المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعد ذهبيات شيخ الإسلام .. الضوابط والتوجيهات الإصلاحية للعلامة العثيمين ..


سمير السكندرى
12-12-2007, 07:21 AM
لله مولانا ، والصلاة والسلام على مصطفانا ، وبعـدُ :
فمحاولة مني أخرى لجمع الإخوان على منهج واحد وكلمة سواء : أسوق هذه الضوابط والتوجيهات الإصلاحية من كتاب [ الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات ] للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ أرجو بها عظيم فضل ربي وجزيل ثوابه وكثير نعمه وعطائه ..
وأساس نقولاتي هذه حول الخلاف وضوابطه والفرقة وأثرها ..

قال الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ :
كذلك بعض الناس يتوهم أن شيئاً من الأمور واجب ، وربما يعتقد ذلك بناء على اجتهاد خاطئ من عنده ، وليته يقتصر على هذا ، ولكنه يجعل من هذا الاعتقاد المبني على تأويل أو على شبهة لا أصل لها يجعل منه وسيلة للولاء والبراء ، وهذه هي المشكلة !! فإذا لم يوافقه الإنسان على رأيه ، وإن كان رأيه خاطئاً بمقتضى أدلة الكتاب والسنة ، كره هذا الرجل وبغضه ، وإذا وافقه على رأيه أحبه ، وإن كان عند هذا الرجل الذي وافقه على رأيه من البدع ما عنده ، لكنه لما وافقه على رأيه صار محبوباً إليه ، وهذه هي المشكلة !!
ولا أحب أن أضع النقط على الحروف في هذه المسألة بالذات ، لكنها معلومة عند كثير من الشباب ، فإن بعض الشباب صاروا يوالون فلاناً ويتبرؤون من فلان ، فيوالون فلاناً لأنه أفتاهم بما يعتقدون أنه الحق ، ويتبرؤون من فلان ، لأنه أفتاهم بما يظنون أنه ليس هو الحق ، وهذا خطأ .
اهــ ( 18 ، 19 )
وللموضوع بقية ـ إن شاء الله تعالى ـ

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:21 AM
قال الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ :
الضابط الخامس : التآلف والتواد
ثم يجب علينا في هذه الصحوة أن نكـون في دين الله إخوة متآلفين متوادين ، لأن الله عز وجل يقول : { إنما المؤمنون إخوة } ، والنبي صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( وكونوا عباد الله إخواناً ) .
ومقتضى هذه الأخوة ألا يعتدي بعضنا على بعض ، وألا يبغي بعضنا على بعض ، وأن نكون أمة واحدة غير متفرقة في دين الله في أهوائها وآرائها .
وبناء على هذا يجب أن ننظر فيما حدث بين الشباب ، أو بالأصح بين بعض الشباب من نزعات ، هي في الحقيقة يتسع لها دين الإسلام ، نزعات في مسائل اجتهادية يسوغ فيها الاجتهاد ، والنصوص تسعها وتحتملها ، ولكن بعض الناس يريد أن يلزم عباد الله بما يرى أنه الحق ، وإن كان غيره مخالفاً له بمقتضى أن ما خالفه فيه هو الحق .
أقول : يوجد في بعض الشباب اليوم الذين منّ الله عليهم بالهداية ، وحرصوا كل الحرص على تطبيق الشريعة ، يوجد فيهم شيء من التنافر على خلاف يسعهم الاختلاف فيه ، لأنه محل اجتهاد ، والنصوص تحتمل هذا وهذا ، ولكن بعض الشباب يريد أن يكون جميع الناس تبعاً لرأيه ، فإن لم يتبعوا رأيه فإنه يعتبرهم على خطأ وضلال ، وهذا خلاف ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من الأئمة .
وأنا أقول لكم من هذا المكان : لو تدبرتم كتب الخلاف لوجدتم أن الخلاف بين العلماء كثير ، ولكن كل واحـد منهم لا يضلل الآخر برأيه واجتهاده ، بل يرى أنه يجب على الإنسان أن يتبع الحق وألا يحابي فيه أحداً ، نعم ، قل الحق ، ولكن ادع الناس إليه باللين والتيسير والسهولة ، حتى تصل إلى النتيجة .
فعلى كـل شاب وطالب علم أن يقلد من يرى أنه أقرب إلى الحق في نظره ، ويعذر من يخالفه في هذه المسألة إذا كان خلافك معه بمقتضى الدليل .
وأقول : كل إنسان يرى أنه يجب على الناس أن يتبعوه ، فإنه قد اتخذ لنفسه مقام الرسالة !!
ثم نقول : هل من الإنصاف أن تجعل فهمك حجة على غيرك ، ولا تجعل فهم غيرك حجة عليك ؟!
كم من إنسان حاقد على الإسلام ، عدو للإسلام ، يفرح غاية الفرح أن يجد هذا التفرق في الشباب !! يفرح ويتمنى من كل قلبه أن يجد هذا الشباب الذي اتجه هذا الاتجاه الحي النابض متفرقاً .
إن الله عز وجل يقول : { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } ويقول عز وجل : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } .
إنني أدعوكم أيها الشباب إلى الألفة وإلى الوحدة على دين الله عز وجل ، وإلى التأني في الأمور ، وإلى الحكمة في الدعوة ، وبهذا سيكتب لكم النصر إن شاء الله تعالى ، لأنكم تكونون على بينة من أمركم ، وعلى بصيرة في دين الله . اهــ ( 36 ، 37 )
وللموضوع بقية ـ إن شاء الله تعالى ـ

