المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ** سلسلة فقه التعامل مع الناس **


سمير السكندرى
12-12-2007, 07:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




الدرس الأول : التعامل مع الناس في المفهوم الإسلامي



لا يزال الأسلوب الإسلامي في التعامل مع الناس وسيظل هو الأسلوب الأمثل والأحسن، ولا يزال المسلم الحق الملتزم بدينه، المحافظ على أخلاقه الإسلامية شامة بين الناس وقدوة حسنة، يحبه كل من يخالطه ويسر له كل من يجالسه ... المسلم الصادق شخصية اجتماعية راقية، تَخَلَّقَ بآداب الإسلام، وتحلّى بمكارم الأخلاق، حتى غدا نموذجاً حياً للإنسان الاجتماعي الراقي المهذب التقي الطيب ... وقدوة الؤمنين ومثالهم الأول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصفه ربه ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ "4" ). والذي وصفته عائشة رضي الله عنها : (( كان خلقه القرآن ))، وقد كان صلى الله خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) سنن الترمذي .


وقد دعا الإسلام إلى حسن التعامل مع الناس رغبة في تحبيبهم إلى الخير، وسعياً في هدايتهم للحق، وإشعاراً بكرامة الإنسان قال الله تعالى ( وَلَقَد كَرَّمنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلنَاهُم في البَرِ وَالبَحرِ وَرَزَقنَاهُم مِنَ الطَّيِبَاتِ وَفَضَّلنَاهُم عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّن خَلَقنَا تَفضِيلاً "70" ).


وحث الإسلام على مخاطبة الناس بالحسنى ( وَقُولُوا لَلنَّاس حُسناً ).


وحتى من كان جباراً وطتغيةً أمر الإسلام بأن يخاطب بخطاب ليِّن ( اذهَبَا إِلَى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغَى "43" فَقُولاَ لَهُ قَولاً لَّيِناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَى "44" ).إن كان الموقف بحاجة إلى جدال ونقاش وحوار، أكد الإسلام على ضرورة الإحسان في المجادلة ( وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ ) وطالب بأن تستمر هذه المعاملة حتى مع العدو رجاء عودته إلى الحق ( ادفَع بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ فَإذَا الّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) ( عَسَى اللَّهُ أَن يَجعَلَ بَينَكُم وَبَينَ الَّذِينَ عَادَيتُم مِّنهُم مَّوّدَّ ةً )


ومن أجل تحسين العلاقة الاجتماعية مع الناس أوصى الإسلام بصلة *******، وحذر من قطعها وذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد (( صل من قطعك وأعطِ من حرمك واعف عمن ظلمك )).


هذه هي أخلاق التعامل في الإسلام فما أحوج البشرية اليوم إلى الاعتصام بحبل الله المتين وإلى التمسك بمثل الإسلام وهديه الذي لا تطيب الحياة إلا به ولا تسود القيم الإنسانية الرفيعة إلا بوجوده ( قَد جَآءَكُم مِّنَ اللَّهِ نورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوَانَهُ سُبُلَ السَلاَّمِ وَيُخرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النٌّورِ بِإذنِهِ وَيَهدِيهِم إِلى صِرَاطٍ مُّستَقِيمٍ "16" )

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:32 AM
الدرس الثاني : معاملة الإنسان لنفسه

وقبل أن يحسن الإنسان معاملة الآخرين، عليه أن يحسن معاملة نفسه فمن قدر على ضبط نفسه وترويضها في فضائل الأعمال ومكارم الأخلاق، كان على معاملة غيره بالحسنى أقدر.

ومن الأدب الذي ينبغي أن تحمل عليه النفس، ترك ما يشينها ويدنسها من الرزائل والمنكرات الظاهرة والباطنة، والتزين بالفضائل ظاهراً وباطناً، وأن يستوي عند النفس السر والعلانية، عملاً بقوله تعالى ( وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثمِ وَبَاطِنَهُ ).
فلا يفعل الإنسان معصية في السر ما يستحيي من فعلها في الملأ.

ومن الأدب مع النفس، أن تملك من الخير في غير الكبر، وأن تتواضع من غير ذلة، وأن تلقى العدو والصديق بوجه الرضى، من غير ذل ولا خوف منهم، وأن تتحفظ في مجالسهك من تشبيك أصابعك، وإدخال أصبعك في أنفك، ومن كثرة البصاق والتثاؤب.

ومن الأدب أن تصغى إلى من يحدثك، محاولاً أن لا تسأله الإعادة. ولا تجادل بإعجابك بولدك وأزواجك، ولا تتصنع تصنع المرأة في التزين، فإن ذلك منافٍ للأدب، ولا تتبذل تبذُّل العبد. وما الأدب إذا دخلت مجلساً، أن تجلس حيثما انتهى بك المجلس، ولا تجلس على الطريق، فإن جلست فغض البصر، وأعط الطريق حقه، وأعن المظلوم، وأرشد الضال. واحذر كثرة المزاح، فإن البيب يحقد عليك، والسفيه يجترئ عليك.

قال العلماء : وكن ذا مروءة فإن المروءة من الأدب. فمروء اللسان حلاوته وطيبه ولينه وترطيبه بذكر الله، ومروءة الخُلق سعته وبسطه للحبيب والبغيض، ومروءة المال الإصابة ببذله في المواقع المحمودة عقلاً وعرفاً وشرعاً، ومروءة الجاه بذله للمحتاج إليه وعدم الافتتان به، ومروءة الإحسان تعجيله وتيسيره وتوفيره وعدم رؤيته حال وقوعه ونسيانه بعد وقوعه.

ومروءة الترك، ترك الخصام وكثرة المعاتبة وترك الجدل والمراء. ومروءة الدعوة : توقير الكبير ورحمة الصغير.

ومن حسن الأدب مع النفس حملها على جملة آداب ظاهرة : مثل حسن الهيئة والتجمل للأصدقاء ولأصحاب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا خرج الرجل إلى إخوانه فليهيئ من نفسه فإن الله جميل يحب الجمال )) وإذا كان له شعر فليمشطه لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبوداود ](( من كان له شعر فليكرمه )).

ومن حسن الأدب التزام النظافة الدائمة، والرائحة الزكية، ليكون المسلم دائماً محبب المنظر، مألوفاً عند الآخرين. روى الإمام مسلم بإسناد عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال : (( ما شممت غنبراً قط ولا مِسكاً ولا شيئاً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم )) وكان صلى الله عليه وسلم إذا صافح المصافح ظل يومه يجد ريح الطيب في يده وإذا وضع يده على رأس الصبي، عرف من بين الصبيان بالرائحة الزكية. وذكر البخاري في تاريخه الكبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يمر في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه سلكه من طيبه.

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:32 AM
الدرس الثالث : معاملة الوالدين

ليس هناك أحق بالبر والإحسان في المعاملة من الوالدين، فهما أساس الوجود بعد الله. ولهما الفضل الكبير على الإنسان وقد رفع الإسلام من قدر الوالدين إلى درجة لم تعرفها الإنسانية في غير الإسلام. وجعل هذه المنزلة تلي منزلة الإيمان بالله قال الله تعالى : ( واَعبُدُوا الَّلهَ وَلاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً وَبالوَالِدَينِ إِحسَاناً )وقال تعالى : ( وَقَضَى رَبُكَ أَلاَّ تَعبُدُوا إِلآ إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَينِ إِحسَاناً )
وتتجلى معاملة الوالدين في الأمور التالية :
1- إذا احتاجا إلى طعام أطعمهما وإذا احتاجا إلى كسوة كساهما إن قدر عليه.
2- وإذا احتاج أحدهما إلى الخدمة خدمه، وإذا دعواه أجابهما.
3- وإذا أمراه بأمر أطاعهما ما لم يأمراه بالمعصية والغيبة، وإذا دعواه أجابهما.
4- أن يتكلم معهما باللين ولا يتكلم معهما بالكلام الغليظ. قال الله تعالى : ( وَقُل لَّهُمَا قَولاً كَرِيماً ).
5- أن لا يدعهما باسمهما وإنما يقول أمي وأبي، ويوقرهما ويخفض لهما جناح الذل. قال الله تعالى : ( وَاخفِض لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ ).
6- أن يدعو لهما بالمغفرة كلما يدعو لنفسه ( وَقُل رَّبِ ارحَمهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ).
7- أن يبر أهل ودهما، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم (( أبر البر أن يصل الرجل ود والديه )).
8- وبر الأم مقدم على بر الأب، إذا تعارضا، وذلك لأسباب ثلاثة تتميز بها الأم : صعوبة الحمل، وصعوبة الوضع، وصعوبة الرضاع.
وفي الحديث المتفق عليه أن رجلاً جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فسأله يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم (( أمك )) قال ثم من؟ قال : (( أمك )) قال : ثم من؟ قال : (( أمك )) قال ثم من؟ قال : (( أبوك )).

- وتقدم طاعة الوالدين على غيرهما من الطاعات في بعض الأمور منها :
1- ترك المسنونات والتطوع في حالة حاجتهما إلى ابنهما، كترك الصلاة النافلة والحج النافلة، والجهاد غير الواجب، والصوم نفلاً، والسفر للتجارة، والانتقال من بيت إلى بيت أو من بلد إلى بلد.
2- وتجب مخالفة الوالدين إذا أمرا في غير المعروف من ذلك :
إذا دعواك لتناول طعام محرم. وكذلك ليس للوالدين أن يلزما ابنهما بزوجة معينة، فمن خالفهما في ذلك لا يعد عاقاً. وأيضاً إذا أمره والده بطلاق زوجته فإنه لا يجب ومخالفته ليست من العقوق.

أما عقوق الوالدين فكثيرة منها :
1- إبكاؤهما وتحزينهما بقولك أو فعلك.
2- إدخال المنكرات وفعلها أمامهما.
3- البراءة منهما والتخلي عنهما.
4- عدم زيارتهما والسؤال عنهما أو التأخير في ذلك.
5- تقديم الزوجة على الأم أو الأب فيما للوالدين فيه دخل.
6- لعنهما أو التسبب في ذلك.

