المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس؟


أبومالك
01-29-2008, 12:05 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قام الشيخ يحيى بن إبراهيم اليحيى بإعادة صياغة كتاب كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس للكاتب الأمريكي دايل كارينجي بما بنفعنا فى ديننا بشكل رائع
فأحببتُ نقل الموضوع لإخوانى للإفادة
وإليكم كلام الشيخ
نفع الله به
يُتبع إن شاء الله

أبومالك
01-29-2008, 12:08 AM
مفتاح الكتاب:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعظم رسالة وأقوم منهج للإنسانية جمعاء، فكان الرحمة المهداة والنعمة المسداة والمنقذ للبشرية من الظلمات إلى النور ومن الشقاء إلى السعادة، أنزل الله تعالى عليه: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} بياناً لمنهجه وتوضيحاً لهدف رسالته: وهو رحمة البشرية وإنقاذها من الخنوع والذلة وعبادة العبيد إلى العزة والرفعة بعبادة الله تعالى.

لقد غرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بسلوكه أرفع منهج للأخلاق العالية القائمة على مراقبة الله تعالى ورجاء ما عنده، البعيدة عن المصالح الشخصية والأخلاق النفعية، فكانت أخلاقاً ثابتةً غير متلونة أو متغيرة حسب الطقس أو المناخ السياسي أو المصلحي كما هي أخلاق الغرب في حضارته النفعية القاصرة.

لقد كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقصر مهمته على بعث الأخلاق الحسنة فقال: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق». وفي رواية قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»(1). فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مثل حي للأخلاق الفاضلة والمعاملة الحسنة مع جميع الخلق حتى أثنى الله عليه بقوله: {وإنك لعلى خلق عظيم} وقال سبحانه وتعالى ممتنا على المؤمنين بهذا النبي: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}.

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المثل التطبيقي لهذا المنهج الأخلاقي الرفيع، فتربى أصحابه على يديه فضربوا أروع الأمثلة في المعاملة الحسنة والخلق الفاضل، ففتحت البشرية لهم قلوبها قبل أبوابها، حتى انتشر الإسلام في أصقاع الأرض في أقصر وقت عرفه العالم في امتداد الحضارات والدول.

لقد عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهراني أعدائه من المشركين أكثر من نصف قرن، ثم أكمل مدة حياته يجاوره اليهود والمنافقون، فلم يستطع أولئك أن ينتقدوه بخلق من أخلاقه وقد بذلوا أموالهم وسفكوا دماءهم في حربه وقتاله.

جل العظماء حالتهم مع الناس غير حالتهم مع أهلهم وفي بيوتهم ولا يرضون لزوجاتهم أن يخبرن عن أحوالهم، بل تعتبر حياتهم الخاصة سراًّ من الأسرار التي يعاقب على إفشائها، وكل الناس كذلك لا يرضون أبداً أن يطلع أحد على كثير من حياتهم الأسرية الخاصة.

أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو لم يرض فقط، بل أمر أن ينقل عنه كل شيء، فبلغ عنه أزواجه كل ما رأوه منه، حتى إن إحداهن لتبلغ عنه ما كان تحت اللحاف فيما بينه وبينها، وعن غسلها معه من الجنابة، حتى أصبح المسلم يعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرفه عن أبيه الملاصق له والساكن معه!!

لقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم بين صحابته وتزوج بتسع نسوة، وأمر أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقال: «بلغوا عني ولو آية»(2)، وقال: «نضر الله امراً سمع مناَّ شيئاً فبلَّغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع»(3). وما سافر وحده قط، ولا اعتزل الناس في يوم من الأيام أبدا. وقد تظافر الصحابة على نقل كل شيء عنه، بل تفرغ عدد منهم للرواية والمتابعة له كأهل الصفة.

لقد وصفوه في قيامه وجلوسه، وكيف ينام وهيئته في ضحكه وابتسامته، وكيف اغتساله ووضوءه، وكيف يشرب ويأكل وما يعجبه من الطعام، ووصفوا جسده الطاهر كأنك تراه حتى ذكروا عدد الشعرات البيض في رأسه ولحيته، وبنظرة في كتاب من كتب السيرة والشمائل تجد العجب من هذا الشمول وهذه الدقة في الوصف والنقل.

ولما ابتعد المسلمون عن دينهم وعظم الجهل بسيرة نبيهم صلى الله عليه وسلم، شاع الفساد وانتشر الجهل وعمَّ الظلم وعزَّ العدل، وفسدت الأخلاق فحل الكذب بدلاً من الصدق، والعنف بدلاً من الرحمة، والخيانة بدلاً من الوفاء، والغضب بدلاً من كظم الغيظ والعفو عن الناس، والأذى بدلاً من الإحسان، والبخل بدلاً من الكرم، والجشع بالمكان أو الشراب أو الطعام بدلاً من الإيثار، والكبر بدلاً من التواضع، والظلم بدلاً من العدل.

حتى بدأ الكثير يتساءل أهؤلاء المسلمون؟ أين العفة؟ أين الأمانة؟ أين الحياء؟ أين الرحمة بالضعيف؟ وأين الشفقة على المسكين؟ أين الود؟ وأين العطف على المؤمنين؟!!

فاتجه كثير من المثقفين إلى موائد الغرب يغرفون منها وينهلون من ساقيتها الكدرة، ولما رأوا بعض الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة في كتابات بعض كتَّابهم طاروا بها كل مطار وظنوا بكاتبها أنه وحيد زمانه وفريد عصره، وأنه جاء بما لم تأت به الأوائل.

ومن هؤلاء الكاتب الأمريكي دايل كارينجي في كتاباته الجميلة مثل كتاب «دع القلق وابدأ الحياة»، وكتاب «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس».

وقد طبعت هذه الكتب مئات الطبعات وترجمت إلى عدد كبير من اللغات وطار الناس بها كل مطار، وأصبحت لا تكاد تجد مثقفاً إلا وقد قرأها وتعلق بها، وقررت في كثير من الدورات الإدارية في بلاد المسلمين فضلاً عن غيرهم.

فلما قرأت هذه الكتب أعجبني ما وصل إليه المؤلف من خلال التجارب حيث وصل إلى بعض الأخلاق الفاضلة التي قررها شرعنا الحنيف وتمثل بها نبينا الكريم منذ قرابة خمسة عشر قرنا من الزمان. إلا أن المؤلف صاغها بقالب المصلحة الشخصية والمنفعة الذاتية القاصرة على الشخص نفسه في دنياه القصيرة، بينما جاء الإسلام بمراعاة تلك الأخلاق مراقبة لله تعالى ورجاء ما عنده دون النظر إلى المصالح الآنية التي تخول للإنسان تعديلها وتبديلها متى لاح له في الأفق مصلحة.

فرأيت اختصار تلك الكتب والاستدلال على الصحيح منها بما جاء به ديننا ليتبيَّن عدم حاجتنا له إذ هو موجود في ديننا، ورد الفاسد منها حتى يكون المسلم المثقف على بينة من دينه واطلاع على أخلاق نبيه صلى الله عليه وسلم. والعزم قائم إن شاء الله على إخراج كتاب مستقل في شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم الخاصة بجانب المعاملة.

فبدأت بكتاب «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس»، فقمت بحذف القصص والتجارب التي ساقها المؤلف لبيان سلامة ذلك الخلق الذي أراده، واقتصرت على أسهل وأقصر عبارة وكثيراً ما أذكر كلامه بالمعنى وأضيف عليه ما يوضحه ويبينه، ووضعت تحت كلامه والمعاني التي استفيدت منه خطاًّ يبينه ويفصله عن التعليقات التي علقتها عليه.

أسأل الله الكريم المنان التوفيق والسداد والنفع للجميع، وآمل من كل أخٍ فاضلٍ كريمٍ له ملاحظة أو فائدة حول الكتاب موافاتي به على العنوان التالي جزاه الله خيراً وشكر له صنيعه وأحسن إليه.



يحيى بن إبراهيم اليحيى


([1]) حديث صحيح، أخرجه البخاري في الأدب، والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة. صحيح الجامع: 5432.


([2]) رواه البخاري (ح3202).


([3]) رواه الترمذي (ح2580)، وأبو داود (ح3175).

أبومالك
01-29-2008, 12:12 AM
يُتبع إن شاء الله

أبو عمر الأزهري
01-29-2008, 05:07 AM
رائع ياحبيب
اللهم بارك
متابع إن شاء الله تعالى ، وأسأل الله أن يجعله فى ميزان حسناتك وأن يجزيك خير جزاء .

أبومالك
01-29-2008, 10:08 PM
جزاك الله خيراً يا أبا عمر
وأسأل الله أن يجعله فى ميزان حسنات كاتِبها وناقلها وقارِئها
آميييين

أبومالك
01-29-2008, 10:55 PM
مقدمة كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس (2)


المقدمة

- ذكر الكاتب عدة اقتراحات في المقدمة، ومنها: أن الإنسان حتى يستقيم سلوكه ويتطبع بالطباع الطيبة ويتخلق بالخلق الحسن الذي يسمعه ويقرأه يحتاج إلى يقظة ذاتية ومحاسبة دائمة.

