المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إذا كان دائما يصوم يوم عرفة، فصامه وصام يوم عاشوراء، فكيف يقع تكفير ثلاث سنين كل سنة؟


*أم مريم*
12-23-2010, 10:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد
فهذا كلام للعلامة ابن القيم رحمه الله من كتابه " الوابل الصيب" ص 18 - 20.
قال رحمه الله تعالى:
وبهاتين القاعدتين تزول إشكالاتٌ كثيرة، وهما:

تفاضلُ الأعمال بتفاضل ما في القلوب من حقائق الإيمان، وتكفيرُ العمل للسيئات بحسب كماله ونقصانه.


وبهذا يزول الاشكال الذي يورده من نقص حظه من هذا الباب على الحديث الذي فيه :" أن صوم يوم عرفة يكفر سنتين ويوم عاشوراء يكفر سنة".


قالوا: فإذا كان دأبه دائما أنه يصوم يوم عرفة، فصامه وصام يوم عاشوراء، فكيف يقع تكفير ثلاث سنين كل سنة؟

وأجاب بعضهم عن هذا بأن ما فضل عن التكفير ينال به الدرجات.


ويالله العجب! فليت العبد إذا أتى بهذه المُكَفِّرات كلها أن تكفر عنه سيئاته باجتماع بعضها إلى بعض.


والتكفير بهذه مَشْرُوطٌ بشروطٍ، موقوفٌ على انتفاء موانع في العمل وخارجه؛ فإنْ عَلِم العبد أنه جاء بالشروط كلها، وانتفت عنه الموانع كلُّها، فحينئذ يقع التكفير، وأما عَمَلٌ شَمِلَتْه الغفلة أو لأكثره، وَفَقَدَ الإخلاص الذي هو روحه ولُبُّه ولم يُوَّفِ حَقّه، ولم يقدّره حق قدره فأي شيء يكفر هذا العمل ؟

فإن وثق العبد من عمله بأنه وفّاه حقَّه الذي ينبغي له ظاهرًا وباطنًا، ولم يعرض له مانع يمنع تفكيره، ولا مُبْطِل يُحْبِطه ـ من عُجْبٍ أو رؤيةِ نفسه فيه، أو مَنٍّ به، أو يستشرف بقلبه لمن يُعظِّمه عليه، أو يعادي من لا يعظمه عليه، ويرى أنه قد بَخَسَه حقّه وأنه قد استهان بحرمته ـ فهذا أي شيء يكفر؟

ومحبطاتُ الأعمال ومفسداتُها أكثر من أن تحصر، وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه.
فالرياء -وإن دق- محبطٌ للعمل، وهو أبواب كثيرة لا تحصر.

وكونُ العمل غير مُقَيَّد باتباع السنة أيضًا موجبٌ لكونه باطلًا، والمَنُّ به على الله تعالى بقلبه مُفْسِدٌ له، وكذلك المَنُّ بالصدقة والمعروف، والبر والاحسان والصِّلَةِ مُفْسِدٌ لها كما قال سبحانه وتعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى }

وأكثر الناس ما عندهم خَبَرٌ من السيئات التي تحبط الحسنات، وقد قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون }

فحذر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعض، وليس هذا بردة، بل معصيةٌ يحبط بها العمل وصاحبها لا يشعر بها.

فما الظَّنُّ بِمَنْ قَدَّم على قول الرسول صلى الله عليه و سلم وهدية وطريقه قولَ غيره وهديَه وطريقَه ؟!

أليس هذا قد حبط عمله وهو لا يشعر ؟!



--

أم عبد الرحمن السلفية
12-23-2010, 11:22 PM
جُزيتِ الفردوس الأعلى, ونفع الله بكِ أخيتي .