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:32 AM
الدرس الرابع : معاملة الزوجة

الزوجة في الإسلام سكن ورحمة ونعمة، وهي من خير المتاع كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم (( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة )) ومن أجل الزوجة الصالحة حث الإسلام على اختيار ذات الدين يقول الرسول صلى الله في الحديث المتفق عليه ](( تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحيبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك )).

وفي سبيل حسن العلاقة مع الزوجة، دعا الإسلام إلى معاملتها بالمعروف، وجعل خير الناس أحسنهم لأهله قال الله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعرُوفِ فَإِن كَرِهتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئاً وَيَجعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيراً كَثِيراً ) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي (( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم )).

- ومن أدب الإسلام في التعامل مع المرأة إنصافها، والاعتراف بمحاسنها، وإن ظهر منها بعض الخطأ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم (( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر )).

- ومن ذلك إدخال السرور عليها ولو بالتحية الطيبة والوجه الطلق قال الله تعالى : ( فَإِذَا دّخّلتُم بُيُوتاً فَسَلِمُوا عَلَى أَنفُسِكُم تَحِيَّةً مِّن عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةَ ).

ومن حسن معاملة الزوجة ترك معاتبتها على طعامها وشرابها، لأن ذلك يحزن قلبها، وقد كان من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما ورد في الحديث المتفق عليه (( ما عاب طعاماً قط إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه )).

- ومن ذلك : إحسان القوامة على المرأة، فيتحمل الرجل مقابل ذلك تبعات النفقة والكد على العيال، وتتحمل المرأة معه رعاية الأولاد وحسن تربيتهم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )).

ومن حسن عشرة الزوجة العدل معها إن كان الزوج عند غيرها لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط )).

ومن ذلك المحافظة على أسرارها، وعدم كشف عيوبها لأحد. ومن حقها على زوجها أن يعلمها دينها، ولا يمنعها من الحج إلى بيت الله الحرام وأن يحافظ على حقوقها الزوجية.

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:33 AM
الدرس الخامس : معاملة الأولاد

يدرك المسلم الحق مسؤوليته الكبرى نحو أولاده وأهله، فيؤدي حقوقهم جميعاً كاملة، قال الله تعالى : ( يَاأيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأهلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ ) وتمثل هذه الحقوق أعلى مقام بلغت فيه معاملة الأولاد، من ذلك :

معاملتهم بالحب والحنان والرحمة لينشأوا نشأة نفسية صحيحة، تعمر قلوبهم الثقة، وتشيع في نفوسهم الصفاء. ورد في صحيح مسلم عن أني رضي الله عنه قال : (( ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان إبراهيم مسترصعاً له في عوالي المدينة فكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت فيأخذه فيقبله ثم يرجع )).

وفي الحديث المتفق عليه (( أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحسن بن علي فقال الأقرع بن حابس : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لا يرحم الناس لا يرحم )).

ومن ذلك الإنفاق على العيال بسخاء حتى لا يحتاجوا فيمدوا أيديهم للغير روى مسلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله )).

ومن حسن التعامل مع الأولاد، عدم تفرقة في النفقة بين الذكرو والإناث، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم (( من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة، فقال رجل من بعض القوم :

واثنتين يا رسول الله؟ قال : واثنتين )).

ومن ذلك : أن يسوي بينهم وأن لا يفضل أحدهم على الآخر في الأمور كلها أخرج البزار عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ابم له فقبله وأجلسه على فخذه وجاءته بنت له فأجلسها بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ألا سويت بينهم )) والساواة من أكثر الأساليب التربوية أثراً في صحة نفسية الأولاد واستقامتها .

- ومن حسن التعامل مع الأولاد توجيههم إلى الخير، وإرشادهم إلى أحسن الأعمال. ووصية لقمان لابنه خير مثال.

وصدق من قال (( الصلاح من الله والأدب من الآباء )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:33 AM
الدرس السادس : كيف تتعامل مع الأقارب ؟

الأقارب و******* لهم في الإسلام منزلة كبيرة تلي منزلة الوالدين قال الله تعالى : ( وَاعبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً وَبِالوَالِدَينِ إِحسَاناً وَبِذِى القُربَى وَالجَارِ ذِى القُربَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابنِ السَّبِيلِ ) ومن أجل هذه المنزلة وللحفاظ على الروابط الاجتماعية والعلاقات الأسرية، دعا الإسلام إلى معاملة الأقارب وفق السلوك الآتي :

- صلة ******* مصدر خير في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا تزيد العمر وتبارك الرزق، وفي الآخرة تثمر الجنة. فعن أبي أيوب الأنصاري أن رجلاً قال يا رسول الله ! أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم )) متفق عليه .

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه )) متفق عليه .

- إكرام ذوي القربى مقدم على غيره، لما جاء في حديث الترمذي من قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرَّحِمِ ثنتان : صدقة وصلة )).

- من سماحة الإسلام صلة الرحم، ولو كانوا غير المسلمين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه (( إن آل أبي فلان ليسوا بأوليائي إنما وليِّيَ الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبُلُّها ببلالها )) أي أصلها بالمعروف اللائق بها .

- وصلة ******* في مفهومها الواسع ليست مقصورة على بذل المال فحسب، وإنما تكون أيضاً بالسلام والتواصي بالحق، ومن ذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البزار عن ابن عباس (( بلوا أرحامكم ولو بالسلام )).

- ومن حسن معاملة الأقارب أن تصلهم ولو لم يصلوك، وهذه قمة في المعاملة لا ينتظر صاحبها إلا ثواب الله، والقرب منه. ولقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في المسلم الحق فقال في الحديث الذي رواه البخاري : (( ليس الواصل بالمكافىء، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها )). وفي الحديث الذي رواه مسلم فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال : (( لئن كنت كما قلت فكأنما تُسفهم المل - أي الرماد الحار - ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك )).

ومن هنا كان المسلم على صلة وثيقة بأقاربه وأرحامه لا يقاطعهم ولا يهجرهم. جاء في الحديث المتفق عليه (( الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصلة الله ومن قطعني قطعه الله )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:34 AM
الدرس السابع : كيف تتعامل مع الأصدقاء؟

يتعامل المسلم الصادق مع إحوانه وأصدقائه من منطلق الحب في الله عملاً بقول الله تعالى : ( إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ) فهي إخوة مرتبطة بالإيمان. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه (( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار )).

ومنهج التعامل مع الأصدقاء زاخر بالقيم والآداب والفضائل، من ذلك :

- إظهار المحبة، والإعلان عنها لتقوية العلاقات، وتوثيق الصداقات. لقوا الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي و أبي داود (( إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه )).

- إفشاء السلام، لزيادة المحبة لما روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي اللع عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم )).

- التعاون في الخير والناصرة على الحق. وهذا واجب من واجبات الأخ المسلم تجاه إخوانه وأصدقائه، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً )) رواه البخاري .

- لا هجران للأصدقاء أكثر من ثلاثة أيام، إذا دعت الضرورة. فقد يقع شيء من الخلاف، أو عدم التوافق في حالة من نزوات الغضب، فيسارع المسلم الصادق إلى إصلاح ذات البين وإعادة صفاء الأخوّة وقوتها إلى ما كانت عليه، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم (( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيام يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام )). وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الهجران الطويل وعده من قبيل العدوان على الحياة فقد أخرج البخاري في الأدب المفرد (( من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه )).

- لا بغض ولا حسد لأصدقاء : لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم : (( لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا إخواناً كما أمركم الله )).

- يلقى المسلم أصدقاءه بالبشر والتراحب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم : (( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق )).

- ومن شروط الصداقة الفاضلة، ينصح المسلم لإخوانه ويحب لهم من الخير ما يحب لنفسه. لما ورد في الحديث المتفق عليه (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) ولا يمكن أن يحب له ما يحب لنفسه، إلا أذا كان محباً نصوحاً.

- ومن حسن معاملة الأصدقاء عند المسلم، العفو عن زلاتهم، والرفق بهم، وعدم اغتيابهم، وإعطاؤهم حقوقهم، والدعاء لهم بظهر الغيب.

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:34 AM
الدرس الثامن : الأخوة حقوق وواجبات

- ومن حقوق المسلم على أخيه المسلم: أن يتقي مواضع التهم، صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن، ولألسنتهم عن الغيبة. روى مسلم عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله كلم إحدى زوجاته فمر به رجل فدعاه رسول صلى الله عليه وسلم وقال: (( يا فلان هذه زوجتي صفية )) فقال يا رسول الله! من كنت أظن فيه فإني لم أكن أظن فيك، فقال: (( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم )).

- ومنها إذا بُلي بالسفهاء وبذي شر، فليصبر على معاملتهم، وليدفعهم بالتي هي أحسن. لقول الله تعالى: ( ادفَع بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ ) وقوله: ( وَيَدرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ).

- وقد جاء في الحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه سلم فقالل: (( ائذنوا له فبئس رجل العشيرة هو )) فلما دخل ألان له القول حتى إن له عنده منزلة، فلما خرج قلت له: لما دخل قلت الذي قلت ثم ألنت له فقال: (( يا عائشة، إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه )).

- ومنها النصيحة لكل مسلم، والجهد في إدخال السرور على قلبه. لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) رواه البخاري.

- ومن حقوق الأخوّة: الإعانة بالمال. قال العلماء: والمواساة بالمال مع الأصحاب على ثلاث مراتب: المرتبة الأولى أن تنزله منزلة من تعولهم وهي أدناها، والمرتبة الثانية أن تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك في مالك، قال الحسن: كان أحدهم يشق إزاره بينه وبين أخيه، والمرتبة الثالثة وهي العليا أن تؤثره على نفسك قال الله تعالى : ( وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ ) ..

- ومن هذه الحقوق الإعانة بالنفس فس قضاء الحاجات والقيام بها قبل السؤال مع البشاشة وإظهار الرح.

قال الحسن رضي الله عنه: (( إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة )). وقال عطاء: (( تفقدوا إخوانكم بعد ثلاث، فإن كانوا مرضى فعودوهم، أو مشاغيل فأعينوهم، أو كانوا نسوا فذكروهم )).

