قـَسْوَرَةُ الأَثَرِيُّ
10-24-2008, 05:24 PM
الجَلــســة الاُولَى
بسم الله ذي العزّة و السلطان أنزل الفرقان نورا و ضياء و جعله محجّة بيضاء يسير عليها المتّقون في ظلمات الفتن إلى قيام الساعة رحمةً منهُ و امتنانا و جعلَهُ بلغة العرب فحباها بفضلٍ رفعها به من بين قمامة اللغات إلى قمم البيان و التبيان و حماها به من الزيغ و التبديل و طغيان الزمان و المكان فكانت شاهدا على خلود الرّسالة و بقائها فالحمد لله وحده على جميل فضل وعميم نعمِهِ
والصّلاة و السّلام الأتمّان الأكملان على جميل الخصال فصيح اللسان ذي البلاغة و التبيان من قال ''اوتيتُ جوامع الكلم '' فصدق وصدِّق فلم يُخلق في البرايا أفصح منه و لا أبلغ صلوات ربّي وسلامه عليه و على آله الأطهارِ وصحبه الأخيار و تابعيهم بإحسان إلى يومِ يُفرق النّاس فريق في الجنّة و فريق في النّار .
اما بعدُ :
بادئ ذي بدءٍ السلام عليكُم و رحمةُ الله وبركاته طِبتُم وطاب ممشاكم و تبوّأتم من الجنّة منزِلا
نعتمد في هذا الموضوع باذن الله العليّ سبيلا مبسّطا ميسّرا في تقويم اللسان من العوج و تحرير الجنان من اللّكن في واقع ما نحوم حوله صباحَ مساءَ في منتدياتنا الحوارية باذن الله العليّ .
و مع أوّل بابٍ من أبواب جولتنا :
( بادية الكلام )
كيف نبدأ الكلام في موضوع أو حوار ؟
لسائل أن يسأل لأيّ غرض نقدّم لكلامنا أصلا ؟
التقديم للكلام هو هو بمثابة فتح باب المضافة للضيف و فرشها له بأحسن ما عندَك من فُرُش و تبخيرها فأطيب العنبر و البخور و صرفِ نظرِهِ عن كل شيء غيرِ مقبول .
فكاتب الموضوع انّما يدعو القارئ لكي يدخل موضوعَهُ فيستفيد منه و يستمدّ منه ما أعدّه الكاتب للقارئ و هذا كالوليمة للضيف فمن منّا لا يريدُ أن يكرِم ضيفَه !!
البدءُ :
* إحمد الله جلّ في علاه و سمّه بأسمائه الحسنى و صفاتِهِ العُلى بما يفضي لمغزى كلاماك اللاّحق شاكرا أنعمَهُ و معدّدا مننه فأنتَ بهذا ترسّخ في قلب السّامع أنّ الخيرَ كلّ الخير إنّما أصله الخالق سبحانه و أنّ أفعالنا لوجهه الكريم مصروفه و أوقاتنا بحمده معمورة .
* ثمّ صلّ على الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم و على آله وصحبه و أزواجه و مكّن هذا في قلب قارئك لتميز نفسك من غيرك و يعلم نهجك و عقيدتك فبعد التوحيد يعلم كونك من أتباع سيد المرسلين و من أهل سنته .
* ثم تنتقل و تسلّم إن كنت ترى كتابة التسليم فهي حسنات لك يقرؤها من قرأها فيردّ عليك السلام إلى يوم الدّين و تقول '' امّا بعد '' كما صحت بذلك السنّة و تواترت الأخبار .
هكذا تكون قد أعددت مضيفةً لزَورك و ضيفِك علموا بها بهجة دارِك و ضياءَ مجلِسِك .
فلا تلقِ لهم بعد ذلك الكلام إلقاء و إختر مما في جعبَتك أطيبَه كما تختار لضيفك أطيب الطعام والشراب .