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:21 AM
قال الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ
الضابط العاشر : اتساع صدور الشباب للخلاف بين العلماء
إن على الشباب الدعاة والملتزمين أن تتسع صدورهم لما يحصل من اختلاف بين العلماء أو غيرهم ، وأن يقابلوا هذا بالاعتذار عمن سلك سبيلاً خطأ في اعتقادهم ، وهذه نقطة مهمة جداً ، لأن بعض الناس يتتبع أخطاء الآخرين ، ليتخذ ما ليس لائقاً في حقهم ، ويشوش على الناس سمعتهم ، وهذا من أكبر الأخطاء ، وإذا كان اغتياب العامي من الناس من كبائر الذنوب فإن اغتياب العالم أكبر وأكبر ، لأن اغتياب العالم لا يقتصر ضرره على العالم ، بل عليه وعلى ما يحمله من العلم الشرعي ، والناس إذا زهدوا في العالم أو سقط من أعينهم تسقط كلمته أيضاً من أعينهم ، وإذا كان يقول الحق ويهدي إليه ، فإن غيبة هذا الرجل لهذا العالم تكون حائلاً بين الناس وبين علمه الشرعي ، وهذا خطره كبر وعظيم .
أقول : إن على هؤلاء الشباب أن يحملوا ما يجري بين العلماء من الاختلاف على حسن النية ، وعلى الاجتهاد ، وأن يعذروهم فيما أخطؤوا فيه ، ولا مانع أن يتكلموا معهم فيما يعتقدون أنه خطأ ، ليبينوا لهم الخطأ منهم أو من الذين قالوا إنهم أخطؤوا ؟! لأن الإنسان أحياناً يتصور أن قول العالم خطأ ، ثم بعد المناقشة يتبين له صوابه ، والإنسان بشر ( كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون ) .
أما أن يفرح بزلة العالم وخطئه ليشيعها بين الناس فتحصل الفرقة ، فإن هذا ليس من طريق السلف .
وكذلك أيضاً ما يحصل من الأخطاء في الأمراء لا يجوز لنا أن نتخذ ما يخطئون فيه سلماً للقدح فيهم في كل شيء ونتغاضى عما لهم من حسنات ، لأن الله يقول في كتابه : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا } ، يعني لا يحملنكم بغض قوم على عدم العدل ، فالعدل واجب ، ولا يحل لأحد أن يأخذ زلات أحد من الأمراء أو العلماء أو غيرهم فيشيعها بين الناس ، ثم يسكت عن حسناتهم ، فإن هذا ليس بالعدل .
وقس هذا الشيء على نفسك ، لو أن أحداً سلط عليك وصار ينشر زلاتك وسيئاتك ، ويخفي حسناتك وإصاباتك ، لعددت ذلك جناية منه عليك ، فإذا كنت ترى ذلك في نفسك ، فإنه يجب عليك أن ترى ذلك في غيرك ، وكما أشرتَ آنفاً إلى أن علاج ما تظنه خطأ أن تتصل بمن رأيت أنه أخطأ ، وأن تناقشه ، ويتبين الموقف بعد المناقشة .
فكم من إنسان بعد المناقشة يرجع عن قوله إلى ما يكون هو الصواب ، وكم من إنسان بعد المناقشة يكون قوله هو الصواب ، وظننا أنه هو الخطأ ، ( فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فتأتيه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ) وهذا هو العدل والاستقامة . اهــ ( 50 ، 51 )
__________________