- ومن هذه الحقوق إحسان الظن بالمسلمين وعدم تبع عوراتهم. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه (( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث )) وسوء الظن يدعو إلى التجسس والتحسس. وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه (( لا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً )) والتجسس في تطلع الأخبار والتحسس بالمراقبة بالعين، فستر العيوب والتجاهل والتغافل عنها، شيمة أهل الدين. وفي الحديث الذي رواه أبو داود (( المجالس بالأمة إلا ثلاث مجالس: مجلس يسفك فيه دم حرام ومجلس يستحل فيه فرج حرام ومجلس يستحل فيه مال من غير حلة )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:34 AM
الدرس التاسع : حق المسلم على المسلم

هناك جملة أخلاق وآداب تلزم المسلم تجاه أخيه المسلم، تمثل قمة التعامل، وترفع المتخلقين وبهذه الآداب إلى مستوى (( خير أمة أخرجت للناس )). من هذه الآداب والحقوق :

1- أن يؤدي حقوقه الشخصية والاجتماعية، عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم (( حق المسلم على المسلم ست : إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فشيعه )) وفي الصحيحين من حديث البراء أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع فذكر منها (( وإبرار المقسم ونصر المظلوم )).

2- ومنها أن يحب له ما يحب لنفسه، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) متفق عليه .

3- وأن يتواضع لكل مسلم، ولا يتكبر عليه قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ ) وجاء في الصحيح عند أبي داود قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد )).

4- وأن لا يغتابه ولا يسمع غيبة الناس فيه لما ورد في الحديث المتفق عليه (( لا يدخل الجنة قتات )).

5- ومن ذلك أن لا يؤذي أخاه المسلم ولا يدخل الروع عليه لما ورد في الحديث المتفق عليه
(( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )).

6- ومنها أن لا يزيد من هجره إذا غضب عليه أكثر من ثلاث لما ورد في الحديث المتفق عليه (( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام )).

7- ومنها أن لا يدخل على أحد من المسلمين إلا بإذنه، فإن لم يؤذن له انصرف، لما ورد في الصحيحين (( الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع )).

8- ومنها يخالق الجميع بخلق حسن لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( وخالق الناس بخلق حسن )) رواه الترمذي.

9- ومنها توقير الكبار ورحمة الصغار، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود (( من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم )).

10- ومنها أن يكون طليق الوجه، والاستبشار مع الجميع للحديث المتفق عليه (( اتقوا النار ولو بشق تكرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة )).

11- ومنها أن يصلح ذات البين ويؤلف بين المتخاصمين _ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود (( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة قالوا : بلى قال : إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة )).

12- ومنها أن يستر على أخيه المسلم إذا زلت به القدم أو وقع في خطأ لما رود في الصحيحين (( من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:35 AM
الدرس العاشر : كيف تعامل جيرانك؟

يؤكد الإسلام على أهمية الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع ومن هذه الروابط رابطة الجوار فقد أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان إلى الجار فقال : ( وَاعبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً وَبِالوَالِدَينِ إِحسَاناً وَبِذِى القُربَى وَاليَتَمَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِى القُربَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَت أَيمَانُكُم ).

والجار ذو القربى، هو الذي تجمعك به مع الجوار آصرة النسب أو الدين، والجار الجنب هو الذي لا تجمعك به صلة من النسب أو دين، والصاحب بالجنب هو الرفيق في أمر حسن. فكل من جاورك في السكن له عليك حق الجوار، ولو لم يكن بينك وبينه وشيجة من النسب أو رابطة من دين وفي هذا تكريم للجار وأي تكريم.

ومن توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم في الإحسان إلى الجار ما ورد في الحديث المتفق عليه (( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) ويعامل المسلم جاره بأخلاق كثيرة منها :

- السماحة مع الجار وتلبية مطالبه، لقول الرسول صلى الله عليه سلم في الحديث المتفق عليه (( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره )).

- محبته وتفقد حاجته لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الطبراني (( ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم )).

- تقديم المعروف إلى الجار ولو كان قليلاً، وهذا ما نبه إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري (( يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة )). وفرسن الشاة ظلفها وهو كناية عن القلة أي لا تحقرن جارة أسدت لجارتها شيئاً من معروف، ولو كان قليلاً كفرسن شاة فهو خير من العدم والله تعالى يقول : ( فَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيراً يَرَهُ "7" ) وفي الحديث الذي أخرجه البخاري (( اتقوا النار ولو بشق تمرة )).

- ويرتقي المسلم في إحسانه فيحسن إلى غير المسلمين من جيرانه وهذا من سماحة الإسلام ورحمته فهذا عبدالله بن عمرو الصحابي الجليل تذبح له شاة فيسأل غلامه (( أهديت لجارنا اليهودي؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) رواه أحمد وأبو داود .

- تجنب الوقوع في الخطأ مع الجار ذلك لأن الإثم مع الجار، أشد وقعاً وأفدح جريمة. وقد سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الزنى فقالوا : حرام حرمه الله ورسوله فقال : (( لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره )) رواه أحمد.

وبهذه الأخلاق يتطهر المجتمع ويعيش أفراده حياة الأمن والاستقرار.

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:35 AM
الدرس الحادي عشر : التعامل مع المجتمع

المسلم، مع كونه اجتماعي بطبعه، فهو اجتماعي بحكم دينه يخالط الناس وينفعهم ويبذل لهم المعروف، ويصبر على أذاهم، مما يجعل منه شخصية اجتماعية راقية، يحبه الناس لأكثر من سبب ويألفونه لما يجدون فيه الخير يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( المسلم إذا كان مخالطاً الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم )) سنن الترمذي .

ويتعامل المسلم مع مجتمعه وفق كثير من السلوكيات والآداب :

- فهو صادق مع الناس جميعاً في قوله وفعله، لأنه يعتقد أن الصدق رأس الفضائل، عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً )) متفق عليه .

- وهو لا يغش، ولا يغدر، ولا يخدع لأن الغش محرم في الإسلام، للحديث الذي رواه مسلم (( ومن غشنا فليس منا )) وكذلك الغدر للحديث المتفق عليه (( لكل غادر لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان )).

- ومن صفات المسلم نحو مجتمعه، أنه ينصح لهم بالخير. لما ورد في صحيح البخاري ومسلم (( الدين النصيحة. قال الصحابة الكرام: لمن؟ فقال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )).

- ومن واجب المسلم تجاه أفراد مجتمعه الوفاء لهم بالعهد، وإنجاز الوعد، لقول الله تعالى : ( يَاأيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَوفُوا بِالعُقُودِ ) ولقوله عز وجل : ( يَاأيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقتًا عِندَ الَّلهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفعَلُونَ ).

فيحذر المسلم كل الحذر من إنكاث العهد، أو إخلاف الوعد، لأن ذلك من صفات المنافقين الذين أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن علاماتهم وذلك في الحديث المتفق عليه : (( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان )).

- ويعامل المسلم أفراد مجتمعه بأحسن الأخلاق، فلا يتكبر، ولا يفحش عليهم في القول لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الطبراني (( إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء وإن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً )).

- ويعاملهم برفق ولين. لقول الرسول صلة الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه (( إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله )).

- ويعاملهم برحمة وشفقة فلا يقصر رحمته على أهله وولده وذوي قرابته، بل يشمل بها الناس جميعاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الطبراني (( لن تؤمنوا حتى تراحموا. قالوا : يار رسول الله! كلنا رحيم. قال : إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكنها رحمة الناس رحمة عامة )).

- ويجل الكبير وصاحب الفضل ويعاشر كرام الناس ويحرص على نفع الجميع، ودفع الضرر عنهم.

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:36 AM
الدرس الثاني عشر : معاملة المسؤول

المسؤول في الإسلام أكثر الناس حملاً، وأثقلهم واجباً أنيطت به التكاليف، وأسندت إليه المهمات. فكان لزاماً على أتباعه أن يعاملوه بما هو أهله من الإعانة والتوقير والاحترام والسمع والطاعة وإبداء النصيحة، إذ المسؤول في الإسلام وإن كانت فردية من جهة، فهي جماعية من جهة أخرى لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته )).

ولضبط العلاقة بين المسؤول وأتباعه ولتحقيق المصلحة العليا للأمة دعا الإسلام إلى معاملة المسؤول بجملة قواعد وآداب من ذلك :

- طاعته في غير معصية الله تعالى لقول الله تعالى : ( يَأيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم فَإِن تَنَازَعتُم في شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الأَخِرِ ذَلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأوِيلاً (59) ) .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه (( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )).ومن ذلك :

- بذل النصيحة له بتوجيهه إلى الخير وإعانته عليه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بالرفق بالتي هي أحسن، وأن يذكر بالواجبات الملقاة على عاتقه، ومسؤوليته تجاه الأمانات المكلف بها. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( الدين النصيحة : قلنا لمن؟ قال : لله ولكتايه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )) رواه مسلم .

- ومن ذلك : أن يكفوا عن ذكر معايبه في المجتمعات والأندية و الأسواق والمساجد ونحوها، وينتهروا من يفعل شيئاً من ذلك لما ورد في صحيح مسلم (( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم – أي تدعون لهم ويدعون لكم – وشرار أئمتكم الذي تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم )).

- ومن ذلك معاونته على الخير، وتشجيعه على الصالحات عملاً بقول الله تعالى : ( وَتَعَاونُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلاَ تَعَوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ ).

ومن ذلك توقير المسؤول واحترامه سواء كان في الخطاب، أو في المعاملة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه )) رواه الطبراني وإسناده حسن .

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:36 AM
الدرس الثالث عشر : كيف يعامل المسئول موظفيه ؟

المسؤول والموظف لدى دائرته، كلاهما شركاه في تحمل مسؤولية العمل وإتقانه والإخلاص فيه وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، إلا أن درجة المسؤول تقتضي محاسبة من معه من الموظفين والعاملين وتوجيههم الوجهة الصحيحة التي تخدم مصلحة العمل وتنهض بمستواه .. وكل مسؤول كبرت مسؤوليته أم صغرت، مطالب أن يعامل مساعديه ومن معه بجملة آداب وأخلاق ومن ذلك :

- أن يخاطب المسئول موظفيه ومن معه بخطاب واضح ومفهوم، وأن يوجههم بكلام تدركه عقولهم، ولا يكون فيه لبس أو شبهة. يقول ابن مسعود رضي الله عنه : (( ما أنت محدث القوم حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم )) .

