المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفريغ المحاضرةالأولى لدورة تفسير القرآن الكريم /فضل تعلم القرآن الكريم وتفسيره


أم أيمن
11-10-2009, 07:53 PM
تفسير سورة الفاتحة


المحاضرة الأولى


المقدمة/ فضل تعلم القرآن وتفسيره

الحمد لله حمدا يليق بجلال وجهه، وعظيم سلطانه ,الحمد لله الذي افتتح كتابه بالحمد فقال : الحمد لله رب العالمين ,وافتتح خلقه بالحمد فقال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ[الأنعام:1]، واختتمه بالحمد فقال بعد ذكر مآل أهل الجنة وأهل النار: وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الحمد لله القائل: "إن هذا القرءان يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا فلله الحمد والشكر والثناء، الذى جعل كتابه هدى وشفاء ورحمة ونوراً، وتبصرة وتذكرة،وبركة وهدى وبشرى للمسلمين.
والصلاةوالسلام على خاتم المرسلين, النبي الأميِّ الأمين, وعلى آله وأصحابه والسائرين علىهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد :فإنَّ أصدقَ الحديثِكتابُ الله , وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله ُعليه وعلى آله وصحبه وسلم , وشرَّ الأمورمحدثاتهُا , وكلَّ محدثة بدعة , وكلَّ بدعة ضلالة , وكلَّ ضلالة فى النار .
حيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس وشرح الله هذه الصدور، وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً . واسأل الله الذي جمعنا في هذه الدنيا الفانية على هذه الشبكة الصغيرة أن يجمعنا في الآخرة في جنة عالية قطوفها دانية إخوانا على سرر متقابلين .

فضل تعلم القرآن وتفسيره هو عنوان لقاءنا في هذا اليوم ,حديثنا طويل وحتى لا ينسحب بساط الوقت من بين أيدينا سريعاً سوف أركز الحـديث في العناصر الآتية:
1- فضل تعلم القرآن.
2- المرجع في تفسير القرآن
3- معنى كلمة " التفسير
4- فضل علم التفسير
5- الأستعاذة /معنى الاستعاذة والفرق بينها وبين اللياذ
6- صيغة الإستعاذة/ حكم قراءتها ومحلها
7- فضل التعوذ.
8- أركان الأستعاذة
9- الرجيم / الفرق بين الرجيم والمرجوم

أخواتي الفاضلات إن من أعظم نعم الله على العبد هدايته إلى الصراط المستقيم, وتثبيته على المنهجالقويم؛ وإن من أعظم ما يهتدى به القرآن الكريم, القرآن كلام الله جل وعلا، وهذا أعظم دليل على إعجاز القرآن، فمصدرية القرآن دليل على إعجازه فهو كلام الله الذى يصل فضله على كل الكلام كفضل الله على كل الخلق، فهو الكتاب الذيلا يأتيه الباطلمن بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .
القرآن هو كلام الله الذى تحدى به البشرية عامة وتحدى به المشركين خاصة وما زال التحدى قائماً إلى يوم القيامة قال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (88) سورة الإسراء
أنزل الله القرآن ليكون منهج حياة وليكون دستور لنا فى معاشنا ومعادنا من حين أنزله وحتى يرث الله الأرض ومن عليها, ففى القرآن الكريم الفلاح والنجاح وهو شفاء لما فى الصدور .
القرآن الكريم هو : كلام الله العظيم و حبلُ الله المتين , وهو النورُ المبين وصراطه المستقيم، نور للبشرية جمعاء ودستور أنزله رب السماء ونبراس يضئ جوانب الأرض والفضاء..نقل الله به الناس من غياهب الجهل والشرك والظلمات إلى نور الحق والهداية, عصمةٌ لمن تمسكَ به , ونجاة لمناتبعه, لما سمعته الجن تعجبوا فقالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا"...وهو أساس رسالة التوحيد، وحجة الرسول الدامغة وآيته الكبرى، وهو المصدر القويم للتشريع، ومنهل الحكمة والهداية، وهو الرحمة المسداة للناس، والمحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك. فلله الحمد والمنة على نعمه الجمة.. فسبحانك لاتشكر نعمتك إلا بنعمتك ولا تنال كرامتك إلا برحمتك..

كِتَابٌ أُحْكِمَتْءَايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ من الآية 1 سورة هود
وَإنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ(41لَّا يَأْتِيِه البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيِلٌ مِنْحَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)) فصلت
فيهنبأُ ما قبلَكم , وخبرُ ما بعدَكم , وحكمُ ما بينكم .هو الفصلُ ليس بالهزلِ, مَنْ تركه من جبارٍ قصمه الله ,ومنابتغى الهدى فى غيره أضلَّهُ الله .
وقد تكفَّلَ اللهُ تعالى لمن قرأالقرآن وعمل بما فيه ألا يضل فى الدنيا, ولا يشقى فى الآخرة .

فقال تعالى : فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَايَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ )(123)وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةًضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124)قَالَ رَبِّ لِمَحَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَ‌ٰلِكَ أَتَتْكَآيَاتُنَا فَنَسِيتَهَاوَكَذَ‌ٰلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَىٰ (126) وَكَذَ‌ٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِوَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ127طه

ومن أعظم حقوق القرآن على الأمة التى أنزل الله على نبيها القرآن آن تقرأ القرآن بتدبر بتفهم بتعقل: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) وقراءة القرآن قٌربةٌمن أعظم القُربات , وعبادةٌ من أجَلِّ العباداتِ , يُعطي الله تباركَ وتعالى عليها منالأجر والثواب , مالا يعطي على غيرِها ؛ وقال صلى الله عليه وسلم) فضل كلام الله سبحانه وتعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى علىخلقه)رواه الترمذي وقال حسن غريب،وضعفه الألباني. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم(إن هذا القرآن مأدبةالله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله، وهو النور المبين،والشفاء النافع، لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، ولا يعوج فيقوّم، ولايزيغ فيستعتب،ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوتهبكلِّ حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول ألم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميمعشر) رواه الدارقطني والحاكم وصححه،
ومما لا شك فيه أن القرآن الكريم هو أفضل ما يُتعلم، وأفضل ما يُعلَّم، ومصداق ذلكقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خيركم من تعلَّم القرآنوعلمه)رواه البخاري .
ولقد كانَ صلَّى اللهُ عليه وسلم ,يحثُّ على الاجتماعِ على قراءةِ القرآنِ ومدارستهِ ؛فكانَ صلَّى اللهُ عليهو سلَّمَيقولُ : ( وما اجتمعَقومٌ في بيتٍ من بيوتِ الله , يتلونَ كتابَ اللهِ تعالى , و يتدارسونَهُ فيما بينهم , إلا نزلتْ عليهم السكينةُ , و غشيتهمالرحمةُ , و حفتهمُ الملائكةُ , و ذكرهم اللهُفيمنْ عندَهُ)
والمؤمن مأمور بتدبر هذا الكتاب العظيم؛ فلابد لنا من قراءة القرآنومدارسته وتدبر معانيه والاجتماع على ذلك . فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعاً لأصحابهِ , كما قال النبيُّ , عليه الصلاةُ والسلام .(اقرأوا القرآن فإنه يأتي يومالقيامة شفيعاً لأصحابه ) رواه مسلم
وتتحددُ منازلُ النَّاسِ ودرجاتهم فى الجنةِ , على قدر مافى صدورِهم منالقرآنِ ؛كما قال النبيُّ عليهالصلاةُ والسلامُ(يُقالُ لقارئ القرآن : اقرأ , وارْقَ , ورتِّلْ , كما كنت ترتِّلُ فى الدنيا , فإنَّ مَنزِلتَك عِندَ آخرِ آيةٍ تقرؤها)
ويجب علينا العمل بما جاء في القرآنالكريم وذلك بأن نحل حلاله ونحرم حرامه ونقف عند حدوده وذلك بأن يكون القرآندستوراً لنا نطبقه في حياتنا كلها ولا يمكن ذلك إلا بمدارسته ومعرفةمعانيه وألفاظه وأسباب نزوله ومعرفة الناسخ والمنسوخ منه وتعلم تفسيره.
ومن أجل فنون العلم وأشرفها علم التفسير الذي هو تبيين معاني كلام الله عز وجل, يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وإن الحاجه ماسة لهذا العلم فهو من أعظم العلوم وأفضلها
قال العلماء إنما شرف العلم بشرف المعلوم فلما كان المعلوم متعلقا بكتاب الله كان هذا العلم شرف رفيع .
وإنَّا لنحمدُ اللهَ تباركَوتعالى على ما مَنَّ به عَلينا مِنْ الأنشغال بكتابه الكريم وتفسيره وتدبر معانيه , وإنها لنعمة كبيرة من الله نسأله أن يديمها علينا ويرزقنا الأخلاص في القول والعمل والقبول .
وتعلم التفسير واجب لقوله تعالى : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِصّ:29فالله تعالى بين أن الحكمة من إنزال هذا القرآن المبارك ؛ ليتدبر الناس آياته ، ويتعظوا بما فيها ,والتدبر هو التأمل في الألفاظ للوصول إلى معانيها ، فإذا لم يكن ذلك ، فاتت الحكمة من إنزال القرآن ، وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها .ولأنه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه .وقال تعالى : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا(محمد:24)
فالله تعالى وبخ أولئك الذين لا يتدبرون القرآن ، وأشار إلى أن ذلك من الإقفال على قلوبهم ، وعدم وصول الخير إليها .
وكان سلف الأمة يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ بذلك يتمكنون من العمل بالقرآن على مراد الله به فإن العمل بما لا يعرف معناه غير ممكن .
وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا.
نسال الله أن يعيننا على دراسة وفهم هذا العلم العظيم المتعلق بكتاب الله سبحانه وتعالى
وأن نستشعر عظمة هذا العلم وأننا نؤدي عبادة جليلة من تدبر لكتاب الله إلى نفع لعباد الله إلى دعوةإلى الله إلى تحفيز لقراءة هذا التفسير المبارك.

