المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المؤمنون و المؤمنات


أبو عبد الله محمد السيوطي
01-13-2011, 11:33 PM
قال تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)" (التوبة)
· من صفات المؤمنين و المؤمنات:
1. بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ: أي يوالي بعضهم بعضا محبة ونصرة و تعاونا و تأييدا و هذا من أوثق عرى الايمان وهو الحب في الله فهو من أسباب رضوان الله وهو من أسباب كون العبد من السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل الا ظله –جعلنا الله منهم-وقال صلى الله عليه وسلم:"لمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" وقال أيضا:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد اذا شتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر" فما أجمل أن تحب أخيك وتنصره وتتمنى له الخير دون أن يكون ذلك لشئ سوى رضا الله عنك فما أجملها من غاية فاذا رضي عنك فماذا تريد بعد ذلك-اللهم ارض عنا يارب لعالمين واجمعنا عندك يا ربنا في جنات النعيم وجعلنا ممن تقول لهم"أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا" اّمين يا رب العالمين
قال الدكتور وهبة الزحيلي في تفسيره الوسيط:
تبين الآيات أن أهل الإيمان من الذكور والإناث متناصرون متعاضدون على الخير والمعروف والفضيلة وتقدم المجتمع، متآزرون في المواقف الصعبة كالهجرة والجهاد، الرجال يعتصمون بالعفة وغض البصر، والنساء يلتزمن الأدب الجم والحشمة والحياء والتعفف وغض البصر وقوة الحديث وستر اللباس وحسن العمل. الجميع يرتبطون برابطة الأخوة والإيمان، وتسودهم المحبة والمودة والتراحم والتعاطف، على عكس المنافقين الذين لا رابطة تجمعهم، ولا عقيدة تؤلف بينهم، وإنما هم أتباع بعضهم بعضا في الشك والجبن والبخل والانهزام والتردد.
و قال الشعراوي رحمه الله:
لم يبين لنا من المولى ومن الموَالي، فكل مؤمن وهو ولي وهو موال؛ لأن الولاية مأخوذة من «يليه» ، أي صار قريباً، وضدها عاداهُ أي بَعُدَ عنه وتركه. إذن: فالموالاة ضدها العداوة. وفائدة القرب أن يكون الولي نصير أخيه المؤمن في الأمر الذي هو ضعيف فيه.
فإذا كنت ضعيفاً في أمر ما، فأخي المؤمن ينصرني فيه. وما دام أخي المؤمن ينصرني في أمر ما، فإن صار هو ضعيفاً في شيء أنصره أنا فيه، فنتفاعل ونتكامل ويصبح كل منا ولياً ومُوَالَى.
ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: {والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر} [العصر: 1 - 3]
ولو قيل: «وصَّوْا» لكان هناك أناس يوصون وأناس يتواصون، لكن الحق قال: {وَتَوَاصَوْاْ} ومعناها أن كل مؤمن عليه أن يوصي أخاه المؤمن. فإن كان عندي نقطة ضعف فأنت توصيني وتقول: اعدل عن هذا ولا تفعله فأنت مؤمن. وإن كانت فيك نقطة ضعف أقول لك: لا تفعل هذا فأنت مؤمن.
إذن: فكل واحد منا مُوص ومُوصىً. كذلك الولاية فأنت وليي، أي قريب مني تنصرني في ضعفي، وأنا وليُّك، أي قريب منك، أنصرك في ضعفك لأننا أبناء أغيار؟ وكل واحد منا فيه نقطة ضعف تختلف عن نقطة ضعف الآخر.

اللهم اجعلنا من أوليائك فأنت حسبنا ونعم المولى ونعم النصير

وقال:الشوكاني رحمه الله في فيض القدير:
قَوْلُهُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ أَيْ: قُلُوبُهُمْ مُتَّحِدَةٌ فِي التَّوَادُدِ، وَالتَّحَابُبِ، وَالتَّعَاطُفِ بِسَبَبِ مَا جَمَعَهُمْ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ،
وَضَمَّهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ
وسنكمل تباعا ان شاء الله
و أسأل الله تعالي أن يجعله خالصا لوجهه وأن يحفظني و اياكم ويطهر قلوبنا ويجعلنا خالصين له وحده ولنصرة دينه
وصل اللهم على حبيبنا محمد و على اّله وصحبه أجمعين وعلى اخوانه الأنبياء والمرسلين
ومن تبعه و اقتدى بسنته الى يوم الدين
والحمد لله رب العالمين