- أن ينصح المخطىء منهم على انفراد، لأن من طبيعة الناس أنهم يكرهون أن تبرز عيوبهم أما الناس.
يقول الإمام الشافعي رحمة الله عن ذلك :
تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعه
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت أمري
فلا تجزع إذا لم تعط طاعه

- أن لا يتصيد المسؤول السلبيات وينسى الحسنات، فإن ذلك مما يكره الناس ولا يحبونه وهذا رسول الله صلى اللع عليه وسلم يضرب لنا المثل الرفيع في تقدير الناس، وذكر محاسنهم ليكون ذلك أعون لهم على الخير. جاء في البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب قائلاً : (( أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي ( يعني بطانتي وخاصتي ) فقد قضوا الذي عليهم ( يقصد أنهم وفوا بما تعهدوا به بيعة ( العقبة ) وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم )).

- ومن صفات المسؤول أن يغفو عن الزلات ويتجاوز عن الهفوات ولا يذكر موظفيه بأخطائهم دائماً قال الله تعالى : ( وَ العَافِينَ عَنِ النَّاسِ ).
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم : (( من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا ولأخرة )).

- ومن صفات المسؤول الجود والكرم، ليستمبل قلوب الناس، ويظهر الاهتمام بهم وفي الحديث الذي رواه البيهقي وحسنه الألباني (( تهادوا تحابوا )).

- ومن صفات المسؤول الناجح طلب المشاورة لقول الله تعالى : ( وَشَاوِرهُم في الأَمرِ ) .

- ومن صفات المسؤول شكر موظفيه على عملهم، وشكرهم عند انتهاء خدمتهم. جاء في الحديث من مشكاة المصابيح (( ومن صنع إليه معروف فقال لصاحبه جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:37 AM
الدرس الرابع عشر : منهج التعامل مع العلماء

للعلماء مكانة متميزة في الإسلام، فدرجاتهم من أعلى الدرجات لقول الله تعالى : ( يَرفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجَاتٍ ) ومقامهم يأتي بعد مقام النبوة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( العلماء ورثة الأنبياء )).

والإسلام يدعو إلى احترام العلماء والاستفادة منهم والاجتهاد في طلب العلم بين يديهم وإنزالهم المنزلة اللائقة بهم.

من صور التعامل مع العلماء :

- النفرة إليهم لطلب العلم وسؤالهم في حالة الجهل لقوله الله تعالى : ( فَلَولاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِّنهُم طَآءِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا في الِّدينِ ) ولقوله عزوجل : ( فَسئَلُوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لاَ تَعلَمُونَ ).

- محبتهم وتوقيرهم، لأنهم أكثر الناس خشية لله لقوله تعالى : ( إِنَّمَا يَخشَى اللَّهَ مِن عِبَادِهِ العُلَمَآؤُا ). قال طاووس بن كيسان : (( من السنة أن يوقر العالم وذلك لرفع درجاتهم عند الله )).

- ومن ذلك طاعتهم والاقتداء بهم ، قال الله تعالى : ( وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمرِ مِنكُم ) قال أهل العلم : (( وأولي الأمر هم العلماء والأمراء، والعلماء هم ورثة الأنبياء )) كما قال عليه الصلاة والسلام يبلغون عن الله ويدعون الناس إلى الخير والهدى وقد أمرنا الله بالاقتداء بهم .
فقال تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِة ).

- ومن ذلك عدم معاداة العلماء، أو إيذائهم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه عن ربه (( مَن عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )) وقد قال الإمام أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله : (( إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي )).

وفي ترك معاداة العلماء يقول ابن عسكر رحمة الله : (( إن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة وإن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب ( فَليَحذَرِ الَّذِينَ يُخَالفُونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصِيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) والذي يطلق لسانه على العلماء إنما يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتقص من الإسلام. قال ابن عباس رضي الله عنها (( من آذى فقيهاً فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أذى الله عزوجل )) والمتأمل في طعون الناس للعلماء ودعاة الحق يجد أنها لا تخرج عن واحدة من هذه الأسباب :

إما حسداً لما يتمتع به العلماء من الفضل والعلم والهدي، كما قال الإمام الذهبي : (( كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به لا سيما إذا كان لحسد أو مذهب أو هوى )).

وإما تعصباً أو انحيازاً، وقد قال الإمام أبو حامد الغزالي في ذم التعصب : (( وهذه عادة ضعفاء العقول يعرفون الحق بالرجل لا الرجل بالحق )). وإما انفاقاً وانسياقاً وراء أعداء الإسلام الذين يحاربون الإسلام في علمائه ودعاته ليشوهوا صورة الإسلام وقد قال الله تعالى موضحاً فعل إخوانهم النافقين ( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذا خَلَوا إِلى شَيَاطِينِهِم قَالُوا إِنَّا مَعَكُم إِنَّمَا نَحنُ مُستَهزِءُونَ ).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:37 AM
الدرس الخامس عشر : كيف نعامل البالغ والمراهق ؟

البلوغ مرحلة انتقالية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج، وفي هذه المرحلة تحذث عدة تغيرات في حياة البالغ من تغيرات عضوية جسمانية، وتغيرات فسيولوجية في وظائف الأعضاء، وتغيرات اجتماعية في العلاقة مع الآخرين.

والبولغ يبدأ من سن 9 – 13 سنة عند البنات وقد يتأخر إلى ما بعد الثالثة عشر. أما بلوغ الفتى فيتراوح ما بين 12 – 15 سنة وقد يصاحب حالة البلوغ ما يسمى (( بالمراهقة )) ، والتي غالباً ما تبدأ مع سن البلوغ إلى الثامنة عشر وقد تصل إلى العشرين وتغلب على بعض المراهقين صفات وتصورات وسلوكيات خاطئة كسرعة الغضب وطلب العزلة وإهمال الدراسة، وشرود الذهن، وكثرة السرحان والميل إلى النوم، الكثير بالنهار والقليل بالليل .. وإذا لم يجد المراهق ما يعينه على التخلص من هذه السلبيات فقد تتطور به الحالة، وتصدر منه بعض المخالفات التي تضر بالنفس والمجتمع. كالتمرد على القيم والأخلاق، والخرج من المألوف، وعقوق الوالدين، وإهمال الصلاة أو هجرها، والرغبة في اللهو والمغامرة والانجذاب إلى أصحاب السوء، والتأخر في الدراسة والميل إلى الشهوات الورغبة في العدوان وإيذاء الآخرين، والتحلل من مسؤوليات البيت والمجتمع والوطن. وهناك بعض الأسباب التي تساهم في وصول المراهق إلى هذه الحال.

من ذلك : ضعف التربية أو فقدانها

- رفقة السوء وخاصة الجانحين منهم.

- حالة الفقر والحاجة تدفع بعض المراهقين إلى الانحراف.

- معاملة الوالدين للمراهقين بقسوة وشدة

- تفكك أسرة المراهق وانعدامالقدوة.

- وجود المهيحات والمغريات كالاختلاط والعري والإباحية والأفلام المثيرة والمسرحيات الهابطة والأغاني الفاحشة.

- تفضيل بعض الأبناء وغبن البعض الآخر.

- غيبة الأبوين عن تربية أبنائهم وإسناد هذه المسؤولية عند البعض لدى الخادمات.

- الخطأ في التعامل وعدم تقدير مراحل تطور النمو عند الأولاد. والأسلوب الإسلامي التربوي في التعامل مع البالغين والمراهقين، يبدأ من خلال تعليم الولد (( الثقافة ال***** )) منذ أن يميز الأحكام الشرعية المتصلة بالجانب الجنسي الغريزي، ويستوي في ذلك الذكر والأنثى. وهذه المسؤولية تقع على عاتق المربين من آباء وأمهات ومعلمين. فالولد إذا بلغ ونزل منه مني ذو دفق وذو شهوة، أصبح بالغاً ومكلفاً شرعاً ويجب عليه ما يجب على الرجال الكبار من مسؤوليات وتكاليف. وكذلك البنت إذا بلغت سن التاسعة فما فوق، وتذكرت احتلاماً ورأت الماء الرقيق الأصفر على ثوبها بعد الاستيقاذ أصبحت بالغة ومكلفة شرعاً يجب عليها ما يجب على النساء الكبار من مسؤوليات وتكاليف.

