المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأصوات التي يصدرها جسم الإنسان ( آدابها وأحكامها في الفقه الإسلامي )


عبد الملك بن عطية
08-16-2009, 11:14 PM
الأصوات التي يصدرها جسم الإنسان
( آدابها وأحكامها في الفقه الإسلامي )

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
أما بعد:فهذا جهد المقل أردت من خلاله إيضاح كثير من الأحكام والآداب التي تتعلق بأصوات تصدر من جسم الإنسان - غير الكلام والنطق الذي تميز به الإنسان عن غيره من مخلوقات الله - ولها حكم في الشريعة ،وأدب في السنة علينا مراعاة ذلك لتكتمل شخصية المسلم الراقية .ولم أقصد من جمعي هذا استقصاء كل الأصوات التي يمكن أن تخرج من جسم الإنسان وخاصة الفم فقد ذكر أئمة اللغة من ذلك الشيء الكثير (انظر لبعضها : فقه اللغة (1 / 47)للثعالبي، المخصص (1 / 177)لابن سيده) ،وليس له حكم شرعي ولا أدب مرعي ،فأعرضت عن ذلك إعراضاً كاملاً .
ثم إنني اطلعت على مشاركة في ملتقى أهل الحديث يقترح فيها بعض الأعضاء دراسة الأحكام الشرعية لجسم الإنسان ،ففرحت بذلك لعلي أشارك فيها بما كتبت ولكنني لم أجد ما كنت أرجو ،فمضيت في مشروعي مستعيناً بالله على التوفيق والتمام .

رأفت بن حامد بن عبدالخالق
2- محرم – 1430 هـ
عــــدن – اليمن

عبد الملك بن عطية
08-16-2009, 11:19 PM
تتمة للبحث ( ليست في المرفق ) :

الصفير


التعريف :
التصفير: من صفر، التصويت بدفع الهواء من الفم عبر الشفتين المجموعتين.معجم لغة الفقهاء (1 / 132)،لسان العرب (4 / 460)، النهاية في غريب الأثر (3 / 69) ،ويكون الصوت خاليا من الحروف .التعاريف (1 / 459) ،المصباح المنير (1 / 342) .

الأحاديث والآثار الواردة في ذلك :
- عشر خصال عملها قوم لوط بها أهلكوا وتزيدها أمتى بخلة إتيان الرجال بعضهم بعضًا ورميهم بالجُلاهق والخذف ولعبهم بالحمام وضرب الدفوف وشرب الخمور وقص اللحية وطول الشارب والصفير والتصفيق ولباس الحرير وتزيدها أمتى بخلة إتيان النساء بعضهن بعضًا (رواه ابن عساكر (50/322) عن الحسن مرسلاً وفيه إسحاق بن بشر كذاب .قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (3 / 378)1233:موضوع .

- عشرة من أخلاق قوم لوط الخذف فى النادى ومضغ العلك والسواك على ظهر الطريق والصفير بالحمام والجُلاهق والعمامة التى لا يتحلى بها والسكينية والتطريف بالحناء وحل أزرار الأقنية والمشى بالأسواق والأفخاذ بادية (رواه الديلمى (3/36 ، رقم 4081) من طريق إبراهيم الطيان عن الحسين بن القاسم الزاهد عن إسماعيل بن أبى زياد الشاشى عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس ، والطيان والثلاثة فوقه كذابون)

- ثلاث من الميسر القمار والضرب بالكعاب والصفير بالحمام (أبو داود فى مراسيله (2 / 99)489 عن يزيد بن شريح التيمى مرسلاً) مراسيل أبي داود ،وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (7 / 446)3441 : ضعيف .

- عن أبي أيوب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن التصفير فقال: "ليّ الشدق". رواه الطبراني وفيه واصل بن السائب وهو متروك. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد . (8 / 30)13268

الأحكام :
حكم الصفير:
اختلف العلماء في حكم الصفير ، على قولين :
القول الأول :الكراهة أو التحريم،واستدل أصحاب هذا القول بالآية بقول الله - عز وجل-: "وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية..."[الأنفال: 35]، فقالوا: بأن هذه الآية دليل على النهي عن التصفير والتصفيق . وهو من خصال الجاهلية ، ومن مساوئ الأخلاق .
الآداب الشرعية (4 / 57)،فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (26/390)الفتوى رقم ( 6213 )

القول الثاني : الجواز بناء على أنه من قبيل العادات، وخرّجوا الآية على أنها في حال العبادة فقط .
قال العثيمين :....أما التصفير فأكرهه كراهة ذاتية، ولا أستطيع أن أقول: إنه مكروه كراهة شرعاً, لأنه ليس عندي دليل, وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال وتصفق النساء) فهذا في الصلاة, وأما قوله تعالى: وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً [الأنفال:35] والمكاء: التصفير, والتصدية: التصفيق, فهؤلاء كانوا عند المسجد الحرام يتعبدون الله بذلك, بدل أن يركع ويسجد يصفق ويصفر. أما إنسان رأى شخصاً تفوق عن غيره وأراد أن يشجعه وصفق فلا أرى في هذا بأساً, أما التصفير فأنا أكرهه كراهة ذاتية, وليس عندي دليل, ولو أن شخصاً طلب مني دليلاً، فلا أستطيع أن أقول: عندي دليل.
لقاءات الباب المفتوح [119] الخميس 24 من شهر شوال عام (1416هـ).ومجموع الفتاوى (3 / 427)

والأقرب أن الإنسان لا يصفر، فإنه ورد عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قول الله - عز وجل-: "وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية..."[الأنفال:35]،قال: (كانت قريش تطوف في البيت عراة تصفر وتصفق، والمكاء: التصفير، والتصدية: التصفيق، وكذلك أيضاً ورد ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهما- ومجاهد ومحمد بن كعب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، والضحاك وقتادة في جمع من السلف، فابن عمر- رضي الله عنهما- كما ذكر ابن جرير قال: المكاء الصفير، والتصدية: التصفيق، وذكر ابن عمر - رضي الله عنهما- أنهم كانوا يضعون خدودهم على الأرض ويصفقون ويصفرون، وكذلك كما أسلفت ورد عن مجاهد ومحمد بن كعب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن...إلخ، فالأقرب لذلك أن الإنسان لا يصفر. تفسير الطبري (13 / 521)، تفسير ابن كثير (4 / 52)، تفسير القرطبي (7 / 400)

مسألة: يكره تنبيه الإمام في الصلاة بالصفير عند الحنابلة لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً } .الفروع لابن مفلح (2 / 224) ،شرح منتهى الإرادات (1 / 460)

