المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأبعاد التوسعية والطائفية في المشروع الإيراني


أبو أنس الأنصاري
05-06-2009, 11:15 PM
الأبعاد التوسعية والطائفية في المشروع الإيراني


ممدوح عثمان

6 - 5 - 2009



مضى ثلاثون عامًا على ثورة إيران، وتعاقب على الرئاسة أكثر من رئيس، ورأينا أكثر من وجه سياسي إيراني مؤثر، ورأينا وقرأنا وشاهدنا على أرض الواقع ثمرات التفكير والفلسفة والرؤية الإيرانية لطبيعة دور إيران في المنطقة العربية.


هناك خطاب إعلامي إيراني يؤكد على أن إيران دولة إسلامية تلتزم بالثوابت الإسلامية وتطبق الشريعة الإسلامية وتساعد وتدعم القضايا الإسلامية في جميع أنحاء العالم بل تساعد كل المستضعفين، ومن أجل ذلك فهي تدعم القضية الفلسطينية سياسيًا ولوجستيًا وعلى كل المستويات.


لكن الحقيقة التي تدعمها الممارسات والأفعال على أرض الواقع تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن إيران تنطلق من رؤيتها لدورها في المنطقة العربية على أساس إمبراطوري من خلال مشروع الهلال الشيعي مبني على التوسع والسيطرة ومد النفوذ داخل العالم العربي، فالسياسات على الأرض أظهرت المذهبية بوضوح لا لبس فيه، فالملمح المذهبي كان مستترا وراء معارك الثورة الإيرانية ولم يظهره الإيرانيون إلا بعد أن ثبتت الثورة أقدامها وبعد الهدوء على الساحة الإيرانية وبعد أن خفت حدة المعارك مع الولايات المتحدة وأوروبا، فصار مكشوفًا ما تقوم به إيران من محاولات لنشر المذهب في آسيا الوسطى وإفريقيا وفي داخل الجاليات الإسلامية في أوروبا والولايات المتحدة، بل وأصبحت إيران تمارس ذلك أيضًا في الدول العربية نفسها.


وإذا كان الحلم الفارسي الإمبراطوري موجودًا في عقل الشاه، فإنه موجود أيضًا الآن ومستمرًا في عقول الإيرانيين بعد الثورة، لكن الفرق أن الحلم الشاهنشاهي اصطدم على حدوده بدولة كبرى هي الاتحاد السوفيتي، وكانت المنطقة العربية متماسكة إلى حد ما، بالإضافة إلى وجود ثلاثة دول قوية ويحسب لها حساب في المنطقة وهي تركيا ومصر وإسرائيل .. وكان الحلم الفارسي يصطدم بهذه الدول، أما الآن فقد تغير كل ذلك مما فتح شهية إيران لإحياء الحلم القديم.


التوجه الإيراني إسلامي في المظهر، لكنه قومي فارسي في الجوهر، جعل أولويته الأولى، إسقاط النهج القومي العربي. وأول المواقف القومية الفارسية السلبية للثورة الإيرانية، والتي أظهرت حقيقة توجهها، هو موقف هذه الثورة من السنة الإيرانيين حيث استضعفتهم فقمعتهم بقوة وحرمت عليهم الانضمام للجيش والحرس الثوري والأجهزة الأمنية والمناصب العليا في الدولة وحتى المناصب المتوسطة واغتالت علماءهم.


من ملامح المشروع الإيراني في المنطقة أن إيران أثبتت أنه يحكمها التوجه الشيعي الطائفي، وقد ظهر ذلك وتأكد ضد السنة في العراق من خلال الدعم الكامل للشيعة وأحزابهم وميليشياتهم بل والتعاون مع المشروع الأمريكي في العراق، كما تأكد هذا التوجه قبل ذلك في أفغانستان، من خلال التحالف مع الأمريكان ضد "طالبان" السنية.


لقد تبين للجميع أن الثـورة الإيرانية نجحت في تأجيج مشاعر العداء بين السنة والشيعة على مستوى العالم الإسلامي، وما أعلن عنه العلامة يوسف القرضاوي خير كاشف لهذا الوجه الطائفي.


المشروع الإيراني الحالي يتكامل وينسجم مع المشروع الصفوي إبان عهد الشاه إسماعيل الصفوي، فقد كان لهذا المشروع آنذاك محاولات للسيطرة على المنطقة الخليجية والعراق أيضاً، لكن الدولة العثمانية حافظت على الهوية السنية لدول المنطقة في تلك الحقبة، فيما تعاونت الدولة الصفوية مع كل كان من يهدد أمن المنطقة كالبرتغاليين والإنجليز.


إيران الآن توثق علاقاتها الدولية مع كل الدول الكبرى في سبيل تحقيق أهدافها في المنطقة، من خلال الادعاء أن إيران تسعى إلى الوقوف أمام مشروع غربي ساع إلى السيطرة على المنطقة والإضرار بهويتها الإسلامية، وللأسف تم خداع الكثيرين من السُنّّة بذلك، فالحقيقة أن إيران تســـعى إلى حشد الدعم الشعبي الإيراني والإسلامي عبر خطابات دينية، وعقد تحـــالفات مع جماعات شيعية، وكذلك سنية في دول المنطقة، خصوصاً في لبـنان والعراق وأفغانستان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعض دول الخليج.


إيران تعمل على تعزيز الروابط والتحالفات مع الجماعات الشيعية في دول الجوار الإيراني، كما لم تتردد في تعزيز مكانتها في دول العالم الإسلامي بمختلف الطرق من أجل التقوي بها في مواجهة الضغوط الغربية.


وإذا كانت السياسة الإيرانية تعمل على إظهار عجز الموقف العربي في مواجهة الأزمات الإقليمية، ولا تتردد في دعم الجماعات المناوئة لبعض الحكومات العربية، واستغلالها لتحقيق مكاسب تتعلق بمصالحها، فإن ما سهل لها ذلك هو انهزامية الأنظمة العربية وانبطاحها أمام الصهاينة.


وإذا كانت إيران وبعض الداعمين العرب لها ينطلقون من أن البرنامج النووي الإيراني يصب في مصلحة العرب والمسلمين، فالمؤكد أن السلاح النووي الإيراني خطر على دول الخليج والعراق وسوريا ومصر، وليس خطراً أبداً على إسرائيل، ولو نجحت إيران في إتمام برنامجها النووي وامتلكت القنبلة النووية، فسوف يكون السنة في العراق هم المضارين رقم واحد، لأن إيران تؤيد العملية السياسية التي بدأتها وصممتها الولايات المتحدة في العراق، والمرتكزة على تهميش السنة، وتشجيع الشيعة والأكراد، وإذكاء الطائفية، والمساعدة في استيلاء الشيعة على الثروة والسلطة وحرمان السنة منها.


المؤكد أنه ستكون هناك انعكاسات سلبية على دول الجوار الإيراني في حالة إفلات إيران ببرنامجها النووي، فسوف يتمدد دورها على حساب الدور السعودي وتحجيمه، وستعمل إيران على هضم الجزر العربية (أبو موسى – طنب الكبرى – طنب الصغرى) إلى الأبد.


ومن المتوقع أيضًا أن يتم تكثيف التدخل الإيراني في شئون دول الجوار التي بها وجود شيعي، بتحريض الشيعة للحصول على حقوقهم السياسية في حكم بلادهم، الخ.




http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/4080/