إبتعد عن كل ثقيل مستغلظ و قرّب كل ظريف مستطرف و انأَ عن سامِعِك وقارئك كلّما تعوّدَهُ عند غيرِك فكما أنّك لا تقدّم لضيفِكَ ماءً و خبزًا فلا تجعل قارئك يظنّ فيك الشح في كلمِك و لفظك و معانيك ..
زيّن كلاماك بالغريب و هذا كتاب الله خير دليل على أنّ الجمال في المباني رفيق للدرّ المكنون بين رفوفها فقد كان الصّحبُ الكرام رضوان الله عليهم أجمعين يسألون الرّسول الأمين عن مفردات في كتاب الله العليّ ما عقلوها وهم أهل العربية وفرسانُها و كذا في الحديث النبويّ كم تقرأ من سؤالات عن معاني ألفاظ الحديث فالإغراب ليس معيبا في الكلام بحال بل هو سبيل تنشيط قارئك أن يصغي لكي يفهم ونعود لمثالنا في مائدة الضيوف فانظر لهذين الرّجلين أحدها جاءه ضيفٌ فأعدَّ لهم لحما مشويا و عسلا و ماء و الأخر جمع أصنافًا ما ودرت في ذهن الضيوف قط فجعل من اللحم أطباق ذات زينةٍ و بهجةٍ و جعل من العسل حلوَى و لذائذ و خلط الماء بنكه العصائر فأيّهما أحسنُ مقيلا و أيّهما أجملُ مائدة .؟
*سؤال : أليس كتابة الغريب تستدعي المشقة في الفهم و الغموض ؟
**جواب ذلك طبعا لا فالكلام يفهم بمعناه و اللفظ شراع لقارب المعنى فليس اللفظ حاجزا عن الفهم إن عُرِف السّياق .
فمن منّا لا يفهم قوله تعالى '' ومن شرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ '' مع كوننا لو وضعت كلمة غاسق في جملة ثانية سيقول جلّ النّاس هي بعيدة عن المفهوم و كذا كلمة'' وقب '' لكن ألا ترون كونَهَا في سياق السّورة الكريمة كان معناها لطيفا و مقبولا ..
كذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم '' الصّيام جُنّة '' فمن من العوام كان يعرف الجُنّة لكن مع تكرارها في لسان الخطباء صارت كلمة لطيفة مفهومة ...و تبقى دوما في ذهن الكثيرين غامضة لأنهم لم يعملوا العقول في فهمها فلو قلتَ لسماع ما هي الجُنّة ستُجاب بعشرين جوابا فيها واحد محقّ و الباقي تخمين ..
لكن ما السبب في هذا ...السبب هو عزوف النّاس عن استعمالها في سياقها في كلامهم فنراهم يستعيضون عنها بكلمة قريبة و هي '' الدرعُ '' فإذا رسمتَ له جنّة يقول لك هذا درع و إذا رسمتَ له درعا قد يقول لك هذا قميص !!
** سؤال : و ما ضرر هذا ؟
ضررُه هو إفساد ذوق القرّاء فالمتعوِّدُ على هذا لن يفهم جميل كلام السلف بل والخلف أيضا من أهل العلم و لن يُعجَبَ برونقهم و بلاغتهم فانظر مثلا لكتب شيخ الإسلام رحمه الله كم زانها بجميل العبارات و فصيحها و انظر لبن خلدون رحمه الله كم جالدَ أهل عصرِه في المغرب من أجل ترك الغلوّ في سجعهم و الرجوع لمتانة النصّ و جمال العبارة و انظر في عصرنا لكتب العلامة الحويني كبذل الإحسان مثلا ستطرب مع كل سطر يسطُره و كذا كتب العلامة بكر أبو زيد حفظه الله كالرّسائل العلمية و ما حباه الله فيها من بيان و استطراف نفعنا الله بعلمهم أجمعين
و ختما اُلقي بين ايدي اخوتي كتابا نفيسا للدكتورة نفوسة سعيد رحمها الله عنونتهُ بــ '' تاريخ الدّعوة للعامية في مصر '' و هو كتاب نفيس و عزيز .
