المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "" لا تقل لا حـياة لمن تنـادي "


*جويرية*
10-07-2008, 09:02 AM
لا تقل : " لاحياة لمن تنادي " ولكن : " لا منادي ينادي "
بقلم : الشيخ رابح مختاري / قسم الدكتوراه أصول الفقه
http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselLoghaArabeyya/05.gif

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه كلمة فائقة وعبارة عميقة من الإمام المربِّي باعث النهضتين الأدبية والعلمية في الشمال الافريقي العلامة عبد الحميد ابن باديس - رحمه الله تعالى - حين زار بعض القرى التي خيَّم فيها الجهل وضرب بِجِرانه وجثمت على صدرها الأمية ، فشكى إليه بعض مثقفيها حال الأمة بها وما آل إليه أمرها وقال له كلمة تدل على أنَّ اليأس قد سكن قلبه وسرى في أوصاله :

" يا شيخ لا حياة لمن تنادي "

، أي إن الناس قد أصبحوا موتى لا يستجيبون لدعوة أحد ولا ينفع فيهم وعظ ولا إرشاد ، وهل ينفع تحريك جسم هامد أو يجدي ضرب في حديد بارد ؟ إن كلمات الشيوخ ووعظهم لا يعدو أن يكون صرخة في واد أو نفخة في رماد على حدِّ قول الأول :

لقد أسمعت لو ناديت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادي

ونار لو نفخت بها أضاءت * ولكن أنت تنفخ في رماد


فبادره الإمام ابن باديس مصحِّحا ومرشدا وباعثا الأمل في نفوس السامعين فقال :
( لا تقل" لا حياة لمن تنادي " ، ولكن قل :" لا منادي ينادي " ، فأكثروا إذن من المناداة إن أردتم أن يستجاب لكم ولا تخافوا من الراقدين ولا سيما إذا طال رقادهم كما هي الحالة عندنا ) اهـ .

http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselLoghaArabeyya/05.gif

إنها كلمة صادرة من نفس مليئة ثقة بربها يشع منها الأمل والتفاؤل ، والبعد عن اليأس والتخاذل ، والشيء من معدنه لا يستغرب فصاحبها راسخ الإيمان قويُّ العزيمة عميق الفكرة بعيد النظر واسع الأفق ، قرأ أمته وفهمها كما يقرأ الكتاب ويفهم ، ودرسها كما تدرس الحقائق العلمية فعرف مكمن الداء وسر الأدواء ، واتضحت له الرؤية واستقام له الطريق فسار على هدى من ربه مستضيئا بنور العلم وحسن القصد ورباطة الجأش وقوة التوكل ما ضعفت له عزيمة ولا لانت له قناة ، ولا فُلَّت له صفاة ، لسان حاله ما قاله الأول عما يصيبه من حوادث وبلايا :

فما ليَّنت منا قناةً صليـبةً * ولا ذلَّلتـنا للذي ليـس يجمُـل

ولكن رحلناها نفوسا كريمةً * تُحمَّل ما لا يستطـاع فتحمـل

وقَينا بحسن الصبر منا نفوسَنا * فصحَّت لنا الأعراضُ والناسُ هزَّل

http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselLoghaArabeyya/05.gif

هناك فرق عظيم وبون شاسع بين النائم والميت ، فهذه الأمة لم تمت ولن تموت ما تمسكت بالإسلام وحافظت على لسانها العربي وأخوتها الحقة ، ولكنها نامت مدة من الزمان لا تلبث أن تستيقظ إن وجد فيها من يوقظها وينادي في أذنها أن استيقظي لطلب المعالي وتسنُّم ذرى الأمجاد .

إنها أمة تعيش في ظلام دامس وليل بهيم ، ولكن ما دام فيها رمق من حياة فهو ليل يرتجى بروز فجره وبزوغ شمسه إذا أخذت بأسباب الحياة ومقومات النجاة ونفضت عن كاهلها غبار الجهل والتخاذل وليست هي أمةً ميتةً ليلُها كليل الضرير صبحه غير منتظر .

http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselLoghaArabeyya/05.gif

لقد أدرك ابن باديس أن اليأس في وقت الشدة وخناق البلاء قاتل للهمم وناقض للعزائم ومثبط للرجال وأنه مزلق خطير من مزالق الشيطان إذ الواجب انشراح الصدر بالتفاؤل واستنهاض الهمم وزرع البشرى في النفوس الضعيفة الخائفة ، ونشر الأمل في زمان القنوط لتحويل الضيق إلى سعة والمنحة إلى محنة والألم إلى أمل ، ولهذا كان يقول :

واهزز نفوس الجامدين * فربما حيي الخشب


http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselLoghaArabeyya/05.gif

وهذا أسوتنا وقدوتنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - لما شكا إليه الصحابة - رضي الله عنهم - ما أصابهم من المشركين من شدة قال لهم :
« والله ليَتِمَّنَّ هذا الأمرُ حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون » ( رواه البخاري ) .

