المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يُقدّم الحَج على الزواج ؟؟


أم حفصة السلفية
09-21-2010, 10:02 AM
هل يُقدّم الحَج على الزواج ؟؟

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
قال الله – تعالى - :
{ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ
الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ
تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ النور 32 ــ 33 ] .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله - تعالى - :
[ اشتملت هذه الآيات الكريمات على جُمَلٍ من الأحكام المحكمة، والأوامر المُبْرَمة ،
فقوله - تعالى - :
{ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ } إلى آخر الآية،
هذا أمر بالتزويج .

وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه على كل من قدر عليه.
واحتجوا بظاهر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )
أخرجاه في الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود – رضي الله عنهما - ]
انتهى كلام الحافظ - رحمه الله تعالى - .
انظر :
[تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير رحمه الله – تعالى – 3/383] .

وقد يجد الرجل الباءة لكنه يحار ما بين تقديم الزواج على الحج أم الحج على الزواج للأدلة المتقدمة أعلاه ؟؟.
ولكن يترد بين العوام أن الحَـج يقدّم على الزواج وأنه أوْلى .
وقد أجاب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله – تعالى - على بعض الأسئلة حول هذا الموضوع منها :

السؤال 1.
أحسنتم أثابكم الله هذه رسالة وردتنا من المستمع من الجمهورية العراقية من
البصرة يقول فيها التائب فقط ولم يذكر اسمه يقول أرجو إذا تكرمتم أن تفتوني
هل يجوز للفتى الشاب أن يحج إلى بيت الله الحرام قبل الزواج أم لا بد
من زواجه ثم بعد ذلك الحج وما هي الشروط الواجبة عليه أفيدونا وفقكم الله؟.

أجاب فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – تعالى - :
يجوز للشاب أن يحج قبل أن يتزوج ولا حرج عليه في ذلك، لكن إذا
كان محتاجاً إلى الزواج ويخاف العنت والمشقة في تركه، فإنه يقدمه على الحج،
لأن الله - تبارك وتعالى - اشترط في وجوب الحج أن يكون الإنسان مستطيعاً،وكفاية الإنسان نفسه بالزواج من الأمور الضرورية،
فإذا كان الرجل أو الشاب لا يهمه إذا حج وأخر الزواج، فإنه يحج ويتزوج بعد،
وأما إذا كان يشق عليه تأخير الزواج فإنه يقدم الزواج على الحج.
انظر : [ فتاوى نور على الدرب (نصية) : الحج والجهاد ] .
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_5296.shtml

**************************

السؤال 2.
شكر الله لكم فضيلة الشيخ، المستمع عاطف محمد مصري يعمل باليمن في
سؤاله الثاني يقول رجل يريد أن يحج ولم يتزوج فأيهما يقدم؟ .
أجاب فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – تعالى - :
[ ليس من شرط صحة الحج أن يتزوج المرء، بل يصح الحج وإن لم يتزوج،
ولكن إذا كان الإنسان محتاجاً إلى الزواج، ويلحقه بتركه المشقة، وعنده دراهم
إن حج بها لم يتمكن من الزواج، وإن تزوج لم يتمكن من الحج، فإنه في هذه الحال يقدم الزواج.
لأن الزواج في حقه حينئذ صار من ضروريات حياته، والحج إنما يجب على
من استطاع إليه سبيلاً، وما سمعه من العامة من أن الإنسان لا يحج حتى يتزوج، فليس بصحيح ] .
انظر :
[ فتاوى نور على الدرب (نصية) : الحج والجهاد ] .
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_6142.shtml

**************************
ومن فتاوى اللجنة الدائمة أيضا :
[ إن كان المسلم لا يخاف على نفسه من الزنا وجب عليه تقديم الحج على الزواج ،
وإن كان يخاف على نفسه من ذلك قدم الزواج على الحج من أجل إعفاف نفسه ،
ولأن الحج إنما يجب على المستطيع ، وهذا يعتبر غير مستطيع حتى يعف نفسه ] انتهى .
« فتاوى اللجنة الدائمة (23 / 320) » .