حمّلهُ من :
هَــنــا (http://www.up.iraqmaster.net/up1/fbd79_832.rar)
نفع الله بالجميع
بسم الله ذي العزّة و السلطان أنزل الفرقان نورا و ضياء و جعله محجّة بيضاء يسير عليها المتّقون في ظلمات الفتن إلى قيام الساعة رحمةً منهُ و امتنانا و جعلَهُ بلغة العرب فحباها بفضلٍ رفعها به من بين قمامة اللغات إلى قمم البيان و التبيان و حماها به من الزيغ و التبديل و طغيان الزمان و المكان فكانت شاهدا على خلود الرّسالة و بقائها فالحمد لله وحده على جميل فضل وعميم نعمِهِ
والصّلاة و السّلام الأتمّان الأكملان على جميل الخصال فصيح اللسان ذي البلاغة و التبيان من قال ''اوتيتُ جوامع الكلم '' فصدق وصدِّق فلم يُخلق في البرايا أفصح منه و لا أبلغ صلوات ربّي وسلامه عليه و على آله الأطهارِ وصحبه الأخيار و تابعيهم بإحسان إلى يومِ يُفرق النّاس فريق في الجنّة و فريق في النّار .
اما بعدُ :
بادئ ذي بدءٍ السلام عليكُم و رحمةُ الله وبركاته طِبتُم وطاب ممشاكم و تبوّأتم من الجنّة منزِلا
نعتمد في هذا الموضوع باذن الله العليّ سبيلا مبسّطا ميسّرا في تقويم اللسان من العوج و تحرير الجنان من اللّكن في واقع ما نحوم حوله صباحَ مساءَ في منتدياتنا الحوارية باذن الله العليّ .
و مع أوّل بابٍ من أبواب جولتنا :
( بادية الكلام )
كيف نبدأ الكلام في موضوع أو حوار ؟
لسائل أن يسأل لأيّ غرض نقدّم لكلامنا أصلا ؟
التقديم للكلام هو هو بمثابة فتح باب المضافة للضيف و فرشها له بأحسن ما عندَك من فُرُش و تبخيرها فأطيب العنبر و البخور و صرفِ نظرِهِ عن كل شيء غيرِ مقبول .
فكاتب الموضوع انّما يدعو القارئ لكي يدخل موضوعَهُ فيستفيد منه و يستمدّ منه ما أعدّه الكاتب للقارئ و هذا كالوليمة للضيف فمن منّا لا يريدُ أن يكرِم ضيفَه !!
البدءُ :
* إحمد الله جلّ في علاه و سمّه بأسمائه الحسنى و صفاتِهِ العُلى بما يفضي لمغزى كلاماك اللاّحق شاكرا أنعمَهُ و معدّدا مننه فأنتَ بهذا ترسّخ في قلب السّامع أنّ الخيرَ كلّ الخير إنّما أصله الخالق سبحانه و أنّ أفعالنا لوجهه الكريم مصروفه و أوقاتنا بحمده معمورة .
* ثمّ صلّ على الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم و على آله وصحبه و أزواجه و مكّن هذا في قلب قارئك لتميز نفسك من غيرك و يعلم نهجك و عقيدتك فبعد التوحيد يعلم كونك من أتباع سيد المرسلين و من أهل سنته .
* ثم تنتقل و تسلّم إن كنت ترى كتابة التسليم فهي حسنات لك يقرؤها من قرأها فيردّ عليك السلام إلى يوم الدّين و تقول '' امّا بعد '' كما صحت بذلك السنّة و تواترت الأخبار .
هكذا تكون قد أعددت مضيفةً لزَورك و ضيفِك علموا بها بهجة دارِك و ضياءَ مجلِسِك .
فلا تلقِ لهم بعد ذلك الكلام إلقاء و إختر مما في جعبَتك أطيبَه كما تختار لضيفك أطيب الطعام والشراب .
إبتعد عن كل ثقيل مستغلظ و قرّب كل ظريف مستطرف و انأَ عن سامِعِك وقارئك كلّما تعوّدَهُ عند غيرِك فكما أنّك لا تقدّم لضيفِكَ ماءً و خبزًا فلا تجعل قارئك يظنّ فيك الشح في كلمِك و لفظك و معانيك ..
زيّن كلاماك بالغريب و هذا كتاب الله خير دليل على أنّ الجمال في المباني رفيق للدرّ المكنون بين رفوفها فقد كان الصّحبُ الكرام رضوان الله عليهم أجمعين يسألون الرّسول الأمين عن مفردات في كتاب الله العليّ ما عقلوها وهم أهل العربية وفرسانُها و كذا في الحديث النبويّ كم تقرأ من سؤالات عن معاني ألفاظ الحديث فالإغراب ليس معيبا في الكلام بحال بل هو سبيل تنشيط قارئك أن يصغي لكي يفهم ونعود لمثالنا في مائدة الضيوف فانظر لهذين الرّجلين أحدها جاءه ضيفٌ فأعدَّ لهم لحما مشويا و عسلا و ماء و الأخر جمع أصنافًا ما ودرت في ذهن الضيوف قط فجعل من اللحم أطباق ذات زينةٍ و بهجةٍ و جعل من العسل حلوَى و لذائذ و خلط الماء بنكه العصائر فأيّهما أحسنُ مقيلا و أيّهما أجملُ مائدة .؟
*سؤال : أليس كتابة الغريب تستدعي المشقة في الفهم و الغموض ؟
**جواب ذلك طبعا لا فالكلام يفهم بمعناه و اللفظ شراع لقارب المعنى فليس اللفظ حاجزا عن الفهم إن عُرِف السّياق .
فمن منّا لا يفهم قوله تعالى '' ومن شرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ '' مع كوننا لو وضعت كلمة غاسق في جملة ثانية سيقول جلّ النّاس هي بعيدة عن المفهوم و كذا كلمة'' وقب '' لكن ألا ترون كونَهَا في سياق السّورة الكريمة كان معناها لطيفا و مقبولا ..
كذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم '' الصّيام جُنّة '' فمن من العوام كان يعرف الجُنّة لكن مع تكرارها في لسان الخطباء صارت كلمة لطيفة مفهومة ...و تبقى دوما في ذهن الكثيرين غامضة لأنهم لم يعملوا العقول في فهمها فلو قلتَ لسماع ما هي الجُنّة ستُجاب بعشرين جوابا فيها واحد محقّ و الباقي تخمين ..
لكن ما السبب في هذا ...السبب هو عزوف النّاس عن استعمالها في سياقها في كلامهم فنراهم يستعيضون عنها بكلمة قريبة و هي '' الدرعُ '' فإذا رسمتَ له جنّة يقول لك هذا درع و إذا رسمتَ له درعا قد يقول لك هذا قميص !!
** سؤال : و ما ضرر هذا ؟
ضررُه هو إفساد ذوق القرّاء فالمتعوِّدُ على هذا لن يفهم جميل كلام السلف بل والخلف أيضا من أهل العلم و لن يُعجَبَ برونقهم و بلاغتهم فانظر مثلا لكتب شيخ الإسلام رحمه الله كم زانها بجميل العبارات و فصيحها و انظر لبن خلدون رحمه الله كم جالدَ أهل عصرِه في المغرب من أجل ترك الغلوّ في سجعهم و الرجوع لمتانة النصّ و جمال العبارة و انظر في عصرنا لكتب العلامة الحويني كبذل الإحسان مثلا ستطرب مع كل سطر يسطُره و كذا كتب العلامة بكر أبو زيد حفظه الله كالرّسائل العلمية و ما حباه الله فيها من بيان و استطراف نفعنا الله بعلمهم أجمعين
و ختما اُلقي بين ايدي اخوتي كتابا نفيسا للدكتورة نفوسة سعيد رحمها الله عنونتهُ بــ '' تاريخ الدّعوة للعامية في مصر '' و هو كتاب نفيس و عزيز .
حمّلهُ من :
هَــنــا (http://www.up.iraqmaster.net/up1/fbd79_832.rar)
نفع الله بالجميع