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:22 AM
سئل الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ :
هل يجوز الهجر بين الدعاة إلى الله بسبب اختلافهم في أساليب الدعوة ؟
قال الشيخ :
أقول : لا يجوز الهجر بين المؤمنين ، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) ، حتى ولو ارتكب معصية ، فإن هجره لا يجوز إلا إذا كان في هجره مصلحة ، كأن ينتهي عن معصية ، ولهذا هجر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم ، حين تخلفوا عن غزوة تبوك .
فإذا كان في هجر الفساق مصلحة راجحة فإنهم يهجرون وإلا فلا يهجرون ، هذا بالنسبة لعموم الفساق ، أما الدعاة إلى الله فإنه لا ينبغي لهم بل لا يجوز لهم أن يتهاجروا فيما بينهم ، بسبب اختلاف أساليب الدعوة ، ولكن على كل واحد منهم أن ينتفع بأسلوب الآخر إذا كان أجدى وأنفع .
اهــ ( 87 ، 88 )

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:22 AM
سئل الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ
ما هي الضوابط التي ترونها للعمل والتعاون مع الدعاة لمنع الخلاف ؟
قال الشيخ :
لا شك أن الضوابط لهذا الخلاف هي الرجوع إلى ما أرشد الله إليه في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً } وفي قوله { وما اختلفتم في من شيء فحكمه إلى الله } .
فالواجب على من خرج عن الصواب في العقيدة أو في العمل ـ أي في الأمور العلمية والعملية ـ أن يُناقش حتى يتبين له الحق فيرجع إليه ، أما خطؤه فيجب علينا أن نبينه ، وأن نحذر من الخطأ بقدر الاستطاعة ، ومع ذلك لا نيأس ، فإن الله رد أقواماً لهم بدع كبيرة حتى صاروا من أهل السنة ، ولا يخفى على أحد منا ما اشتهر عن أبي الحسن الأشعري رحمه الله أنه بقي في طائفة الاعتزال مدة أربعين سنة من عمره ، ثم اعتدل بعض الشيء لمدة ، ثم هداه الله عز وجل إلى السبيل الأقوم إلى مذهب الإمام أحمد رحمه الله الذي هو مذهب أهل السنة والجماعة ، فالحاصل أن مسائل العقيدة مهمة ويجب التناصح فيها ، كما يجب التناصح في الأمور العملية . اهــ ( 89 )