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:38 AM
يتبع ان شاء الله

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:38 AM
الدرس السادس عشر : الأسلوب التربوي في معاملة البالغين
من الأساليب الحكيمة التي حث عليها الإسلام في معاملة البالغين و المراهقين حثهم على الزواج المبكر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الجماعة (( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )).وقد أجمع العلماء وأهل التربية على أهمية الزواج، وفوائده العظيمة للبالغين والمراهقين. ومن هذه الفوائد، المحافظة على الشباب من الضياع والانحراف، وسكن نفسي وروحي يعصمهم من خواطر السوء وهواجس الشر وقد اتخذ الإسلام عدة تدابير لتيسير مهمة الزواج. من ذلك:
- تكليف ولي الأمر المقتدر بتزويج لبنه المحتاج إلى الزواج.
- كراهية الإسلام لحياة العزوبة لما روى الطبراني والبيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من كان موسراً لأن ينكح ثم لم ينكح فليس مني )).
- تيسير مهر الزواج، وجعل القليل منه أكثر بركة من الكثير لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( أقلهن مهراً أكثرهن بركة )).
- جواز تقسيم المهر إلى قسمين مقدم ومؤخر فمن لم يستطع دفع المهر كاملاً في المقدم جاز له تأخير شيء منه.
- جواز إهداء المرأة مهرها لزوجها.
- جواز عرض الرجل الصالح بناته وأخواته على أهل الخير والصلاح للزواج.
- ولا بد من توعية الأبناء بهذه الحقائق الإسلامية، ليكون ذلك دافعاً لهم على سلوك الطريق المستقيم.
- ومن أساليب التربية الإسلامية الحكيمة لغير القادرين على الزواج، دعوتهم إلى التعفف، وغض البصر، والابتعاد عن مواطن الفحش، والإكثار من الصوم، والسمو بالطاعات، وممارسة الهوايات.
- ومن ذلك توفير المناخ الصالح للأبناء البالغين والمراهقين، فيحثون على حضور مجالس العلم والذكر، ويختار لهم الصحبة الصالحة، ويشجعون على قراءة القرآن، والاستفادة من الأنشطة التربوية والثقافية والرياضية، والقيام برحلات الحج والعمرة، ورحلات البر ومخيمات الكشافة، وغيرها من الأنشطة النافعة.
- ومن أساليب التربية الإسلامية في معاملة المراهقين ملء فراغ أوقاتهم بالواجبات الدينية والدنيوية لأن النفس إذا لم تشغل بالحق شغلت صاحبها بالباطل.
- ومن أسباب وقاية البالغين، التفريق بين الذكور والإناث في المضاجع. وعملاً بتوجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم : (( وفرقوا بينهم في المضاجع )) رواه أبو داود .
- ومن أساليب الحفاظ على البالغين، متابعة ذويهم وأهليهم لهم. جاء في الحديث الذي رواه النسائي (( إن الله تعالى سائل كل راعٍ عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:38 AM
الدرس السابع عشر : التعامل مع الشباب
مرحلة الشباب من أدق مراحل العمر فيها قوة الطموح، وقوة في التعليم، وقوة في الاكتشاف، وقوة في النشاط، وقوة في التحول والتغير. من أجل ذلك كان الأسلوب التربوي الرفيع، والمعاملة الحسنة الراقية، والتدرج في التربية هو المناسب لهذه المرحلة. وقد ضرب لنا الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الرفيع في التعامل مع هذه الشريحة من المجتمع.. وجعل من أخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم ما يحبب إليه دعوته وسيرته حتى قالوا فيه : (( كان عليه الصلاة والسلام أحسن الناس خلقاً، لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح ولا يكاد يواجه أحداً في وجهه بشيء يكرهه وما ضرب شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله. وإذا استلف سلفاً قضى خيراً منه وما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم قط فقال : لا وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً )).
ومن معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم والتي تدل على حسن خلقه معهم ما يلي :
1- الرفق بهم، والشفقة عليهم. جاء في صحيح البخاري عن أبي سليمان مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال : أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظن انًّا اشتقنا أهلنا، وسألنا عمن تركنا في أهلنا، فأخبرناه، وكان رفيقاً رحيماً فقال : (( ارجعوا إلى أهليكم، فعلموهم، ومروهم، وصلوا كما رأيتموني أصلي، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركر )).

2- الابتسام لهم والترحيب بهم : عن جرير بن عبدالله قال : ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي - أخرجه مسلم.
3- تقديرهم واحترام حقوقهم جاء في الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بشراب فشرِبَ منه - وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ - فقال للغلام : (( أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ )) فقال الغلام : والله يا سول الله لا أ}ثر بنصيبي منك أحداً. قال فتله - أي وضعه - رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده )).
4- دعاؤهم بأحب الأسماء إليهم : وقد كان رسول الله عليه وسلم يدعو علياً بأبي تراب جاء في صحيح مسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب، وإنه كان ليفرح إذا دعى به )).
5- عيادة مرضاهم : جاء في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان غلام يهودي يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له : (( أسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال يا بني : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : (( الحمد لله الذي أنقذه من النار )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:39 AM
الدرس الثامن عشر : من آداب جيل الصحابة

جيل الصحابة رضي الله عنهم هو الجيل المثالي الذي يقتدي به المسلمون على مر الأيام والسنين، ذلك لأنه الجيل الذي تربى على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله تعالى :( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ "4" )فكانوا خير جيل أخرجته البشرية.
وهذه طائفة من آداب ذلم الجيل.
1- برهم للوالدين : جاء طبقات ابن سعد الكبرى عن مناقب أبي هريرة رضي الله عنه أنه ما كان يحج حتى ماتت أمه لصحبتها. وكان أحسن البر بها اجتهاده في إسلامها جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : [bخي]كنت أدعو أمي إلى أمر الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت : يا رسول الله! إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اللهم اهد أم أبي هريرة )).. الحديث .. فهداها الله إلى الإسلام ببركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم واجتهاد ابنها لها.
2- أدبهم مع العلماء : أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى عن ابن عباس رضي الله عنه قوله : (( إن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قاتل فأتوسدردائي على بابه فتسفي الريح عليّ التراب فيخرج فيراني، فيقول : يا بن عم رسول الله ألا أرسلت إليّ فآتيك، فأقول أنا أحق أن آتيك فأسألك )).
3- معاملتهم مع عامة الناس : أخرج البخاري عن وصف أبي هريرة رضي الله عنه لكرم جعفر بن أبي طالب الذي يقول عنه (( كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب كان بنقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إنه ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء فيشقها فنعلق ما فيها )).
- وأخرج أبو نعيم في حلية الأولياء عن نافع قال : إن كان ابن عمر ليفرق في المجلس ثلاثين ألفاً ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة لحم.
- وأخرج أبو نعيم عن أبي وائل الراسبي قال : (( أتى ابن عمر بعشرة آلاف ففرقها وأصبح يطلب لراحلته علفاً بدرهم نسيئة )).
- ومن حسن عشرة ابن عمر رضي الله عنهما لأصحابه في السفر ما جاء في طبقات ابن سعد عن مجاهد قوله : (( كنت أسافر مع عبدالله بن عمر فلم يكن يطيق شيئاً من العمل إلا عمله ولا يكله إلينا ولقد رأيته يطأ على ذراع ناقتي حتى أركبها )).
كما كان رضي الله عنهما يشترط على من يصحبه في السفر الفطر والأذان والذبيحة يشتريها للقوم .
ولقد شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الجيل بحسن الأخلاق، فقال عن جعفر : (( أشهبت خَلقي وخُلقي )) رواه البخاري .

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:39 AM
الدرس التاسع عشر : كيف تعامل اليتيم ؟
اليتيم واحد من أفراد المجتمع فقد والده صغيراً فحرم عطف الأبوة وحنانها، فحق على المسلمين جميعاً أن يكونوا عوضاً له عن أبيه، يتعهدونه بالشفقة والرحمة والحنان.
قال تعالى : ( وَيَسئَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُل إِصلاَحٌ لَهُم خَيرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُم فَإِخوَانُكُم وَاللَّهُ يَعلَمُ المُفسِدَ مِنَ المُصلِحِ وَلَو شَآءَ اللَهُ لأَعنَتَكُم إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).
ولقد أوصى الإسلام باليتامى خيراً، وأمرنا بالإحسان إليهم، وحسن التصرف معهم والمحافظة على أموالهم والقيام على تربيتهم ليكونوا أعضاء صالحين في المجتمع.
من صور التعامل مع اليتامى :
- الأمر بالإحسان إليهم قال الله تعالى : ( وَاعبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئًا وَبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا وَبِذِى القُربُى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِى القُربَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَت أَيمَانُكُم إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُختَالاً فَخُوراً "36" ).
- عدم احتقارهم، والايتهانة بأمرهم. قال الله تعالى : ( أَرَءَيتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ "1" ).
- الاهتمام بتربيتهم وإصلاح أحوالهم في الشؤون كلها قال الله تعالى : ( وَيَسئَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُل إِصلاَحٌ لَّهُم خَيرٌ ) أي العمل على إصلاح أحوالهم بالتربية والتهذيب وتنمية أموالهم وتثميرها بالطرق الشرعية.
- ومن صور التعامل مع اليتيم الحذر من أكل ماله، وحرمة الاعتداء على هذا المال، قال الله تعالى : ( وَلاَ تَقرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ حَتَّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ "10" ). قال السدّي : يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن سمعه وأنفه وعينيه، يعرفه من رآه بآكل مال اليتيم.
- ومن الإحسان إلى اليتيم إكرامه وإعالته، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليلة وصام نهاره وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله، وكنت أنا وهو في الجنة إخوان كما أن هاتين أختان - وأشار بالسبابة والوسطى )).
- والإحسان إلى اليتيم سبب في إبعاد الشيطان وحلول الرحمة فعن أبي موسى رضي الله عنه (( ما قعد يتيم مع قوم على قصعتهم فيقرب قصعتهم شيطان )). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم )).
والإحسان إلى اليتيم، سبب في إزالة قسوة القلب. روى أبوهريرة رضي الله عنه أن رجلاً شكا إلى رسول الله قسوة قلبه فقال : (( امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين )) رواه أحمد .

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:40 AM
الدرس العشرون: معاملة المريض والمصاب
يولي الإسلام اهتمامه بجميع الناس، ويرعى شؤونهم، في الحضر والسفر والرخاء والشدة والصحة والمرض، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء.
فالمريض الذي ابتلاء الله بالمرض، واعتلت صحته، وتغير طبعه ومزاجه، بحاجة إلى من يعامله بالرحمة والعطف والرعاية، والمصاب في نفسه أو ولده أو أهله بحاجة إلى من يواسيه ويسري عنه ما أصابه، والمسلم مطالب أن يتعامل مع الناس جميعاً بالمودة والرحمة فالراحمون يرحمهم الله ومن لا يَرحم الناس لا يُرحم. وقد جاءت توجيهات الإسلام بإشاعة معاني الخير بين المسلمين، من زيادة وعيادة وتفقد ومواساة، ليصل مجتمع المسلمين إلى مستوى الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
وقد ورد في حق المسلم على أخيه المسلم ، ما جاء في صحيح الجامع (( ثلاث كلهن حق على كل مسلم : عيادة المريض، وشهود الجنائز، وتشميت العاطس إذا حمد الله )).
وتتخلص آداب عيادة المريض، ومواساة المصاب في الأمور التالية :
1- عدم الإطالة في الزيارة لئلا يثقل على المريض.
2- أن يكون الزائر طيب الرائحة نظيف الثوب لأنه أنشط لصحة المريض.
3- أن لا يخبر الزائر المريض بما يسؤوه من خير.
4- أن يدخل السرور عليه بهدية خفيفة.
5- أن يدعو الزائر للمريض بخير.
6- إذا أردت إخباز عزيز بمصاب له أو ميت، فيحسن أن تلطف وقع الخبر عليه وتهمد له تمهيداً يخفِّفُ نزول المصاب عليه فتقول مثلاً إن فلاناً كان مريضاً مرضاًُ شديداً وزادت حالته شدة، وسمعت أنه توفي رحمه الله. وهذا خير من أن تقول أتدري من توفي اليوم ؟
7- ومن الأدب تخير الوقت المناسب للإخبار عن المصيبة، فلا يخبر المصاب وهو على طعام أو قبل النوم أو في حالة المرض.
8- إذا أصيب قريب لك أو عزيز عليك بموت أحد من أسرته فلا تنسى تعزيته بمصابه ولا تتأخر عنها، وأظهر له المشاركة في أساه وحزنه، وإذا أمكن تشييع الميت إلى قبره، فهو الأفضل. وتدعو لمن مات بالمغفرة، وتعزي أهل الميت بقولك (( أحسن الله عزاءكم وأعظم الله أجركم )).
9- يحسن أن يكون الحديث مع المصاب مواساة له.
10- من مواساة المصاب بمصيبة الموت، تقديم الطعام له خاصة في اليوم الأول.
وهكذا يرفع الإسلام من قيمة الإنسان صحيحاً كان أم سقيماً، حياً كان أو ميتاً.