أم أيمن
11-10-2009, 07:54 PM
المرجع في تفسير القرآن

1- قال الحافظ ابنكثير في مقدمته "إن خير ما يُفسر به القرآن بالقرآن "
أي أن أفضل التفسيرللقرآن يكون بالقرآن نفسه.
2- - ثم بالسنة المُطهرة " الحديث الشريف " سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه مبلغ عن الله تعالى ، وهو أعلم الناس بمراد الله تعالى في كتاب الله . ولأن القرآن جاء مجملاً والسنة مفصلة وموضحة ومبينةلما جاء به القرآن الكريم.
3- . فإن لم يوجدفبأقوال الصحابة ,كلام الصحابة رضي الله عنهم لا سيما ذوو العلم منهم والعناية بالتفسير ، لأن القرآن نزل بلغتهم وفي عصرهم .
4- . وبكلام كبار التابعين وعلماء السلف, الذين اعتنوا بأخذ التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم .



معنى كلمة " التفسير:


أ‌- لغة: البيان والإيضاح، قال تعالى :
﴿ ولا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلاَ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا(33) ﴾ الفرقان.
﴿ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(44)﴾ النحل.
ب- اصطلاحا: هو علم يبحث في القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله بقدر الطاقة البشرية.
فضل علم التفسير
أ- معرفة حقائق الإيمان.
ب- معرفة الأحكام الشرعية.
ج- معرفة منهج الله.
﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَمُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾

﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَـٰذَاالْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِاللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾الحشر 21

﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَالْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِاللَّهِ ذَ‌ٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُفَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) ﴾ الزمر 23
الأستعاذة
إذا جئنا لنقرأالقرآن هل الشيطان سيتركنا ويقف يتفرج علينا هكذا دون أن يتدخل ؟ لا , إنه لنيتركنا في حالنا كي نتقرب إلى الله تعالى ونتدبر آياته فنفهمها ونهتدي بهديها .
إذاً فماذا نفعل يا رب ؟
الجواب : ( فَإِذَا قَرَأْتَالْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) [النحل/98 .
فالله سبحانه وتعالى يرشدنا بأنه لا أحد في الوجود يستطيع أن يحمينا منالشيطان وشره إلا خالقه وهو الله جل جلاله .فلكي نقرأ القرآن على الوجه الأكمل لابدلنا من أن نطرد الشيطان ، فلذلك نلجأ إلى الله ليحمينا منه ومن وسوسته .
اذا من آداب القراءة , أن يستعيذالقارئ بالله عز وجل من الشيطان الرجيم , لقوله تعالى﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾النحل98 لذا جرت عادة المفسرين بتقديمالكلام عن الاستعاذة قبل تفسيرسورة الفاتحة .
فَإِذَا قَرَأْتَ: الكلام كان موجهاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وما وُجّه للرسول في مثل هذه الأمور فمن باب أولى أن يأخذ به أتباعه.فإذاأردتأن تقرأالقرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
فَإِذَا قَرَأْتَ : العرب في لغتهم إذا قالوا (إن) معناه إحتمال وقوعه قليل فإذا قالوا(إذا) معناه أن ما بعدها إحتمال وقوعه قوي أو واسع أو كثير. فعندما يستعمل القرآن كلمة (إذا) معناه أن الأصل أن تقرأ القرآن (فإذا قرأت القرآن) هذا حاصل. ثم عندما دخلت (إذا) على الفعل الماضي و هي لما تستعمل في الزمان ﴿إذا جاء نصر الله﴾ قرّبته من المستقبل إلى واقع الحال يعني هو أمر قريب.
﴿ فإذا قرأت القرآن) ﴾ يعني قراءتك للقرآن مسألة قريبة قائمة.
﴿ فإذا قرأت القرآن فاستعذ ﴾ : الفاء واقعة في جواب (إذا).
إستعذ : أمر من الفعل إستعاذ يستعيذ وهذه صيغة إستفعل فيها معنى الطلب والسعي تسعى في الشيء وتطلبه.


معنى الاستعاذة والفرق بينها وبين اللياذ
والاستعاذة هي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدوالمبين الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه، ولا يقبل مصانعة،ولا يدارى بالإحسان، بخلاف العدو الظاهري من نوع الإنسان كما دلت على ذلك آيات القرآن قال تعالى: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌوَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلا ﴾ [الإسراء: 65


ومعناها : الامتناع , والالتجاء ,والأستجارة والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر فكأن المستعيذ حين يقول : أعوذ بالله , يقول : أعتصم بالله , وألجأ إلى الله , وأمتنع برحمة الله تبارك وتعالى ,وأستجيرُ بالله - دون غيره من سائر خلقه -وأحتمي بالله عز وجل القويالقاهر مما أخشاهمن الشيطان أن يضرَّني في ديني، أو يصدَّني عن حق يلزَمُني لرَبي.


والعياذة تكون لدفع الشر، واللياذ يكون لطلب جلب الخير, كما قال المتنبي:
يا منألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به ممن أحاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ... ولا يهيضون عظما أنت جابره .


وقد نزلت الملائكة لمقاتلة العدو البشري يوم بدر، ومن قتله العدو البشري كانشهيدًا، ومن قتله العدو الباطني كان طرِيدًا، ومن غلبه العدو الظاهر كان مأجورًا،ومن قهره العدو الباطن كان مفتونا أو موزورًا.
ولما كان الشيطان يرى الإنسان منحيث لا يراه ﴿ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ﴾ استعاذ منه بالذي يراه ولا يراه الشيطان.
وهذةالاستعاذة لا تنفع إلا بمعرفتين : معرفةِ المستعيذ ربه , ومعرفتِه نفسه .
أن يعرف المستعيذ ربه بالقدرة , ويعرف نفسه بالعجز . أن يعرف ربه بالقوة , وأن يعرف نفسه بالضعف . أن يعرف ربهبالغنى وأن يعرف نفسه بالفقر . أن يعرف ربه بالقدرة على جلب المنافع الدينيةوالدنيوية , ودفع المضار الدينية والدنيوية ,وأن يعرف نفسه بالعجز عن دفع المضاروجلب المنافع . فإذا تحققت هذه المعارف , آتت الاستعاذة أُكُلها .


صيغة الإستعاذة:

1- الصيغة الأولى ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) واختار هذه الصيغة أكثر العلماء ، لأنها الصيغة التي جاءت بالقرآن .
الصيغة الثانية : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، كما قال تعالى ( فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) .
الصيغة الثالثة : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه .
كما في حديث أبي سعيد الذي عند أبي داود عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله e إذا قام من الليل فاستفتح صلاته وكبر قال ( سبحانك اللهم وبحمدك, وتبارك اسمك وتعالى جدك, ولا إله غيرك ـ ثم يقول ـ أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ) .
- قال ابن كثير : وقد فسر الهمز بالموتة وهي الخنق (الخنقة التى تؤدى إلى الموت) ، والنفخ الكبر ، والنفث الشعر [ الشعر المذموم ] .
﴿ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ﴾ جمهور المسلمين قالوا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أدناها., وأكملها ماجاء عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول(أعوذبالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه . (.

ذهب جماهير العلماء أن الاستعاذة تكون قبل القراءة ، ويدل لذلك :
قوله تعالى ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ) المعنى : إذا أردت القراءة فاستعذ بالله .
قال الشنقيطي في قوله تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله : إنه على حذف الإرادة ، أي إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله ، والدليل على ذلك تكرر حذف الإرادة في القرآن ، وفي كلام العرب ، لدلالة المقام عليه ، كقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم .. ) الآية ، أي إذا أردتم القيام إليها . [أضواء البيان : ]
وأيضاً فعل النبي r ، فإنه كان يستعيذ قبل القراءة .
وقال بعض العلماء : تكون الاستعاذة بعد القراءة ، على ظاهر الآية ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ) . والراجح قول الجمهور .

وكما تشرع الاستعاذة بالله منالشيطان الرجيم عند قراءة القرآن ,فإنها أيضا تشرع فى مواضع أخرى.
تشرع الاستعاذة : عند دخول الخلاء , فمعلوم أن من السنة إذا أراد أحدكم دخول الخلاء أن يقولبسم الله اللهم إنى أعوذ بك من الخُبُث والخبائث .لأن النبيَّ قال: إن هذه الحشوش مُحتضَرةٌ . الحشوش : أماكن الخلاء , سواء كانتمبنية أو فضاء . إن هذه الحشوش محتضرة ؛ أى : تحضرها الشياطين . فإذا أتى أحدكمالخلاء فليقلاللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث . والمراد : ذكران الشياطين وإناثهم .

وعند إرادة مباشرة الرجلأهله ,كما فى الحديثلو أن أحدَكم إذا أراد أن يأتيَأهله قال بسم الله , اللهم جنِّبنا الشيطان , وجنِّبْ الشيطانَ ما رزقتنا ,فإنه إنقُدِّر بينهما ولد , لم يكن للشيطان منه نصيب.
, وإذا نزل العبد منزلا؛ يقول ) أعوذ بكلماتالله التامات من شر ما خلق(يبقى في حفظ الله .( حتى يرحل, لم يضره شئبإذن الله عز وجل .
وفي كل صباحومساء , وعند النوم , فقد علَّم النبيصلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يقول إذا أصبح , وإذا أمسى , وإذا أوى إلى فراشه(اللهم فاطرَ السموات والأرض ,عالِمَ الغيبِ والشهادة , ربَّكل شئ ومليكَه ,أشهد أن لا إله إلا أنت , أعوذ بك من شر نفسي , وشر الشيطان وشِركه , وأن أقترف على نفسي سوءا ,أو أجره إلى مسلم .
فهذه بعض المواضع التى تشرع فيها الاستعاذة بالله عز وجلمن الشيطان الرجيم .

والاستعاذة ليست من القرآن بإجماع ، وقد ورد لفظ التعوذ في عدة مواضع في القرآن الكريم ، منها :
﴿ ... قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾البقرة/67
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ هود/47
﴿ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً ﴾ مريم/18

أم أيمن
11-10-2009, 07:58 PM
حكم قراءتها ومحلها :


يُنْدَب ، أي يستحب لقارئ القرآن الكريم أن يفتتح التلاوة بالاستعاذة سواء أكانت التلاوة من أول السورة أو من وسطها. فجمهورالعلماء على أنها مستحبه عند القراءة وليست واجبة , وإن كانت الآية جاءت بصيغةالأمر﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِمِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ النحل98 . ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْبِاللَّهِ ﴾مِنَ الآية 200 الأعراف يأمرنا الله إذا وجدنا وسوسة أن نستعيذ بالله , ولم يقل أحد بوجوبالاستعاذة عند وجود الوسوسة , فكذلك الراجح أنها لا تجب عند القراءة .
أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه، وهو قول القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وأما فى الصلاة , فهل يجهر بها فىالصلاة الجهرية أم يُسِرُّ ؟

