المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحت المجهر (زنادقة الفكر والادب)


البتار
09-19-2007, 08:40 PM
زنادقة الفكر والادب

لغتنا الجميلة وأثرها في حماية العقيدة.. تحت ظل هذه العبارة كنت أتحاور مع أخ مكرم عن تلك العروس التي هجرها خطابها رغم حسنها وجلالها، وحلاوة منطقها، وعذوبة حديثها، وفصاحة لسانها، رغم أنها سليلة الحسب والنسب، كريمة القبيلة والعشيرة.. رغم كل هذا البيان لذات السحر الحلال.. هجرها خطابها!! وبينما كنا نهيم بتلك العروس، ونتجاذب أطراف الحديث، ونتناسل الأفكار عن عروسنا المصون، تلك التي صانت حمى العقيدة عبر العصور، وتصدت لهجمات الزنادقة والملحدين، فكم من قلم جبار كسرته، وكم من لسان حاد أخرصته، وكم.. وكم!! وفي فوران الشجون ذكرني صديقي أن عروسنا المصون منذ بضع سنين قد فقدت عاشقاً لطالما تغنى بها ونذر حياته للذب عن حسنها وكريم معدنها.. فقدت العروس عالم اللغة والبيان الدكتور مصطفى هدارة.. ذلك العالم الناقد البصير الذي صان عرض اللغة العربية وتصدى لأقلام الزنادقة والملاحدة وأهل الانحراف.. رحل عن عالمنا في صمت ولم يعلم بوفاته إلا قلة من غرباء هذا الزمان!! مر عامان على ذكراه ورحل عن دنيانا بعدما أثرى المكتبة العربية والإسلامية بكتاباته وأبحاثه ومقالاته.. رحل صاحب (اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري).. فاسترجعت وصديقي رغم أننا لم نستفق بعد حسرتنا لفراق فارس البيان وشيخ العربية في هذا العصر علامة الأدب الشيخ محمود شاكر.. ومرت الذكرى.. والعروس تبكي فوارسها.. هكذا رحل فارسان من فوارس اللغة والبيان.. ومنذ شهرين .. تحديداً في 15 شوال 1423هـ رحل عالم دمشق المحقق اللغوي الفقيه الشافعي الشيخ العلامة عبد الغني علي الدقر مؤس جمعية الغراء بسوريا وصاحب عدة كتب في اللغة والنحو والفقه منها معجم القواعد العربية في النحو وتحقيق وترتيب شرح شذور الذهب وله مختصر تفسير الخازن ومؤلفات أخرى ـ رحمه الله ـ وقد رحل ولم تهتم بموته وسائل الإعلام.. فإنا لله وإنا إليه راجعون.. فالمحن تترى وتتكاثر؛ محنة ودعت وأخرى أغارت!! فمن للزنادقة.. وفوارس البيان قد غابوا؟!! ورغم سريان سموم الزندقة في حياتنا الإعلامية فلن يضر جسد لغتنا العربية المحفوظة بحفظ الله لها تلكم السموم.. ورغم غياب الفوارس الذين كانوا يذبون عن لغتنا العربيةإلا أن رحم الأمة ولود والحمد لله.


أولاً: معنى الزندقة لغة :


اختلف الباحثون في أصل هذه الكلمة "زندقة" لكن أقرب الأقوال إلى هذه الكلمة: "فارسي معرب عن زنديك فإنّ الكلمة كانت تطلق بمعناها الأصلي على المؤمن المخلص من أتباع ماني. ولما كان الزادشتية يعدون المانوية ملحدين خارجين على الزرادشتية، فقد أطلقت عندهم على كل ملحد لا يؤمن بالدين الحق.

وفي ذلك يقول "براون" شارحاً له ومدللاً عليه: "كلمة زنديق صفة فارسية معناها متتبع الزند أي الشروح القديمة للأفستا وهو كتاب زرادشت المفضل له على النص المقدس. وقد سمي المانوية زنادقة لميلهم إلى تأويل الكتب المقدسة للديانات الأخرى وشرحها حسب آرائهم وأهوائهم" أقول: والذي يرجح أن أصلها فارسي معرب ما جاء في لسان العربي لابن منظور: الزِّنْدِيقُ القائل ببقاء الدهر , فارسي معرب, وهو بالفارسية : زَنْدِ كِرَايْ , يقول بدوام بقاء الدهر. والزَّنْدَقةُ الضِّيقُ , وقيل : الزِّنْدِيقُ منه لأنه ضيّق على نفسه. التهذيب : الزِّنْدِيقُ معروف, و زَنْدَقَتُه أنه لا يؤمن بالآخرة ووَحْدانيّة الخالق . وقال أحمد بن يحيى : ليس زِنْدِيق ولا فَرْزِين من كلام العرب , ثم قال; ولكن البَياذِقةُ هم الرّجّالة , قال : وليس في كلام العرب زِنْدِيق , وإنما تقول العرب رجل زَنْدَق و زَنْدَقِيّ إذا كان شديد البخل, فإذا أرادت العرب معنى ما تقوله العامة قالوا : مُلْحِد ودَهْرِيّ , فإذا أرادوا معنى السِّنِّ قالوا : دُهْرِيّ , قال : وقال سيبويه الهاء في زَنادِقة وفَرازِنة عوض من الياء في زِنْدِيق وفَرْزِين , وأصله الزَّنادِيق الجوهري : الزِّنْدِيقُ من الثَّنَوِيَّة وهو معرب , والجمع الزَّنادِقة وقد تَزَنْدَقَ والاسم الزَّنْدَقة" وفي مختار الصحاح: "الزنديق م الثنوية وهو فارسي معرب وجمعه زنادقة وقد تزندق والاسم الزندقة." وجاء أيضاً في محيط المحيط: " زندق - تزندق الرجل صار زنديقًا أو تخلق بأخلاق الزّنديق. وقولهم من تمنطق تزندق أي من تعلَّم علم المنطق تهوَّر في الزّندقة لأنهُ يتورَّط في الأقيسة والنتائج بما يُفسد العقائِد الدينيَّة التي مدارها على التسليم .. رجلٌ زَنْدَقٌ وزَنْدَقيٌّ أي شديد البخل الزَّّندقة الاسم تزندق. يقال عندهُ زندقٌة .. الزُّّنْدُوق لغةٌ في الصندوق الزِّّنْدِيق من الثنويَّة أو القائل بالنور والظلمة أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبيَّة أو من يُبطِن الكفر ويُظهِر الإيمان. ومنهُ قول الشاعر: بغـداد دارٌ لأهل المال طيّبةٌ وللمفاليس دار الضنك والضيقِ ظللتُ حيران أمشي في أزِقَّتها كأنني مُصحفٌ في بيت زنديقِ معرَّب زَن دِين أي دِين المرأة ج زناديق زنادِقة. والتاءُ عوض الياء المحذوفة. والزّنادقة في بعض ترجمات العهد الجديد هي تحريف الصدوقيّين نسبةً إلى صدوق الذي أنكر الروح والبعث وغير ذلك. والزّنديق عند العامَّة من لا يراعي حرمةً ولا يحفظ مودَةً " وقد ورد هذا المعنى في قاموس "لاروس": "الزندقة: ابطان الكفر وإظهار الإيمان: مذهب القائلين بدوام الدهر من أصحاب زرادشت" أقول: لكن هذا المعنى تطور ولم يقتصر على أصحاب ماني لذلك يرى بعض المؤرخين أن للزندقة عدة معان تختلف باختلاف العصور.. "فقد كان العرب يطلقون لفظ (زنديق) على من ينفي وجود الله سبحانه، أو يقول إن له شريكاً. وقيل: إن الزنديق مَنْ يبطن الكفر ويظهر الإيمان.. وكان لفظ زنديق يطلق أول الأمر على كل من يتأثر بالفرس في عادتهم ويسرف في العبث والمجون، ثم صار يطلق بعد ذلك على كل من يتخذ عقائد المانوية شعاراً له، ويتمسك بعقيدة الثنوية، وعبادة إلهين اثنين، واتباع تعاليم ماني. ثم توسعوا في العصر العباسي في إطلاق لفظ الزندقة، فأصبح يطلق على من ينكر الألوهية، أو يتظاهر بالظرف" ويرى د.عبد الرحمن بدوي أن: "زنديق" لفظ غامض مشترك قد أطلق على معان عدة، مختلفة فيما بينها على الرغم مما قد يجمع بينها من تشابه، فكان يطلق على من يؤمن بالمانوية ويثبت أصلين أزليين للعالم: هما النور والظلمة. ثم اتسع المعنى من بعد اتساعاً كبيراً حتى أطلق على من يكون مذهبه مخالفاً لمذهب أهل السنة أو حتى من كان يحيا حياة المجون من الشعراء والكتاب ومن إليهم" الزندقة إذن: "حركة دينية سياسية، ابتغى أصحابها بعث الديانات الثنوية الفارسية، وكان أكثرهم يعتنقون المانوية خاصة، وكان أهل الإباحة منهم يتأثرون المزكية أيضاً. وقد دبروا لطمس العقيدة الإسلامية، ونسف ُمثل الأمة العربية، ليقوضوا الدولة الإسلامية، ويعيدوا الدولة الفارسية الثنوية، وكان الزنادقة مخادعين أذكياء، ودُهاة خبثاء، فتستروا بالإسلام، وأسروا الكفر، إخفاء لعقائدهم، وتغطية لأهدافهم، وتيسيراً لعملهم، وكان رؤساؤهم وأتباعهم من الموالي الفرس، وكان شعراؤهم أهم من جد منهم في إحياء تراثهم الديني ونشره، وأكبر من لجّ منهم في تخريب الإسلام وتهديمه وأشهر من نشط منهم في تشويه الخلق العربي وتحطيمه. واشتط في ذلك منهم الشعراء الموالي الكوفيين أكثر من البصريين، لأن الكوفة سبقت البصرة في الزندقة، وفاقتها في الإباحة. وكان مطيع بن إياس وحماد عجرد .. أخطر الزنادقة من أهل الكوفة، وكان بشار بن برد، وصالح بن عبد القدوس أخطر الزنادقة الموالي من أهل البصرة. وكان بجانبهم مجانّ وفسقة وعصاة من الشعراء من أهل الكوفة مثل أبي دلامة وعلي بن الخليل، ووالبة بن الحباب، ومن أهل البصرة سلم الخاسر وأبان بن عبد الحميد، وأبي نواس .. وقد اتهموا جميعاً بالزندقة الدينية" .


التعريف المختار لمعنى كلمة الزندقة :


بعد هذا العرض السابق لتطور معنى الزندقة نرى أن كلمة زنديق تعني من أبطن الكفر وأظهر الإسلام سواء أكان هذا الكفر المانوية أو الفرعونية أو الفينيقية أو البربرية أو النوبية أو العلمانية وغيرها من المذاهب أو النعرات أو القوميات المناهضة والمناقضة للإسلام. فالجامع لهؤلاء هو إبطانهم واخلاصهم له.. ورغم ذلك فإنهم يتمسكون بكلمة الإسلام إما خشية انتقام الأمة منهم وإما خبثاً ليروجوا مذاهبهم وعقائدهم الباطلة تحت عباءة الإسلام.. وعلى أية حال فالزندقة الحديثة أشد خطراً على الإسلام وتعاليمه من الزندقة القديمة إذ كان للمسلمين دولة وخليفة وقضاة يحمون بيضة الإسلام ويخشى سطوتهم الزنادقة قديماً.. أما اليوم فلا يوجد للمسلمين دولة تذود عن عقيدتهم.. ووسائل الإعلام المسعورة تتسابق على نهش الإسلام ونشر غثاء الزنادقة الجدد.


الزنادقة الأوائل مع مختارات من كتاباتهم وأشعارهم :

ذكر ابن النديم أسماء رؤساء الزنادقة: "ومن رؤسائهم المتكلمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة: ابن طالوت، أبو شاكر، ابن أخي أبي شاكر، ابن الأعدى الحريزي، ونعمان بن أبي العوجاء، صالح بن عبد القدوس، ولهؤلاء كتب مصنفة في نصرة الاثنين (النور والظلمة) ومن مذاهب أهلها وقد نقضوا كتباً كثيرة صنفها المتكلمون في ذلك. ومن الشعراء: بشار بن يرد، إسحاق بن خلف، ابن نباتة، سلم الخاسر، على بن الخليل، على بن ثابت، ومن تشهر أخيراً أبو عيسى الوراق، وأبو الناشي، والجبهان بن محمد بن أحمد" وذكر ابن النديم أيضاً من كان يُرمى بالزندقة من الملوك والرؤساء: "قيل إن البرامكة بأسرها، إلا محمد بن خالد بن برمك، كانت زنادقة، وقيل في الفضل وأخيه الحسن مثل ذلك، وكان محمد بن عبيد الله كاتب المهدي زنديقاً واعترف بذلك فقتله الخليفة المهدي" أقول: هكذا استبان لنا خطر الزندقة لدرجة أنهم تغلغلوا في جهاز دولة الخلافة وصارت لهم مناصب كبيرة من رؤساء وشعراء!! ومن ثم لا عجب أن يوصي الخليفة العباسي المهدي (ت169هـ) ولده موسى الهادي (ت170هـ) بتتبع الزنادقة وجهادهم وكشفهم والفتك بهم.. حيث يقول الخليفة المهدي في وصيته:


وصية الخليفة المهدي :

"يا بني إذا صار الأمر إليك فتجرد لهذه العصابة، يعني أصحاب ماني، فإنها تدعوا الناس إلى ظاهر حسن كاجتناب الفواحش، والزهد في الدنيا، والعمل للآخرة، ثم تخرجها من هذا إلى تحريم اللحوم، ومسّ الماء الطهور، وترك قتل الهوام تحرجاً، ثم تخرجها إلى عبادة: اثنين أحدهما النور والآخر الظلمة، ثم تبيح بعد هذا نكاح الأخوات والبنات، والاغتسال بالبول، وسرقة الأطفال من الطرق، لتنقذهم من ضلال الظلمة إلى هداية النور، فارفع فيها الخشب، وجرّد السيف فيها، وتقرّب بأمرها إلى الله. فإني رأيت جدي العباس رضي الله عنه في المنام قد قلدني سيفين لقتل أصحاب الاثنين" بعد هذا التطواف نتكلم عن أهم رموز الزنادقة قديماً نختار منهم: صالح بن عبد القدوس/ وبشار بن برد أما ابن الريوندي فيحتاج إلى بحث خاص.


أولاً : صالح بن عبد القدوس :

هو صالح بن عبد القدوس بن عبد الله بن عبد القدوس من أهل البصرة، كان يجلس للوعظ ويقص الأخبار. غير أنه كان يزين الثنوية (دين الفرس القديم)، فلما اشتهر أمره استقدمه الخليفة المهدي، لكنه هرب إلى دمشق واستخفى بها زمناً فلما عرف المهدي مكانه، وجه إليه قريشاً الحنظلي فقبض عليه وجاء له إلى بغداد. فحاكمه المهدي ثم قتله سنة 167هـ. ويجمع الإخباريون أن صالح بن عبد القدوس كان من كبار الزنادقة وأنه كان من الثنوية من أتباع ماني.. وقد ذكره ابن النديم في معرض ذكره عن كبار الزنادقة: " ومن رؤسائهم المتكلمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة: ابن طالوت (..) وصالح بن عبد القدوس" وذكره الخطيب في تاريخه: " صالح بن عبد القدوس أبو الفضل البصري مولى لاسد أحد الشعراء اتهمه المهدى أمير المؤمنين بالزندقة فأمر بحمله اليه واحضره بين يديه فلما خاطبه اعجب بغزارة ادبه وعلمه وبراعته وحسن بيانه وكثرة حكمته فأمر بتخلية سبيله فلما ولى رده وقال له:

ألست القائل والشيخ لا يترك أخلاقه حتى يوارى في ثرى رمسه
إذا ارعوى عاد الى جهله كذى الضنى عاد الى نكثه


قال: بلى يا أمير المؤمنين. قال: فأنت لا تترك أخلاقك ونحن نحكم فيك بحكمك في نفسك ثم أمر به فقتل وصلب على الجسر.. ويقال إن المهدى أبلغ عنه أبيات يعرض فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم فاحضره المهدى وقال له أنت القائل هذه الأبيات قال لا والله يا أمير المؤمنين والله ما أشركت بالله طرفة عين فاتق الله ولا تسفك دمى على الشبهة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ادرءوا الحدود بالشبهات وجعل يتلو عليه القرآن حتى رق له وأمر بتخليته فلما ولى قال أنشدنى قصيدتك السينية فأنشده حتى بلغ البيت أوله والشيخ لا يترك أخلاقه فأمر به حينئذ فقتل ويقال إنه كان مشهورا بالزندقة وله مع أبي الهذيل العلاف مناظرات" قال عنه الذهبي في ميزان الإعتدال: (صاحب الفلسفة والزندقة).. وذكر ابن المعتز سبباً لا عتقاله وهو أنه طعن على الرسول صلى الله عليه وسلم ورجح أن الخليفة هارون الرشيد هو الذي قبض عليه وتولى محاكمته، وأمر بقتله، وإن كان معظم المؤرخين يرون أن المهدي هو الذي قتله .. وعلى أية حال هم متفقون جميعاً على زندقة صالح بن عبد القدوس وأنه ألف كتباً في نصرة المانوية وتصدى للمتكلمين الذين كانوا يدافعون عن الإسلام.. المهم أن ابن المعتز تفرد بهذه الرواية التي تثبت زندقة ابن عبد القدوس حيث يقول: "حدثت من غير هذا الوجه بما هو عندي أثبت من الأول، وذلك ما رويناه أنه أنهي إلى الرشيد عنه هذه الأبيات، يعرض فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم:

غصب المسكينَ زوجتَهُ فجرتْ عيناهُ من دُرَرهْ
ما قضى المسكينُ من وطرِ لا ولا المعشارَ من وطرهْ
عذتُ بالله اللطيف بنا أن يكونَ الجوْرُ من قَدَره


خلاصة القول في صالح بن عبد القدوس :

أنه كان زنديقاً زندقة دينية لا زندقة اجتماعية.. فلم تكن زندقته على سبيل اللهو والعبث والمجون، بل كان يعتقد تعاليم ماني الفارسية القديمة اعتقاداً صادقاً، وكان يومن بالإثنية والإمتزاج بين إله النور وإله الظلمة، وكان يتمسك بنحلته وبمعتقده تمسكاً قوياً، ويدافع عنه دفاعاً مستميتاً.



ثانياً: بشار بن برد (ت167هـ) :

"أصل بشار بن برد من طخارستان في أقصى خراسان وقع جده يرجوخ في سبي المهلب بن أبي صفرة حينما كان والياً على خراسان (78 إلى 82هـ) فأهداه إلى امرأته خيرة بنت ضمرة القشيرية، وكانت تقيم بضيعة لها بالبصرة. ولما وصل يرجوخ إلى البصرة كان معه طفل صغير اسمه بُرد. ولما بلغ برد مبلغ الرجال زوجته مولاته خيرة فتاة من بني عقيل، فولد له بشار سنة 91هـ في الأغلب. ولد بشار أكمه (لا يبصر) ونشأ على الفقر وكان شريراً. ثم بدأ قول الشعر وهو لا يزال حدثاً وأخذ يهجو الناس. ويتم بشارٌ عن أبيه وهو بعد صغير. ثم قضى بشار معظم حياته في البصرة وتلقى فيها ضروباً من العلم تسرب إليه معها كثير من الزندقة .. فاتهم بالزندقة وبأن غزله فاحش يدعو إلى الفسق ثم قتل في البصرة نحو 167هـ. كان بشار شعوبياً زنديقاً" .

أقول: هذا هو بشار بن برد القائل:

إبليسُ أفضلُ من أبيكم آدم فتبينوا يا معشر الفجار
النارُ عنصره وآدم طينة والطين لا يسمو سمو النارِ
الأرضُ مظلمةٌ والنارُ مشرقةٌ والنارُ معبودةٌ مذ كانت النار

بكل تبجح يقدم بشار إبليس على آدم عليه السلام لأن إبليس مخلوق من نار، ويرجح رأي إبليس في امتناعه من السجود لآدم عليه السلام!! لذلك لما سمع واصل بن عطاء المعتزلي شعر بشار السابق قال: "أما لهذا الملحد الأعمى المشنف المتكنى بأبي معاذ مَنْ يقتله؟ أما والله لولا أن الغيلة سجية من سجايا الغالية (أي المانوية) لبعثت إليه مَنْ يبعج بطنه على مضجعه، ويقتله في جوف منزله" يقول عنه عبد القاهر البغدادي: "وحكى أصحاب المقالات عن بشار أنه ضمّ إلى ضلالته في تكفير الصحابة وتكفير عليّ معهم ضلالتين أخريين إحداهما قوله برجعة الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة كما ذهب إليه أصحاب الرجعة من الرافضة. والثانية قوله بتصويب إبليس في تفضيل النار على الأرض" قال عنه الذهبي: "اتهم بالزندقة فضربه المهدي سبعين سوطاً ليقر فمات منها وقيل كان يفضل النار وينتصر لإبليس.. هلك سنة سبع وستين (ومائة) وبلغ التسعين" أقول: هذا هو بشار بن برد الذي يهيم به العلمانيون!! لقد كان بشار بن برد مستخفاً بالدين مضيعاً للفروض، إذ كان يدعي الخروج إلى الحج، لينفي تهمة الزندقة عن نفسه، ثم يعود على الحانات، فيقضي وقت الحج بين القيان والخمر، حتى إذا قربت عودة الحجيج حلق رأسه واندس بين القافلين المارين به، لكي لا يشك الناس في أمره. كما كان يبيح لنفسه ترك الصلاة مع الجماعة، مدعياً أنه لا يبصر ولا يتقن أداءها، إذ يقول:

وإنني في الصلاة أحضرها ضحكة أهل الصلاة إن شهدوا
أقعدُ في الصلاة إذا ركعوا وارفع الرأس إن هم سجدوا
ولستُ أدري إذا إمامهم سلم كم كان ذلك العددُ

ويبدو أنه لك يكن صادقاً في دفاعه عن نفسه واقناعه للناس بعدم التعرض له لتخلفه عن صلاة الجماعة، فإنه كان لا يصلى في بيته، إذ يقول بعض أصحابه: (كنا نكون عنده، فإذا حضرت الصلاة قمنا إليها، وجعلنا على ثيابه تراباً حتى ننظر هل يقوم يصلي، فكنا نعود والتراب بحاله وما صلى" هذا هو بشار بن برد الذي يسبح بشعره العلمانيون وأهل الحداثة!! لذلك لا غرو أن يدافع عنه الزنادقة الجدد كأدونيس في كتابه الثابت والمتحول.. لا غرو أن يدافع عنه بشار وحماد عجرد وأبي نواس وغيرهم من أهل الزندقة والمجون والخلاعة. لا غرو أن تحصل جيهان صفوت زوجة الرئيس الهالك أنور السادات على درجة العالمية من جامعة القاهرة بتقدير امتياز في رسالتها عن بشار بن برد شيخ الحداثة، ذلك المعذب صاحب الفكر المستنير ضد السلطة الرجعية!! لاغرو أن يتغنى الزنادقة الجدد بشعر شيخ الحداثة والخلاعة بشار بن برد الذي وضع اللبنات الأولى للزندقة وتسهيلها لدى عوام الناس عن طريق عذوبة شعره وتفننه في توليد المعاني. بشار بن برد شاعر الخلاعة والتحريض على الفسوق هو القائل:

قد لا مني في خليلتي عُمَرُ واللومُ في غير كنهه ضجرُ
قال أفق قلتُ: لا. قال: بلى قد شاع في الناس منكما الخبرُ

ثم يتمادى في وصفه للقبلة واللمسة ودغدغة المشاعر:

حسبي وحسبُ الذي كلفتُ به مني ومنه الحديث والنظرُ
أو قبلة في خلال ذاك وما بأسٌ إذا لم تُحَلََّ لي الأزرُ
أو عضةٌ في ذراعها ولها فوق ذراعي من عضّها أثرُ
أو لمسةٌ دون مرطها بيدي والبابُ قد حال دونه السترُ
والساقُ براقةٌ مخلخلها أو مصُّ ريقٍ وقد علا البَهرُ
واسترخت الكفُّ للعراكِ وقا لت إيه عني والدمعُ منحدرُ
انهضْ فما أنت كالذي زعموا أنت وربي مغازلٌ أشرُ
يا ربّ خذ لي فقد ترى ضرعي ن فاسق ما به سَكرُ


فعلى هذا المنوال نسج بشار قصائده التي تحض على الفحش والرذيلة ورغم تلونه وتفلته كثيراً من عقوبة الزندقة إلا أنه شهد عليه شهود عدول أمام قضاة يحكمون بما أنزل الله وفي حضور خليفة المسلمين المهدي فأمر بضربه سبعين سوطاً حتى هلك.. ولكن بقي شعره المفعم بالزندقة يتوارثه خفافيش الزندقة بغية تحقيق مآربهم الخبيثة.. أقول: أود أن أشير إلى أن هناك أديباً وناقداً كبيراً قد حلل شعر بشار بن برد بطريقة علمية رائعة ألا وهو الدكتور نجيب محمد البهبيتي أستاذ الأدب العربي بالقاهرة في كتابه الماتع (تاريخ الشعر العربي حتى أواخر القرن الثالث الهجري) وهو كتاب عظيم الفائدة طبعته مكتبة الخانجي بالقاهرة ودار الكتاب العربي بلبنان.. ويعتبر الدكتور البهبيتي من أفضل من سبر غور الشعر العربي القديم وخاصة شعر بشار بن برد بل إنه غاص في تحليل الصورة الشعرية لدى بشار وتحليل أوصافه وتراكيب أبياته وقارنها بصور شعراء سابقين بل إنه حطم أسطورة بشار بن برد الشعرية بالدليل.. تلكم الصورة التي يتغنى بها الحدثيون ومن على شاكلتهم، أتمنى أن ينشر هذا الكتاب على نطاق واسع لكي تعم الفائدة ويميز القراء الخبيث من الطيب.. صفوة القول في بشار بن برد: شاعر شعوبي حاقد كاره للعرب كرهاً شديداً، يفتخر بالفرس وبحضارتهم ويعتد بهم اعتداداً شديداً.. كان يقدس النار.. هو من كبار الزنادقة كانت زندقته دينية وإن جمع في نفس الوقت زندقة اجتماعية كما في هو ثابت في شعره من فسقه وفجوره، وإلحاده وكفره .. كان مستخفاً بالدين مضيعاً للفروض.. وقد كان بصيراً بالديانة الفارسية القديمة لدرجة أن صديقه في المجون حماد عجرد قال عنه: (إنه أعلم بالزندقة من ماني) .. وقد زجره الخليفة المهدي عدة مرات لما بلغه عنه من شعر ماجن وما نسب إليه من زندقة.. ولكنه كان ينفي حتى شهد رجال عدول أمام الخليفة أنه زنديق فأمر بمحاكمته ومن ثم أمر بضربه سبعين سوطاً حتى مات ورغم كل هذه الحقائق لم يزل الزناقدة الجدد يسبحون بشعره.. ولله في خلقه شؤون!!

ثالثا: الزنادقة الجدد :

لقد ابتلي هذا العصر بوجود مجموعة من الزنادقة الذين خرجوا من رحم المنظومات المعادية للإسلام وللأسف الشديد فإنهم منتشرون في كثير من المناحي الحياتية ولهم صوت مسموع في وسائل الإعلام والأخطر من ذلك كله أنهم يعملون في مجال تشكيل العقول وغسيل أمخاخ أجيال كاملة من المسلمين عبر مناصبهم في مجال التربية والتعليم على كافة مستوياته.. من أمثال طه حسين الملقب بعميد الأدب العربي ظلماً وزوراً.. ونجيب محفوظ صاحب رواية أولاد حارتنا التي نال بسبب جائزة نوبل المشبوهة!! ومحمد أركون المولود عام 1928 في منطقة القبائل بالجزائر.. وعزيز العظمة وهو سوري لا يؤمن بأي دين.. ومحمد بنيس من مدينة فاس ولد عام 1948.. وبلند الحيدري ولد في بغداد عام 1926م وهو ملحد زنديق.. أدونيس: واسمه الحقيقي على أحمد سعيد أسبر ولد بقرية قصابين بسوريا عام 1930م. اختار لنفسه اسم أدونيس وهي رمز لإله الخصب عند اليونان قديماً .. ومعتقده القديم مذهب النصيرية ثم صار شيوعياً ثم تأمرك وصار لا دينيا ومن كبار الزنادقة..... وغيرهم .

بقلم الدكتور هاني السباعي حفظه الله


يتبع

البتار
09-19-2007, 08:44 PM
طه حسين .. عميد الأدب العربي !!



هو طه حسين علي سلامة ، أديب مصري متذبذب ، له آراء خبيثة جداً ، تدل على خبث طويته ، ولد سنة ( 1307هـ ) ، و رام الحصول على الدكتوراه من الأزهر ، غير أنه لم يستطع ذلك ، فنقم على الأزهر وعلى علمائه .

طه حسين .. ذلك الكاتب الذي أطلق لقلمه العنان وأعطيت له الوصاية للتحدث باسم الأدب العربي ، فانطلق مدفوعاً بالغرور والاستعلاء ، يشوه وجه المنهج الإسلامي بإثارة الشبهات ، وإذاعة أدب المجون ، وإشاعة ما يظنه نقائص و نقائض ، في الوقت الذي عمل فيه على إبراز الكمالات في الفكر الوثني اليوناني القديم ، والفكر الإلحادي الغربي الحديث ، خاصة في جوانبه المادية والإباحية ..

و في سبيل ذلك كان أول من نقل سموم ( مرجليوت ) في الشعر الجاهلي ، و ( جولدسيهر ) في العقيدة والشريعة ، و ( دور كايم ) في التاريخ .. فأثبت في كل هذا أنه جمع بين نقيضين في آن ، و هما الأمانة والخيانة : فكان أميناً و فياً لأساتذته المستشرقين من النصارى واليهود ، خائناً لله و لرسوله وللمؤمنين ..

و تمشياً مع موضوعية المقال لن أتوسع في عرض شذوذاته وانحرافاته ، ولن أطيل في الرد على شبهاته .. و حسبي أن أقدم صورة واضحة عن خطورة منهجه ، وأن يعلم المسلمون مكامن الخبث المبثوثة في كتبه و بخاصة الإسلامية منها .. و

هذه بعض آرائه و معتقداته المبثوثة في كتبه ومقالاته :-

1 – الدين خرج من الأرض ولم ينزل من السماء .
2 – الإسلام بقي على هامش حياة المسلمين الأولى .
3 – القرآن قابل للنقد باعتباره كتاباً أدبياً .
4 – السيرة النبوية فيها أساطير ، و هي قابلة لإلصاق أساطير أخرى بها .
5 – تعقب أخبار الزنادقة والفساق والفجرة .. أدب رفيع ..
6 – القرن الثاني للهجرة ( عصر التابعين و تابعيهم ) كان عصر شك و فسوق .
7 – الحضارة الغربية يجب أن تؤخذ بخيرها و شرها و حلوها و مرها .
8 – وجود إبراهيم و إسماعيل – عليهما السلام – أمر مشكوك فيه ، ولو ذكروا في التوراة والإنجيل والقرآن .. فلسنا ملزمين بتصديق أي منها .
9 – الفتح الإسلامي لمصر ، كان استعماراً كاستعمار الرومان والفرس والإنجليز . راجع تفاصيل هذه الانحرافات بالتوثيق في كتاب ( محاكمة فكر طه حسين ) للأستاذ أنور الجندي .

هل كان طه حسين مسلماً حين تلفظ بكل ما سبق ؟! أم أنه كان ..

هناك رأي شاع وانتشر يقول : إن طه حسين قد تنصر بالفعل في فرنسا !! ، حيث ينقل هذا الخبر الأستاذ جابر رزق في كتابه ( طه حسين .. الجريمة والإدانة ) استناداً إلى مذكرات زوجة طه حسين النصرانية ( سوزان ) و شهادة سكرتير طه حسين لأربعين سنة ( فريد شحاته ) و هو نصراني أيضاً .

و سؤال آخر : هل تاب طه حسين قبل موته ؟!

أفضى طه حسين إلى ربه بعد أن رده الله سبحانه وتعالى إلى أرذل العمر .. أفضى إلى ربه يحمل أوزاره وأوزار الذين أضلهم دون أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً .. أفضى إلى ربه لا ينفعه ثناء المستشرقين ، ولا تكريم الملاحدة العلمانيين ، ولا الأوسمة والألقاب العلمية التي حصل عليها .. أفضى و ظن أنه مبدع مجدد .. في حين أنه كان متبع مقلد ..

تصدى له رغم علو مكانته واحتضان النظام له عدد من الدعاة و الذين جاءوا بنصوص من آرائه وأقواله .. فظهرت أنها ترجمة حرفية لأقوال أستاذه المستشرق ( مرجليوت ) .. تصدى له علماء الأزهر - يوم كان الأزهر حراً - ، فأفتوا بردته عن الإسلام و طالبوا بمصادرة كتابه ( الشعر الجاهلي ) .

وبعد هذا .. هل صحيح أن طه حسين رجع عما كان قد قاله في كتبه و تاب إلى الله قبل موته ؟!
هكذا زعم بعض الكتّاب ، فقال أحدهم : عدل طه حسين عن رأيه في الشعر الجاهلي بعد أن قرأ كتاب الدكتور أحمد الحوفي ( الحياة العربية في الشعر الجاهلي ) . و قال آخرون : كان طه حسين قبل موته معتكفاً على سماع القرآن مرتلاً .

قلت : لم يذكروا كيف علموا بذلك و لا مدى صحة هذا الخبر ..
والذي يهمنا في هذا الشأن :هل كتب طه حسين بحثاً أو مقالاً يعلن فيه رجوعه عن أقوله التي أثارت ضجة كبيرة ، و كفره علماء المسلمين بسببها ؟!

هل أعلن في الإذاعة أو في صحيفة من الصحف ، أو أمام ملأ من الناس عن تراجعه عن آرائه التي وردت في كتابه الشعر الجاهلي مثلاً ؟!

فليأتنا أنصاره ومحبوه بمقال واحد بل بعبارة واحدة قالها .. فإن قالوا : لقد كتب كلاماً طيباً في مرآة الإسلام ، قلنا : و في كتابه على هامش السيرة كتب كلاماً طيباً وآخر يقطر خبثاً .. ومثل هذه الأساليب الملتوية معروفة ومبثوثة في كتب المستشرقين وتلامذتهم ..

وإن كان المعجبون بطه أو الذين يحسنون الظن به قبل موته بقليل عاجزون عن إبراز أي دليل ، فنحن نملك دليلاً على أنه لم يتراجع عما قاله من زندقة وإلحاد ، قال الدكتور محمد الدسوقي سكرتير طه حسين : ( لقد رافقت العميد في العقد الأخير من عمره ، و قرأت له كثيراً من المؤلفات العربية القديمة والمعاصرة ، و جاء ذكر الشعر الجاهلي أكثر من مرة فما سمعت منه إلا شكه في هذا الشعر و طعنه في صحته ، و قد قال لي يوماً إنه لا يعيد النظر في مؤلفاته عند إعادة طبعها ، غير أنه أضاف إلى هذا قائلاً : إن هناك كتاباً واحداً أريد أن أغير فيه بعض الآراء وهو ( مستقبل الثقافة في مصر ) فقد انتشر التعليم وأصبح مجاناً في جميع مراحله كما قويت الصلات العلمية والأدبية بين البلاد العربية على الرغم من الخلافات بين بعض حكامها ، و هذا يعني أن كتاب الأدب الجاهلي لا رجوع عما اشتمل عليه من آراء ، و بعد فإن موقف طه حسين من الشعر الجاهلي لا يمكن الجزم بأنه عدل عنه ، اعتماداً على كلمة قالها في مناسبة إهداء بعض المؤلفات إليه ثم يلزم الصمت أكثر من عشرين عاماً دون أن يكتب عن رأيه الجديد ، و لذا أكرر ما أومأت إليه أنفاً من أن العميد لم يرجع عن رأيه في الشعر الجاهلي والله يقول الحق و هو يهدي إلى سواء السبيل . أهـ . راجع : مجلة العربي الكويتية ، العددان : ( 239 ، 243 ) .

ونحن لا نعرف عن طه حسين إلا عداوته للإسلام والمسلمين ، و تقليده الفج لأساتذته المستشرقين ، لقد كان طه حسين علماً من أعلام الكفر و الإلحاد .. ورمزاً من رموز الشر والضلالة .. و عميلاً من عملاء الغرب .. و داعية من دعاة التبرج والاختلاط والفساد .. نسأل الله تعالى أن يجزيه بما يستحق فهو وحده الذي يعلم نوايا عباده و ما تخفيه صدورهم

البتار
09-19-2007, 08:47 PM
هل غير الدكتور طه حسين آراءه في سنواته الأخيرة
الأستاذ أنور الجندي



كان السؤال المطروح هو: هل حقيقة أن الدكتور طه حسين غير آراءه في سنواته الأخيرة؟ وكانت الإجابة على الوجه الآتي:

إن الدفاع عن طه حسين من بعض عارفيه ومريديه وكل من كان له عليهم فضل أو لهم به صلة، هو من حقهم.. ولكن المعادلة الصعبة هي أن المسئولية الأخلاقية أمام الأجيال هي اكبر بكثير من العاطفة الفردية والهوى الشخصي.
إن هؤلاء القوم ما كادوا يرون هذه الصورة التي كشفت حقيقة طه حسين تنشر على الناس حتى بادروا إلى الدفاع عنه بالقول:

• لقد غير الدكتور طه حسين آرائه في آخر حياته.
• لقد تراجع الدكتور طه حسين عن أخطر آرائه.
والقصة تسمعها من الكثيرين.. ولكن هل هي صحيحة حقاً؟.


الواقع أن هناك ما يمكن أن يقوله هؤلاء: أن الدكتور طه كتب "على هامش السيرة" وبه كفر عن "الشعر الجاهلي"، وكتب كتابه "الشيخان" عن أبي بكر وعمر.. وبه كفر عن "مستقبل الثقافة".

وذلك كله خداع وباطل.. فإن الدكتور طه لم يغير آرائه مطلقاً.. لأنه كما يقول الدكتور محمد نجيب البهبيتي: كان له حارس وديدبان يحول بينه وبين ذلك.. هذا الحارس مقيم في بيته يلفت نظره دائماً إلى الخط المتفق عليه.. ولكن الدكتور طه حسين غير أساليبه ووسائله في سبيل أن يصل إلى قلب القارئ المسلم. وبعد أن كانت أساليبه هي الهجوم على الإسلام أصبحت تقوم على ترضي الإسلام داخلياً ودس السم على مراحل خلال البحث، ولا يقل السم المدسوس في كتاب "الشيخان" عن السم المدسوس في "هامش السيرة" أو في "الشعر الجاهلي" ولكن القوم لا يعلمون وسائل إخفاء الشبهات.
إن الذي يتردد على الألسنة هو: أن كثيراً من أصدقاء طه حسين واجهوه برأيهم في "الشعر الجاهلي" أو "هامش السيرة" أو "مستقبل الثقافة" فقال لهم: "لو استقبلت من أمري استدبرت ما كتبت الشعر الجاهلي" أو قوله: "اكتم عني" أو قوله للسفير المسلم أحمد رمزي عن كتاب مستقبل الثقافة: "إنني متفق معك على أن في الكتاب أخطاء كثيرة" ذلك هو أسلوب طه حسين المرن الماكر الخادع الذي لا يواجه بالمعارضة أو الهجوم، ولكنه يلين حيث يرى أن صاحبه واع لسمومه، فإذا وجد من يجهل لم يمتنع عن خداعه. وقصته مع اللواء محمود شيت خطاب معروفة. فقد قال في آخر أيامه أن القرآن كان غير منقوط فكان يقرأ على قراءات مختلفة ففي آية: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" كانت تقرأ فتثبتوا" فرده محمود شيت خطاب وقال له: هذا كلام أعداء الإسلام..


أما القول بالتراجع فإن هناك من الأدلة الكثير الذي يكذبه:


أولاً: أن أسلوب التراجع معروف.. وهو أن يعلن الكاتب أنه كان يقول بكذا ثم تبين له سوى ذلك، وأن يوقف على الفور ما له من مؤلفات في هذا الصدد.

ثانياً: أن يعلن أنه اتخذ هذا الأسلوب كوسيلة للعمل ثم تبين له أنه لا ينتج وأنه تحول عنه.
ومثل الحالة الأولى الإمام الأشعري، ومثل الحالة الثانية الدكتور محمد حسين هيكل..


فهل تراجع طه حسين حقاً، عن رأي من آرائه وهو حي، وأعلن ذلك.. ذلك ما لم يحدث.. وهل يكفي أن يتراجع طه حسين عن رأي أو آخر في مساره خاصة مع صديق، دون أن يوقف هذا الرأي عن الذيوع والانتشار.. إن ذلك لا يكفي، بل إن هذا يؤكد إصرار الدكتور طه على الرأي وحرصه على أن يذيعه في الناس فيفسد به مزيداً من العقول والقلوب.. ولقد أشار كثيرون إلى وقائع الدكتور أحمد الحوفي والسيد محمد بهجت الأثري، وسعيد الأفغاني، ولكت هل توقف طه حسين عن آرائه، هل حدث تلاميذه بشيء من هذا التراجع، إنذ ذلك الأمر ظل قاصراً على مسمع عدد قليل من أصدقائه.
هذا شيء.. وهناك شيء آخر.. إن بعض مقالات الدكتور طه التي نشرها في أول الشباب وفيها آراؤه الجارحة قد عاد فجمعها في مؤلفات صدرت في آخر حياته.. وهذا يعني إصراره على تلك الآراء وأنه لم يتنازل عنها.


أما القول بأن كتبه على "هامش السيرة" أو "الفتنة الكبرى" أو "الشيخان" هي تراجع عن آرائه السابقة وتحول إلى الإسلام فذلك قول سائج وقد فندنا ذلك في كتابنا عن طه حسين.. ونضيف بأنه كانت هناك مؤامرة وفشلت.. هذه المؤامرة ترمي إلى تنصيب الدكتور طه (إماماً للإسلام) وقد غضب القوم عندما هاجم الإسلام بعنف في المرحلة الأولى وطلبوا إليه أن يدخل الإسلام من باب آخر حتى يمكن أن تكون آراؤه حجة على المسلمين من بعد في فتوى ضالة على النحو الذي حاول أن يتحدث به في مؤتمر الحوار بين الإسلام والمسيحية.. وهو حوار مشبوه، ولكن آراء طه حسين التي قدمها في هذا المؤتمر لم تلبث أن أصبحت حجة من بعد ووصفت بأنها مبادرة طيبة ومقدمة لما قام به البعض بعد ذلك في طريق محفوف بالمخاطر والشبهات.


وكانت الخطة أن يعود طه حسين إلى الإسلام في ضجة ضخمة، واختاروا لها وسيلة وخطة: أما الوسيلة فهي كتابه على هامش السيرة، أما الخطة فهي الانضواء تحت لواء حزب الأغلبية (الوفد) لتكون قدرة طه ونفوذه أقوى في تحقيق الأهداف المرسومة.. ولقد خدع كتاب هامش السيرة كثيرين وظنوا أنها دعوة حارة إلى الدين، وخفى عليهم جانب السخرية والتهكم الواضح فيه والذي كشفه الرافعي منذ اللحظة الأولى.


أما "الفتنة الكبرى" فإنه محاولة جريئة لتبرئة اليهود من فتنة (عبد الله بن سبأ) وهي فتنة جذور عميقة في تاريخ الإسلام فأراد طه حسين أن يخدم اليهودية العالمية بعمل آخر مضاف إلى قولته في إبراهيم وإسماعيل، وفي كتابته عن قضية اليهود في ألمانيا وأوروبا، ويتصل ذلك بإصدار مجلة الكاتب المصري ومحاضراته في الدور الإسرائيلية في القاهرة والإسكندرية.

وهناك الوثيقة التي تدحض كل الشبهات وهي حديثه مع مجلة الاثنين التي كانت تصدرها دار الهلال. والاتهام موجه فيها صراحة إلى الدكتور.

وإذا كانت هناك محاولة لتبرئة الدكتور من آرائه القديمة فإننا نقبل بأي نص صحيح يكون فيه الدكتور طه قد تراجع عن رأي من هذه الآراء الخطيرة التي قدمها خلال حياته ومن خلال كتبه وآثاره.
وفي هذا رد على محاولة البعض بالقول بأن طه حسين صحيح العقيدة.


وهذه هي الوثائق:


• رأيه في الدين:

1- إن الدين حيث يثبت وجود الله ونبوة الأنبياء ويأخذ الناس بالإيمان بهما يثبت أمرين لم يستطع العلم أن يثبتهما.. فالعلم لم يصل بعد إلى إثبات وجود الله ولم يصل بعد إلى إثبات نبوة الانبياء.


2- إن العلم ينظر إلى الدين كما ننظر إلى اللغة وكما ينظر إلى الفقه وكما ينظر إلى اللباس من حيث أن هذه الأشياء كلها ظواهر اجتماعية يحدثها وجود الجماعة وتتبع الجماعة في تطورها بما تتأثر بما تتأثر به الجماعة.
إذن فالدين في نظر العلم الحديث ظاهرة كغيره من الظواهر، لم ينزل من السماء ولم يهبط به الوحي وإنما خرج من الأرض كما خرجت الجماعة نفسها.
"وهذه آراء الفيلسوف اليهودي دوركايم.