وللموضوع بقية ـ إن شاء الله تعالى ـ

__________________

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:22 AM
سئل الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ
ما هي الضوابط التي ترونها للعمل والتعاون مع الدعاة لمنع الخلاف ؟
قال الشيخ :
لا شك أن الضوابط لهذا الخلاف هي الرجوع إلى ما أرشد الله إليه في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً } وفي قوله { وما اختلفتم في من شيء فحكمه إلى الله } .
فالواجب على من خرج عن الصواب في العقيدة أو في العمل ـ أي في الأمور العلمية والعملية ـ أن يُناقش حتى يتبين له الحق فيرجع إليه ، أما خطؤه فيجب علينا أن نبينه ، وأن نحذر من الخطأ بقدر الاستطاعة ، ومع ذلك لا نيأس ، فإن الله رد أقواماً لهم بدع كبيرة حتى صاروا من أهل السنة ، ولا يخفى على أحد منا ما اشتهر عن أبي الحسن الأشعري رحمه الله أنه بقي في طائفة الاعتزال مدة أربعين سنة من عمره ، ثم اعتدل بعض الشيء لمدة ، ثم هداه الله عز وجل إلى السبيل الأقوم إلى مذهب الإمام أحمد رحمه الله الذي هو مذهب أهل السنة والجماعة ، فالحاصل أن مسائل العقيدة مهمة ويجب التناصح فيها ، كما يجب التناصح في الأمور العملية . اهــ ( 89 )
سئل الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ :
ما هي نصيحتكم لما يحصل بين الشباب الملتزم في مواجهة بعضهم البعض والتبرؤ من بعضهم البعض ؟
قال الشيخ :
لا شك أن هذا الذي يحدث بين الشباب الملتزم من التفرق وتضليل بعضهم بعضاً ، وحمل العداوة والبغضاء لمن لا يوافقهم في منهجهم ، لا شك أنه مخزي ومؤسف ، وربما يؤدي على انتكاسة عظيمة ، ومثل هذا التفرق هو قرة عين شياطين الجن والإنس ، لأن شياطين الإنس والجن لا يودون من أهل الخير أن يجتمعوا على شيء ، فهم يريدون أن يتفرقوا ، لأنهم يعلمون أن التفرق تفتتٌ للقوة التي تحصل بالالتزام والاتجاه إلى الله عز وجل ، ويدل على هذا قول الله تعالى { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } وقوله تعالى { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات } وقوله تعالى { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء } وقوله تعالى { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } ، فالله تعال قد نهانا عن التفرق وبين لنا عواقبه الوخيمة ، والواجب علينا أن نكون أمة واحدة ، وكلمتنا واحدة ، فالتفرق فساد وشتات للأمر ، وموجب لضعف الأمة الإسلامية .
والصحابة رضي الله عنهم حصل بينهم الاختلاف ، لكن لم يحصل التفرق ولا العداوة ، ولا البغضاء ، حصل بينهم الاختلاف حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
مثال ذلك : لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة الأحزاب ، وجاءه جبريل يأمره أن يخرج من بني قريظة لنقضهم العهد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة ) فخرجوا من المدينة إلى بني قريظة وحان وقت صلاة العصر .
فقال بعضهم : لا نصلي إلا في بني قريظة ، ولو غابت الشمس ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة ) ، فنقول : سمعنا وأطعنا .
ومنهم من قال : إن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد بذلك المبادرة والإسراع إلى الخروج ، ولم يرد منا تأخير الصلاة ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف أحداً منهم ، ولم يوبخه على ما فهم ، وهم بأنفسهم لم يتفرقوا من أجل اختلاف الرأي في فهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهكذا يجب علينا ألا نتفرق وأن نكون أمة واحدة .
وأما أن يحصل التفرق فيقال : هذا من السلفيين ، وهذا من الإخوانيين ، وهذا من التبلغيين ، وهذا من السنيين ، وهذا من المقلدين ، وهذا من كذا وهذا من كذا ونتفرق ، فهذا خطره عظيم !! والأمل الذي نؤمله من هذه الصحوة واليقظة الإسلامية سوف يتلاشى ، إذا علمنا أن هذه الصحوة سيكون منها طوائف متفرقة يضلل بعضها بعضاً ، ويسفه بعضها بعضاً .
والحل لهذه المشكلة ، أن نسلك ما سلكه الصحابة رضي الله عنهم ، وأن نعلم أن هذا الخلاف الصادر عن اجتهاد يسوغ فيه الاجتهاد ، أن نعلم أن هذا الخلاف لا يؤثر بل إنه في الحقيقة وفاق فكيف ذلك ؟!
أنا أخالفك في مسألة من المسائل ، لأن مقتضى الدليل عندي خلاف ما تقول ، وأنت تخالفني في هذه المسألة ، لأن مقتضى الدليل عندك خلاف ما أقول أنا ، فالواقع أننا لسنا مختلفين ، لأن كلاً منا أخذ بما رأى بناء على أن هذا مقتضى الدليل ، إذن فمقتضى الدليل أما أعيننا جميعاً ، وكل منا لم يأخذ برأيه إلا لأنه مقتضى الدليل ، فأنا أحمدك وأثني عليك ، لأنك تجرأت على مخالفتي دفاعاً عن الدليل ، وأنا أخوك وصاحبك ، لأن هذه المخالفة مقتضى الدليل عندك ، فالواجب عليّ إلا يكون في نفسي شيء عليك ، بل أنا أحمدك على ما ذهبت إليه ، وأنت كذلك .
ولو أننا ألزمنا أحدنا أن يأخذ بقول الآخر ، لكان إلزامي إياه أن يأخذ بقولي ليس أولى بإلزامه إياي أن آخذ بقوله ، ولذلك أقول ك يجب أن نجعل هذا الخلاف المبني على اجتهاد أن نجعله ليس خلافاً بل نجعله وفاقاً ، حتى تجتمع الكلمة ويحصل الخير .
ولكن لو قال قائل : قد تكون هذه معالجة غير متيسرة بالنسبة لعامة الناس فما هو الحل ؟
الحل : أن يجتمع رؤساء القوم وأعيانهم من كل طائفة للنظر والبحث في مسائل الاختلافات بيننا ، حتى نكون متحدين ومؤتلفين ، ولقد جرى في سنة من السنين مسألة في منى ـ على يدي ويد بعض الإخوان ـ قد تكون غريبة عليكم ، حيث جيء بطائفتين وكل طائفة من ثلاثة أو أربعة رجال ، وكل واحدة تتهم الأخرى بالكفر وتلعنها ، وهم حجاج .
وخبر ذلك : أن أحدى الطائفتين قالت : إن الأخرى إذا قامت تصلي وضعت اليد اليمنى على اليسرى فوق الصدر ، وهذا كفر بالسنة ، حيث إن السنة عند هذه الطائفة إرسال اليدين على الفخذين ن والطائفة الأخرى تقول : إن إرسال اليدين على الفخذين دون أن تجعل اليمنى على اليسرى كفر مبيح للعنة ، وكان النزاع بينهم شديداً ، ولكن بفضل الله ثم بجهود الإخوان ، وبيان ما يجب أن تكون عليه الأمة الإسلامية من ائتلاف ذهبوا وكل واحد منهم راض عن الآخر .
فانظر كيف لعب الشيطان بهم في هذه المسألة التي اختلفوا فيها حتى بلغ أن كفر بعضهم بعضاً بسببها ، وهي سنة من السنن ، وليست من أركان الإسلام ، ولا من فرائضه ، ولا من واجباته ، غاية ما هنالك أن بعض العلماء يرى أن وضع اليد اليمنى على اليسرى فوق الصدر هو السنة ، وآخرون من أهل العلم يقولون ك إن السنة هي الإرسال ، مع أن الصواب الذي دلت عليه السنة هو وضع اليد اليمنى على الذراع اليسرى ، كما قال سهل بن سعد رضي الله عنه ، فيما رواه البخاري ، قال : ( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة ) .
فأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يمن على إخواننا الذي لهم مشارب ومناهج في وسائل الدعوة ، أن يمن عليهم بالائتلاف والمحبة ، وصلاح القلوب ، وإذا حسنت النية سهل العلاج ، أما إذا لم تحسن النية وكان كل واحد منهم معجباً برأيه ولا يهمه غيره ، فإن النجاح سيكون بعيداً .
تنبيه : إذا كان الخلاف في مسائل العقائد فيجب أن تصحح ، وما كان على خلاف مذهب السلف فإنه يجب إنكاره والتحذير ممن يسلك ما يخالف مذهب السلف في هذا الباب . اهــ ( 93 ، 997 )