*************************
وقال فضيلة الشيخ بن باز:
[ من اشتدت حاجته إلى الزواج وجبت عليه المبادرة به قبل الحج ؛ لأنه في هذه الحال
لا يسمى مستطيعاً، إذا كان لا يستطيع نفقة الزواج والحج
جميعاً فإنه يبدأ بالزواج حتى يعف نفسه ]انتهى .
« مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله – تعالى -
(16 / 359) » .

**************************
وقال فضيلة الشيخ " حسين العوايشة " – حفظه الله تعالى – في الموسوعة الفقهية الميسرة :
[ إذا احتاج الشخص إلى الزواج وخشيَ العنت ؛ فإنه يقدّمه على
حِجّـةِ الإسلام التي تجب عليه ؛ وإلاّ قدّم الحَجّ عليه .... ثم قال :
وسألت شيخنا – رحمه الله - :
هل يُـقــــــدّم الزواج على الحج؟ .
فأجاب :
إذا خشيَ العَـنَـتَ قــــدّمَهُ ، وإلاّ فلا ]. انتهى كلامهما – جزاهما الله خيرا - .

وقد ذكر شيخنا الألباني رحمه الله – تعالى - فوائد طيبة أوردها في
التعليق على حديث صحيح في السلسلة الصحيحة :
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس
(وفي رواية : غزا نبي من الأنبياء ، فقال لقومه : لا يتبعني رجل قد ملك بضع (1)
امرأة وهو يريد أن يبني بها ولمّا يبن بها (2) .
ولا أحد قد بنى بنيانا ولما يرفع سقفها . ولا أحد قد اشترى غنما أو خلفات
وهو ينتظر أولادها . فغزا، فدنا من القرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك، فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي شيئا،
فحبست عليه حتى فتح الله عليه،
فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله، فأبت أن تطعم . فقال :
فيكم غلول، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فبايعوه، فلصقت يد رجل بيده، فقال :
فيكم الغلول، فلتبايعني قبيلتك، فبايعته قبيلته ، قال فلصق بيد
رجلين أو ثلاثة بيده فقال فيكم الغلول أنتم غللتم فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب قال فوضعوه في المال وهو بالصعيد فأقبلت
النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله - تبارك تعالى - رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا).
وفي رواية : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك :
(إن الله أطعمنا الغنائم رحمة بنا، وتخفيفا لما علم من ضعفنا) انظر :
[السلسلة الصحيحة 1/393 ــ 399. رقم 202] (متفق عليه).
قال شيخنا الألباني رحمه الله – تعالى - :
[هذا حديث صحيح جليل مما حفظه لنا أبو هريرة - رضي الله عنه – وله عنه أربع طرق] .
وبعد أن أورد رحمه الله – تعالى - طرق الحديث وأسانيدها ، والتعليق عليها ذكر من فوائد الحديث :
1 ــ قال المهلّب :
[ فيه أن فتن الدنيا تدعو إلى الهلع ومحبة البقاء، لأن من ملك بُضْعَ امرأةٍ ولمْ يَدخل بها،
أو دخل بها وكان على قرب من ذلك، فإن قلبه مُتعلقٌ بالرجوع إليها،
ويجد الشيطان السبيل إلى شُغل قلبه عما هو عليه، وكذلك غير المرأة من أحوال الدنيا ].
2 ــ قال ابن المنير :
[ يستفاد منه الرد على العامة في تقديمهم الحج على الزواج، ظناً منهم أن التعفف إنما يتأكد بعد الحج ، بل الأولى أن يتعفف ثم يحج ] .
قلت – والقول لشيخنا الألباني رحمه الله – تعالى - :
[ وقد رُوِيَ في موضوع « الحج قبل الزواج أو بعده » حديثان كلاهما عن أبي هريرة – رضي الله عنه – مرفوعاً، ولكنهما موضوعان،
كما بينته في
« سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة »
(رقم 221 – 222) ... ]
[انتهى كلامه رحمه الله – تعالى -].
والحديثان الموضوعان هما :
1 ــ (الحج قبل التزوّج) (موضوع) انظر :
[سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/256 رقم 221] .
قال شيخنا الألباني في تخريجه لهذا الحديث :
[(موضوع) أورده السيوطي في الجامع الصغير من رواية الديلمي في « مُسند الفردوس »
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – وتعقّبه المناوي بقوله : وفيه غيّاث بن إبراهيم، قال الذهبي : تركوه، وميسرة بن عبد ربه قال الذهبي :
« كذاب مشهور ».... فأعجب من السيوطي كيف يورد في « جامعه »
أحاديث هؤلاء الكذابين ! وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة بلفظ آخر وهو :
2 ــ (من تزوّجَ قبل أن يحج فقد بدأ بمعصية الله) (موضوع) انظر :
[سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/256 رقم 222] .
قال شيخنا الألباني رحمه الله – تعالى - :
[ (موضوع) رواه ابن عديّ (20/2) عن أحمد بن جمهور القرقاني،
حدثنا محمد بن أيوب حدثني أبي عن رجاء بن روح حدثتني ابنة وهب بن منبه عن أبيها عن أبي هريرة مرفوعا. وقال ابن عدي :
« وبعض روايات أيوب بن سويد أحاديث لا يتابعه أحد عليها ».
ومن طريق ابن عدي ذكره ابن الجوزي في
« الموضوعات »
وقال : محمد بن أيوب « يروي الموضوعات » .
وأقره السيوطي في
« اللآلئ » (2/120) وزاد عليه قوله : قلت وأحمد بن جمهور « متهم بالكذب » ... ]
انتهى كلامه رحمهم الله – تعالى - جميعا.

