المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وَمِمَّا يسلِي ويسهل المصائب


أم عبد الرحمن السلفية
11-25-2007, 04:23 AM
أحبنا الكرام اقتنصت لكم هذه الفوائد القيمة واختصرتها
من كتاب موارد الضمآن لدروس الزمان للشيخ عبدالعزيز السلمان رحمه الله

***

قال الشيخ رحمه الله :
وَمِمَّا يسلِي ويسهل المصائب أن يعلم الْعَبْد أنه لولا ما قدره الحكيم العليم على عباده من محن الدُّنْيَا ومصائبها لأصاب الإِنْسَان من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقَسْوَة الْقَلْب ما هُوَ سبب هلاكه عاجلاً وآجلاً ، فمن رحمة أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أن يتفقده فِي الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تَكُون حمية لَهُ من هَذِهِ الأدوية ، وتَكُون حفظًا لصحة عبوديته ، فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلى بنعائمه كما قِيْل :
شِعْرًا : ( قَدْ يَنْعِمُ اللهُ بِالبَلْوَى وَإِنْ عَظُمَتْ
( وَيَبْتَلِي اللهُ بَعْضَ الْقَوْمِ بِالنِّعَمِ )
(
فلولا أَنه سُبْحَانَهُ يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا وتجبروا فدى الأَرْض . قَالَ تَعَالَى : ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ﴾ ، فَإِنَّ من شيم النُّفُوس إِذَا حصل لها صحة وفراغ وأمر ونهي وكلمة نافذة من غير زاجر شرعي يزجرها تمردت وظلمت وسعت فِي الأَرْض فسادًا .
ومِمَّا يسلي ويسهل المصائب ويكون سببًا للصبر على المصيبة أن يعلم الإِنْسَان أن الجزع لا يرد المصيبة ، بل يضاعفها ، فتزيد المصيبة وأن الجزع يشمت الْعَدُوّ ويسؤ الصديق ، وينهك الجسم ، ويسر شيطانه ويضعف النفس ، وقَدْ يحبط الْعَمَل ، وَإِذَا صبر واحتسب أخزى الشيطان وأرضى الرب ، وسر الصديق ، وساء الْعَدُوّ ، وَهَذَا من الثبات فِي الأَمْر الديني . وَمِمَّا يسلي ويسهل المصائب أن يوطن الإِنْسَان نَفْسهُ أن كُلّ مصيبة تأتيه هي من عَنْدَ الله وأنها بقضائه وقدره وأنه سُبْحَانَهُ لم يقدرها عَلَيْهِ ليهلكه بها ولا ليعذبه وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه وشكواه إليه وابتهاله ودعاءه .
شِعْرًا : وَكُلُّ مُصِيبَات أَتَتْنِي فَإِنَّهَا
( سِوَى غَضَبِ الرَّحْمَنِ هَيِّنَةُ الْخَطْبِ (
فإِن وفق للرضا وَالشُّكْر فقَدْ أفلح ، وإن تسخط ولم يرض فقَدْ خاب وخسر .