وهذه هي المراقبة الذاتية عند المسلم، وهي تتجلى في أعلى صورها حين استشعاره أن الله يراه ومطلع عليه، ففي حديث جبريل الذي رواه البخاري ومسلم: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، وإن لم تكن تراه فإنه يراك...»(1). وفي الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئةَ الحسنةَ تمحها، وخالق الناس بخلق حسن»(2). وقد نبَّه أنس بن مالك رضي الله عنه على أهمية المراقبة الذاتية في جيل الصحابة رضي الله عنهم، وآثار التهاون بها عند من بعدهم، فقال: «إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالاً هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُوبِقَاتِ». قَالَ البخاري: يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ(3).

وبيَّن ابن مسعود رضي الله عنه الفرق بين المؤمن صاحب المراقبة الذاتية، والمنافق الغافل المنهمك في مصالحه الشخصية فقال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا، قَالَ أَبُو شِهَابٍ: بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ»(4).

* * *

واقترح المؤلف أن يجعل الإنسان في جيبه مفكرة يحاسب نفسه على أخطائها ثم يقوم الأخطاء بعد ذلك.

وهذا ما يعرف بالمصطلح الشرعي بالمحاسبة كما قال الحسن البصري في قوله تعالى: {ولا أقسم بالنفس اللوامة} «لا تجد المسلم إلا ويلوم نفسه يقول: ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بمشيتي؟ أما المنافق فيمضي قدماً لا يحاسب نفسه»(5).

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا وتعرضوا للعرض الأكبر يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية»(6).

* * *

وأن يبدأ بتطبيق ذلك على زوجته وأولاده، وأن يجعل منهم رقباء عليه كأن يضع لهم جائزة إن ضبطوه يتصرف بخلاف هذه الأخلاق.

وقد فعل هذا أمير المؤمنين العالم التقي الراشد عمر بن عبد العزيز مع مولاه، قال عمر بن عبد العزيز لمولاه مزاحم: «إن الولاة جعلوا العيون على العوام، وأنا أجعلك عيني على نفسي، فإن سمعت مني كلمةً تربأ بي عنها، أو فعلاً لا تحبه، فعظني عنده، وانهني عنه»(7). فلم يستنكف أن يجعل على نفسه رقيباً ومتابعاً وهو أمير المؤمنين العالم التابعي الزاهد الجليل، والمراقب مولاه.


(1) رواه البخاري (ح48) من حديث أبي هريرة، ومسلم (ح9) من حديث عمر بن الخطاب.


(2) رواه الترمذي (ح1987).


(3) رواه البخاري (ح6011).


(4) رواه البخاري (ح5833).


(5) انظر: الدر المنثور (8/343).


(6) مصنف ابن أبي شيبة (7/96).


(7) عيون الأخبار (2/18).

يُتبع إن شاء الله

أبومالك
01-29-2008, 11:07 PM
الفصل الأول من الجزء الأول: كيف تعامل الناس؟

القسم الأول: كيف تعامل الناس؟

-في الفصل الأول: اجن العسل دون أن تحطم خلية النحل.

ذكر قصتين لأكبر مجرمين في أميركا وأنهما ينظران إلى نفسيهما أنهما لم يخطئا وأن المجتمع هو الذي أجبرهما على فعل ما فعلا وأنهما يريدان بذلك إصلاحاً. ثم عقب على ذلك بأنه إن كان هذان المجرمان لم يرغبا أن يوجه لهما لوما، فهل ينتظر من الرجال المحترمين أن يفعلوا ذلك بسبب هفوة طفيفة أو خطأ عادي! إذن من العبث أن تحاول أن توجه اللوم إلى أحد.


صحيح أن كل إنسان لا يحب أن يلام، ولكن لو ترك المجتمع هكذا لخرقت السفينة وغرق المجتمع كله، ولكن يعرف لذوي الإحسان إحسانهم، ولعل هفواتهم أن تكون نقطة في بحار حسناتهم، كما في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلاَّ الْحُدُودَ»(1).

أما أهل الإجرام فإنه يؤخذ الحق منهم، ولكن لا تزاد العقوبة على الحد الشرعي مهما فعل من جرم، جلد رجل مرات في الخمر فسبَّه أحد الصحابة فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَلْعَنُوهُ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»(2).

* * *

وفي آخر الفصل قال: أتمم نقص نفسك أولاً.

لقد شنع الإسلام على من التفت إلى عيوب الناس وأهمل عيبه، أو أرشد الناس وغفل عن نفسه. قال تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون}.

وقال عتبة بن غزوان رضي الله عنه: «وَأَنْ تَكُونُوا مَعَ ذَلِكَ بِعُيُوبِ أَنْفُسِكُمْ أَعْنَى مِنْكُمْ بِعُيُوبِ غَيْرِكُمْ»(3).

* * *

ثم بين أن النقد مر المذاق، ثقيل على النفس البشرية تتهرب منه ما استطاعت.

وهذا ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من البعد عن النقد الجارح والمباشر، ولهذا نادرا ما يوجه النبي صلى الله عليه وسلم الخطأ إلى شخص بعينه بل يقول: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا»(4).

* * *

وذكر أن الانتقاد واللوم في آخر الأمر لا يحتاج إلى موهبة خاصة أو بذل نشاط كبير، ففي وسع أي أحمق أن يشنع على أي رجل عبقري، وأن يتهمه، ويسخر منه، ويجعله أضحوكة في وسط معين من الناس.

وقد صدق في هذا فكل يحسن الشتم، ولكن القليل الذي يحسن الخلق الحسن والكلام الجميل.

* * *

وختم الفصل بقوله: دعنا نحاول أن نفهم الآخرين، وننتحل لهم الأعذار حين تقصيرهم، فهذا أمتع من اللوم، كما أنه أقرب إلى الإنصاف وأجدر بالرجال المحترمين.. فلماذا تأخذنا الحمية والطيش فنسرع إلى لوم الآخرين وانتقادهم دون روية ولا تبصر! إن علي وعليك ألا نعجل بمحاسبة الناس.

فهم نفسيات الآخرين منهج تربوي نبوي، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ينصح ويوجه ويوصي كل شخص حسب حاله، ولهذا تعددت صيغ الوصايا الصادرة من مقام النبوة لأفراد قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوصني» فهذا يقول له: «لا تغضب»(5)، وآخر قال له: «أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف»(6)، وقال لآخر: «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك ووجهك منبسط إليه»(7)، وقال لآخر: «أوصيك أن لا تكون لعانا»(8)، وقال للمرأة لما قالت له: أوصني، قال: «إياكِ وما يسوء الأذن»(9).

وفي المسند عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْتَبٍ بِشَمْلَةٍ لَهُ وَقَدْ وَقَعَ هُدْبُهَا عَلَى قَدَمَيْهِ، فَقُلْتُ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ أَوْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَفْسِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَفِيَّ جَفَاؤُهُمْ فَأَوْصِنِي، فَقَالَ: «لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَوَجْهُكَ مُنْبَسِطٌ، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلاَ تَشْتُمْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَكَ أَجْرُهُ وَعَلَيْهِ وِزْرُهُ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ فَإِنَّ إِسْبَالَ الإِزَارِ مِنَ الْمَخِيلَةِ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ، وَلاَ تَسُبَّنَّ أَحَدًا»، فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ أَحَدًا وَلاَ شَاةً وَلاَ بَعِيرًا(10).

والتبيُّن والتثبُّت من أهمِّ ميزات الأمة المسلمة، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة}.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للفرد من أصحابه إذا أراد محاسبته: «ألم أخبر أنك كذا وكذا»(11) فيتبين منه قبل أن يناقشه.


([1]) رواه أحمد (ح24300)، وأبو داود (ح3803).


([2]) رواه أبو يعلى في المسند (1/161)، وأصل الحديث في صحيح البخاري (ح6282).


([3]) رواه الدارمي: (ح647).


([4]) رواه أبو داود: (ح4788).


([5]) رواه البخاري (ح5621).


([6]) رواه الترمذي (ح3267).


([7]) رواه أحمد (ح19717).


([8]) رواه أحمد (ح19757).


([9]) رواه أحمد (ح16103).


([10]) رواه أحمد (ح19717).


([11]) انظر البخاري (ح1085، 4800)، ومسلم (ح1966).


