المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من درر الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -


أم عبد الرحمن السلفية
10-27-2008, 01:52 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ لا شك أن الداعية إلى الله لا بد أن يشترط فيه شروط معينة حبذا لو بينتموها للإخوة الدعاة إلى الله؟


الجواب

الشيخ: من شروط الداعية إلى الله عز وجل أن يكون :

* مخلصاً لله في دعوته بأن يكون قصده في دعوته إقامة دين الله وإصلاح عباد الله لا أن ينتصر لنفسه وأن يظهر قوله على قول الناس لأنه إذا كان قصده أن ينتصر لنفسه وأن يظهر قوله على أقوال الناس صار داعياً لنفسه لا إلى سبيل الله عز وجل فلا بد من الاخلاص .


والمخلص في دعوته إلى الله إذا تبين له أن الحق في خلاف قوله رجع إليه وانقاد له واستغفر الله تعالى من الخطأ الذي وقع فيه وإن كان مأجوراً عليه إذا كان قد صدر منه باجتهاد لأنه قد يكون فرّط في اجتهاده ولم يستقصي.


* ثانياً أن يقصد بذلك إصلاح عباد الله وهو داخل في الاخلاص في الدعوة وإذا كان قصده إصلاح عباد الله فإنه لا بد أن يسلك الطريق الأمثل لحصول هذا المقصود الأعظم بحيث يدعوهم إلى الله عز وجل على وجه لا ينفر على وجه الرفق واللين والمداراة دون المداهنة لأن المدارة شيء والمداهنة شيء آخر لأن المداهنة ترك الحق للغير أي من أجل الغير وأما المداراة فهي إيصال الحق إلى الغير بالطريق الأسهل فالأسهل وإن هذا الشرط قد يختل عند بعض الناس فيقصد بدعوتهم إلى الله الانتقاد. انتقاد ما هم عليه وحينئذٍ تفسد دعوته وتنزع البركة منها لأن الذي يقصد انتقاد غيره ليس داعي له في الواقع ولكنه معير له وعائب عليه صنيعه وفرق بين شخص يدعو غيره لاصلاحه وبين شخص يصب جام اللوم والعتاب على غيره بحجة أنه يريد إصلاحه.

* ثالثاً من الآداب الواجبة أن يكون لدى الداعية علم. علم بشريعة الله فلا يدعو على جهل لقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) فلا بد من أن يكون عند الإنسان علم يدعو به لأن العلم هو السلاح والداعي إلى الله بلا علم قد يفسد أكثر مما يصلح. الداعي إلى الله بغير علم ربما يجعل الشيء حلالاًً وهو حرام وربما يوجب على عباد الله ما لم يوجبه الله عليهم فلا بد من العلم. العلم المتلقى من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إن كان الداعي قادرا على ذلك بنفسه وإلا فبتقليد من يثق به من أهل العلم .

وفي هذه الحال أي فيما إذا كان مقلداً لغيره في الدعوة إلى الله إذا ذكر حكماً من الأحكام فإنه ينسبه إلى من؟ إلى مُقلِدِهِ فيقول قال فلان كذا وقال فلان كذا إذا كان قد سمعه من فمه أو قرأه من كتاب بيده أما إذا كان سمعه من شريط فإنه لا يقول قال فلان فليقول سمعت شريطاً منسوباً إلى فلان لأن هذا أدق في التعبير .


* ومن آداب الداعية أن يكون على بصيرة فيمن يدعوه فينزله منزلته ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال له إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وذكر تمام الحديث.

الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بحالهم ليكون على استعداد لمواجهتهم ولينزّلهم منزلتهم اللائقة بما عندهم من العلم وهكذا الداعية إلى الله .

ومن هنا فإنه ينبغي للداعية إلى الله أن يكون على بصيرة بحال من يدعوهم حتى يكون مستعداً للحال التي هم عليها .

* ومن آداب الداعية أن يكون أول من يمثل دعوته فيقوم ما أمر به ويدع ما ينهى عنه لأن هذا مقتضى العقل ومقتضى الشرع كما قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) وقال الله تعالى موبخاً بني إسرائيل (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) .


فلا بد للداعية أن يكون متأدباً بهذا الأدب العظيم أن يكون فاعلاً لما يأمر به تاركاً لما نهى عنه ومع أن هذا مقتضى الشرع ومقتضى العقل فإنه أقرب إلى قبول الناس لدعوته لأن الناس إذا رأوه يسبق غيره فيما دعى إليه فعلاً أو تركاً وثقوا به وقالوا إن هذا صادق فيما دعى إليه وإنه أمين فتبعوه على ذلك وانقادوا له وإذا رأوه بالعكس سقط من أعينهم ولم يتعابعوه وشكوا في دعوته.


فكان من أهم آداب الداعية أن يكون أول سابق لما يدعو إليه فعلاً لما دعى إلى فعله وتركاً لما دعى إلى تركه نعم.

http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8022.shtml (http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8022.shtml)

لله درّ هذا الشيخ العلامة الفقيه محمد العثيمين على هذه الدرر ما أروعها وأنفعها لمن يعقلها ويعمل بها ...رحمه الله وأسكنه الفردوس من الجنة .

وفقكم الباري لما يحب ويرضى .

أم مُعاذ
11-01-2008, 12:11 PM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

أم عبد الرحمن السلفية
11-01-2008, 01:16 PM
وخيراً جزاكِ وفيكِ بارك الله أخيتي .