عبد الملك بن عطية
08-16-2009, 11:23 PM
التأوه والأنين



تعريفه :
(أنّ) وهو صوتٌ بتوجّع. قال الخليل: تقول: أنّ الرجل يئِنّ أنيناً وأنّةً وأنّاً، وذلك صوتُه بتوجُّع ،ويقال رجل أنّانٌ، أي كثير الأنين. معجم مقاييس اللغة لابن فارس (1 / 31) ،لسان العرب (13 / 28) ،تاج العروس (1 / 7959)، الصحاح في اللغة (1 / 25) ،وقال الجرجاني :الأنين صوت المتألم للألم .التعريفات (1 / 57) ،وفي معجم لغة الفقهاء (1 / 94) :الأنين: صوت التوجع " إن إن " والأنة: المرة من الأنين .
والتأوه: قول آه، آه من ألم ونحوه..معجم لغة الفقهاء - (ج 1 / ص 119)
والأيهة: التأوه والأنين.المحيط في اللغة (1 / 326)

الأحاديث الآثار الواردة في ذلك :
- قال أبوبكر بن أبي شيبة :حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث قال قلت لطلحة إن طاوسا كان يكره الأنين قال فما سمع له أنين حتى مات .المصنف (7 / 210) 35412 ، حلية الأولياء (5 / 18)

- أنين المريض تسبيح، وصياحه تهليل، ونفسه صدقة ونومه على الفراش عبادة، وتقلبه من جنب إلى جنب، كأنما يقاتل العدو في سبيل الله، يقول الله تعالى: اكتبوا لعبدي أحسن ما كان يعمل في صحته، فإذا قام ومشى كان كمن لا ذنب له .
أخرجه الخطيب (2/191) عن أبى هريرة، وقال : كلهم معروفون بالثقة إلا البلخى فإنه مجهول . وأخرجه أيضًا : ابن الجوزى في العلل المتناهية (2/864 ، رقم 1449) ، والذهبى فى الميزان (8/82 ترجمة 292) ، والحافظ في اللسان (2/267 ترجمة 1117) كلاهما في ترجمة الحسين بن أحمد البلخى . وقال العجلونى (2/266) : قال الحافظ ابن حجر : ليس بثابت . والحديث أورده القارى في المصنوع (ص 166 ، رقم 299) ، وفى الموضوعات الكبرى (ص 209 ، رقم 826) ، بلفظ : "المريض أنينه" .
وهو ضعيف ، وقال المتقي الهندي :رواه الخطيب والديلمي عن أبي هريرة وقالا رجاله معروفون بالثقة إلا حسين بن أحمد البلخي فإنه مجهول .كنز العمال (3 / 560) 6705

- عن عائشة قالت دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندنا عليل يئن فقلنا له اسكت قال :دعوه يئن فإن الأنين اسم من أسماء الله يستريح إليه العليل .
أخرجه الرافعى (4/72) . قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) انظر حديث رقم : 2985 في ضعيف الجامع

الأحكام :
التأوه والأنين في الصلاة :

اختلف الفقهاء في الأنين في الصلاة على أحوال :
الحالة الأولى : لَوْ أَنَّ فِي صَلَاتِهِ أَوْ بَكَى وَارْتَفَعَ بُكَاؤُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ ، لِأَنَّ الْأَنِينَ أَوْ الْبُكَاءَ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ يَكُونُ لِخَوْفِ عَذَابِ اللَّهِ وَأَلِيمِ عِقَابِهِ وَرَجَاءِ ثَوَابِهِ فَيَكُونُ عِبَادَةً خَالِصَةً وَلِهَذَا مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى خَلِيلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالتَّأَوُّهِ فَقَالَ { إنَّ إبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ { إنَّ إبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ } ؛ لِأَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ التَّأَوُّهِ فِي الصَّلَاةِ { وَكَانَ لِجَوْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزِيرٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ فِي الصَّلَاةِ } ، ومدح الباكين بقوله تعالى : { خروا سجدا وبكيا } وقال : { ويخرون للأذقان يبكون } وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالصَّوْتُ الْمُنْبَعِثُ عَنْ مِثْلِ الْأَنِينِ لَا يَكُونُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ فَلَا يَكُونُ مُفْسِدًا ؛ وَلِأَنَّ التَّأَوُّهَ وَالْبُكَاءَ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ بِمَسْأَلَةِ الْجَنَّةِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْ النَّارِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ كَذَا هَذَا .
وهذا قول الحنفية ،والمالكية والشافعية ،والحنابلة .

الحالة الثانية : وَإِنْ كَانَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ يُفْسِدُهَا،وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ كَانَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَكَلَامُ النَّاسِ مُفْسِدٌ ،لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ التَّأَسُّفِ وَالْجَزَعُ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَعِينُونِي فَإِنِّي مُتَوَجِّعٌ .
وهذا قول الحنفية ،وذهبت الشافعية إلى أنه لا يفسد الصلاة ،وهو مذهب المالكية إلا أن يكون بصوت ،وعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ : إذَا قَالَ آهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ ، وَإِذَا قَالَ : أَوْهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛وذهب أحمد إلى الكراهة إن كان كثيراً .
قال شيخ الإسلام :وأبو يوسف يقول فى التأوه والأنين لا يبطل مطلقا على أصله وهو أصح الأقوال في هذه المسألة.مجموع الفتاوى (22/621)

الحالة الثالثة : إن كان من مريض لا يفسد الصلاة ،وهذا قول مالك .

الحالة الرابعة : إن كان من صحيح يكره عند مالك ،والثوري ،ويبطل الصلاة عند المالكية وإن قل .

الحالة الخامسة : إن كان له حروف تسمع وتفهم أفسد الصلاة ،عند الحنفية والمالكية والشافعية ،وقال الحنابلة :إذا كان مغلوباً عليه فلا يفسد الصلاة ،وإن كان غير مغلوب عليه ولغير خوف الله أفسدها .

أخيراً :
قال شيخ الإسلام : وقد تبين أن هذه الأصوات الحلقية التي لا تدل بالوضع فيها نزاع في مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد وأن الأظهر فيها جميعا أنها لا تبطل فإن الأصوات من جنس الحركات وكما أن العمل اليسير لا يبطل فالصوت اليسير لا يبطل بخلاف صوت القهقهة فإنه بمنزلة العمل اليسير وذلك ينافي الصلاة بل القهقهة تنافي مقصود الصلاة أكثر ولهذا لا تجوز فيها بحال بخلاف العمل الكثير فإنه يرخص فيه للضرورة والله أعلم . الفتاوى الكبرى (2 / 227)

المراجع : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2 / 417)،تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (2 / 246) ،التمهيد (22 / 134)،الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (3 / 17)،مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل (4 / 307)،الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية(1 / 84 )،المجموع (4 / 89)،مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج (3 / 7)،المغني (1 / 741)،الفروع لابن مفلح (2 / 243) .


الأنين للمريض :

فيه للفقهاء قولين :
أحدهما :
يكره له التأوه والأنين لان طاوساً رحمه الله كرهه ،وكذلك قرىء على الإمام أحمد في مرض موته إن طاووسا كره أنين المريض وقال أنه شكوى فما أن حتى مات ،وهذا قول الحنابلة عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ،وبعض الشافعية .
والقول الثاني :
قال النووي : وهذا الذي قالوه من الكراهة ضعيف أو باطل فان المكروه هو الذي ثبت فيه نهى مقصود ولم يثبت في هذا نهى بل في صحيح البخاري عن القاسم قال " قالت عائشة وارأساه فقال النبي صلي الله عليه وسلم بل أنا وارأساه " فالصواب انه لا كراهة فيه ولكن الاشتغال بالتسبيح ونحوه أولى فلعلهم أرادوا بالمكروه هذا .المجموع (5 / 128)
ويستحب له ترك الأنين .روضة الطالبين وعمدة المفتين (1 / 178) ،مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج (4 / ص 194)

وقال ابن القيم :
والتحقيق أن الأنين على قسمين أنين شكوى فيكره وأنين استراحة وتفريج فلا يكره والله أعلم . عدة الصابرين (1 / 232)

المراجع :المغني (2 / 302) ،الإنصاف (4 / 197)،الفروع لابن مفلح (3 / 170)،مجموع الفتاوى (10 / 667)

هذا ما تيسر والحمد لله أولاً وآخراً

عبد الملك بن عطية
08-16-2009, 11:25 PM
النحنحـــة

التعريف :
النحنحة : تَرَدَّدَ صَوْتُه في جَوْفِه كنَحْنَحَ وتَنَحْنَحَ . قال الأَزهريّ عن الليث : النَّحْنَحَةُ : التَّنَحْنُحُ وهو أَسهلُ من السُّعَال .... النَّحْنَحَة : صَوتُ الجَرْع من الحَلْق يقال منه : تَنَحْنَحَ الرَّجلُ عن كُراع . وقال بعض اللُّغويين : النَّحْنَحَةُ : أَن يكرِّرَ قَولَ : نَحْ نَحْ مُسْتَرْوِحاً كما أَن المَقْرُور إِذا تَنَفَّسَ في أَصابعه مُستدْفِئاً فقال : كَهْ كَهْ اشتُقَّ منه المصدر ثمّ الفِعْل فقيل كَهْكَهَ كَهْكَهَةً فاشتقُّوا من الصَّوْت .
لسان العرب (2 / 612) ،تاج العروس (1 / 1768)،فقه اللغة (1 / 46)،المحكم والمحيط الأعظم (1 / 394)

الأحاديث والآثار الواردة في ذلك :

- عن زيد بن ثابت : أن النبي صلى الله عليه و سلم اتخذ حجرة في المسجد من حصير فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس ثم فقدوا صوته ليلة فظنوا أنه قد نام فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم فقال ( ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ) .رواه البخاري برقم6860 ،ورواه النسائي برقم 1599 قال الشيخ الألباني : صحيح

- وعن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال التثاؤب في الصلاة من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع . رواه الترمذي برقم 370 ، وقال أبو عيسى :حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ، وقد كره قوم من أهل العلم التثاؤب في الصلاة ، قال إبراهيم إني لأرد التثاؤب بالتنحنح .وقال الشيخ الألباني : صحيح

- عن عبد الله بن نجي عن أبيه قال قال لي علي : كانت لي منزلة من رسول الله صلى الله عليه و سلم لم تكن لأحد من الخلائق فكنت آتيه كل سحر فأقول السلام عليك يا نبي الله فإن تنحنح انصرفت إلى أهلي وإلا دخلت عليه . رواه النسائي برقم 1213 ،
قالنووي :رواه النسائي وابن ماجه والبيهقي وهو حديث ضعيف لضعف راويه واضطراب اسناده ومتنه ضعفه البيهقى وغيره وضعفه ظاهر والله أعلم . المجموع - (4 / 80)،و قال الألباني : ... لكن نجي الحضرمي مجهول وقد أسقطه بعض الرواة كما في الإسناد الآتي وحينئذ تبدو علة أخرى وهي الانقطاع بين عبد الله بن نجي وعلي رضي الله عنه فقد قيل إنه لم يسمع منه .صحيح ابن خزيمة (2 / 54) برقم 902

- عن أبى أيوب مرفوعاً : الاستئناس يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة ويتنحنح يُؤْذِنُ أهلَ البيت .أخرجه ابن ماجه (2/1221 ، رقم 3707) ، قال البوصيرى (4/110) : هذا إسناد ضعيف . والطبرانى (4/178 ، رقم 4065) . وأخرجه أيضًا : ابن أبى شيبة (5/242 ، رقم 25674) .





الأحكــام

النحنحة بعد البول :
القول الأول : يتنحنح بعد البول مطلقاً ،وهو قول الحنفية والشافعية :
الحنفية :
يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِمَشْيٍ أَوْ تَنَحْنُحٍ أَوْ نَوْمٍ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ ، وَيَخْتَلِفُ بِطِبَاعِ النَّاسِ .رد المحتار (3 / 62)
الشافعية:
قال النووي : ومنهم من يحتاج إلى تنحنح ومنهم من يحتاج إلى مشى خطوات ومنهم من يحتاج إلى صبر لحظة ومنهم من لا يحتاج إلى شئ من هذا وينبغي لكل أحد ان لا ينتهي إلى حد الوسوسة قال اصحابنا وهذا الادب وهو النتر والتنحنح ونحوهما مستحب فلو تركه فلم ينتر ولم يعصر الذكر واستنجى عقيب انقطاع البول ثم توضأ فاستئجاءه صحيح ووضوءه كامل لان الاصل عدم خروج شئ آخر ..المجموع (2 / 91)

القول الثاني : لا يتنحنح إلا إذا كانت عادته في البول أنه لاينقطع الإ به .
وهو قول المالكية :
واما الْبَوْلُ فَلَا بُدَّ من مَسْكِ ذَكَرِهِ من أَصْلِهِ .... وَلَا يُكَلَّفُ إلَى قِيَامٍ أو تَنَحْنُحٍ إلَّا إذَا كانت عَادَتُهُ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَدَثُهُ إلَّا بِقِيَامِهِ أو تَنَحْنُحِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ. الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد (1 / 133)

القول الثالث :لا يتنحنح مطلقاً ،بل هو بدعة .
وهو قول الحنابلة :
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَتَنَحْنَحُ وَلَا يَمْشِي بَعْدَ فَرَاغِهِ وَقَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وهو صَحِيحٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كُلُّ ذلك بِدْعَةٌ وَلَا يَجِبُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَذَكَرَ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ قَوْلًا يُكْرَهُ نَحْنَحَةٌ ومشى وَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ وَسْوَسَةٌ ،وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ يَتَنَحْنَحُ ...الإنصاف (1 / 102)،, الفروع وتصحيح الفروع (1 / 89)

وسئل شيخ الإسلام : عن الاستنجاء هل يحتاج الى أن يقوم الرجل ويمشي ويتنحنح يستجمر بالأحجار وغيرها بعد كل قليل في ذهابه ومجيئه لظنه أنه خرج منه شيء فهل فعل هذا السلف رضي الله عنهم أو هو بدعة أو هو مباح ؟
فأجاب : الحمد لله التنحنح بعد البول والمشي والطفر الى فوق والصعود في السلم والتعلق في الحبل وتفتيش الذكر باسالته وغير ذلك كل ذلك بدعة ليس بواجب ولا مستحب عند أئمة المسلمين بل وكذلك نتر الذكر بدعة على الصحيح لم يشرع ذلك رسول الله...مجموع الفتاوى (21 / 106)،و
زاد المعاد (1 / 163)

وقال العثيمين : وكُلُّ هذا من الوساوس التي لا أصل لها، والدِّينُ ـ ولله الحمد ـ يُسْرٌ.صحيحٌ أن بعض النَّاس قد يُبتلى إِذا لم يمشِ خطوات ويتحرَّك بخروج شيء بعد الاستنجاء، فهذا له حكم خاصٌّ، فيمكن أن نقول له: إِذا انتهى البول وكان من عادته أن ما بقي من البول لا يخرج إلا بحركة، ومشي، فلا حرج أن تمشيَ بشرط أن يكون عنده علم ويقين بأنه يخرج منه شيء، أما مجرد الوهم فلا عِبْرَة به، وهذا كعلاجٍ لهذا الشَّخص ولا يُجعل هذا أمراً عاماً لكلِّ أحد.الشرح الممتع على زاد المستقنع (1 / 112)


النحنحة قبل الآذان والإقامة :
القول الأول : أنه بدعة ويكره فعله ، وهو قول الحنفية والمالكية .
الحنفية :
وَيُكْرَهُ التَّنَحْنُحُ عِنْدَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ ، وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَنْتَظِرَ النَّاسَ ، فَإِنْ عَلِمَ بِضَعِيفٍ مُسْتَعْجِلٍ أَقَامَ لَهُ .فتح القدير (1 / 471)
المالكية :
وفي النوادر قال علي بن زياد عن مالك وتنحنح المؤذن في السحر محدث وكرهه انتهى. مواهب الجليل لشرح مختصر خليل (1 / 430)

القول الثاني : لابأس به .
وهو قول الحنابلة :
( ( ( يمنع ) ) ) غَيْرُ إمَامِ الْحَيِّ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ وَيَؤُمَّ بِالْمَسْجِدِ وَلَا بَأْسَ بِالنَّحْنَحَةِ قُبَيْلَهُمَا نَصَّ عليه .الفروع (1 / 284)،شرح منتهى الإرادات (1 / 135)
*قلت : والقول الأول هو الأولى والأحرى ،لعدم الدليل وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .

النحنحة في الصلاة :
الحالة الأولى :
إن كان التنحنح لضرورة وعذر وكان مغلوباً عليه جاز ولم يبطل الصلاة باتفاق المذاهب الأربعة .
راجع : العناية شرح الهداية (2 / 134)، والذخيرة 2 \ 149 ، 150 ، المجموع (4 / 80)، المغني (1 / 741) ، الإنصاف (2 / 139)
الحالة الثانية :
أما إن كان لغير ضرورة أو حاجة تدعو إلى ذلك .
فقد اختلف فيها العلماء على قولين :
أحدهما : أن النحنحة لا تبطل الصلاة ، وهو قول أبي يوسف وأحد قولي مالك ، وأحمد في رواية عنه ، والشافعية في وجه .
راجع :الهداية مع البناية ( 2 \ 413 ، 414 ، والذخيرة 2 \ 149 ، 150 ، والمجموع 4 \ 79 ، 80 ، والمغني 2 \ 452 ، والإنصاف 1 \ 139 .

أدلة أصحاب هذا القول:
1 - حديث علي رضي الله عنه قال : « كانت لي ساعة في السحر أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن كان في صلاته تنحنح فكان ذلك إذني ،وإن لم يكن في صلاته أذن لي » (سنن النسائي السهو (1213),سنن ابن ماجه الأدب (3708)) .
فالحديث دل على أن التنحنح في الصلاة غير مفسد (نيل الأوطار 2 \ 323 ) .
واعترض على هذا الدليل : بأن الحديث ضعيف . قال النووي - بعدما أورد الحديث - : " وهو حديث ضعيف لضعف راويه ، واضطراب إسناده ، ومتنه ضعفه البيهقي وغيره "
(المجموع 4 \ 80 ، وانظر سنن البيهقي ، حيث قال البيهقي : مختلف في إسناده ومتنه قيل : سبح ، وقيل : تنحنح ، ومداره على عبد الله بن نجي الحضرمي . قال البخاري : فيه نظر . وضعفه غيره . وقال ابن حجر في التلخيص 1 \ 283 بعدما ذكر كلام البيهقي : '' واختلف عليه - أي : على عبد الله بن نجي - فقيل : عنه عن علي ، وقيل : عن أبيه عن علي )) . وقال يحيى بن معين : (( لم يسمعه عبد الله بن علي ، بينه وبين علي أبوه )) ا هـ . وضعفه الألباني كما في ضعيف سنن ابن ماجه 299 .) .
وقد يجاب عن هذا الاعتراض بأن الحديث صححه ابن خزيمة (1 \ 54 ) ، وابن السكن (ذكره الشوكاني في نيل الأوطار 2 \ 323 ) ، وفي كلام شيخ الإسلام ابن تيمية والشوكاني ما يدل على أن الحديث ثابت (حيث قال في مجموع الفتاوى 22 \ 622 : (( وأيضا فقد جاءت أحاديث بالنحنحة والنفخ )) . وقد استدل بهذا الحديث على جواز النحنحة وأنها لا تبطل الصلاة . وقال الشوكاني في السيل الجرار 1 \ 239 : (( وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه تنحنح في صلاته )) .
2 - أنها لا تبطل الصلاة ؛ لأنها ليست كلاما والحاجة تدعوا إليها (المغني 2 \ 452 ) .

الثاني : أن النحنحة تبطل الصلاة ، وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن إن حصل بالتنحنح حروف ، وهو أحد قولي مالك ، والأصح عند الشافعية ، والمذهب عند الحنابلة إن بان منه حرفان
راجع : العناية شرح الهداية (2 / 134)، والذخيرة 2 \ 149 ، 150 ، المجموع (4 / 80) ، المغني (1 / 741) ، الإنصاف (2 / 139).

أدلة أصحاب هذا القول:
1 - عموم النهي عن الكلام في الصلاة ، والنحنحة إن بأن منها حرفان فهي كلام فتبطل الصلاة .
(وكذلك عند من لم يشترط الحرفين ، وإنما اشترط وجود حروف . انظر : المجموع 4 \ 79 ، 80 ، ومغني المحتاج 1 \ 195 ، والمغني 2 \ 452 ، والفروع 2 \ 490 ، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم 2 \ 159 ، والهداية مع البناية 2 \ 414 ) .
2 - أنه ليس من جنس أذكار الصلاة فأشبه القهقهة (مجموع الفتاوى 22 \ 617 ) .
واعترض على الاستدلال الأول : بأن النحنحة لا تدخل في مسمى الكلام أصلا ؛ فإنها لا تدل بنفسها ولا مع غيرها من الألفاظ على معنى ، ولا يسمى فاعلها متكلما وإنما يفهم مراده بقرينة فصارت كالإشارة (مجموع الفتاوى 22 \ 617) .
واعترض على القياس على القهقهة بأنه قياس مع الفارق لأمرين :
أحدهما : أن القهقهة تدل على معنى بالطبع . والثاني : عدم التسليم بأنها أبطلت لكونها كلاما ، وإنما أبطلت الصلاة بالإجماع ولكونها تنافي مقصود الصلاة (مجموع الفتاوى 22 \ 617 )

*الراجح - فيما ظهر لي - هو القول الأول لقوة ما استدل به .

قال شيخ الإسلام : والقول الأول أصح وذلك أن النبى إنما حرم التكلم فى الصلاة وقال أنه لا يصلح فيها شىء من كلام الآدميين وأمثال ذلك من الألفاظ التى تتناول الكلام والنحنحة لا تدخل فى مسمى الكلام أصلا فإنها لا تدل بنفسها ولا مع غيرها من الألفاظ على معنى ولا يسمى فاعلها متكلما وإنما يفهم مراده بقرينة فصارت كالإشارة ..مجموع الفتاوى (22 / 616)

قال ابن باز : النحنحة والنفخ والبكاء كلها لا تبطل الصلاة ولا حرج فيها إذا دعت إليها الحاجة , ويكره فعلها لغير حاجة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنحنح لعلي رضي الله عنه إذا استأذن عليه وهو يصلي.مجموع فتاوى ومقالات ابن باز (11 / 235)

قال العثيمين : والقول الراجح: أن الصَّلاة لا تبطل بذلك، ولو بَانَ حرفان؛ لأن ذلك ليس بكلام، والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إنما حَرَّم الكلام. اللَّهُمَّ إلا أن يقع ذلك على سبيل اللعب، فإن الصلاة تبطل به؛ لمنافاته الصلاة فيكون كالقهقهة.الشرح الممتع على زاد المستقنع (3 / 368)
تنبية الإمام بالنحنحة:
الحالة الأولى : إذا تنحنح الإمام لينبه من هو خارج الصلاة .
عند الشافعية : إذا تنحنح إمامه - ولو ظهر منه حرفان - فله الدوام على متابعته لان الاصل بقاء صلاته والظاهر أنه معذور لحديث علي . المجموع (4 / 80)
قال العيثيمين : والتَّنحنحُ لحاجةٍ متعدِّيةٍ مثل: إذا استأذن عليه شخص وأراد أن يُنبِّهه على أنه يُصلِّي، أو ما أشبه ذلك، فهذه حاجة متعدِّية فلا تبطل الصَّلاة بذلك، لأنَّها لحاجة، فإنْ كان لغير حاجة فإنها تبطل الصلاة بشرط أن يبين حرفان.
والقول الراجح: أن الصَّلاة لا تبطل بذلك، ولو بَانَ حرفان؛ لأن ذلك ليس بكلام، والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إنما حَرَّم الكلام. اللَّهُمَّ إلا أن يقع ذلك على سبيل اللعب، فإن الصلاة تبطل به؛ لمنافاته الصلاة فيكون كالقهقهة. الشرح الممتع (3 / 368)

الحالة الثانية : إذا تنحنح المأموم أو من هو خارج الصلاة لينبه الإمام .
عند المالكية :إذا تنحنح ليسمع رجلاً أو لينبهه في شيء كما يفعل كثير من الجهال بالإمام إذا أخطأ في القراءة في قيام رمضان، فإن فعل فقد أساء ولا شيء عليه .البيان والتحصيل (1 / 337)
وعند الحنابلة :يكره تنبيه المصلي بالنحنحة في صلاته على الصواب .المغني (1 / 741)،الإنصاف (2 / 101)

مسألة: هل يمكن أن يُنبَّه بغير ذلك، أي: بغير التسبيح؟
الجواب: نعم؛ يجوز أن يُنبَّه بالنَّحْنَحَةِ؛ لأنَّ عليَّ بن أبي طالب كان له مدخلان مِن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، واحدٌ بالليل والثاني بالنهار، فإذا دخل عليه وهو يُصلِّي تَنَحْنَحَ له. فإذاً؛ هذا طريق آخر للتنبيه.الشرح الممتع على زاد المستقنع (3 / 267)

مسألة: هل مِن الحاجة أن يتنحنح إذا أطال الإِمام الركوع أو السُّجود من أجل أن يُنبِّهه أو ليس من الحاجة؟
الجواب: هذا ليس من الحاجة، إلا إذا أطال الإِمام إطالة خرجت عن حَدِّ المشروع، فقد يكون هذا من الحاجة.
فإن قال قائل: ما الدَّليل على جواز التَّنحنح للحاجة، ولو بَانَ حرفان؟
فالجواب: الدَّليل: حديث عليٍّ رضي الله عنه أنه كان له مدخلان يدخل فيهما على النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فإذا دَخَلَ عليه وهو يُصلِّي تنحنح له إشارة إلى أنه مشغول بصلاته . الشرح الممتع (3 / 369)