فاليأس ليس مطلوبا شرعا ولا مقصودا أصلا بل هو إطفاء لجذوة التفاؤل وإذكاء لشعلة التشاؤم وسوءِ الظن ، ولا يجني منه صاحبه إلا ضعف العبادة والأمراض النفسية والقعود عن العمل النافع .

http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselLoghaArabeyya/05.gif

فيا أُخَيّ لا تسلم قيادك لليأس ولا تلق بنفسك في أحضان القنوط ، فالشدائد بتراء لا تدوم وإن طالت ، وللبلايا أوقات ثم تنصرم .

وكل الحادثات وإن تناهت * فمقرون بها الفرج القريب

رحمة الله على الإمام ابن باديس فقد كان خير منادٍ في أمته فاستيقظت بعد رقاد وانتبهت بعد سهاد فما ذهبت كلماته سدى ولا جهوده ضياعا وتلك هي آثار الإخلاص في أعمال الرجال .
http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselLoghaArabeyya/05.gif
المصدر : موقع " منار الجزائر "

أبو مصعب السلفي
10-07-2008, 09:23 AM
ماشاء الله,
جزاكم الله خيراً
..

أم هارون السلفية
10-07-2008, 09:28 AM
جزاكِ الله خيرا أختنا الفاضلة ونفع الله بكِ

عزيم
10-07-2008, 11:29 AM
جزاكم الله خيرا على الموضوع الطيب وبارك الله في جهدكم



أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مســــــــــــــــــــــــتمعاً
والحظُ عني بالجــــهــــالِ في شُـــــــــــــــغلِ


فصحيح العقل من يرى الامور على حقيقتها
وتتضح له كبزوغ الشمس في وضح النهار
بعكس السكران الذي اسكرته الدنيا
فهو لا يري الا ظهوار الدنيا



رحم الله الشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس رحمة واسعة

أم البراء
10-07-2008, 08:47 PM
بارك الله فيكِ أختنا الفاضلة ونفع بكِ

أم الزبير محمد الحسين
10-10-2008, 01:55 AM
بارك الله فيكِ أختنا الفاضلة ونفع بكِ

أبو عمر الأزهري
12-30-2008, 07:19 AM
جزاكم الله خيراً أختنا الفاضلة
ورحم الله الشيخ العلامة وجزاه عنا وعن المسلمين خيرا .

أبو عمر الأزهري
11-20-2009, 01:28 AM
يُرفع .

أبومالك
12-12-2009, 09:51 PM
جزاكم الله خيراً

نور الدرب
12-18-2009, 01:46 AM
جزاك الله خييرا ..

زهرة انا
12-18-2009, 02:27 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة الف شكر على الموضوع المميز

أبو يوسف السلفي
12-27-2009, 10:37 PM
جزاكم الله خيراً

نصرة مسلمة
09-09-2011, 05:50 PM
للرفع
رحم الله شيخنا العلامة ابن باديس وجزاه خير الجزاء
بارك الله فيك أختي جويرية
أفتقدك عساك بخير.

نسألكم الدعاء
09-10-2011, 12:10 AM
لا تقل : " لاحياة لمن تنادي " ولكن : " لا منادي ينادي "
بقلم : الشيخ رابح مختاري / قسم الدكتوراه أصول الفقه
http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselloghaarabeyya/05.gif

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه كلمة فائقة وعبارة عميقة من الإمام المربِّي باعث النهضتين الأدبية والعلمية في الشمال الافريقي العلامة عبد الحميد ابن باديس - رحمه الله تعالى - حين زار بعض القرى التي خيَّم فيها الجهل وضرب بِجِرانه وجثمت على صدرها الأمية ، فشكى إليه بعض مثقفيها حال الأمة بها وما آل إليه أمرها وقال له كلمة تدل على أنَّ اليأس قد سكن قلبه وسرى في أوصاله :

" يا شيخ لا حياة لمن تنادي "

، أي إن الناس قد أصبحوا موتى لا يستجيبون لدعوة أحد ولا ينفع فيهم وعظ ولا إرشاد ، وهل ينفع تحريك جسم هامد أو يجدي ضرب في حديد بارد ؟ إن كلمات الشيوخ ووعظهم لا يعدو أن يكون صرخة في واد أو نفخة في رماد على حدِّ قول الأول :