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:23 AM
سئل الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ :
هل يجوز من بعض طلبة العلم أن يكون ديدنهم تجريح بعضهم البعض ، وتنفير الناس عنهم والتحذير منهم ؟
قال الشيخ :
لا شك أن تجريح العلماء بعضهم بعضاً عمل محرم ، وإذا كان الإنسان لا يجوز له أن يغتاب أخاه المؤمن وإن لم يكن عالماً ، فكيف يجوز له أن يغتاب إخوانه العلماء من المؤمنين ؟!
فالواجب على الإنسان المؤمن أن يكف لسانه عن الغيبة في إخوانه المؤمنين ، قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله } .
وليعلم الذي ابتلي بهذه البلوى أنه إذا جرح العالم فسيكون سبباً في رد ما يقوله هذا العالم من الحق ، وليعلم أن الذي يجرح العالم لا يجرحه شخصياً ، بل هو تجريح لإرث محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن العلماء ورثة الأنبياء ، فإذا جرح العلماء ، وقدح فيهم لم يثق الناس بالعلم الذي عندهم ، وهو مورث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحينئذ لا يثقون بشيء من الشريعة التي يأتي بها هذا العالم الذي جرح .
ولست أقول : إن كل عالم معصوم ، بل كل إنسان معرض للخطأ ، وأنت إذا رأيت من عالم خطأ فيما تعتقده ، فاتصل به وتفاهم معه ، فإن تبين أن الحق معه وجب عليك اتباعه ، وإن وجدت أن قوله خطأ وجب عليك رده وبيان خطئه ، لأن الإقرار على الخطأ لا يجوز ، ولكن لا تجرحه وهو رجل عالم معروف بحسن النية ، وإن أمكن أن تقول : قال بعض الناس كذا وكذا ، وهذا القول ضعيف ، ثم تبين وجه ضعفه وصواب القول الذي تراه كان هذا أطيب وأطيب .
ولو أردنا أن نجرح العلماء المعروفين بحسن النية لخطأ وقعوا فيه من مسائل الدين ، لجرحنا علماء كباراً ، ولكن الواجب هو ما ذكرت ، فإذا رأيت من عالم خطأ فناقشه ، إما أن يتبين أن الصواب معك فيتبعك ، أو لا يتبين الأمر ويكون الخلاف من الخلاف السائغ ، وحينئذ يجب الكف عنه ، وليقل هو ما يقول ، وأنت تقول ما تقول .
والخلاف ليس في هذا العصر فقط ، بل الخلاف من عهد الصحابة إلى يومنا هذا ، وأما إذا تبين الخطأ ولكنه أصر انتصاراً لقوله وجب عليك أن تنفر من الخطأ ، لكن لا على أساس القدح في هذا الرجل وإرادة الانتقام منه ، لأنه قد يقول قولاً حقاً في غير ما جادلته فيه .
فالمهم أني أنصح إخواني بالابتعاد عن هذا البلاء وهذا المرض ، وأسأل الله لي ولهم الشفاء من كل ما يعيبنا أو يضرنا في ديننا ودنيانا .
اهــ ( 98 ، 99 )