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:40 AM
الدرس الحادي والعشرون : معاملة الخدم
الخادم إنسان دفعت به الظروف والحاجة إلى خدمتك وراحتك مقابل أجر يتقاضاه، وقد يكون من أهل ملتك ودينك، وقد يكون غير ذلك. ومن أدب المسلم مع خدمه وعماله، أن يعاملهم بالمعاملة الإسلامية التي تعطي كل ذي حق حقه.فمن هذه الآداب :
- ترك القسوة مع الخادم، ومعاملته بالحسنى. فقد جاء في مسند أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : (( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادماً له قط ولا امرأة ولا ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا خيّر بين أمرين قط إلا كان أحبهما إليه أيسرهما حتى يكون إثماً فإذا كان إثماً، كان أبعد الناس من الإثم، ولا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه حتى تنتهك حرمات الله عز وجل فيكون هو ينتقم لله عز وجل )).
- معاملة الخدم بالرحمة والعطف، فهذا أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : خدمت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين (( فما قال لي : أفٍ قط وما قال لشيء صنعته لم صنعته؟ ولا لشيء اركته لم تركته؟ )) رواه الترمذي.
- ترك سباب الخادم وشتمه، فإن ذلك ليس من الأخلاق. جاء في صحيح البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه قال : (( كان بيني وبين رجل كلام وكانت أمه أعجميه فنلت منها فذكروني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: أساببت فلاناً؟ قلت : نعم قال: أفنلت من أمه؟ قلت : نعم قال : إنك امرؤ فيك جاهلية. قلت على حين ساعتي هذه من كبر السنِّ؟ قال نعم هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا يكفه من العمل ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه )) وقد شوهد أبو ذر بعد ذلك ومعه خادمه وعليه حلة وعلى غلامه حله، فلما سئل عن سبب ذلك .. ذكر الحديث الذي فيه قصته مع الخادم.
- ومن الأدب مع الخادم، إطعامه من طعامك وعدم النفور من مجالسته. روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكله أو أكلتين فإنه ولي علاجه )).
- ومن حسن معاملة الخادم إن كان غير مسلم، أن لا يسب دينه لقول الله تعالى : ( وَ لاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدوَا بِغَيرِ عِلمٍ ) والواجب أن يدعى أمثال هذا الخادم إلى الإسلام برفق ولين، وأن يجادلوا بالتي هي أحسن، ويحرص ولي الخادم أن يخرج زكاة الفطر عن خادمه، وأن يرلزم المرأة الخادمة بالحجاب، وأن يمنع دخول الخادم على النساء.

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:41 AM
الدرس الثاني والعشرون : من أخلاق التجار
التاجر المسلم الذي آتاه الله من فضله ***ر له ما في البر والبحر له رسالة سامية في المجتمع فهو ينفق مما آتاه الله، ويعمر الحياة، ويغيث المهلوف، ويواسي المنكوب، ويعين على نوائب الدهر، ويبذل المعروف في أهله وفي غير أهله. وتتجلى رسالته في الأعمال الصالحة، وفي المعاملات الحسنة والتي منها:
- إنفاق المال في وجوه الخير كالجهاد في سبيل الله، والإنفاق في الحج والعمرة، وصلة الأرحام، والصدقة على الفقراء والمساكين، والإنفاق في مرافق البر كعمارة المساجد والمدارس ونشر العلم. قال الله تعالى : ( الَّذِين يُنفِقُونَ أَموَالَهُم بِالَّيلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وعَلاَنِيَةً فَلَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم ).
- إغناء الفقراء والمحتاجين والمساكين والمؤلفة قلوبهم والأرقاء والغارمين وأبناء السبيل. وفي سبيل الله، وهو أعضاء في المجتمع، ضاقت بهم السبل وقعد بهم العجز. قال العلماء في شأن الفقراء والمساكين: فيعطون من الزكاة ما يكفيهم وعائلتهم لمدة سنة كاملة حتى يأتي حول الزكاة مرة ثانية ويعطى الفقير لزواج يحتاج إليه ما يكفي لزواجه، وطالب العلم الفقير لشراء كتب يحتاج إليها، ويعطي من له راتب لا يكفيه وعائلته من الزكاة ما يكمل كفايتهم لأنه ذو حاجة.
- ومن الأخلاق الحسنة للتاجر المسلم إعانة المعسر وذو الحاجة بالقرض الحسن، وهو من القرب التي ندب إليها الشرع لحديث ابن مسعود رضي الله عنه، فيما رواه ابن ماجه (( ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقة مرة )). وهذا من باب التيسير على المعسر والتفريج على المكروب.
- ومن المعاملات الحسنة التي يلتزم بها التاجر المسلم البعد عن أكل أموال الناس بالباطل عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (( لا يحل مال إمرىء مسلم إلا بطيبة من نفسه )).
- ومن صور أكل أموال الناس بالباطل : الربا الذي جاء تحريمه بنص القرآن والسنة ومنه القرض بالفائدة. وأكلها كذلك بالقمار الذي هو الميسر، وأخذ الرشوة، والغش في المعاملات، ومنع الأجير أجره، وبخس المكاييل والموازين، وأخذ الأموال بالخصومة الباطلة والأيمان الفاجرة. ومن أكل أموال الناس بالباطل الاستيلاء عليها بالغصب.
- ومن صفات التاجر المسلم، تحبيس المال وإيقافه على جهة برٍّ وخير ليكون نافعاً لصاحبه بعد وفاته، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا في ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:41 AM
الدرس الثالث والعشرون : إنزال الناس منازلهم
في حديث المسلم مع الناس، ولقائه بهم ينبغي أن ينزل الناس منازلهم، ويعاملهم بما هو أليق بهم ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أحمد (( ليس منا من لا يُجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه )).
وورد في صحيح مسلم قول عائشة رضي الله عنها : (( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم )) إذ الناس طبقات، فيهم الغني والفقير، وفيهم الكبير والصغير، وفيهم الراعي والرعية. ومن أدب المسلم تجاه الجميع أن يعطي كل ذي حق حقه، فيوقر الكبير وذي السلطان والشيبة ويرحم الصغير ويخاطب الناس على قدر عقولهم ولما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن داعياً ومعلماً وقاضياً، أوصاه (( إنك تأتي قوماً أهل كتابِ ..)) الحديث رواه البخاري ويدل على مراعاة المخاطب والحديث معه بما يناسب معتقد هو منزلته. قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : (( يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لنقضت الكعبة وجعلت لها بابين باب يدخل الناس منه وباب يخرجون )) – رواه البخاري – فترك الرسول صلى الله عليه وسلم هذه المصلحة لأمن الوقوع في المفاسد.
ومن أجل الترفق بالناس ومخاطبتهم على ما هم عليه من منزلة كانت تسمية القرآن الكريم لكبار القوم (( بالملأ )) قال الله تعالى ذاكراً قصة نوح مع قومه ( فَقَالَ المَلَؤُا الَّذِينَ كَفَرَوا مِن قَومِهِ مَا هَذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثلُكُم يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّل عَلَيكُم ) قال المفسرون : الملأ هم أشراف القوم وقادتهم ورؤساؤهم وسادتهم، وإطلاق كلمة الملأ على هؤلاء بهذا المعنى هو من قبيل بيان الواقع لا من قبيل بيان استحقاقهم فعلاً للشرف والسيادة والقيادة والرئاسة ويشبه هذا الإطلاق ما ورد في رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى رؤساء فارس والروم ومصر، فقد جاء في بعض هذه الرسائل مخاطبة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى رئيس الروم بعبارة (( إلى عظيم الروم )).فإطلاق هذه العبارة على رئيس الروم من قبيل بيان واقعه وهو أنه عظيم في نظر الروم ارئاسته لهم، وليس بياناً لاستحقاقه هذا الوصف.. وهذا الأسلوب من حكمة الدعوة والخطاب.
ونظير ذلك التلطف في الخطاب عند مخاطبة كبير الناس. قال الله تعالى مخاطباً موسى وهارون ( اذهَبَآ إِلَى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغَى "43" فَقُلاَ لَهُ قَولاً لَّيَّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَى "44" ) و كان من حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم الترفق مع الناس، ومراعاة المخاطب. ورد في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قال : دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك. قالت عائشة : ففهمتها ، فقلت : وعليكم السام، واللعنة. قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلاً يا عائشة إن اللع يحب الرفق في الأمر كله، فقلت يا رسول الله! أو لم تسمع ما قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قد قلت وعليكم )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:41 AM
الدرس الرابع والعشرون : علاج الأخطاء والعثرات
يقع بعض الناس في أخطاء ومخالفات تضر بأنفسهم وبغيرهم، ونقصد بأصحاب هذه الأخطاء من عندهم أصل الإيمان.
بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكنهم لا يقومون بحقوق هذه الشهادة كاملة فهم بخالفون بعض أوامر الشرع، ويرتكبون بعض نواهيه ومنهم المكثر من المعاصي، ومنهم المقل، ومنهم بين ذلك على درجات كثيرة.
يتعامل المسلم الصادق مع أصحاب هذه المخالفات، بروح المشفق الرحيم بهم. فهو يراهم كالواقفين على حافة واد عميق سحيق في ليلة ظلماء يخاف عليهم من السقوط، ويعمل جهده لتخليصهم من الهلاك، وهو في سبيل هذه الغاية يتجاوز عن إساءتهم إليه إن كانت معصيتهم في حقه، ولا يعيرهم ولا يشمت بهم ولا يحتقرهم افتخاراً بنفسه عليهم، وإدلالاً بطاعته. ولكن له أن يستصغرهم لمعصيتهم وتجاوزهم حدود الشرع، وأن يغضب لهذا التجاوز لا لنفسه. جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قال : (( وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم بها لله )).
ويسلك المسلم في معاملته مع هؤلاء سلوكاً إسلامياً يبتغي من ورائه عودتهم إلى رشدهم وصوابهم. من ذلك :
- تذكيرهم برحمة الله الواسعة ومغفرته الكثيرة لقول الله تعالى : ( قُل يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِم لاَ تَقنَطُوا مِن رَّحمَةِ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ). وقوله عز وجل : ( وَ إِنّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثّمَّ اهتَدَى "82" ).
- تذكيرهم بالتوبة عن الأخطاء الظاهرة والباطنة والمعلوم منها والمجهول لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم (( اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله خطأه وعمده سره وعلانيته أوله وآخره )).
- تذكيرهم بأن التوبة من الذنوب سبيل النجاة والفلاح، وهي مطلوبة في كل الأوقات. وسواء علم العبد ذنبه أو لم يعلمه قال الله سبحانه وتعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ) فإذا أصر العبد على معصيته ولم يتب، فقد ظلم نفسه. قال الله تعالى : ( وَمَن لَّم يَتُب فَأُولآءِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أتقى الناس وأخشاهم لله يقول : (( فوالله إني لأتوب في اليوم أكثر من سبعين مرة )) كما روى ذلك مسلم .
- ومن لوازم التوبة التي ينبغي أن يذكر بها أهل الخطيئة، الاعتراف بالذنب والندم عليه، وعدم العودة إليه ورد المظالم إلى أصحابها.
- و أن يذكروا أن للتوبة علامات، ومن علاماتها أن يكون العبد بعد التوبة خيراً مما كان عليه قبلها وأن يكون خوفه من الذنب وندمه عليه مستمراً.
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي

يتبع بإذن الله

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:42 AM
الدرس الخامس والعشرون : من آداب الدعوة إلى الإسلام
بما أن الدعوة إلى الإسلام واجب من واجبات المسلم في الحياة، إلا أنه يلزم القائم بها حسن العرض وجمال الطرح، حتى تكون أرجى للقبول. قال الله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم : ( ( وَلَو كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلبِ لاَنفَضُّوا مِن حَولِكَ ). ومن أجل تبليغ رسالة الإسلام وتوصيلها إلى الناس ليتقبلوها قبولاً حسناً، لزم الداعي إلى الإسلام التخلق بجملة آداب وأخلاق وصفات. من ذلك :
1- تقوى الله وإعطاء القدوة الحسنة في القول والعمل قال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفعَلُونَ "2" ).
2- العلم ، وأدناه العلم بالحلال والحرام، وأعلاه العلم بدقائق المسائل، وتمييز المتفق عليه من المختلف عليه، ومعرفة الراجح مقروناً بدليله.
3- الرفق، كما قال الله تعالى : ( ادعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةٍ وَجَادِلهُم بِالَّتيِ هِيَ أَحسَنُ ) وقال تعالى مخاطباً موسى وهارون عليهما السلام : ( فَقُولاَ لَهُ قَولاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَى "44" ).
4- الصبر والتحمل لقوله تعالى : ( وَمَن أَحسَنُ قَولاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسلِمِينَ "33" وَلاَ تَستَوِي الحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ، ادفَع بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيُّ حَميمٌ "34" وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ "35" ).
5- ومن صفان التي ينبغي أن يتحلى بها الدعاة وهم يخالطون الناس الإخلاص وترك الرياء وحب الظهور والسمعة وأن يكون يكون عملهم خالصاً لوجه الله وابتغاء مرضاته وإعزاز دينه عملاً بقول الله تعالى : ( فَمَن كَانَ يَرجُوا لِقَآءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَملاً صَالِحاً وَلاَ يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا ).
6- التواضع، وترك الكبر والاستعلاء على الناس بغير الحق. قال الله سبحانه وتعالى : ( وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ وَلاَ تَعدُ عَينَاكَ عَنهُم تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنياَ ) قال المفسرون في أسباب نزولها إن قريشاً قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لا نرضى أن تكون أتباعاً لهؤلاء من ضعفاء المسلمين مثل صهيب وعمار وبلال وخباب، فاطردهم عنك ولا تبقهم في مجلسك إذا دخلنا عليك، فإذا فرغنا وخرجنا فأدخلهم إن شئت. فأنزل الله بعد ذلك فوله تعالى : ( وَلاَ تُطِع مَن أَغفَلنَا قَلبَهُ عَن ذِكِرناَ ). ومن توجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر التواضع قوله : (( وما تواضع أحد إلا رفعة الله )) ويقول أبوبكر الصديق رضي الله عنه : (( لا يحتقرن أحدٌ أحداً من المسلمين فإن صغير المسلمين عند الله كبير )).
7- ومن أخلاق الدعاة إلى الله (( الصدق )) ويكون في القول والفعل والقصد. قال الله تعالى : ( يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ "119" ).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:42 AM
الدرس السادس والعشرون : مواقف في نجاح الدعوة
بالصبر الجميل، والأخلاق الحسنة، والاستمرار في التذكير والتبليغ، وحسن التعامل مع الأفراد والجماعات والأحداث والمتغيرات. استطاعت الدعوة الإسلامية في عصرها الأول أن تشق طريقها إلى النجاح والانتصار، رغم العقبات الكثيرة التي واجهتها.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم الداعية الأول يأتيه عمه أبو طالب ليراجعه في أمر الدعوة الإسلامية، بعد أن واجه الضغط الشديد من قريش. جاء في السيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم العمري: (( قال عقيل بن أبي طالب وهو شاهد عيان مشارك في الحرب: (( جاءت قريش إلى أبي طالب، فقالوا: إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا فانهه عنا. فقال: يا عقيل، انطلق فائتني بمحمد صلى الله عليه وسلم فانطلقت إليه، فاستخرجته من كبسي – بيت صغير – فجاء به في الظهيرة في شدة الحر فجعل يطلب الفيء يمشي فيه من شدة الحر الرحض. فلما أتاهم قال أبو طالب: إن بني عمك هؤلاء قد زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم فانته عن أذاهم. فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم. قال: فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة.
فقال أبو طالب: (( والله ما كذبنا ابن أخي فارجعوا )) سلسة الأحاديث الصحيحة للألباني، فما كان عمه بعد أن وجد منه الإصرار والثبات إلا أن وعده بالتأييد والإسناد والنصرة حتى الممات.
وهذا عمر بن الخطاب رغم شدته وقسوته، وخوف الناس منه ويأسهم في إسلامه، إلا أن معاملة المسلمين له أتت به مسلماً تائباً. قال ابن إسحاق: (( خرج عمر يوماً متوشحاً بسيفه يريد رسول الله عليه وسلم ورهطاً من أصحابة ... فلقيه نعيم بن عبدالله فقال له: من تريد يا عمر؟ فقال: أريد محمداً هذا الصابىء الذي فرق أمر قريش، وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها فأقتله. فقال نعيم: والله لقد غرتك نفسك يا عمر .. أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمداً؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟. فقال وأي أهل بيتي؟ قال: ختنك وابن عمك سعيد بن زيد عمرو وأختك فاطمة بنت الخطاب فقد والله أسلما وتابعا محمداً على دينه فعليك بهما. فرجع عمر إلى أخته وختنه فبطش بهما بعد أن تحقق من أمرهم، وقد تحدته أخته وصارحته بإسلامها وقالت له: قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك. فلما رأى منهما الجد ندم على ما صنع بهما من الضرب وطلب منها صحيفة القرآن ليقرأها فأبت عليه أخته حتى يتطهر، وفعل ثم ذهب إلى رسول الله بعد ذلك ليعلن إسلامه )) .. وكان من رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم به وشفقته عليه (( يدعو الله أن ينصر دينه به ))رواه الترمذي، فكان إسلام عمر فتحاً للمسلمين.
- وهذا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أبت عليه أمه أن يسلم وبقيت ثلاث أيام لا تأكل ولا تشرب فلما رأى سعد ذلك منها قال لها: يا أمه تعلمين والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني، إن شئت فكلي أو لا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت.