** للعلم فإن كلام الكاتب الأمريكى جعلته باللون الأزرق وأما كلام الشيخ يحيى بن إبراهيم اليحيى -نفع الله به- باللون الأسود .
و....
يُتبع إن شاء الله

أبومالك
02-11-2008, 08:58 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معذرةً على الإنقطاع دون إكتمال نقل الموضوع ولكن لظروف طارئة..
أدعوا الله لى بالتيسير
ولمن يتابع..إليك البقية إن شاء الله

أبومالك
02-11-2008, 09:03 PM
الفصل الثاني من الجزء الأول: السر في كيف تعامل الناس

ذكر أن مقاصد الناس في كل أعمالهم هو حب الظهور، يستوي في ذلك مجرمهم وسويهم.

ولا شك أن هذه طبيعة النفس البشرية في حبها للذكر والعلو إلا من كان ينشد أمرا أكبر من ذلك وهو رضا الله والفوز بجنته فتجده يقوم بأعمال عظيمة من إعانة الناس أو السعي في الخير عامة سراًّ ويكره أن يطلع عليه أحد كما قال تعالى: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا} وقصة صاحب النقب غير خافية على من اطلع على التاريخ.

وقال الحسن البصري: «أدركت أقواماً لا يستطيع أحد منهم أن يخفي عمله إلا أخفاه. إن الرجل ليأتيه زوره فيبيت عنده فيقوم ويصلي من الليل لا يعلم به زوره، وإن الرجل لتأتيه العبرة فيقوم من المجلس خشية أن يروه».

ومن ذلك قصة زين العابدين علي بن الحسين وتصدقه على فقراء المدينة ليلاً ولم يعلم به أحد منهم حتى مات فاكتشفوا أنه المتصدِّق لما انقطعت الصدقة.

وكان عامر بن عبد الله بن الزبير يضع الذهب في أحذية العلماء والمتعبدين خشية أن يروه.

* * *

ثم ذكر الكاتب أن الرغبة في الظهور هي وراء تشييد القصور الباذخة التي لا يحتاجها أصحابها لسكناها إذ يكتفون بحجيرات معدودات، لو قصدوا الانتفاع السكني لا غير. وأنها وراء الكثير من انحرافات بعض الشباب وفساد سلوكهم.

وهذا معروف ومشهور عند أهل الدنيا من غير أهل الهمم العالية، وهو مصداق قوله تعالى: {أتبنون بكل ريع آية تعبثون}، وقال فرعون: {أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون}.

وأما الشباب فغالباً يظهر هذا ممن فقدوا التربية السليمة فيشعرون بالنقص والدونية فيحاولون تكميل ذلك بأي عمل يبرزهم. ولهذا ينبغي أن نعلم أن كل شاب أو طفل يحب التميز على أقرانه بأي عمل وأي صفة كانت فينبغي أن نشبع هذا الجانب بمهارات وأعمال صالحة تقوم بنفس الميزة من التميز على أقرانه.

ومن أشبع هذه الغريزة في ولده بالمظاهر كالسيارات أو الأثاث فقد قتل موهبة التميز عنده حيث أنه سيكتفي بهذه المظاهر في ابتزاز أقرانه ويستهتر بكل ميزة حقيقية من التفوق العلمي أو التميز الأخلاقي أو محاولة التفرد بالمهارات.

نصوص من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الطاقات وعلاجها، وخرج المسألة على أصحابه.

* * *

ثم قال: وبما أن حب الظهور رغبة جامحة عند الناس أفليس خدمة كبيرة أن نشبع فيهم هذه الرغبة! وذلك عن طريق الثناء والمديح، وعدم التفتيش عن الأخطاء، أو رفع العقيرة باللوم والانتقاد.

هذا إذا كان المديح يبني خصالاً طيبةً عند الممدوح كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل»(1).

أما إن كان المدح يقود إلى الغرور والترفع وزرع عقدة العظمة في نفس الممدوح فلا، كما في الحديث: «أَهْلَكْتُمْ أَوْ قَطَعْتُمْ ظَهَرَ الرَّجُلِ»(2 (http://www.taiba.org/article-view.php?id=311#_ftn2#_ftn2))، «احثوا في وجوه المداحين التراب»(3 (http://www.taiba.org/article-view.php?id=311#_ftn3#_ftn3)).

* * *

ثم قال: إذا كان الخطأ والتقصير قد وقع.. فلا فائدة من اجتراره. بل الفائدة كل الفائدة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه منه.

وكان هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تصحيح الأخطاء إذ كان المنهج هو تعديل الخطأ في حينه وتداركه قبل استفحاله وطي صحيفته بعد ذلك وعدم اجتراره وقطع الحديث عنه، وكان من أكبر الأخطاء التي وقعت هو تلك الخيانة العسكرية العظمى في رسالة حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بتحرك الجيش الإسلامي تجاههم.

فماذا ترى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاه هذا الرجل وكيف تعامل مع هذه الخيانة، هل جعله عرضة يلوكه كل لسان؟ أم سارع بإيقاع عقوبة القتل عليه؟ لقد دعاه واستفسر منه عن سبب حركته هذه، ولما تبين له صدقه نظر إلى أعماله السابقة فوجد فيها من الأعمال العظيمة ما ينغمر فيه ذلك الخطأ. وأنهى ملف القضية بقوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب لما أشار بقتله: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ»(4 (http://www.taiba.org/article-view.php?id=311#_ftn4#_ftn4)).

ولكن هذا الأسلوب ليس على إطلاقه، فالرسول صلى الله عليه وسلم منهجه التربوي حسب الخطأ والمقام والشخص الذي تقع منه المخالفة، فهنا قال عن حاطب: «صدق، فلا تقولوا إلا خيرا»(5 (http://www.taiba.org/article-view.php?id=311#_ftn5#_ftn5)). ولكن أسامة لما قتل الرجل بعد ما قال: «لا إله إلا الله» عاتبه ولامه لوماً شديداً حتى أثر هذا على أسامة وتمنى أنه لم يسلم إلا تلك الساعة(6 (http://www.taiba.org/article-view.php?id=311#_ftn6#_ftn6))، وتبرأ مما فعله خالد(7 (http://www.taiba.org/article-view.php?id=311#_ftn7#_ftn7)). عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِي وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَاهُ فَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ» مَرَّتَيْنِ(8 (http://www.taiba.org/article-view.php?id=311#_ftn8#_ftn8)).

* * *

وبين أن التقدير من الغير غذاء للنفس أعظم عندها من الطعام والشراب الذَيْنِ يمكنه أن يصوم عنهما، وليس المقصود من ذلك التملق والكذب.

إن احترام الناس وتوقيرهم وإنزالهم منازلهم من أهم الأخلاق التي جاء بها الإسلام، فجاء الأمر بحفظ حقوق المسلم على أخيه وحق الجار على جاره والضيف على مضيفه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإنسان يكفيه شراًّ وخسةً ومهانةً أن يزدري أخاه المسلم أو يتنقصه فقال: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم»(9 (http://www.taiba.org/article-view.php?id=311#_ftn9#_ftn9)).

* * *

ثم قال: فكل إنسان يفضلك في شيء فهو كفئ أن يعلمك إياه.

بل إنه في الحقيقة أن كل إنسان أمامك يفضلك في خصلة من الخصال فعليك أولاً بالعمل على اكتشافها والاستفادة منها وتوظيفها في المجال المناسب.

قال سفيان بن عيينة: «لا يكون الرجل من أهل الحديث حتى يأخذ عمن فوقه وعمن هو دونه وعمن هو مثله»(10 (http://www.taiba.org/article-view.php?id=311#_ftn10#_ftn10)).





(1) رواه البخاري (ح1070).

(2) رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري (ح2469).

(3) رواه أحمد (ح22707).

(4) رواه البخاري (ح2845).

(5) رواه البخاري (ح5789).

(6)رواه البخاري (ح3935).

(7)رواه البخاري (ح3994).

(8)رواه البخاري (ح3994).

(9)رواه مسلم (ح4650).

(10)الجامع لأخلاق الراوي (2/218).

يُتبع إن شاء الله

أبومالك
02-11-2008, 10:26 PM
الفصل الثالث من الجزء الأول:
الطعم المناسب هو الذي يصطاد السمك

بين فيه أن الشخص الناجح هو الذي يستطيع أن يجعل في الآخرين رغبة جامحة في أن يفعلوا له ما يريد. وذلك يكون بمعرفة وجهة نظرهم واعتبارها، وإدراك رغباتهم والتجاوب معها.

إن احترام الآخرين والاعتراف بفضلهم وتقدير أعمالهم وسابقتهم من الأخلاق السامية والثابتة التي جاء بها ديننا دون تصنع أو تكلف، وهي التي تبني في الآخرين حب الخير والتحمس له والانقياد لمن يتعامل معهم بمثل هذه الأخلاق الرائدة.


انظر في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار يوم حنين فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: اجْتَمَعَ أُنَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالُوا: آثَرَ عَلَيْنَا غَيْرَنَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَمَعَهُمْ ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَمْ تَكُونُوا أَذِلَّةً فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ؟ قَالُوا: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: أَلَمْ تَكُونُوا ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ؟ قَالُوا: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: أَلَمْ تَكُونُوا فُقَرَاءَ فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ؟ قَالُوا: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ تُجِيبُونَنِي؟ أَلاَ تَقُولُونَ: أَتَيْتَنَا طَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَأَتَيْتَنَا خَائِفًا فَآمَنَّاكَ؟ أَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبُقْرَانِ - يَعْنِي الْبَقَرَ - وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتُدْخِلُونَهُ بُيُوتَكُمْ؟! لَوْ أَنَّ النَّاسَ سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شعْبَةً وَسَلَكْتُمْ وَادِيًا أَوْ شعْبَةً سَلَكْتُ وَادِيَكُمْ أَوْ شُعْبَتَكُمْ، لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ(1).


عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ الظَّهْرَانِ قَالَ الْعَبَّاسُ: قُلْتُ: وَاللَّهِ لَئِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عَنْوَةً قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُ فَيَسْتَأْمِنُوهُ إِنَّهُ لَهَلاَكُ قُرَيْشٍ، فَجَلَسْتُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: لَعَلِّي أَجِدُ ذَا حَاجَةٍ يَأْتِي أَهْلَ مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَخْرُجُوا إِلَيْهِ فَيَسْتَأْمِنُوهُ، فَإِنِّي لأَسِيرُ إِذْ سَمِعْتُ كَلاَمَ أَبِي سُفْيَانَ وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَنْظَلَةَ، فَعَرَفَ صَوْتِي فَقَالَ: أَبُو الْفَضْلِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: مَا لَكَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ، قَالَ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ قَالَ: فَرَكِبَ خَلْفِي وَرَجَعَ صَاحِبُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَوْتُ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا، قَالَ: نَعَمْ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، قَالَ: فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دُورِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ(2).


(1) رواه الإمام أحمد والدارمي.

(2) رواه أبو داود، وأصل الحديث عند مسلم (ح2627).
يُتبع إن شاء الله

أبومالك
02-12-2008, 04:33 PM
الفصل الأول من الجزء الثاني: كيف تجعل الناس يحبونك


قال فيه: إذا أردت أن يهتم بك الناس ويحبونك، فضع نفسك في مكانهم، واهتم بهم، وأحبهم وأمدد لهم يد المساعدة، نزيهة مخلصة لا تشوبها الأنانية، وكن سمحاً بشوشاً وأنت تفعل ذلك.

وبين أن هذا سر نجاح كثير من السياسيين، وفشل كثير منهم عند عدم اهتمامهم بالناس، وأنها من أنفع شيء في دنيا المال والتجارة.

لا حظ أخي الكريم كيف ربط الكاتب هذا الخلق بما يمكن أن تجنيه في هذه الحياة من المصلحة الخاصة بك، وكفى بهذا دلالة على التلون والتعديل كلما لاحت مصلحة شخصية يجني منها أرباحاً أكثر.

بينما الإسلام ربط هذا الخلق بالثواب في الآخرة مما يثبت هذه الأخلاق ويعمق جذورها ويؤصلها.

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ»(1).

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ»(2).

عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: الْمُتَكَبِّرُونَ(3).

أما صاحب الخلق السيء من الترفع على الناس واحتقارهم وعدم المبالاة بهم فإن كان صاحب سلطة أو نفوذ هابه الناس لهذا وبمجرد تجرده من المنصب يسقطه الناس ولا يأبهون به.

قال الإمام الشافعي:

ومن هاب الرجال تهيبوه ومن حقر الرجال فلن يُهابا


(1) رواه أبو داود (ح4165).


(2) رواه الترمذي (ح1925).


(3) رواه الترمذي (ح1941).

أبومالك
02-12-2008, 04:39 PM
الفصل الثاني من الجزء الثاني: كيف تطبع أثرا في من تقابل


إن قسمات الوجه خير معبر عن مشاعر صاحبه، فالوجه الصبوح ذو الابتسامة الطبيعية الصادقة خير وسيلة لكسب الصداقة والتعاون مع الآخرين، إنها أفضل من منحة يقدمها الرجل، ومن أرطال كثيرة من المساحيق على وجه المرأة، فهي رمز المحبة الخالصة والوداد الصافي. بهذا صدر المؤلف هذا الفصل.
وذكر أنه طلب من تلاميذه أن يبتسم كل منهم لشخص معين كل يوم في أسبوع واحد. فجاءه أحد التلاميذ من التجار وقال له: اخترت زوجتي للابتسامة ولم تكن تعرفها مني قط، فكانت النتيجة أنني اكتشفت سعادة جديدة لم أذق مثلها طوال الأعوام الأخيرة!
فحفزني ذلك إلى الابتسام لكل من يتصل بي... فصار الناس يبادلونني التحية ويسارعون إلى خدمتي وشعرت بأن الحياة صارت أكثر إشراقاً وأيسر منالاً، وقد زادت أرباحي الحقيقية بفضل تلك الابتسامة.
إن الأخلاق حين ترتبط بالأهداف المادية تصبح أخلاقاً مصطنعة ومتكلفة، لا تزرع وداًّ، ولا تنبت حباًّ، وتجعل التعامل بين الناس قائماً على المصالح المتبادلة، وكل واحد يخشى الآخر، ومهما رأى من صاحبه طلاقة الوجه وارتسمت الابتسامة على شفتيه فإنه على يقين أن هذا لهدف يقصد الوصول إليه من خلاله.
أما الإسلام فقد سبق إلى هذا الخلق الرفيع وأصَّله عند أهله حين تقيدوا بتوجيهات نبيهم صلى الله عليه وسلم لا من أجل أن يجنوا أرباحاً ماديةً في هذه الحياة الدنيئة، وإنما ليدخلوا السرور والسعادة في صدور إخوانهم رجاء الأجر والمثوبة من الله تعالى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكلمة الطيبة صدقة»(1)، وقال صلى الله عليه وسلم: «كل معروف صدقة»(2)، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»(3)، وروى الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وَلاَ تَزْهَدْ فِي الْمَعْرُوفِ وَلَوْ مُنْبَسِطٌ وَجْهُكَ إِلَى أَخِيكَ وَأَنْتَ تُكَلِّمُهُ»(4).
* * *
ثم قال: ينال الناس من السعادة قدر ما وطدوا عزمهم على أن يصبحوا سعداء.
ثم قال: ليس هنالك ما يحق له أن يحرمك من الابتسام، تذكر نعمة الله في وجودك، وفي منحه إياك درة ثمينة في رأسك هي العقل، فاستعملها قدر إمكاناتك، وحدد هدفك، ثم تقدم إليه بثقة، وأنا كفيل بفوزك.
هذا ليس على إطلاقه، بل قد يتخلف الفوز لأسباب أخرى.
السعادة هي سعادة القلب لا سعادة البدن، ولن يسعد القلب إذا كان خاويا من معرفة الله وذكره وطاعته، إذا كان أهل المعاصي يجدون وحشة في قلوبهم فكيف بأهل الكفر والإلحاد! قال الحسن البصري: «إن أهل المعاصي وإن طقطقت بهم البراذين وهملجت بهم الخيول فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه».
لاشك أن نعم الله على العبد لا تحصى ولا تستقصى، كما قال تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، وقال: {وما بكم من نعمة فمن الله}، وقال سبحانه: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}.
لكن لا يدرك ذلك ويعيها إلا صاحب القلب الواعي.
قال ابن القيم رحمه الله: «إن الدنيا كلها لا تساوي حزن ساعة».
فلماذا تتجاوب أخي مع خطرات النفس وخطوات الشيطان التي ينقلك عبرها إلى مصيدته خطوة خطوة.
الدنيا مهما كنت لن تصفو لك، فحاول أن تسعد فيها بقدر استطاعتك وتجاوز المنغصات والمعكرات ودع التفكير فيها واجعلها تمر ولا تستغرق غير لحظتها فقط.
لقد أطلق السلف للروح إشراقها فعاشوا في الدنيا حياة السعداء، حتى أن شيخ الإسلام ابن تيمية يعبر عن هذه السعادة التي تغمره بقوله: «إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة»، وقال غيره معبراً عن السعادة التي يتذوقها: «إنه ليمر في القلب ساعات يرقص لها طربا وأقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا النعيم إنهم لفي نعيم طيب».
وأوضح بعض السلف الصالح ممن تذوق السعادة بأنهم في نعيم عظيم يستحق المجالدة عليه بالسيوف لو علم بها العظماء والملوك: «لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف».
* * *
ثم قال: تذكر أن الابتسامة لا تكلف شيئاً، ولكنها تعود بخير كثير، وهي لا تفقر من يمنحها مع أنها تغني آخذيها، ولا تنس أنها لا تستغرق لحظة، ولكنها تبقى ذكرى حلوة إلى آخر العمر. وليس أحد فقير لا يملكها ولا أحد غني مستغن عنها.
وهذا خلق أصيل عند أهل الإسلام مربوط بالثواب من عند الله تعالى، دون انتظار ربح في العاجلة كما أشار إليه الكاتب. قال منقذ البشرية من الشقاء إلى السعادة صلى الله عليه وسلم: «وتبسمك في وجه أخيك صدقة»(5)، وقال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: «ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم»(6).
ولكن العجب أنك تلاقي كثيراً من الناس مكفهرَّ الوجه عبوساً مصعراً خده! إن هذا لا يؤذي إلا نفسه وقد حرمها من المتعة والتمتع في هذه الحياة بينما صاحب الابتسامة تجده دائماً في ربح وفرح كلما لاقاه إنسان.

------------------------------------------
(1) رواه البخاري (ح2767).
(2) رواه البخاري (ح5562).
(3) رواه مسلم (ح4760).
(4) (ح16021).
(5) رواه الترمذي (ح1879).
(6) رواه البخاري (ح2809).

أبومالك
02-12-2008, 04:43 PM
وفي الفصل الثالث من الجزء الثاني: اذكر أسماء الناس




بين فيه أن مناداة الناس بأسمائهم من أفضل جوانب المخاطبة، وأنك بتعرفك على الشخص وحفظك لاسمه عندما تقابله تكسب وده ومحبته، وأن الناس كلهم يحبون أن تناديهم بأسمائهم وأن تقدرهم بها، وبين أن رجلا في قرية من قرى نيويورك اكتسب مكانة شهيرة في البيت الأبيض بسبب حفظه لجميع ما يرده من أسماء الناس وأصبح مديراً لبريد أمريكا، وقد استفاد منه الرئيس روزفلت في انتخاباته لمعرفته بأسماء الناس، فكان يزورهم في ولاياتهم ويذكر لهم أسماءهم ويتعرف على أعمالهم ويعرف نزعاتهم السياسية.

ثم قال: والواقع أن أحب الأسماء للإنسان هو اسمه الشخصي.

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتم كثيراً بالأسماء ويحب الحسن منها ويغير الأسماء غير الحسنة.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكني حتى الأطفال كما قال أنس بن مالك: «كان أخ لي رضيع، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعبه ويقول: يا أبا عمير ماذا فعل النغير»(1).

ونهى الله جل وعلا عن التنابز بالألقاب فقال: {ولا تنابزوا بالألقاب}.

وقال عمر بن الخطاب: «ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه»(2).
واشتدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنكار على أبي ذر لما عيَّر رجلاً بأمه؛ عن أبي ذر رضي الله عنه قال: «إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلاً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ»(3).



(1) رواه البخاري (ح5664).

(2) انظر آداب العشرة (ص10).


(3) رواه البخاري (ح29)، ومسلم (ح3139).

أبومالك
02-12-2008, 04:47 PM
الفصل الرابع من الجزء الثاني: البراعة في الحديث.

بين فيه أن الناس لا يحبون أن تزجي الوقت في الحديث عن نفسك وتجاربك وخبراتك ثم تتجاهل الآخرين ولا تستمع إليهم فإن لهم تجارب وخبرات وأطروحات.

إن أردت أن تكسب ودهم وتظفر بصداقتهم فأتح لهم الفرصة ليتحدثوا عن تجاربهم وأحسن الإصغاء والاستماع إليهم، وأشعرهم باهتمامك بهم.


الكثير من الناس ابتلي بالثرثرة وكثرة الكلام والحديث عن نفسه وإنجازاته وخبراته ولا يتيح مجالاً للآخرين في الحديث إما ترفعاً، أو محبة للاستئثار أو حباًّ للظهور، وهذا قد جنى على نفسه من عدة أوجه: حرم نفسه من خبرات وتجارب الآخرين لاستئثاره بالحديث دونهم، واكتسب ازدراء الآخرين وتهكمهم به لعدم إتاحة الفرصة لهم في الحديث، وحرم نفسه أيضاً من مجالسة أهل الخبرات والطاقات والقدرات المتميزين لأن مثل هؤلاء لا يحبون تضييع أوقاتهم عند من يستأثر بالمجلس للتحدث عن إنجازاته.

لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أدب الحديث واحترام الناس في المجالس وإتاحة الفرصة للمتحدث لكي يقول ويبدي ما عنده.

بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصغي إلى حديث أعدائه ويتيح لهم الفرصة ليتحدثوا عن كل ما في أنفسهم ويظهر اهتمامه بذلك حتى وهو ينقل له ألفاظ السب والاتهام.

كما روى جابر بن عبد الله قال: اجتمعت قريش يوماً فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر، فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا، وشتت أمرنا وعاب ديننا. فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه. فقالوا: ما نعلم أحداً غير عتبة بن ربيعة. فقالوا: أنت يا أبا الوليد.

فأتاه عتبة فقال: يا محمد، أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرد عليه شيئاً. قال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك. إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك، فرقت جماعتنا، وشَتَّتَّ أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب. لقد طار فيهم أن في قريش ساحراً، وأن في قريش كاهناً. والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى. أيها الرجل! إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش، وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشراً.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرغت؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿حم تنزيل من الرحمن الرحيم﴾ حتى بلغ: ﴿فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود﴾ [فصلت: 1-13]. فقال عتبة: حسبك، ما عندك غير هذا؟ قال: لا.

فرجع إلى قريش، فقال: ما تركت شيئاً أرى أنكم تكلمونه به إلا كلمته. قالوا: فهل أجابك؟ قال: نعم، لا والذي نصبها بَنِيَّةً، ما فهمت شيئاً مما قال، غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود(1).

ثم قال: وكثير من الناس يؤثر فيهم سؤالك عن عمله وتخصصه وإصغائك لحديثه، وإظهار الاهتمام والإعجاب بتخصصه، حتى ولو لم تكن تعلم عنه شيئا.

لقد لقي هذا الجانب اهتماماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان كثيراً ما يثني على أصحابه ويظهر بروزهم في الجوانب التي يفوقون بها غيرهم، كما قال في شأن خالد بن الوليد: «حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم»(2)، وقال أيضاً: «أرحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عز وجل عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أبي بن كعب الأنصاري، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وإن لكل أمة أمين وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح»(3).

يقول كعب بن مالك لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس عن كعب فقال العباس: هذا كعب بن مالك. قال كعب: فلا أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشاعر؟

(1) مسند عبد بن حميد [1123]، ومسند أبي يعلى [1818].

(2) صحيح البخاري [4014].


(3) رواه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (6/227) وصححه.

يُتبع إن شاء الله

أبومالك
02-13-2008, 06:42 PM
نعم أخى بالتأكيد الكتاب موجود على الشبكة وإليك رابط التنزيل
http://www.uploading.com/files/ZISZG0WG/friends.zip.html

وبالمناسبة فإن الكتاب وُصف بأنه أكثر الكتب انتشاراً فى التاريخ البشرى بالإضافة الى أن الكاتب عندما طرحه للبيع كان يأمل انه يبيع منه على الأكثر 30 ألف نسخة . فاذا بالكتاب يعد طبعته 56 طبعة , ويباع منه ثلاثة ملايين نسخة فى امريكا وحدها و تُرجم الى ستة وخمسين لغة , منها اللغات الأفريقية
وللكاتب كتاب آخر يُقال له "دع القلق وابدأ الحياة"
رغم ما سردته لك إلا أن الكاتب مات مُنتحِراً
قال الله تعالى فى محكم التنزيل
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَىَ}

أبومالك
02-13-2008, 06:51 PM
الفصل الخامس من الجزء الثاني: أدخل السرور إلى قلوب الناس.


خلاصة الفصل أنه ينبغي لك أن تحدث الناس بما يرغبون ويحبون، وأوضح بأنه كان في صباه يحب القوارب، فزارهم رجل محامي فبدأ يحدثه عن القوارب وجمالها، قال: فكنت أصغي إليه بلهف وفرح، فلما خرج سألت عمتي عنه فقالت: هذا رجل محامي. قلت: لكنه حدثني عن القوارب ولم يحدثني عن القانون. قالت: يريد أن يدخل السرور عليك.


وختم الفصل بقوله: تكلم فيما يسر محدثك وتظن أنه يهتم به.


وكان معلم الناس الخير رسول الله صلى الله عليه وسلم قائد البشرية ومربيها ومع ذلك يداعب صبيا ويسأل عن صعوته ويكنيه ليدخل السرور عليه، كما قال أنس: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا قال عن أخ لي: ما لي أرى أبا عمير خاثر النفس؟ قالت أمي: ماتت صعوته يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا عمير ما فعل النغير»(1).


وقد ورد في الحديث أن إدخال السرور على المسلم من بين الصدقات.


بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحزن خشية على نفسية مسلم قد يأتي في آخر الزمان، فكيف إذا كان حياًّ وكيف إذا كان مواجهاً له؟!


عن عائشة قالت: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس، ثم رجع إلي وهو حزين، فقلت: يا رسول الله، خرجت من عندي وأنت قرير العين، ورجعت وأنت حزين، فقال: إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن فعلت، إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي»(2).


أين هذا من أناس يتفاخرون بكسر نفوس وقلوب إخوانهم، ويتندرون بذلك.



(1) صحيح البخاري [5778].

(2) سنن أبي داود [2029]، جامع الترمذي [873]، سنن ابن ماجه [3054]. وقال الترمذي: «حسن صحيح».

أبومالك
02-13-2008, 06:57 PM
الفصل السادس من الجزء الثاني: كيف تكون محبوبا؟
ذكر أنك تحبُّ أن يحبك الناس، فأحبهم أنت، وبين كيف يعرفون منك هذا الحب؟ امتدحهم. اختر شيئاً جميلاً فيهم وحدثهم عنه. وذكر الحديث منسوباً إلى جميع الرسل والديانات: «أحب لأخيك ما تحب لنفسك».

وأول ما تحب لنفسك هي السعادة والشعور بالرضا، فاجعل الآخرين يشاركونك فيه.

هذا الحب الذي أشار إليه قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم بين المسلمين من الإيمان فقال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»(1).

وجاءت أحاديث كثيرة مفصلة لكثير من حق المسلم على أخيه ومنها: رد السلام، وإجابة الدعوة، وزيارة المريض، وتشميت العاطس، وإبرار المقسم، وعدم الخطبة على خطبته، أو البيع على بيعه، وعدم ترويعه وإخافته، والذب عن عرضه، وإعانته في عمله والصناعة له، وإكرام ضيافته … الخ.

وقد ورد في الحديث: «الراحمون يرحمهم الرحمن»(2)، ومن أعظم الرحمة إخراج الناس من الشقاء إلى السعادة ومن ظلمة الكفر إلى نور الهداية والإيمان.

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وأعظم ما يحب الإنسان لنفسه أن يعيش سعيداً في الدنيا والآخرة فليعمل على أن يعيش الناس كذلك.

قال عبد الله بن مسعود: «كنا إذا افتقدنا الأخ أتيناه، فإن كان مريضا كانت عيادة، وإن كان مشغولاً كانت عوناً، وإن كان غير ذلك كانت زيارة»(3).

ثم قال: إنك تريد استحسان الناس لك، وتريد منهم أن يعترفوا بقدرك وأهميتك، ويهمك أن تكون ذا شأن في دنياك الصغيرة، من أجل ذلك عليك أن تمنح الآخرين ما تحب أن يمنحوه لك.

وهذا صحيح وحق، وقد جاء في الحكمة: «عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به».

وبين أنه لا ينبغي لك أن تتصور أنك أرفع من الناس قدراً، فهذا في نظرك أنت لكنه غير صحيح في نظر الآخرين. وكل إنسان يرى نفسه كذلك وأنه شمس الوجود.

إن هذه النظرة الحادة ناتجة من الكبر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر» فقال رجل: يا رسول الله الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً؟ فقال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس»(4). بطر الحق أي: رده، وغمط الناس أي: احتقارهم.

ولقد سدَّ الإسلام منافذ الكبر فألغى التفاضل بين الناس بالعنصر أو النسب أو اللون أو البلد، وجعل ميدان التفاضل في تقوى الله تعالى والعمل الصالح، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(5)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى»(6).

وقد كان السلف الصالح رحمهم الله يحتقرون أنفسهم ولا يرون أنهم أفضل من غيرهم ولا يتباهون بأعمالهم ويدخل نفوسهم داء العظمة، فهذا عمر بن الخطاب كاسر الأكاسرة وقاصم القياصرة يقول عن ولايته وخلافته: «ياليتني خرجت منها لا لي ولا علي». ويقول: «بني الخطاب ويل أمك إن لم يغفر الله لك!».

ثم إن المؤلف استشهد على ذلك بقصص مارسها بنفسه أو مارسها غيره فنجحت في كسب الناس، وذكر من تلك القصص أنه زار عجوزاً طاعنةً في السن فسألها عن بناء بيتها وامتدح تخطيطه وتنظيمه فأخذ هذا بلبها وبينت أنها شاركت زوجها في بنائه، وأن الناس اليوم لا يعرفون قيمة مثل هذا البنيان المتين، ثم راحت تحدثه عن قصصها ونسيت أتعابها ومرضها في هذه الأثناء.

لقد رتب الإسلام على إدخال السرور والفرح إلى المسلم أجراً واعتبره صدقة من الصدقات، وحث على توقير واحترام الكبير، والعطف والحنان على الصغير، وأمر ببرِّ الوالدين وجعل طاعتهما أولى من الجهاد في سبيل الله.

ففي الحديث: «ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا»(7)، وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}(8)، وفي الحديث: «ففيهما فجاهد»(8)، وقال عن الأم: «الزمها، فإن الجنة تحت رجلها»(9).

وأوضح أنه ينبغي أن ينطلق هذا الإعجاب الصادق بحسنات الغير من البيت. الأولى بك أن تبدأ مع زوجتك فهي فرد من الناس، وفيها بعض المساوئ، لكن لها محاسن، فكم من مرة أطريت جمالها مثلاً، أو حسن تنسيقها للبيت، أو حتى لطفها وهي تقول لك: صباح الخير.

وأوضح أن الكلام اللين الطيب يؤدي في النتيجة مؤدى الكلام الخشن، ولكن الأخير يدق إسفينا في درب السعادة الزوجية.

وضرب لذلك مثالاً: بأن زوجتك قدَّمت لك لحماً وكأنه سير من الجلد لعدم طهيها جيداً. فأنت بين أمرين: إما أنت تقول: يبدو أن هذا بسبب شغل شغلك يا زوجتي العزيزة عن إنضاج اللحم كالمعتاد. أو تقول: إن هذا اللحم يخلع الأسنان، أو تظنيني كلباً له أنياب أيتها المرأة!

لقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس خيرهم لزوجته فقال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»(11)، وقال عن الذين تقدمت أزواجهم يشكونهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس أولئك بخياركم»(12).

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا وَأَلْطَفَهُمْ بِأَهْلِهِ»(13).

وأرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم إلى أن ينظر إلى المرأة نظرة شاملة من جميع الزوايا والجهات وبين خطر النظر إليها من زاوية واحدة فقال: «لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر»(14).

وأخبرت عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً...»(15).

ووصف أنس بن مالك رضي الله عنه خلق النبي صلى الله عليه وسلم في معاملته مع خدمه فقال: «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي أفاً قط، ولا قال لي لشيء: لِم فعلت كذا، وهلا فعلت كذا»(16).

وتقول عائشة رضي الله عنها في وصفها لخلق النبي صلى الله عليه وسلم مع ما يصنع له من طعام: «ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه»(17).

وقال ابن عمر رضي الله عنهما: «البر شيءٌ هينٌ: وجه طليق وكلام لين»(18).





(1) صحيح البخاري 43، صحيح مسلم 45.



(2) جزء من حديث رواه عبد الله بن عمرو، أخرجه أبو داود في السنن 4941، الترمذي 1924، وقال: «حسن صحيح».



(3) آداب العشرة (ص43).



(4) صحيح مسلم 91.



(5) سورة الحجرات: 13.



(6) جزء من حديث طويل رواه الإمام أحمد في مسنده (5/411)، وقال الهيثمي في المجمع (3/266): «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح».



(7) أخرجه أحمد في المسند (2/207) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وصحح هذا الإسناد جمع من العلماء.



(8) سورة الإسراء: 23.



(9) صحيح البخاري 2842، صحيح مسلم 2549.



(10) أخرجه أحمد في المسند (3/429)، والحاكم في المستدرك 2502، وصححه.



(11) أخرجه الترمذي في الجامع 3895 وصححه، وابن ماجه في السنن 1977، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 4177)



(12) أخرجه أبو داود في السنن 2146، وصححه النووي في رياض الصالحين (ص 91).



(13) رواه الترمذي 2537.



(14) صحيح مسلم 1469.



(15) صحيح البخاري 3549، صحيح مسلم 3549.



(16) صحيح البخاري 5691، صحيح مسلم 2309.



(17) صحيح البخاري 3370، صحيح مسلم 2064.



(18) رواه ابن أبي الدنيا في الصمت (ص 180)، والبيهقي في شعب الإيمان 8019، وابن عساكر في تاريخ دمشق (31/176-177).

انتهى بفضل الله نقل الجزء الثانى من الكتاب
والبقية تأتى إن شاء الله

أبو مصعب السلفي
02-13-2008, 09:04 PM
ملتع ماشاء الله
متابع
جزاك الله خيرا يارحمك الله
..