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:23 AM
سئل الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ :
تضخيم أخطاء العلماء ديدن كثير من الشباب ، كيف يمكن أن توجه الشباب في هذا الجانب ؟
قال الشيخ :
أقول : أسأل الله أن يعين العلماء على ما ينالهم من ألسنة السفهاء ، لأن العلماء ينالهم أشياء كثيرة .
أولاً : أننا نسمع ما ينسب إلى بعض أهل العلم المرموقين ، ثم إذا تحققنا وجدنا أن الأمر خلاف ذلك ، كثيراً ما يقال : قال فلان كذا ، فإذا بحثنا وجدنا الأمر على خلاف ذلك ، وهذه جناية كبيرة ، وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( إن كذباً عليّ ليس ككذب على أحد ) أو ما هذا معناه .
فالكذب على العلماء فيما يتعلق بشرع الله ليس بكذب على واحد من الناس ، لأنه يتضمن حكماً شرعياً ينسب إلى هذا العالم الموثوق به .
ولهذا كلما كانت ثقة الناس بالعالم أكثر صار الكذب عليه في هذه الأمور أكثر ، وأخطر أيضاً ، لأن كل واحد من العامة لو تقول له : قال فلان ما يستجيب لك ، لكن لو تقول له : قال فلان ممن يثقون به لاستجابوا لك ، فتجد بعض الناس له رأي أو فكر يرى أنه الحق ، ويحاول أن يكون الناس عليه ولا يجد طريقاً إلى ذلك إلا أن يكذب على أحد العلماء الموثوق بهم ، فيقول : هذا قول فلان ، وهذه المسألة خطيرة جداً ، وليست جرحاً للعالم شخصياً ، بل هي تتعلق بحكم من أحكام الله عز وجل .
ثانياً : تضخيم الأخطاء كما قلت ، هذا أيضاً خطأ ، خطأ وعدوان ، فالعالم بشر يخطئ ويصيب لا شك ، ولكن إذا أخطأ العالم فالواجب علينا أن نتصل به وأن نقول له : هل قلت كذا ؟ فإذا قال : نعم ، وكنا نرى أنه أخطأ قلنا له : هل لديك دليل ؟ فإذا دخلنا معه في المناقشة تبين الحق ، وكل عالم منصف يخشى الله عز وجل لابد أن يرجع إلى الحق ، ولابد أن يعلن رجوعه أيضاً ، وأما تضخيم الخطأ ثم يذكر في أبشع حالاته فهذا لا شك أنه عدوان على أخيك المسلم ، وعدوان حتى على الشرع ، إن استطعت أن أقول هذا ، لأن الناس إذا كانوا يثقون بشخص ثم زعزعت ثقتهم به فإلى من يتجهون ؟ أيبقى الناس مذبذبين ليس لهم قائد يقودهم بشريعة الله ، أم يتجهون إلى جاهل يضلهم عن سبيل الله بغير قصد ، أم يتجهون إلى عالم سوء يصدهم عن سبيل الله بقصد . اهــ ( 99 ، 100 )