• رأيه في القرآن:

لاشك أن الباحث الناقد والمفكر الحر الذي لا يفرق في نقده بين القرآن وبين أي كاتب ديني آخر يلاحظ أن في القرآن أسلوبين متعارضين لا يربط الأول بالثاني صلة ولا علاقة مما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن هذا الكتاب قد خضع لظروف مختلفة وتأثير بيئات متباينة.. فمثلاً نرى القسم المكي فيه يمتاز بكل ميزات الأوساط المنحطة، كما نشاهد أن القسم المدني اليثربي تلوح عليه إمارات الثقافة والاستنارة.. وإذا دققتم النظر وجدتم القسم المكي ينفرد بالعنف والقسوة والحدة والغضب والسباب والوعيد والتهديد، ويمتاز كذلك بتقطيع الفكرة واقتضاب المعاني وقصر الآيات والخلو التام من التشريع والقوانين، كما يكثر فيه القسم بالشمس والقمر والنجوم إلى آخر ما هو جدير بالبيئات الجاهلية الساذجة التي تشبه بيئة مكة تأخراً وانحطاطاً، أما القسم المدني فهو وديع لين مسالم يقابل السوء بالحسنى ويناقش الخصوم بالحجة الهادئة والبرهان الساكن الرزين، كما أن هذا القسم ينفرد بالتشريعات الإسلامية كالمواريث والوصايا والزواج والطلاق والبيوع وسائر المعاملات، ولاشك أن هذا أثر واضح من آثار التوراة والبيئة اليهودية التي ثقفت المهاجرين إلى يثرب ثقافة واضحة يشهد بها هذا التغيير الفجائي الذي ظهر على أسلوب القرآن.

"وهذه آراء الفيلسوف اليهودي جولدزيهر".



• رأيه في الرسول صلى الله عليه وسلم:

ونوع آخر من تأثير الدين في انتحال الشعر وإضافته إلى الجاهليين وهو ما يتصل بتعظيم شأن النبي من ناحية أسرته ونسبه من قريش فلأمر ما اقتنع الناس بأن النبي يجب أن يكون من صفوة بني هاشم وأن تكون بنو هاشم صفوة بني عبد مناف وأن يكون بنو عبد مناف صفوة بني قصى، وأن تكون قصى صفوة قريش، وقريش صفوة مصر، ومضر صفوة عدنان، وعدنان صفوة العرب، والعرب صفوة الإنسانية.

"وهذه آراء الفيلسوف اليهودي مرجليوث".

هذه هي آراء طه حسين موجزة في الإسلام والقرآن والنبي، فهل غيرها".


الواقع أنه ليس هناك دليل من كتاباته الأخيرة أو آثاره من نص يمكن أن يدل على تغير هذه النظرة، بل إن كل الكتابات توحي بأنها أساس لفكرته عن الإسلام ومفهومه له.
حادث السطو التاريخي:



عاد السؤال الملح الحائر حول الدكتور طه حسين مرة أخرى.. بعد أن عادت الصحف إلى إعادة تقييمه ومحاولة رد اعتباره بكتابات ساذجة لا تخدع أحداً.. وكان أولى أن يوضع طه حسين في قائمة كتاب السياسة الحزبية المتصارعة قبل عام 1952 م بكل ما صنعت من توسيد لمفاهيم الهجاء والكلمة الجارحة التي امتد أثرها إلى مجالات الكتابة الأدبية والاجتماعية.. وقد كان طه حسين أحد الهجائيين الكبار.. فضلاً عن ولائه للقصر، وإدعائه من بعد أنه كان مبعداً أو مغضوباً عليه.. وهو الذي ترقى من أستاذ في الجامعة إلى عميد إلى مدير إلى وزير التعليم.. ولم تكن عبارته الصارخة في مدع الملكين فؤاد وفاروق إلا رمزاً لتلك العبودية، وذلك الذل والخضوع.. وقد كان أولى أن يسقط طه حسين من ذلم الركام الذي مضى وانتهى.. ولكنع أعيد لما يحمل من مفاهيم مسمومة يراد لها أن تنتشر وتشير أبحاث خصوم العرب والإسلام إلى دعمها وحمايتها.


ولقد كان كتاب (طه حسين.. حياته وفكره في ميزان الإسلام) خنجراً في صدور الكثيرين حتى جرت محاولاتهم لرد اعتبار طه حسين.. وسافر مستشرقون إلى البلاد العربية للحديث والمحاضرة عنه، والاعتذار عن أخطائه.. وجرت تلك القلة المضللة بأنه تخلى عن أفكاره المسمومة.. ولكن الله تبارك وتعالى الذي يريد أن يظهر الحق ويؤكده شاء أن تصدر في الفترة الأخيرة ثلاثة مؤلفات هامة وضخمة لرجال ثلاثة هم:
الأستاذ محمود محمد شاكر.
الدكتور نجيب البهبيتي.
الدكتور عبد المجيد المحتسب.


وهذه الكتب الثلاثة كشفت مزيداً من الحقائق، ودحضت كثيراً من أهواء القوم.. فهذان رجلان تتلمذا على عميد الأدب في الجامعة، وقد شاء الله لهما أن يكشفا هذه الصفحة الخطيرة: صفحة السطو والمراوغة والمكر التي أخفاها وراء مظهره الأنيق وكلماته البراقة.



فيكتب الأستاذ محمود محمد شاكر في كتابه "المتنبي" فصلاً مطولاً في 160 صفحة عن هذه العلاقة بين الأستاذ والتلميذ على نحو يكشف عن المرارة الشديدة التي دفعت الطالب الصغير إلى أن يترك كلية الآداب نهائياً تقززاً وكراهية لذلك الأسلوب المسموم الذي يصطنعه عميد الأدب العربي فيقول فيما يقول:


الأمر وما فيه هو أن الدكتور طه حسين أراد أن يثيرنا نحن طلبة الجامعة يومئذ بمسألة غريبة هي مسألة "الشعر الجاهلي".. هذه المسألة من حيث أن الشعر الجاهلي منحول موضوع، وأنه شعر إسلامي صنعه الرواة في الإسلام مسألة كنت أعرفها قبل أن أدخل الجامعة، وقبل أن يلقي علينا الدكتور ما ألقى.. لأني كنت قرأتها في مقالة الأعجمي "مرجليوث" ثم جاء الدكتور طه حسين يردد أقوال مرجليوث وآراءه وحججه.. بجوهرها ونصها.. فلم يزد الأمر عندي على أن يكون ما استمع عليه "حاشية" على متن من المتون.. ولكنها حاشية من نوع مبتكر.. هي حاشية الدكتور طه.. على متن مرجليوث (وهي المعروفة عند الناس باسم كتاب في الشعر الجاهلي).


تتابعت المحاضرات وكل يوم يزداد وضوح السطو العريان على مقالة مرجليوث وهي مسألة فارغة.. بذرتها ثرثرة، وشجرتها ثرثرة، وثمرتها ثرثرة أنشأت عندي قضية هي قضية السطو على أقوال الناس وآرائهم وأعمالهم، ثم إدعاء تملكها بملك عزيز مقتدر، ثم الاستعلاء بهذا الملك المغصوب، والاستطالة به على الناس.. وأبشع من ذلك أن ينكشف أمر هذا الغصب والسطو ويتسامع به الناس، ويدل الكتاب والعلماء على الأصل المغصوب كتابة موثقة منشورة، فلا يبالي الساطي بشيء من ذلك كله.. بل يزداد جرأة وتيها، وإدعاء واستعلاء واستطالة.. وكأن الذي قيل عن سطوه لم يقل، وكأن ظهور سطوه فضيلة ترفع من قدره، وتنوه به في المجامع..

أما أنا فلم أزل أعد هذا المسلك احتقاراً للناس أي احتقار، وازدراء بهم وبعقولهم، وإنزالاً لهم منزلة من لا يبصر ولا يسمع ولا يعقل ولا يحسن.. هذه هي القضية التي لم تزل حية في نفسي منذ خمسين عاماً. وكل يوم أقول لنفسي عسى ولعل.. وأتوقع أن يذكر الدكتور طه اسم مرجليوث مرة وينسب إلى الرجل رأيه في السعر الجاهلي مجرد إشارة.. يا لحيرتي وعجبي.. لو مرة واحدة ذكر الدكتور طه اسم مرجليوث لنجوت من هذه "الغول" التي كانت تفزعني وتتشبث بي جارة لي في قاعة المحاضرات وخارج القاعة.. وتفاقم أمر قضية السطو في نفسي واستبدت بي جارتي الغول حتى لم تدع يوماً بعد يوم قعقعة معنى الجامعة في نفسي وهو يتقوض يريد أن ينقض.. وفي خلال ذلك كان مني ما كان يوم وقفت أجادل الدكتور طه في "المنهج" و "الشك" حتى انتهرني، ثم استدعائي فدخلت عليه فعاتبني وأنا صامت لا أستطيع أن أرد.. لم أستطع أن أكاشفه بأن محاضراته التي نسمعها مسلوخة كلها من مقالة مرجليوث.. لأنها مكاشفة جارحة من صغير إلى كبير.. ولكني كنت على يقين من أن يعلم أني أعلم من خلال ما أسمع من حديثه.. ولكني لم أكتمها في حديثي مع الدكتور طه.. وهي انه سطا سطواً كريهاً على مقالة المستشرق الأعجمي.. صارحت بذلك "نلينو" و "جويدي" من المستشرقين وكانا يعرفان.. ولكنهما يداوران.. وطال الصراع غير المتكافئ بيني وبين الدكتور طه زماناً إلى أن جاء اليوم الذي عزمت فيه على أن أفارق مصر كلها لا الجامعة وحدها".



تلك هي كلمات قليلة مما كتب الأستاذ محمود شاكر عن الدكتور طه أستاذه في الجامعة تكشف في وضوح خلفية طه حسين الذي يتشدقون بعظمته وفضله، ونبل خلقه وعلمه.. ولكن مهلاً.. فإليكم صورة أشد قوة يقدمها الدكتور محمد نجيب البهبيتي في مقدمة كتاب ضخم بلغت صفحاته 660 صفحة من القطع الكبير أخلصه كاملاً للرد على سموم طه حسين وهذه هي الصورة التي رسمها بعلاقته به في الجامعة.


أولاً: فتح لطفي السيد باب الجامعة القديمة أمام هذه (المستشرقة) فأتاح لها في ظل الشرعية العلمية فرصة العمل على تنفيذ برنامجها المخطط.. وطه حسين تكفل بالدعاية لها وبالمناداة على ما عندها.. وكان دخول هذه الموجة التبشيرية الجديدة في زفة العروس العامل الأول الذي غطى حقيقتها.


ثانياً: هذه المؤسسة التي سميت تجاوزاً وطموحاً بـ "الجامعة المصرية القديمة"، ما كانت إلا مؤسسة ثقافية عامة يدب إليها من شاء دون شروط أو قيود.. فالتفت فيها المتباينات، وأصبحت مورداً مباحاً للطموحات غير المتوازنة.. فدخلها طه حسين وهو الرساب بالجهل المركب في (عالمية العميان) بالأزهر ولعل الدكتوراه لم توجد ابتداء في هذه المؤسسة المتواضعة إلا لانتشاله من الهوة التي ألقى به إهماله فيها وهو طالب في الأزهر.. فلقد كان المشرفون على هذه الجامعة الإسمية يستأجرونه لحسابهم في النيل المزرى بخصومهم.. ودخل طه حسين الجامعة في حماية لطفي السيد وحزبه.. وكان معروف الاسم بما شتم الشتم الذريع لألمع شخصيات ذلك العصر.. ولم يكن بعد غريباً أن يسحبه (سانتيلاتا) إلى مجالس الأزهريين ليحرج بالوحي المستنزل عليه أساتذته الأزهريين.. ومن هذه الهالة الجامعية بدأت أعمال التخريب للحياة الإسلامية وكبدها وقلبها الحياة العربية.


ثالثاً: كانت سياستهم بالقياس إلى بناء طه حسين تتلخص في نقاط أربع:


1- تكبيره بالشهادة المصنوعة وبالدعاية.

2- نلقه نقلاً تاماً إلى معسكرهم عن طريق إيداعه داراً وإعطائه حياة يصبحان القالب الدائم الملازم له في أيامه، قالب من حرير لكنه صفيق لا يلين ولا يتبدل.. ومن هنا كانت المرأة الوفية جداً التي تزوجها في باريس بواسطة قسيس ذكروا أنه توسط في إقناع أهلها على الموافقة بعد رفض.. وقصة الرفض هذه لم تكن واردة قط.. فالفتاة فقيرة.. ولعل الشقة التي أنزل فيها طه حسين في باريس كانت هي مصدر العيش الذي كانت الأم تعيش منه مع راتب ابنتها مع عملها على صندوق محل حلاقة في الحي الجامعي في باريس.. وقد ظلت الأم تؤجر غرف هذه الشقة لمن تشاء حتى أيام كان الدكتور محمد القصاص في باريس نزل عندها وظلت طوال الليل تحدثه عن ابنتها.. وقضى ليلة واحدة نجا بعدها بجلده خوفاً من أن يبلغ خبره طه حسين فيمسخه قرداً.. فالأم وحيدة.. ولم يظهر في الأفق المعروف لزيارات طه حسين لباريس أي عرض يشير إلى أقرباء للزوجة أو خالات أو أعمام أو جد للأولاد أو صهر للرجل.. وطه حسين لو جد أهلاً يصلحون للحديث ما وفره (ص 20 مقدمة كتاب الدكتور البهبيتي).


3- السفر كان كل صيف إلى باريس.. ونفقاته تدبر من هنا في مصر ومن هناك.
حكى لي الأستاذ إبراهيم مصطفى قال: إن طه كسب كثيراً.. ولكن إسراف إمرأته لا يبقي على شيء.. كنت أودعه على الباخرة الحاملة له إلى أوروبا كل صيف فأجد رجلاً من أصحاب دار المعارف في وداعه معي فإذا لقيه سلمه صكاً بألف جنيه على مصرف فر فرنسا ليغطي بعض نفقاتهم هناك.. أما في فرنسا فقد كان طه حسين ابن فرنسا البار الوفي يلقى بما يلقى به الأوفياء وما عاد طه حسين إلا ومعه كتاب كتبه هناك لاشك يلخص النتائج التي انتهى إليها الاستشراق إلى إخراجها في تكتيك العمل المتصل على تنفيذ الخطة المرسومة.


4- البيت الذي ينزله في مصر لابد أن يكون قطعة تتم الصياغة التي عاد بها من أوروبا، ومن فرنسا خاصة.. ولم يكن ينقصه إلا السكرتير فكان (جزويت القاهرة) يتولون توفير هذه اللمسة الأخيرة.. وفريد شحاته كان إحدى هباتهم له.. كان هبة كاملة لا ينقصها شيء: أعطى له عبداً لا يملك لنفسه شيئاً.. فهو رهن أمره في الليل وفي النهار وهو عكازته التي يتوكأ عليها حيثما ذهب.. عمل معه منذ نعومة أأظافره لا يكاد يتم السادسة عشرة وطرد بلا رحمة وقد أشرف على الهرم.. وعاش فريد مملوكاً لطه حسين ما يقارب نصف قرن.. وهكذا قضى طه حسين عمره الطويل الذي جاوز فيما أعتقد التسعين في هذا القالب الحديدي.. بين إمرأة نصرانية وسكرتير مسيحي منتدب من قبل الجوزيت لا يغيب طه حسين عن عينه وهي عين الجزويت وولدين كلود ومرجريت لا يناديهما الأب أو الأم أو السكرتيرة أو الخادم إلا بهذين الاسمين.. كلود ومرجريت.


رابعاً: الدكتوراه التي يحملها طه حسين ليست دكتوراه الدولة.. لأنه لم يكن حصل على الشهادة الثانوية.. وقد امتحن في غير مادة الشهادة التي منحت له اسماً.. ثم عاد إلى منصر ليدرس التاريخ الروماني في ظل شهادة اسمية.. والواقع الذي أعرفه عن طريق ابتلائي بالرجل أنه لم يكن يعرف اللاتينية التي طالما ملأ شدقيه بالقول أنه درسها فضلاً عن جهله الكامل للغة اليونانية.

خامساً: ما كدت أقترب منه حتى فجعت في الصورة الخيالية التي كانت تقوم له في ذهني.. كان يقع وراء أسوار الجامعة كياناً طرياً جداً، كما تقوم القوقعة تحت الصدفة لا تكاد تمد يدك إلى ما وراء الصدفة حتى تصادف كياناً هالكاً.. فقد كان ذهناً هشاً، ومنهجاً مراوغاً زواغاً هراباً إلى السكوت عند احتدام الصراع وكان دائم التكرير لنفسه ما يقوله في هذا العام هو نفسه في العام المقبل".


وبعد.. فما قاله الدكتور البهبيتي في كتابه الضخم: "المدخل إلى دراسة التاريخ والأدب العربيين" كثير ويمكن تقديمه للسادة المغرورين في "عظمة" عميد الأدب ونحن على استعداد لأن نهدي لهم هذا كله – بالإضافة إلى ما قدمناه لهم في كتابنا "طه حسين.. حياته وفكره في ميزان الإسلام" نقدمه لرجاء النقاش وعبد المنعم شميس والآخرين".
أما الدكتور المحتسب فقد كان كتابه: "طه حسين مفكراً" عملاً جديراً بالتقدير.. فهو رسالة جاكعية قدمت لكلية الآداب في الأردن.. وكاتبها لم يقرأ إلا أعمال طه حسين، ولم يتصل بالبيئة التي شاهدت عمل هذا الرجل ووجوده.. فكانت كلمته رمزاً على الحق الخالص.


يقول: "أربعون عاماً ينفقها طه حسين في الدعوة للفكر الرأسمالي، والثقافة الفرنسية الفرعونية.. ثم ينقلب ويتحول إلى الدعوة القومية العربية.. وطه حسين من بناة الفرعونية طيلة أربعين عاماً.. فكيف يصير واحداً في بلاد المسلمين مع الأفكار الغربية الرأسمالية وقد وظف طه حسين نفسه للترويج والدعوة – التي لا تعرف الملل أو الكلال – إلى الفرعونية والدعوة إلى القومية بضاعة أوروبية رأسمالية في العصر الحديث.
وإذا كان طه حسين يروج للفكر الرأسمالي والحضارة الغربية فلا غرابة في دعوته وترويجه "للثقافة اليونانية والثقافة الفرنسية".


وقد وجد كتاب الدكتور المحتسب من أولياء التغريب خصومة شديدة.. فمنهم من حاربه كعمل جامعي، ومنهم من حاربه كعمل أدبي.. وما كان الرجل طامحاً إلا إلى أنر واحد أن يصدع بكلمة الحق ويكشف زيف هذا الطاغوت الواسع الشهرة.
ولا ريب أن هذه الكتابات الخالصة لوجه الله والحق تكشف فساد تلك الحملات الواسعة التي تجرى لرد الاعتبار لعميد الأدب بمحاضرات يلقيها المستشرقون في الدول العربية أو فيلم سينمائي ساقط أو ربط طه حسين بالسيرة النبوية فما يستطيع ذلك كله بعد اليوم أن يحجب حقيقة طه حسين.

ومهما تكن عند امرئ من خليقة * * * وأن خالها تخفي على الناس تعلم


مهرجان طه حسين:


كانت أكثر أسئلة الندوة منصبة على "مهرجان طه حسين" الذي عقد بهدف إعادة الثقة في طه حسين وفكره ومفاهيمه بعد أن اهتزت في العام الأخير (1978 م) اهتزازاً شديداً بظهور عدد من الكتب والأبحاث تكشف كثيراً من الأسرار.. وبالرغم من الجهد الذي بذله المستشرقون في المهرجان للدفاع عن وجودهم من خلال الدفاع عن طه حسين.. فإن الأحداث نفسها أرادت أن تؤكد الحقائق الصحيحة، وتكشف الزيف المصنوع.. وكان من أبرز هذه العوامل فشل فيلم "قاهر الظلام" بعد أن عدل أكثر من مرة.. لأنه لم يستطع أن يقدم للناس إلا صورة رجل محمول على أكتاف الفرنسيين، وحياته كلها كراهية للإسلام وهجاء للأزهر فهم عند ذلك أنه هجاء للإسلام نفسه غير أنه مغلف بهجاء العلماء.. وقد حمل أكثر من خطيب في المساجد يوم الجمعة على حلقات الأيام التي عنى بإذاعتها استكمالاً لحملة إعادة الثقة إلى الجثمان الهامد.


وكان أخطر أحداث هذه الساعات هو الخبر الذي نشرته مجلة أكتوبر والذي تسرب مرة من أن الدكتور طه حسين زار اليهود وأم الجامعة العبرية بالقدس عام 1944 م حسب رواية الدكتور حسين فوزي.. وكان إذ ذاك مديراً للجامعة المصرية بالنيابة.. وقد تكتم الدكتور طه وأصحابه هذا الخبر طويلاً وإن كان صمت طه حسين عن مسألة فلسطين خلال أربعين عاماً يوحي بما يوحى فقد عرف أنه لم يكتب كلمة واحدة عن فلسطين حياته كلها.. وقد كان هذا اللقاء في تل أبيب مقدمة لإنشاء مجلة الكاتب المصري التي مولها اليهود والتي يلفت النظر فيها مقاله في العطف على مهاجري اليهود الذين نزلوا في ميناء حيفا وهو مسافر بالباخرة إلى بيروت.


كذلك فقد كانت كلمة الأستاذ الكبير أحمد حسين رئيس حزب مصر الفتاة، والمؤرخ الكبير الذي عايش الأحداث في مجلة وزارة الثقافة إبان الاحتفال بطه حسين هي قنبلة الموسم.. فقد أشار إلى ما كان قد كتبه الأستاذ فريد شحاته سكرتير الدكتور طه حسين
لأربعين سنة في مجلة الإذاعة المصرية قبيل وفاة العميد بأن العميد اعتنق النصرانية في فرنسا، وأقيمت الطقوس المؤدية إلى ذلك في كنيسة قروية بفرنسا.. وأشار الأستاذ أحمد حسين إلى أن طه حسين "يمثل الفترة المرفوضة في تاريخ مصر" ومن ذلك ما ذكره من أن طه حسين كان يكتب في صحيفتين متعاديتين في وقت واحد.. كل منهما كان يعتبر الآخر كافراً.. ومع ذلك فقد كانت كلتا الجريدتين تفسح صدرها لهذا الطالب الأزهري الكفيف.. وإن كانت هذه الواقعة تقطع بذكاء طه حسين فإنها تقطع بثورته على القيم السائدة.



وقال: ومن ذلك مقالاته في الهجوم على الأستاذ مصطفى لطفي المنفلوطي.. نرى أنه كان شعاراً لغره ممن يريدون النكاية بالمنفلوطي دون أن يجدوا في أنفسهم الشجاعة.. فاستخدموا هذا الفتى الضرير الذي لم تنقصه الشجاعة في تحدي الجماهير، وكان يحصى عليه الألفاظ والتراكيب.. وغني عن البيان أنه ما كان لشاب مبتدئ فوق كونه كفيفاً أن يخوض مثل هذا المعركة إزاء شيخ من فحولها.. وقيل أن الأستاذ محمد صادق عنبر هو الذي كان يزود طه حسين بمادة مقالاته (مع ملاحظة أننا ذكرنا هذه الواقعة بالتفصيل في كتابنا) "طه حسين.. حياته وفكره في ميزان الإسلام".


ويقول الأستاذ أحمد حسين:


"ونراه على سبيل المثال قطباًَ من أقطاب الأحرار الدستوريين.. ثم نراه يتحول إلى قطب من أقطاب الوفد.. وهو وضع انفرد به طه حسين.. وقد شاهدت مصر أقطاباً يخرجون من الوفد ليصبحوا من معارضيه.. ولكنا لم نجد أبداً مع الوفد إنساناً عارض الوفد ثم أصبح من أقطابه حتى ليدخل الوزارة.. ولكن طه حسين كان هذا الإنسان الفذ الذي خاصم الوفد أشد الخصام عندما كان الوفد هو القوة الساحقة الشعبية في مصر، ثم أصبح من أقطابه دون أن يرى في ذلك أي حرج!!.


ثم قال الأستاذ أحمد حسين:

إن ذلك يقطع بأنه لا يحترم المبادئ، ولا يقيم وزناً للقيم التي تعارف عليها البشر، وأن كل ما يعنيه هو إثبات ذاته من خلال الخروج عن المألوف وما تواضع عليه المجتمع.. لنتصور أنه منذ سبعين سنة تقريباً حيث كانت فرنسا حامية المسيحية قد تزوجت فتاة فرنسية مسيحية من أسرة ممعنة في المسيحية شاباً مصرياً فقيراً كفيفاً مسلماً.. وتم ذلك بماركة الأسرة كلها بما في ذلك القسيس قريبها.. أقول إن تصديق هذه الصورة لا يكون إلا بإلغاء عقولنا وتكون رواية الأستاذ فريد شحاته أقرب الناس إلى طه حسين أربعين سنة هي الرواية الوحيدة التي تفسر لنا هذا الذي حدث.. فلابد أن يكون أشخاص ذوو نفوذ قد أشرفوا على العملية كلها ومولوها، وتحدثوا عن الدور الخطير الذي سوف يقوم به هذا الشاب الذي وإن كان ضريراً فهو مقتدر.. وسوف يعهد له بدور خطير في حياته، وبغير هذا الضمان والتمويل المالي بمبالغ باهظة مع الوعد بتقديم مبالغ أكثر وأن يعتنق طه النصرانية كتأكيد لذلك كله هو الذي يفسر لنا لماذا تم الزواج بموافقة الأسرة كلها.. ولماذا وافقوا على أن تسافر الزوجة إلى المجهول.. إلى أفريقيا، مع شاب فقير ضرير.. إنها قصة لو لم تكن حدثت بالفعل لما صدقها إنسان، ولا تعليل لها إلا أنها من نوع قصص المبشرين الذين قصدوا مجاهل أفريقيا".


هذا الذي ذكره رجل جليل الشأن، وزعيم بارز.. هو الأستاذ أحمد حسين إنما يمثل صوت الحق الذي أطلقه الله تبارك وتعالى في احتفالات تكريم طه حسين ليكون تأكيداً لما قررناه وقرره محمود محمد شاكر، ومحمد نجيب البهبيتي، وعبد الحميد المحتسب وكثيرون.. وقد عرضنا لهذه النقاط في كتابنا. ولكنا لم نتوقف عند نقطة اعتناق المسيحية وتركناها ليجليها الزمن، والمعاصرون للواقعة وغيرها.. وعندنا أن ما فعله طه حسين هو أكبر من هذا الحدث لأنه كان ولاء للقوى العالمية الكبرى التي كان عليها أن تحارب الإسلام في قيمه وتاريخه، وقرآنه ورسوله ولغته.. وهو ما فعله طه حسين.. ولقد حاول كثير من خطباء المهرجان الدفاع عن طه حسين على طريقة من الطرق.. ومن يقرأ كلام الأستاذ أحمد حسين علي يجد فيه الرق المفحم على ما نشره "كمال قلته" في مجلة الجديد حين قال: "إن طه حسين يتسم بالشموخ".. ولست أدري.. أي شموخ هذا.. هل في استسلامه للمستشرقين، أم لرجال الأحزاب، أم للملك، أم لكل حاكم؟!! إن أصح ما يوصف به موقف طه حسين هو "الذلة" التي ما بعدها ذلة والتبعية التي وصلت إلى أبعد حدود العبودية!!.


وفي خضم هذه الأحداث وصلت مجلة الأزمنة العربية التي تصدر بدولة الإمارات، وفيها مقال للأستاذ محمد راشد شبيطة عنوانه: "سبعة دكتوراه ضد العروبة والإسلام" وهو فيه يتساءل لماذا أعطت هذه الدول الأوروبية للدكتور طه حسين هذه (الدكتوراهات) أليس ذلك أمراً مثيراً للدهشة.. وهو يدل على شدة اهتمام الغرب بطه حسين، وغرس أفكاره في نفوس الناس لأنها ضد الإسلام.. وكذلك أشار إلى الظاهرة الخطيرة التي دعت إلى إرسال مستشرق إلى أبو ظبي وغيرها من البلدان للمحاضرة عن طه حسين.. ولماذا لم يحاضر مثلاً عن ابن خلدون.. ويقول: أنه لم يأت ليتأكد أننا ما زلنا نقدس طه حسين.. وإذا كنا فعلاً كذلك فإنه سيعود إلى أوروبا مطمئن النفس إلى كوننا ما زلنا في سبات عميق وإن لم نكن كذلك فسيتكفل بغرس أفكاره في نفوسنا وعقولنا.

وفي مجلة الثقافة على عددين متتاليين (أبريل 79، مايو 79) كشف فيها الكتاب حقائق مذهلة عن طه حسين.. فالأستاذ محمد عبد الغني حسن عضو المجمع اللغوي يتحدث فسي ست صفحات مطولة عن جريمة طه حسين في حق الشاعر محمود أبو الوفا حين يكتب مقالاً حمل فيه على محمود أبو الوفا عام 1934 م قال:


"إن نقد طه حسين لأبي الوفا وشعره لم يصدر عن براءة وتنزه وحيدة.. ولكن أصدرته نفس فيها موجدة كثيرة على (أبو الوفا) وما أكثر ما كان الدكتور طه حسين يخضع نقده لاعتبارات خاصة وعوامل شخصية بعيدة عن نزاهة الرأي.. وذنب الشاعر أبو الوفا عند طه حسين أنه لم يكن من شيعته ولا من حزبه وبطانته".

ويكفينا هذا من الأستاذ محمد عبد الغني حسن.

أما الموضوع الثاني فهو تعليق الأستاذ أحمد حسين الطماوي على كتاب فتحي رضوان (أفكار الكبار) فأشار إلى هجوم طه حسين على صوم رمضان في أشعاره القديمة وقوله:
لو أن لي في الناس حكماً نافذاً * * * ألزمت بالإفطار كل الناس

وقد أورد في مقاله الذي هاجم فيه الصوم (مجلة مصر الفتاة 15/9/1909) حيث قال: "نبغض الصوم ونمله" واستشهد في ذلك بشعر لأبى نواس قال فيه، إذا مضى من رمضان النصف حل لنا اللهو والقصف، وشعر لابن الرومي وصف فيه شهر رمضان بأنه شهر ثقيل بطيء الظل والحركة.

وهكذا تنكشف خبيئية طه حسين قبل سفره إلى أوروبا وهو ما أشار إليه الأستاذ أحمد حسين من أنه لا يحترم المبادئ، ولا يقيم وزناً للقيم التي تعارف عليها الناس، وأنه منذ اتصل بالمستشرقين في الجامعة المصرية القديمة فقد أعد نفسه لحياة معينة.. وأشار الكاتب إلى مغالاة طه حسين في مدى تأثير الثقافة اليونانية على المصريين عل نحو ما نقرأ في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" غلواً شديداً أخرجه عن دائرة الصواب في كثير مما قاله.

وردد الكاتب ما ذكره فتحي رضوان في دراسته عن طه حسين ليوضح لنا أثر الثقافة الغربية ويمهد لهذا بقوله:


"وقد كانت نفس طه حسين كالمكان الفارغ.. فإنه لم يحصل من العلم الأجنبي قبل وفوده إلى مونبيليه وباريس إلا قليلاً، ومن هنا كان يفرح بكل ما يصل إليه من كتب فرنسا وأساتذتها وعلمائها، ويعجب به ويتأثر به ظاهراً وباطناً، ويراه المثل الأعلى".
ومن بين ما تعلمه طه حسين في فرنسا (علمانية الدولة) و (نزع قداسة الدين من النفوس) وراح يفصل ويبين أثره في تكوين أفكار طه حسين وبالأخص الآراء التي أثبتها في كتابه (في الشعر الجاهلي) وردود رجال الدين والفكر عليها.

ولكن لماذا تأثر طه حسين بالثقافة الغربية، وجنح إلى التطرف والغلواء وخاصة فيما يتعلق بالعقيدة. إن من يراجع مقالات طه حسين وقصائده المبكرة التي كان يكتبها في الجرائد قبل اتصاله بفرنسا عام 1914 م يقف على حقيقة مرة.. وهي أن هناك أفكاراً غربية تكشف عن طبيعة عقديته الدينية، وإن هذه الكتبابات تدعونا إلى القول بأن نفسية طه حسين كانت مهيأة ابتداء لتلقي الآراء والأقكار التي ألقيت عليه في السربون والتجاوب معها.. وإلا فبماذا نفسر عدم اعتناق الدكتور محمد صبري السربوني لمثل هذه الآراء المتطرفة، بل إن صبري رد على ما كتبه طه حسين عن الشعر الجاهلي مع الأخذ في الاعتبار
أن زوجته كانت أوروبية أيضاً واسمها سوزان أيضاً".

كل هذا الذي نشر عن طه حسين مفرقاً وحول المهرجان الذي حشد فيه المستشرقون الذين كانوا يدافعون عن فكرهم ووجودهم في العالم الإسلامي وأثرهم فيه.. وكذلك التغريبيون من خلال طه حسين وإحساساً بأن هدم طه حسين هو أكبر معول في مؤامراتهم الخطيرة على الإسلام واللغة العربية والتاريخ والرسول صلى الله عليه وسلم.. كل هذا هو صوت الحق الذي شاء الله تعالى أن ينشر ليحق كلمة خالصة، من خلال رجال أعلام: أمثال أحمد حسين وفتحي رضوان.. ولا ريب أن هذه الخيوط تكمل ما ذهبنا إليه، وما نشره تلاميذ العميد وأقرب المقربين إليه.

ومن حسن الحظ أن هذا كله نشر في مجلة وزارة الثقافة كما نشر بها مقال محمود محمد شاكر الذي يسجل فساد الاتجاه الأدبي في الجامعة وكلية الآداب بفضل طه حسين ويأتي في نفس الوقت الحديث عن مؤامرة طه حسين في "الانتماء المصري للعروبة والإسلام" وهو الموضوع الذي أثاره (عبد الحميد الكاتب) والذي يكشف بوضوح عن جريمة طه حسين في تجريد المصريين من طابعهم كعرب وكمسلمين، وربطهم بالفرعونية قديماً وبالبحر الأبيض والغرب والحضارة اليونانية على نحو ذلك الأسلوب المضلل الذي ساقه في كتابه "مستقبل الثقافة" والذي جاراه فيه بعض التغريبيين، والذي أثبتت الدراسات والأحداث فساده وكذبه، وهزمته الحقائق التي تكشف عنها وجه مصر العربي الإسلامي الذي شكل مصر أساساً، وتكشف معه ضلال فكرة السبعة آلاف عام.. فقد أجمع المؤرخون المنصفون على أن هناك "انقطاع حضاري" بين عصر الإسلام وما قبله، وأن الإسلام قد غير هذه البلاد جميعاً، وعزلها عن اللغات والعقائد والتقاليد، والأساطير والوثنيات القديمة التي عاش فيها خلال ألف سنة من حكم اليونان والرومان، وفتح صفحة جديدة من التوحيد الخالص عن طريق القرآن واللغة العربية والإسلام ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كل المحاولات الباطلة والزائفة لإعادة الفرعونية أو الفينيقية أو غيرها من الدعوات لم تنجح.. لأنه لا يوجد لها تراث أو ولا ثقافة لها أصول يمكن الارتباط بها، وهذه الدعاوي من أمثال ما كتبه محمد حسين هيكل وغيره.. وكذلك من ناحية أخرى فشلت دعوى المتوسطية والفكر اليوناني التي دعا إليها طه حسين ومحمود عزمي وأولياء النفوذ الفرنسي السياسي في الثلاثينيات والأربعينيات وتبين أن مصر تتجه إلى قبلة الكعبة وإلى مصدر النور والرسالة الفكرية الثقافية والعقائدية.. الإسلام الذي جاء خاتماً للأديان وجاء كتابه مهيمناً على الكتب وجاء كما قال الحق تبارك وتعالى: "ليظهره على الدين كله".


يتبع

البتار
09-20-2007, 04:11 PM
طه حسين .. رائد التغريب ..!

للشيخ / محمد بن إسماعيل المقدم


في يناير 1950م: حمل "حسين سري" (رئيس الديوان) إلى الملك "فاروق" مشروع التشكيل الوزاري الذي سلمه إليه "مصطفى النحاس" رئيس حزب الوفد, أخذ الملك في مراجعته, ولما بلغ اسم "طه حسين" قال فاروق: (مستحيل مستحيل أنتم لا تعرفون خطورة هذا الرجل)
وقال أيضاً: (من المحال أن أوافق على أن يكون وزيراً للمعارف بالذات مستحيل), وتدخل "كريم ثابت" الصليبي وأقنع الملك بالعدول عن موقفه.

فمن هو ذلك الرجل الذي أشفق الطاغية "فاروق" من خطره؟

لعل أغلب أبناء هذا الجيل طرق أسماعهم اسم "طه حسين" الموصوف زوراً بأنه "عميد الأدب العربي", وتخليوه –من جراء الدعاية المسلطة على عقولهم- الرجل المسلم الوقور, تحيطه هالة من الشهرة المدوية, والتاريخ الحافل بالأمجاد.

إن من الواجب على أبناء اليقظة الإسلامية المعاصرة أن يمحصوا حقيقة ذلك الرجل, حتى لا ينخدعوا بالدعايات الكاذبة التي تملأ الآفاق مدحاً في "طه حسين", وتمجيداً له, في حين أنه كان صنيعة لأعداء الإسلام, وداعية للتبعية المطلقة للمدنية الغربية بكل مفاسدها وشرورها.

إن "طه حسين" مسئول عن كثير من مظاهر الفساد والتحلل التي ينوء بها المجتمع اليوم, ولقد خاض معركة بل معارك من أجل "تسميم" الآبار الإسلامية, وتزييف مفهوم الإسلام والتاريخ الإسلامي, معتمداً على سياسة المستشرقين في التحول من المهاجمة العلنية للإسلام إلى خداع المسلمين بتقديم طُعْم ناعم في أول الأبحاث ثم دس السم على مهل متستراً وراء دعوى "البحث العلمي" و"حرية الرأي" !!

وليس المقام مقام (الترجمة) لطه حسين, ولكنه مقام التنبيه إلى دوره الخطير في محاربة الإسلام وتهديد حصونه من داخلها, ثم سرد مقتطفات من أقواله وأفعاله التي تبين مدى حقده على هذا الدين وعلى هذه الأمة, لا أجد أصدق في التعبير عن ذلك من حكم أستاذه "التلمودي" المستشرق "ماسينيون"عليه.

فقد قال الدكتور زكي مبارك: (وقف المستشرق ماسينيون, يوم أديت امتحان الدكتوراه فقال: إنني أقرأ بحثاً لطه حسين أقول: "هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا" (1 ) أهـ, وهاك أمثلة من أقواله الكفرية, ومواقفه الإبليسية:


1-فمن ذلك: تكذيبه القرآن المجيد وسائر الكتب السماوية في قوله:
(للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل, وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً, ولكن ورد هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي فضلاً عن إثبات هذه القضية التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة, ونشأة العرب المستعربة ونحن مضطرون أن نرى في هذه القضية نوعاً من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة, وبين الإسلام واليهود, والقرآن والتوراة من جهة أخرى) اهـ.

2-ومن ذلك قوله: (إن القرآن المكي يمتاز بالهروب من المناقشة والخلو من المنطق) تعالى الله عما يقول الملحدون علواً كبيراً.

3-ومن ذلك قوله: (ظهر تناقض كبير بين نصوص الكتب الدينية, وبين ما وصل إليه العلم) وقوله: (إن الدين لم ينزل من السماء, وإنما خرج من الأرض كما خرجت الجماعة نفسها), (إن الدين حين يقول بوجود الله ونبوة الأنبياء يثبت أمرين لا يعترف بهما العلم) اهـ.

4-ومن ذلك قوله: (إن الفرعونية متأصلة في نفوس المصريين, وستبقى كذلك بل يجب أن تبقى وتقوى, والمصري الفرعوني قبل أن يكون عربياً, ولا يطلب من مصر أن تتخلى عن فرعونيتها, وإلا كان معنى ذلك: اهدمي يا مصر أبا الهول والأهرام, وانسي نفسك واتبعينا, ولا تطلبوا من مصر أكثر مما تستطيع أن تعطي, مصر لن تدخل في وحدة عربية سواء كانت العاصمة القاهرة أم دمشق أم بغداد, وأؤكد قول أحد الطلبة القائل: "لو وقف الدين الإسلامي حاجزاً بيننا وبين فرعونيتنا لنبذناه" ) اهـ.

5-ومنه قوله في مجلة "كوكب الشرق" (12 أغسطس 1933):

(لم أكن في اللجنة التي وضعت الدستور القديم, ولم أكن بين الذين وضعوا الدستور الجديد, ولم يستشرني أولئك وهؤلاء في هذا النص الذي اشتمل عليه الدستوران جميعاً, والذي أعلن أن للدولة المصرية ديناً رسمياً هو الإسلام, ولو قد استشارني أولئك وهؤلاء لطلبت إليهم أن يتدبروا, وأن يتفكروا قبل أن يضعوا هذا النص في الدستور) اهـ.


6-ومن ذلك أنه دعا طلاب كلية الآداب إلى اقتحام القرآن في جرأة, ونقده بوصفه كتاباً أدبياً يقال فيه: هذا حسن, وهذا (كذا) تعالى الله عن زندقته علواً كبيراً, فقد حكى عنه (عبد الحميد سعيد) قوله: (ليس القرآن إلا كتاباً ككل الكتب الخاضعة للنقد, فيجب أن يجرى عليه ما يجرى عليها, والعلم يحتم عليكم أن تصرفوا النظر نهائياً عن قداسته التي تتصورونها, وأن تعتبروه كتاباً عادياً فتقولوا فيه كلمتكم, ويجب أن يختص كل واحد منكم بنقد شيء من هذا الكتاب, ويبين ما يأخذه عليه)(2 ) اهـ.

7-ومن ذلك: حملته الشديدة على الأزهر الشريف وعلمائه الأفاضل, ورميهم جميعاً بالجمود, وحثه على (استئصال هذا الجمود, ووقاية الأجيال الحاضرة والمقبلة من شره) على حَدِّ تعبيره.


8-ومن ذلك أيضاً تشجيعه لحملة (محمود أبو رية) على السنة الشريفة, ومن ذلك أيضاً تأييده لـ (عبد الحميد بخيت) حين دعا إلى الإفطار في رمضان, وثارت عليه ثائرة علماء المسلمين.

9-ومنه: مطالبته بإلغاء التعليم الأزهري, وتحويل الأزهر إلى جامعة أكاديمية للدراسات الإسلامية, وقد أطلق عليها (الخطوة الثانية) وكانت "الخطوة الأولى" هي إلغاء المحاكم الشرعية التي هلل لها كثيراً.

10-قوله: (خضع المصريون لضروب من البغي والعدوان جاءتهم من الفرس والرومان والعرب أيضاً) اهـ.

11-ومن ذلك أنه أعاد خلط الإسرائيليات والأساطير إلى السيرة النبوية بعد أن نقاها العلماء المسلمون منها, والتزيد في هذه الإسرائيليات والتوسع فيها.


12-ومن ذلك: حملته على الصحابة رضي الله عنهم, وعلى الرعيل الأول من الصفوة المسلمة, وتشبيههم بالسياسين المحترفين الطامعين في السلطان – وحاشهم رضي الله عنهم- وذلك في محاولة منه لإزالة ذلك التقدير الكريم الذي يكنه المؤرخون المسلمون لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنهم.


13-ومن ذلك: عمله في إعادة طبع رسائل " إخوان الصفا" وتقديمها بمقدمة ضخمة في محاولة إحياء هذا الفكر الباطني المجوسي المدمر, وإحياؤه شعر المجون والفسق, والحديث عن شعرائهما بهالة من التكرم كأبي نواس وبشار وغيرهم, وكذا ترجمة القصص الفرنسي الإباحي الماجن, وطعنه في ابن خلدون والمتنبي وغيرهم.


14-ومن ذلك قوله: (أريد أن أدرس الأدب العربي كما يدرس صاحب العلم الطبيعي علم الحيوان والنبات, ومالي أدرس الأدب لأقصر حياتي على مدح أهل السنة, وذم المعتزلة, من الذي يكلفني أن أدرس الأدب لأكون مبشراً للإسلام, أو هادماً للإلحاد) اهـ.


15-ومنه قوله: (إن الإنسان يستطيع أن يكون مؤمناً وكافراً في وقت واحد, مؤمناً بضميره وكافراً بعقله, فإن الضمير يسكن على الشيء, ويطمئن إليه فيؤمن به, أما العقل فينقد ويبدل ويفكر أو يعيد النظر من جديد, فيهدم ويبني, ويبني ويهدم) اهـ.

16-ومن ذلك قوله : (علينا أن نسير سيرة الأوربيين, ونسلك طريقهم, لنكون لهم أنداداً, فنأخذ الحضارة خيرها وشرها, وحلوها ومرها, وما يُحَبُّ منها وما يكره, وما يحمد منها, وما يُعاب)اهـ.

17-ومن ذلك قوله في تصوير سر إعجابه "بأندريه جيد": (لأنه شخصية متمردة بأوسع معاني الكلمة وأدقها, متمردة على العرف الأدبي, وعلى القوانين الأخلاقية, وعلى النظام الاجتماعي, وعلى النظام السياسي, وعلى أصول الدين), وذكر أنه يحب "أندريه جيد" ويترسم خطاه, ويصور نفسه من خلال شخصيته.


18-ومن ذلك: وصفه لوحشية المستعمرين الفرنسيين وقسوتهم في معاملة المسلمين المغاربة: بأنها (معاناة ومشقة في سبيل الحضارة الفرنسية والمدنية على تلك الشعوب المتوحشة التي ترفض التقدم والاستنارة).

19-ومن ذلك: استقدامه لبعد المستشرقين المحاربين لله ورسوله الطاعنين في القرآن الكريم لإلقاء محاضرات حول الإسلام في الجامعة المصرية لتشكيك الطلاب في القرآن والإسلام.


20-ومن ذلك: تشجيعه تيار التبشير في الجامعة, وحينما اكتُشف هذا المخطط التبشيري قال: (ما يضر الإسلام أن ينقص واحداً, أو تزيد المسيحية واحداً) وعندما تكشف أن هناك كتباً مقررة في قسم اللغة الإنكليزية تتضمن هجوماً على الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الإسلام قوي, ولا يتأثر ببعض الآراء) واكتفى بهذا, في حين ترك للأساتذة الإنكليز مطلق الحرية في هذا العمل.

21-ثم عمد "طه حسين" إلى إخراج كل من له رأي أو أصالة من كلية الآداب, واستبقى أعوانه الذين سار بهم إلى الطريق الذي رسمه, وأعانه على ذلك "لطفي السيد" الذي كان مديراً للجامعة, وفي نفس الوقت تابعاً لخطط "طه حسين", وخاصة في خطة إنشاء معهد "التمثيل والرقص الإيقاعي", ودعوة الطالبات إلى الاختلاط, وتحريضهن على ذلك, ومعارضة الجبهة المسلمة التي حاولت أن تدعو إلى الدين والأخلاق, وهكذا تحولت الجامعة إلى مجتمع متحلل من قيود الأخلاق الإسلامية, فأقيمت حفلات رسمية في دار الأوبرا خليت لها الراقصات المحترفات, ومن ثم عرفت حفلات الرقص والسمر في البيوت مما قصت أخباره بعض الخريجات وغيرها, والرحلات المشتركة, وما كان يجرى في اتحاد الجامعة, ورابطة الفكر العالمي من محاضرات مادية إلحادية, ومقطوعات فرنسية على البيانو, وروايات تمثيلية تقوم على الحب والغرام.. وقد وصل الأمر إلى حد أن أحد الأساتذة "الأجانب" ضاق ذرعاً بذلك الفساد فكتب يقول: " إن خليق بالجامعة أن تمثل المثل الأعلى – "يعني للطلاب"- لا أن تمثل فيهم دور السكير) !.
وكان " طه حسين " يرعى ذلك ويقول: (إن هذا النوع من الحياة الحديثة لن يمضي عليه وقت طويل في مصر, حتى يغير العقلية المصرية تغييراً كبيراً ).



22-وتتابعت خطوات "طه حسين" في كلية الآداب في سبيل خطته, فأقام حفلاً لتكريم "رينان" الفيلسوف الفرنسي الذي هاجم الإسلام أعنف هجوم, ورمي المسلمين والعرب بكل نقيصة في أدبهم وفكرهم, وكذلك جعل "طه حسين" الشعار الفرعوني هو شعار الجامعة, وقد لقى من ذلك كله معارضة شديدة وخصومة واسعة وصلت إلى كل مكان في البلاد العربية, وأرسل إليه الأستاذ "توفيق الفكيكي" من العراق برقية قال فيها: "إن شعاركم الفرعوني سيكسبكم الشنار, وستبقى أرض الكنانة وطن الإسلام والعروبة برغم الفرعونية المندحرة".


23-وذكرت مجلة "النهضة الفكرية" في عددها الصادر في 7 نوفمبر 1932: (أن الدكتور "طه" تعمد في إحدى كنائس فرنسا, وانسلخ من الإسلام من سنين في سبيل شهوة ذاتية)( 3).


صراع حركة اليقظة مع " طه حسين":

ولقد هوجم (طه حسين) منذ اليوم الأول إلى اليوم الأخير, لم تتوقف حركة اليقظة عن متابعته وكشف شبهاته وتزييف آرائه, ودحر مخططه, ولكنه مع كل ذلك كان يقبض الثمن, ويكافأ بكل إصرار على خدماته لأعداء الإسلام, فلقد ظل يترقى في المناصب رغم الحملات التي شنها عليه علماء الإسلام في كافة البقاع الإسلامية, ظل يترقى في مخطط مرسوم من أستاذ إلى عميد إلى مدير جامعة إلى مستشار فني إلى وزير, وظل حتى اللحظات الأخيرة من حياته مشرفاً على اللجنة الثقافية في الجامعة العربية ورئيساً لمجمع اللغة العربية, وله نفوذه الواسع في وزارة المعارف والجامعات وذلك مصداق قول "هاملتون جب" المستشرق:
(سواء قوبلت آراء "طه حسين" بالموافقة أم لم تقابل, فلابد أن يقضي نفوذه الواسع الذي يتمتع به إلى توطيد المبادئ التي يدعو إليها) اهـ.

وقال المستشرق "كاممفاير":
(إن المحاولة الجريئة التي قام بها "طه حسين" ومن يشايعه في الرأي لتخليص دراسة العربية من شباك العلوم الدينية هي حركة لا يمكن تحديد آثارها على مستقبل الإسلام) اهـ.
بل قال هو عن نفسه: (إنني أفكر بالفرنسية, وأكتب بالعربية) اهـ.

وفي تقرير خطير يصف المكر اليهودي الأمريكي لإبادة الجيل المسلم, وبصورة مكشوفة يطالب التقرير بوجوب الإفادة من آراء "طه حسين" ومؤلفاته.


{ وقد دعا التقرير إلى وجوب تأليف "لجنة مكافحة الإسلام تنبع من وكالة الأمن القومي الأمريكي, وقد استعانت هذه اللجنة بعدة شخصيات منها نائب ما يسمى ب (البابا) المسؤول عن التبشير مع الجمعيات الدينية, كما استعانت بتقرير الإدارة البريطانية وغيرها من تقارير الدول الاستعمارية في الغرب والشرق.


وقد جاء في توصيات اللجنة السابقة بالحرف الواحد:

"وجوب تسليط الدعاية والإعلام على مجددي الدين المزعومين كطه حسين وأمثاله" }( 4)اهـ.

هذا وقال الأستاذ الشيخ "عبد ربه مفتاح" من علماء الأزهر في مقالة نشرها الكوكب, مخاطباً "طه حسين" : (وكيف تزعم أيُّها الدكتور أن "بعض" العلماء أثار هذا الأمر-أمر كفرك- وهاأنذا أصرح لك- والتبعة في ذلك عَليَّ وحدى- بأن العلماء أجمعين وعلى بكرة أبيهم يحكمون عليك بالكفر, وبالكفر الصريح الذي لا تأويل فيه ولاتجوُّز, واتحداك, وأطلب منك إلحاح أو رجاء أن تدلني على واحدٍ منهم "وواحد فقط" يحكم عليك بالفسوق والعصيان دون الكفر, أجل إني وأنا من بينهم أتهمك بالكفر, وأتحمل تبعة هذا الإتهام, وعليك تبرئة نفسك من هذا الإتهام الشائن, والمطالبة بما لَكَ من حقوق نحوي)(5 ) اهـ.
وأخيراً: فهذه لمحة خاطفة عن "طه حسين" الرجل الذي تشهد كتبه بأنه لم يكن إلا بوقاً من أبواق الغرب, وواحداً من عملائه الذين أقامهم على حراسة السجن الكبير, يروِّج لثقافاته, ويعظمها, ويؤلف قلوب العبيد ليجمعهم على عبادة جلاديهم, (ويوطد دعائم الود والتفاهم بين الحمار وراكبه, وهي دعائم تفيد الراكب دائماً, ولا تفيد الحمار!)( 6).


كيف واجه المسلمون مؤمرات "طه حسين" ؟أصر (طه حسين) على استبقاء كتب (برناردشو) وغيره التي تهاجم الإسلام في كلية الآداب بحجة أن الإسلام قوي ولن يتأثر بهذا الرأي أو ذاك.

سرت عند ذلك روح الغيرة الإسلامية عند الطلاب, فقاومت مؤمرات (طه حسين) على الإسلام, وحاصرته في مكتبة بكلية الآداب, وكادت تفتك به لولا أن أنقذه بعض الخدم فهرب –واعتكف كمقدمة لخروجه من كلية الآداب.

وأحرق الشباب العربي في الشام كتب (طه حسين) في ميدان عام في العاصمة دمشق, ووصفه العلماء بالإلحاد والزندقة.


وقام بعض تلامذته الذين استيقظ فيهم الشعور بالكرامة والعزة الإسلامية وكشفوا حقيقته بفضح أهدافه, وكشف تزويره وسرقته من كتب المؤلفين الغربيين.(7 )
وتصدى له عشرات العلماء والدعاة والمفكرين لعدوانه المتكرر على حرمات الإسلام, وفضحوا مؤامراته على الإسلام, ومن ذلك المقالة التالية:

بين "حسن البنا" و "طه حسين" :

فقد عقد الأستاذ "حسن البنا" رحمه الله فصلاً في مجلة "التعارف" تحت عنوان: " إذا كان هذا صحيحاً يا دكتور فقد اتفقنا".

كان مما جاء فيه بصدد قضية "الاختلاط" :


( وهل من الدعوة الإسلامية يا دكتور أن تخلط بين الفتيان والفتيات هذا الخلط في كلية الآداب فتحذو حذوها غيرها من الكليات, وتبوء أنت بإثم ذلك كله؟ وتريد للفتيات في صراحة هذا الاختلاط, وتحثهن عليه, وتدعوهن إليه, ولا تقل إن هذا من عمل غيرك, فيداك أوكتا, وفوك نفخ, وما تحمس لهذا, ودعا إليه, وحمل لواءه, واستخدم نفوذه في تحقيقه أحد كما فعلت ذلك أنت, ولعلك تعتبر هذا من مآثرك ومفاخرك, ولكني أخالفك يا دكتور, وأصارحك بأن هذا الاختلاط ليس من الإسلام, وقد رأينا –وسترى- ما كان وما سيكون له من آثار) اهـ.


وقالت (درية شفيق): (في سنة 1932م ظهرت صورة للدكتور "طه حسين" بك في نادي الجامعة وعلى يمينه ويساره الطلبة والطالبات جلوساً يتناولون الشاي, وقامت القيامة لهذه الصورة البريئة التي تضرب المثل للأبوة في وجود العميد و"الأخوة" ! في جلسة الطلبة والطالبات, واتخذت الصورة تكأة يتخلص بها الرجعيون من (طه حسين) و (لطفي السيد), ووقف الرجعيون في مجلس النواب يحملون على الجامعة ورجالها فكرة تعليم البنات فيها, ويرون ذلك فضيحة من الفضائح يجب أن تحول دونها الحكومة)( 8) اهـ.
وفي غرة المحرم 1356هـ (الموافق 14 مارس 1937م) زحف موكب كبير من طلبة الجامعة المصرية والأزهر ودار العلوم يزيد على أربعة آلاف نسمة, ومن خلفهم أضعاف أضعافهم من ولاة أمور الطلاب, واتجه الموكب إلى قصر الأمير (محمد علي) رئيس مجلس الوصاية مطالبين بتعميم التعليم الديني والتربية الإسلامية في جميع أدوار التعليم إلى نهاية درجته العليا, وفصل الشابات عن الشبان في الجامعة المصرية كما هو الحال في أدوار التعليم التي قبل الجامعة, والاهتمام بالتربية بقدر الاهتمام بالتعليم)(9 )هـ.
وانبرى الأديب الكبير (مصطفى صادق الرافعي) يبارك مطالب شباب الجامعة التي تجاوبت بها أصداء البلاد, ويرد على "طه حسين" وأشياعه تحت عنوان:

إلى شباب الجامعة( 10)


(حياكم الله يا شباب الجامعة المصرية, لقد كتبتم الكلمات التي تصرخ منها الشياطين, كلمات لو انتسبن لانتسبت كل واحدة منهن إلى آية مما أنزل به الوحي في كتاب الله.
فطلب تعليم الدين لشباب الجامعة ينتمي إلى هذه الآية: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ﴾ الأحزاب (33)

وطلب الفصل بين الشباب والفتيات ويرجع إلى هذه الآية: ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ﴾ الأحزاب (53)

يريد الشباب مع حقيقة العلم وحقيقة الدين, فإن العلم لا يعلم الصبر ولا الصدق ولا الذمة, يريدون قوة النفس مع قوة العقل, فإن القانون الأدبي في الشعب لا يضعه العقل وحده, ولا ينفذه وحده.

ويريدون قوة العقيدة حتى إذا لم ينفعهم في بعض شدائد الحياة ما تعلموه نفعهم ما اعتقدوه...

لا ... لا ... , يارجال الجامعة ! إن كان هناك شيء اسمه حرية الفكر فليس هناك شيء اسمه حرية الأخلاق.
وتقولون: أوربا وتقليد أوربا؟ ونحن نريد الشباب الذين يعملون لاستقلالنا لا لخضوعنا لأوربا.
وتقولون: إن الجامعات ليست محل الدين, ومن الذي يجهل أنها بهذا صارت محلاً لفوضى الأخلاق؟
وتزعمون أن الشباب تعلموا ما يكفي من الدين في المدارس الإبتدائية الثانوية, فلا حاجة إليه في الجامعة.
أفترون الإسلام دروساً ابتدائية وثانوية فقط؟ أم تريدونه شجرة تغرس هناك لتقلع عندكم؟ (11) اهـ. ====================

الهوامش :

(*)استفدت فقرات هذا الفصل من (طه حسين: حياته وفكره في ميزان الإسلام) للأستاذ "أنور الجندي) بتصرف, وانظر: (محاكمة فكر طه حسين) له أيضاً.
(1)(زكي مبارك) للأستاذ أنور الجندي ص (132).
(2)من " طه حسين" لأنور الجندي ص (229).
(3)انظر ما قيل حول تنصره في "طه حسين: حياته وفكره في ميزان الإسلام" للأستاذ " أنور الجندي" ص (73-74).
(4)(طه حسين في ميزان العلماء والأدباء) للأستاذ محمود مهدي الاستانبولي, نقلاً عن مجلة (حضارة الإسلام) ع: (4420) بين 1391 (1919).
(5)السابق- ص (552).
(6)انظر : (حصوننا مهددة من داخلها) ص (101) – الطبعة السابعة.
(7)انظر "طه حسين" للأستاذ "أنور الجندي" ص (79).
(8)يقصد الشيخ "حسن البنا" رحمه الله بكلمة (هذا) الإشارة إلى قول "طه حسين" في حفل تكريم أقيم له: (وأتمنى أن يقيض الله للإسلام من يدافع عنه, كما أدافع عنه, وأن ينشره ويحببه للناس كما أبشر به أنا, وكما أحبب مبادئه للناس) اهـ ! وانظر "طه حسين" للأستاذ "أنور الجندي" ص (85-89).
(9)من " تطور النهضة النسائية في مصر" ص (72).
(10)"إهابة" للكاتبة "عزيزة عباس عصفور" ص (128, 133), وقد كان لهذه المطالب صدى واسع لدى المؤيدين والمعارضين, وفي هذا الكتاب "إهابة" جمعت الكاتبة النشرات والمقالات التي باركت تلك الحركات الإسلامية الطلابية, فراجعه إن شئت.
(11)"وحي القلم" (3/184-188) تحت عنوان: (قنبلة بالبارود لا بالماء المقطر), وانظر (إهابة) لعزيزة عباس عصفور ص(78-80) .
* المرجع ( عودة الحجاب ) .

البتار
09-20-2007, 04:21 PM
من مواقف طه حسين تجاه التراث الإسلامي


مجلة البيان ـ العدد 143 ـ رجب 1420 ـ الموافق لـ نوفمبر 1999م

خالد بن سعود العصيمي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن أعـظـم ما تصاب به الأمة أن يكون مصابها بأبنائها؛ إذ يكون وقع ذلك شديداً عليها؛ لأن الأم الـــرؤوم لا تنتظر من أبنائها إلا البر والإحسـان، فتفاجَأ بالعقوق والعصيان، ولقد أصيبت الأمة الإســلامـيــة بأبـنـــاء لها على مر التاريخ ممن تنكبوا الطريق، وضلوا سواء السبيل؛ فهذا الجهم بن صفوان يحرِّف الكتاب، ويلـوي عنق النصوص لياً، وهذا - أيضاً - واصل بن عطاء تلميذ الحسن البصري - رحمـه الله - يعتزل حلقته ويعلن بدعة شنعاء يبقى أثرها في الأمة ردحاً من الزمن، ويظهـر ابن الراوندي يلوّح بزندقته في مصنفات، أما أهل الفلسفة فيدَّعون فيما يدَّعون: أن الـنـبـوة اكتساب لا اصطفاء، ويعلن الحلاج الصوفي قوله بوحدة الوجود.


وهذه السلسلة الخبيثة باعُها في التاريخ طويل، تبدأ بإبليس يوم عصى رب العالمين ورفض السجود، وتظهر اليوم في مثل سلمان رشدي وحامد نصر أبو زيد وغيرهم.
وطــــه حسين أحد عُقَد هذه السلسلة التي كانت غصة في حلق الأمة، ولما كان أحدَ الذين ذاع صـيـتـهــم في هذا العصر، وراجت أفكارهم وآراؤهم، وكانت تلك الأفكار والآراء ذات صبغة مضللة، ولـما كان تلاميذه وتلاميذهم - وما زالوا - يشيدون به وبهم، فقد رأيت أن أعرض بعض مواقــف طه حسين من التراث الإسلامي ثم أُعقبها بالمناقشة. وليست الكتابة في فكر طه حسين من قبيل الكتابة عن موضوعات عفا عليها الزمن - كما يظن بعض الناس - لأنه وإن تغير الأشـخــــاص الذيــن ينخرون بجسم الأمة ويقوضونها من الداخل، وإن تغيرت أسماؤهم ولغتهم وأسـلــوبـهـم، إلا أن مضامين أفكارهم تتكرر مرة بعد مرة، وحمل المقالات المتشابهة بعضها على بعض أمر لا يشق على المؤمن الفطن.
أهم مواقفه المعادية للتراث الإسلامي:

أولاً: ادعاؤه بشرية القرآن:

1 - لخطورة التصريح بما يعمل على بثه فإن موقفه من القرآن الكريم كان متأرجحاً؛ فهو حيـن يـقــول في القرآن: إنه "المعجزة الكبرى التي آتاها الله رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم آيةً على صدقه فيما يبلِّغ عن ربه"(1)تجده يشير إلى التشكيك في إلهية القرآن الكريم بتلميح فاضـــح؛ إذ يقول: "ليس يعنيني هنا أن يكون القرآن الكريم قد تأثر بشعر أمية بن أبي الصلت أو لا يكون. ثم يقول: لِمَ لا يكون أمية بن أبي الصلت قد أخذ من النبي صلى الله عليه وسلم طالما أن مصادر أمية ومحمد واحدة وهي قصص اليهود والنصارى؟"(2).
فهو كي يرد تهمة تأثر القرآن بشعر أمية بن أبي الصلت يأتي بحجة تؤكد بشرية القرآن، وهي أن مـصـــادر أمية ومصادر محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن واحدة، وهي قصص اليهود والنصارى.


2 - دعا إلى جـعــل الكتب المقدسة ومنها القرآن الكريم تحت مجهر النقد لكل من قرأها، فإذا "كان من حق الـنـاس جمـيـعــــاً أن يقرؤوا الكتب المقدسة ويدرسوها ويتذوقوا جمالها الفني، فلِمَ لا يكون من حقهم أن يعـلـنـوا نـتـائـج هذا التذوق والدرس والفهم، ما دام هذا الإعلان لا يمس مكانة هذه الكتب المقدسة من حيث إنها كتب مقدسة، فلا يغض منها ولا يضعها موضع الاستهزاء والسخرية والنقد، وبعبارة أوضح: لِمَ لا يكون من حق الناس أن يعلنوا آراءهم في هذه الكتب من حيثُ هي موضع للبحث الفني والعلمي، بقطع النظر عن مكانتها الدينية؟"(3).

وقد طبق هذه الفكرة فعلاً مع تلاميذه في كلية الآداب؛ حيث طلب منهم أن ينقد كل واحد منهم القرآن الكريم، وأن يكشف عن الآيات الضعيفة فيه والآيات القوية"(4).
بل إن الدكتور طه حسين طبق نموذجاً على الآيـات القـرآنـيــة يـصـــرح فيه أن في القرآن أسلوبين مختلفين:

أحدهما: جاف وهو مستمد من البيئة التي نزل فيها القرآن أول ما نزل في مكة؛ ففي هذا الأسلوب تهديد ووعيد وزجر.

وأسلوب آخر عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واتصل ببيئة اليهود، وهو أسلوب فيه شيء كثير من الليونة والانطلاق(5).


3 - يتـجـاوز طه حسين قضية التشكيك، فينكر بعبارة لا التواء فيها إبراهيم وإسماعيل - عليهما الســلام - وقصة مهاجرهما إلى مكة، ويعدُّ هذه أسطورة لفَّقها العرب بعامة وقريش بخاصة ليحـتـالــوا بها على من عندهم من فرس وروم؛ ليؤكدوا أن لهم أصلاً قديماً يرتبط بتأسيس إبراهيم وإسـمــاعـيــل للكعبة، ثم جاء القرآن فصدَّق هذه الأسطورة؛ ليحتال على اليهود ليؤلف قلوبهم؛ إذ مرجعهم إبراهيم جميعاً(6).

ونقد الشيخ محمد الخضر حـسـيـن منهجه في أفكار هذه القصة بقوله: "ومن حاول الجهر بإنكار ما تتداول نَقْلَه أمةٌ، ويقرره كتاب تدين بصدقه أمم، كان حقاً عليه أن يسلك مسلك ناقدي التاريخ فيبين للناس كيف كان نبأ الواقعة مخالفاً للمعقول أو المحسوس أو التاريخ الثابت الصحيح؛ ولكن المؤلف لم يـسـلـك في إنكار هذه القصة طريقة نقد التاريخ؛ إذن لم يكن مع المؤلف سوى عاطفة غير إسلامـيـــة تزوجت تقليداً لا يُرى، فحملت بهذا البحث وولدته على غير مثال"(7).


4 - قـلـل طـــه حسين من شأن القرآن حينما قال في (الأيام)(8): إن نسخة من ألفية ابن مالك تعدل خمسين نسخة من القرآن الكريم.


ثانياً: جَعْلُهُ السيرة النبوية بمثابة الأسطورة:

كتب "على هامش السيرة" تقليداً لكتاب: "على هامش الكتب القديمة" لجيل لومتير، وقد صرح بهذا في كتابه:"الإسلام والغرب"بعد سنوات من صدور"على هامش السيرة"،وملخص سبب تأليفه له من كلامه: أنه قد ساءه أن يكون لليونان أساطـيـرهم، وللرومان أساطيرهم، والناس يقبلون برغبة ملحة على هذه الأساطير، ثم لا يجد الراغــبـون فـي القراءة والمتعة أساطير للعرب يتناقلها الناس، ولأجل هذا أُلِّف هذا الكتاب، ليكون أسطورة عربية(9).

ويقول في موضع آخر من كتابه: "وأحب أن يعلم الناس أيضاً أني وسَّعت عـلـى نفـسـي في القصص، ومنحتها من الحرية في رواية الأخبار واختراع ما لم أجد به بأساً"(10).
حتى قال صديقه الدكتور محمد حـسـيـن هيكل عاتباً عليه صنيعه: "وأستميح الدكتور طه حـسـيـن الـعــذر إن خــالفـتــه فـي اتخـاذ النبي صلى الله عليه وسلم وعصره مادة لأدب الأسطورة"(11).


ثالثاً: الـتـلاعـــب بالحقائق التاريخية المتعلقة بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وعصره:


1 - أراد أن يثبت أن النبوة كانت اعتقاداً معروفاً في مكة، والناس يتشوَّفون ظهور النبي، بـل إن كـل فتى في مكة كان يتطلع ويسعى ليكون صاحب هذا الفضل(12)، وفي هذا تجنٍّ على الحقيقة والتاريخ أي تجنٍّ.


2 - ضـخَّـــم الـحـــوادث المتصلة بحياة المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وملأها بالأحاديث الموضوعـــة؛ حتى ليظن القارئ أن أهل مكة كانوا يعلمون أن محمداً صلى الله عليه وسلم سيكون نبياً(13).

وأطال النَّفَس في سرد قصته صلى الله عليه وسلم مع خديجة - رضي الله عنها - وميسرة والراهب وورقة بن نوفل، وجلَّلها بثوب الأسطورة الذي قدّه أطول منه، فخلط ما صح من معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك بما لم يصح(14).


