المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيعة والقرضاوي والإخوان.


أبومالك
10-16-2008, 12:09 AM
الشيعة والقرضاوي والإخوان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فقد دأب الشيخ يوسف القرضاوى منذ فترة بل وأثناء الانبهار العام بمقاومة حزب الله لإسرائيل على التحذير من خطر التغلغل الشيعي في بلاد السنة مما ينذر بعواقب وخيمة وهذا ما عرضه لهجمة شيعية شرسة على المستويين الرسمي والشعبي تصاعدت مؤخراً بسبب تصريح جديد للشيخ القرضاوى أكد فيه نفس تحذيراته السابقة ولا شك انه مما يحمد للشيخ القرضاوى صموده أمام إعلام إيران الشيعي والذي تغلغل في كثير من بلاد السنة لا سيما وأنهم ليسوا في الحلبة وحدهم بل معهم عدد كبير من مخدوعي أهل السنة الذين ما زالوا يعيشون في وهم التقريب بين السنة والشيعة.
وفي واقع الأمر فإن مصطلح التقريب قد يبدو مقبولا إذا كان الأمر متعلقا بآراء شخصية ورؤى هي ملك لأصحابها، وأما إذا كان الأمر يتعلق بعقائد اعتنقها أصحابها بناء على مرجعيات، فلا مجال إلا للحديث عن الدعوة، وهذه الدعوة تكون في أن يبين كل فريق الحجة التي جعلته يرجع إلى هذه المرجعية، ثم في مدى صحة نسبة هذه العقائد إلى هذه المرجعية.
وفي الواقع أن الشيعة الاثنى عشرية، بما أحدثوه من بدع تتعلق بعصمة القرآن، وبما ابتدعوه من طعن في رواة السنة، ومنذ الجيل الأول لهؤلاء الرواة من الصحابة -رضي الله عنهم-، يجعلون أي حوار معهم خارج هذين الأصلين غير ذي فائدة، فضلاً أن يكون ذلك تقريباً، ومع ذلك فقد اغتر بعض علماء السنة -سامحهم الله- بما أشاعه الشيعة تقية بأنهم قد تخلوا عن معظم عقائدهم الخربة لاسيما ما يتعلق بالقرآن وبالصحابة -رضي الله عنهم- وبأمهات المؤمنين -رضي الله عنهن-.
فأطلقوا دعوة التقريب بين السنة والشيعة أملاً في أن يسفر ذلك عن تخلي الشيعة عن باقي باطلهم، ويعودوا إلى منهج أهل السنة، ومنهم من رأى أن تصحيح الشيعة الاثنى عشرية لأخطائهم في هذه الأبواب، وحصر كلامهم في أفضلية علي -رضي الله عنه- أو أولويته للخلافة يجعلهم بمنزلة الشيعة الزيدية الذين تعايشوا مع أهل السنة بصورة أو بأخرى عبر التاريخ، بل إن بعض هؤلاء ربما بالغ فلم يعد أقوال الزيدية بدعة أصلاً رغم اتفاق السلف على تبديعهم، وإن كانوا بلا شك أخف بدعة من الاثنى عشرية، كما أنَّ تحوُّل كثير من رموز الزيدية إلى السنة كالصنعاني والشوكاني أعطى انطباعاً بأن تحول الاثنى عشرية إلى منهج الزيدية ربما يكون خطوة على العودة الكاملة إلى السنة.
بيد أن كل من جرب مع الشيعة الاثنى عشرية لاسيما الإيرانيين الصفويين يجد أن دعوى التقريب عندهم ما هي إلا نوع من التقية، ولكنها تقية مكشوفة غاية التكشف، وأنهم مستمرون على الأقل في طعنهم العلني على الصحابة بالإضافة إلى المحافظة بصورة أو بأخرى على الكتب التي تدَّعي تحريف القرآن محفوظة في المكتبات العامة أو الجامعات.
وهذه التقية المكشوفة قد حَدَتْ بكثير ممن رفع شعار التقريب فترة من الزمن إلى التراجع عنه كالأستاذ "رشيد رضا" -رحمه الله- صاحب قاعدة المنار الذهبية "نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه"، والذي ذكر أن الشيعة كفروه لمجرد أنه ذكر في شرحه لهذه القاعدة "نتعاون فيما اتفقنا عليه من الرجوع إلى الكتاب كما تناقلته الأمة جيلاً بعد جيل، والسنة كما هي محفوظة في الكتب الستة وغيرها، وعلى تعظيم صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمهات المؤمنين -رضي الله عنهن-.
كما تراجع العلامة محب الدين الخطيب، والذي لم يكد يضع قدمه في هذا الطريق حتى أدرك أن للشيعة قرآنا غير الذي في أيدينا، ورواة السنة الموثقون عندنا مكذبون عندهم، والصحابة الذين نرجع إلى فهمهم غير مرضيين عندهم، فإلى إلى شيء نتحاكم إن أردنا حواراً أو تقريباً؟!
وممن تراجع أيضاً الأستاذ "يوسف السباعي" -رحمه الله- الذي أراد أن يرد على أبي رية في أكاذيبه حول راوية الإسلام أبي هريرة -رضي الله عنه- ففوجئ بأنه ينقل عن كتاب لرجل شيعي من أبرز دعاة التقريب يدعى "عبد الحسين"، وصدم أكثر حينما وجد أن تاريخ نشر الكتاب يرجع إلى فترة شهدت تعاوناً وثيقاً بينه وبين عبد الحسين بشأن التقريب!!
وأما ثالثة الأثافي فكانت حينما كلم عبد الحسين هذا فلم يستطع أن يظفر منه حتى بوعد بإيقاف حملتهم ضد الصحابة -رضي الله عنهم- ومنهم أبو هريرة -رضي الله عنه-.
فدوَّنَ صرخة في مقدمة كتابه "السنة" يحذر فيها من التقريب الذي يكون ثمنه أعراض صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإن لم يستطع أن يتخلص من الوهم نهائياً فطالب عقلاء الشيعة بأن يؤسسوا تقريباً قائما على احترام الصحابة وتعظيمهم.
وأما الشيخ يوسف القرضاوى فاتعظ بحال من سبقه، وليته اتعظ فتبرأ من دعاوى التقريب، والتزم الواجب عليه من دعوتهم إلى الحق وبيانه لهم!!
ولكنه وضع قاعدة أخرى تعفيه من تتبع ما ينشره الشيعة من طعن على الصحابة أو ما يحتفظون به في مكتباتهم مما هو أخطر من ذلك فقرر أن "التقريب قائم على عدم محاولة أتباع كل مذهب الدعوة إلى مذهبه في البلاد التي يمثل المذهب الآخر أغلبية فيها".
ولا ندري على أي أساس بنى الشيخ القرضاوي هذه القاعدة والتي ينبني عليها أن يترك علماء السنة أجيال تلو أجيال ممن ولد لآباء شيعة أن يتربوا على سب الصحابة والطعن عليهم، بالإضافة إلى العقائد الأخرى الخربة في القَدَر، وفي الصفات، بالإضافة إلى الفقه الشاذ من نكاح المتعة وغيره من الفضائح.
على أية حال التزم الشيعة ظاهرياً بهذا، والشيخ -عفا الله عنه- فرح مسرور بما يراه من نتاج دعوة التقريب التي آلت إليه إمامتها.
إلى أن جاء الأمريكان إلى العراق، واستقوى الشيعة بهم على أهل السنة كعادتهم، وواجه أهلُ السنة حربَ إبادةٍ منظمةٍ من قبل المليشيات الشيعية، وانتشر القتل على الهوية في الشوارع والطرقات، ودعاة التقريب يغمضون أعينهم، ويوجهون النصيحة السمجة للجميع بضبط النفس.
ولما وجدت مقاومة مسلحة سنية تقاتل الأمريكان في المقام الأول، ووجد فيها قدْر من الغلو في تكفير الشيعة، ابتهج دعاة التقريب لها، وحملوها مسئولية كل ما يحدث، رغم أن انحرافاتهم لا تبلغ عشر معشار ما فعله الشيعة، وان كان كل خطأٍ مردود على صاحبه كائناً من كان.
ثم جاءت حرب حزب الله ضد إسرائيل، والتي اكتسب فيها أرضية كبيرة عند عامة المسلمين شارك دعاة التقريب في صنعها بما هللوا كثيراً لحزب الله فيها، وليتهم بنوا مواقفهم من باب أن الشيعة المبتدعين أقرب إلينا من اليهود، ولكنهم وللأسف بنوا مواقفهم على أن حزب الله هو ممثل الإسلام والمسلمين، رغم أن حزب الله استخدم سكان القرى اللبنانية لا سيما ذات الأغلبية السنية دروعاً بشرية، بينما امتنع عن فعل ذلك في القرى ذات الأغلبية الشيعية، بل والقرى ذات الأغلبية النصرانية، في ذات الوقت الذي حرمت فيه هذه القرى السنية من المساعدات ومواد الإغاثة.
واستثماراً لهذا الإعجاب الشعبي بدأ الشيعة في شراء أقلام مأجورة في صحف علمانية في بلاد السنة، لا سيما مصر؛ للترويج لمطاعن الشيعة في الصحابة -رضي الله عنهم- وفي أمهات المؤمنين، وتصاعدت الحملة إلى حد توزيع مذكرات على المساجد في بعض المدن، لا سيما تلك التي لا تشهد تواجداً كبيراً للدعاة السلفيين.
ومما يحسب للشيخ القرضاوى أنه جهر بالحق، وحذر من الشيعة في أكثر من مناسبة، وإن كان قد استمر على قصر إنكاره على محاولاتهم نشر منهجهم في بلاد السنة دون أن يتعرض لمبدأ اعتناقهم لهذه الأكاذيب.
وكعادتهم في الغدر والجحود رد الشيعة على لسان أكثر من رمز ديني بل وسياسي في إيران بالسب والطعن الذي وصل إلى حد ادعاء أن القرضاوى يعمل لصالح الماسونية العالمية.
وتوالت الأحداث...
فانضم بعض دعاة التقريب إلى الشيخ القرضاوى مستنكرين أن يواجه الشيعة إحسانه إليهم بالسب والطعن.
ولا ندري هل أفاق هؤلاء فجأة ليكتشفوا أن الشيعة قومٌ بُهْتٌ، وهم الذين رموا الصحابة بأشنع الفظائع؟
هل أفاق هؤلاء فجأة ليكتشفوا أن الشيعة ناكرو جميل وجاحدو فضل، وهم الذين جحدوا فضل من أخرجوهم وأخرجوا أجدادهم من الظلمات إلى النور؟
إلا أن هؤلاء أحسن حالاً ممن وجهوا اللوم إلى الشيخ القرضاوى على اعتبار أن "البادي أظلم، وأن الشيخ القرضاوى هو الذي استفز الشيعة بتصريحاته ضدهم"، ومعنى ذلك أن هؤلاء القوم يرون التقريب حتى بدون الشروط التي وضعها دعاته الأوائل، ولا تلك التي وضعها القرضاوى، وصار التقريب في زعمهم أن يعربد دعاة الشيعة سباً وقذفاً في الصحابة، ويخرجون أبناء السنة من السنة إلى البدعة، بينما يلهج دعاة السنة بمدحهم والثناء عليهم والنفي التام أن لدى القوم أي عداوة لصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وربما تبجح بعضهم أكثر وقرر: "إننا ينبغي أن نتجاوز عن هذه الزلات للشيعة طالما أنهم يقفون في وجه العدو الأمريكي والصهيوني". ولا ندري هل يمكن لهؤلاء أن يفرطوا في عرضهم فيتركونه مباحاً لكل من وقف في وجه الأمريكان ليسب ويشتم ويقذف، أم الكرم الحاتمي لا يظهر فقط إلا فيما يتعلق بعرض أمهات المؤمنين وصحابة النبي الأمين؟!
بالإضافة إلى أن هذه الوقفة في وجه الأمريكان واليهود لم تكن يوماً ما موقفاً ثابتاً للشيعة، إنما هي أمور تحركها الحسابات والمصالح السياسية، ولهذا مقام آخر إلا أنه من باب التذكير فقط نذكر هؤلاء الذين دافعوا عن نزوة حسن نصر الله بأنها جاءت لتخفيف الحصار على غزة وها هي غزة تحاصر حصاراً خانقاً يبلغ في شدته عشرات أضعاف الحصار السابق، وحزب الله مشغول بالاحتفال بذكرى النصر على إسرائيل.
ويبقى موقف جماعة الإخوان موقفاً مخيبا للآمال، مُثْبِتَا أن خيار التقريب لدى الإخوان خيار سياسي كسائر خياراتهم في الفترة الأخيرة، وليس نابعا من موقف فقهي مستمد من رأي فقهاء الجماعة، وإلا فالأستاذ يوسف السباعي المراقب العام للإخوان بسوريا قد شجب هذا التقريب الذي يستمر فيه الشيعة في سب الصحابة حتى في بلادهم، ومع ذلك اغتر من بعده الأستاذ سعيد حوى مراقب الإخوان بسوريا أيضاً فأيد الثورة الخومينية على أنها تمثل مرحلة صادقة جديدة من مراحل التقريب، ثم شجب ذلك في رسالته "الخومينية شذوذ في العقائد شذوذ في المواقف"، وها هو القرضاوى التي تحرص الجماعة دائما على استصدار فتاوى منه في جميع مواقفها ويعتبرون أنه ليس لغيره ممن هم أقل منه علما أن يخالفه، فلماذا يخالفونه هنا بل ويخطئونه و"يخذلونه" في مواجهة خصوم متعجرفين سليطي اللسان لديهم أبواقهم الإعلامية الصاخبة؟!
إن موقف الإخوان في قضية الشيعة والقرضاوى لا يختلف عن موقف أحد رموزهم وهو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في قضية نجيب محفوظ وسيد قطب.
فهل يدرك الإخوان خطورة إدخال الموازنات السياسية مع المخالفين عقديا من نصارى ويهود وشيوعيين وعلمانيين بالإضافة إلى مبتدعي الأمة وأخطرهم الشيعة، أم يستمرون في حسابات سياسية ربما امتد ضررها إلى رمز كبير من رموزها كالقرضاوي؟
(*) الغريب في ذلك أن كلا من الشيخ وابنه قد التزما الصمت أمام هذه التهمة مما فسره الأستاذ جمال سلطان في "المصريون" عدد 15 شوال بأنه لا مبالاة بتهمة ساقطة شكلاً وموضوعاً.
ولكن هذه التهمة التي لم تنشأ إلا استثماراً لحالة "الانبهار" التي يبديها الشاعر الشاب بحسن نصر الله وثقة إما في تشيعه -أعاذه الله وسائرَ شباب المسلمين من ذلك-، وإما في أنه سيعتبر هذه من باب "تهمة لا أنفيها وشرف لا أدعيه"، أو على الأقل سوف يعتبر أنه لن يخسر رصيده الأدبي في الدفاع عن حسن نصر الله لكي يرد هذه التهمة.
وعلى أية حال فإن ذلك الموقف يعبر عن مدى الخطر المحيط بنا إذا استمرت حالة "الحب الأعمى" من قِبَلِ كثيرٍ من الرموز الإسلامية لحسن نصر الله ورفقته.
موقع صوت السلف (http://www.salafvoice.com/)

أم البراء
12-25-2008, 11:39 PM
نفع الله بكم