__________________

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:23 AM
قال الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ :
ولهذا كان ينبغي بل يجب على طلبة العلم إذا تكلم أحد بباطل أو كتب كلاماً باطلاً يجب أن يتصل بالقائل أو الكاتب قبل أن يرد عليه ، من أجل أن الكاتب أو القائل يتراجع بنفسه ، ويجب عليه إذا عرف أنه على خطأ أن يبين للناس خطأ نفسه ، قبل أن يذهب هذا فيرد عليه بمقال أو كتابة ، لأن في ذلك من إضعاف جانب أهل العلم ما لا يخفى ، ولأن العامة إذا رأوا طلبة العلم يكتب بعضهم في بعض ، ويرد بعضهم على بعض ضعفت جهة العلماء عندهم سواء كان في الراد أو في المردود عليه ، مع أنه يحدث بلبلة وتشويشاً على الناس ، إذ إن الناس لا يدرون الحق مع هذا أو مع هذا ، لكن لو ذهب الإنسان إلى هذا القائل الذي يرى أنه أخطأ في قوله وتفاهم معه ، وقال له : إن هذا خطأ ، وبين له وجهة خطئه ، وتناقش معه ، لأنه قد يكون عند الكاتب الذي يراد الرد عليه ما ليس عند هذا الآخر ، وتناقش في الموضوع ، ففي ظني أن الرجل الذي يريد أن تقوم شريعة الله سوف يرجع إلى الحق ، أو على الأقل أن يقول والله هذا الذي عندي ، وإذا كان عندك شيء فلا حرج عليك أن تبينه ، بل يجب عليك أن تبينه إذا رأيت أن الحق في خلاف ما أقول .
ثم مع ذلك أيضاً أرى أن الطريق السليم إلا يأتي بالخطأ من الآخر ، ويوضع أمام الناس ، ثم يرد عليه وينتقده ، بل يبين الحق هو بنفسه مثل أن يقول :
فإن قال قائل : كذا وكذا ، فجوابه عليه كذا وكذا ، حتى يعرف الناس الحق ، وحتى لا يكون تباغض أو تعادٍ بين الناس ، اللهم إلا إذا كان صاحب بدعة ، فإن الواجب أن يبين خطأه ، وأن يبين شخصه ، حتى لا يغتر الناس به ، أما المسائل الاجتهادية التي يتسع الشرع لها فإن الأولى فيها سلوك سبيل الحكمة وجمع القلوب ما أمكن . اهــ ( 105 ، 106 )