أبومالك
02-14-2008, 07:15 PM
ولك بالمثل أخى الحبيب

أبومالك
02-14-2008, 07:18 PM
الجزء الثالث الفصل الأول: اكسب الجدال بأن تتجنبه


قال: إن حب الظهور في معظم الأحيان هو الدافع الأول إلى المجادلة. فأنت تود أن تعرض سعة اطلاعك وحسن تنقيبك في الموضوع المطروح للجدل، ومثل هذا يحس الرجل الآخر الذي تجادله، فإذا قهرته بمنطقك السليم وفزت عليه فإنه لن يعتبر ذلك إلا إهانةً منك، وجرحاً لكرامته، وهو قلَّما يغفر لك ذلك، بهذا تكون قد اشتريت خصومته دون نفع يصيبك من الشراء.


وبين أثر الجدل على الأعصاب فقال: الواقع أن الرجل الكثير الجدل، هو الذي لا يقوى على ضبط أعصابه، فيفقد السيطرة على نفسه حين يسمع رأياً مناقضاً لرأيه أو وجهة نظر بعيدة عن وجهة نظره.. إن الخصم في الجدال كالكلب العقور ومن الأفضل أن تخلي له الطريق قبل أن يعضك من أن تقتله بعد أن يكون قد فعل ما فعل، واعلم أن أفضل طريق لكسب الجدال هو عدم الوقوع فيه.


وقد جاء في الحديث الترغيب في ترك الجدل، فوعد الرسول صلى الله عليه وسلم تاركه ببيت في الجنة. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ»(1).

وقد أخذ السلف الصالح بهذا وبينوا أن الجدل يوغر الصدور ويفصم الصداقة ويصنع العداوات ويضيع الأوقات.

عن ابن وهب قال: سمعت مالك بن أنس يقول: «المراء في العلم يقسي القلب ويورث الضغن»(2).


واعتبروا المراء الطريق المختصر إلى القطيعة وحل حبال الصداقة:


قال عبد الله بن الحسين: «المراء يفسد الصداقة القديمة ويحل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون المغالبة والمغالبة أمتن أسباب القطيعة»(3).


وأوضح الإمام ابن بطة أن الجدال والمخاصمة ليست من صفات النبلاء ولا من أخلاق العلماء:


قال الشيخ: «فاعلم يا أخي أني لم أر الجدال والمناقضة والخلاف والمماحلة والأهواء المختلفة والآراء المخترعة من شرائع النبلاء ولا من أخلاق العقلاء ولا من مذاهب أهل المروءة ولا مما حكي لنا عن صالحي هذه الأمة ولا من سير السلف ولا من شيمة المرضيين من الخلف، وإنما هو لهو يتعلم، ودراية يتفكه بها، ولذة يستراح إليها، ومهارشة العقول، وتذريب اللسان بمحق الأديان، وضراوة على التغالب، واستمتاع بظهور حجة المخاصم، وقصد إلى قهر المناظر، والمغالطة في القياس، وبهت في المقاولة، وتكذيب الآثار، وتسفيه الأحلام الأبرار، ومكابرة لنص التنزيل، وتهاون بما قاله الرسول، ونقض لعقدة الإجماع، وتشتيت الألفة، وتفريق لأهل الملة، وشكوك تدخل على الأمة، وضراوة السلاطة، وتوغير للقلوب، وتوليد للشحناء في النفوس، عصمنا الله وإياكم من ذلك وأعاذنا من مجالسة أهله»(4).


وقيل لحاتم الأصم: بماذا غلبت خصمك؟ قال: «أفرح إذا أصاب، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ لساني أن أقول فيه ما يسوءه».


وإذا تناقشوا يحسنون القصد والرغبة بإظهار الحق كما تجادل إسحاق بن راهويه والشافعي، فأخذ الشافعي برأي إسحاق وأخذ إسحاق برأي الشافعي لما ترجح الحق في نظرهما.

(1) رواه أبو داود في السنن [4800]، والترمذي في الجامع [1993]، وابن ماجه في السنن [51].


(2) الإبانة (2/530).


(3) الإبانة (2/530-531).


(4) الإبانة (2/531).

أبومالك
02-14-2008, 07:22 PM
الفصل الثاني من الجزء الثالث : وصفة لخلق العداوة.
قال: عندما تبدأ كلامك مع رجل بأن تقول له: «أنت مخطئ» أو «اسمع يا هذا، سأثبت بطلان ما تقول» أتدري أنك في تلك اللحظة تعني: ( أنك أيها الرجل بليد تعوزك براعتي وينقصك ذكائي، قف أمامي ذليلاً لأدلك على الطريق الذي بلغه ذهني المتوقد وحكمتي الأصيلة )! هذا هو المعنى بالضبط.. فهل تقبل بأن يوجه إليك أحد مثل هذا القول؟ كلا، طبعاً. إذن فلماذا توجهه إلى الآخرين!



وختم الفصل بقوله: فإذا أردت أن تجتذب الناس إلى وجهة نظرك فاحترم آراء الغير، ولا تقل لأحد: أنت مخطئ.
والصحيح أنه لا يقوم العدل ولا تستقيم الحياة حتى يقال للمخطئ: أخطأت، وللمصيب: أصبت، صحيح أنه ينبغي اختيار الأسلوب الحسن في عرض الأخطاء ما أمكن ذلك وكان أقرب للانتفاع به.


مثل ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا..»، فلم يجابههم في وجوههم.


وما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الرفق وترك العنف والشدة والغلظة مثل قوله: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله»(1)، وقوله: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه»(2).



وما ذكره المؤلف أكثر ما يصلح في الأمور التي تختلف فيها وجهات النظر وليس مع الآخر نص قاطع، أو لا يسبب خلافه شراًّ على الأمة.




(1) صحيح البخاري [2528]، صحيح مسلم [2593].
(2) صحيح مسلم [2594].

أبومالك
02-14-2008, 07:25 PM
يُتبع إن شاء الله

أبومالك
02-19-2008, 10:58 PM
الفصل الثالث من الجزء الثالث: سلِّم بالخطأ


إن المخالف أو مقترف الخطأ عامة، سرعان ما يدرك أن الصواب ليس بجانبه، وسيثبت له الغير ذلك آجلاً أو عاجلاً، فلماذا لا يقطع الطريق على الخصومة ويعترف بخطئه! إن الاعتراف بالخطأ يزيل التحامل الذي يمكن أن يتولد في صدر الخصم أولاً، ومن ثم يخفف أثر الخطأ ثانياً. فحين ترى أنك على خطأ، اعمد إلى التسليم به، وهو كفيل بأن يجعل الخصم يقف منك موقف الرحيم السريع العفو، وعلى العكس من ذلك إذا أصررت على الدفاع عن خطئك، وقديماً قيل: «المقر بذنبه كمن لا ذنب له».


وختم الفصل بقوله: إن من الحكمة أن تسلم بالخطأ حين تخطئ.


وهذا سبيل الأنبياء عليهم السلام ومنهج القرآن الكريم، فإنه لما ثرب المشركون على الصحابة انتهاك الشهر الحرام بالقتال فيه بين الله تعالى أن هذا من الخطأ ولكن فعل المشركين أكبر من ذلك، قال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}(1).


وهذا فرعون المجرم الأثيم السفاح السفاك للدماء يلوم موسى ويثرِّب عليه قتله للقبطي خطأ، فيعترف موسى عليه السلام مباشرةً ويخبره بأن ذلك من الخطأ. قال سبحانه عن موسى عليه السلام: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ}(2).


وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زاد ركعةً في صلاة العصر وسلَّم تعجَّب منه الصحابة وقالوا: أحدث في الصلاة شيء؟ قال لهم: «إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون …»([3).


(1) سورة البقرة: 217.

(2) سورة الشعراء: 20.


(3) صحيح مسلم [572].

أبومالك
02-19-2008, 11:01 PM
الفصل الرابع من الجزء الثالث: نعم.. نعم.. يا سقراط.

ذكر أن سقراط كان دائماً يكسب الجولة مع من يحاوره؛ لأنه يبدأ بالنقاط التي يتفق مع الآخرين فيها، ويتجنب أن يوجه سؤالاً ينتظر أن يكون جوابه «لا»؛ ذلك أن «لا» عقبة تؤدي إذا قالها الرجل كان من الصعب عليه التنازل عنها ويرى أنه يتعين عليه المحافظة عليها. وأن جهازه العصبي سيصبح متحفزاً في المحافظة عليها.
والمتحدث اللبق هو الذي ينال من مجادله عدداً من «نعم» أي: الموافقة أول الأمر.


وقد يكون في مجال النهي يلقمه كلمة لا، كما حاور رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشاب الذي جاء يستأذنه في الزنا، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «إِنَّ فَتًى شَاباًّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ قَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ: ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالاَتِهِمْ، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ»(1).



(1) رواه أحمد في المسند (5/256)، وقال الهيثمي في المجمع (1/129): «رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح».

أبومالك
02-19-2008, 11:06 PM
الفصل الخامس من الجزء الثالث: كيف تجعل الآخرين يتعاونون معك؟
إن من طبيعة الإنسان أن يعتزَّ برأيه، وأن يتحمس لفكرته.


وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تحاول أن تجرع غيرك فكرتك ورأيك فيتحمسوا لها ويقوموا بها؟


ثم ذكر مثالاً على ذلك، وهو أن صاحب مصنع تدنى إنتاج العمال فيه تدنياً شديداً فجمعهم وكافأهم واعتذر عن تقصيره معهم في السابق. وقال: ماذا أنتظر منكم بعد ذلك، فهنا تنافس العمال وكل واحد منهم ذكر له أنه سينتج في اليوم كذا وكذا.


ومثال آخر أن رزفلت -لما كان محافظاً لنيويورك أراد أن ينتقي شخصاً يشغل عنده منصباً هاماًّ، دون أن يختلف مع أعضاء حزبه، فقام فدرس عدداً من الرجال البارزين وعرف إيجابياتهم وسلبياتهم، ثم جمع أعضاء الحزب وطلب منهم الترشيح فكلما ذكروا رجلاً قال فيه ما يعرف من الإيجابيات والسلبيات، حتى رشحوا له صاحبه الذي أراد فذكر لهم إيجابياته وسكت عن سلبياته.



الخلاصة: إذا أردت أن تكسب روح التعاون عند الآخرين، فاجعل الشخص الآخر يحس أن الفكرة فكرته.
ثم قال: الرجل العاقل هو الذي إذا شاء أن يتصدر الناس جعل نفسه خلفهم، إن البحار والأنهار أوطأ من الوديان والجداول، ومع هذا فهي تتلقى الجزية من مياهها.



لاشك أن الكثير من الناس يكرهون ممارسة الأستاذية عليهم ويمتعضون بالمخاطبات الفوقية ويكرهون التعالي عليهم.
وقد مقت الإسلام هذا الأسلوب في التعامل واعتبر هذا المسلك إذلالاً وتعبيداً للناس كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «مذ كَم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!»(1).


وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم - وهو المسدد الذي لا ينطق عن الهوى – بالشورى فقال: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}(2)، وهو درس لأمته جميعاً بالبعد عن الفردية والاعتزاز بالرأي.


إن مشاورة المدير للعاملين معه ترفع من قدره عندهم ويضيف أفكاراً إلى أفكاره ويصبح يفكر بعقل مجموع، ويتحمس الجميع لرأيه ويرون أنه رأيهم جميعاً.



قال بعض السلف: «من حق العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العلماء، ويجمع إلى عقله عقول الحكماء؛ فالرأي الفذ ربما زل، والعقل الفرد ربما ضل».




قول ابن حزم: «استعن في أمورك بمن يريد منها ما تريد»

الفصل 15 - العرض أقوى من المناقشة على أنهما ليسا في موضوع واحد





(1) رواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص 290).


(2) آل عمران: 159.

أبومالك
02-19-2008, 11:14 PM
يُتبع إن شاء الله
(عسى أن ينتفع بهذا النقل أحد الأعضاء فالكلام مفيد)
إذا كنت لا تقرأ إلا ما يُعجبك فقط، فإنك إذاً لن تتعلم أبداً!

غريب الامة
02-20-2008, 09:55 AM
كتاب رائع .. و يحمل معاني و مفاهم رائعة عن الاسلام .. و كيفية كسب الاصدقاء ..

جزاكم الله خيرا على افادتكم لنا بهذا الكتاب القيم ..

و بارك الله فيكم ..

// غريب الامة //

أبومالك
02-21-2008, 07:21 PM
جزاك الله خيراً أخى على المرور
نفعنى الله واياك بالموضوع

أبومالك
02-21-2008, 07:27 PM
الفصل السادسمن الجزء الثالث: تفهم عواطف الآخرين لك
كما يسرك أن يراعي الآخرون عاطفتك، فإنه يسرهم أن تحترم عواطفهم بنفس المقدار، وقد يكون الشخص الآخر مخطئاً، لا تلمه، تذرع بالصبر وطول البال، قل: ترى كيف أتصرف لو كنت مكانه؟ إذا تساءلت بهذه الروح تكون قد كسبت نصف الشوط، ويبقى النصف الثاني، وفي وسع عبارة لبقة منك أن تأتي بالعجائب.



ثم ذكر قصة عسكري مع أطفال يشعلون النار في الغابة لطهي طعامهم فوقف عليهم وأثنى على صنيعهم ثم قال: هناك كثير من أمثالكم يفعلون ذلك، لكن بعضهم لا يراعي المصلحة العامة. تصوروا أنهم لا يحرصون أن يطفئوا النار بعد استخدامها، وقد تزيد بعدهم فتحرق جميع الأشجار الجافة، ألا ترون أنها أشجار جميلة لا يجوز الإهمال فيها.. ففرح الصبيان وشكروا له لطفه ووعدوه بحماس أن لا يكونوا مهملين بل يطفئوا النار حال الفراغ من الطهي.




لاشك أن معالجة أخطاء الناس وتجاوزاتهم بشيء من التأني والحلم والأناة يكسب رؤيةً صائبةً للخطأ وتقديراً لحجمه واختياراً للعلاج المناسب له، كما أن العجلة والتسرع كثيراً ما يكون سبباً في تضخيم الخطأ وتعظيمه مما يترتب عليه التجاوز وتعدي الحدود في العلاج.
ألا ترى إلى ذلك الأعرابي الذي دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك البقعة الطاهرة فحسر عن ثيابه وجلس يبول فيه فأنكر عليه الصحابة وصاحوا به، فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «دعوه لا تزرموه»(1)
أي: لا تقطعوا عليه بولته. وبعد أن انتهى ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره أن هذه المساجد بنيت لذكر الله وإقام الصلاة. فلو تركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحصل بذلك مفاسد كثيرة منها: تنفير الأعرابي من الإسلام، وتنجيس بقعة كبيرة من المسجد عند فزعه وقيامه، وتنجيس ملابسه … الخ.



(1) صحيح البخاري [5679]، صحيح مسلم [285].

أبومالك
02-21-2008, 07:30 PM
الفصل السابع من الجزء الثالث : ماذا يريد الناس؟

مهما بدا الناس عتاة، قساة القلوب، أو لامنطقيين، فإن طبيعتهم الإنسانية هي التي تسود آخر الأمر، إنهم ضعفاء، إنهم يطلبون التعاطف معهم، بل والعطف عليهم، فإذا قلت لمحدثك: إني لا أوجه إليك اللوم، إذ أنني سأفعل مثل ما فعلت أنت لو كنت مكانك، فإن هذا كفيل بضمان انجذابه إلى جانبك، واستلال كل حق أو تصور كان من الممكن أن ينشأ بينكما.




ثم ذكر قصصاً مؤداها أنك لكي تستطيع أن تتفهم عواطف الآخرين وتعذرهم في كثير من تصرفاتهم فضع نفسك في مكانهم فهل تتصرف بخلاف تصرفاتهم، ولا بدَّ أثناء المقارنة من أن تراعي الظواهر النفسية والبيئية والدينية لكل شخص حتى تصيب في مقارنتك.




وختم الفصل بقوله: الناس جميعاً ضعفاء، والكل منهم يشكو قساوة حظه وسوء طالعه، ولهذا فهو في حاجة إلى العطف.. فلماذا لا تمنحه إياه.




إنك تستطيع أن تكسب الناس حين تقدر أفكار الشخص الآخر وتتفهم عواطفه وتقدرها.




حقاًّ إن المربي والمعلم للناس ينبغي له أن يلاحظ العادات والتقاليد والحضارة والتعاليم والقوانين والنفسيات والأجواء التي يعيش فيها الإنسان، إذ أنه ابن بيئته كما يقال.




فالإنسان ذلكم الذي ميَّزه الله بالعقل والفهم والإدراك فيه من القابلية والاستعداد للتأثر بالمجالس والمخالط له حتى لو كان من الحيوانات.




فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه أَنَّ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ»([1] (http://www.taiba.org/article-view.php?id=325#_ftn1)). فإذا كان الإنسان بهذه المنزلة من الضعف وسرعة التأثر بالمخالط فإنه من المتحتم للإنسان الداعي والمربي والمعلم أن يبحث عن أنجح الوسائل والسبل في كسب هذا الإنسان مراعياً الأحوال السابقة الذكر.




ألا ترى إلى الرجل العظيم في قومه سرعان ما تكسبه وتستميله إلى جانبك بهدية أو عطية، ولهذا شرع دفع الزكاة للمؤلفة قلوبهم، وسماهم القرآن مؤلفة لأن ما يعطونه من المال تأليف لقلوبهم على الإسلام.


([1]) صحيح البخاري [3125].

أم حبيبة السلفية
10-14-2008, 08:48 AM
جزاكم الله خيرا