إذا أرادالإمام أن يقرأ فى الصلاة الجهرية فهل يَجهرُ بالاستعاذة أم يُسر؟
الراجح , أنه يسر بها , ولا يجهرإن كانت القراءة جهرية.
وهل يستعيذفى كل ركعة , أم يكتفى بالاستعاذة فى أول ركعة ؟الراجح , أنه يستعيذ فى الركعة الأولى وتكفيه , وإذااستعاذ فى كل ركعة فلا مانع ولا حرج.
أمر الله تعالى بالاستعاذة عند أول كل قراءة فقال تعالى﴿ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ﴾
والأستعاذة طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفثوتطييب له وتهيؤ لتلاوة كلامالله.
وقد رُوي عن ابن عباس، أن أول ما نـزل جبريلُ على النبي صلى الله عليه وسلم عَلَّمه الاستعاذة.
عن عبد الله بن عباس، قال: أول ما نـزل جبريلُ على محمد قال: "يا محمد استعذ، قل: أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم"، ثم قال: قل: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ثم قال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق: 1].
قال عبد الله: وهي أول سورة أنـزلها الله على محمد بلسان جبريل .فأمره أن يتعوذ بالله دون خلقه.
وروي عن ابن مسعود أنه قال: قلت أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم؛ فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا ابن أم عبد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأني جبريل عن اللوح المحفوظ عن القلم .



فضل التعوذ.

روى مسلم عن سليمان بن صرد قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أني لأعلم كلمة لو قالها لذهب هذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
وروى مسلم أيضا عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا قال: ففعلت فأذهبه الله عني.
وروت خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نزل منزلا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل .
الحكمة من الاستعاذة قبل القراءة :
أولاً : أن القرآن شفاء لما في الصدور يُذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات .
ثانياً : أن الملائكة تدنو من قارىء القرآن وتستمع لقراءته ، والشيطان ضد الملك وعدوه ، فأمر القارىء أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه .
ثالثاً : أن الشيطان يُجلب بخيله ورجله على القارىء حتى يشغله عن المقصود بالقرآن .
رابعاً : أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير أو يدخل فيه .
1- فيها دليل على أن الإنسان ينبغي أن يطلب العون من الله على الطاعة وعلى مجاهدة عدوه .
2- وفيها دليل على اعتراف العبد بالعجز وقدرة الرب .
3- وفيها أنه لا وسيلة إلى القرب من الله إلا بالعجز والانكسار .
4- وفيها الإقرار بالفقر التام للعبد ، والغنى التام لله سبحانه وتعالى .
5- فيها أنه لا نجاة من الشيطان الجني إلا بالاستعاذة ، أما الشيطان الإنسي فكما قال تعالى ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) وقال تعالى ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) .
قال ابن كثير : وهو أن الله تعالى يأمر بمصانعة العدو الإنسي والإحسان إليه ليرده عنه طبعه الطيب الأصل إلى الموالاة والمصافاة ، ويأمر بالاستعاذة به من العدو الشيطاني لا محالة إذ لا يقبل مصانعة ولا إحساناً ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم .



وإلى هنانكتفي بهذا القدر ,فما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو زلل أو نسيان فمنى ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه .
نسأل الله العظيم ,رب العرش العظيم , أنيجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا, ونور صدورنا, وجلاء أحزاننا , وذهاب همومناوغمومنا . اللهم ذكِّرنا منه ما نُسِّينا , وعلِّمنا منه ما جهلنا, وشفِّعه فينا, واجعله حجة لنا لا علينا, وارزقنا تلاوته آناء الليل , وأطراف النهار لعلك ترضى عنا .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين ,وصلى الله وسلم وبارك على نبينامحمد , وعلى آله وصحبه أجمعين
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لاإاله الا أنت نستغفرك ونتوب اليك





http://www.ashefaa.com/picup/uploads/d5a8124dcb.gif (http://www.ashefaa.com/picup)


http://www.ashefaa.com/picup/uploads/7274a12e7e.gif (http://www.ashefaa.com/picup)

ام احمد المصرية
04-28-2010, 03:28 PM
جزاكِ الله كل خير معلمتنا الفاضلة