المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العزلة............العزلة.........


*زهرة الفردوس*
12-16-2009, 02:55 AM
مقدمة
الحمد لله الذي رفع السّموات بغير عمد، وبسط الأرض في مدد،وخلق الإنسان في كبد،الفرد الصّمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد،والصّلاة والسّلام على أبي الزّهراء أمين من في السّماء خيرة الأولياء ماطارطيرفي السّماء ،وماترنّم الهواء،وما لمع نجم في الظلماء،وعلى آله الأصفياء وصحبه الأتقياء ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لقاء ربّ الأرض والسّماء أمّا بعد:

جرت سنّة الله في خلقه ألا يقوم لهم معاش ولا تستقيم لهم حياة إلا بالاجتماع و التآلف قال الله تعالى
((يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.))

فنزعة التعرّف إلى النّاس و الاختلاط بهم نزعة أصيلة في التوجيهات الإسلامية وهومن دواعي الطّبع التي تجزئ عن تكليف الشرع ،والإنسان اجتماعي بطبعه وتعدّ حياته في نطاق الجماعة يتفاعل معها.فبالعيش مع الجماعة وحسن العلاقة تستقر النفوس،وتصحّ العلوم،وتنتشر المعارف،فيعبد الله على بصيرة،وتتّضح معالم الدّين من إقامة الجمعة و الجماعات،و القيام بحقوق الناس في العبادات والمعاملات.

و في المقابل يلحظ المتأمل عند بعض الأفاضل والأخيار عزوفا عن الاجتماع والخلطة وميلا إلى الانفراد والعزلة والانطواء على ذات أنفسهم،وقد يظهر منهم نحو إخوانهم جفاء ونفرة متذرعين بفساد الزمان وكثرة سبل الضّلال وصولاته ونشاط دعاة السّوء وغيرها

فكانت العزلة عن الخلق موضوعا شائكا،إذ يحصل فيه التوهمات نظرا لخطإ المعطيات،وقد اختلف العلماء في أيّّهما أفضل؟ .
لذا اهتم العلماء ـ رحمهم الله ـ بالتأليف في هذا الموضوع

تعريف العزلة:

لغة: تقول عزل الشيء يعزله عزلا وعزّله فاعتزل وانعزل وتعزّل،أي نحاه جانبا فتنحّى،وتعازل القوم:انعزل بعضهم عن بعض،واعتزلت القوم أي فارقتهم وتنحّيت عنهم

العلماء القائلون بالعزلة وأدلتهم:

فممّن رأى باستحبابها حاتم الأصم، سعدبن أبي وقاص، سعيدبن زيد، مالك بن أنس،سفيان الثوري، إبراهيم بن أدهم، الفضيل بن عياض، حذيفة المرعشي، بشر الحافي ( 9) وحجتهم الكتاب والسنة وأقوال السلف،فقالوا هي سنة المرسلين، فكان أول من اعتزل إبراهيم ـ عليه السلام ـ ، قال الله تعالى:
((وأعتزلكم وما تدعون من دون الله))
فاعتزلهم لما يئس منهم وخاف على نفسه.وقال تعالى حاكيا قصة أصحاب الكهف:
((وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف)))
قال ابن كثير:وهذا هو المشروع عند وقوع الفتن .وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه

أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
(أي الناس أفضل؟فقال:رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه،قال:ثم من؟ قال مؤمن في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره )
متفق عليه.

وقد ذكر هؤلاء الأفاضل فوائد عزلتهم عن الناس من التفرغ للعبادة، والإستئناس بمناجاة الله لتحقيق معرفته، ثم السلامة من الوقوع في المعاصي وانقطاع أسبابها من الزور كالغيبة والنميمة، و الرياء و العجب ومسارقة الطبع من أخلاق الناس الرديئة، ثم إن كثيرا ممّن يعاشر الناس يصطدم بما لا يحمد من أخلاقهم فهنالك يجد الكبرياء، والزهو، والطمع، و التلون ونكران الصنيعة، ونكث العهد، ولا نجاة من هذه الشرور إلا في العزلة
لذا كان التخلص من شرهم وأذيتهم صيانة للدين عن الخوض في الخصومات و الفتن.قال عمر رضي الله عنه في العزلة راحة من خلطاء السوء.

العلماءالقائلون بالخلطة وأدلتهم

وممّن رأى باستحباب الخلطة والاختلاط بالناس سعيد بن المسيّب، وابن أبي ليلى، وهشام بن عروة، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وسفيان بن عيينة، وشريح القاضي وعامر الشعبيوهو قول الجمهور والسلف واستدلوا كذلك بالوحيين على ماذهبوا إليه.

فمن الكتاب قوله تعالى:
(( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكروأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا...))
وقوله تعالى:((إنما المؤمنون إخوة ))
وقوله تعالى: (((وشاورهم في الأمر))
ولا تكون مشورة إلا بالاجتماع معهم لا بالعزلة عنهم،
وقوله تعالى:
((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض))).

ومن السنّة قوله صلى الله عليه وسلم:
(مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهروالحمى) رواه الشيخان،

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( المؤمن مرآة أخيه والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه )البخاري في الأدب المفرد

وعن بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(المؤمن الذي يخالط الناس ويصبرعلى أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولايصبر على أذاهم )الترمذي وغيره

وعلى هذا جرى العمل في حياة الأنبياء و المرسلين،حيث عايشوا مجتمعات طغت عليها دنايا النفوس، وانقلبت موازين الأمور، وانتشر فيها الغي والفساد، وانعدمت فيها مكارم الأخلاق، وما ملّوا وما كلّوا في تبليغ رسالات ربهم وأداء الأمانة الملقاة على عاتقهم ، وصبروا على أذى أقوامهم حتى أظهرهم الله عليهم وجعل العاقبة لهم ولأتباعهم إلى زمان المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم وما جرى له مع قومه.. إلى أن كمّل الله له الدّين وأتمّ عليه النعمة، وفتح الله به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، وأقر عينه بالفتح المبين والنصر المستبين..

وقد ألقوا بين أيديهم عدة أسئلة...

- هل إذا اعتزل الناس سيصلح المجتمع؟
فمن سيقوم بواجب التبليغ،و الأمربالمعروف والنهي عن المنكر؟
- وإذا انسحب الصالحون و المصلحون من الساحة من سيقود الجمع؟ فلم الرضا بالضعف و التقهقر في مهاوي الإحباط،
- العزلة ضعف وعجز وهروب من الواجهة، ثم إنّ في المخالطة من المقاصد الدينية والدنيوية ما يستفاد من الاستعانة بالغير والقيام بحاجاتهم من تعلّم وتعليم، ونفع وانتفاع، وتأدّب وتأديب وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر .

فصل النزاع:

الفاصل بين الاختلاط بالناس والانعزال عنهم هو تحقّق الانتفاع بالمخالطة:
- من تعلّم العلوم الشرعية
- أو مصاحبة العلماء والزهّاد
- أوالتحلّي بالأخلاق الحميدة
- والقيام بشعائر الإسلام
- وتكثير سواد المسلمين
- وإيصال أنواع الخير لهم من إعانة وإغاثة وعيادة وغيرذلك.
أما إذاترتّب على هذا الاختلاط مفاسد عظيمة:
- كالاشتغال عن ذكر اللّه أو الوقوع في المعاصي أو ارتكاب الأخلاق المرذولة،كان من الأولى العزلة مع مراعاة للآداب والضوابط:
- كأن يعتقد أن عزلته عنهم ليسلم الناس من شرّه فيدفعه ذلك إلى استصغار نفسه والتواضع لا أن يسلم هو من شرّهم فيذهب به الحال إلى العجب بالنّفس والاستعلاء على الخلق، والإخلال بحقوق الآخرين كالسعي في حاجاتهم بالنّفس والنفيس والغالي والثمين،قال الإمام الخطابي:"إنّ العزلة يجب أن تكون تابعة للحاجة وجارية مع المصلحة

هذا وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين


منقووووووووووول

امة السلام
12-16-2009, 10:11 AM
بارك الله فيك و نفع الله بك و جعله ربي في ميزان حسناتك
اللهم ءامين

أم حُذيفة السلفية
12-16-2009, 01:00 PM
ماشاء الله
جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ

الشمعة المتفائلة
12-16-2009, 01:12 PM
جزاكِ الله خيراً وأحسن إليكِ