*************************

« هل يُـقـَـدّمُ الحـَــجّ على الـزواج بامرأة ثانيـــــة » ؟؟

من كان متزوجاً، فقد أعفّ نفسه بالزواج، فالواجب عليه المبادرة إلى حجة الفريضة قبل الزواج بامرأة ثانية؛ لأن الحج ركن من أركان الإسلام،
والله - تعالى - يقول :
{ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }
[ آل عمران 97 ] .

وقد يكون الرجل متزوجاً ولكنه يحتاج إلى أخرى لقوة الشهوة، أو لمرض تبتلى به الزوجة،
ففي هذه الحالة يُـقدّمُ الزواج بامرأة ثانيــــة على الحج، وذلك لحاجته الماسّـة إليه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – تعالى - :
[ لو كان الأب نفسَهُ يحتاج إلى نكاح، ويخشى على نفسِهِ إن لم يتزوج،
وليس في يده إلا هذه الدراهم، فهو إما أن يحج بها، وأما أن يتزوج فحينئذٍ نقول :
قدِّمِ الزواج . ولا تعجب إذا قلت إن الأب محتاج إلى الزواج وليس عنده إلا هذه الدراهم ؛ لأن هذا يقع كثيرا قد يكون الرجل كثير
الشهوة لم ُتغنِهِ المرأة الأولى ، أو تكون المرأة الأولى قد ماتت أو طلقت فيحتاج إلى زوجة أخرى]
انتهى كلامه رحمه الله – تعالى - .

« فتاوى نور على الدرب (227 / 30) » .

**************************

تسمو بنا قيمنا الإسلامية، ومبادئنا الإيمانية ، عندما تتحول إلى سلوكيات وقناعات تحركنا
من داخل أنفسنا بحزم وعزم نحو رضا الرحمن ، فتضبط الأمور بحكمة ورَويّـة، وتوزن بميزان الشارع الحكيم، لا بحظوظ النفس وهواها،
لنبلغ بإذن الله – تعالى - درجة الإحسان، مستشعرين قول الله – تبارك وتعالى - :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [سورة النساء 1].

جــــزى الله مشايخــــنا الكــــــرام خير الجزاء،
وبارك في جهودهم، ونفع بعلمهم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

جمع وتقديم : أم عبدالله نجلاء الصالح

(1) بضع امرأة : قال الحافظ في الفتح :
[ بضم الموحدة وسكون المعجمة ، البضع يطلق على الفرج والتزويج والجماع
والمعاني الثلاثة لائقة هنا، ويطلق أيضا على المهر وعلى الطلاق].

(2) ولمّا يَبْنِ بها : أي لم يدخل عليها، لكنّ التعبير بـ (لمّا) يُشعر بتوقّع ذلك .

*زهرة الفردوس*
09-27-2010, 11:13 PM
جزاكِ الله خيرا ونفع بيكِ ياحبيبه

أم حفصة السلفية
09-28-2010, 02:21 AM
جزاكِ الله خيرا ونفع بيكِ ياحبيبه

وخيرا جزاكِ واحسن اليكِ