المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تعرض المرأة نفسها علي الطبيب الرجل ؟


أم العلاء السلفية
01-05-2010, 07:40 PM
هل تعرض المرأة نفسها على الطبيب الرجل ؟

الحمد لله الكبير المتعال وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وصحبه والآل ، وبعد :
كرم الإسلام المرأة وحفظ عليها عفتها وكرامتها وصانها من نظر كل رجل أجنبي عنها .
وقد اشترط الإسلام لخروج المرأة أمام الرجال ستر جميع عورتها ، و العورة في اللغة : من العور : وهو النقص والعيب والقبح كما في لسان العرب والقاموس المحيط .
، وفي الاصطلاح : تطلق العورة على ما يجب ستره في الصلاة وعلى ما يحرم النظر إليه كما جاء في مغي المحتاج للخطيب الشربيني .
وعورة المرأة على المذاهب الأربعة جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها ، وفي رواية على مذهب الإمام أحمد جميع بدنها عورة .
ولكن الفقهاء الذين قالوا إن الوجه ليس بعورة قالوا إن خشي من إظهاره فتنة أو كانت جميلة بحيث يفتتن من رأى وجهها فإنه يشرع لها ستره .
قال تعالى : " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن " سورة النور آية 31 .
دلت هذه الآية على وجوب ستر زينة المرأة إلا ما ظهر منها ، وما سوى ذلك فإنه ينبغي ألا يظهر .
وقد أفادت هذه الآية بوجوب ضرب الخمار على الجيب يعني على النحر والصدر حيث أنهن في الجاهلية الأولى كانت الواحدة منهن تجعل خمارها على رأسها ولا تشده ، فيواري قلائدها وقرطها وعنفها ويبدو ذلك كله منها ، وذلك التبرج المنهي عنه .
وقال تعالى : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ً " سورة الأحزاب آية 59 .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآيةيقول تعالى آمرا ً رسوله صلى الله عليه وسلم تسليما ً أن يأمر النساء المؤمنات ـ خاصة أزواجه وبناته لشرفهن ـ بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء ، والجلباب هو الرداء فوق الخمار قاله ابن مسعود وغيره .
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أم عطية قالت : أمرنا أن نخرج فنخرج الحيض والعواتق وذوات الخدور فأما الحيض فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزلن مصلاهم ، وفي رواية أن امراة قالت يا رسول الله : على إحدانا بأس ـ إذا لم يكن لها جلباب ـ ألا تخرج ، فقال : لتلبسها صاحبتها من جلبابها ، فيشهدن الخير ودعوة المؤمنين .
والعواتق : جمع عاتق وهي الجارية البالغة ، والخدور : البيوت .
وقد دل الحديث على وجوب لبس الجلباب للمرأة إذا خرجت من بيتها وأنها لا تعذر في الخروج بدون جلباب إذا لم تكن تملك الجلباب ، وقد علق الإمام ابن حجر على هذا الحديث في شرحه لصحيح البخاري بقوله : وفيه استحباب إعداد الجلباب المرأة .
و عن عائشة رضي الله عنها قالت : يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بها رواه البخاري كتاب التفسير تفسير سورة النور باب وليضربن بخمرهن على جيوبهن .
والمروط : جمع مرط ، وهو : الإزار .
وقد دل هذا الأثر على فضل وشرف النساء الأول ؛ فإنهن كن قبل ذلك يلقين الخمار خلفهن من على رؤسهن ، فلما نزلت آية الحجاب ضربن الخمر على نحورهن وصدورهن .
وهذا الدليل على الخمار مع الأدلة قبله على الجلباب يدل على استيعاب تغطية العورة بالنسبة للمرأة .
لكن قد يعرض للمرأة مرض تضطر معه للكشف عن جسدها أمام امرأة مثلها من أجل التشخيص أو العلاج .
وهذا جائز بقدر الحاجة فقط كما نص عليه الفقهاء .
فإذا تعذر وجود امرأة فهل لها أن تكشف أمام طبيب رجل ؟
نعم بالشرط السابق : أن يكون الكشف بقدر الحاجة فقط كما سيتضح من كلام الفقهاء قريبا إن شاء الله .
وقد كانت النساء تخرج لمداوة الرجال في الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل الضرورة وبضوابط شرعية أيضا .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى . رواه مسلم في صحيحه.
قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ تعليقا على هذا الحديث : فيه خروج النساء في الغزو والانتفاع بهن في السقي والمداواة ونحوهما وهذه المداواة لمحارمهن وأزواجهن ، وما كان منها لغيرهم لا يكون فيه مس بشرة إلا في موضع الحاجة .
وعن أم عطية ـ رضي الله عنها ـ قالت : غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى . رواه مسلم .

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة . رواه مسلم في صحيحه .

و عن الربيع بنت معوذ ـ رضي الله عنها ـ قالت : كنا نغزو مع النبي r فنسقي القوم ونخدمهم ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة . رواه البخاري في صحيحه .

وقد بينت هذه الأحاديث جواز اشتغال المرأة بالطب والتمريض حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهن على ذلك ، وفيها أيضا معالجة المرأة للرجل في حالة الضرورة .
قال الإمام ابن حجر رحمه الله في تعليقه على الحديث المتقدم : فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة .

وعليه فإن فقهاء الإسلام أجازوا للمرأة أن تكشف قدر الحاجة للطبيب الرجل إذا تعذر وجود امرأة تداوي .

جاء الهداية في كتاب الهداية في الفقه الحنفي: ويجوز للطبيب أن ينظر إلى موضع المرض منها للضرورة ، وينبغي أن يعلم امرأة مداوتها لأن نظر الجنس إلى الجنس أسهل .

وقد حفلت كتب المالكية بالحديث عمل المرأة بالطب والتمريض حتى تحدثت عن أجر القابلة وعن نظر المرأة من أجل المداواة حتى اعتبروا نظر المرأة للرجل أخف من نظر الرجل للمرأة كما في بداية المجتهد لابن رشد مثلا .

و جاء في كتاب مغني المحتاج في الفقه الشافعي : أما عند الحاجة فالنظر والمس مباحان لفصد وحجامة وعلاج ولو في فرج للحاجة الملجئة إلى ذلك ، لأن في التحريم حينئذ حرجا ، فللرجل مداواة المرأة وعكسه ، وليكن ذلك بحضرة محرم أو زوج أو امرأة ثقة إن جوزنا خلوة أجنبي بامرأتين وهذا هو الراجح 000 ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك من امرأة وعكسه 000 ، وفي معنى الفصد والحجامة نظر الخاتن إلى فرج من يختنه ونظر القابلة إلى فرج التي تولدها .

كذلك تحدثت كتب الحنابلة عن خروج المرأة للتمريض وعن أجرة الداية ونحوه كما في كشاف القناع لمنصور البهوتي مثلا مما يؤكد أن المرأة تداويها امرأة مثلها إلا إذا تعذر .

، وقد أكد ذلك صدور قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الثامن حيث بين أن الأصل أن تعالج المرأة امرأة مثلها ، ويمكن القبول بمعالجة رجل للمرأة من باب الضرورة ، وحتى لا نقع في تلك الضرورة فعلى نساء المسلمين تعلم هذا العلم وكفاية الأمة لحاجتها ، وسوف أنقل القرار بنصه لأهميته ولما اشتمل عليه من توصية للسلطات الصحية على بذل جهودها لتشجيع النساء على الانخراط في مجال العلوم الطبية .

نص القرار :
قرار رقم : 85 / 12 / د 8

بشأن مداواة الرجل للمرأة

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سري بجاون ، بروناي دار السلام من 1 محرم إلى 7 محرم 1414 هـ الموافق 21 ـ 27 يونيو 1993 م .
بعد اطلاعه على البحوث الوارده إلى المجمع بخصوص ( مداواة الرجل للمرأة ) .
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله قرر ما يلي :
1 ـ الأصل أنه إذا توافرت طبيبة متخصصة وجب أن تقوم بالكشف على المريضة ، وإذا لم يتوافر ذلك فتقوم بذلك طبيبة غير مسلمة ثقة ، فإن لم يتوافر ذلك يقوم به طبيب مسلم ، وإن لم يتوافر طبيب مسلم يمكن أن يقوم مقامه طبيب غير مسلم على أن يطلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته ، وألا يزيد عن ذلك ، وأن يغض الطرف قدر استطاعته ، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه بحضور محرم أو زوج أو امرأة ثقة خشية الخلوة .
2 ـ يوصي المجمع أن تولي السلطات الصحية جل جهدها لتشجيع النساء على الانخراط في مجال العلوم الطبية والتخصص في كل فروعها ، وخاصة أمراض النساء والتوليد نظرا ً لندرة النساء في هذه التخصصات الطبية حتى لا نضطر إلى قاعدة الاستثناء .
والله أعلم .
كتبها من يرجو عفو ربه /
أيمـــن ســـــــامي
المشرف العام على موقع الفقه

ام الفرسان السلفية
01-05-2010, 08:38 PM
جزاك الله خيرا
بارك الله فيك