__________________

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:24 AM
سئل الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ :
لماذا لا تحقق مسائل الخلاف ليتبين الداعية وجه الصواب فيها ، وذلك لجمع كلمة الأمة ؟
قال الشيخ :
أرى أنه إذا أردنا أن نجمع العلماء في بلد ما فسيكون هناك اختلاف قي الرأي ، حتى وإن حققنا مسائل الخلاف ، فإنه سيقع الخلاف ، ولكن الواجب عليهم أن يتقوا الله ما استطاعوا ، وألا يكون الدافع لقبول هذا العالم المخالف للعالم الآخر هو الهوى ، بل الدافع هو قصد الهدى .
وعلى هذا يتبع الإنسان عند اختلاف العلماء من يرى أنه أقرب إلى الصواب ، لعلمه ودينه وأمانته ، وأما أن نجمع الناس على قول واحد فالظاهر أن هذا أمر متعذر ولا يمكن . اهــ ( 127 )

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:24 AM
سئل الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ :
هل هناك نصوص في كتاب الله وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ تدل على إباحة تعدد الجماعات الإسلامية ؟
قال الشيخ :
ليس في الكتاب ولا في السنة ما يبيح تعدد الجماعات والأحزاب ، بل إن في الكتاب والسنة ما يذم ذلك ، قال تعالى : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يعملون } ، وقال تعالى : { كل حزب بما لديهم فرحون } .
ولا شك أن هذه الأحزاب تنافي ما أمر الله به ، بل ما حث الله عليه في قوله { وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون } ولا سيما حينما ننظر إلى آثار هذا التفرق والتحزب حيث كان كل حزب وكل فريق يرمي الآخر بالتشنيع والسب والتفسيق ، وربما بما هو أعظم من ذلك ، لذلك فإنني أرى أن هذا التحزب خطأ .
وقول بعضهم : إنه لا يمكن للدعوة أن تقوى وتنتشر إلا إذا كانت تحت حزب ؟!!
نقول : إن هذا الكلام غير صحيح ، بل إن الدعوة تقوى وتنتشر كلما كان الإنسان أكثر تمسكاً بكتاب الله وسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأكثر اتباعاً لآثار النبي ـ صلى اله عليه وسلم ـ وخلفائه الراشدين .
اهــ ( 131 )

سمير السكندرى
12-12-2007, 07:24 AM
سئل الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ :
ما رأيكم فيمن يقول : نجمع فيما اتفقنا فيه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ؟
قال الشيخ :
رأيُّنا في هذه الكلمة أن فيها إجمالاً :
أما نجتمع فيما اتفقنا فيه فهذا حق .
وأما يعذر بعضنا بعضناً فيما اختلفنا فيه ، فهذا فيه تفصيل :
فما كان الخلاف فيه سائغاً فإنه يعذر بعضنا بعضاً فيه ، ولكن لا يجوز أن تختلف القلوب من أجل هذا الخلاف .
وأما إن كان الاجتهاد غير سائغ فإننا لا نعذر من خالف فيه ، ويجب عليه أن يخضع للحق ، فأول العبارة صحيح ، وأما آخرها فيحتاج إلى تصحيح .
اهــ ( 144 ، 145 )
آخر الموضوع ، والحمد لله رب العالمين ..

أم عبد الرحمن السلفية
11-08-2008, 01:45 AM
رحم الله شيخي والشيخ وأسكنهما ربي الفردوس الأعلى .
وجزاكم الله خيراً ونفع بكم .