاء إذا تعمَّد تأخير الصَّلاة عن وقتها؛ فإذا كان من نام عنها أو نَسِيَها فلْيُصلِّها إذا ذكرها وهو معذُور؛ فإنَّ غير المعذُور من باب أولى وهذا قولُ الأكثر، الحامل والمُرضع إذا خافتا على نفسيْهِما قَضَتَا فقط، وإذا خافتا على وَلَدَيْهما فعليهِما مع القضاء كَفَّارة.[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 11:43 AM

[size=4][font=arial narrow][u][color=#ff0000]الدرة الثامنة عشر:[/color][/u][/font][/size]
[u][size=4][font=arial narrow][color=#ff0000]دواء وعلاج لأمراض القلوب والأبدان[/color][/font][/size][/u]


[size=4][font=arial narrow]((وقد تركتُ فيكم ما لم تَضلُّوا بعدهُ إنْ اعْتَصَمْتُم به كتاب الله)) ترك النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- كتاب الله، وهو مصُون، محفُوظ من التَّحريف والتَّغيير والزِّيادة والنُّقصان {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحِجر:9]، فهو كما تركهُ إلى أنْ يُرفع في آخر الزَّمان، والاعتصامُ بِهِ هو المخرج من الفِتَن، وهو حلٌّ للمُشكلات والمُعْضِلات، وهو دواءٌ وعِلاج لأمراض القلوب والأبدان، فمن تمسَّك بكتاب الله واعتصم بِهِ لنْ يضِل في الدُّنيا ولا في الآخرة، ولا يشقى في الآخرة، والكلام عن القُرآن والعِناية بِهِ أمرٌ جاءت بِهِ النُّصُوص، فجاء الحثُّ على قراءة القرآن، وعلى فَهم القُرآن، وعلى إقراءِ القرآن، وعلى تدبُّر القرآن.[/font][/size]
[size=4][font=arial narrow]قراءة القرآن بالنِّسبة للمُسلم أمرٌ مطلُوب جاء التَّرغيبُ فيه بكلِّ حرف عشر حسنات، وعلى طالب العلم على وجه الخُصُوص من يُعْنَى بالعلم الشَّرعي آكد، ومن المُؤسف أنَّ بعض من ينتسب إلى العلم مُهمل للقُرآن، يهُمُّهُ ما يشتملُ بزعمِهِ على الأحكام العمليَّة، تَجِدُهُ من حلقة إلى حلقة يتَتَبَّع دُرُوس الحديث والفِقه، وهو هاجرٌ لكتاب الله! والعِلم والنُّور كُلُّهُ في كتاب الله، وزيادةُ الإيمان واليقين إنَّما تنشأُ عن تدبُّرُ القرآن.[/font][/size]

[font=arial narrow][size=4]فتدبَّر القرآن إنْ رُمتَ الهُدى *** والعلم تحت تدبُّرِ القرآنِ

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]، والأمر بالتَّدبُّر في أربع آيات، وجاءَ الأمرُ بالتَّرتيل، وعلى كُلِّ حال وضعُ طُلاَّب العلم بالنِّسبة للقُرآن غير مَرضي، كثيرٌ منهم لا أقول كُلُّهم، يُوجد – ولله الحمد – من لهُ وِرْد يومي من القرآن لا يُخلُّ بِهِ سفراً ولا حضراً هذا موجُود؛ لكنْ علينا أنْ نُعنى بالقرآن، شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله تعالى– يقول: "من قرأ القرآن على الوجه المأمُور بِهِ -يعني بالتَّرتيل والتَّدبُّر والتَّفهُّم والتَّغنِّي وتحسين الصَّوت-، يُورثُ القلب من الإيمان واليقين والطَّمأنينة ما لا يُدْرِكُهُ إلاّ من فَعلهُ"، هذا شيء ذَكَرهُ شيخ الإسلام وأكَّد عليهِ هو وابنُ القيِّم وكُتُبهم مملُوءة من هذا، وغيرُهُم مِمَّن يُعنى بِأدْوِيَة القُلُوب، ولِذا تجِد من يَتَتَبَّع الأحكام في الظَّاهر ويَغْفُل عن هذا الجانب المُهم، والعِلاج النَّاجع لأدْوِيَة القُلُوب تَجِدُهُ في غَفْلة، كثيرٌ من النَّاس يشكُو قَسْوة القلب، عامَّةُ النَّاس يَشْكُو الغفلة وعدم الخُشُوع في الصَّلاة، سَببُ هذا ومرَدُّهُ هجرُ القرآن، هجراً حقيقيًّا أو حُكْمِيًّا؟ على كُلِّ حال القُرآن والعِنايةُ بِهِ أمرٌ مُستفيضٌ في النُّصُوص الشَّرعيَّة، وأهلُ العلم أفَاضُوا في هذا وبيَّنُوا ولم يبقَ إلاَّ العمل.[/size][/font]

أمةالله 08-16-2008 11:46 AM

[size=4][font=arial narrow][u][color=#ff0000]الدرة التاسعة عشر:
التَّساهُل بأمر الصِّيام


[/color][/u]تَجِد الوَلَد يَبْلُغ مَبْلَغ الرِّجال؛ بل في بعض الفَتَاوى لِأَهْلِ العِلْم، امرأة تقول: بَلَغْتْ السَّادِسَة والعِشْرِين، وأُمِّي تقول...أَنْتِ صغيرة! لا تَحْتَمِلِين الصَّوم! يعني كُلِّفَت ضِعْف السِّن الذِّي يُكَلَّف بِهِ فِي العَادَة الثَّالثة عشرة، فإذا تَسَاهَل النَّاس بِالأَرْكَان... فَمَا الذِّي يُحَافِظُونَ عَلَيْه؟!، في الحديث الصَّحيح أنَّ النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- بَعَثَ يَوْم عَاشُورَاء أنَّ مَنْ أَكَل فَلْيَصُم بَقِيَّة يَوْمِهِ، ومَنْ صَامَ فَلْيُمْسِك، وكُنَّا نُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، ونُلْهِيهم باللعَب من العِهِنْ، يعني مِن الصُّوفْ، إِذَا بَكَى الوَاحِد مِنْهُم أُعْطِيَ هَذِهِ اللُّعْبَة، صِبْيَانْ!، المَقْصُود أَنَّنَا نَرَى التَّسَاهُل فِي صُفُوف المُسْلِمين يَزْدَاد، مَعَ أنَّ العِلْم يَنْتَشِر ويَكْثر، وَوَسَائِل التَّبْلِيغ بِحَيث يَصِل هَذَا العِلْم إِلى كُلِّ شِبر من أَقْطَار المَعْمُورَة، ومَعَ ذَلك يَتَسَاهَلُونْ! الجَهِل غير مَوْجُود إلاَّ فِي بَعْضِ الجِهَات التِّي لا عِنَايَة لَهُم بِالعِلم أَصْلاً، أَو مِمَّن لَمْ يَرْفَع بِه رَأْساً، وإلاَّ الحمدُ لله الآنْ وُجِد من فِي السَّبْعِينات من الأُميِّين الذِّين لا يَقْرَؤُون ولا يَكْتُبُون ومع ذلك حَفِظُوا القُرآن بَعْد السَّبْعِين، وَوُجِدَ مَنْ يَحْفَظ الأَحْكَام بِأَدِلَّتِها مِن خِلال إِذَاعَة القُرآن، مِنْ بَرْنَامَج نُورٌ على الدَّرب، البَرْنَامَج المُبَارك الذِّي انْتَفَعَ بِهِ القَاصِي والدَّانِي، ومَعَ ذلك نَجِد التَّسَاهُل!، نعم قد يقُول قَائِل: إنَّ سَبَب هذا التَّسَاهُل انْتِشَار الأَقْوَال واطِّلاع النَّاس عَلَيْها؛ لَكِن العِبْرَة بِمَا يَسْنُدُهُ الدَّلِيل، الذِّي يَدُلُّ عَلَيْهِ الدَّلِيل هُو القَوْلُ الصَّحِيح، ومَا عَدَاهُ لا عِبْرَةَ بِهِ، ولا قَوْلَ لِأَحَدٍ مَع قولُ اللهِ -جَلَّ وعَلا-، وقَوْلُ نَبِيِّهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام[/font][/size]

أمةالله 08-16-2008 11:47 AM

[size=4][font=arial narrow][u][color=#ff0000]الدرة العشرون:
تأخير السُّحُور


[/color][/u]السَّحُور مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ، كما أنَّ الطَّهُور ما يُتَطَهَّرُ بِهِ، والوَضُوء المَاء الذِّي يُتَوَضَّأُ بِهِ، والسُّحُور هُو الفِعِل التَّسَحُّرْ، (تَسَحَّرْنَا مع رسُول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- ثُمَّ قام إلى الصَّلاة) فيهِ مَشْرُوعِيَّة الاجْتِمَاع على مِثْلِ هَذِهِ الأُمُور مِنْ سُحُور وفُطُور وغيرها، ومن أَفْضَل الأَعْمَال كَوْن الإِنْسَان يُؤْكَل على مَائِدَتِهِ، ويُحْسِنْ على النَّاس، ويَتَصَدَّق عليهم، وفِي الاجْتِمَاع بَرَكَة، وأُلْفَة ومَوَدَّة، (تَسَحَّرْنَا مع رسُول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- ثُمَّ قام إلى الصَّلاة، قالَ أَنَس: قلتُ لِزَيد... كم كان بين الأَذَان والسُّحُور؟ قال: قدْر خَمْسِينْ آية) هذا يَدُلُّ على أَنَّهُ يُؤَخِّرُ السُّحُور، وما عِنْدَهُم سَاعَات فَلَكِيَّة دَقِيقَة، يُقَال: بين السُّحُور والأَذان رُبع ساعة، بين السُّحُور والصَّلاة رُبع ساعة - لا-، يُقَدِّرُونْ بِالأَعْمَال والأَعْمَالْ مُنْضَبِطَة؛ ولِذَا يَذْكُر الفُقَهَاء فِي دُخُول أَوْقَات الصَّلَوات بعض الأَعْمَال، يقُولُون مَنْ اعْتَادَ أنَّهُ يَصْنَع من طُلُوع الشَّمْس إلى زَوَالِهَا ماصة مثل هذه واضْطَرَدَ عِنْدَهُ هذا خَلاص مَا يَحْتَاج إِلى أنْ يَنْظُر إِلَى الزَّوَال مُجَرَّد ما تَنْتَهِي المَاصَة يُؤَذِّنْ، صاحِبُ القِرَاءَة بِقِرَاءَتِهِ، مَنْ اعْتَادَ أنْ يَقْرَأ فِي السَّاعة خَمْسَة أَجْزَاء يُقَدِّرْ عَلَى هَذَا الأَسَاسْ، يكون بين صلاتَي المَغْرب فِي الغَالِب وأذانْ العِشَاء سَاعة إذا انْتَهى من الخَمْسَة الأَجْزَاء يُؤَذِّنْ للعِشَاء، وهنا قَدَّرَ الوَقْتْ بِعَمَلِ البَدَنْ، والعَرَبْ تُقَدِّر بِذَلِك قَدْرْ حَلْبْ نَاقَة، والله جَلَسَ فُلانْ قَدْرْ حَلْبْ نَاقَة، قَدْرْ نَحِر جَزُورْ، وجَاءَت بِهَا النُّصُوص، وهُنا قَدْر خَمْسِين آيَة، فَمَنْ كان عِنْدَهُ عَمَل مُضْطَرِد مُنْضَبِطْ، يَعْتَمِد عليهِ، وقِرَاءةُ القُرآن مُنْضَبِطَة عِنْدَ من اعْتَادَها، خلاص تَعَوَّد أنَّهُ يَقْرَأ الجُزْء في نِصْفْ سَاعة، ثُلث سَاعة، رُبع سَاعة، اثَنا عَشَر دَقِيقة، تَعَوَّد خَلاص، يَنْضَبِطْ، وهَذَا شَيْءٌ مُجَرَّبْ، وهَذِهِ طَرِيقَة العَرَب في حِسَاب الأَوْقَات، تَقْدِير الأَوْقَات، قَدْر خَمْسِينْ آية، قد يقُول قائل: خَمْسِينْ آيَة مِنْ المَائِدَة أو مِنْ الشُّعَرَاء؟ أيهما أَطْوَل... آية المَائِدَة أو آية الشُّعَرَاء؟ المَائِدَة أَطْوَل آيَاتْ من الشُّعَرَاء، لا أَقْصِد طُولْ السُّورَة مع طُولْ السُّورَة!؛ لكنْ انْظُر أَنْت أنَّ الشُّعَرَاء نِصْفْ المَائِدَة وآيَاتُهَا الضِّعْفْ، يعني الآيَة مِن الشُّعَرَاء بِقَدْر رُبع آيَة من المَائِدَة ... فهل المُرَاد هذا أو هذا؟ ما بُيِّنْ؛ لكنْ إذا أُطْلِقْ مِثل هذا يَنْصَرِفْ إلى المُتَوَسِّطْ، لا آيَة المَائِدَة ولا آيَة الشُّعَرَاء من آيَات البَقَرَة مَثَلاً، فَالحَدِيثْ فِيهِ دَلِيل على تَأْخِير السُّحُور، ((لا تَزَالُ الأُمَّةُ بِخَيْر مَا قَدَّمُوا الفِطْر وأَخَّرُوا السُّحُور)).[/font][/size]

أمةالله 08-16-2008 11:56 AM

[size=4][font=arial narrow][u][color=#ff0000]الدرة الحادية والعشرون:
للصائم فرحتان


[/color][/u]((للصَّائم فرحتان)) وكُل صَائم يُدرك هذا من نفسِهِ، ((للصَّائم فرحتان: فرحة عند فِطْرِهِ)) ولولا هذا النَّص، فرحة عند فِطْرِهِ يعني في الإنسان جِبِلَّة خِلْقَة إذا قُدِّم الفُطُور ينتظر أذان المغرب، ويبدأ، يفرح هذا موجُود عند النَّاس كُلِّهم، ولولا مثل هذا النَّص لقُلنا إنَّ هذا الفرح فرح بالفراغ من العِبادة وهذا ليس بطيِّب بالشُّعُور بهذا؛ لكنَّهُ ما دام ثبتَ في الشَّرع أنَّ الصَّائم لهُ أنْ يفرح، فليُوجِّه هذا الفرح بأنَّهُ فرحٌ باستكمال هذهِ العِبادة، الحمدُ لله أنَّهُ أكمل هذا اليوم من غير أنْ يَعْرِضَ لهُ شيءٌ يضطرُّهُ إلى الفِطر، ومُباشرة ما امتنَّ الله بِهِ -جلَّ وعلا- عليهِ وأبَاحهُ لهُ ((للصائم فرحتان: فرحةٌ عند فِطْرِهِ)) إذا افترضنا أنَّ هُناك اثنين كِلاهُما صائم، واحد ينتظر كل شوي ينتظر متى يؤذِّن، والثَّاني غافِل عن هذا الأمر يذكر الله ويتلو القرآن والحمدُ لله هُو في عِبادة... هل نقُول إنَّ الذِّي يفرح بقُرب الفُطُور أفضل من هذا الذِّي ينشغل من هذا الأمر بعبادةٍ أُخرى؟! أو على الأقل ما يخطر على بالِهِ إنَّهُ يعني يستوي عنده يُؤذِّن أو ما يُؤذِّن، يستوي عندهُ الأذان وعدمُهُ كُلُّه واحد، لو استمر النَّهار ساعتين ثلاث ما يضُر، في الحديث يقول: ((للصائم فرحتان)) لهُ ذلك؛ لكن هل معنى ذلك أنَّهُ يُؤجر على هذه الفرحة أو لا يُؤجر؟! بحسب ما يَقر في قلبِهِ من هذا الفرح إنْ كان متضايق من الصِّيام لا شكَّ أنَّ هذا لا يُؤجر عليهِ البَتَّه، هذا خلل؛ لأنَّ هذهِ عِبَادة، نعم قد يحتاج إلى الأكل في شِدَّة أيَّام الحر ومثل هذا لا يُؤاخَذ، أمَّا من لم يخطُر الفُطُور والفِطْر على بالِهِ هذا لا شكَّ أنَّهُ مُنْسَجِم مع هذهِ العِبَادة، وإنْ شَغَل وقتُهُ فيما يُرضي الله -جلَّ وعلا- لا شكَّ أنَّهُ أكمل، وأمَّا الفرحةُ هذهِ فرحةٌ جِبِلِّيَّة، الفرحة الثَّانية، ((عند لقاء ربِّه)) إذا رأَى ما وَعَد الله بِهِ عِبَادَهُ الصَّائِمِينْ، وفي الجَنَّة باب يُقال لهُ الرَّيَّان لا يَدْخُل معهُ إلا الصَّائِمُونْ لا شكَّ أنَّ مثل هذا يَبْعَثْ على الفَرَح ويَحُثُّ على العَمَل.[/font][/size]

أمةالله 08-16-2008 11:57 AM

[color=red][u]الدرة الثانية والعشرون:
[font=arial narrow][size=4]دُعاء ختْمِ القُرآن
[/size][/font][/u][/color]

[font=arial narrow][size=4]يقول: هل وَرَدَ حديثٌ صحيح أو أثَر ونحوِهِ يدُلُّ على مشرُوعيَّة دُعاء خَتْم القُرآن؟
أما خَارِج الصَّلاة فَعِنْدَ خَتْم القُرآن دَعْوَةٌ مُسْتَجَابة، وهذا ثابت عن ابن عبَّاس وغيرِهِ، وكان أنَسْ يَجْمَعُ أَهْلَهُ عند خَتْم القُرآن ويدْعُو فيُؤَمِّنُون هذا خارج الصَّلاة ما فيهِ إشكال؛ لكنْ داخِل الصَّلاة يحتاجُ إلى نَص، ولا أعْرِفُ نَصًّا يَخُصُّهُ، وعُمْدَةُ الإمام أحمد في مَشْرُوعيَّتِهِ في صلاة التَّراويح قال: كان أهلُ مكَّة يَفْعَلُونهُ، وعلى كُلِّ حال لو جُعِلَ خَتْمُ القُرآن في الوِتِر، وصَارَ دُعاء القُنُوت مع دُعاء الخَتِم هو مَظِنَّة ومكانٍ للدُّعاء، الوِتِر مكان للدُّعاء فيجتمع في هذا ما أرادَهُ الإمام أحمد مع تشريعِهِ بكونِهِ في القُنُوت.[/size][/font]

أم عبد الله 07-27-2011 04:19 PM

جزاكِ الله خيرا.

عبد الملك بن عطية 07-27-2011 04:49 PM

[right][indent]جزاكم الله خيرا ..
وحفظ الشيخ المبارك عبد الكريم الخضير .. [/indent][/right]


الساعة الآن 05:57 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.