لقد أسمعت لو ناديت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادي

ونار لو نفخت بها أضاءت * ولكن أنت تنفخ في رماد


فبادره الإمام ابن باديس مصحِّحا ومرشدا وباعثا الأمل في نفوس السامعين فقال :
( لا تقل" لا حياة لمن تنادي " ، ولكن قل :" لا منادي ينادي " ، فأكثروا إذن من المناداة إن أردتم أن يستجاب لكم ولا تخافوا من الراقدين ولا سيما إذا طال رقادهم كما هي الحالة عندنا ) اهـ .

http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselloghaarabeyya/05.gif

إنها كلمة صادرة من نفس مليئة ثقة بربها يشع منها الأمل والتفاؤل ، والبعد عن اليأس والتخاذل ، والشيء من معدنه لا يستغرب فصاحبها راسخ الإيمان قويُّ العزيمة عميق الفكرة بعيد النظر واسع الأفق ، قرأ أمته وفهمها كما يقرأ الكتاب ويفهم ، ودرسها كما تدرس الحقائق العلمية فعرف مكمن الداء وسر الأدواء ، واتضحت له الرؤية واستقام له الطريق فسار على هدى من ربه مستضيئا بنور العلم وحسن القصد ورباطة الجأش وقوة التوكل ما ضعفت له عزيمة ولا لانت له قناة ، ولا فُلَّت له صفاة ، لسان حاله ما قاله الأول عما يصيبه من حوادث وبلايا :

فما ليَّنت منا قناةً صليـبةً * ولا ذلَّلتـنا للذي ليـس يجمُـل

ولكن رحلناها نفوسا كريمةً * تُحمَّل ما لا يستطـاع فتحمـل

وقَينا بحسن الصبر منا نفوسَنا * فصحَّت لنا الأعراضُ والناسُ هزَّل

http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselloghaarabeyya/05.gif

هناك فرق عظيم وبون شاسع بين النائم والميت ، فهذه الأمة لم تمت ولن تموت ما تمسكت بالإسلام وحافظت على لسانها العربي وأخوتها الحقة ، ولكنها نامت مدة من الزمان لا تلبث أن تستيقظ إن وجد فيها من يوقظها وينادي في أذنها أن استيقظي لطلب المعالي وتسنُّم ذرى الأمجاد .

إنها أمة تعيش في ظلام دامس وليل بهيم ، ولكن ما دام فيها رمق من حياة فهو ليل يرتجى بروز فجره وبزوغ شمسه إذا أخذت بأسباب الحياة ومقومات النجاة ونفضت عن كاهلها غبار الجهل والتخاذل وليست هي أمةً ميتةً ليلُها كليل الضرير صبحه غير منتظر .

http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselloghaarabeyya/05.gif

لقد أدرك ابن باديس أن اليأس في وقت الشدة وخناق البلاء قاتل للهمم وناقض للعزائم ومثبط للرجال وأنه مزلق خطير من مزالق الشيطان إذ الواجب انشراح الصدر بالتفاؤل واستنهاض الهمم وزرع البشرى في النفوس الضعيفة الخائفة ، ونشر الأمل في زمان القنوط لتحويل الضيق إلى سعة والمنحة إلى محنة والألم إلى أمل ، ولهذا كان يقول :

واهزز نفوس الجامدين * فربما حيي الخشب


http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselloghaarabeyya/05.gif

وهذا أسوتنا وقدوتنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - لما شكا إليه الصحابة - رضي الله عنهم - ما أصابهم من المشركين من شدة قال لهم :
« والله ليَتِمَّنَّ هذا الأمرُ حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون » ( رواه البخاري ) .

فاليأس ليس مطلوبا شرعا ولا مقصودا أصلا بل هو إطفاء لجذوة التفاؤل وإذكاء لشعلة التشاؤم وسوءِ الظن ، ولا يجني منه صاحبه إلا ضعف العبادة والأمراض النفسية والقعود عن العمل النافع .

http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselloghaarabeyya/05.gif

فيا أُخَيّ لا تسلم قيادك لليأس ولا تلق بنفسك في أحضان القنوط ، فالشدائد بتراء لا تدوم وإن طالت ، وللبلايا أوقات ثم تنصرم .

وكل الحادثات وإن تناهت * فمقرون بها الفرج القريب

رحمة الله على الإمام ابن باديس فقد كان خير منادٍ في أمته فاستيقظت بعد رقاد وانتبهت بعد سهاد فما ذهبت كلماته سدى ولا جهوده ضياعا وتلك هي آثار الإخلاص في أعمال الرجال .
http://www.hor3en.com/doros/athary/fawaselloghaarabeyya/05.gif
المصدر : موقع " منار الجزائر "


بالفعل هو كما جاء في بداية الموضوع

هذه كلمة فائقة وعبارة عميقة

استفدت منها

جزاك الله خيرا