أم عبد الرحمن السلفية
11-25-2007, 04:25 AM
قَالَ أبو الفرج بن الجوزي : علاج المصائب بسبعة أشياء .
الأول : أن يعلم بأن الدُّنْيَا دار ابَتلاء وكرب لا يرجى منه راحة فِي الدُّنْيَا مهما طال العمر ومهما اجتمَعَ للإنسان فيها من أسباب الغنى والثروة وسواء فِي ذَلِكَ الصعاليك والمماليك والملوك فلَقَدْ أودع الله فِي كُلّ نفس ما شغلها .
ولو أن الإِنْسَان عرف قدر الدُّنْيَا وما طبعت عَلَيْهِ من الكدر والانكاد والمصائب والأحزان وعرف أن ما فيها محض خداع وسراب ، بقيعة يحسبه الظمآن ماء حَتَّى إِذَا جاءه لم يجده شيئًا واستعان بما وهبه الله من نور الدين وقصر أمله لما آثرت فيه المصائب بإذن الله لأن قوة الإِيمَان بِاللهِ وقضائه وقدره يثمران الهدى وَالطُّمَأْنِينَة والرضي بما قسم وقدر .
الثاني : أن يعلم أن المصيبة ثابتة .
الثالث : أن يقدر وجود ما هُوَ أكثر من تلك المصيبة .
الرابع : النظر فِي حال من ابتلي بمثل هَذَا البَلاء فَإِنَّ التأسي راحة عظيمة يخفف الحزن أَوْ يزيله بالكلية .
قَالَتْ الخنساء :
وَلَوْلا كَثْرَةُ الْبَاكِينَ حَوْلِي
( عَلَى إِخْوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِي
(
وَمَا يَبْكُونَ مِثْلَ أَخِي وَلَكِنْ
( أَعَزِي النَّفْسَ عَنْهُ بِالتَّأسِي
(
الخامس : مِمَّا يهون المصائب ويخففها ويبعث الإِنْسَان على حمد الله وشكره وينفي هموم الدُّنْيَا وغمومها النظر والتفكر والاعتبار فيمن هم أعظم مصيبة منك وانظر حالتك بعد زيارتك للمقبرة ، وانظر فيمن قبر ومن سيقبر وحالتك بعد ما تمر بالسجن وتَرَى المعذبين فيه بأنواع الْعَذَاب كما قَالَ بَعْضُهُمْ واصفا للسجن ببغداد :
مَحَلُّ بِهِ تَهْفُو الْقُلُوبُ مِن الأَسَى
( فَإِنْ زُرْتَهُ فَارْبُطْ عَلَى الْقَلْبِ بَالْيَدِ
(
وانظر حالتك إِذَا دخلت المستشفيات ورَأَيْت الباكين والَّذِي يئن والَّذِي تحت العملية لقطع عضو أَوْ نحوه ، وسائر أنواع البلايا تجدك إن كنت ممن وفقه الله مكثرًا لحمد الله وشكره حيث عَافَاكَ مِمَّا تَرَى وتسمَعَ .
وَكَمْ من إنسان أتى لعلاج بسيط فَلَمَّا رأى ما فِي الإسعاف ، ومن تحت العمليات ومن يئن ومن يجر ليغسل ومن قَدْ مَاتَ ، ومن يعمل لكسوره الجبس ، خَرَجَ يحمد الله ورأى أنه ما فيه شَيْء يوجب العلاج .
السادس : رجَاءَ الخلف إن كَانَ من مضى يصح عَنْهُ الخلف كالولد والزوجة قِيْل للقمان : ماتت زوجتك . قَالَ : تجدد فراشي .
السابع : طلب الأجر بالصبر فِي فضائله وثواب الصابرين وسرورهم فِي صبرهم فَإِنَّ ترقى إِلَى مقام الرِّضَا فهو الغاية . انتهى كلامه بتصرف .