جمال حمزة
01-14-2011, 11:52 AM
اللهم آمين
جزاكم الله كل الخير

أبو عبد الله محمد السيوطي
01-14-2011, 09:55 PM
شكر الله لك أخي و جمعني و اياك عنده في جنات النعيم و نضر وجوهنا بنعمة النظر الى وجهه الكريم
اللهم اّمين

أبو عبد الله محمد السيوطي
01-25-2011, 02:17 AM
2. يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ:
قال الدكتور وهبة الزحيلي :المؤمنون نقيض المنافقين يأمرون بالمعروف الذي أقره الشرع وهو عبادة الله وتوحيده وتوابع ذلك، لا بالمنكر الذي نهى عنه الشرع، وينهون عن المنكر الذي يفسد ويضر، ويمزق ويفرق بين الأخ وأخيه وهو عبادة الأوثان وتوابعها

وقال الشيخ الشعراوي رحمه الله:إذا فعل مؤمن منكراً؛ جاء أخوه المؤمن فنهاه عنه، وإذا لم يفعل معروفاً جاء أخوه المؤمن وأمره بالمعروف وكل واحد منا ناهٍ عن منكر، ومنهي عن منكر.
وأنت لا يمكن أن تأمر بمعروف وأنت تفعل عكسه، أو أنت بعيد عنه، فلا يمكن أن تكون في يدك كأس من الخمر؛ ثم تطلب من إنسان آخر يمسك كأس خمر أن يحطم الكأس التي في يده، لا يمكن إذن أن تنهي عن منكر وأنت تفعله؛ والذي يأمر بمعروف لا بد أن يكون فاعله، والذي ينهى عن المنكر لا بد أن يكون بعيداً عنه. فكل مؤمن آمر ومأمور بالمعروف. وناهٍ عن المنكر.

قال العلامة السعدي-رحمه الله-:{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} وهو: اسم جامع، لكل ما عرف حسنه، من العقائد الحسنة، والأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة، وأول من يدخل في أمرهم أنفسهم، {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وهو: كل ما خالف المعروف وناقضه من العقائد الباطلة، والأعمال الخبيثة، والأخلاق الرذيلة.

وفي تفسير المنار لمحمد رشيد رضا و أستاذه محمد عبده-رحمهما الله:وِلَايَةُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَعُمُّ وِلَايَةَ النُّصْرَةِ وَوِلَايَةَ الْأُخُوَّةِ وَالْمَوَدَّةِ، وَلَكِنَّ نُصْرَةَ النِّسَاءِ تَكُونُ فِيمَا دُونَ الْقِتَالِ بِالْفِعْلِ، فَلِلنُّصْرَةِ أَعْمَالٌ كَثِيرَةٌ، مَالِيَّةٌ وَبَدَنِيَّةٌ وَأَدَبِيَّةٌ، وَكَانَ نِسَاءُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَنِسَاءُ أَصْحَابِهِ يَخْرُجْنَ مَعَ الْجَيْشِ يَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُجَهِّزْنَ الطَّعَامَ، وَيُضَمِّدْنَ جِرَاحَ الْجَرْحَى، وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ كَانَتْ هِيَ وَأُمُّ سُلَيْمٍ وَغَيْرُهُمَا يَنْقُزْنَ قِرَبَ الْمَاءِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَيُسْرِعْنَ بِهَا إِلَى الْمُقَاتَلَةِ وَالْجَرْحَى يَسْقِينَهُمْ وَيَغْسِلْنَ جِرَاحَهُمْ، وَكَانَ النِّسَاءُ يُحَرِّضْنَ عَلَى الْقِتَالِ، وَيَرْدُدْنَ الْمُنْهَزِمَ مِنْ رِجَالٍ، قَالَ حَسَّانُ:
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٌ ... يُلَطِّمْهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
وَفِي سِيرَةِ الْخَنْسَاءِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَنَّهَا كَانَتْ تُحَرِّضُ أَبْنَاءَهَا عَلَى الْقِتَالِ بِشِعْرِهَا كُلَّمَا قُتِلَ وَاحِدٌ، حَتَّى إِذَا مَا قُتِلَ الثَّالِثُ قَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنِي بِشَهَادَتِهِمْ. هَذَا شَأْنُ الْخَنْسَاءِ فِي الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ مِنْ أَرَقِّ النِّسَاءِ قَلْبًا، وَأَكْمَدِهِنَّ حُزْنًا، وَرِثَاؤُهَا لِأَخَوَيْهَا مَلَأَ أَنْدِيَةَ الْأَدَبِ شَجْوًا وَشَجَنًا

وقد قال تعالى:"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)" اّل عمران
و قال:"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ"اّل عمران 110
وللأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ضوابط ليس لايتسع الحديث لذكرها الاّن
وأدعوا الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يوفقفنا لما يحب ويرضى
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

جمال حمزة
01-25-2011, 05:41 PM
أحسن الله اليكم اخى وتقبل منكم اعمالكم خالصه لوجهه الكريم

أبو عبد الله محمد السيوطي
01-26-2011, 08:07 PM
جعلك الله أخي من المحسنين و جمعك و اياي بحبيبنا محمد-صلى الله عليه وسلم-في جنات النعيم
اّمين يارب العالمين

أبو عبد الله محمد السيوطي
04-02-2011, 04:16 AM
3. وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ:
قال الدكتور وهبة الزحيلي :ويقيمون الصلوات الخمس المفروضة على الوجه الأكمل بقلوب خاشعة، وعقول واعية، وأفئدة ذاكرة، ويؤتون الزكاة الواجبة مع التطوع بالصدقات والنوافل لتحسين أوضاع المجتمع وترقية أحواله

قال الشيخ الشعراوي رحمه الله:واستدامة الولاء لا تكون إلا بالصلاة. وساعة تسمع المؤذن يقول: «الله أكبر» تسرع إلى الصلاة. لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى - وهو ربك وصانعك ووليك - قد دعاك إلى الصلاة، فلا بد أن تجيب الدعوة.
فإذا أحببت أن تزيد على الصلوات الخمس وتكون في معية الله دائماً فافعل، بعد أن تكون قد أدَّيْتَ ما فرضه سبحانه عليك من خمس صلوات في اليوم الواحد، وحين تُعْرَض الصنعة على صانعها خمس مرات كل يوم ففي هذا صلاح الإنسان. وأنت إنْ جئتَ بأي آلة وجعلتَ المهندس الذي صنعها يراها كل يوم خمس مرات فلن تعطب أبداً.
كذلك الإنسان وهو صنعة الله، إذا عرض نفسه على الله خمس مرات كل يوم فإن العطب لا يدخل إلى نفسه.
ولهذا كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذا حزبه أمر - أي كان هذا الأمر فوق طاقته - قام إلى الصلاة؛ لأن أسبابه لم تستطع أن تفعل شيئاً فيتجه إلى المسبب، ويقف بين يديه؛ لأنه سبحانه وتعالى هو الذي يملك الحل. ولذلك كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول لبلال: أرحنا بها يا بلال كأن الراحة بها.
ويقول سبحانه: {وَيُقِيمُونَ الصلاوة وَيُؤْتُونَ الزكاوة} والصلاة تأتي مع الزكاة باستمرار؛ لأن في الصلاة استدامة ولاء لله المعطي، وفي الزكاة استبقاء حياة من يستحق أن تعطيه، فأنت تعطيه لتستبقي له حياته فيواصل الولاء لله معك؛ لأنه لا ولاء إلا بحياة، وأنت تساعده على استبقاء هذه الحياة؛ ولأن الزكاة إعطاء مال للفقير، والمال يأتي بالعمل، والعمل يحتاج إلى وقت، إذن: فأنت ضحيت بجزء من وقتك لتتصدق به، وفي الصلاة ضحيت بوقتك في أوقات محددة.
وفي الأوقات التي تعمل فيها هناك استدامة الولاء، بأن تخصص جزءاً من أثر هذا الوقت للزكاة، فلا يكون كل وقتك للعمل، وإنما يكون وقتك فيه عمل وفيه عبادة، فحين تخصص جزءاً من مالك الذي سيأتيك من العمل للزكاة تكون قد زكَّيت الوقت بالصلان، وزكيت المال بالعطاء.

4.وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ: قال تعالى:" وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)"النساء