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:42 AM
الدرس السابع والعشرون : مراتب الجهاد في الإسلام
الحكمة في المفهوم الإسلامي قد تكون بالرفق واللين والأساليب الحسنة الرقيقة .. وقد تكون بالجهاد والسيف والسنان. ولكن كل أسلوب يوضع في محله ويعامل به أهله. فالعاقل ذو الفطرة السليمة ينتفع بالبينة والبرهان، ويقبل الحق بدليله. أما الظالم المعاند والمعتدي، فلا يرده إلا السيف ولهذا يكون الجهاد في سبيل الله أعظم حكمة في حق هؤلاء. والجهاد في سبيل الله، من أعظم ما تقرب به العباد بعد الفرائض إلى الله تعالى لما يترتب عليه من نصر المؤمنين، وإعلاء كلمة الدين وقمع الكافرين المعاندين الظالمين والنافقين.
إلا أن مفهوم الجهاد في الإسلام، ليس في صورته الضيقة، القتال فقط كما يفهم بعض الناس ذلك. بل هو مفهوم شامل له مراتبه وله ضوابطه ويوصف بالرحمة والإنسانية .. وحتى في استعمال الجهاد في صورته القتالية يكون أشبه ما يكون بتأديب المربي لتلميذه، والأب لابنه بالضرب لا ليؤذيه، وإنما ليصلح من حاله ويؤدبه. فالضرب في حق الولد حكمة من الأب والمربي، ولهذا قالوا اللين في وقت اللين حكمة، والشدة في وقت الشدة، والشدة في وقت اللين فظاظة.
ولشمول الجهاد وأنواعه قال العلماء :
الجهاد له أربع مراتب: جهاد النفس، والشيطان، والكفار والمنافقين، وأصحاب الظلم والبدع والمنكرات. وتفصيل ذلك:
أولاً: جهاد النفس له أربع مراتب:
1-جهادها على تعلم أمور الدين والهدى.
2-جهادها على العمل به بعد علمه.
3-جهادها على الدعوة إليه ببصيرة.
4-وجهادها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق.
لقول الله تعالى : ( وَالعَصرِ "1" إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسرٍ "2" إِلاَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبرِ "3" ).
ثانياً: جهاد الشيطان وله مرتبتان:
1-جهاده على دفع ما يلقى إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان.
2-جهاده على ما يلقي من الشهوات والإرادات الفاسدة. فالجهاد الأول بعد اليقين والثاني بعد الصبر قال تعالى: ( وَجَعَلنَا مِنهُم أَءِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِئَايَاتِنَا يُوقِنُونَ "24" )وقال تعالى محذراً من الشيطان الذي يثير الشهوات: ( إِنَّ الشَّيطَانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ).
ثالثاً : جهاد الكفار والنافقين وله أربع مراتب:
1-بالقلب
2-باللسان
3-بالمال
4-باليد
وجهاد الكفار أخص باليد وجهاد النافقين أخص باللسان.
رابعاً: جهاد أصحاب الظلم والعدوان والبدع والمنكرات فيكون بالمراحل الثلاثة التي جاءت في الحديث الذي رواه مسلم (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )). ولجهاد أعداء الله ضوابط منها إن لم يقدر عليهم وادعهم المسلمون أو صالحوهم، فإن قدروا عليهم عرضوا عليهم الإسلام فإن أبوا دعوا إلى بذل الجزية فإن امتنعوا عن ذلك كله استعان المسلمون عليهم بالله وقاتلوهم.
ومن ضوابط الجهاد في الإسلام ترك ما نهى عنه الشرع من المُثلة والغلول وقتل النساء والصبيان والشيوخ الذين لا رأي له ولا قتال، والرهبان والمرضى والعُمي وأصحاب الصوامع وذلك عملاً بقول الله تعالى: ( وَلاَ تَعتَدُوا، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعتَدِينَ ).
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في وصاياه لامراء الجيوش والسرايا فيما يرويه مسلم (( اغزوا بسم الله في سبيل قاتلوا من كفر بالله واغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تُمثلوا لا تقتلوا وليداً وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ... )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:43 AM
الدرس الثامن والعشرون : مراعاة المشاعر والأحاسيس (1)
ويصل التعامل في الإسلام مع النفس البشرية إلى قمته من الرعاية والاهتمام، فلا يكدر الخواطر ولا يسمح بالتعالي على الآخرين، ولا يدع الناس يتظالمون ولا يجرح أحد شعور غيره بسب أو شتم أو غمز أو إشارة أو سوء ظن. فكل ذلك مما يهدم الأواصر ويسيء العلاقة ويقطع دواعي المحبة والألفية.
ومن هذه الصور التي دعا إليها الإسلام والتي تراعي النفس البشرية وتراعي نفسية الآخرين :
1- إظهار المحبة ومعاملة الآخرين بها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه )). ولكي تكون المحبة متبادلة بين الطرفين لا بد من الإعلان عنها جاء في الحديث الصحيح (( إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه )) صحيح الجامع الصغير للألباني .
2- البعد عن ظلم الناس واحتقارهم. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم (( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره )).
3- اجتناب الأذى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم (( كل مسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )).
4- إظهار التواضع واجتناب الكبر لقول الله تعالى: ( وَلاَ تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمشِ في الأَرضِ مَرَحاً، إِنَّ اللًَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍٍ "18" ) وفي الحديث الذي رواه مسلم: (( وأن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد )).
5- ومن التواضع وحسن الأدب أن لا تقيم الرجل من مكانه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (( لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا )).
6- ومن حسن الأدب في التعامل أن لا تسخر من فرد أو تعيبه أو تحتقر الآخرين قال الله تعالى : ( يَآأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ يَسخَر قَومٌ مِّن قَومٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيراً مِّنهُم وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيراً مَّنهُنَّ، وَ لاَ تَلمِزُوا أَنفُسَكُم وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلقَابِ، بِئسَ الاِسمُ الفُسُوقُ بَعدَ الإِيمَانِ ).
7- البعد عن الحسد المفضي إلى البغضاء، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: (( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخواناً )).
8- ومما يخدش المشاعر – والذي نهى عنه الإسلام – الهمز باللسان، والغمز بالعين، وذكر عيوب الناس، والإشارة إليها لغرض الطعن. قال الله تعالى: ( وَيلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ "1" ).
9- البعد عن النجوى والمسارة بالأحاديث المفضية إلى الأذى وسوء الظن، وخاصة بين اثنين وترك الثالث. لقول الله تعالى: ( يَآأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَنَاجَيتُم فَلاَتَتَنَاجَوا بِالإِثمِ وَالعُدوَانِ وَمَعصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوا بِالبِرِّ وَالتَّقوَى ).وفي الحديث رواه البخاري (( لا يتناج اثنان دون الثالث )).
10- البعد عن الألفاظ المفضية إلى جرح المشاعر والإساءة. قال الله تعالى آمراً المؤمنين بمخالفة اليهود: ( يَآأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرنَا وَاسمَعُوا، وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ "104" ) فكلمة راعنا، كان يقصد بها اليهود الاستهزاء، وكلمة انظرنا تعني فهّمنا وبيّن لنا.
11- البعد عن الإسراف في المديح، لكيلا تأخذ الممدوح نشوة الاختيال والإعجاب بالنفس. أخرج الشيخان وأبو داود عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: (( أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (( ويلك! قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبكَ )) ثلاثاً ثم قال: (( من كان منكم مادحاً أخاه لا محالة فليقل: أحسب فلاناً (( الله حسيبه ولا يزكي على الله أحداً أحسب كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه )).
12- البعد عن رجم الناس بالغيب، وإبهاتهم. يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه (( إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث )).

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:43 AM
الدرس الثامن والعشرون: مراعاة المشاعر والأحاسيس (2)
13- ومن أدب المسلم وصيانته لمشاعر غيره، عدم تدخله فيما لا يعينه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه )) رواه مالك وأحمد والطبراني.
14- البعد عن رمي أحد من الناس بفسق أو كفر بغير حق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري (( لا يرمي رجل رجلاً بالفسق أو كفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك )).
15- ضبط النفس، وكظم الغيظ، وعدم الاستجابة لأي استفزاز. لقول الله تعالى: ( وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَفِينَ عَنِ النَّاسِ، وَاللَّهُ يُحِبَّ المُحسِنِينَ ). وفي الحديث المتفق عليه: (( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )).
16- ومن أدب المسلم في المجلس ولكي لا يجرح شعور أهل البيت، لا يحد نظره في بيت غيره لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم (( من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤوه عينه )).
17- ومن مراعاة الإسلام لمشاعر الناس النهي عن الشماتة بأحد، لأن الشماتة خلق وضيع جارح لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي: (( لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك )).
18- البعد عن الجدل والمزاح المؤذي والإخلاف بالوعد، لأن المراء والجدال لا يأتي بخير، والمزاح المؤذي كثيراً ما يؤول إلى النفور وسقوط المهابة، والإخلاف بالوعد يكدر النفس وينزع المحبة من القلب. والمسلم الصادق بعيد عن هذا كله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعداً فتخلفه )) رواه البخاري في الأدب المفرد.
19- الرفق بالمؤمنين لدرجة تصل إلى الذل لقول الله تعالى: ( أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ ) وهذا النوع من التعامل قمة في اللين والتلطف وحسن المعشر.
20- ترك احتقار الناس والسخرية منهم، لما في ذلك من الكبر والاستعلاء بغير الحق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم (( بحسب امرىءٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم )).
21- ترك ترويع المسلم ولو بالإشارة مازحاً لما فيه من الضرر النفسي والتخويف، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (( من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه وإن كان أخاه لأبيه وأمه )) رواه مسلم.
22- إزالة الشبهات، وتصحيح ظنون الناس للحفاظ على سلامة الصدر وصدق الطوية وحسن السيرة. جاء في صحيح البخاري .. عن علي بن الحسين رضي الله عنهما أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فتحدثت عنده ساعه ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد أم سلمة مرّ رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: (( على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي )) فقالا: سبحان الله يا رسول الله. وكبر عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً )).
23- وكان من رحمته صلى الله عليه وسلم وتلطفه حتى مع الأطفال أنه لم يجرح شعور طفلة على ظهره وهو يصلي. فقد ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم (( كان يصلي وهو حامل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع بنت ابنته زينب رضي الله عنها، إذ كانت جارية فكان إذا سجد وضعها وإذا قام رفعها )).
24- ومن أدب المسلم مراعاة أحوال الناس، وما يشق عليهم. جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري (( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطوِّل فيها فاسمع بكاء الصبي فأتجوّز في صلاتي كراهية أن أثقل على أمه )).
25- ومن مراعاة المشاعر الإنسانية إشباع الرغبة البشرية المباحة، حتى في الترفيه وعدم التصادم معها.
جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها – رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد فزجرهم عمر رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( دعهم، أمناً بني أرفده )) يعني من الأمن.


تم بفضل الله وطبعا الموضوع كله منقول

الشافعى الصغير
12-29-2008, 10:07 AM
جزاكم الله خيرا

أم عبد الرحمن السلفية
01-04-2009, 03:39 AM
ما شاء الله .. تبارك الله .
جُزيتم الفردوس الأعلى, ونفع الله بكم .