أم عبد الرحمن السلفية
11-25-2007, 04:26 AM
ومِمَّا يسلى ويسهل المصائب ويجلب الصبر بإذن الله أن يعلم أن تشديد البَلاء يخص الأخيار ، ولهَذَا لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي النَّاس أشد بَلاء ؟
قَالَ : « الأَنْبِيَاء ثُمَّ الأمثل فالأمثل يبتلى النَّاس عَلَى قَدْرِ دينهم فمن ثَخُنَ دينه اشتد بلاءه ، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه ، وإن الرجل ليصبه البَلاء حَتَّى يمشى على الأَرْض ما عَلَيْهِ خطيئة » . رَوَاهُ ابن حبان ، ومنها أن يعلم أنه مملوك لله ولَيْسَ للملوك فِي نَفْسهُ شَيْء ، ومنها أن يعلم أن هَذَا الواقع وقع برضى السيد فيرضى بما رَضِيَ به سيده ومولاه وَهُوَ الله جَلَّ وَعَلا رضينا به ربًا وبالإسلام دينا وبمُحَمَّدٍ رسولاً .
قَالَ بَعْضهمْ :
اصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ
( وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ غَيْرَ مُخَلَّدِ
(
فَإِذَا ذَكَرْتَ مُصِيبَةً تَسْلُو بِهَا
( فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِالنَّبِيّ مُحَمَّدِ
(
آخر : لا تَيْأَسَنَّ إِذَا مَا الأَمْرُ ضِقْتَ به
( ذَرْعاً ونَمْ مُسْتَريحاً خَالِي الْبَالِ
(
مَا بَيْنَ رَقْدَةِ عَيْن وانتبَاهَتِهَا
( يُقَلَّبُ الدَّهْرُ مِنْ حَالٍ إِلى حَالِ
(
ومن فَوَائِد المصائب والصبر عَلَيْهَا ما أجراه الله على الإِنْسَان مِمَّا يكرهه ما يعتاضه من الارتياض بنوائب عصره ويستفيده من استحكام الرأي والعقل بالتجارب ببَلاء دهره فيقوى عقله ويحصف رأيه بأذن الله ويكمل بأدنى شدته ورخائه ويتعظ بحالتي عفوه وبلائه .
شِعْرًا :
إِنِّي أَقُولُ لِنَفْسِي وَهِيَ ضَيَّقَةٌ
( وَقَدْ أَنَاخَ عَلَيْهَا الضُّرُّ بِالْعَجَبِ
(
صَبْرًا عَلَى شِدَّةِ آلامِ إِنَّ لَهَا
( عُقْبَى وَمَا الصَّبْرُ إِلا عِنْدَ ذِي الْحَسَبِ (
سَيَفْتَحُ اللهُ عَنْ قُرْبٍ بِنَافِعَةٍ
( فِيهَا لِمِثْلِكِ رَاحَاتٌ مِنَ التَّعَبِ
(
وأقل ما يؤتاه المُؤْمِن فِي المصائب الصبر الَّذِي يخفف وقعها على النفس وأكثره رحمة الله التي بها تتحول النقمة إِلَى نعمة بما يستفيد منه الاختبار والتمحيص وكمال العبرة والتهذيب .
وقَدْ يبتلي الله المُؤْمِن ويمتحن صبره فتعطيه قوة إيمانه من الرجَاءَ ما تخالط حلاوته مرارة المصيبة حَتَّى تغلبها وقَدْ يأنس بالمصيبة لعظم رجائه وصبره وذا وإن كَانَ نادرًا فهو واقع حاصل .
قَالَ بَعْضهمْ :
تَعَوَّدْتُ مَسَّ الضُّرِّ حَتَّى أَلِفْتُهُ
( وَمَلَّ طَبِيبِي جَانِبِي وَالْعَوَائِدُ
(

آخر : وَوَسَّعَ صَدْرِي للأَذَى كَثْرَةَ الأَذَى
( وَكَانَ قَدِيمًا قَدْ يَضِيقُ بِهِ صَدْرِي
(
ومنها أن يختبر أمور زمانه وينتبه على إصلاح شأنه فلا يغتر برخاء ولا يطمَعَ فِي استواء ولا يؤمل بقاء الدُّنْيَا على حالة فَإِنَّ من عرف الدُّنْيَا وخبر أحوالها هان عَلَيْهِ بؤسها ونعيمها ، ولولا ما قدره الله من الحوادث والنوائب لم يعرف صبر الكرام ولا جزع للئام .
فإذا ظفر المصاب بأحد هَذِهِ الأسباب تخففت بإذن الله عَنْهُ أحزانه ، وتسهلت عَلَيْهِ أشجانه فصار سريع النسيان للمصائب ، قليل الجزع حسن الصبر والتجمل عَنْدَ المصائب .
اللهم انظمنا في سلك حزبك المفلحين ، واجعلنا من عبادك المخلصين وآمنا يوم الفزع الأكبر يوم الدين ، واحشرنا مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

*الفقيرة إلى الله*
11-25-2007, 11:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الرسول الكريم صلوات ربى و سلامه عليه
( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له )
فقضاء الله و قدره لا يأتى إلا بالخير
جزاك الله كل الخير يا زهرة الإسلام و جعلنا الله و إياك من الراضين بقضائه الشاكرين لنعمائه

أم عبد الرحمن السلفية
11-27-2007, 02:07 AM
بارك الله فيك على اثرائك الطيب للموضوع ومرورك العطر ...

جعله الله في ميزان حسناتك ...

اسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى ...

أم هارون السلفية
01-03-2009, 07:54 AM
جزاكِ الله خيـراً

أبو أنس الأنصاري
01-03-2009, 09:10 AM
أحسنتم أختنا ، ونفعَ اللهُ بكم ، وبالأخت الفاضلة الفقيرة إلى الله .

أم عبد الرحمن السلفية
01-04-2009, 07:56 PM
طبتم وطاب مروركم وتبوأتم من الجنة منزلا الإخوة الأفاضل .

سعيد عناني
02-16-2010, 11:01 PM
جزاكِ الله كل خير

أم عبد الرحمن السلفية
12-05-2010, 05:15 PM
وجزيتِ خيراً منه أخيتي الفاضلة .