المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤالين من فضلكم


المشتاق لرؤيه المصطفى
03-12-2010, 08:18 PM
اولا : عن الصلاه فى المساجد يوم الجمعه , ومع تزاحم المصلين فى هذا اليوم يضطر البعض للصلاه فى اى مكان خارج المسجد (فما هو حكم من يصلى أمام حمام المسجد )بحيث لو سجد سيكون ساجد اما باب حمام المسجد مباشرة بينة وبين الباب لا يتعدى 30 سم ) ؟؟

حامل الإجابات
03-24-2010, 12:54 AM
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِى ، نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ ، وَأُحِلَّتْ لِىَ الْغَنَائِمُ ، وَكَانَ النَّبِىُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً ، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ » متفق عليه واللفظ للبخاري.
هذا الحديث أصل في بيان لأن الأصل في الأرض الطهارة، وأننا لا ننتقل عن هذا الأصل إلا بدليل، قال السعدي في قواعده:
والأصل في مياهنا الطهارة *** والأرض والثياب والحجارة.
والقاعدة: أن اليقين لا يزول بالشك.
وقد استثنى الله سبحانه وتعالى من هذا الأصل أشياء وردت بها بعض النصوص، كالنهي عن الصلاة في معاطن الإبل، وغير ذلك، فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " نهى أن يصلى في سبع مواطن: المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله تعالى" رواه الترمذي.
وقال حافظ بن أحمد الحكمي ـ رحمه الله ـ في السبل السوية في فقه السنن المروية:
وكل ظهر الأرض مسجد لنا *** فضيلة خُص بها نبيُّنا
واسْتثنينْ ما النهي عنه قد نُقل *** من ذاك حمام وأعطان الإبل
قارعة الطريق ثم المقبُرة *** ومثلها مَزْبلة ومجزرة
كذاك فوق ظهر بيت الله *** وكل ما صح من المناهي.
وبناء على ما ذكرنا لا يجوز لأحد أن ينهى أحدا عن الصلاة في أي مكان إلا إذا تعلق به نهي، أو كان المكان نجسا، فإذا كان صاحب السؤال يعلم نجاسة المكان الذي يصلي فيه؛ فلا يجوز له أن يصلي فيه جمعة ولا غيرها، إلا إذا اضطر إلى ذلك، بخشية فوات وقت الصلاة، فإنه يصلى على حسب حاله.
سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : عَنْ الْحَمَّامِ إذَا اُضْطُرَّ الْمُسْلِمُ لِلصَّلَاةِ فِيهَا , وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ الْجَوَابُ : إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَخْرُجَ وَيُصَلِّيَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ , فَإِنَّهُ يَغْتَسِلُ , وَيُصَلِّي بِالْحَمَّامِ ; فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْوَقْتِ أَوْلَى مِنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ فِي غَيْرِهَا وَلِهَذَا لَوْ حُبِسَ فِي الْحُشِّ (مكان قضاء الحاجة وهو الخلاء) صَلَّى فِيهِ , وَفِي الْإِعَادَةِ نِزَاعٌ . وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ : وَلِهَذَا يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ عُرْيَانًا , إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا كَذَلِكَ . وَأَمَّا إنْ أَمْكَنَهُ الِاغْتِسَالُ وَالْخُرُوجُ لِلصَّلَاةِ خَارِجَ الْحَمَّامِ فِي الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ , وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْكَنَهُ الِاغْتِسَالُ فِي بَيْتِهِ , فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي الْحَمَّامِ إلَّا لِحَاجَةٍ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ينظر: الفتاوى الكبرى (2/57).
ولا شك أن الجمعة تفوت بانتهاء صلاة الإمام، فتكون الصلاة في المكان المذكور جائزة إذا لم يجد مكانا غيره للضرورة، لكن على المضطر في مثل هذه الحالة أن يُطهِّر المكان إذا كان نجسا قبل صلاته وأمكنه ذلك، أو يضع حائلا سميكا يصلي عليه، علما بأن هذا المكان لم يُعد لقضاء الحاجة بل هو طريق إليها، ولا أقل من أن يُلحق في حكمه بالحمَّام (المكان المعد للاستحمام فقط، أما ما يُعد لقضاء الحاجة فهو الخلاء).
وقد اختلف العلماء في حكم الصلاة في الحمام، فذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ , وَالشَّافِعِيَّةُ , وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَمَّامِ صَحِيحَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ نَجَسًا , لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام : { جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا } وَفِي لَفْظٍ : { أَيْنَمَا أَدْرَكَتْك الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ } . وَلِأَنَّهُ مَوْضِعٌ طَاهِرٌ فَصَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ كَالصَّحْرَاءِ . وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَهِيَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَمَّامِ لَا تَصِحُّ بِحَالٍ , لِقَوْلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم : { الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْحَمَّامَ وَالْمَقْبَرَةَ } رواه أحمد والترمذي بسند صحيح, وَلِأَنَّهُ مَظِنَّةُ النَّجَاسَاتِ , فَعَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ دُونَ حَقِيقَتِهِ . وَيُصَلَّى فِيهِ لِعُذْرٍ , كَأَنْ حُبِسَ فِيهِ , وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ , ثُمَّ لَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ وَلَوْ زَالَ الْعُذْرُ فِي الْوَقْتِ وَخَرَجَ مِنْهَا , لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ . وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ فِي الْحَمَّامِ بَيْنَ مَكَانِ الْغُسْلِ وَصَبِّ الْمَاءِ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُنْزَعُ فِيهِ الثِّيَابُ, وَكُلُّ مَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ بَابُ الْحَمَّامِ , لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُ .
وَفِي الصَّلَاةِ إلَى الْحَمَّامِ قَالَ مُحَمَّدٌ : أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ إلَى الْحَمَّامِ , ثُمَّ تَكَلَّمَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ هَذَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَائِطَ الْحَمَّامِ , وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الْمَحَمُّ (وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُصَبُّ فِيهِ الْحَمِيمُ, وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ), لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ الْأَنْجَاسِ . وَاسْتِقْبَالُ الْأَنْجَاسِ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ . وَأَمَّا إنْ اسْتَقْبَلَ حَائِطَ الْحَمَّامِ فَلَمْ يَسْتَقْبِلْ الْأَنْجَاسَ وَإِنَّمَا اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ وَالْمَدَرَ , فَلَا يُكْرَهُ.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: والأصح أن سبب النهي كونه (أي الحمام) مأوى الشياطين فتكره كراهة تنزيه وتصح الصلاة.

والخلاصة: أن الصلاة في المكان المذكور جائزة بالقيود التي ذكرناها آنفا، والله أعلم.
أجاب عليه فضيلة الشيخ علي ونيس