المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)


محبة عائشة
11-12-2007, 12:48 AM
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/59.gif
سيرة أمهات المؤمنين - رضوان الله عليهم أجمعين

فى زمن غابت فيه القدوة الصالحة وصرنا نتخبط فى التقليد الأعمى للمغنيات والممثلات- هداهم الله وجب علينا أن نعود إلى القدوة الحقيقية ومن أفضل فى هذا من أمهات المؤمنين – رضوان الله عليهم أجمعين فهن المثل فى القوة والصبر وطاعة الزوج وحب الله وسوله.
نريد أن نبحث عن الحقيقة في سيرتهن.. وعن العظمة التي اكتسبنها في بيت النبوة.. فأصبحن المثل الرائد.. والقدوة المتفردة.. عبر العصور..
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
حكمة تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

لما كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم أسوة للمؤمنين كما في الذكر الحكيم: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)) [الأحزاب:21]، وكانت أفعاله صلى الله عليه وسلم مصدراً من مصادر التشريع المهمة.
- كان لابد من وجود من ينقل ذلك من داخل البيت النبوي الطاهر، وهذا من حِكَم تعدد الزوجات بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم لنقل الأحكام الأسرية والزوجية والأحكام الخاصة بالمؤمنات في عصرهن الأحكام الأسرية والزوجية والأحكام الخاصة بالمؤمنات في عصرهن رضي الله عنهن، وبعد عصرهن إلى يوم القيامة.
- كما أنهن بتربية النبي صلى الله عليه وسلم لهن، يصلحن قدوة حسنةً للمؤمنات في كل العصور، وهذا ما حصل لله الحمد والمنة، فهن أسوةُ حسنةٌ لكل مؤمنة، فكان هذا أيضاً من حكم التعدد، فها هي واحدةٌ منهم عائشة رضي الله عنها، من أجلّ رواة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- ولما كان الإسلام في مهده كان لابد من توثيق الصلاّت بالقبائل والبطون العربية؛ لتسهيل الدعوة الإسلامية، مثل زواجه من جويرية رضي الله عنها، فكان ذلك سبباً في إسلام بني المصطلق رضي الله عنهم.
- وأيضاً لزيادة الصِّلة بأصحابه الكرام وتكريمهم وتشريفهم مثل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقد تزوج من ابنتيهما عائشة وحفصة رضي الله عنهما، كما شرّف عثمان وعلياً بتزويجه من بناته رضي الله عنهم أجمعين.
- وأيضاً كان الزواج ببعضهن سبباً في إثبات حُكم شرعيّ مثل إبطال حكم التَّبني، فكان الزواج من السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها.
- وأيضاً لما لبعضهن من وضع خاص ومعاناة اجتماعية مثل السيدة سودة بيت زمعة رضي الله عنها التي مات عنها زوجها، وأم سلمة التي استشهد زوجها وأبقى أيتاماً، والسيدة أم حبيبة لما ارتد زوجها عن الإسلام بالحبشة وبقيت في دار الغربة، فكان ذلك مواساةً لهنّ رضي الله عنهن أجمعين.
ولو كانت هذه الزيجات كما يدَّعي المستشرقون وأتباعهم لإشباع الغريزة، لكُنَّ كلهن أبكاراً أو صغيرات في السن، ولكن أن تكون البكر الوحيدة هي عائشة والبقية إما مطلقات أو أرامل ذوات أولاد، فهذا بعيد كل البعد عن الغرائز والشهوات.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
ترتيب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم :

1- خديجة بنت خويلد
2- سودة بنت زمعة
3- عائشة بنت أبي بكر
4- حفصة بنت عمر بن الخطاب
5- أم سلمة
6- زينب بنت جحش
7- جويرية بنت الحارث
8- صفية
9- أم حبيبة
10- ميمونة بنت الحارث
11- مارية القبطية
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp

محبة عائشة
11-12-2007, 01:16 AM
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/59.gif
الفضائل الخاصة بكل منهن:

أولا : خديجة بنت خويلد - سيدة نساء قريش

موعد مع القدر

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي. أوسط نساء قريش نسبا، وأعظمهن شرفا، وأكثرهن مالا، وأحرصهن على التزام جانب الأمانة، والاحتفاظ بسياج العفة والكرامة.
كانت كثيرة المال وافرة الثراء، لها تجارة واسعة ترسلها إلى أسواق العرب مع ما ترسله قريش من قوافلها، وكانت قافلتها تعدل أحيانا قوافل قريش بأجمعها.
كانت على موعد مع القدر حينما اختارت محمدا ليخرج في تجارتها. فـأحسنـت معاملته وأجزلت أجره، ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم حاله معها فقال: (ما رأيت من صاحبة أجير خيرا من خديجة)..
وتأنس خديجة إلى صدق رسول الله وأمانته فتطلب منه أن يخرج بتجارتها إلى الشام وترسل معه غلامها ميسرة.
كانت فرحة خديجة كبيرة بتجارتها التي ربحت ضعف ما كانت تربح، ولكن فرحتها بمحمد وحديث ميسرة عن أمانته واستقامته وعفته كانت أكبر.
وأدركت خديجة بحسها المرهف، وعقلها الراجح، أن محمدا صنف آخر من الرجال، وأنه ليس مثل أولئك الذين تقدموا للزواج منها، يطلبونها لشرفها أو لمالها أو لجمالها..
وإذا كانت قد رفضت في كل مرة زعماء قريش الواحد تلو الآخر، الذين تقدموا إليها.. فإنها تحس في نفسها رغبة ملحة أن تتقدم هي لمحمد وتطلب منه أن يتزوجها. ولكن كيف السبيل إلى ذلك وأعراف القوم تأبى؟
ذهبت إلى إحدى صديقاتها نفيسة بنت منيه تبثها ما في نفسها، وتطلب مشورتها.. فأشارت عليها أن تقوم هي بهذا الدور، فذهبت إلى محمد تتعرف رأيه وتستطلع خبره، فقالت نفيسة:
ما يمنعك أن تتزوج يا محمد ؟ قال:
ما بيدي ما أتزوج به. قالت نفيسة:
فإن كفيت ذلك، ودعيت إلى الجمال والمال والشرف، ألا تجيب؟ فسأل محمد:
ومن هي؟ قالت نفيسة : خديجة.
ومن الحوار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفيسة رسولة خديجة، إلى الحوار المباشر معها.. قال رسول الله:
من لي بك وأنت أيم قريش، وأنا يتيم قريش؟ قالت:
يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك.
وهكذا ترفض خديجة كبار شخصيات قريش.. وتُقبل على محمد.. ولم لا.. وهو كما وصفه عمه أبو طالب عندما جاء لخطبتها قال:
(أما ابن أخي محمد فلا يوزن به رجل إلا رجحه شرفا ونبلا وفضلا وعقلا، وان كان في المال قلا، فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، وعارية مسترجعة.. وله في خديجة بنت خويلد رغبة ولها فيه مثل ذلك).
وهكذا زفت خديجة بنت خويلد بنت الأربعين صاحبة المال والسؤدد، التي يلقبها قومها بالطاهرة، إلى محمد صلى الله عليه وسلم سيد شباب قريش ابن الخامسة والعشرين والذي يلقبه قومه بالأمين.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
نعمت الزوجة الصالحة للزوج الصالح

وعاش الزوجان في أمن وأمان، وحب ووئام، فولدت له القاسم ثم زينب ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم ولدت له في الإسلام عبد الله فسمي الطيب والطاهر.
وإذا كانت العناية الإلهية قد هيأت محمدا لدور كبير يقوم به في واقع الحياة البشرية، فيحولها من الظلمات إلى النور.. فإن العناية الإلهية ذاتها، هي التي جاءت بخديجة الكبرى لتكون الزوجة العظيمة، التي ترعى الزوج: بحبها وحنانها وقلبها وروحها. إن من يدرس سيرة هذه الأم العظيمة، لا بد أن يدرك، أنها جاءت على قدر، لتقوم إلى جانب النبي بأعظم وأنبل دور تقوم به امرأة.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp

أمام الموقف الكبير

كان محمد صلى الله عليه وسلم، بعيدا عن ترهات قومه، حبب إليه الخلاء، فكان يأخذ السويق والماء ويذهب إلى غار حراء في جبل النور يتحنث ويتعبد ويتفكر في ملكوت السموات والأرض، وفيما وراءها من قدرة مبدعة.
وكانت خديجة تؤمّن له الهدوء الشامل، والاستقرار الكامل، تأخذ له الطعام إلى الغار إذا أبطأ عنها.. وتكلأه بحبها إذا حضر إليها، كانت مقتنعة بعمله.. مدركة بفطرتها السليمة أن لزوجها شأنا عظيما.. كانت خديجة له ردءا وعونا وحصنا يعتصم به من عوادي الدهر، يستلهم منها الأمن عند الخوف، ويستمد منها القوة عند الضعف، ويجد فيها السكينة عند القلق والاضطراب.
وعلى رأس الأربعين عاما، جاء الحق محمدا وهو في غار حراء، جاءه الملك فقال:
اقرأ، فقلت:
ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فضمني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال:
اقرأ، فقلت:
ما أنا بقارئ، فأخذني فغتني الثالثة، ثم أرسلني فقال:
)اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم(.
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة، فقال:
زملوني زملوني، لقد خشيت على نفسي يا خديجة.
وتواجه خديجة العظيمة الموقف الكبير بمفردها، فلا تجزع ولا ترتبك ولا تتردد.. بل تخاطب الزوج الخائف وتقول:
كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. أبشر يا ابن عم واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة.
هل هناك شجاعة أعظم، أو حكمة أبلغ، أو موقف أكرم من فعل خديجة هذا وموقفها..؟
ولا تكتفي بذلك التطمين الأوليّ لتثبيت القلب الخائف.. فتأخذ بيده إلى ابن عمها ورقة بن نوفل.. وكان شيخا كبيرا تنصر في الجاهلية.. فتقول له:
يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة:
يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال ورقة:
(هذا هو الناموس الأكبر نزّله الله على موسى، ليتني فيها جَذَعَا أنصرك حين يخرجك قومك، ولئن أدركني يومك لأنصرنك نصرا مؤزرا).
ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم حجم المسؤولية التي ألقتها العناية الإلهية على كاهله.. وانه سيؤذى ويُخرج ويُقاتل.. وأدركت معه خديجة مقدار الواجب الكبير الذي تتحمـلـه للوقوف إلى جانب الزوج النبي.
كانت معه بكل إحساسها ونبلها وحبها وعطفها. كانت حزينة معه يوم فتر الوحي.. وينشرح فؤادها وهي ترى زوجها مستبشرا بعودته.
علمها رسول الله كيف تتوضأ وتصلي.. ولقد شهدتهما أيام مكة ولياليها يصليان لله ويحمدانه ويشكرانه على ما أولاهما من نعم.

المجتمع المسلم الأول

كان بيت الرسول الذي يضم بالإضافة إلى زوجه خديجة بناتها وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة هو المجتمع المسلم الأول الذي آمن بالدعوة الكريمة التي نزل بها الأمين جبريل، على قلب الأمين محمد صلى الله عليه وسلم.
وإذا كانت خديجة في جاهليتها مشغولة في تجارتها وتنمية أموالها والمحافظة على مكانتها.. فهي اليوم مشغولة بالدعوة وكيف تكسب لها أنصارا.. مشغولة بالنبي وكيف تقف إلى جانبه تؤازره وتعاونه وتكلؤه.
عندما أسلم أبو بكر رضي الله عنه، وانضم إلى موكب المؤمنين، وسمعت مقالته وهو في بيتها يعلن تصديقه لمحمد صلى الله عليه وسلم دون توان أو تردد لم تـملك نفسها إلا وهي تهتف بأبي بكر مهنئة له وتقول: الحمد لله الذي هداك يا ابن أبي قحافة. جميع المؤمنين أبناؤها وهي أم المؤمنين.

في طريق الدعوة

وتـمر الدعوة بمراحلها الصعبة، ويقف أهل مكة موقف العداء الشديد من محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته، نالوه بالإساءة ووالوه بالسخرية ورموه بكل ما يكره من بذيء القول وفاحش الكلام. نعتوه بالجنون والسفه، واتهموه بالكهانة والسحر. في كل يوم كانت عقول أهل مكة تتفتق عن مزيد من وسائل المكر والخبث والحرب ضد النبي وأصحابه.
وكان رسول صلى الله عليه وسلم وزوجه خديجة والنفر القليل من المؤمنين معه يقابلون كل ذلك بإيمان أرسخ من جبال مكة، وبعزيمة أثبت من الدنيا وما فيها.. يقابلون الفظاظة بالمرحمة.. والطيش بالحلم.. والإساءة بالإحسان..
كم عانت السيدة خديجة من جوار أبي لهب الذي تزعّم هو وزوجه أم جميل نادي قريش في الإساءة إلى النبي.. فكانت تكتفي بإزالة ما كانت تلقيه أم جميل من أقذار وأشواك تضعها في طريق النبي وأمام داره..
وسارت خديجة مع زوجها العظيم في طريق الدعوة.. والآلام.. صابرة محتسبة.. ردوا عليها بناتها رقية وأم كلثوم وكانتا عُقد عليهما لعتبة وعتيبة ابني أبي لهب..
هاجرت ابنتها رقية مع زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه مع أوائل المهاجرين إلى أرض الحبشة.
كانت تحس بالألم يعتصر فؤادها، على غربة بناتها، وتشتت شمل أسرتها، ولكنها الصابرة المحتسبة.. وكيف يمكن أن تكون أما للمؤمنين ومثلا أعلى للمؤمنات.. إن لم تعط من نفسها القدوة والمثل في التضحية والفداء...؟
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
الحصار في شعب بني هاشم

رأت قريش أن كل ما استعملته من وسائل مع النبي وصحبه، من المسالمة والإغراء، ومن السخرية والاستهزاء، ومن الإرهاب والتعذيب، ومن الدعاية والتهويش لم يجدها نفعا، ولم يصرف الناس عن دعوة الإسلام، ولم يحل بينها وبين الظهور والانتشار. ورأت أن دخول العناصر القوية فيها قد زادها ظهورا وانتشارا، فقد عز المسلمون منذ أسلم حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب، واستطاعوا أن يستعلنوا بصلاتهم بعد أن كانوا يسرون بها، وأن يصلّوا عيانا في حرم الكعبة بعد أن كانوا يستخفون في شعاب الجبال، واستطاعوا كذلك أن يجهروا بالقرآن على مسمع من قريش بعد أن كانوا يتخافتون به.
وحارت قريش في أمرها. فلجأت إلى سلاح آخر غير سلاح الإرهاب والتخويف، هو سلاح المقاطعة.
فاجتمعوا وائتمروا بينهم أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني عبد المطلب، على أن لا ينكحوا إليهم ولا يُنكحوهم، ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعوا منهم. فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة، وعلقوها في جوف الكعبة. فلما فعلـت ذلـك قريش انحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبي طالب، فدخلوا معه في شعبه واجتمعوا إليه، وخرج من بني هاشم أبو لهب إلى قريش، فظاهرهم.
وتركت خديجة دارها، وانتقلت مع محمد إلى شعب أبي طالب، تقاسي ما يقاسي زوجها وما يقاسي أتباعه معه. ولم تتوان رغم تجاوزها الستين في أن تقوم لمحمد صلى الله عليه وسلم بما كانت تقوم له من قبل. فظلت هي هي المواسية المشجعة المؤازرة وزير الصدق الذي عاون محمدا، وأخذ بيده منذ بدء دعوته.
ليس هذا فقط.. بل وكانت تدبر أمر ايصال بعض الطعام إلى الشعب المحاصر، وتشرف بنفسها على توزيعه على المحاصرين..
ثلاث سنوات طوال، مكثها المسلمون محاصرين في الشعب، حتى اشتد بهم البلاء وبلغ منهم الجهد، فأكلوا ورق الشجر وسُمع صراخ أطفالهم من بعيد..
وإذا استطاع الحصار أن ينال من الأجساد المتعبة، إلا إنه كان يصفي المعدن الكريم، فيزداد قوة وصلابة وتـمسكا بالدعوة العظيمة. وما أن انقضت أيام الحصار وأحس النبي صلى الله عليه وسلم أن بإمكانه استئناف دعوته حتى فقد عمه أبا طالب الحصن الحصين الذي كان يحوطه بكل أنواع الرعاية والحماية.. ولم تلبث خديجة أن مرضت، واشتد بها المرض.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جانبها يمرّضها ويقوم على خدمتها ويقول لها: بالكره مني ما يجري عليك يا خديجة..
ويظل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانب خديجة، يخفف عنها ويذكّرها بما وعدها الله به في الجنة من نعيم وما أعده لها من قصر من قصب لا نصب فيه ولا صخب حتى فاضت روحها بين يديه صلى الله عليه وسلم.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب..).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، دائم الذكر لها والحنين إليها، يترحم عليها، ويتحدث بأيامها، ويبر صواحبها، ويتهلل لمن يراه من أهلها.
روى مسلم عن عائشة قالت: ما غرت على نساء النبي، إلا على خديجة، وإني لم أدركها. قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا ذبح الشاة.. فيقول: (أرسلوا بها إلى صدائق خديجة.. قالت فأغضبته يوما، فقلت: خديجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني رزقت حبها).. ومرة ، قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: قد أبدلك الله خيرا منها. قال: ما أبدلني الله خيرا منها، وقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء).
هذه هي خديجة الكبرى .. الداعية الأولى.. والمثل الأعلى لبناتها المسلمات السائرات على نهجها في موكب الدعوة. التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد، وأشار الراوي إلي السماء والأرض)
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp

مع الله
11-12-2007, 11:34 AM
بارك الله فيكِ حبيبتنا محبة عائشة

جعنا الله واياكى صحبة لهن فى الجنة

اللهم آمين

ولى عودة بإذن الله

محبة عائشة
11-12-2007, 09:47 PM
اللهم أمين .. أستجاب الله دعائك أختى الحبيبة
بارك الله فيكِ .. جوزيتى خيرا على ردك ومرورك

*الفقيرة إلى الله*
11-13-2007, 08:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك يا محبة عائشة

أم معاذ
11-13-2007, 10:12 PM
ماشاء الله أختنا محبة عائشة

أكملى أعانك الله سيرة أمهات المؤمنين
جزاكى الله خيرا ويسر لكى كل صعب وبارك فى عملك