إمامة كثير النحنحة:
مذهب الحنفية : إنْ كَانَ الْإِمَامُ يَتَنَحْنَحُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ ، إنْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا لَا بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْ كَثُرَ فَغَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يُتَبَرَّكُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ .فتح القدير (2 / 180)

الآداب :
النحنحة عند الإستذان:
قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النور27

قال الحافظ : والمراد بالاستئناس في قوله تعالى حتى تستأنسوا الاستئذان بتنحنح ونحوه عند الجمهور وأخرج الطبري من طريق مجاهد حتى تستأنسوا تتنحنحوا أو تتنخموا . فتح الباري (11 / 8)
قال ابن مفلح : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَرِّكَ نَعْلَهُ فِي اسْتِئْذَانِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ حَتَّى إلَى بَيْتِهِ قَالَ أَحْمَدُ إذَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ يَتَنَحْنَحُ وَقَالَ مُهَنَّا سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ إلَى مَنْزِلِهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ قَالَ : يُحَرِّكُ نَعْلَهُ إذَا دَخَلَ وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ إنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلَ عَلَى أَهْلِهِ أَعْنِي زَوْجَتَهُ قَالَ : مَا أَكْرَهُ ذَلِكَ أَنْ أَسْتَأْذِنَ مَا يَضُرُّهُ ؟ قُلْت زَوْجَتُهُ وَهُوَ يَرَاهَا فِي جَمِيعِ حَالَاتِهَا فَسَكَتَ عَنِّي .الآداب الشرعية (1 / 492)

راجع :الحاوي في فقه الشافعي للماوردي (13 / 464)،الحنابلة : الإنصاف (1 / 419)

عبد الملك بن عطية
03-05-2010, 04:22 PM
القهقهة

تعريفها في اللغة :

قال أهل اللغة التبسم مبادئ الضحك والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور فإن كان بصوت وكان بحيث يسمع من بعد فهو القهقهة وإلا فهو الضحك وإن كان بلا صوت فهو التبسم .
فيقال قهقه يقهقه قهقهة إذا مد وإذا رجع وقال ابن سيده : قهقه رجع في ضحكه وقيل هو اشتداد الضحك قال وقه قه حكاية الضحك وقال الجوهري القهقهة في الضحك معروفة وهو أن يقول قه قه .لسان العرب - (13 / 531)
وقال في معجم لغة الفقهاء (1 / 371) : القهقهة : الضحك بصوت يسمعه من يجلس بجواره .
راجع : فتح الباري لابن حجر (10 / 504)،شرح النووي على مسلم (10 / 84)،معجم لغة الفقهاء (1 / 371)،التعريفات للجرجاني (1 / 230)، القاموس المحيط (1 / 1616) ،الصحاح في اللغة - (2 / 99)

تعريفها عند الفقهاء :

القهقهة : أي الضحك بصوت مسموع ، تفسد الصلاة عند الجمهور (الحنفية ، المالكية ، وقول عند الحنابلة ) ،وذهب الشافعية وقول عند الحنابلة لابد إن ظهر بها حرفان فأكثر، أو حرف مفهم. فالبطلان فيها من جهة الكلام المشتملة عليه.وسيأتي بالتفصيل



الأحاديث والآثار الواردة في ذلك :

1- عن أبي العالية قال : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وخلفه أصحابه ، فجاء رجل أعمى فوطئ على خصفة على رأس بئر فتردى في البئر ، فضحك القوم ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء ».
قال البيهقي في السنن الصغرى - (1 / 17): وَحَدِيثُ الْقَهْقَهَةِ لَمْ يَثْبُتْ إِسْنَادُهُ وَمَدَارُهُ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ إِنَّمَا رَوَاهُ مُرْسَلا وَإِرْسَالُ أَبِي الْعَالِيَةِ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وفي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2 / 100) :رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون وفي بعضهم خلاف.
قال الألباني في إرواء الغليل (2 / 116):
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (1/154/2) والدارقطنى (ص 60 ـ 63) من طرق كثيرة عن أبى العالية به.
قلت: وهو مرسل , وقد رواه بعضهم عن أبى العالية عن رجل من الأنصار " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى... " الحديث ولكنه شاذ أو منكر لمخالفته الثقات الذين رووه مرسلا , على أنه لم يصرح أن الرجل الأنصارى صحابى.اهـ

2- عن جابر رضي الله عنه قال : سئل عن الرجل الذي يضحك في الصلاة ؟ قال : « يعيد الصلاة ، ولا يعيد الوضوء ».
رواه البيهقي في السنن الكبرى (1 / 144)655 ، وقال في معرفة السنن والآثار (1 / 391):واختلف عليه في متنه . والوقوف هو الصحيح ، ورفعه ضعيف . وقال النووي :حديث جابر هذا روى مرفوعا وموقوفا على جابر ورفعه ضعيف قال البيهقى وغيره الصحيح انه موقوف علي جابر وذكره البخاري في صحيحه عن جابر موقوفا عليه ذكره تعليقا . المجموع - (2 / 60)
ورواه أبو يعلى في المسند (4 / 204) 2313 ، وقال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2 / 237) :رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.

3- القهقهة من الشيطان و التبسم من الله . ( طس ) عن أبي هريرة .
قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) انظر حديث رقم : 4145 في ضعيف الجامع



الأحكام :
القهقهة في الصلاة
أولاً : ذكر إجماع الفقهاء بأن القهقهة تبطل الصلاة.
أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الضَّحِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا يَنْقُضُ طَهَارَةً وَلَا يُوجِبُ وُضُوءًا . وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الضَّحِكَ فِي الصَّلَاةِ يَنْقُضُ الصَّلَاةَ .
الإجماع لابن المنذر (1 / 34)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (1 / 226)، مراتب الإجماع (1 / 28)، المجموع (2 / 61)، المغني (1 / 741)

ثانياً : تعريف القهقهة عند الفقهاء :
القهقهة عند الحنفية : إن الضحك ما يسمع الرجل نفسه ولا يسمع جيرانه ( والقهقهة ما يسمع جيرانه ) والتبسم ما لا يسمع نفسه ولا جيرانه .بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - (1 / 32) ،تبين الحقائق شرح كنز الدقائق - (1 / 11)
وعند المالكية : التبسم وهو تحريك الشفتين من غير تصويت ،والقهقهة الضحك بصوت .الفواكه الدواني (1 / 228) ،حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني (1 / 416)
وعند الشافعية : وأما القهقهة وهي رفع الصوت في الضحك فإن تعمد ذلك بطلت صلاته لأنه ينافي العبادة وهذا إذا بان منه حرفان فإن لم يبن فلا تبطل لأنه ليس بكلام .كفاية الأخيارفي حل غاية الإختصار (1 / 121)،الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (1 / 152) نتحفة الحبيب على شرح الخطيب ( البجيرمي على الخطيب ) (2 / 257)
وعند الحنابلة : على قولين :
الأول : أن يضحك حتى يحصل من ضحكة حرفان ذكره ابن عقيل .شرح منتهى الإرادات (1 / 74)
والثاني : إن ضحك فبان حرفان فسدت صلاته وكذلك أن قهقة ولم يكن حرفان ، وقدمه الأكثر قاله في المبدع .المغني (1 / 741)،الروض المربع شرح زاد المستقنع (1 / 206)

الخلاصة :
القهقهة : أي الضحك بصوت مسموع ، تفسد الصلاة عند الجمهور (الحنفية ، المالكية ، وقول عند الحنابلة ) ،وذهب الشافعية وقول عند الحنابلة إلى أنه لابد من أن يظهر بها حرفان فأكثر، أو حرف مفهم. فالبطلان فيها من جهة الكلام المشتملة عليه.

واختلفوا في نقض الوضوء من القهقهة في الصلاة .
اختلف الحنفية في حكم القهقهة هل تنقض الوضوء في الصلاة ، أم لا :
فالقول الأول عندهم :تعتبر من نواقض الوضوء في الصلاة ،وهي الصلاة التي لها ركوع وسجود فلا يكون حدثا خارج الصلاة ولا في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة ..بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1 / 32) ، تبين الحقائق شرح كنز الدقائق - (1 / 11)
وقال : ومنها القهقهة عامدا كان أو ناسيا لأن القهقهة في الصلاة أفحش من الكلام ألا ترى أنها تنقض ( ( ( تنتقض ) ) ) الوضوء والكلام لا ينقض ثم لما جعل الكلام قاطعا للصلاة ولم يفصل فيه بين العمد والسهو فالقهقهة أولى .. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1 / 237)
وهذا قول الحسن البصري وابراهيم النخعي وسفيان الثوري وأبو حنيفة ينقض الوضوء وعن الاوزاعي روايتان ،واستدلوا بحديث أبي العالية .

والقول الثاني :الْقَهْقَهَةُ فِي الصَّلَاةِ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ قِيَاسًا ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّ انْتِقَاضَ الْوُضُوءِ يَكُونُ بِالْخَارِجِ النَّجِسِ ، وَلَمْ يُوجَدْ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا حَدَثًا لَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الصَّلَاةِ ، وَغَيْرِهَا كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ . المبسوط - (1 / 220) للسرخسي
وبه قال ابن مسعود وجابر وابو موسى الاشعري وهو قول جمهور التابعين ،وحكي عن عطاء والشعبي والزهرى و عن مكحول ومالك وأحمد واسحاق وأبي ثور وداود ،واستدلوا بحديث جابر ،وضعفوا حديث أبي العالية .

قال ابن نجيم : وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الثَّانِي لِمُوَافَقَتِهِ الْقِيَاسَ وَسَلَامَتِهِ مِمَّا يُقَالُ من أنها لَيْسَتْ نَجَاسَةً وَلَا سَبَبَهَا وَمُوَافَقَةَ الْأَحَادِيثِ فَإِنَّهَا على ما رَوَوْا ليس فيها إلَّا الْأَمْرُ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَلَا يَلْزَمُ منه كَوْنُهَا من الْأَحْدَاثِ وَلِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ في قَهْقَهَةِ النَّائِمِ في الصَّلَاةِ وَصَحَّحُوا في الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ أنها لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِنَاءً على أنها إنَّمَا أَوْجَبَتْ إعَادَةَ الْوُضُوءِ بِطَرِيقِ الزَّجْرِ وَالْعُقُوبَةِ وَالنَّائِمُ ليس من أَهْلِهَا وَهَذَا يُرَجِّحُ ما ذَكَرْنَاهُ ...البحر الرائق شرح كنز الدقائق - (1 / 42)

ومذهب المالكية :
من ضحك أي قهقه في الصلاة أعادها لبطلانها سَوَاءٌ كَثُرَتْ أو قَلَّتْ وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ عَمْدًا أو نِسْيَانًا لِكَوْنِهِ في صَلَاةٍ أو غَلَبَةٍ كان يَتَعَمَّدَ النَّظَرَ في صَلَاتِهِ أو الِاسْتِمَاعَ لِمَا يُضْحِكُ فَيَغْلِبُهُ الضَّحِكُ فيها كان الْمُصَلِّي فَذًّا أو إمَامًا أو مَأْمُومًا لَكِنْ إنْ كان فَذًّا قَطَعَ مُطْلَقًا عَمْدًا أو نِسْيَانًا أو غَلَبَةً وَإِنْ كان إمَامًا قَطَعَ أَيْضًا في الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَيَقْطَعُ من خَلْفَهُ أَيْضًا وَلَا يَسْتَخْلِفُ . حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1 / 286)،الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1 / 228) ، التاج والإكليل لمختصر خليل (2 / 35) ،مواهب الجليل لشرح مختصر خليل (2 / 34) ،الشرح الكبير للدردير (1 / 286)

المذهب الشافعي :
أَمَّا الْقَهْقَهَةُ وَالضَّحِكُ في الصلاة فَقَدْ يَتَنَوَّعُ الضَّحِكُ نَوْعَيْنِ : تَبَسُّمٌ وَقَهْقَهَةٌ ، فَأَمَّا التَّبَسُّمُ هل يُؤَثِّرُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْوُضُوءِ ؟ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْوُضُوءِ إِجْمَاعًا ، وَأَمَّا الْقَهْقَهَةُ فَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يَنْتَقِضِ الْوُضُوءُ إِجْمَاعًا وَإِنْ كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتِ الصَّلَاةُ وَاخْتَلَفُوا فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِهَا . فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهَا لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ .المجموع (2 / 60)،الحاوي في فقه الشافعي - الماوردي (1 / 203)، كفاية الأخيارفي حل غاية الإختصار (1 / 121)، السنن الكبرى للبيهقي (1 / 147)

المذهب الحنبلي :
جاء في مسائل أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله - (1 / 99)
351 - حدثنا قال سألت ابي عن القهقهة : قال تعاد منها الصلاة وأرجو أن لا يعيد فيها وضوءا .
وفي مسائل الإمام أحمد بن حنبل وابن راهويه - (1 / 219)
490 - قَالَ إسحاق : أمَّا القهقهة في الصلاةِ فإنَّ الذي يعتمد عليه ما صح عَنْ جابر بن عبد الله وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم وغيرهم من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والتابعين يُعيدون الصَّلاةَ ولا وضوء عليهم فلم يذكر في حديث متصل عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إعادة الوضوء منه ، لو كان ذَلِكَ لاتبعناه وتركنا الخوضَ بالعقولِ والمقاييس فيه ، وكنا نتوضأ منه كما نتوضأ مِنْ لحمِ الجزورِ إتباعا لسنةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .

وقال شيخ الإسلام : ومن الكلام القهقهة فإنها لاتنقض الوضوء في الصلاة ولا خارج الصلاة لكنها تبطل الصلاة فقط كما يبطلها الكلام .شرح العمدة في الفقه (1 / 323)
راجع : المغني (1 / 201) ،شرح منتهى الإرادات المسمى دقائق أولي النهى لشرح المنتهى - (1 / 74) ،كشاف القناع عن متن الإقناع - (1 / 131)، الفروع وتصحيح الفروع - (1 / 434) ، الروض المربع شرح زاد المستقنع - (1 / 206) ،منار السبيل في شرح الدليل - (1 / 100)

المذهب الظاهري :
مسألة : وفرض عليه أن لا يضحك ولا يتبسم عمدا، فان فعل بطلت صلاته، وان سها بذلك فسجود السهو فقط * أما القهقهة فاجماع .المحلى383 (4 / 7)

الترجيح :
الحق في هذه المسألة أن القهقهة ليست من النواقض لا في الصلاة ولا خارج الصلاة ، وكل حديث يروى في انتقاض الوضوء بها في الصلاة فإنه لا يصح ، وقد تقرر أن العبادة المنعقدة بالدليل لا تنقض إلا بالدليل ، وأن نواقض الوضوء توقيفية ، وأن الإبطال حكم شرعي ، والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة والأصل بقاء الطهارة ، والأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، والله أعلم .

(فائدة) روى ابن عدى فى ترجمة الحسن بن زياد اللؤلؤى (ق 89/1 ـ 2) بسند صحيح عن الشافعى قال: " قال لى الفضل بن الربيع: أنا أشتهى أن أسمع مناظرتك مع اللؤلؤى , قال: فقلت له: ليس هناك , قال: فقال: أنا أشتهى ذلك , قال: فقلت له: متى شئت , قال: فأرسل إلى , فحضرنى رجل ممن كان يقول بقولهم ثم رجع إلى قولى , فاستتبعته وأرسل إلى اللؤلؤى فجاء , فأتينا بالطعام فأكلنا , ولم يأكل اللؤلؤى , فلما غلسنا أيدينا قال له الرجل الذى كان معى: ما تقول فى رجل قذف محصنة فى الصلاة ؟ قال: بطلت صلاته , قال: فما بال الطهارة ؟ قال: بحالها , قال: فقال له: فما تقول فيمن ضحك فى الصلاة ؟ قال بطلت صلاته وطهارته , قال: فقال له: فقذف المحصنات أيسر من الضحك فى الصلاة ؟ ! قال: فأخذ اللؤلؤى نعله وقام: قال: فقلت للفضل: قد قلت لك أنه ليس هناك ! ".إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل - (2 / 117)


المسألة الثانية :
هل يستحب الوضوء للقهقهة أم لا ؟
المذهب المالكي :
لا وضوء من قهقهة في الصلاة .التاج والإكليل لمختصر خليل (1 / 302)،مواهب الجليل لشرح مختصر خليل (1 / 302) الشرح الكبير للدردير (1 / 123)
المذهب الشافعي :
يستحب أن يتوضأ من الضحك في الصلاة ومن الكلام القبيح .المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي (1 / 24) ،مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (1 / 63) ،المقدمة الحضرمية (1 / 37)
واستدلوا بقول ابن مسعود قال: لأن أتوضأ من الكلمة الخبيثة أحب إلي من أن أتوضأ من الطعام الطيب.رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون.مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1 / 315)1345

المذهب الحنبلي :
لا يستحب الوضوء للقهقهة وهو الصحيح اختاره أبو المعالي في النهاية والوجه الثاني يستحب وهو ظاهر ما جزم به في الحاوي الكبير ، قلت وهو قوي للخروج من الخلاف .الفروع وتصحيح الفروع (1 / 153)،كشاف القناع عن متن الإقناع (1 / 132) ،المبدع في شرح المقنع لابن مفلح (1 / 171)
قال ابن تيمية : وثانيها أنه بتقدير صحته ( يعني حديث أبي العالية ) ليس فيها تصريح بانتقاض وضوئهم لعلهم أمروا بذلك لأن القهقهة في الصلاة ذنب وخطيئة فيستحب الوضوء والصلاة عقبها كما جاء في حديث أبي بكر المتقدم وكما أمر الذين اغتابا بأن يعيدا الوضوء والصلاة في حديث ابن عباس وكما قد حمل بعضهم حديث معاذ في الذي لمس المرأة وهذا لأن القهقهة في الصلاة استخفاف بها واستهانة فيستحب الوضوء منها كالوضوء من الكلام المحرم وهذا أقرب إلى قياس الأصول وأشبه بالسنة فحمل الحديث عليه أولى .شرح العمدة في الفقه (1 / 326)
الخلاصة: أن مذهب الشافعية والحنابلة في وجه لهم استحباب الوضوء من القهقهة ، ومذهب المالكية والوجه الآخر للحنابلة عدم استحباب ذلك ،وكلام ابن تيمية في هذه المسألة قاطع للخلاف إن شاء الله تعالى .



الآداب :
قال في الْغُنْيَةِ يُكْرَهُ تَشَدُّقُهُ بِالضَّحِكِ وَقَهْقَهَتُهُ وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِلَا حَاجَةٍ .الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (12 / 54)

حبي ربي
03-05-2010, 08:53 PM
بارك الله فيك أخي عبد الملك
كفيت ووفيت
جزاك الله الجنه

أم عمر
03-06-2010, 01:35 AM
ماشاء الله
جعله الله فى ميزانكم