3 - رد أحاديث صحيحة؛ لأنها خالفت هوى في نفسه، فمثلاً يقول: "فلا حاجة إذن إلى أن نخترع الأحاديث لإثبات ما لا حاجة إلى اتباعه، كالحديث الذي يروى من أن العباس عرف الموت في وجـــــه النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب(15)" مع أن الحديث مخرج في صحيح البخاري(16).

وردَّ الحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه في مرضه الذي توفي فيه: "ايتوني بصحيفة أكتب لكم ما لا تضلون بعده أبداً"(17).

وردَّ استسقاء عمر بن الخـطــاب - رضي الله عنه - بالعباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - وأن هذا تكلُّف مصدره التملق لبني العباس أثناء حكمهم(18)، والحديث في صحيح البخاري(19).

ويسوِّغ ردَّه للأحاديث التي لا توافـق هــواه بأن "من الواجب على كل مسلم حين يُروى له الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يحـتـاط قـبـــــل الأخــذ به، وأن يعرضه على القــرآن، فإن كان لا يناقض القرآن في قليل ولا كثير، ولا يناقض المـألــوف من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وعمله أخذ به، وإلا وقف فيه"(20).

ولا شــك أن رد السنة الصحيحة بدعوى أنها تخالف القــرآن أو السير المألوفة طريقة غير علمية ولا منضبطة؛ ولهذا جَرَّأَتْ قليلي البضاعة من العلم والموتورين إلى أن يتكلموا في دين الله، ومـنـهـــجُ العلماء الراسخين قبول الروايات الثابتة، وجمع النصوص الواردة في باب واحد، وبيان الـمـطـلـق فـيـهـــا والمقيد، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ. وكتبُ شروح الأحاديث الجارية على هذا متوافرة. ولله الحمد.

رابعاً: الطعن في الصحابة الكرام:


1 - وصف طه حسين عمر بن الخـطـــاب - رضي الله عنه - بالعصبية حينما أنكر على حسان بن ثابت - رضي الله عنه - إنـشـاد الشعر في المسجد، فقال حسان: إليك عني يا ابن الخطاب، فوَ اللهِ لقد كنت أنشد في هـــــذا المكان وفيه من هو خير منك" فيفسرها طه حسين بأن الأنصار كانوا يعتزون بنصرهم لـلـنـبي صـلـى الله عـلـيـــه وسلم وانتصافهم من قريش، وعمر كان قرشياً، تكره عصبيته أن تُزدرى قريش، وتذكر مــا أصابها من هزيمة في غزوة بدر(21). وهذا كذب؛ إذ إن عمر - رضي الله عنه - كان صاحب الرأي القائل بقتل أسرى بدر، ونزل القرآن بموافقته.

2 - وتطاول على عثمان - رضي الله عنه - ووصمه بالظلم والطغيان وأنه ما زال يضرب ابن مسعود حتى كسر أضلاعه(22).

3 - وكذب على عائشة - رضي الله عنها - وزعم أنها وقفت على جمـلـهــــا يوم الجمل تخطب الناس وتحثهم على القتال بلسان زلق، ومنطق عذب، وحجة ظاهرة(23).
4 - ويـتـنـاول خالدَ بن الوليد - رضي الله عنه - من غير استحياء ويصفه بـثـلاث مـــن البهتان: فخـالـد عنـيـف وفي سيفه رهق؛ لأنه يحب القتل، وخالد يحب التزوج، وخالد وعشيرته معروفون بالعُجْب والخيلاء(24).

5 - وشتم طه حسين معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -(25).

6 - جعل طه حسين حَـبْـــرَ هذه الأمة عبدَ الله بن عباس (لصاً) يأخذ ما في بيت المال في البصرة ويهرب إلى الحجاز(26).

7 - وصف أصحاب الشورى الذين اجتمعوا ليختاروا خليفة المسلمين بعد عمر - رضي الله عنه - بإيثار الدنيا ومحبتها(27)، بل وصـف بهـا جملة الصحابة الذين كانوا - كما زعم - ينافقون في عهد خلافة عـمـر - رضي الله عنه - وأنهم كانوا يظهرون شظف العيش إذا دخلوا عليه، وإذا خلوا إلى أنفسهم عادوا إلى لين الحياة(28).

وهذه التهم التي ألصقها طه حسـيـن بالصـحابة فرادى وجماعات هي حق البهتان العظيم الذي لا يمتري فيه أي مسلم.

وهذا البهتان جناية في حق التاريخ الإسلامي، بـل في حق التاريخ الإنساني؛ إذ لا يُعرف جيل كجيل الصحابة في كمال الاستعدادات الفـطــــرية ولا في تمام الصفات الخُلقية التي أهَّلتهم لاصطفاء الله لهم لحمل رسالته إلى العالمين، ولـيـس وراء تهـمــة الصحابة ووصمهم بالشنائع إلا إسقاط محبتهم وتوقيرهم من النفوس، مما يؤدي إلى الـقــدح في عدالتهم، ومن ثَمَّ رد مروياتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم التي هي الدين. وقد تـنـبــه علماء الأمة إلى هذه القضية منذ ظهورها عند بعض المبتدعة، فصنفوا في فضائل الصحابة، وفي حكم سبهم أو سب أحد منهم(29).

خامساً: ادعاءاته ضد نظام الخلافة:


1 - زعم أن نظام الخلافة ليس إلهياً "وأن الحكم أيام النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن شرعياً لا رأي للناس فيه؛ وإذا كان الأمر {كذلك} أيام النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يتنزل عليه الوحي فأحرى أن يكون الأمر كذلك أيام صاحبيه بعد أن تـقـطـَّع عـــن الناس خبر السماء"(30).

2- ونـظــــــام الحـكـم الإسلامي - عنده - يشبه إلى حد بعيد نظام الحكم الروماني أيام الجمهورية؛ فـقــــد كــان الرومانيون يختارون قناصلهم على نحو يوشك أن يشبه اختيار المسلمين لخلفائهم(31).

3 - وليؤكد أن نظام الخلافة ليس إلهياً، وإنما هو نظام إنساني تأثر بالدين، يذكر أنه قام على عنصرين(32):


الأول: عنصر معنوي وهو الدين؛ فالخليفة يصدر عن وحي أو شيء يشبه الوحي في كل ما يأتي وما يــدع، وهـو مـقــيـــد بما أمر الله به من إقامة الحق وإقرار العدل، وهذا العنصر تلاشى - كما يدعي - بمقتل عمر - رضي الله عنه -.
الثاني: الارستقراطية التي ائـتـلـف منها هذا النظام، وقوامها: الاتصال بالنبي صلى الله عليه وسلم أيام حياته والإذعان لـمــــــا كان يأمر به وينهى عنه في غير تردد؛ والبلاء في سبيله، واختُص بها الأقربـــون من رســول الله صلى الله عليه وسلم وهم قريش.


4 - حكم على نظام الخلافة في الإسلام بـأنــــــه قد أخفق، وأن تجربة الحكم الإسلامي انتهت أيضاً بالإخفاق، أما نظام الشورى الذي وضـعـــه عمر - رضي الله عنه - لاختيار الخليفة فلا يخلو - عنده - من نقص، بل من نقصٍ شديد(33).


سادساً: التعبير عن الفتوح الإسلامية بأنها استعمار:


1 - يقــول - مـثلاً -: "فـلـمــــا كان الفتح ورأت جيوش المسلمين الكثير من حقائق هذه البلاد، ثم استقرت فيها، واستقر المستعمرون العرب فيها كذلك"(34)، ويقول - أيضاً -: "فلما جاء الإسلام سكت الناس عــن الخمر حيناً، صرفهم عنها الدين، وصرفهم عنها جِد الخلفاء، وصرفهم عنها الفتح والاستعمار"(35).

2 - وإذا كانت فتوح الأقاليم تُعد - في تعبير طه حسين - استعماراً فإن فتح مصر عدوان، يقول: "إن المصريين قد خضعوا لـضـروب من البغض وألوان من العدوان جاءتهم من الفرس واليونان، وجاءتهم من العرب والترك والفرنسيين"(36).

3 - أما العثمانيون فهم - عند طه حـسـيـن - مستـعـمـرون، وهـــم السبب في إيقاف سير الحركة العقلية في مصر؛ إذ إن الترك العثمانيين لو لم يوقفوا سير الحركة العقلية في مصر مدة طويلة لكان الذهن المصري من تلقاء نفسه ملائماً للأذهان الأوروبـيـة فـي الأعــصـــــر الحديثة"(37).

4 - وفي مقابل ما سبق تجده يصف الإنجليز - المستعمرين الحقيقيين - بأنهم أصدقاء، ما جــــــاؤوا إلى مصر إلا ليحموا القناة من المعتدين؛ فهو يقول: "نحن نريد أن نضارع الأمم الأوروبـيــة في قوتها الحربية لنرد عن أنفسنا غارة المغير؛ ولنقول لأصدقائنا الإنجليز بعد أعوام: انصرفوا مشكورين فقد أصبحنا قادرين على حماية القناة"(38).


سابعاً: دفاعه عن المتربصين بالإسلام والمسلمين:

1 - تولى طه حسين المحاماة عن الغوغاء الذين أثاروا الفتنة ضد عثمان بن عفان - رضــي الله عنه - إذ إن "الذين ضاقوا بهؤلاء العمال الذين ولاَّهم عثمان وثاروا عليهم،ونقموا من عثمان توليتهم لم يكونوا مخطئين"(39).

2 - يبدو تناقضه في شأن عبد الله بن سبأ اليهودي ودوره في أحداث الفتنة، فيدعي مرة أنه شخصية وهمية منحولة؛ لأنه لم يَرِدْ ذكره في طبقات ابن سعد ولا في أنساب الأشراف للبلاذري(40)، ويثبت وجوده مرة ثانية، ويشكك في أمره ثالثة(41).

3 - يـدافـــع عــن أصحاب عبد الله بن سبأ الذين أثاروا الفتنة في الجمل فيصفهم بأنهم أنصح الناس لعلي - رضـــي الله عنه - وأوفاهم بعهده، وأطوعهم لأمره "فلم يأتمروا ولم يسعوا بالفساد بين الخصمين وإنما سمعوا وأطاعوا وأخلصوا الإخلاص كله"(42).


4 - ويدافع عن الزنادقة في عهد بني العباس - قائلاً -: "ومن الخلفاء العباسيين من غلا في امتحان بعض الناس وأســــرف في قتلهم، يأخذ بعضهم بالشبهة والوشاية وسوء القالة، كالذي صنع المهدي في تتبع الزنادقة"(43).

ومن هذا القبيل فقد ادعى: "أن سبب قتل الحلاَّج وصلبه ليست زندقته، وإنما كان اتصال رجال الدين والغلاة منهم في الرأي بالسلطان وسيطرتهم عليه"(44).


الهوامش:


1)مرآة الإسلام لطه حسين، 81.
2) في الأدب الجاهلي، لطه حسين ،145،147.
3) في الصيف، لطه حسين، 17.
4) أنظر: المرجع السابق، 11ـ17، ومحاكمة فكر طه حسين، 166،167.
5) أنظر: محاكمة فكر طه حسين، 167.
6) أنظر: في الشعر الجاهلي، 37ـ41.
7) نقض كتاب في الشعر الجاهلي، 76,77.
8) 1/71. ولو ادعى أنه في معرض كلام أدبي، لم يرد الاستهزاء.
9) أنظر: على هامش السيرة، 1/173،174،175.
10) المرجع السابق، 1/177.
11) أنظر: محاكمة فكر طه حسين ، 184.
12) أنظر: دارسات في السيرة النبوية، 234.
13) أنظر مثلا ما يتعلق بقصة ولادته صلى الله عليه وسلم في: على هامش السيرة،1/273)
فقد بالغ جدا فيها مع أنه لم يثبت فيها مع أنه لم يثبت فيها إلا حديث واحد.
14) أنظر: على هامش السيرة، 2/376ـ400.
15) الشيخان: 33.
16) صحيح البـخــاري، كـتـاب الـمـغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته
،5/141.
17) انـظـر: مــرآة الإسلام، لطه حسين، 73، والحديث في البخاري، كتاب العلم، باب
كتابة العلم، 1/37.
18) الشيخان، 151.
19) صحيح البخاري، كتاب الاستسقاء، 2/15.
20) مرآة الإسلام، 131.
21) في الأدب الجاهلي، لطه حسين،122،123.
22) انظر: الوعد الحق، لطه حسين، 654.
23) انظر: الفتنة الكبرى (على وبنوه): 2/861.
24) الشيخان: 79،80.
25) انظر: الشيخان: 194، والفتنة الكبرى (على وبنوه)، 2/956.
26) انظر: الفتنة الكبرى (على بنوه) 2/934،959.
27) انظر: الفتنة الكبرى (عثمان) 1/705.
28) انظر: الشيخان: 145.
29) انظر: مثلا، صحيح البخاري: باب فضائل أصـحـــــاب النبي صلى الله عليه وسلم،
4/189، وسنن الترمذي، 5/606ـ712، وبقية السنن والمسانيد.
30) الفتنة الكبرى (عثمان): 1/678.
وللرد عليه تنظر: صـحـيـفـة الـمـدينة التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم لتنظيم
علاقات الناس في المدينة النبوية، ســيـرة ابن هـشـام، 2/501ـ504. ولبيان مفاهيم مبادئ
هذه الصحيفة انظر: مشكلات في طريق الـتـربـية الإسلامية للدكتور أحمد فرج: 55،56.
31) انظر: الفتنة الكبرى (عثمان): 1/682.
32) انظر: المرجع السابق، 1/683ـ693.
33) انظر: الفتنة الكبرى (عثمان) 1/696،705.
34) الفتنة الكبرى (علي وبنوه)، 2/962.
35) حديث الأربعاء، 2/396.
36) الفتنة الكبرى (عثمان)،1/802.
37) طه حسين مفكرا: 86،وانظر: مستقبل الثقافة في مصر، 47،48.
38) مستقبل الثقافة في مصر، 56.
39) الفتنة الكبرى (عثمان) 1/802
40) انظر: الفتنة الكبرى (علي وبنوه) 2/904 و(عثمان) 1/7759ـ762.
41) وللرد على المشككين في حقيقة ابن سبأ ودوره في الفتنة، ينظر كتاب(عبد الله بن سبأ
وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام) للدكتور سليمان العودة.
42) الفتنة الكبرى، (علي وبنوه)، 2/904.
43) مرآة الإسلام، لطه حسين، 160.
44) المرجع: السابق، 159.

البتار
09-21-2007, 06:35 PM
نجيب محفوظ الحاصل علي جائزة نوبل العالمية في الادب!!


هو الأديب المشهور .. والكاتب الروائي المعروف .. نجيب
محفوظ بن عبد العزيز السبليجي ، الحائز على جائزة نوبل العالمية في الأدب .. ولد وبالتحديد في ( 11/ديسمبر/1911م ) . نشأ و تربى وسط رفاق كما يصفهم : ( كان أصدقاء العباسية مجموعة متناقضة ، فيها كل نوعيات البشر ، من أسماها إلى أدناها .. فقد كان بينهم بلطجية .. و برمجية .. والعلاقة بيننا كانت حميمة ) . وكثيراً ما كان يذكر أصدقاءه هؤلاء ، بل ولا يستحي من ذكرهم فقد كانت تجمعهم الرغبات المكبوتة والتطلع إلى الرذيلة .. و هذا يدل على أنه لم يوفق في اختيار نخبة طيبة ترشده إلى طريق الصواب .. و هؤلاء الرفقة هم الذين نجدهم في رواياته ، فكان بالنسبة إليهم مثل المرآة التي أظهرت أجسادهم العارية و وجوههم القبيحة التي حاولوا إخفاءها .. وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن نجيب محفوظ ، فإذا ما كان يصور أصدقاءه في رواياته و هو يعيش معهم ، فأي شخصية يمثل هو في رواياته ؟!

و قد كان كثيراً ما يذكر أنه كان محباً للموسيقى ، وأنه قد تربى على الغناء منذ صغره ، و درس الموسيقى كما يدرس أي علم فاضل ، فضلاً عن تردده على دور البغاء والسينما .. و لم يذكر يوماً أنه كان يتردد على حلق الذكر أو أنه تعب على حفظ القرآن والدعوة إلى الإسلام والتضحية في سبيله .. راجع : نجيب محفوظ في مجهوله المعلوم لعلي شلق ( ص 46 ) .

و بعد ذلك كله نجد من يقول : إن نجيب محفوظ قد نشأ في أسرة مكتفية متدينة !! وأن ذلك هو الذي حمل الطفل نجيب محفوظ على أن ينغمر في جو الدين .!! راجع : أدب نجيب محفوظ وإشكالية الصراع بين الإسلام والتغريب للسيد أحمد فرج ( ص 10 ) .

بعد ذلك توجه نجيب إلى مرحلة التخصص ، فكان اتجاهه أول الأمر إلى الفلسفة ، في أثناء دراسته اطلع على مقالات فلسفية للعقاد وإسماعيل مظهر و غيرهما فأصيب باهتزاز فكري ، وسرت فيه أفكار مريضة حتى إنه قال : خيل لي أنني سأعرف سر الوجود ، و مصير الإنسان بعد تخرجي . لقد كان متوافراً على قراءة الأدب العالمي ، لا يفوته جديد ، فكان جل همه التزود من الثقافة الغربية .. وطبيعي والحال هذه أن يتأثر بأولئك المنحرفين الضالين عن الصراط المستقيم ، خاصة وأن ثقافته الدينية ضحلة جداً .. إلا أن سلامة موسى - كاتب مصري ملحد الفكر علماني الاتجاه من مؤلفاته : نشأة الفكر عند الله - ، كان أكثرهم تأثيراً فيه ، بل إن تأثير سلامة موسى كان أقوى من تأثير جيل الرواد كـ ( طه حسين ) مثلاً و ( العقاد ) و غيرهما .. فسلامة موسى هو الذي قاده و رسم له حياته وأنار له دروبها و هو الذي وجهه إلى الفرعونية المصرية بدلاً من العربية الإسلامية ، وإلى الواقعية الاشتراكية العلمية .. ووضع كل حواسه في المرأة .

إن انحرافات نجيب الاعتقادية أكثر من أن تحصر .. يتخفى مرة وراء الرواية الأدبية ليلقي السهم تلو السهم مستهدفاً قلب العقيدة .. وهو الإيمان بالله تعالى .. هذا الإله الذي رمز له نجيب بأشخاص جعل منهم مثاراً للسخرية والتندر .. ومبعثاً للهُزء والكره ..

ففي روايته الشهيرة ( أولاد حارتنا ) التي اعتبرها أحب أعماله إليه والتي من أجلها كافأه اليهود بجائزة نوبل ، رمز إلى الإله سبحانه وتعالى بشخص سماه ( الجبلاوي ) وأعطاه في الرواية دور رجل متسلط على أهل الحارة ، و له أعوانه الذين يسيطر بهم على سكان الحارة ، و هؤلاء الأعوان هم الأنبياء الذين رمز لكل واحد منهم باسم و شخص !! .

وله رواية باسم ( الطريق ) رمز فيها إلى الله سبحانه و تعالى برجل اسمه ( سيد الرحيمي ) متطاولاً على الذات الإلهية ، ولا شك أن عقائد الإيمان لا تساوي شيئاً عند نجيب محفوظ ؛ و يدل على ذلك أن له رواية بعنوان ( الثلاثية ) وهي من أقذر الروايات التي تتحدث عن الجنس والرذيلة ، والتي صرّح فيها بأنه عبّر عن آرائه الشخصية من خلال أحد أبطال القصة و هو ( كمال عبد الجواد ) ، حيث أورد على لسانه كثيراً من قناعاته ، و وصفه في القصة بقوله : ( كان كأنما يود أن ينعي إلى الناس عقيدته ، لقد ثبتت عقيدته طوال عامين أمام عواصف الشك التي أرسلها ( المعري ) و ( الخيّام ) حتى هوت عليها قبضة العلم الحديدية ، فكانت القاضية ) ، ثم قال على لسانه : ( على أنني لست كافراً .. لا زلت أؤمن بالله ، أما الدين .. إن الدين ذهب .. كما ذهب رأس الحسين ) !!

فهو هنا يصرح عن زندقة ظاهرة ، عندما يزعم أن الإنسان يمكن أن يظل مؤمناً بالله دون أن يؤمن بأي دين ..

فطريقته المفضلة في بث عقائده الباطلة أن يوردها على ألسنة أبطال رواياته ، وهذا ما حصل منه أيضاً في رواية له باسم ( الحرافيش ) حيث ساق فيها على لسان ( عاشور الناجي ) كل ما أراد من فلسفات وآراء منحرفة ..

وعندما يواجه نجيب محفوظ بجرائمه الفكرية الكفرية .. يردد هذه العبارة : ( لا يوجد فهم نهائي للعمل الأدبي !! ) .

إنها إذن باطنية جديدة تتدثر بالأدب ، وغواية تتستر بفن الرواية ..

و لعله و قد آن للقلم أن يستريح من تدوين هذا العفن و هذا الفكر ، أن أشير إلى أن الأديب أو الكاتب عندما يكتب الكلمة ، فهو يعبر بها عن خلجات نفسه وتأملات فكره ، وحصيلة تجاربه ، و تخيلاته وخواطره .

فالكاتب لا يشرع في إشهار قلمه إلا إذا كان هناك دافع نفسي يدفعه إلى الكتابة و هو إشباع رغبة لديه في التعبير عما يريد و عما يتمناه .. و من هنا وانطلاقاً من العلاقة الوطيدة التي تربط بين الأدب و العقيدة فإن أعمال الفنان تعبر عن عقيدته كائناً ما كانت هذه العقيدة ..

و يؤكد نجيب محفوظ هذا بقوله : ( إن الأديب يختار شخصياته ؛ لأنه وجدها صالحة للتعبير عن شيء ما في نفسه ، كأنه يجدد شخصية تتسم بالضياع ، و كان الأديب وقتها يشعر بالضياع ، أو شخصية ثائر و كان وقتها يعاني من ثورة مكبوتة ) . أدب نجيب محفوظ أحمد فرج ( ص 56 ) .

فكل ما جاء في أعماله يُسأل عنه ، ولا تُسأل الشخصية ؛ لأنه جاء بها لتقول ما يريد في نسق الرواية ، و من هنا لا بد من نظرة فاحصة و متعمقة في قصصه و رواياته ، كيما نصل إلى دفين فكره و منخول عقله ، و مهما أطلنا النظر فلن نجد سوى العشق العارم للاشتراكية العلمية التي عرضها في صورة تغري بإحلالها بدلاً عن كل موروث ، و تلك الأطروحات والمسوغات لإباحة الرذيلة التي غدت قاعدة أعماله ، فلولا الانحراف – كما يقول – لما كَتَب ، فالجنس شيء ضخم جداً في الحياة بل هو الحياة ذاتها . أدب نجيب محفوظ ( ص 53 )

يتبع

البتار
09-21-2007, 06:39 PM
نجيب محفوظ صاحبُ الرواياتِ الوضِيعةِ فى مِيزَانِ الشَّريِعَة :::





يقول الشيخ الدكتور
محمد بن اسماعيل المقدم :


نجيب محفوظ الشاك فى كل قيمه , المتذبذب فى كل فكره , الضائع فى كل واد , المتحدى لعقيدة الامة , والمتجه ناحية المشارب الاخرى يعب منها حتى يطفح , فيفيض ما عليه على غيره, وينتكس بعد ذلك الى غيره.