آمييييييييييين

أم معاذ
11-13-2007, 10:15 PM
يثبت الموضوع بأذن الله لأهميته
ولحاجة كل مسلمة زوجا كانت أو بنتا أن تعرف سيرة أمهاتها
لعلها تقتفى الأثر
فتصير عندنا خديجة وعائشة وحفصة وزينب عملا وان لم يكن اسما
جزاكم الله خيرا

مع الله
11-13-2007, 11:51 PM
جزاكِ الله خيرا أم معاذ على التثبيت

وايضا يختم بختم التميز

لتميز الموضوع وصاحبته بارك الله فيها

أم معاذ
11-14-2007, 01:15 AM
زجزاكى الله خيرا على التميز يا ام عمار

محبة عائشة
11-14-2007, 02:01 AM
أختى الفقيرة إلى الله : جزاك الله خيرا على مرورك وردك

أخواتى المشرفات.. بارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير على تثبيت الموضوع ومنحه ختم التميز

أحبكم فى الله

محبة عائشة
11-14-2007, 02:21 AM
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/59.gif
(2)
سودة بنت زمعة - رضي الله عنها

هي سودة بنت زمعة بن قيس بن عمرو.. وزوجها ابن عمها (السكران بن عمرو). أسلم الاثنان في مكة، وتعرضا (مثل بقية المؤمنين) لأشد صنوف العذاب والاضطهاد..
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه النفر القليل الذين آمنوا معه، يذكرون النفر الثمانية من بني عامر، الذين خرجو من ديارهم وأموالهم، يجوزون القفر المرهوب ويركبون أهوال البحر لينجوا بدينهم من مطاردة مجنونة آثمة، تحاول أن تردهم قسرا إلى متاهة الضلال ومهواة الشرك.
هؤلاء النفر هم: السكران وزوجه سودة وأخوها مالك، وأخواه سليط وحاطب وابن أخيه عبد الله بن سهيل بن عمرو. وصحب ثلاثة من الثمانية زوجاتهم، وكلهن عامريات.
وتـمرّ الأيام ثقيلة على مهاجري الحبشة في دار غير ديارهم.. وبين قوم غرباء عنهم.. حتى وصلت إليهم الأخبار تحمل نبأ دخول أكثر أبناء قريش في الإسلام.. ورأى نفر من المهاجرين (والفرحة لا تكاد تسعهم) أن يعودوا إلى مكة إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم وإلى قومهم وبلدهم.. وكان من هؤلاء السكران وزوجته سودة.
وقبل أن يصلوا إلى مكة وصلتهم الأخبار بأن نفرا قليلا دخل الإسلام، وأن قريشا ضاعفت إيذاءها للمسلمين.. وحاصرتهم ومن انضم إليهم في شعب أبي طالب.. فقرر نفر من هؤلاء العودة إلى دار هجرتهم في الحبشة.. بينما قرر السكران وزوجه دخول مكة ليلاقيا ما يلاقيه المسلمون فيها من أذى وعذاب وحصار.. وما أن استقر المقام بالأسرة المجاهدة في مكة حتى توفى السكران.. وبقيت إلى جانبه زوجه سودة تبكيه فقد كان ابن عمها ورفيق دربها في الإيمان والهجرة.. وها هو يدفن في ثرى مكة، مرقد من مضوا من أهله وأصحابه.. ويترك أرملته من بعده، قد أسلمتها محنة الاغتراب إلى محنة الترمل.
وكانت من أهم الأحداث التي وقعت في تلكم الفترة وفاة أبي طالب عم رسول الله [ الذي كفله صغيرا، وآزره كبيرا، وناصره على دعوته، وحماه من عوادي المشركين. ووفاة السيدة خديجة زوج النبي التي صدقته وآمنت به وكانت له وزير صدق طول سني كفاحه وجهاده.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
عام الحزن

وقعت هاتان الحادثتان المؤلمتان خلال أيام معدودة، فاهتزت مشاعر الحزن والألم في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما المشركون فقد تجرأوا عليه، كاشفوه بالنكال والأذى.. ورسول الله يقول: ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب.. وسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامه هذا بعام الحزن..

كان الصحابة يرقبون آثار الحزن على وجه النبي صلى الله عليه وسلم فيشفقون عليه من تلك الوحدة.. ويودون لو يتزوج، لعلّ في الزواج ما يؤنس وحشته بعد أم المؤمنين الراحلة.
وجاءت خولة بنت حكيم السلمية إلى النبي تعرض عليه أن يتزوج.. ويقول رسول الله: ومن بعد خديجة...؟
وتقول خولة: عائشة.. بنت أحب الناس إليك، تخطبها اليوم ثم تنتظر حتى تنضج.. وسودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس.. وأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبتهما.
ولكن هل تستطيع سودة أن تـملأ من فؤاد النبي وأبنائه وبيته ما كانت تشغله خديجة..؟
لم يتصور ذلك أحد.. فقد كانت امرأة مسنة في نحو ست وستين سنة، ولكنها من المؤمنات المهاجرات الهاجرات لأهليهن خوف الفتنة، ولو عادت إلى أهلها لأكرهوها على الشرك أو عذبوها عذابا نكرا ليفتنوها عن دينها.. فاختار النبي صلى الله عليه وسلم كفالتها. ولقد قابل الناس هذه الالتفاتة من الرسول الكريم بالإعجاب والثناء، وخفف قومها بنو عبد شمس (أعداء الرسول وأعداء بني هاشم) من غلوائهم في عداوة صاحب الدعوة ومخاصمته، وأُنقذت هي مما كان ينتظرها من الضياع.
لقد كانت سودة تدرك تـماما، أن حظها من رسول الله بـرٌ ورحمةٌ وإكرامٌ.. لا حب وتآلف وامتزاج.. وقبلت الدور، فحسبها أن رفعها رسول الله إلى تلك المكانة، وأن جعل منها أما للمؤمنين.
وقدمت سودة كل ما في وسعها لخدمة النبي والسهر على راحته ورعاية أبنائه ليتفرغ هو إلى جهاده وأداء رسالته..
وعمّرت سودة بعد وفاة النبي سنين عدّة.. حتى وافاها أجلها(توفيت سنة خمس وخمسين على الأرجح في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه) فلقيت ربها راضية مرضية.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp

ومن مناقبها


1- حرصها على البقاء في عصمة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وهبت يومها في القَسْم لعائشة تقرباً إليه صلى الله عليه وسلم وحباً له، ولتكون من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
ذكر ابن سعد في الطبقات أن سودة قالت النبي صلى الله عليه وسلم أنشدك بالله أما راجعتني، وقد كبرتُ ولا حاجة لي في الرجال ولكني أحب أن أبعث في نسائك يوم القيامة فراجعها النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى البخاري بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها: (أنّ سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يَقْسم لعائشة بيومها ويوم سودة.
2- تمني عائشة أن تكون مثل هديها وطريقتها.
روى مسلم بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيتُ امرأة أحب إليّ أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة... ".
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp

بسمة الفجر
11-14-2007, 04:39 PM
بارك الله فيكِ ياالغالية

ونفعنا بما كتبتِ

ماشاء الله تاااااااابعى يا محبة عائشة :)

تابعى....

أم حبيبة السلفية
11-15-2007, 09:08 PM
رضى الله عن أمهاتنا وأرضاهن

جزاكِ الله خيرا ياحبيبة يامحبة عائشة ( اسم رائع مبارك ومتأخرة شوية ) ( ابتسامة )

بارك الله فيكِ أم معاذ وأم عمار على التثبيت والتميز


متابعة إن شاء الله

محبة عائشة
11-17-2007, 02:46 AM
حبيباتى: بسمة الفجر وأم حبيبة

بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء على مروركم الطيب وردكم الجميل

محبة عائشة
11-17-2007, 03:35 AM
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/59.gif
3)
عائشة أم المؤمنين - الفقيهة.. السياسية

الصديقة بنت الصديق

أخرج الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت:
(لما توفيت خديجة رضي الله عنها قالت خولة بنت حكيم رضي الله عنها:
• يا رسول الله ألا تتزوّج؟ قال:
• ومن؟ قالت:
• إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا، قال:
• فمن البكر؟ قالت:
• ابنة أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر. قال:
• فمن الثيب؟ قالت:
• سودة بنت زمعة. قال:
• فاذهبي فاذكريهما عليّ.
فجاءت فدخلت بيت أبي بكر فوجدت أم رومان أم عائشة رضي الله عنهما، فقالت: "يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، قالت: وددت، انتظري أبا بكر فإنه آت، فجاء أبوبكر فقالت: يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، فقال: هل تصلح له؟ إنما هي بنت أخيه. فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: ارجعي إليه فقولي: أنت أخي في الإسلام وأنا أخوك، وابنتك تصلح لي، فأتت أبا بكر فقال: ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فأنكحه.
وكل ما نعلمه عن عائشة يومذاك أنها بنت ست سنين أو سبع، وأنها كانت قد خطبت (لجبير بن المطعم بن عدي) وأن أبا بكر وعده.. فلما طلبها رسول الله.. ذهب أبو بكر إلى المطعم ليكلمه بشأن هذه الخطبة فوجد عنده امرأته (أم جبير)، فبادرت أبا بكر وقالت: لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى تصبيه (فيرتد عن دينه) وتدخله في دينك الذي أنت عليه، فاقبل أبو بكر على المطعم وقال له: ماذا تقول أنت؟ فقال: إنها لتقول ما تسمع. فخرج من عنده واعتبر هذا الكلام يحلّه من وعده السابق.. فدعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه عائشة.
وهكذا دخلت عائشة التاريخ من أوسع أبوابه. عاشت في بيت النبي زوجة كريمة محبوبة، وشاهدة ذكية على ميراث النبوة تقتبس وتحفظ وتستوعب كل ما ترى.. لتكون بعد ذلك شاهد صدق ووزير خير ومعلّما لكل من أراد أن يتعرف على أحوال النبي في بيته وأهله.
أما قوم عائشة فهم بنو تيم، عرفوا بالكرم والشجاعة والأمانة وسداد الرأي، كما كانوا مضرب المثل في البر بنسائهم والترفق بهن وحسن معاملتهن.
وأما أبوها فأبو بكر الذي كان له إلى جانب هذا الميراث الطيب، شهرة ذائعة في دماثة الخلق وحسن العشرة ولين الجانب. وأجمع مؤرخو الإسلام على أنه (كان أنسب قريش لقريش، وأعلم الناس بها وبما كان فيها من خير وشر. وكان تاجرا ذا خلق معروف، يأتيه رجال قومه ويألفونه لغير واحد من الأمر: لعلمه وخبرته وحسن مجالسته.
وأما أمها فـأم رومان بنت عامر الكنانية، من الصحابيات الجليلات. قال فيها رسول الله [ عندما توفيت: اللهم لم يخف عليك ما لقيت أم رومان فيك وفي رسولك. وقال فيها أيضا: (من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان).
أما عائشة فالحديث عنها يطول.. وفي سيرتها عبر ودروس لا حصر لها تحتاج إليها كل امرأة مسلمة عاملة في موكب الدعوة
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
عائشة أمّ المؤمنين

عندما يمعن الإنسان الحصيف النظر في سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين يجـد كيف أنها شهدت المواقع كلها.. وكيف أعدّها القدر على عينه لتصبح في بيت أبيها الصديق أو بيت زوجهــا النبي.. إحدى شاهدات العصر الإسلامي في مراحل قوته وضعفه، وفي مرحلة انبساطه وانكماشه، وفي مرحلة فتنه وعطائه..
نشأت في بيت كريم، فكان أبوها وجيها في قومه، ميسورا في تجارته، مضرب الأمثال في حلمه وصدقه. كان من أوائل المقبلين على اعتناق الدين الجديد، يقول فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده كبوة ونظر وتردد إلا ما كان من أبي بكر.. ما عكم حين ذكرته له وما تردد فيه)- البخارى... وأصبح بالتالي هو وبيته وماله تحت تصرف الدعوة وقائدها.. يقول النبي: (ما نفعني مال قط، ما نفعنا مال أبي بكر). وعندما يسمع أبو بكر ذلك يبكي ويقول: وهل أنا ومالي إلا لك..؟
كان النبي لا يخطئ أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إمّا بكرة وامّا عشية.
عاشت عائشة الصغيرة في هذا البيت الكريم.. تشاهد الأحداث فتحفظها وتترسب آثارها في ذاكرتها.. فالطفل لا ينسى.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
شهدت إسلام أبيها..

وشهدت مرحلة الكفاح الدامي بين دعاة الحق وكفار قريش يسومونهم سوء العذاب..
وشهدت صراع العقيدة مع جميع الولاءات الجاهلية، فلقد ترك المؤمنون والمؤمنات أرضهم وملاعب صباهم ليهاجروا إلى الحبشة فرارا بدينهم..
وانحاز المؤمنون إلى فريقهم تاركين الأهل والآباء والأبناء وأصبحوا أمة من دون الناس..
وشهدت فصول الهجرة الكبرى.. هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأبيها إلى المدينة المنورة. في بيتها وأمام عينيها خططا للهجرة، ومن ذلك المكان خرجا ولا يعلم بخروجهما أحد في مكة إلا عليّ بن أبي طالب وآل أبي بكر..
كانت عائشة وحيدة في البيت ترقب.. فأخوها عبد الله يتسلل بين الناس يتسمع ما يقولون.. وأسماء أختها تنشغل بتدبير طعام تحمله خفية إلى الغار إذا جنّ المساء.

تسمع من أخيها عبد الله، حنق قريش على المهاجرين.. ورصدهم مائة ناقة لمن يدلهم عليهما. وخروج نفر من فرسان قريش في طلبهما.. وتحدثها أختها أسماء بعد كل زيارة لها عن الغار وصعوبة البقاء فيه وعن المشركين المطاردين وهم يقفون على قيد خطوة منهما..
لم يكد يتحمل رأس الصبية الصغيرة كل هذا الصراع الذي اشتركت فيه كل عناصر الشر، ولكن ثقتها بالنبي وبأبيها الصديق وبعين الرحمن التي لا تنام.. كانت أكبر من كل مكر شيطاني مريد..
وتنفست عائشة الصعداء وهي تسمع لأختها أسماء تحدثها عما كان:
(عند هدأة المساء في تلك الليلة التاريخية الخالدة على الدهر، جاء الدليل، عبد الله بن أريقط البكري يسوق الراحلتين اللتين أودعهما أبو بكر منذ أيام وراحلة له ثالثة، فأناخ عند فتحة الغار، فخرج الرسول وصاحبه، وجاءت أسماء بطعامها في سفرة وقد فاتها أن تجعل للسفرة عصاما، فلما همّا بالرحيل وأرادت أن تعلقها، أعوزها العصام تربط به السفرة إلى الرحل، فحلت نطاقها فشقته نصفين، علقت السفرة باحدهما، وانتطقت بالشق الآخر فكانت ذات النطاقين.
ونظر أبو بكر إلى الراحلتين، فقرب أفضلهما للنبي وقال:
- اركب فداك أبي وأمي.
وسرى الركب ممعنا إلى الجنوب، في طريق غير مطروق، ووقفت أسماء تتبعه بعينيها وقلبها حتى أبعد.. فعادت وحدها إلى البيت.. وهي توجس خيفة من تنبه المطاردين..
وغابت عائشة عمّا حولها.. ومضت تسري بروحها في أثر الراحلي.
ولم توقظها غير طرقات عنيفة على الباب.. لقد جنّ جنون قريش.. جاءوا يسألونها في غلظة:
- أين أبوك يا بنت أبي بكر..؟
وعندما نفت علمها بشيء.. كانت يد أبي جهل ترتفع فتلطم خد أسماء لطمة قاسية طرحت قرطها...
ووصلت الأخبار إلى مكة بأن محمدا وصاحبه قد وصلا إلى يثرب.. وهدأت عائشة بعد طول قلق واضطراب.. واشتعل شوقها للحاق بالمهاجرين.. في دار الهجرة..
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
في الطريق إلى يثرب...

بعد نحو شهر، جاء زيد بن حارثة من دار الهجرة ليصحب بنات المصطفى إليه، ومعه رسالة من أبي بكر إلى ابنه عبد الله، يطلب إليه فيها أن يلحق به، مصطحبا أم رومان زوج أبي بكر، وابنتيه أسماء وعائشة.
مازالت عائشة تذكر تلك الرحلة المثيرة عبر الصحراء إلى المدينة.. فتقول:
حتى إذا كنت بالبيداء نفر بعيري وأنا في محفّة معي فيها أمي فاستغاثت أم رومان مذعورة: وابنتاه، واعروساه.. فأسرع عبد الله بن أبي بكر وطلحة بن عبيد الله وزيد بن حارثة فردوا البعير النافر. ووصلوا أخيرا إلى يثرب واستقرت عائشة في السنّح في بيت أبيها أبي بكر.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp

عائشة في بيت النبي

وما أن استقر المقام في الموطن الجديد.. وأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء المسجد والمنزل الجديد.. حتى تحدث أبو بكر إلى محمد صلى الله عليه وسلم في إتـمام الزواج الذي عقده في مكة منذ ثلاث سنين..
وتصف عائشة حفل زفافها فتقول:
جاء رسول الله بيتنا فاجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء، فجاءتني أمي وأنا في أرجوحة، فأنزلتني ثمّ سوّت شعري ومسحت وجهي بشيء من ماء، ثم أقبلت تقودني فأدخلتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على سرير في بيتنا.. وقالت: (هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهن، وبارك لهن فيك)..
ووثب القوم والنساء فخرجوا، وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، ما نحرت عليّ جزور ولا ذبحت من شاة.
وانتقلت عائشة بعد ذلك إلى بيتها الجديد، الذي لم يكن أكثر من حجرة صغيرة بنيت حول المسجد، من اللبن وسعف النخيل، ووضع فيه فراش من أدم حشوه ليف، ليس بينه وبين الأرض إلا الحصير، وعلى فتحة الباب أسدل ستار من الشعر. في هذا البيت البسيط المتواضع بدأت عائشة حياة زوجية حافلة، وكما كانت شاهدة على أحداث الإسلام منذ يومها الأول ترقبها في بيت أبيها الصديق.. فقد أصبحت شاهدة على حياة النبي القائد تنهل من علمه وحكمته وسيرته ما وسعها عقلها وذكاؤها أن تنهل وتتعلم..
لقد كانت عائشة باستمرار في وسط المعركة..
• معركة تقودها مع الضرائر من حولها في بيت زوجها، تحاول أن تستأثر بقلبه وحبه دون الأخريات..
رصيدها في ذلك حب رسول الله لأبيها: فقد كان من أحب الناس إليه وأقربهم منه..
ورصيدها أنها الوحيدة من بين جميع نسائه في السابق واللاحق من لدن خديجة حتى اخراهن التي زفّت بكرا إلى زوجها لم تعرف قط رجلا غيره..
ورصيدها أنها عروس حلوة، خفيفة الجسم، ذات عينين واسعتين وشعر جعد، ووجه مشرق، مشرب بحمرة.. تدل على صاحباتها بصغر سنّها وجمال طلعتها..
• ومعركة أخرى تخوضها مع مروجي الإفك.. حين أحبّ قادة النفاق في المدينة أن يحاربوا النبي في شخصها.. فاتهموها بعرضها ليضربوا بحجر واحد زوجها وأبيها وبيضة الإسلام كله بعد ذلك..
• وخاضت عائشة معركة السياسة تقوّم المعوج، وتنادي بالإصلاح.
تخالف عثمان رضي الله عنه في حياته، وتنادي بمحاكمة قتلته بعد استشهاده..
وكما انشغلت عائشة بمعاركها المستمرة في حياتها.. فقد انشغل المستشرقون والمفترون طويلا في هذه المعارك في حياتها وبعد مماتها..
• ناصبها بعض المسلمين العداء فقد كانت في الموقف السياسي المناوئ لسيدنا علي كرم الله وجهه.. ومازالت منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا هدفا لكتابات جهلائهم وغرضا لافتراءاتهم..
• وناصبها البعض الآخر العداء.. لموقفها السياسي الجريء وتدخلها في الصراع السياسي الذي نشب بين سيدنا علي والزبير وطلحة رضي الله عنهم أجمعين ورأيهم أن ليس للمرأة إلا الجلوس في بيتها.. وما لها والسياسة!
• أما المستشرقون فيتحدثون عن زواج غريب جمع بين زوج كهل وطفلة غريرة عذراء(!) ويقيسون بعين الهوى، ظروف الجزيرة العربية اليوم والأمس بأعرافهم حيث لا تتزوج الفتاة عادة قبل سن الخامسة والعشرين..
وكان يمكن غض النظر عن مثل دعواهم الباطلة هذه.. فمثل هذا الزواج كان شائعا قبل وبعد زواج النبي من عائشة. وبيئة الجزيرة التي تنضج فيها الفتاة في وقت مبكر غير بيئة أوروبا التي عليها يقيسون، ولقد أدرك ذلك المستشرق بودلي بعدما زار الجزيرة العربية فعاد من زيارته يقول: كانت عائشة على صغر سنها نامية ذلك النمو السريع الذي تنموه نساء العرب. ومثل هذا الزواج مازال عادة آسيوية، وشرق أوروبية وكذلك كان طبيعيا في إسبانيا والبرتغال حتى سنين قليلة.
ثم مالنا ولهؤلاء المستشرقين.. فإن عائشة من أعلى بيوتات الجزيرة، ومن أفصح قومها لسانا، ومن أشدّهن ثقة واعتدادا بنفسها.. فإذا هي أقبلت على هذا الزواج وتحدثت عنه وتاهت به.. فما بال الآخرين؟!
يقول المؤرخ المنصف بودلي: (منذ وطئت قدمها بيت محمد، كان الجميع يحسون وجودها. ولو أن هناك شابة عرفت ماهي مقبلة عليه، لكانت عائشة بنت أبي بكر.. فلقد كونت شخصيتها منذ اليوم الأول الذي دخلت فيه دور النبي الملحقة بالمسجد). لم تكن إذن مجرد طفلة غريرة ساذجة كما يدّعون!!
لقد اكتمل نمو عائشة في بيت النبوة، ونضجت شخصيتها وتدرجت بين عيني الرسول من صبية يأتيها زوجها بصواحبها ليلعبن معها، أو يحملها على عاتقه لتطل على نفر من الحبشة يلعبون الحراب في المسجد، إلى شابة ناضجة مجربة، تسألها امرأة في مسألة دقيقة من مسائل الزينة والتجميل، فتجيبها:
(إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتضعيهما أحسن مما هما فافعلي)!
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp

محبة عائشة
11-17-2007, 03:52 AM
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/59.gif
حديث الإفك

أما الحديث عن الإفك فقد أخرج ابن اسحاق عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه. فلما كان غزوة بني المصطلق خرج سهمي عليهن معه، فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالت: وكنت إذا رحل لي بعيري جلست في هودجي، ثم يأتي القوم الذين كانوا يرحلون لي فيحملونني ويأخذون بأسفل الهودج، فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير فيشدونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به.
قالت: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك وجه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل، ثم أذن مؤذن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس، وخرجت لبعض حاجتي، قبل أن يؤذّن في الناس بالرحيل، وفي عنقي عقد لي فيه جزع ظفار (خرز يماني). فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري.
فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه فألتمسته حتى وجدته، وجاء القوم خلافي الذين كانوا يرحّلون لي البعير ولم يشكّوا أني فيه، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به، فرجعت إلى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب، قد انطلق الناس. قالت: فتلففت بجلبابي، ثم اضطجعت في مكاني، وعرفت أن لو افتقدت لرجع الناس إليّ.
قالت: فوالله! إني لمضطجعة إذ مرّ بي صفوان بن المعطّل السلمي رضي الله عنه، وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبت مع الناس، فرأى سوادي، فأقبل حتى وقف عليّ وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب. فلما رآني قال: إنا لله وإنا إليه راجعون! ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا متلففة في ثيابي.
قال: ما خلّفك -يرحمك الله؟
قالت: فما كلمته، ثم قرّب إليّ البعير فقال: اركبي واستأخر عنّي.
قالت: فركبت، وأخذ برأس البعير فانطلق سريعا يطلب الناس، فوالله! ما أدركنا الناس وما افتقدت حتى أصبحت ونزل الناس. فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي فقال أهل الأفك ما قالوا، فاضطرب العسكر ووالله! ما أعلم بشيء من ذلك.
ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة لا يبلغني من ذلك شيء، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي. لا يذكرون لي منه قليلا ولا كثيرا إلا أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي، كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك، فأنكرت ذلك منه.
كان إذا دخل عليّ وعندي أمـي تـمرضني. قال: (كيف تيكم) لا يزيد على ذلك.
قالت: حتى إذا وجدت في نفسي فقلت: يا رسول الله لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني. قال: لا عليك.
قالت: فانقلبت إلى أمي، ولا علم لي بشيء مما كان، حتى إذا نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة. فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح ابنة أبي رهم بن المطلب. قالت: فوالله! إنها لتمشي معي إذا عثرت في مرطها. فقالت:
تعس مِسْطح!
قلت: بئس لعمر الله!.. ما قلت لرجل من المهاجرين شهد بدرا.
قالت: أَوَمَا بلغك الخبر يا بنت أبي بكر؟
قلت: وما الخبر؟
فأخبرتني بالذي كان من قول الإفك.
قلت: أو قد كان هذا؟
قالت: نعم والله لقد كان.
قالت: فوالله! ما قدرت على أن أقضي حاجتي، ورجعت، فوالله! مازلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي.
وقلت لأمي: يغفر الله لك! تحدث الناس بما تحدثوا به، ولا تذكرين لي من ذلك شيئا.
قالت: أي بنية! خففي عليك الشأن، فوالله! لقلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها، لها ضرائر، إلا كثّرن وكثّر الناس عليها.
قالت: وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبهم- ولا أعلم بذلك- فحمد الله وأثنى عليه! ثم قال: (أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق؟ والله! ما علمت منهم إلا خيرا. ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيرا، ولا يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي).
قالت: وكان كِبْرُ ذلك عند عبد الله بن أبي بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مِسطح وحمنة بنت جحش وذلك أن أختها زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن امرأة من نسائه، تناصيني في المنزلة عنده غيرها، فأما زينب رضي الله عنها فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيرا، وأما حمنة فـأشاعت من ذلك ما أشاعت تضادّني لأختها، فشقيت بذلك.
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليّ، فدعا علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما فاستشارهما، فأما أسامة فأثنى عليّ خيرا وقال: يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم إلا خيرا، وهذا الكذب والباطل، وأما علي فإنه قال: يا رسول الله، إن النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تستخلف. وسل الجارية فإنها ستصدقك فدعا رسول الله بريرة يسألها.
قالت: فقام إليها علي فضربها ضربا شديدا ويقول: اصدقي رسول الله.
قالت: والله ما أعلم إلا خيرا، وما كنت أعيب على عائشة شيئا إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه، فتنام عنه، فتأتي الشاة فتأكله.
قالت: ثم دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندي أبواي، وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي. فجلس فحمد الله وأثنى عليه! ثم قال: (يا عائشة.. إنه قد كان ما بلغك من قول الناس، فاتقي الله. وإن كنت قد قارفت سوءا مما يقوله الناس، فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة من عباده).
قالت: فوالله ما هو إلا أن قال لي ذلك، فقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئا، وانتظرت أبوي أن يجيبا عنّي رسول الله فلم يتكلما.
قالت: وأيم الله! لأنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأنا من أن ينزّل الله فيّ قرآنا يُقرأ به ويُصلى به، ولكنّي كنت أرجو أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذب الله به عنّي لما يعلم من براءتي، ويخبر خبرا، وأما قرآنا ينزل فيّ فوالله! لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك.
قالت: فلمّا لم أر أبوي يتكلمان قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله؟ فقالا: والله ما ندري بما نـجيبه. قالت: ووالله! ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام.
قالت: فلما استعجما علي استعبرت فبكيت ثم قلت: والله! لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا والله! إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس -والله يعلم أني منه بريئة- لأقولن مالم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني.
قالت: ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره. فقلت: ولكن سأقول كما قال أبو يوسف: )فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون(.
قالت: فوالله! ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه، فسجّي بثوبه، ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت، فوالله! ما فزعت وما باليت قد عرفت أني بريئة، وأن الله غير ظالمي، وأما أبواي، فوالذي نفس عائشة بيده! ما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قاله الناس. قالت ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وانه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات، فجعل يمسح العرق عن وجهه ويقول: (أبشري يا عائشة! قد أنزل الله عز وجلّ براءتك).
قالت: قلت الحمد لله!
ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك، ثم أمر بمسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت رضي الله عنهما، وحمنة بنت جحش رضي الله عنها وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدّهم.
وأخرجه أيضا الإمام أحمد وفي سياقه:
قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه. فقلت: والله! لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله عز وجل الذي أنزل براءتي، وأنزل الله عز وجل: )إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم. لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا أفك مبين. لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون. ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم، إذ تلقّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم، ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم. يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين. ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم. إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون. ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم(.
وحديث الإفك، الذي تناول بيت النبوة الطاهر الكريم، وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم إنسان على الله، وعرض صديقه الصديق أبي بكر رضي الله عنه أكرم إنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرض رجل من الصحابة صفوان بن المعطل رضي الله عنه يشهد رسول الله أنه لم يعرف عليه إلا خيرا..
هذا الحادث.. قد كلف أطهر النفوس في تاريخ البشرية آلاما لا تطاق، وكلف الأمة المسلمة كلها تجربة من أشق التجارب في تاريخها الطويل، وعلق قلب رسول الله وقلب زوجه عائشة التي يحبها، وقلب أبي بكر الصديق وزوجه، وقلب صفوان.. شهرا كاملا. علقها بحبال الشك والقلق والألم الذي لا يطاق.
والحادث مليء بالعبر.. يحتاج من يريد أن يعلق على مجمل حوادثه إلى كتاب كامل.. لقد أراد المرجفون النيل من الإسلام ومن صاحب الرسالة فاختاروا هدفهم في شخص السيدة عائشة بنت الصديق. فقد كانت شخصية هامة على كل الأصعدة: الأقرب من قلب رسول الله، والأفقه في دين الله، ومن بيت الصديق أقرب المؤمنين إلى رسول الله، ترعى المسلمات اجتماعيا، صاحبة رأي وفكر.. ومن هنا فإن تسديد الهدف لهذه الشخصية الكبيرة سيكون ذا واقع كبير وتأثير شديد على الإسلام وعلى صاحب الرسالة.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
وسام البراءة

عائشة البريئة.. كانت تدرك أن الله تعالى مبرئها.. ولكنها لم تتوقع أن ينزل الله تعالى في شأنها قرآنا يتلى. (ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى. ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله [ في النوم رؤيا يبرئني الله تعالى بها).. وهكذا رفع القرآن من مكانة المرأة، واهتم رب العزة لقضيتها.. وأنزل فيها قرآنا يتعبد المسلمون بقراءته إلى ما شاء الله.. فبعد أن كانت المرأة في أنحاء الدنيا في جاهلية العرب وخارجها إنسانا هامشيا لا يحسب له أحد حسابا.. إذا به تنشغل السماء بمظلمته.. وينزل القرآن.. يبرأ صاحبة هذه المظلمة.
واستعلت عائشة بالوسام القرآني.. وكانت تفاخر أبدا بقولها: (أنا التي أنزلت براءتي من السماء).
ولم يكن وساما لصدر أم المؤمنين عائشة فحسب بل ولصدر جميع بناتها المسلمات الداعيات في كل مصر وعصر.

http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
عائشة العالمة

دخلت عائشة بيت النبي وهي صغيرة، فترعرعت في مهبط الوحي، ومنبع العلم تغرف منه ما شاء لها ذكاؤها وعبقريتها، وتأثرت بهدي رسول الله فنشأت مجتهدة في دينها وعبادتها، وكان الرسول حفيا بها يعلمها، ويعني بها، ويخرج بها في مغازيه، وكانت أخبر الناس بتاريخ الرسول والمسلمين، كما كانت أعلم الناس بجاهلية العرب.. فلم ينتقل الرسول إلى جوار ربه حتى خلفها مرجعا وحجة يلجأ إليها الكبار والصغار متعلمين مستفتين.
كان الناس يرون علم عائشة قد بلغ ذروة الإحاطة والنضج في كل ما اتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه. كانت في المدينة مع الفقهاء الكبار كعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن عباس في مقام الأستاذ من تلاميذه. كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحيل عليها كل ما تعلق بأحكام النساء أو بأحوال النبي البيتية، لا يضارعها في هذا الاختصاص أحد من النساء على الإطلاق.
طار صيتها في التمكـن من العلم، ورجع إلى قولها كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وابنه وأبي هريرة وابن عباس وابن الزبير. وقد نقل عنها وحدها ربع الشريعة على ما يقول الحاكم في مستدركه. قد ألّف بدر الدين الزركشي كتابا قصره على موضوع واحد هو استدراكات السيدة عائشة على الصحابة أسماه (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة) وقال في مقدمته: (هذا كتاب أجمع فيه ما تفردت به الصديقة أو خالفت فيه سواها برأي منها أو كان عندها سنة بينة، أو زيادة علم متقنة، أو ما أنكرت فيه على علماء زمانها، أو رجع فيه إليها أجلة من أعيان أوانها، أو حررته من فتوى، أو اجتهدت فيه من رأي رأته أقوى. وأورد الزركشي استدراكها على ثلاثة وعشرين من أعلام الصحابة مثل عمر وعلي وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم. وبلغ عدد استدراكاتها تلك تسعة وخمسين).
هذه ثقافتها في بيت الرسول أما ما حملته من بيت أبيها الصديق فإحاطة واسعة بالأخبار والأشعار وأيام العرب وأنسابها ومفاخرها.
ورسخت لها هذه المنزلة في العالم الإسلامي حينئذ، وانفردت بها دون غيرها من النساء والرجال. ولنقرأ معا ما كتب عنها الذهبي في كتابه سير النبلاء:
1-عن أبي بردة عن أبيه قال: ما أشكل علينا أصحابَ محمد حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما.
2- قال الزهري: لو جمع علم الناس كلهم وأمهات المؤمنين لكانت عائشة أوسعهم علما.
3- قال مسروق: والله لقد رأيت أصحاب محمد الأكابر يسألونها عن الفرائض.
4- قال عروة بن الزبير لعائشة: يا أمتاه لا أعجب من فقهك أقول: زوجة نبي الله وابنة أبي بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس أقول: ابنة أبي بكر وكان أعلم الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب، من أين هو؟ قالت عائشة: (أي عريّة، إن رسول الله كان يسقم عنـدي آخر عمـره، وكانـت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات، وكنت أعالجها له، فمن ثمّ). وكنت أمرض فينعت له الشيء، ويمرض المريض فينعت له، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض، فأحفظه.
5- قال معاوية: والله ما سمعت قط أبلغ من عائشة ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد أعد النبي صلى الله عليه وسلم عائشة لتكون خير مصدر يرجع إليه المسلمون من بعده. كانت عائشة شابة لها من الذكاء والفطنة وقوة الذاكرة ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يطمئن على الكثير مما سيتركه لديها من تراث عظيم.
لقد كان في نزول الوحي على النبي وهو في بيت عائشة دون غيرها من نسائه، إشارة لها بأن تتجه بكل كيانها إلى تفهم رسالة زوجها العظيمة، لتؤدي دورها في إرشاد المسلمين من بعده. فأخذ عنها المسلمون في عهد أبي بكر، واستشارها العلماء والفقهاء في عهد عمر وعثمان وعلي ومعاوية..
وبقيت حتى توفيت مرجعا للمسلمين في التعرف على أحكام دينهم.
يقول الأستاذ سعيد الأفغاني: سلخت سنين في دراسة السيدة عائشة، كنت فيها حيال معجزة لا يجد القلم إلى وصفها سبيلا، وأخص ما يبهرك فيها علم زاخر كالبحر بعد غور، وتلاطم أمواج وسعة آفاق، واختلاف ألوان، فما شئت إذ ذاك من تمكن في فقه أو حديث أو تفسير أو علم بشريعة أو آداب أو شعر أو أخبار أو أنساب أو مفاخر أو طب أو تاريخ.. إلا أنت واجد منه ما يروعك عند هذه السيدة، ولن تقضي عجبا من اضطلاعها بكل أولئك وهي لا تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp

محبة عائشة
11-17-2007, 04:03 AM
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/59.gif

عائشة وقضية المرأة

كانت عائشة رضي الله عنها زعيمة الآخذين بناصر المرأة، والمنافحين عنها بلا منازع. وإليها كانت تتطلع أبصار المستضعفات لما تمّ لها من المكانة الكبيرة في العلم والأدب والدين. وإليها يرجـع الفضـل الأكبر - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - في إعظام الناس المرأة الإعظام اللائق، حتى ظهر كثير من اللائي طمحن إلى اقتفاء أثرها في الشجاعة الأدبية والجرأة.
فإذا أحبت النساء أن يسألن من علم.. أو يبحثن عن مسألة.. توجهن إلى عائشة.. وإذا أحست المرأة بظلم زوجها.. جاءت عائشة تستفتيها وتطلب نصرتها..
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
عائشة والسياسة

شاركت السيدة عائشة رضي الله عنها في أحداث عصرها السياسية.
كان لها رأيها الواضح المؤيد أو المعارض. ففي عهد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما اقتصر دورها على الناحية العلمية والاجتماعية..
وفي عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، سارت السيدة عائشة في الشطر الأول من خلافته سيرتها على زمن صاحبيه.. أما في الشطر الثاني.. فقد قرّب عثمان أقاربه فولاّهم الأمصار وفضّلهم على غيرهم من كبار رجال المسلمين ((حيث حينما قامت الفتوحات، وجاءت الغنائم والفيء، وأصبحت الدولة بحالة غنى وثراء التفت عثمان إلى أقربائه يعطيهم ويتقرب إليهم ويقربهم، وهذا أمر محبب ومطلوب يصل الإنسان رحمه، فهذا اللين لهم قد أطعمهم فيه أيضاً، وولى بعضهم لقدرته على العمل، وكفاءتهم في الإمارة، وقد كان بعضهم صاحب ولاية من قبل عثمان، وقد عرف رضي الله عنه أنه يحب اقرباءه لدرجة كبيرة))... وبسببهم أقصى الكثير من صحابة الرسول.. ويقال أنه أساء إلى رجال كانت لهم يد وسابقة.. وأغضبت هذه التصرفات الكثير من الناس.. وحاولت عائشة كما حاول الآخرون أن يسدوا النصح إلى عثمان، مبينين له فساد ما يتبع من سياسة. فكان يستمع إليهم، ثم لا يلبث أن يغلبه مستشاروه من ذوي رحمه فيعود إلى ما كان ينهج من تصرف.
كان من ذلك أن ازداد غضب الكثيرين عليه. في هذه المرحلة مارست السيدة عائشة حقها في النصح والتسديد وأصبحت زعيمة للمعارضة بلا منازع.
فعندما غضب الخليفة عثمان على عمّار بن ياسر رضي الله عنهما ويقال بأنه ضربه وشتمه.. نددت السيدة عائشة بفعله هذا وقالت على الملأ: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم، وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد. وحينما عزل عثمان عبد الله بن مسعود عن بيت مال الكوفة.. ونال منه وشتمه.. غضبت عائشة وقالت: أي عثمان، أتقول هذا لصاحب رسول الله..؟
وولىّ عثمان على الكوفة أخاه من أمه الوليد بن عقبة، فبرم به أهلها وكرهوه، وأتى وفد منهم إلى عثمان يشكونه..
وحدث أمر مشابه مع ولاة عثمان في مصر والبصرة.. وفي كل ذلك كانت السيدة عائشة تعلن رأيها صراحة على الملأ.. تندد بالخطأ، وتأخذ جانب أصحاب رسول الله، وتطالب عثمان التزام جانب الصواب..
وفي أوج الأزمة حضرت وفود من البصرة والكوفة ومصر، وحاصرت المدينة وهم يطالبون بخلع الخليفة أو قتله.
وبعث عثمان بعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما يستمع إلى شكايتهم، ويعدهم بإزالة أسبابها. وقام علي بمهمته خير قيام. فانصرف القوم وهم راضون مطمئنون.
ولم يمض على هذا الأمر غير أيام قليلة حتى عاد الثائرون، فحاصروا المدينة من جديد، فقد اكتشفوا أن كتابا ممهورا بخاتم عثمان أرسل إلى والي مصر يطالبه بقتل هؤلاء بمجرد عودتهم.. وانفجر الموقف.. بين خليفة لا علم له بالكتاب.. وبين شكوك حامت حول مروان بن الحكم مستشاره وحامل ختمه.. وبين ثوار لم يعودوا يرضون بغير خلع الخليفة أو قتله..
في هذه الظروف تأهبت نساء النبي ومعهن السيدة عائشة لمغادرة المدينة إلى مكة يبغين الحج.. ولربما للبعد عن هذه الفتنة التي تعصف بالخلافة والخليفة.
وحملت الأخبار إلى مكة نبأ مقتل الخليفة عثمان...
تأثر الناس لهذا الحدث الجلل وأنكره جميع الصحابة بلا استثناء ومنهم بالطبع أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها.. فالمعارضة ونصح الحاكم شيء والاعتداء المسلح على الخليفة شيء آخر.. الأسلوب الأول واجب شرعي يقوم به كل مسلم، والأسلوب الثاني خروج على الله ورسوله وخليفته. وكما كانت عائشة تطالب عثمان بالاستقامة على منهج رسول الله في سياسته.. فهي اليوم تطالب بالضرب بيد من حديد على أيدي الجناة القتلة.. وعندما سئلت في هذا قالت: رأيتهم استتابوه، فلما تاب، قتلوه وهو صائم في الشهر الحرام، والبلد الحرام، وأخذوا المال الحرام.. والله لأصبع عثمان خير من طباق الأرض من أمثالهم..
• هذا الموقف، فهمه بعضهم على أن عائشة غيّرت موقفها من عثمان.. وهو فهم غريب.. فعائشة العالمة الفقيهة تفرق بين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وبين قتل رجل صحابي جليل وخليفة عظيم مثل عثمان.
• وفهم البعض أيضا أن عائشة هي التي أوقدت نيران الحرب بين المسلمين أنصار علي الذي بويع بالخلافة وأنصار عثمان الذين يطالبون بمحاكمة ومقاضاة القتلة..
أما عائشة فقد أعلنت بأبلغ بيان.. بأنها إنما خرجت للإصلاح بين الناس، (وأرجو فيه الأجر إن شاء الله).
• وتعرضت السيدة عائشة إلى أقوال كثيرة.. كلها كذب وافتراء.. فقد نسبوا إليها القول: اقتلوا نعثلا فقد كفر.
• وذكر البلاذري أن السيدة عائشة قالت حين قتل عثمان: تركتموه كالثوب المنقى من الدنس ثم ذبحتموه كما يذبح الكبش.. أجابها مسروق: هذا عملك: كتبتِ للناس تأمرينهم بالخروج إليه، فقالت السيدة: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت بسواد في بياض حتى جلست في مجلسي هذا. قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها.

لقد جانب الصواب الرجل الغيور الأديب سعيد الأفغاني في كتبه الكثيرة التي كتبها عن السيدة عائشة:
عائشة والسياسة، الإسلام والمرأة.. وعلى الرغم من إعجابه الشديد بعظمة وفقه وبيان السيدة.. إلا أنه نعى عليها أن تتدخل في السياسة فهي وظيفة الرجل وحده.. لقد أخطأ الرجل مرتين:
1- مرة عندما حمّلها مسؤولية الحرب.. وإنما دخلتها للإصلاح.. ولم يفرق بين إصلاح بالكلمة.. وخروج على الخلافة بالسيف.
2- والمرة الثانية عندما تصور أن العمل السياسي وقف على الرجل وحده.. وهذا وهم وانهزام أمام الفكر الغربي.. الذي أعطى المرأة حقها السياسي.. فقال بعضهم ومنهم الأفغاني.. إنه ليس للمرأة حق في العمل السياسي.
وأخيرا.. فهذه بإيجاز كلمات عن السيدة العظيمة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر أحب الناس إلى قلب رسول الله.. أحبها.. ونزل عليه الوحي في بيتها.. ودفن في حجرتها.. وتركها منارة للناس تعلمهم.. وللكبار تصوبهم.. وللخلفاء تنصح لهم بالحكمة والموعظة الحسنة.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp

محبة عائشة
11-26-2007, 08:03 PM
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/59.gif

(4)
حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها

عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنهما حين تأيّمت حفصة من خنيس بن حذافة السهمي لقي عثمان رضي الله عنه فقال: إن شئتَ أنكحتك حفصة، قال: سأنظر في أمري، فلبث ليالي فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج، قال عمر: فقلت لأبي بكر رضي الله عنه: إن شئت أنكحتك حفصة، فصمت، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدتَ عليّ حين عرضت عليّ حفصة فلم أرجع إليك شيئا، قلت: نعم، قال: إنه لم يمنعني أن أرجع إليك إلا إني علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها، فلم أكن أفشي سره، ولو تركها لقبلتها(البخارى والنسائى).
وحفصة هي بنت عمر بن الخطاب.. أرملة الصحابي الجليل (خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي القرشي)، من أصحاب الهجرتين: هاجر إلى الحبشة مع المهاجرين الأولين ثم هاجر إلى المدينة، وكان الوحيد من بني سهم الذي شهد إلى جانب رسول الله بدرا.. وجرح في أحد.. ثم مات في دار الهجرة متأثرا بجراحه، وترك وراءه أرملته الشابة.
والمرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي عندما تترمل لا تنتهي حياتها كما يحدث في بعض المجتمعات الجاهلة.. حيث تصبح جزءا من المتاع يتوارثه أقرباء الزوج في بعض البلاد.. أو يصبح حتما عليها أن تتزوج من شقيق الزوج أو من يرضاه لها في بلاد أخرى.. وحتى إذا أرادت أن تتزوج وسُمح لها بذلك فلن تجد إلا الرجال من الدرجة الثانية.. فكلهم يرغبون المرأة البكر الصغيرة.. أما الإسلام.. فقد طالب المرأة أن تستأنف حياتها من جديد، مرة بعد أخرى حتى لا تضيع في دائرة العُقد والحرمان.. وضرب المثل في ذلك قائد الأمة.. فعندما ترملت حفصة واستشهد زوجها في سبيل الله، قال رسول الله: يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة، ويضمها النبي إليه فتقر عينها، ويرضي هذا التصرف والدها الذي بذل الكثير في سبيل تدعيم الدين الجديد. وتنضم بذلك حفصة الشابة التقية الورعة إلى بيت النبوة لتصبح أما للمؤمنين.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
حلف الضرائر

دخلت حفصة بيت النبي وفيه سودة وعائشة..
أما سودة فقد كانت امرأة كبيرة السن.. علمت منذ دخولها البيت النبوي أن حظها من رسول الله بر ورحمة وإكرام.. وأما عائشة فقد كانت الصبية الجميلة الأثيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.. والتي تحاول أن تستأثر وحدها بحبه وقلبه..
وتناست عائشة ما كانت تجد من ضرتها حفصة، بعد أن وفدت على بيت النبي أزواج جديدات.. وحاولت أن ترى فيها أقرب ضرائرها إليها، وأجدرهن بأن تقف معها في وجه الخطر المشترك. رضيت حفصـة من جانبها بهذا الحلف.. فلم يكن بين نساء النبي الأخريات أقرب إليها من عائشة.
(لقد جعلَ اللهُ حياة النبي الخاصة والعامة كتابا مفتوحا لأمته وللبشرية كلها، تقرأ فيه صورة العقيدة، وترى فيه تطبيقاتها الواقعية، ومن ثم لا يجعل فيها سرا مخـبوءا، ولا سترا مطويا، بل يعرض جوانب كثيرة منها في القرآن، ويكشف منها ما يطوى عادة عن الناس في حياة الإنسان العادي. حتى مواضع الضعف البشري الذي لا حيلة فيه لبشر.
إنه ليس له في نفسه شيء خاص. فهو لهذه الدعوة كله. فعلام يختبئ جانب من حياته صلى الله عليه وسلم أو يخبأ؟ إن حياته هي المشهد المنظور القريب الممكن التطبيق من هذه العقيدة، وقد جاء صلى الله عليه وسلم ليعرضها للناس في شخصه، وفي حياته، كما يعرضها بلسانه وتوجيهه. ولهذا خلق. ولهذا جاء. ولقد حفظ عنه أصحابه صلى الله عليه وسلم ونقلوا للناس بعدهم أدق تفصيلات هذه الحياة. فلم تبق صغيرة ولا كبيرة حتى في حياته اليومية العادية، لم تسجل ولم تنقل.. وكان هذا طرفا من قدر الله في تسجيل حياة هذا الرسول، أو تسجيل دقائق هذه العقيدة مطبقة في حياة الرسول. فكان هذا إلى جانب ما سجله القرآن الكريم من هذه الحياة السجل الباقي للبشرية إلى نهاية الحياة.
قال تعالى: )يا أيها النبي لم تحرّم ما أحلّ اللهُ لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم، قد فرض اللهُ لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم، وإذ أسرّ النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير. إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير، عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا) (التحريم).
تعرض هذه السـورة صفحـة مـن الحياة البيتية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصورة من الانفعالات والاستجابات الإنسانية بين بعض نسائه وبعض، وبينهّن وبينه! وانعكاس هذه الانفعالات والاستجابات في حياته صلى الله عليه وسلم وفي حياة الجماعة المسلمة كذلك.. ثم في التوجيهات العامة للأمة على ضوء ما وقع في بيوت رسول الله وبين أزواجه..
الحادث الذي نزلت بشأنه هذه السورة وردت فيه روايات متعددة.. منها أن النبي صلى الله عليه وسلم خلا يوما بجاريته (مارية القبطية) في بيت حفصة.. فآلمها ذلك وقالت للنبي: (والله لقد سببتني، وما كنت لتصنعها لولا هواني عليك) واستعبرت باكية..
وأقبل عليها يترضاها بأن أسرّ إليها أن مارية حرام عليه، ثم أوصاها أن لا تحدث أحدا بما كان.. ورضيت حفصة.. ولكن فرحتها كانت أكبر من أن تستطيع كتمانها.. فأسرّت بالسرّ إلى عائشة.. ولم تقدّر حفصة وهي تذيع السر لعائشة، عواقب هذا الإفشاء..
هذا الحديث عن تحريمه صلى الله عليه وسلم مارية على نفسه، وإفشائها السر لعائشة وتظاهرهما على النبي هو المتداول في كتب الفقه، وهو متداول أيضا في كتب التفسير. وفي الصحيحين رواية أخرى مختلفة.
في هذا السياق، يقال إن رسول الله طلّق حفصة تطليقة واحدة، وفي رواية أن جبريل تدخل وقال للنبي: أرجع حفصة، فإنها صوّامة، قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة.. كان من الطبيعي أن يكون إحساس حفصة بالندم أوفر من إحساس أمهات المؤمنين الأخريات، وشعورها بالخطأ أفدح من شعورهن. فما كان لها وهي التقية العابدة، أن تذيع سرا ائتمنها عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن تخلف ما وعدت به من كتمان، ولا كان لها أن تلقى ترضيته لها، وإكرامه إياها، بمثل ذاك الجحود والنكران.
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
جمع المصحف وحفظه

أشار عمر بن الخطاب على الخليفة أبي بكر رضي الله عنهما أن يبادر إلى جمع القرآن الكريم، قبل أن يبعد العهد بنزوله، ويمضي حفظته الأولون، وقد استشهد منهم مئات في حروب الردة.
واستجاب أبو بكر بعد تردد.. وجمع المصحف الكريم وأودعه عند أم المؤمنين حفصة بنت عمر..
وفي عهد عثمان رضي الله عنه تم توحيد حرف المصحف ورسمـه.. من المصحف المجمـوع المـودع لدى حفصة.. ونسخت من المصحف العثماني الإمام، نسخ وزعت على الأمصار..
استمرت الصلة قوية بين السيدة حفصة وعائشة..
وكادت تخرج معها للإصلاح بين الناس فيما سمّي فيما بعد بحرب الجمل.. لولا أن ردّها أخوها عبد الله بن عمر..
شهدت حفصة بنت عمر رضي الله عنها.. وفاة النبي وخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وأقامت بالمدينة عاكفة على العبادة قوامة صوّامة إلى أن توفيت في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عنه، وشيعتها المدينة إلى مثواها بالبقيع مع أمهات المؤمنين رضي الله عنهنّ..
http://way2allah.knoz4arab.com/telawah/new//hor3en-way2allah/azaz/image/fawasel/7.bmp
مواقفها السياسية

ولحفصة أم المؤمنين مواقف مشهودة، تدلّ على عمق فهمها ووعيها لمجريات الأمور..
• فعندما تعرض الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمحاولة الاغتيال.. راجعه المسلمون بأن يستخلف لهم.. كان عمر مترددا وهو يقول: إن أستخلف فقد استخلف أبو بكر، وإن لم أستخلف فإن رسول الله لم يفعل..
وعندما علمت حفصة بموقفه.. أصرّت على أخيها عبد الله بأن يكلمه وينقل له رأيها بضرورة الاستخلاف..
كانت تخاف الفتنة..!
• وعندما بايع سيدنا الحسن معاوية بالخلافة.. وطوى سيدنا الحسن شراع الفتنة.. فرح المسلمون بهذا النصر. ولم يخرج عبد الله بن عمر رضي الله عنه ليشارك إخوانه فرحتهم.. فأصرت عليه حفصة أن يخرج.. وبقيت وراءه حتى أقنعته وخرج.. كانت تخاف الفرقة..!
• كان سيدنا عمر رضي الله عنه يستشيرها في كثير من الأمور التي تتعلق بحياة النبي البيتية.. يسألها ويقول لها معتذرا: إن الله لا يستحي من الحق.
لقد كانت حفصة ورعة تقية عالمة.. تشغلها هموم المسلمين ومصلحتهم.

مع الله
12-01-2007, 09:27 PM
http://abeermahmoud2006.jeeran.com/545-waiting.gif

أم هارون السلفية
08-05-2008, 10:08 AM
ما شاء الله
رااااائع يا غالية
جزيتِ الجنة
مثبت...

السلفية المصرية
08-06-2008, 02:34 AM
جزيتى الجنة محبة عائشة
حشرنى الله واياك و جميع المسلمات مع امهات المؤمنين فى جنات النعيم

أم عمر السلفية
08-16-2008, 06:27 AM
جزاكى الله خيرا يا غالية

بارك الله فيكى

:a7bak: