المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : باب الوضوء- كتاب الطهارة بلوغ المرام


ابوعمار
11-12-2007, 05:25 PM
باب الوضوء- كتاب الطهارةإن الحمد للـه نحمد ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ باللـه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده اللـه فلا مضل ومن يضلل فلا هادي لـه وأشهد أن لا إلـه إلا اللـه وحده لا شريك لـه وأشهد أن محمداً عبده ورسولـه.
يقال الوُضُوء ويقال الوَضُوء، فهو بالفتح: هو ماء الطهارة تشير للإناء وتقول هذا وَضوئي، فإذا توضأت وعملت عمل الوُضوء قلت: هذا وُضوئي بالضم.
الحديث التاسع والعشرون:

قول النبي صلى اللـه عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي اللـه تعالى عنه: "لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" رواه أحمد في "مسنده" وغيره وهو حديث صحيح.
الوقفة الأولى: حول السواك يطلق بالكسر وبالضم، فتقول السِواك وتقول السُواك، السِواك بالكسر هو الفعل، وبالضم السُواك الآلة وهي عود السواك.
الثانية: دل الحديث على مشروعية السواك أو الإستياك عند كل وضوء، وأما حكمه من حيث الوجوب والاستحباب هنا عُبر بالمشروعية لاتفاق العلماء على أنه مشروع وأن الإنسان يُؤجر ويثاب عليه فهو سنة باعتبار أنه يُثاب عليه ولكن ما نقول أيضاً هو سنة من حيث الحكم ولكن وإن كان الصحيح هو أنه سنة وليس بواجب، ولكن الخلاف هنا هل هو سنة أم واجب والصحيح أنه سنة وإن كان بعضهم قد استدل بهذا الحديث على وجوبها "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم"، ولكن هو ما أمرهم ولذلك كما قال الصنعاني وغير واحد من أهل العلم بأن هذا لا يدل على الوجوب.
الثالثة: السِواك يكون بكل شيءٍ ينظف الفم والأسنان، فليس مرتبطاً بالتعبد بالأراك، وإن كان الأراك قد استاك به النبي صلى اللـه عليه وسلم ولكن ثبت أيضاً أنه استاك بغير الأراك وهي الشجرة المعروفة التي تكون في بعض المناطق الرملية وغيرها، فهي معروفة في شرق الجزيرة وفي جنوبها أيضاً وفي أقطار كثيرة.
والمقصود منه كما قلت هو تطهير الفم لقول النبي صلى اللـه عليه وسلم: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب"، رواه أحمد من حديث عائشة رضي اللـه عنها.
وإن كان السياك بالأصبع قد ورد ولكن ضعفه بعض أهل العلم فينتظر في ذلك صحة الخبر، ويكون أيضاً الاستياك باستعمال الفرشاة الحديثة، إذا قلنا بأن آلة السواك ليست تعبدية في حد ذاتها وإنما المقصود طهارة ونقاء الفم حتى إن النبي صلى اللـه عليه وسلم يستعملـه في غير التعبد فكان إذا دخل بيته أول ما يبدأ به أن يستاك صلى اللـه عليه وسلم فهو سيلتقي بزوجته ويلتقي بأهلـه فيبدو منه رائحة غير محببة، وأما في الضوء والصلاة يكون السواك بالأعواد الذي يتخذه العرب عادة وهي غالباً ما تكون من الأراك ويستاكون بغيره أيضاً ولكن لا نقول عند الوضوء والصلاة إن يستاك بأي شيء ولكن بالعود حتى يصح أنه قد استاك عند كل صلاة، فهو عند الصلاة وهو عند الوضوء.
هناك جملة من الأحكام حول الاستياك لكننا لن نتعرض لـها لأنها ليست من شرط شرح بلوغ المرام التي اتفقنا عليه وهي أن تكون مختصراً ولكن جميع أحكام الاستياك سواءً كان هذا في حال الصيام أو غير حال الصيام وغيرها من الأحكام لم تكن مما دل عليه هذا الحديث، وإن كان الإمام الصنعاني قد ذكرها في معرض شرحه لـهذا الحديث.
الحديث الثلاثون:

حديث حُمْرَان مولى عثمان أن عثمان رضي اللـه عنه دعا بوُضوءٍ فغسل كفيه ثلاث مرات ثم مضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم مسح برأسه ثم غسل رجلـه اليمنى ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك،ثم قال: رأيت رسول اللـه صلى اللـه عليه وآلـه وصحبه وسلم توضأ نحو وُضوئي هذا"
المسألة الأولى: مشروعية غسل اليد ثلاث مرات للوضوء، ولكن هل تجزئ هذه الثلاث مرات عن غسلـه للمستيقظ من النوم؟ "إذا استيقظ أحدكم من النوم فيغسل يده ثلاث مرات"، قيل ذلك لأنها تجزئ وتتداخل وهذا هو الأقرب- واللـه أعلم- وقيل حتى يحصل هذا وهذا فيغسلـه عند استيقاظه ويغسلـه عند وضوئه- واللـه أعلم- .
المسألة الثانية: حول المضمضة وهي تحريك الماء في الفم ثم مزجه هل يشرع فيه التثليث أم أنه يكون مرة واحدة؟
صحّ في حديث علي رضي اللـه تعالى عنه في وصف وضوء النبي صلى اللـه عليه وسلم أنه تمضمض واستنشق ثلاث مرات، فيؤخذ بالزيادة الواردة في حديث علي رضي اللـه تعالى عنه وهو أنه حديث ثابت في مشروعية التثليث حتى في المضمضة والاستنشاق، والاستنشاق هو إدخال الماء إلى الأنف وجذبه بالنفس إلى أقصاه ومن ثم نثره.
المسألة الرابعة: هنا في قولـه "أنه غسل يده إلى المرفق" فلفظ إلى تحتمل أن الغاية داخلة في المغيا أو أنها غير داخلة فيه، فتقول: مددت الخيط إلى الخط، وأنت تريد أنك مددت الخيط حتى الخط ولكنه ما دخل في الخط، وتقول أيضاً مددت الخيط وأنت تريد أنك مددته أيضاً حتى دخل في الخط، هذه المسألة هي في كلام العرب أن الغاية تدخل في المغيا أو لا تدخل، تحتمل هذا وتحتمل هذا فالعرب تقول: من كذا إلى كذا وهي تريد أن الحد يدخل في المحدود كما يقولون، وتطلق العرب أيضاً وتريد أن الحد لا يدخل في المحدود، ولكن كيف نطبق هذا في حديث النبي صلى اللـه عليه وسلم؟ هل الإنسان إذا توضأ إلى هنا وقال هنا المرافق ثم يقف هنا ويغسل اليد هكذا ثم يقف دون أن يغسل منطقة المرفق، أو نقول إلى المرافق أن الحد يدخل في المحدود وهو المرفق فيغسل المرفق كلـه وهو ملتقى العضد مع الساعد، هذا هو محل البحث وقد بُيِّن هذا في حديث أبي هريرة وهو الذي يقضي على المعاني العرفية واللُغوية عند العرب، لغة وعرفاً عند العرب يطلقون الحد ويقولون إنه يدخل في المحدود ويطلقون الحد ويقولون إنه لا يدخل في المحدود.
جاء هدي النبي صلى اللـه عليه وسلم ليبين ويختار فقد صح في حديث أبي هريرة رضي اللـه في صحيح مسلم أنه قال: ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق حتى أشرع في العضد. وهي رواية مشهورة بينت أن بالفعل أن الحد يدخل في المحدود، ونقل العلامة الصنعاني- رحمه اللـه- عن الإمام الشافعي أنه قال: لا أعلم خلافاً في إيجاب دخول المرفقين.
المسألة الخامسة: فيه مشروعية المسح على الرأس، قال: ثم مسح برأسه. وكلمة مسح تتعدى بنفسها وتتعدى بغيرها، فتقول: مسح رأسه، لاحظ لم نأت بحرف من حروف الجر التي هي آلات للتعدية، مسح رأسه، وتقول: مسح برأسه، هذا كلام صحيح، لكن لا تقل: غسل برأسه وإنما تقول غسل رأسه، لا تتعدى إلا بنفسها ولا تتعدى بغيرها، لكن لماذا زادت؟ لماذا جيئت بالباء؟ يقول ابن تيمية رحمه اللـه، كما يقول أهل اللغة أيضاً: أن الزيادة في المبنى زيادة في المعنى، وعندما جاء اللـه عز وجل وعداها بمعنى زائد هو معنى الإلصاق والاستيعاب، هكذا قال ابن تيمية رحمه اللـه، الإلصاق: أن يكون لصيقاً، والاستيعاب أن يستوعب المسح كل الرأس، وقيل إن هذا المعنى غير وارد وأن هذا المعنى عند العرب فيه قلب، والمعنى مسح بالماء رأسه، فقلبت، الباء بدل أن تدخل على لفظ الماء دخلت على لفظ الرأس- امسحوا برؤوسكم الماء- هذا معنى الآية والحديث امسحوا برؤوسكم الماء، فيها قلب أما المعنى: امسحوا الرؤوس بالماء،ولكن سواء صح ما ذكره ابن تيمية رحمه اللـه في ذلك أو لم يصح فلم يتيسر لنا ذلك في تتبع كلام أهل اللغة ولم أجده فيمن ذكره من شراح الحديث، ولكن يكفي أن نعلم أن النبي صلى اللـه عليه وسلم في هديه الثابت عنه أنه كان يستوعب رأسه بالمسح، وسيأتي هذا في حديث الرُبِّيع بنت معوِّذ وحديث عبد اللـه بن زيد المازني وغيرها من الأحاديث.
المسألة السادسة: غسل الرجل إلى الكعبين وفيها أيضاً خلاف، هل يدخل الكعبان فيما يُغسل أو لا يدخلان؟ هذه مسألة خلاف أيضاً فبعضهم يقول لا يغسل الكعبان أيضاً وإنما يغسل الحد هذا هو العظم النافع يغسل من تحته، بينما من قال إلى الكعب فالكعب ينبغي أيضاً أن يدخلـه الغسل نقول أيضاً صحّ في حديث أبي هريرة في الصحيح أنه قال: وغسل رجلـه اليمنى حتى أشرع في الساق فإذا قلنا أشرع في العضد أو الساق فمعناه أنه دخل في العضد، ولكنه إذا قال هكذا ثم غسل المرفق فلا شك أن طرف اليد يقع على أسفل العضد، وإذا قلنا أإنه أشرع في الساق لا يعني أنه أخذ شبراً من الساق لكن إذا أخذ سنتيمتراً واحداً فيقال أيضاً إنه أشرع في الساق.
ما هو الكعب؟ هذه مسألة أخرى متعلقة بمسألة غسل الرجل، الكعبان قيل هما العظمان الناتئان في أسفل الساق أنهما هما الكعبان، وقيل أن الكعب هو العظم الذي في معقد الصراط، هذه الرجل ظهر الرجل فيه عظم ناتئ بين ملتقى أسفل الساق وملتقى ظهر الرجل يوجد عظم هنا يعنى أنه تأثر بالجلوس وأسفلـه عظم أيضاً، وبكثرة الجلوس يكون فيه مثل ما يقع في عطان البعير، فذهب أبو حنيفة رحمه اللـه إلى أن هذا هو المقصود بالكعب الذي إليه منتهى الوضوء أو الطهارة والواجبة للرجل، وذهبت الجماهير إلى أنه هو العظم الناتئ وهو الراجح وعليه العمل، العظمان الناتئان اللذان في أسفل الساق وليس في ظهر الرجل هذا هو قول الجمهور.
الحديث الواحد والثلاثون:

حديث علي رضي اللـه تعالى عنه في وصف وضوء النبي صلى اللـه عليه وسلم قال فيه بعد أن ذكر صفة الوضوء الذي جاء في حديث حُمران مولى عثمان، فالمؤلف اختصره ولم يورد منه إلا وجه الشاهد وهو قولـه: "ومسح برأسه واحدة" وهو حديث صحيح،
الأول: هذا الحديث زاد في الدلالة عما جاء في حديث عثمان رضي اللـه عنه أن المسح مرة واحدة، عين بدل أن يُضمر.
الثاني: أن غسل بقية الأعضاء كان ثلاثاً بينما في حديث عثمان أنه قال ثم غسل وجه ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق وما قال ثلاثاً ولا اثنتين، الزيادة الواردة في حديث علي الثابت هو أنه نص على أن المسح مرة واحدة ونص على أن غسل بقية الأعضاء هو ثلاث مرات لذلك كان قول بعض أهل العلم أن هذه هي صفة الوضوء الكامل وهي ثلاثاً ثلاثاً فإذا جاء المسح مسح مرة واحدة، وذهب آخرون وهو الراجح إلى أن الغسل هو ثلاثاً ثلاثاً في جميع الأعضاء بما فيها المسح فيكون المسح فيها أيضاً ثلاثاً.
قلنا إن الأقوال الأولى أنه مرة واحدة لدلالة حديث علي، والثاني أنه مرة وجوباً- المسح- وثلاثاً على الاستحباب وذلك لدلالة الزيادة الواردة في حديث عثمان نفسه ولكنه عند أبي داود رحمه اللـه قال: ومسح رأسه ثلاثاً. رواه ابن خزيمة وصححه العلامة الحافظ ابن الجوزي رحمه اللـه وكذلك صححه ابن خزيمة نفسه، والألباني رحمه اللـه.
وهذا هو حجة القائلين بالتثليث في المسح وأنه سنة.
أقول وهذا هو الراجح لثبوت الحديث ولا يعتبر معارضاً لحديث عثمان رضي اللـه تعالى عنه إلا أن حديث عثمان قال: ومسح برأسه، لكنه ما قال مرة واحدة حتى يكون معارضاً لحديث علي، فنقول حديث عثمان الوارد في الصحيحين قال: ومسح برأسه، فقط، زاد أبو داود بسندٍ صحيح قال: ومسح برأسه ثلاثاً، ليس هناك تعارض لأنه يصدق عليه في الرواية الأولى أنه مسح برأسه، إذا أتى إنسان فنظف المكان ثلاث مرات ثم قال أحدهم: أنه نظف المكان، فجاء شخص آخر فقال: نظفه ثلاثاً أيضاً كلامه صحيح لا يعارض هذا، لا حظ أن الروايتين في حديث واحد بخلاف حديث علي أنه قال: مسح برأسه مرة.
هل حديث علي يعارض حديث حُمران؟ ولماذا؟

نحن قلنا حديث حُمران في الصحيحين "أنه مسح برأسه" بدون مرة ولا مرتين ولا ثلاث، في رواية ابن خزيمة الذي صححه ابن الجوزي والألباني "أنه مسح برأسه ثلاثاً" وقلنا بأنه لا تعارض بين الحديثين لأنه يثبت أن تقول مسح برأسه وتسكت ويعتبر مسحاً، وأن تقول مسح برأسه ثلاثاً فيكون موافقاً لـهذه الرواية. السؤال هو حديث علي وهو حديث آخر ليس حديث حمران عن عثمان، قال فيه: ومسح برأسه مرة، هل هو معارض لحديث عثمان؟
إن الحادثتين ليس فيهما دليل على أنهما حادثة واحدة ووضوء واحد ليس فيها دليل، بل حتى حديث عثمان ليس فيه دليل حتى لو كان التعارض في نفس حديث عثمان لما كان فيه دلالة حتى نثبت أن المخرج واحد- كما يقول المحدثون- مخرج الرواية واحد والقصة واحدة لا تتعدد يقول يعسر الجمع إذا كانت الحادثة واحدة فقال أحد الرواة فمسح برأسه مرة وقال الآخر: مسح برأسه ثلاث مرات، هذا يقول مرة يؤكد ما قال مرة إلا على التمييز بينما الآخر قال ثلاث، فكيف إذا كان هذه راويها علي وهذه راويها عثمان ويوجد الاحتمال الكبير بأنها حوادث متعددة ، مسح برأسه مرة للدلالة على أن هذا هو القدر الواجب، ومسح برأسه ثلاثاً للدلالة على أن هذه سنة، وهذا هو الراجح- واللـه أعلم- والمدار هو على ثبوت الحديث وحيث ثبت فعليه المعتمد.
الحديث الثاني والثلاثون:

هو حديث عبد اللـه بن زيد وهو أيضاً يصف وضوء النبي صلى اللـه عليه وسلم، وفيه: "ومسح رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم برأسه فأقبل وأدبر" هذه رواية الصحيحين، "مسح برأسه فأقبل وأدبر" ويفهم من أقبل أنه أقبل أولاً فيبدأ من الرقبة ثم يقبل هكذا هنا أقبل الآن، ثم يرجع فنقول أدبر، فتكون السنة إذاً في المسح هو أن يبدأ من رقبته إلى هامة رأسه ثم يرجع، ولكن في صحيح مسلم فسر الإقبال والإدبار قال عبد اللـه بن زيد: بدأ بمقدمة رأسه حتى ذهب به إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه. هذا مفسر ويريحنا في قضية أقبل وأدبر، أقبل باعتبار مادام أنه فسرها بدأ بمقدمة رأسه فهذا باعتبار أنه أقبل إلى الظهر وقد فسرها الراوي تفسيراً واضحاً بيناً، ولكن في رواية للبخاري فقط- قلنا الرواية الأولى "أنه أقبل وأدبر" أنها في البخاري ومسلم- "وبدأ بمقدم رأسه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه" هذه رواية مسلم. في رواية للبخاري يقول فيها "فأدبر بيده وأقبل" في نفس الحديث، فربما الراوي نفسه قلبها بمعرفة المراد وإلا في رواية البخاري: "فأدبر بيده وأقبل"، وقد ورد في حديث المقدام بن معدي كرب، وهو صحيح: "أنه لما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدَّم رأسه فأمرها حتى بلغ إلى القفا ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه"، وهي في السنن وحديثها صحيح، وهو يؤكد ما جاء في صحيح مسلم من حيث الفعل وما جاء في رواية البخاري من حيث الوصف أنه أقبل وأدبر، وورد صفة أخرى في حديث الرُبيِّع بنت مُعَوِّذ رضي اللـه تعالى عنها: "أنه مسح برأسه كل جهة على منصف الشعر" لم يتيسر لي تحقيق الحديث ولكن لو ثبت أن بعض العلماء صحح هذا الحديث فلو ثبت فهي صفة من صفات المسح وذلك حين يكون شعر الإنسان كثيفاً أو مرجلاً ويخشى عليه أن يكون شعثاً، وهذه وجهها كذلك الإمام الشوكاني أنه يمسحها هكذا حتى لا يضطر إلى تشعيث شعره مرة أخرى.
الحديث الثالث والثلاثون:

حديث عبد اللـه بن عمرو بن العاص رضي اللـه تعالى عنهما أنه قال: "ثم مسح برأسه- أيضاً فيها صفة الوضوء المطولة- ثم مسح برأسه وأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميهما ظاهر أذنيه". وهو حديث صحيح أيضاً، وفي الباب أيضاً حديث عبد اللـه بن زيد المازني رضي اللـه عنه: "أنه رأى النبي صلى اللـه عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماءً غير الماء الذي أخذه لرأسه" رواه البيهقي بسندٍ صحيح، وعند مسلم "ومسح برأسه بماءٍ غير فضل يديه".
اختلفت أقوال العلماء في أخذ ماءٍ جديدٍ للأذنين على أقوال:
القول الأول: ذهب الشافعي وأحمد أنه يؤخذ ماءٌ جديدٌ لأذنيه لدلالة هذا الحديث، وذهب آخرون إلى عدم ذلك واستدلوا بأحاديث
الدليل الأول: "الأذنان من الرأس" رواه جمع من الصحابة من حديث أبي أُمامة الباهلي وأبو هريرة وعائشة وجمع غفير من أصحاب النبي صلى اللـه عليه وسلم، رواه أصحاب السنن والمسانيد وغيرهم بأسانيد ضعيفة ولكن يقوي بعضها بعضاً، "الأذنان من الرأس" فمعنى ذلك: فمسح برأسه لا يحتاج أن يأخذ ماء جديد لأن الأذنين من الرأس، هذا على قول المخالف للشافعي وأحمد.
الدليل الثاني: حديث عائشة رضي اللـه عنها: "فمسح برأسه ومسح ما أقبل منه وما أدبر وصدغيه وأذنيه مرة واحدة" فإذا قيل لا يتصور أنه قد مسح ثم أخذ ماءً جديداً ثم نثر ثم مسح أذنيه رواه الترمذي وسنده جيد.
والراجح أن الأذنين من الرأس وأنه لا يجب أن يأخذ ماءً جديداً لـهما، ولكن لما ورد في حديث عائشة رضي اللـه عنها، وما ورد في صحيح مسلم "ومسح برأسه بماءٍ غير فضل يديه" كل هذا يدل على أن هذا القدر سنة ولكنه ليس بواجب.
فنقول: "الأذنان من الرأس" لا تعارض فهي من الرأس في أحكامه الواجبة، فإذا مسح برأسه جاز لـه أن يدخل أذنيه لأنهما من الرأس، ولكن لو أخذ بالسنة التي فعلـها النبي صلى اللـه عليه وسلم أحياناً كما ورد هذا في بعض الأحاديث فهي سنة فيؤجر ويُثاب عليها إن شاء اللـه.
الحديث الرابع والثلاثون:

حديث أبي هريرة: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثاً، فإن الشيطان يبيت على خيشومه"، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية للبخاري: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فلينتثر ثلاثاً" الحديث.
الوقفة الأولى: قال بعض العلماء: بوجوب الاستنثار مطلقاً، وقال آخرون بغير الوجوب وهو مطلق الاستحباب، بل قالوا بأن هذه الرواية مطلقة وجاءت رواية في صحيح البخاري وقيدتها وأن المراد هو الاستنثار في الوضوء- يعني ليس هناك استنثار خاص للقيام من النوم واستنثار خاص بالوضوء- واستدلوا برواية البخاري نفسها "إذا استيقظ أحدكم فتوضأ" في رواية ليس في حديث آخر حتى نقول أن الاستنثار مستحب مطلقاً والاستنثار في داخل الوضوء فهما استنثاران، قالوا: لا، هذا مطلق وجاءت الرواية وقيدت أن الاستنثار المقصود هنا هو للوضوء، قالوا: ما معنى الحديث؟ قالوا: معناه سهل وواضح وهو أن النبي صلى اللـه عليه وسلم ذكر من فضائل الوضوء أن الإنسان يطهر خيشومه من مبيت الشيطان فكأن النبي صلى اللـه عليه وسلم يحثك على المحافظة على الوضوء.
الوقفة الثانية: قولـه: "يبيت على خيشومه" أخذ منه البعض أن حكم الاستنثار مختصٌ بالليل؛ لأن المبيت لا يكون إلا في الليل.
والأقرب- واللـه أعلم- أن هذا لا يختص بالليل فهذا نوم وهذا نوم، وليس هناك أحكام في الشريعة تختص بنوم الليل وأحكام تختص بغير نوم الليل فالمعاني واحدة والأحكام واحدة ولكن هذا خرج مخرج الغالب متى يبيت الناس متى ينامون في الغالب في الأكثر من أحوالـهم في الأكثر من ساعات النوم، هو في الليل، فالعرب تطلق الكلام وتريد منه المبيت ليلاً وتريد بالمبيت في غيره، فالأمر في هذا سهل ولا ينبغي أن يشدد الإنسان في هذه المسألة.
الوقفة الثالثة: حكم المضمضة والاستنثار.
القول الأول: ذهب أحمد رحمه اللـه: إلى أن الاستنثار واجب دون المضمضة لـهذا الحديث، وحديث آخر أيضاً "ولينتثر" فهو أمر.
القول الثاني: وجوب الأمرين. لأنه قال: "ولينتثر" وقال في حديث أخرجه أبو داود بسندٍ صحيح: "وإذا توضأت فمضمض" وهذا أمر أيضاً وهو حديث صحيح.
القول الثالث: أن كلاهما سنة لحديث الأعرابي أن النبي صلى اللـه عليه وسلم قال لـه: "توضأ كما أمرك اللـه" قال فذكر لـه صفة الوضوء ولم يذكر لـه المضمضة والاستنشاق، وهو في معرض التعليم، وقالوا بأن الحديث أيضاً قد جاء بعد نزول آية الوضوء، فلو كانت بياناً لمجمل آية الوضوء لبُيِّن، وقال من قال بالوجوب كأحمد وغيره: أن الأنف والفم من الوجه، فحين أمر اللـه عز وجل أمراً مجملاً بغسل الوجه فإن هذا يستلزم ويقتضي ويدخل فيه غسل الأنف وغسل الفم، أو عند أحمد: عند من قل بوجوب الاستنثار يقول فقط غسل الفم وعند من قال وجوب الأمرين قال يستلزم الأمرين، والخلاف قديم وقد ذهب الصنعاني- رحمه اللـه- إلى أن المضمضة والاستنثار ليسا واجبين لحديث الأعرابي هذا ولسقوطه في أحاديث كثيرة مما يدل على أنها ليست بواجبة فمرة فعلـها النبي صلى اللـه عليه وسلم ومرة لم يفعلـها، وخالفه في ذلك قرينه وتربه الشوكاني رحمه اللـه وشدد في ذلك أعظم التشديد وقال بأنهما واجبان كلاهما ووجه بتوجيه حسن يقول: إن النبي صلى اللـه عليه وسلم عندما كان في أول الإسلام حين كان يعلم مبادئ هذا الدين لم يكن يذكر بعض الأحكام لسبب أو لآخر ثم إن الأحكام لا زالت تترى وقتاً بعد وقت حتى استكملت هذه الأحكام، فمعنى "توضأ كما أمرك اللـه" أي أن النبي صلى اللـه عليه وسلم كان لم يُوجب عليه أو هو لم يُوجب على أمته إلا الوضوء كما ورد في آية المائدة، ثم نزلت الأحكام فتتالت، ومنها أنه قال: "إذا توضأت فمضمض" وقال: "ولينتثر" وأثبت أن هذه الأحاديث كانت قبل حديث الأعرابي، وقال النبي صلى اللـه عليه وسلم: "بأنه قد كفاك ذلك وأنك توضأت كما أمرك اللـه" لأن الأحكام في ذلك الوقت بعدم وجوب المضمضة والاستنثار.
وهذه الأقوال كما ترى متقاربة متساوية الأحوط أن يعتمد الإنسان المضمضة والاستنثار وأنهما واجبان- واللـه أعلم-.
الحديث الخامس والثلاثون:

حديث أبي هريرة رضي اللـه عنه: "إذا استيقظ أحدكم فلا يغمس يده في الإناء، وليغسلـها ثلاثاً"، هذا من أحاديث العمدة وقد رواها البخاري ومسلم.
اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
الأول: وجوب غسل اليد قبل إدخالـها في الإناء، وهذا القول لأحمد- رحمه اللـه-.
الثاني: وذهب الشافعي ومالك أن النهي للكراهة، والأقرب- واللـه أعلم- أن النهي للتحريم وهذا هو الأصل في النواهي كما في الأصول- أن الأصل في النهي هو التحريم-.
المسألة الثانية: بين نوم الليل ونوم النهار وقد مضى الكلام عليها في الاستنثار أنه لا فرق بين نوم الليل ولا نوم النهار.
الثالثة: هل الأمر تعبدي أو هو معقول المعنى؟ بمعنى أن الإنسان منهي أن يغمس يده في الإناء حتى يغسلـها ثلاثاً، هل تعبدي منهي في جميع الأحوال، أو أنها معقول المعنى وهو خشية أن تكون فيها نجاسة.
القول الأول: فمن ربطها ربطاً محكماً أثناء النوم ثم استيقظ وهي على حالـها فلـه أن يغمسها بلا حرمة ولا كراهة، هذا معقول المعنى والخوف أن تكون نجسة.
القول الثاني: بأنه تعبدي غير معقول المعنى. أنت منهي أن تغمسها بعد نومك سواءً تأكدت أنها أصابتها نجاسة أو لم تتأكد، مثل الصلاة، الصلاة عبودية للـه عز وجل لا تقل أنا قلبي مليء بالعبودية للـه فأنا لا أحتاج أن أصلي، لا، هذه عبادة لا بد أن تؤديها، الوضوء هو للطهارة والنقاء في الحكمة ولكنه تعبدية فلا تقل: أنا نظيف، لا تقل أنا الآن اغتسلت أنت لم تنو الغسل ولا الوضوء، لا، نقول تعبدي ولا بد من النية ولا بد ...إلخ. من أحكام التعبدات.
الإسباغ الواجب هو أن توصل الماء إلى البشرة إن كان فيه دهان إن كان فيه بوية أو عجين أو كان البرد شديداً فيكون الماء متكوراً ليس سهل التنظيف، فإذا أفرغته على يدك رأيته يتناقل يمين ويسار ويمتلئ جزء بفقاعات فيلزمك أن تدلكه دلكاً وجوباً حتى يصل الماء إلى البشرة، هذا هو معنى الإسباغ، وهو عند أهل اللغة إبلاغ الماء مواضعه وتوفية كل عضوٍ حقه من الماء، هذا معنى الإسباغ.
2- هل من الإسباغ الواجب التثليث؟

لا، ليس من الإسباغ الواجب ولكنه من الإسباغ المستحب.
3- هل الإسباغ الواجب تجاوز الثلاث غسلات؟
لا، حكى فيه أبو المعالي الجويني- رحمه اللـه-: أن الزيادة من الثلاثة من البدع. وقد جاء في الحديث الصحيح: "الوضوء ثلاثاً فمن زاد فقد تعدى وأساء وضل".
4- هل من الإسباغ تجاوز مواضع الوضوء المشروعة؟

لا، ليس هذا من الإسباغ المشروع، بل ذهب ابن القيم وغير واحد من أهل العلم إلى أنه من التعدي والمجاوزة وأنه غير مشروع، وسيأتي إن شاء اللـه في حديث أبي هريرة: "ومن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل"، ما يُبين هذه الأحكام.
الوقفة الثانية: في مشروعية تخليل الأصابع. وتخليل الأصابع واجب إذا كان الماء لا يصل إليها إلا بالتخليل، لسبب خلقي أو لسبب طارئ كأن يكون إنسان عند سمنة مثلاً فتصطك الأصابع فلا يمكن أن يرسل الماء إلى مواضعه فيجب عليه وجوباً أن يخلل حتى يصل الماء إلى موضعه، واللـه أعلم.
وقد جاء في حديث المستورد بن شداد رضي اللـه تعالى عنه: "أنه كان يدلك بخنصره- صلى اللـه عليه وسلم- ما بين أصابع رجليه"، وهذا- واللـه أعلم- محمول على وجود وسخ أو وجود طين أو شيء من هذا القبيل يحتاج إلى ذلك وإلا فالتخليل سنة وهو من الإسباغ، يعني يكون النبي صلى اللـه عليه وسلم فعلـه من الإسباغ المستحب، أو فعلـه لإزالة شيء عالقٍ في الرجل، فإن كان هناك شيء عالق فلا بد من دلكه حتى يزول، أو هو من الإسباغ المستحب أن يوفى كل عضوٍ حقه من الماء.
الوقفة الثالثة: مشروعية المبالغة في الاستنشاق ما لم يكن المرء صائماً، "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً".
الحديث السابع والثلاثون:

حديث عثمان رضي اللـه عنه: "كان يخلل لحيته في الوضوء" رواه الترمذي ولم يتيسر لي الوقوف على صحته، وإن كان الترمذي رحمه اللـه قال بأنه حديث حسن، وهذا الحديث لمشروعية تخليل اللحية.
الحديث الثامن والثلاثون:

حديث عبد اللـه بن زيد أن: "النبي صلى اللـه عليه وسلم أُتيَ بثلثي مدٍ فجعل يدلك ذراعيه" رواه ابن خزيمة، وهذا الحديث قد دل على مشروعية الدلك وأنه سنة عند جماهير العلماء، وإلا فالقدر الواجب هو الأمر (اغسلوا) و "أغسل" والغسل يقع بمطلق الإسالة عند العرب ليس هناك حد في الشرع للغسل فمطلق الإسالة يعتبر غَسلاً ولا نقول غُسلاً، فإذا سال الماء وتبلغ الجلد التبلغ المعروف فهو غَسل، الدلك: إسباغ وهو سنة ويؤجر الإنسان عليه إذا أراد أن يغسل لا يكتفي بإهراق الماء عليها ولكن يدلك حتى يبلغ أعضاء الوضوء حقها من الماء.
الحديث التاسع والثلاثون:

حديث عبد اللـه بن زيد بن عاصم المازني رضي اللـه عنه: "أنه كان يأخذ لأذنيه غير الماء الذي أخذه لرأسه" رواه البيهقي وسنده جيد. وقد مضى الكلام عليه في صفة الوضوء.
الحديث الأربعون:

حديث أبي هريرة رضي اللـه تعالى عنه: "إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء" وفي رواية: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" وكان أبو هريرة رضي اللـه عنه يغسل يده إلى عضُده وعضده إلى إبطيه، وروي نحو ذلك عن عبد اللـه بن عمر رضي اللـه تعالى عنهما أنه يغسل ساقه إلى قرب منتصفه.
اختلف العلماء في ذلك وهذه الرواية: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" الغرة هي: البياض الذي يكون في وجه الفرس، فرس يكون أشقر أو أحمر أو أسود فيكون في جبهته بقعة بيضاء فهذه تسمى غرة، فمواضع الوضوء تأتي وهي تضيء يوم الدين، وهذه لا شك من فضائل الوضوء وحسناته، ففي حديث نعيم المُجْمِر – سمي بذلك لأنه كان يُجمِّر المساجد- عن أبي هريرة رضي اللـه عنه أنه زاد فيها:"فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل"، قال الحافظ ابن حجر: بأن "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" لم تأت وقد رواها عشرة من الصحابة إلا في حديث أبي هريرة رضي اللـه عنه، "إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء" رواها عشرة إلا حديث أبي هريرة وفيه: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل"، هذا من حيث أحاديث الصحابة، أما من حيث من رواها عن أبي هريرة فقد رواها جمعٌ عن أبي هريرة لم يذكرها أنها من كلام النبي صلى اللـه عليه وسلم إلا نعيم المجمر، وإلا فقد رواها جمع كلـهم لم يذكروها إلا نُعيم، وهو ثقة وزيادة الثقة مقبولة وهذه لا تعارض أصل الحديث فهي زيادة ليست معارضة، فلا يوصف الحديث بأنه مضطرب أو فيه من التعليل، قالوا: بأن نُعيماً نفسه رحمه اللـه قال: لا أدري عن قولـه: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" هي من كلام النبي صلى اللـه عليه وسلم أو من كلام أبي هريرة، يعني الكلام كلـه يدور على نعيم ونعيم قد شكَّ في خبره، هل هي من كلام أبي هريرة أم هي من كلام النبي صلى اللـه عليه وسلم، كأن أبي هريرة رضي اللـه عنه على هذا القول كأنه كان يروي الحديث ويقول: "إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء" سكت، فأراد أن يحث الناس فقال: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" بمعنى أن أبا هريرة فهم من الحديث أنه كل ما زدت تحجيلاً من أثر الوضوء فإن ذلك يكون لك نوراً يوم القيامة، فيكون اجتهاداً من أبي هريرة رضي اللـه عنه، لأنه يشرع أن يزيد الإنسان في مسافات أو مساحات الوضوء حتى يكون الغرة والتحجيل أكثر فتكون علامة بينة لأمة محمد صلى اللـه عليه وسلم، لذلك كان هناك رأي لابن القيم- رحمة اللـه تعالى عليه- بأن هذه الزيادة غير مشروع وهو لم يرو ولا مرة عن النبي صلى اللـه عليه وسلم أنه فعلـه، مما يدل على أنه غير مشروع وأن هذا وقع بفهم من أبي هريرة نفسه لم يوافقه عليه جمهور الصحابة رضوان اللـه تعالى عليهم ولم يكن هذا من هديهم قولاً ولا فعلاً، فيكون الأقرب إلى السنة أن لا يزيد الإنسان من أعضاء الوضوء وهذا هو الأقرب، واللـه تعالى أعلم وصلى اللـه وسلم على نبينا محمد.
الأسئلة:
1- يقول هل الحجامة غير جائزة يوم الأربعاء ويوم الأحد، وهل الأحاديث الواردة في أن الحجامة تكون يوم السابع عشر والتاسع عشر صحيحة أم لا؟
الذي أعرفه أن الأحاديث الواردة في هذا المقام ضعيفة، لا سيما الأشياء المرتبطة بالأيام.
2- رجل يصلي النافلة في وسط بيته وضرب جرس الباب والباب بعيد عنه فماذا يفعل؟ هل يقطع الصلاة ويفتح الباب أم يواصل الصلاة؟
لا يقطع الصلاة إلا إذا كان القارع لأمر مهم جداً أو أمر سيشغلك عن صلاتك نهائياً فلك أن تقطع الصلاة، لا حرج إن شاء اللـه.
3- رجل يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ولكن في أحد الشهور مرض أو سافر وترك صيام ثلاثة أيام وقال سأصومها في الشهر المقبل فهل هذا يجوز؟
أولاً نقول يجوز، ليس الصيام واجباً فماذا عليه لو ترك الصيام؟ لا حرج عليه إن شاء اللـه.
4- أنا شاب لا أستطيع الاستنثار وهو أن أصل الماء إلى أقصى الفم ثم رده، وقد حاولت ذلك كثيراً فتضررت في أذني فما الحل عندما أريد الوضوء؟
(لا يكلف اللـه نفساً إلا وسعها) وربما الإنسان يكون عنده مشكلة معينة وحساسية تمنعه من ذلك فـ (واتقوا اللـه ما استطعتم).
5- ذكرتم في مسألة الضبة من الذهب والفضة أنه لا فرق في استعمال الضبة اليسيرة من الذهب والفضة فما هو الدليل على عدم التفريق مع أن النص قد ورد في الفضة والتغليظ الشديد في عدم استعمال الذكر للذهب؟
أولاً: أن الذهب والفضة في التحريم وردت في سياق واحد كما ورد في أحاديث تحريم الأكل والشرب في الذهب والفضة فتكون أحكامها واحدة، حتى العلماء قد أخذوا حين قال النبي صلى اللـه عليه وسلم: "هذان-عن الحرير والذهب- حل لإناث أمتي حرام علي ذكورها" أخذوا منها في أحكام الحرير حين قال النبي صلى اللـه عليه وسلم في إباحة الحرير قال: "إلا قدر ثلاثة أو أربعة أصابع"- على الشك- أخذ منه العلماء على جواز استعمال ثلاثة أو أربعة أصابع في الذهب فأباحوا استعمال ما يستعمل في المشالح وغيرها للرجال، وهذا هو رأي شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه اللـه- في هذه المسألة، وهي القياس على الحرير لكونها قد جاءت في حديث واحد، جاء التحريم في حديث واحد والرخصة ما جاءت إلا في الحرير وقيس هذا على هذا، المسألة مختلفة ولكن للتقريب، والمعنى هنا واحد حرم الذهب والفضة في التحلي فإن كان استعمالـها للتحلي لا يجوز، استعمال الساعة حلية ثم يوضع السوار على شكل إسورة النساء ثم تكون بالذهب أو بلون الذهب هذه حلية ويراد بها الزينة فهي حلية فتحرم على الرجل، لكن القلم ليس بحلية ليست للحلية التي تلبس المعروفة المعتادة.
6- يقول هل تكون المضمضة والاستنشاق بماء واحد أي بغرفة واحدة؟
هذا لم يتعرض لـه الحديث ولكن كلاهما من الصيغ الجائزة واللـه أعلم،يستخدمها على ما ورد في حديث عبد اللـه بن زيد أحاديث أخرى أنه يجوز لـه أن يأخذها بغرفة واحدة فيتمضمض ويستنشق أو غرفة واحدة للاستنثار وغرفة أخرى للمضمضة وهكذا، وأقرب الأحاديث لكونها تمضمض واستنشق ثلاثاً وهي إن كان الأخرى أيضاً مشروعة لاحتمال حديث الدلالة عليه.
7- هل ضم القدمين في الحديث سنة، وهل قال أحد العلماء بالضم وما الدليل؟
هذه المسألة فيها خلاف ودلالة الحديث فيها كلام أيضاً وفي صحتها كلام- واللـه عز وجل أعلم-.
8- رجل عليه قضاء من رمضان ولما جاء يوم عرفة صامه بنية عرفة؟
لا، لا يجوز لكن يصوم بنية رمضان ولكن يرجو أن يصيب فضل الصيام في عرفة لا بأس، الأصل هو صيام رمضان فقط، بدون تشريك نهائي، ولكنه أوقع صيام رمضان في هذا اليوم علـه أن ينال الأجر المتعلق بصيام هذا اليوم فقط، وتكلمنا في هذه المسألة على قضية طواف الإفاضة، بعض الناس يقول إن طواف الإفاضة هو طواف الوداع خطأ، الصحيح هو أنه طواف الإفاضة فقط، ولكن يجعلـه في آخر المناسك حتى يكون آخر عهده بالبيت، ولكن أنا أرى فيه شك في صحة الطواف ولا أقول أيضاً على سبيل اليقين فيه شك في صحة الطواف أن الإنسان يقول هذا طواف الوداع، أن يريد به طواف الإفاضة يجعل الأصل طواف الوداع ويقول وهو عن طواف الإفاضة، في قلبي منه شيء وينبغي أن يحذر في هذه المسألة، ولكن هذا الشخص إذا كان صام عرفة وقال هذا عن رمضان أرى أن يعيد لا يجزئ، ولكن إذا نوى هذا اليوم قضاء رمضان ولكن بدل أن يجعلـه في يوم خمسة أخره لعدم إمكانية الصيام ثم أخره إلى اليوم الفاضل فلا حرج، لأن النية تأسيساً وقعت لقضاء رمضان وإنما الأعمال بالنيات.
9- ما حكم حلق اللحية في خروجها كي تعتدل وتكون شاملة للذقن والعارضين؟
لا يجوز، وهذا من تسويل الشيطان أعرف بعض المراهقين الأفاضل- إذا صح التعبير- أراد ذلك ثم- ابتدى يكردها-.
10- أنكم لا تذكرون المخرجين لأحاديث العلوم علماً بأن الحافظ قد خرجها، فما هو السبب؟
نقول رواه فلان ورواه فلان- ماذا تقصد بالتخريج- إلا إذا أُنسيت شيئاً فذكروني.
11- ذكر الإمام الصنعاني صفة مسح الرأس وهي: أن يبدأ بالناصية ويذهب إلى ناحية الوجه ثم يذهب إلى جهة مؤخر الرأس؟
هذا على حديث الرُبيِّع بنت معوذ وهو قال إنه صفة لأنه رجح وكان يميل إلى تصحيح الحديث فتكون صفة ثابتة.
12- قولـه: "وبالغ في الاستنشاق" هل يفهم منه أن يزيد على الثلاث مرات؟
لا، بالغ في الاستنشاق يعني بالغ في جذب النفس، وفي إخراجه بقوة.
13- ما هي صفة تخليل الأصابع؟
طريقة تخليل الأصابع هي وسيلة وليست تعبدية في ذاتها والمقصود هو التخليل.
14- ما حكم استعمال الصابون في الوضوء كأن يكون في الجسم دهان أو زيت لا يزول إلا بالصابون؟

لا حرج ما لم يعتقد التعبد، هو الآن جاء ليتوضأ للصلاة وعند أثر زيت أو أثر محروقات، فوضع الصابون واعتبر هذه غسلة للوضوء فلا حرج إن شاء اللـه والأمر يسير.
15- هل في أحاديث البلوغ أحاديث ضعيفة جداً لا يؤخذ بها مطلقاً؟

الأحاديث الضعيفة فيها ليست بالغة الضعف وفيها خلاف كبير والذي صنعها أو جمعها محدثٌ جليل وحافظ كبير وهو ابن حجر رحمه اللـه.
16- حديث أم سلمة بأنه كان عندها جلجل دل على استعمالـها للذهب والفضة دون الأكل والشرب وهو أمر جائز ولكن هل يجوز لنا أن نقول بجواز استخدام الذهب مثلاً في جلجل قياساً على الفضة الذي هو جلجل أم سلمة؟
نعم،
17- ذكرتم حفظكم اللـه أن لشيخ الإسلام قاعدة اسمها الاستحالة فما معنى هذه القاعدة أرجو بسط معناها؟
الاستحالة أن الشيء يستحيل من حكم إلى حكم، النجاسة تتحول إلى طاهر والطاهر يكون نجسا، ومع الاستحالة يستحيل معها الحكم، فذكر من ضمن الاستحالة قضية الخمر يتخلل استحال يعني تحول من حال إلى حال، فما دام أن الإنسان ما قصد فيجوز أن يستعمل هذا المستحيل.
18- هل يحل أن يؤكل الحمر التي تأكل من سواقط البشر؟

لا يحل أكل الحمر مطلقاً الحمر الأهلية، لكن يحل أكل حمر الوحش التي تنفر من الآدمي لا تريده، وإذا رأته من بعيد هربت كهربها من الوحوش.
18- قلتم إن بول الغلام يكفيه النضح وهذا نوع من المكاثرة؟

أقول هذه مني يعني بقية أنواع المكاثرة حتى تزول معنى هذا إنها مكاثرة على وجه الاستحباب، إذا قلنا مكاثرة مثل بول الأعرابي حين صب النبي صلى اللـه عليه وسلم عليها ذنوباً من ماء، لكن أنا لا أقصد من المكاثرة النجاسة فهو ليس بنجس.
19- ذكرت أن من ضمن استدلال من قال بجواز الأكل والشرب بآنية الذهب والفضة حديث أم سلمة بأنه اتخذت جلجلاً من الفضة وقيل بأن الجلجل لا يكون إناءً لتعريف ابن حجر لـه؟
نحن قلنا لا يجوز استعمالـها في الأكل والشرب لا للمرأة ولا للرجل فاستعمالـها لـه في غير الأكل والشرب دليل على جوازه وليس حلية للمرأة.
20- ما هو الدليل على مشروعية التداخل في الطاعات؟

الأصل هو عدم مشروعية التداخل في الطاعات، فإذا كان هناك تداخل فليس تداخل في النية وليس تداخل في ذات العمل ولكن تداخل في صدقية- إذا صح التعبير- أنت تريد أن تصلي السنة الراتبة تأتي المسجد وتدخل بنية السنة الراتبة، نقول أين تحية المسجد؟ تحية المسجد يقول النبي صلى اللـه عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" صليت ركعتين صدق إني صليت ركعتين، مثل ما قلنا في طواف الإفاضة ولكن صدق- صدقية هنا- أنه كان آخر عهده بالبيت الطواف فالنية واحدة لا تداخل في النيات، ينوي شيئا ويفعل شيئا آخر.
20- ما حكم مماثلة الكلام للقرآن مثل (فبهت الذي كفر)؟

مسألة الاقتباس مسالة خطيرة جداً، بعض الناس على لسانها دائماً الآية دائماً كلامهم من القرآن في السر العلن والـهزل والجد والعبث فيما يضحك منه وما يضحك عليه وما يضحك فيه من القرآن وما يضحك فيه على القرآن أنواع الأشياء المستشهد بها، فالنبي صلى اللـه عليه وسلم قال: "اللـه أكبر خربت يثرب إنا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين" هذا اقتباس ولكن ليس استهزاءً بالقرآن ولا يثير الضحك ولا يثير الاستهجان ولا الاستغراب استدلال أشبه الاستدلال أو الاقتباس ولكن إذا جاء الإنسان بأدلة بآيات معينة مثل ما يفعل بعضهم في دائرة حكومية وحاولوا يقنعون المسؤول لم يقتنع المسؤول خرجوا وهو يقول: (فلما استيئسوا منه خلصوا نجياً) ما هو الحاجة لقول هذا الكلام، وهي درجات اقتباس عادي ليس فيه إشكال واستدلال أشبه الاستدلالات، في الشيء يُضحك فيها من القرآن هذا كفر، شيء يُضحك منها لطرافة الاستدلال هذا خطر صحيح أنه لا يستهزئ بالقرآن لكنه خطر وضحك يجعل القرآن مسخرة يقول الآية ليضحك الناس.
21- ما حكم النظر إلى الشهاب في السماء؟
لا حرج في ذلك لا أعرف فيه شيئا يمنع النظر إلى الشهاب هذا كلام يردده العوام.
هذا واللـه أعلم وصلى اللـه وسلم على نبينا محمد .

مع الله
08-16-2008, 07:24 PM
للرفع رفع اللـه قدر أهل السنة

أم عبد الرحمن السلفية
08-25-2008, 06:44 AM
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم