المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنبيه الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- على قول البعض: فلان شهيد


أم مُعاذ
03-24-2010, 03:07 PM
تنبيه الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- على قول البعض: فلان شهيد

السؤال:
أيضًا المستمع صابر من السودان؛ يقول -في هذا السؤال-: هل يدخل في إطار الشهداء الغريق والحريق والمرأة التي ماتت في حالة الوضع، وما الدليل؟

الجواب:
الشيخ: نعم هؤلاء يدخلون في الشهداء؛ لأن السُنّة وردت بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن شهادتهم لا تساوي شهادة المقتول في سبيل الله؛ فإن المقتول في سبيل الله لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه؛ وإنما يدفن في ثيابه التي قُتِلَ فيها بدون صلاة، ويبعث يوم القيامة وجرحه يثلم دمًا؛ اللون لون الدم والريح ريح المسك، وهذا لا يحصل للشهداء الذين جاءت بهم السُنَّة، ولكنهم يحصلون على أجرٍ عظيم؛ إلا أنهم لا يساوون الشهيد المقتول في سبيل الله من كل وجه.

وإنني في هذه المناسبة أود أن أنبه على مسألةٍ شاعت أخيرًا بين الناس؛ وهي أن كل إنسانٍ يُقتل في الجهاد يصفونه بأنه شهيد؛ حتى وإن كان قد قُتِلَ عصبية وحمية، وهذا غلط؛ فإنه لا يجوز أن تشهد لشخصٍ بعينه أنه شهيد حتى وإن قتل في الجهاد في سبيل الله؛ لأن هذا أمرٌ لا يُدْرَك، فقد يكون الإنسان مريدًا للدنيا وهو مع المجاهدين في سبيل الله، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مكلومٍ يكلم في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا اللون لون الدم والريح ريح المسك)
فقوله صلى الله عليه وسلم: (والله أعلم بمن يكلم في سبيله) يدل على أننا نحن لا نعلم ذلك، وقد ذكر البخاري -رحمه الله- هذا الحديث تحت ترجمة: بابٌ: "لا يقال فلانٌ شهيد"، وذكر صاحب الفتح ذكر عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: "إنكم تقولون فلانًا شهيد، وفلانٌ شهيد، ولعله يكون قد أوقر راحلته -يعني: قد غل في سبيل الله من المغانم؛ يعني أنه قد غل من المغانم؛ يعني: فلا تقولوا ذلك-؛ ولكن قولوا: من قُتِلَ في سبيل الله أو مات فهو شهيد". وصدق -رضي الله عنه-؛ فإنَّ الشهادة للمقتول بأنه شهيد تكون على سبيل العموم؛ فيُقال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، وما أشبه ذلك من الكلمات العامة.
أما الشهادة لشخصٍ بعينه أنه شهيد؛ فهذا لا يجوز إلا لمن شَهِدَ له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم -حين صعد على الجبل هو وأبو بكر وعمر وعثمان فارتج بهم-؛ قال: (اثبت أحد فإنما عليك نبيٌ وصديقٌ وشهيدان)
وإذا كان من عقيدة أهل السنة والجماعة أنه لا يُشهد لأحدٍ بعينه بالجنة إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكذلك لا يُشهد لأحدٍ بعينه أنه شهيد؛ لأن من لازم الشهادة له بأنه شهيد؛ أن يكون من أهل الجنة. نعم.

فتاوى نور على الدرب
الشيخ: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
الرابــــط (http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_4175.shtml)

أم مُعاذ
03-24-2010, 03:08 PM
تنبيه الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- على عبارتين مخالفتين

وأحب أن أنبه هنا على كلمة يُطلقها بعض الناس، قد يريدون بها خيرًا، وقد يُطلقها بعض الناس يريدون بها شرًا؛ وهي قولهم: "إن الدين الإسلامي دين المساواة"؛ فهذا كذب على الدين الإسلامي؛ لأن الدين الإسلامي ليس دين مساواة، الدين الإسلامي دين عدل، وهو إعطاء كل شخص ما يستحق، فإذا استوى شخصان في الأحقية؛ فحين إذا يتساويان فيما يترتب على هذه الأحقية.
أما مع الاختلاف فلا، ولا يمكن أن يُطلَق على أنَّ الدين الإسلامي دين مساواة أبدًا؛ بل إنه دين العدل؛ لقول الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}. [النحل: 90]
هذه الكلمة: "الدين الإسلامي دين المساواة"، قد يطلقها بعض الناس ويريد بها شرًا؛ فمثلاً: يقول: لا فرق بين الذكر والأنثى الدين دين مساواة، الأنثى أعطوها من الحقوق مثل ما تعطون الرجل ...
لماذا؟ لأن الدين الإسلامي دين المساواة؛ الاشتراكيون يقولون: الدين دين مساواة، لا يمكن، هذا غني جدًا، وهذا فقير جدًا، لابد أن نأخذ من مال الغني ونعطي الفقير؛ لأن الدين دين المساواة؛ فيريدون بهذه الكلمة شرًا.
ولما كانت هذه الكلمة قد يُراد بها خير، وقد يُراد بها شر؛ لم يوصف الدين الإسلامي بها؛ بل يوصف بأنه دين العدل، الذي أمر الله به: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90]
ما قال: بالمساواة، ولا يمكن أن يتساوى اثنان أحدهما أعمى، والثاني بصير، أحدهما عالم والثاني جاهل، أحدهما نافع للخلق والثاني شرير، لا يمكن أن يستوون.
العدل الصحيح: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90]؛ لهذا أحببت التنبيه عليها؛ لأن كثيرًا من الكتاب العصريين أو غيرهم، يطلق هذه الكلمة ولكنه لا يتفطن لمعناها، ولا يتفطن أن الدين الإسلامي لا يمكن أن يأتي بالمساواة من كل وجه مع الاختلاف أبدًا، لو أنه حكم بالمساواة مع وجود الفارق؛ لكان دينًا غير مستقيم.
فعلى المسلم ألا يسوِّي بين اثنين بينهما تضاد أبدًا؛ لكن إذا استووا من كل وجه؛ صار العدل أن يعطي كل واحد منهما ما يعطي الآخر.
وعلى كل حال فهذه الكلمة ينبغي لطالب العلم أن يتفطن لها، وأن يتفطن لغيرها أيضًا من الكلمات التي يطلقها بعض الناس، وهو لا يعلم معناها، ولا يعلم مغزاها.

ومن ذلك أيضًا قول بعضهم: "اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه"
هذه كلمة عظيمة لا تجوز، لا أسألك رد القضاء؟! وقد قال النبي: ((لا يرد القضاء إلا الدعاء))، الدعاء لا يرد القضاء؛ لكن من أثر الدعاء إذا دعوت الله –تعالى- بكشف ضر؛ فهذا قد كتب في الأزل في اللوح المحفوظ، أن الله تعالى يرفع هذا الضر عنك بدعائك؛ فكله مكتوب.
وأنت إذا قلت: لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه؛ كأنك تقول: ما يهمني ترفع أو لا ترفع؛ لكن الإنسان يطلب رفع كل ما نزل به؛ فلا تقل: اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه؛ قل: اللهم إني أسألك العفو والعافية، اللهم اشفني من مرضي، اللهم أغنني من فقري، اللهم اقض عني الدين، اللهم علمني ما جهلت، وما أشبه ذلك.
أما لا أسألك رد القضاء؛ فالله -تعالى- يفعل ما يشاء، ولا أحد يرده؛ لكن أنت مفتقرٌ إلى الله، أما هذا الكلام لا أصل له، ولا يجوز؛ بل قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، -وهي أهون من: اللهم لا أسألك رد القضاء- لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، وليعزم المسألة؛ فإن الله تعالى لا مكره له، وفي لفظ: فإن الله لا يتعاظمه شيء)).
وأرجو منكم حين جرى التنبيه على هاتين الكلمتين: "الدين الإسلامي دين المساواة"، "واللهم لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه"، إذا سمعتم أحدًا يقول ذلك؛ أن تنبهوه، وتتعاونوا على البر والتقوى، وأكثر ما في القرآن العزيز هو نفي الاستواء، لم يأت ذكر الاستواء إلا في مواطن قليلة؛ مثل قوله تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} [الروم: 98]؛ فالمراد: نفي المساواة {هَلْ لَكُمْ} هذا الاستفهام بمعنى النفي؛ هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء؟ والجواب: لا. إذًا فالمراد نفي المساواة.
وعلى كل حال فإني أنصح وأريد منكم إذا سمعتم أحدًا يقول هذا؛ فقل له: لا ليس دين المساواة؛ بل هو الدين العدل؛ فهو إعطاء كل واحد ما يستحق.
والقول الآخر لا أسألك رد القضاء ...
هذا كلام لغو من يرد القضاء؛ لكن من قضاء الله: أن يرفع عنك المرض، أو يرفع عنك الجهل.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في ديننا، وألا يجعلنا إمعة نقول ما يقول الناس، ولا ندري ما نقول. والله الموفق.


المصدر: شرح رياض الصالحين
كتاب الجهاد