وقد اتضح فى آثاره ظاهرتان خطيرتان
أولاهما : إشاعة الفاحشة , وتبريرها ,
وثانيتهما : الإلحاد , ولهذا يوليه الماركسيون إهتماماً خاصاً , و قد استخدموه فى دعوتهم الى الإباحية والى المفاهيم الاهدامة للإسرة والفتاة , وعمل المراة , وعلاقتها بالرجل .


وإذا علمنا انه صنيعة ( طه حسين ) و ( سلامة موسى ) , لم نستغرب اجتهاده فى تحطيم الشباب , فإن أستاذيه كانا يعرفان أنهما يقدمان سماً من نوع خطير الى الاجيال الجديدة , فيخدمان به دعوتهما , ويكوّنان جيلاً يحمل أفكارهما .

هذا وقد كافأته الأيدى الملحدة القذرة بمنحه جائزة نوبل للآداب لعام 1988 لتأليفه رواية ( أولاد حارتنا )وجاء فى حيثيات الترشيح الرسمية أن الرواية تعنى بالبحث الأزلى للانسان عن القيم الروحية ,فأدام وحواء وموسى وعيسى ومحمد وغيرهم من الانبياء يظهرون فى تخفٍ طفيف ,

وقد نُشِرَ ملخص هذه الرواية بجريدة النور عدد ( 22 ربيع الاول 1409 هـ ) , فإذا بها تتضمن الإلحد فى ذات الله , والتفريط فى جنب الله , والاستهزاء بكعبه الله , والتطاول عى مقامات أنبياء الله ,
وتجريح رسل الله , بما فيهم موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين , والاستخفاف بملائكة الله , بحيث يتتحقق فى صاحب هذه الروايه قول القائل :

وكنت امرءاً من جند إبليس فارتقى .............. بى الحال حتى صار إبليس من جندى


ولا نبالغ إذا قلنا فى ضوء هذه الرواية التى رقّعت بوثنيات اليونان , وإباحيات الرومان , وخبث الماسون ,
وإلحاد الماركسيين ,لا نبالغ إذا قلنا إن انتساب ( نجيب محفوظ ) الى البشرية عار على الجنس البشرى , وأولى به ان يرجم كرجم العرب قبر أبى رغال ,وإن الكفر البواح , والشرك الاكبر الذين تلبس بهما ليجعلانه عدواً لدوداً لكل ذى دين ولو كان يهودياً أو نصرانياً , بله المسلم الموحد .}

شعر :

لا بُوركت تلكَ الأكف فإنّها ............ ضَربت على الالبابِ سَداً عَاتيا
حجَبت صديعَ الرُشد عنها فارتمت ...... تجتاب ليلَ الغَى أسفع ناديا
بعثُوا الصحائفَ يلتوينَ كأنما ............... بعثوا بهن عقارباً وأفاعيا
صحفٌ يزلُّ الصدقُ عن صفحَاتِها ........... ويظلُ جدُ القولِ عنها نابيا
ليت الزلازلَ والصواعقَ فى يدى ... ..........فأصُبُهَا للغافِلين قوافيا
فنيت براكينُ القريضِ ولا أرى ...... ما شفنى من جهلِ قومى فانيا
فلئن صمتُّ لأصمتن تجلداً ............. ولئن نطقتُ لأنطقن تشاكيا }

البتار
09-21-2007, 06:43 PM
ورحل الاديب العالمي نجيب محفوظ!!


(وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) (قّ:19)، بهذا الوصف الوجيز البليغ أخبرنا الله عن الموت، وسكرته، وعن الإنسان وحيدته.

ولا شك أن الموت بكل ما يحمله من مشاهد الاحتضار التي يعاني من سكرتها المحتضر، ويعجز المحيطون به عن الدفع عنه، ثم مشاهد الموت حينما يغيب الميت عن حياتنا، ولا يملك أن يعبر عن نفسه، ولا يعرف حال أهله من بعده، مشاهد تملأ القلوب إجلالا وخشية، وتحض النفس على التفكر والتأمل، ولكن الشيطان يحاول دائما أن يصرف الناس عن التأمل والتدبر النافع لهم في أمر آخرتهم.

توفي نجيب محفوظ عن عمر يناهز ال95 عاما –اللهم لا تردنا إلى أرذل العمر- تاركا وراءه تركة تحسده عليها شياطين الجن من هذا الركام الهائل من روايات الجنس والعهر والمسكرات، ومما يزيد الطين بله أن معظمها قد تحول إلى أفلام سينمائية يفني مؤلفوها، ومنتجوها، وممثلوها وتبقى أوزارها، ليحملوا أوزارهم فوق ظهورهم ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم.

وتبقى مصيبته الكبرى، وداهية دواهيه رواية "أولاد حارتنا" -التي منح عليها جائزة نوبل التي لايزال أتباعه ومداهنوه يفتخرون بها- التي كتبها ليكرس فيها ضلالة استغناء الإنسان المعاصر عن فكرة الإله -الذي رمز له بالجبلاوي- بالعلم –الذي رمز له بعرفة- مرددا قول اسياده وكبرائه من فلاسفة الغرب الذين يرون أن الإله مجرد فكرة كاذبة، ادعها المصلحون –الذين هم الأنبياء عندنا- لكي يصلحوا بها العالم، وكان هذا هو الحل المثالي قديما. وأما بعد تطور العلم الحديث، ووصول الإنسان لكل ما يصبو إليه من أمن ورفاهية على وجه الأرض، فلا حاجة لنا بفكرة الإله.

وهذا الرمز في الرواية لم يخف على أي متأمل لها، مما دفع الأزهر إلى منع تداولها بعد نشرها على حلقات في جريدة الأهرام في حقبة الستينات


وتبقى مصيبته الكبرى، وداهية دواهيه رواية "أولاد حارتنا" -التي منح عليها جائزة نوبل التي لايزال أتباعه ومداهنوه يفتخرون بها- التي كتبها ليكرس فيها ضلالة استغناء الإنسان المعاصر عن فكرة الإله -الذي رمز له بالجبلاوي- بالعلم –الذي رمز له بعرفة- مرددا قول اسياده وكبرائه من فلاسفة الغرب الذين يرون أن الإله مجرد فكرة كاذبة، ادعها المصلحون –الذين هم الأنبياء عندنا- لكي يصلحوا بها العالم، وكان هذا هو الحل المثالي قديما. وأما بعد تطور العلم الحديث، ووصول الإنسان لكل ما يصبو إليه من أمن ورفاهية على وجه الأرض، فلا حاجة لنا بفكرة الإله.

وهذا الرمز في الرواية لم يخف على أي متأمل لها، مما دفع الأزهر إلى منع تداولها بعد نشرها على حلقات في جريدة الأهرام في حقبة الستينات.

وكذا جاء ذلك التحليل في أكثر من دراسة حول أدب نجيب محفوظ، بعضها حظي بتقريظ نجيب محفوظ نفسه.

قد يقول قائل: ولكن الرجل قد تاب.

ويعلم الله أن توبة التائب مهما كان جرمه، وأثمه هي الهدف الذي نسعى إليه، وليس إلقاء الناس في دائرة الكفر والباطل، ولكن الذي حدث من نجيب محفوظ هو مجرد الامتناع من نشر الرواية إلا بإذن الأزهر. وهذه ليست توبة. بل مدارة للأزهر، ولعموم المسلمين. ثم إنه قد أعاد صياغتها في رواية "الحرافيش" التي قدم فيها ثلاث مجتمعات صغيرة:

الأول: مجتمع المساجد. ولكي يضفي عليها طابع التخلف اقتصر على مساجد الأضرحة والأولياء.

الثاني: مجتمع الخمارة.

الثالث: مجتمع المقاهي. الذي جعله المجتمع المثالي أمام تطرف المجتمعين الآخرين، مع إسقاطات فلسفية كثيرة تنقض فكرة الإيمان أصلا وموضوعا، ثم إن نجيب محفوظ سيظل هو نجيب محفوظ حتى لو صح الفرض الجدلي بتوبته –وهو لم يصح- فسيبقى أنصاره، وتلاميذه، بل وللأسف ومداهنوه –بعضهم من الإسلاميين- يثنون على ثلاثيته التي ملأها عربدة وعهرا، وعلى سلسة رواياته الإلحادية التي أبدى فيها شكا كبيرا في حقائق الدين، على ألسنة أبطال رواياته، وإن كان لم ينف عن نفسه فعليا في كثير من حواراته، حتى صرح بأنه اضطر إلى الإيمان بقلبه تاركا عقله في شكه كما هو.

وعموما لقد اغتر هذا الرجل بالعلم وبما قدم العلم الحديث للبشرية من رفاهية متناسيا أن الله هو خالق الكون، وهو الذي أودع فيه هذه الأسرار، وهو الذي هدي البشر إليها متى شاء، وكيف شاء.

ونريد أن نسأله هذه الأسئلة –ونحن نعلم أنه لا يملك الإجابة- ولكن لعل الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يتوبون، ولا يتمنون مكانه اليوم.

قضى نجيب محفوظ السنوات الأخيرة من عمره وهو لا يستطيع أن يمسك بالقلم، الذي طالما كتب به ما كتب، هل كان يملي بعض الحوارات المبعثرة على بعض الببغاوات ليكذبوها باسمه في الصحف؟
أمضى نجيب محفوظ السنوات الأخيرة من حياته في آلام المرض والشيخوخة لا يعبأ به الناس، ولا بآلامه إلا حينما تدق الطبول الإعلامية تذكر خبر دخوله المستشفى أو خروجه منها.
عاش نجيب محفوظ حالة احتضار شارونية –نسبة إلى شارون الذي ستظل حالة احتضاره حالة تاريخية نادرة، ترى الناس كيف يستدرج الله أعداءه إلى عارهم وذلهم، وهم لا يدرون. فلو تأمل الصهاينة لحظة لسارعوا إلى إنهاء حالة الاحتضار المخزية لطاغيتهم شارون- وأجهزة عرفة ومعامله تحاول. ولكن هيهات، ترى لو كان يستطيع الكلام، هل كان سيأمر بنزع الأجهزة عنه لعله أن يستريح من عناء الاحتضار مع أن ما بعده أشد منه؟ أم كان سيتشبث بالحياة التى عرفها وأمن بها فرارا من المجهول الذي جحده وتشكك فيه؟

وأخيرا لقد مات نجيب محفوظ. فما الذي سيبكيه؟

المقاهي، والملاهي، ودور السينما.

من الذين سيشيعونه؟

الراقصون، والراقصات، والفنانون، والفنانات.

إن قيمة كل إنسان تعرف على وجه الحقيقة في الفراغ الذي سيتركه عند موته. فما هو الفراغ الذي سيتركه نجيب محفوظ في حياتنا؟ غير ما ذكرنا من أدب الكفر والإلحاد. أو على أحسن الأحوال أدب السكر والعربدة؟

وإذا كان الموت حقا على البر والفاجر، والصالح والطالح، وإذا كانت سكرات الموت شديدة على كل أحد، ولكن كفى بالإيمان مسليا لصاحبه عن آلام الاحتضار. وكفى بالرجاء معزيا لأهل المصائب في مصابهم. وكفى بالصدقات الجارية على أهل الخير والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فضلا ورحمة ورضوان من الله تعالى.

وكما أن هناك صدقات جارية، فكذلك هناك سيئات جارية، كما في الحديث (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، لا ينقص من أجورهم شئ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، لا ينقص من أوزارهم شئ.)

فنصيحة لمن يحب نجيب محفوظ أن يخفف من تراكم الأوزار وتزايدها بما لا يعلم مداه إلا الله سبحانه وتعالى، وأن يمتنع عن نشر باطله، لاسيما ذلك الذي ضمنه الكفر والاستهزاء بالأنبياء وحقائق الإيمان، وإن كان كل تراثه حقيق بأن يتبرأ منه كل مسلم صادق غيور.

فاللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه.َ

البتار
09-22-2007, 11:10 AM
وهلك (نجيب محفوظ)..!



حسين بن رشود العفنان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

(1)

تردى (نجيب محفوظ) بعد أن خيط بجوفه الشك ،واستولى عليه الاضطراب، وهتك عقله الوهم، واستباح قلبه الخوف، و استهوته شياطين الجن والإنس، وغلبته وقيدت حريته، فضاع على وجه تلعب برأسه البلابل والوساوس، كما تلعب الأقدام بالكرة، فتقيأ كل ما في جوفه من إلحاد وفجور في رواياته وحواراته، كحال أساتذته وأقرانه الأشقياء وعلى صدرهم أستاذه سلامه موسى وغيره من خُشارة الكتّاب المنهزمين!

نفق (نجيب محفوظ) بعد أن ملأ رواياته إلحادا وتشكيكا بالله ـ عز وجل ـ وتطاولا عليه، فقال عن ربنا ـ تبارك وتعالى وتقدس ـ في روايته القذرة (موت الإله أو أولاد حارتنا ) وفي غيرها، قولا تشتعل من قِحته الرؤوس وتذوب من قبحه النفوس ـ تعالى الله وتقدس عما يقول هذا الظالم المعتدي ـ!

وفطس(نجيب محفوظ) بعد أن سخر بالأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وقذّر سيرتهم العطرة ـ شرفهم الله عن قول هذا الجاهل المعتوه ـ فوصف عيسى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه معتوه ضعيف العقل لا يغار على امرأته!!، وأن نبينا وحبيبنا محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ زير نساء ومدمن خمر !!

وهلك (نجيب محفوظ) بعد أن استهزأ بالإسلام، وتنقص الشريعة، وهزل بالدين، وصور شخصيات الصالحين صورا منفرة يكذبها الحق وتمجها الحقيقة!

مات (نجيب محفوظ) بعد أن ثلم شرف الشباب والشابات، وجمّل لهم سكك الزنى وطرق الفجور.
فكم من عفيف سقط في شراكه! وكم من شريف هوى في كمينه ؟ وكم من طاهرة نُكس رأسها بسبب إبداعه!وكم من بيت تهاوت دعائمه بسبب إتقانه!

(2)

عرفنا جناية الإعلام وغشه، حين قال في الخائن (نجيب محفوظ) كقول التاريخ في خلفاء الإيمان، وشيوخ الإسلام ،وأعلام الفتح، وأدباء الحق!

وهذه سنته المفضوحة، وهي التسويق للرديء والفاسد، ونصبه منارة هدى ورشاد!

يقول الأديب الإسلامي الكبير د. وليد قصاب ـ متعه الله بالإيمان ـ :

فكم من أديب مجيد ومفكر ألمعي لا يكاد يسمع به أحد، ولم يعرف أدبه الطريق إلى دنيا الناس ولن يعرفه ، وكم من (متشاعرين ) هم اليوم حديث الغادي والرائح ، وهم أغث القوم قولا ، وأسفهم كلمة! (مقالات في الأدب والنقد ،ص114 ـ 115)

فكم أهمل وشكك بمن بلغت صناعته الفنية المنتهى، كالرافعي و الطنطاوي و نجيب الكيلاني وأحمد باكثير وعمر الأميري ومحمد ابن حسين وحلمي القاعود وعدنان النحوي و وليد قصاب وحسن الهويمل وعبد الرحمن العشماوي و عبدالمعطي الدالاتي وغيرهم وغيرهم من القدوات الإسلامية الكبيرة!

لكن التاريخ لن يظلم (نجيب محفوظ) ولن يعتدي على (الإعلام الخائن) لأنه سيسطر الحقيقة وسيفضح الخونة!

(3)

مذ عام 1409 حتى هذا العام1427 والمنهزمون تحت طاولة نوبل ينتظرون متى ترميهم بـ (عظمة) العالمية والإبداع! لأنهم أتوا بما لم يأت به إبليس، من إلحاد وفجور ولأنهم (أرقاء ) لا يجرؤ أحدهم أن يحكم بعالميته وإبداعه، دون الرجوع إلى سيده الكافر (أقصد الآخر)!

أي أننا مذ بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحتى الآن لم ننتج إلا نجيب محفوظ!

رأفة بعقولنا وعقول أجيالنا!فإن أذهاننا على عبقريتكم لا تقوى!

(4)

وهذه الصوايخ الإعلامية أوهمت بعض الأدباء : أن (نجيب محفوظ) جسر لا بد من عبوره إلى عالم الإبداع، فقتلوه بحثا ودراسة ،ومجدوا صناعته السردية ولمعوا أدواته الفنية، وأرهبوا النابتة والشباب والشيوخ بالجمود والرجعية، إذا لم يقرؤوا (نجيب محفوظ) ولم يعترفوا به! مع أن نبع ثقافته شحيح ،مقارنة بأدبائنا الذين ينهلون من إشراقات الوحيين، ومن إبداعات المسلمين ، إضافة إلى ما ينقونه من نتاج الكفار والغربيين وهذا المنتهى ـ والله ـ في الأصالة والتميز!

ولا يريد الأعداء من هذه (العملقة) إلا أن يضطروك فتتعلم قِحه (نجيب) وفجوره،فتخدش توحيدك، لذة دنياك ونعيمها، وتجرح عفتك، شرف حياتك وتاجها.

(5)

يقول الأستاذ الكبير العلامة أنور الجندي ـ رحمه الله تعالى ـ :
وأن الباحث في آثار نجيب محفوظ يجد ظاهرتين خطيرتين : الأول: الجنس ، والثاني: الإلحاد (الصحافة والأقلام المسمومة ص 209)

يقول الناقد الإسلامي الكبير حسن الهويمل ـ بارك الله في أيامه ـ :
{إن نجيب محفوظ لا يحمل هما عربيا ولا قوميا ولا إسلاميا في كل رواياته وانه لم يخدم الأدب العربي ولا الإسلامي ولا يهمه ذلك ، وهو في الحقيقة يخدم المؤسسات الماسونية وغيرها من المؤسسات المناهضة والمحاربة للإسلام...

وأضاف الهويمل قائلا: أنه عندما لم تجد هذه المؤسسات التي يخدمها نجيب محفوظ أي ملاحظات إسلامية عليه ولا على أدبه قامت بمنحه جائزة نوبل العالمية ومن لم يصدق ما أقول فليقرا رواية(أولاد حارتنا)}

{تحت المجهر ص 176 ـ 177 لفضيلة الشيخ عبد العزيز السدحان}

ويقول فضيلة الشيخ المربي عبد العزيز السدحان ـ تتابعت عليه الخيرات ـ عن نجيب محفوظ أنه : (صاحب فهم ماركسي علماني يمثل مذهب الرمزية...){تحت المجهر ص 172 لفضيلة الشيخ عبد العزيز السدحان}

وصلى الله وسلم على نبينا وعزنا وقدوتنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين

ملحوظة: كل هذه المقالات منقولة وليس لي من الامر سوي تجميعها من اكثر من مصدر فجزي الله كتابها خيرا

البتار
09-23-2007, 09:03 AM
سلامة موسى

ترجمته([1]) :

قال الزركلي في الأعلام عنه: سلامة موسى القبطي المصري: كاتب مضطرب الاتجاه والتفكير . ولد عام 1304هـ في قرية كفر العفي بقرب الزقازيق. وتعلم بالزقازيق وباريس ولندن. ودعا إلى الفرعونية. وشارك في تأسيس حزب اشتراكي، لم يلبث أن حله الإنجليز واعتقلوه وسجنوه مدة. وجحد الديانات في شبابه وعاد إلى الكنيسة في سن الأربعين، وأصدر مجلة "المستقبل" قبل الحرب العامة الأولى وتعطلت بسبب الحرب. وعمل في التدريس، ثم رأس تحرير مجلة الهلال وكل شيء، حتى عام 1927، وقام بحملة على الصحافة اللبنانية بمصر، فنشرت دار الهلال رسائل بخطه تثبت أنه كان عيناً عليها لحكومة صدقي .

وصنف وترجم ما يزيد على 40 كتاباً ، طبعت كلها. منها: "حرية الفكر وأبطالها في التاريخ" و"نظرية التطور وأصل الإنسان" و"غاندي والحركة الهندية" و"أشهر قصص الحب التاريخية" و"التجديد في الأدب الإنجليزي الحديث" و"اليوم والغد" مقالات من إنشائه. و"التثقيف الذاتي" و"فن الحياة" و"العقل الباطن أو مكنونات النفس" و"المرأة ليست لعبة الرجل" و"تاريخ الفنون وأشهر الصور".

وجمع الناشرون مقالات له، بعضها مترجم، في كتب منها "اليوم والغد" و"مختارات سلامة موسى" و"في الحياة والأدب" .

وكتب في مجلات وصحف متعددة لم يكن يستقر في الانقطاع إلى إحداها، إلى أن مات عام 1378هـ في أحد مستشفيات القاهرة. وكان كثير

التجني على كتب التراث العربي، يناصر بدعة الكتابة بالحرف اللاتيني([2]).

ملخص فكره:

تدور أفكار النصراني سلامة موسى حول نشر الاشتراكية والعلمانية في بلاد المسلمين؛ كشأن صاحبيه فرح أنطون وشبلي شميّل ، إلا أنه فاقهم في ذلك؛ بحكم كونه مصري النشأة، مما جعله أجرأ منهم في نشر انحرافاته، وأكثر إنتاجاً.

ولقد تميز سلامة موسى عن صاحبيه –أيضاً- بتطرفه في الدعوة إلى تحرير المرأة، وتسهيل السبل أمامها للسفور والتبرج.



انحرافاته:

1- نصرانيته؛ فهو أحد أقباط مصر.

2- بغضه للإسلام وأهله، ومحاولة تزهيد الشباب عن التمسك به، وتصويره بأقبح الصور

يقول الهالك عن أمنياته وهو في سن الستين :

(لن أكف عن تأليف الكتب المقلقة، مثل: نظرية التطور، أو حرية الفكر. خمائر صغيرة أبعثها في أنحاء الوادي وغيره إلى الأقطار العربية؛ كي أزعزع التقاليد السوداء، وأحرق العفن الذي تركته على العقول المطموسة) (تربية سلامة موسى، ص 291).

ويقول: (ربما كان الأزهر أكبر ما عاق تفكيري الحر) (المرجع السابق، ص 338).

و(نادى بأن تتكاتف الجمعيات الخيرية القبطية لمواجهة أعدائها)! (العلمانية وطلائعها.. ، ص175-176).

3-دعوته إلى العلمانية في بلاد المسلمين؛ فهو أحد طلائعها.

يقول: (إذا خرج الدين من دائرة علاقة الإنسان بالكون، وأخذ يقرر أصول المعاملة بين الناس، من تجارة وزواج وامتلاك وحكومة ونحو ذلك، فإنه عندئذٍ يقرر الموت لكل من يؤمن به) (مقدمة السبرمان، ضمن المؤلفات الكاملة لسلامة موسى 1/23).

ويقول : (الرابطة الدينية وقاحة. فإننا أبناء القرن العشرين أكبر من أن نعتمد على الدين جامعة تربطنا) (اليوم والغد، ضمن المؤلفات الكاملة لسلامة موسى، (1/661).

-يقول فتحي القاسمي: (ما انفك سلامة موسى يدافع عن مشروعه العلماني على امتداد خمسة عقود من الزمن) (العلمانية ..، ص305)

-ويقول : (كان كتابه "مقدمة السبرمان" 1910م دعوة مبكرة للعلمنة -التي تواتر ذكرها فيه مراراً- ) (السابق، ص178)

-ويقول عنه أيضاً-: (كان يطمح إلى بناء مجتمع علماني) (السابق، ص217-218).

4-دعوته إلى الاشتراكية:

حيث (كان طبعه لكتاب "الاشتراكية" بمصر 1913م دعوة ملحة من أجل قيام مجتمع اشتراكي فكراً وممارسة) (السابق، 178).

يقول سلامة: (إني أعتقد بالمستقبل الاشتراكي للعالم كما لمصر، وأعمل له) (تربية سلامة، ص 319).

ويقول : (ليس في العالم من تأثرت به وتربيت عليه مثل كارل ماركس) (السابق، ص 313).

-ويقول عنه موسى صبري: (هو في مقدمة العقول التي دعت إلى الفكر الاشتراكي في مصر) (أبي، لرؤف سلامة موسى، ص25،26).

-ويقول القاسمي في كتابه (العلمانية وطلائعها في مصر):

(لقد استمر سلامة موسى يدعو إلى الاشتراكية على امتداد نصف قرن) (ص 253) .

وقال عنه –أيضاً-: (أُشْرب قلبه حب الاشتراكية والمبادئ التي نادى بها ماركس) (السابق، ص172)

وألف في ذلك كتاباً بعنوان (الاشتراكية) –كما سبق-.

5-دعوته إلى وحدة الأديان: وهذه الفكرة من أخطر الأفكار وأخبثها في صرف المسلمين عن دينهم، أو ترويج الكفر بينهم ورضاهم به، وخلط الحق بالباطل([3]).

وقد غلف الهالك دعوته تلك بالترويج لفكرة (الإنسانية) التي اقتبسها من إخوانه نصارى الغرب ؛ لتمرير فكرة (وحدة الأديان) بين المسلمين.

يقول فتحي القاسمي: (كان سلامة موسى قد تربى منذ شبابه على حب الإنسانية، وظل تعلقه شديداً بآراء "نيتشه" الذي مجَّد قوة الإنسان، واعتبر سلامة موسى ثاني من عرّف بآراء "نيتشه" في الشرق، وذلك منذ سنة 1909م. وقد كان إفراطه في الاعتداد بالإنسان، والإيمان بتفوقه شديداً لما كان طالباً بلندن، وهو ما حفزه على تأليف باكورة إنتاجه "مقدمة السبرمان" الذي بدا فيه نيتشياً إلى النخاع) (العلمانية.. ص239).

-ويقول سلامة عن نفسه: (إني أؤمن بالمسيحية والإسلام واليهودية) (تربية سلامة موسى، ص 317).

ويقول : (إن جميع الأديان سواء، حيث إنها تنشد الحياة الطيبة) (السابق، ص254).







وقال معلقاً على أبيات الملحد ابن عربي:

وقد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعىً لغزلان ودَير لرهبـان

وبيــت لأوثان وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قـرآن

أدين بدين الحـب أنى توجهت ركائبه فالحـب ديـني وإيماني

(من الحسن أن تذاع مثل هذه الأبيات الذهبية وتُعلق في بيوتنا على الجدران)!! (السابق، ص 258).

6-دعوته إلى تحرير المرأة: (حيث كان من المعجبين بمظاهر تحرر المرأة الفرنسية، وخصوصاً الإنجليزية، وكان من المتأثرين بالحركة النسائية في العالم) (العلمانية..، ص 260).

و(كان متحمساً للاختلاط بين الجنسين، ومعتبراً التحرر الجنسي عند الفرنسيين –مثلاً- سعادة) (السابق، ص 263)

7-دعوته إلى (الدارونية) : ثم التدرج منها –كما فعل أصحابه- إلى تطور الأديان؛ لمحاولة صرف المسلمين عند دينهم.

-يقول سلامة موسى عن نظرية دارون بأنها : (غرست في نفسي مزاج الكفاح ؛ لأنها تصدت للعقائد والتقاليد) !! (تربية سلامة موسى، ص176)

-ويقول : (التطور ناموس عام يشمل جميع الجهود الإنسانية الأدبية والمادية والاجتماعية لا تستثني في ذلك الأديان والمذاهب) (مختارات سلامة موسى، ص59).

-بل وصل به تطرفه في الدعوة إلى نظرية دارون إلى أن قال بأن على : (أبناء الشعوب العربية أن يجعلوا من التطور عقيدة، بل عقيدة دينية، إذا كفر بها إنسان فإنه لن يعاقب على كفره بجهنم بعد الموت، ولكنه يعاقب بالموت أو الفقر والذل وهو حي في هذا العالم)! (الإنسان قمة التطور، سلامة موسى، ص 137).

-وقد (أصدر كتابه "نشوء فكرة الله" 1912م لبيان أن التوحيد سابق للأديان السماوية !! وقد اعتمد في ذلك على آراء "جرانت إلين") (العلمانية..، ص178).

8-دعوة المسلمين إلى الامتزاج بأوروبا والغرب، موهماً إياهم بأن ذلك السبيل الوحيد للنجاح والفلاح، يقول سلامة:

(الرابطة الحقيقية التي تثبت على قاعدة وترسخ ولا تتزعزع، هي رابطة الحضارة والثقافة، هي رابطتنا بأوربا التي أخذنا عنها حضارتنا الراهنة، ومنها تثقفنا ثقافتنا الجديدة) (اليوم والغد، ضمن المؤلفات الكاملة لسلامة موسى(1/662).

9-دعوته إلى محاربة اللغة العربية والانتقال عنها إلى اللاتينية!، يقول الهالك : (لن يكون في بلادنا نهضة علمية، ولن ترقى الصناعة إلا حين تتخذ الحروف اللاتينية أي لن تستعرب العلوم إلا إذا "استلتن" الهجاء العربي) (البلاغة العصرية واللغة العربية، سلامة موسى ، ص165).

هذه أبرز انحرافات النصراني القبطي سلامة موسى على عجل، تكشف مدى مساهمته في حمل لواء التغريب في بلاد المسلمين، حيث ضلل الكثيرين من أبناء الإسلام ممن رأوا فيه (طليعة) حضارية ! وعقلاً متقدماً ، فتربوا على أفكاره وتراثه ، فكان لهم المرشد إلى الشر،ومن هؤلاء علي سبيل المثال نجيب محفوظ صاحب الروايات الوضيعة..
أسأل الله أن يبصر المسلمين بأعدائهم ، وأن يُحبط كيد اليهود والنصارى، وينصر دينه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) نقلاً عن الأعلام للزركلي (بتصرف يسير)، والعلمانية وطلائعها في مصر، لفتحي القاسمي (ص 170 وما بعدها).

([2]) أحمد أبو كف، في مجلة الكتاب العربي : العدد 28 وإبراهيم التيوتي، في جريدة العلم بالرباط 15/8/1958 والعهد الجديد 13/8/58 والأهرام 10/8/58.

([3]) انظر لمعرفة خطر هذه الفكرة الكفرية: كتاب (الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان) للشيخ بكر أبو زيد –وفقه الله-.

البتار
09-24-2007, 12:35 PM
طه حسين، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، سلمان رشدي، حيدر حيدر، وغيرهم من الكتاب: لماذا يتهجمون على الإسلام؟

بقلم مصطفى فرحات




هو سؤال يتبادر إلى الذهن عندما نجد هذا الكم الهائل من الذين تصدروا ساحة الأدب العربي و الإسلامي – والذين أريدَ لهم أن يكونوا حاملي رايته في العصر الحديث – وهم يحملون هما موحدا وقاسما مشتركا جمعهم على اختلاف أوطانهم وتعاقب أزمانهم، ألا وهو الطعن في الإسلام، فلماذا هذا التهجم؟ ولماذا تبنى أمجاد أمثال هؤلاء على بقايا الإسلام الجريح الذي لا زال يئن و ينزف، و لا زالت عواصف الفتن والكيد تنخر في جسده الطاهر المتماسك على الرغم من شدة وقع الحوادث والخطوب؟ ولماذا تحفل وسائل الإعلام العربية والغربية بأمثال هؤلاء بينما تسعى إلى تهميش كل أديب لا زال يحمل بين ضلوعه قيما وأفكارا أرضعها مع مبادئ الإسلام و منهجه؟


بين العقاد و طه حسين


لعل أحد الأمثلة البارزة فيما نحن الآن بصدد ذكره ما حدث للأستاذ العقاد و طه حسين، فإنه على الرغم من تبحر الأستاذ العقاد في ميادين الأدب العربي وغيره، وفي ميادين الفلسفة والفكر بمختلف أنواعه، مما جعله يتقدم طه حسين وجل طبقته في مصر والعالم العربي، إلا أن التفخيم والتشهير اللذين نالهما الدكتور طه حسين كانا أكثر مما ناله الأستاذ العقاد، بل إنه لم يتحصل – حسب علمي – على أية جائزة جديرة بالذكر والاعتبار، بينما حصل طه حسين على العديد من الجوائز في مصر وأوروبا، ولُقب بعميد الأدب، وأُبرز للناس على أنه رائد الثقافة والأدب العربيين دون منازع. ولعل المتأمل لما يحدث في الساحة الإعلامية اليوم يدرك سر التعتيم الذي مورس على الأستاذ العقاد، فنزعته الإسلامية التي تحكمت في كثير من كتبه بشكل جلي وواضح، إضافة إلى دفاعه المستميت على الموروث الثقافي العربي والإسلامي، وتهجمه العلمي على كثير من الآراء والأفكار الغربية ونقدها نقدا قويما مما خلق له العداء مع كثير من المثقفين في زمنه، كل ذلك كان له الأثر الواضح في سياسة تجعل من التبعية إلى العالم الغربي مفتاح كل نجاح وسر كل فوز.
ومن كان في شك من ذلك كله، فليقرأ كتبه التي خلفها شاهدة على منهجه، ليقرأ "حقائق الإسلام وأباطيل خصومه" ليعرف زيف الشبه المثارة حول الإسلام، ثم ليقرأ سلسلة العبقريات في ترجمة بعض أعلام الصحابة، وليقرأ بعدها كتبه في الإسلاميات، ثم ليقارن بما تركه طه حسين بين أيدينا، ليقرأ آراءه حول الشعر الجاهلي في كتاب يحمل هذا العنوان، وينظر بجلاء كيف يشكك في وجود تراث شعري مثل هذا التراث، فيقرر أنه من وضع الأدباء بعد الإسلام، وهو بذلك يكرر أسطوانة المستشرق "مارجوليوث" التي ذكرها قبل طه حسين بسنة واحدة. ومن تأمل أفكار طه حسين عرف سر سطوع نجمه، كيف يقرر أن القرآن حوى جملة من الأساطير ككون إسماعيل وإسحاق عليهما الصلاة و السلام أخوة، وأنه لا يمكن لنا التقدم والرقي حتى نأخذ ما في الحضارة الغربية بحذافيرها خيرها وشرها، إلى غير ذلك من الآراء التي تخالف الإسلام جملة وتفصيلا. وهذا لا يعني أننا نصنف طه حسين في مصاف الجهال، بل إن كتاباته تشهد أنه على قدر كبير من المعرفة، وإنما ذكرنا هذا لنعلم سر المفارقة بينه وبين من هو أفضل منه، ولماذا يُشهّر هو ويُقبر ذاك.



شيطان الحكيم!!




ثم نعرج إلى ذكر مثل آخر.. ألا وهو مثل توفيق الحكيم، فإنه كذلك من الأدباء الذين كان لهم دور بارز في حركة الأدب العربي في القرن العشرين، إلا أنه كسابقه كان يصطاد في الماء العكر الذي أهله – ربما – لأن يكون من الأسماء العربية اللامعة في مجال الأدب. الشيطان عند توفيق الحكيم يبرز بوجه غير الوجه المذكور في الكتب السماوية، بل وحتى في أذهان الناس، فهو عنده كائن مظلوم لا يستحق ما ألصق به من الصفات والألقاب. يصوّر توفيق الحكيم في إحدى قصصه الشيطان بهذه الصورة.. يندم على عصيانه أوامر ربه فيذهب ليستفتي شيخ الأزهر إن كانت له توبة، ولما كان علم شيخ الأزهر محدودا ولم يكن يتصور وقوع نازلة كهذه، فإنه يحيله إلى من هو أرفع منه، فيذهب إلى جبريل سائلا هل له من توبة، وجبريل كغيره لا يمكنه الإجابة عن سؤال مثل هذا فيكل ذلك إلى رب العالمين، فلمّا يصعد الشيطان إليه، يُلعن ويُطرد ويُعلَم أنه ليست له توبة.و تأخذ الشيطان حالة من اليأس والشعور بالألم والظلم، فينادي:
أنا الشهيد، أنا الشهيد، فتناديه السماوات والأرض والجبال: أنت الشهيد، أنت الشهيد. فتخبطات الصرع من أمثال هذا الكلام الذي لا زال الكثير يصر على إدماجه في ميدان الأدب الواسع لدليل على سبب اشتهار أولئك الكتاب عند العام والخاص في الدول العربية والغربية، لا لبراعتهم في الكتابة والأدب، بل لكونهم من الذين ساهموا في تحطيم كل القيم والرموز الثابتة التي تقض مضجع المستعمر وتُعيق إحكام قبضته الحديدية على العالم بأسره، وصدق قول أحدهم فيه: "لا توفيق ولا حكمة"!


نجيب محفوظ... أديب بلا أدب



يظن البعض أن هذا المقال يهدف إلى تحطيم كل رموز الأدب العربي في العصر الحديث، كما يظنون أن التحامل والإجحاف سببا كل ما نذكره هنا، إلا أننا نقر بهدوء ويقين أننا أبعد ما نكون عن ذلك كله، وحسبنا أن نقدم الدلائل المنطقية التي تؤيد صحة ما ذكرنا ولا ضير أن نخالف كائنا من كان بعد ذلك. يعد نجيب محفوظ نقطة من نقاط التحول في تاريخ الأدب الحديث، فهو العربي الأول الذي يحظى بنيل الجائزة التي يحلم الكل بأخذها ليسطر اسمه في صحائف التاريخ. وعلى الرغم من كون نجيب محفوظ من الذين يتميزون بعبقرية التصوير الفني والكتابة القصصية، إلا أن الذي يقرأ رواياته يدرك أن هذا لم يكن المعيار الوحيد لنيله جائزة دولية كهذه، وذلك لوجود من هو مثله أو أفضل منه، إلا أن الفارق بينه و بين غيره هو تلك الأفكار التي يبثها في رواياته، ولا نريد أن نتكلم هنا عن بعض المقاطع التي تلهب الغريزة البشرية لأن المعترض له أن يقول أنه بصدد تصوير واقع لا غير، ولكن الذي يهمنا هنا هو هجومه الصارخ على القيم والثوابت الإسلامية، ونرى معه عبر صفحات قصصه قوله مبررا ردة أحد أبطال رواياته وتخليه عن الإسلام: "وأين الدين؟ ذهب يوم ذهب رأس الحسين"، ناهيك عن نصوص الشك في الإسلام وقيمه التي حشا بها كثيرا من كتبه، بل صرح هو نفسه أن شخصيات قصصه إنما كانت تعبر عما يدور هو في نفسه. وذكر في تصريح صحفي أنه قد قال عبر قصصه كل ما يريد قوله، وسئل مرة عن من كان يمكن له استلام جائزة نوبل للأدب غيره، فذكر أن أحق أحد بها هو الأديب المفكر سيد قطب – رحمه الله – لولا أنه انحرف!! (بمفهوم نجيب محفوظ طبعا). فنحن نرى أن كاتبا كهذا هذه أفكاره وتوجهاته، ثم إنه لم يظهر العداء للكيان الصهيوني الذي طالت يده أجزاء من مصر، لجدير أن ينال كل تكريم وجائزة، ونردد نحن ما قاله القاضي عبد الوهاب المالكي البغدادي:
أصبحت فيمن لهم دين بلا أدب
ومن لهم أدب عار عن الدين
أصبحت فيهم وحيدا (لا أنيس معي)
كبيت حسان في ديوان سُحنون



سلمان رشدي، لا سلم و لا رُشد !!


وحكاية سلمان رشدي أشبه ما تكون بقصص الخيال التي نادرا ما تتجسد على أرض الواقع. إنها قصة رجل مغمور لا يسمع به، احترف مهنة الكتابة في زمن كثر فيه المدعون، وذات يوم قرر أن يكتب عن الإسلام، فكتب "آيات شيطانية" التي رفعته إلى مصاف الرجال المشاهير، وبين عشية أو ضحاها، لفت أنظار العالم كله إليه، وأصدرت الجمهورية الإيرانية فتوى بقتله ورصدت لذلك مكافأة تقدر بملايين الدولارات، وأنكر العالم هذا التصرف، مطالبا بضرورة احترام الحريات الفردية ولكل كاتب أن يكتب ما يريد، فصار سلمان رشدي حينئذ من أشهر الناس على الإطلاق لدرجة أنه استدعي من طرف الرئيس الفرنسي في قصر (الإيليزيه) بباريس قصد تكريمه، مع العلم أن فرنسا نفسها أصدرت قرارا بمنع كتاب المفكر "رجاء غارودي" المعنون بـ: "الأساطير المؤسسة للدولة الإسرائيلية" من الصدور وفرضت على كاتبه غرامة مالية بتهمة "العداء للسامية" مع أن كتابه جار على النسق العلمي!! وهكذا كان الإسلام مطية يتخذها الطاعنون ليبلغوا قمة المجدوالشهرة بالرغم من تفاهة مؤلفاتهم وضعف مستواهم العلمي والأدبي.


"حيدر حيدر" يقدم نفسه وليمة لأعشاب البحر ! !



وتكرر نفس السيناريو مرة أخرى مع كاتب سوري يزاول مهنة التعليم في الشرق الجزائري، لم يسمع أحد به إلى اليوم الذي أصدر روايته "وليمة لأعشاب البحر"، والتي طارت به في سماء الشهرة والأضواء.وكسابق المشاهد المتكررة، يُتخذ الإسلام غرضا للطعن والتشويه، كما تتخذ القيم والثوابت موضوع كتابة يجمع الغث
والسمين، وعلى حد تعبير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"لحم جمل غث على جبل وعر، لا سمينا فينتقى، ولا سهلا فيرتقى".وينساق الكاتب المغمور في هذيانه المحموم حتى يتطاول على الله سبحانه وتعالى، فيصفه بكونه فنانا فاشلا، لأن أنف حبيبته طويل!ولو أنصف الجاهل نفسه لعلم أنه هو الفاشل حقيقة، لا يحسن غير الإساءة لله والإسلام، وأن وجود أمثاله ممن يكتبون لدليل على فشل الأمة التي صار كل شيء فيها حمى مستباحا لكل من هب ودب، اللهم إلا الحكام الذين صاروا أقدس !


الإسلاميون و الرقابة


وككل بادرة، وعند كل شاردة وواردة من أمثال هذه القضايا، يتعالى صوت الإسلاميين من كل حدب وصوب، بالحكم على المؤلف بالردة تارة، وبالمطالبة بسحب كتابه تارة أخرى، مما يجعل لقضية الكاتب أبعادا أخرى تختلط فيها السياسة بالقيم، فيعوي فرد من هنا ويصيح آخر هناك مطالبين باحترام حقوق الإنسان والحريات الشخصية.وإنه لمن الجدير بالذكر أن نقول أولا إن الضجة الإعلامية التي صار وراءها الإسلاميون قد زادت في السنوات الأخيرة مع انتشار الصحوة الإسلامية المباركة، وإننا نرى ذلك علامة من علامات الصحة لا المرض، ولنا أن نذكر أن كتابات أمثال أولئك الذين تشابهت قلوبهم قبل عشرين سنة لم تكن تلقى مثل هذه المعارضة التي تلقى اليوم، إلا أنه ينبغي لنا أن نعلم جيدا أن مسائل الأدب و الرقابة والانضباط بضوابط الشرع لا يمكن أن تنطلق من فراغ، فإن غياب الحكم الإسلامي الفعلي في الدول الإسلامية كان أكبر عامل لبروز أمثال هؤلاء الذين يتخذون الطعن في الإسلام مطية للبروز إلى فضاء الشهرة وعالم الأضواء.ولذلك كان لزاما على كل المتصدين ألا ينساقوا وراء هذه اللعبة القذرة، فإن كثيرا من الكتّاب الطاعنين يراهنون على اشتهارهم بمدى معارضة الإسلاميين لكتاباتهم، ولو تُركوا في ركن ركين لا يؤبه بهم لعادوا من حيث أتوا، و لما كان لهم ذكر في هذا الوجود الذي انقلبت فيه معظم الموازين. وثمة شيء آخر نحب التنبيه عليه، وهو أن كثيرا من أمثال هذه القضايا يراد لها أن تبرز إلى الوجود قصد تحوير الرأي العام وصرفه عن قضايا أهم من ذلك كان الأولى أن يلتفت إليها وتؤخذ بعين الاعتبار كقضية السلم المزيف في الشرق الأوسط وانتفاضة فلسطين وقصف العراق وأمثال ذلك من القضايا التي يراد لها أن تمرر في صمت رهيب سببه اشتغال المسلمين بقضايا أعقد وأخطر (أو أهون و أحقر) كقضية "حيدر حيدر" وأمثاله من المهزومين الذين لا وزن لهم، وعلينا جميعا أن نلتزم وصية الشاعر القائل:
لو كل كلب عوى ألقمته حجرا لعزَّ هذا الصخرُ مثقالٌ بدينار



أدب ومأدبة


وعلينا أن نعلم كذلك أنه ليس كل من تصدى للكتابة كاتب، ولا كل من تبجح بكونه أديبا يعدُّ كذلك، فإن كثيرا من الذين تسموا بالأدباء إنما فعلوا ذلك ليشبعوا نهم بطونهم وينساقوا وراء غرائزهم، همهم الإطاحة بكل أصيل جميل، ولعمري لئن كان الفن جمالا، فإن الحق لهو ذروة الجمال ومصدره، والأديب الحق هو الذي يسعى لنشر الفضائل وطمس الرذائل، ينصر الحق ويعلي رايته، ويهزم الباطل ويُدحض حجته، أما تسويد الأوراق بالحبر، فإنه لا يعدو أن يكون هذيانا، وإن أصر أصحابه على التسمي بالأدباء فإننا نشد قول الشاعر:


تصدى إلى التدريس كل مهوَّس بلـيد تسمـى بالفقيه المُدَرِّس
فحُقَّ لأهل العلم أن يـتمثـلوا ببيت قديم شاع في كل مـجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها و حتى سامها كل مُـفلس

أبو عمر الأزهري
12-30-2008, 06:16 AM
الموضوع مختوم مثبت ياثبتَكَ الله على الحق
أحسنَ اللهُ إليكَ في الدنيا والآخرة كما تمدنا بهذه الموضوعات التي هي كالدرر .

احمد الزيني
12-30-2008, 05:31 PM
جزاك الله خيراً ..
مقالة رائعة

أم عبد الرحمن السلفية
01-04-2009, 04:10 AM
ما شاء الله .. تبارك الله .
جزاكم الله خيراً ونفع بكم .

أبو يوسف السلفي
12-28-2009, 10:58 PM
جزاكم الله خيرا