المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة شرح أبيات ( وصف الجنة ) لابن القيم


أبو عمر الأزهري
04-09-2007, 07:39 AM
:zzzt01:


:aaa0asmilies:


ننقل لكم فى هذه المشاركات جزء من نونية الإمام العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله ،،
وهو الجزء الخاص بوصف الجنة ،، نسأل الله جل وعلا أن يجمعنى بها وإياكم ،،

وهى منقولة من كتاب ،، وضع له شارح الأبيات عنوان :
( توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم )

وهى قصيدة ممتعة بالفعل ،،
سنتناول فى كل مشاركة جزءا من الأبيات مع شرحها إن شاء الله تعالى ،،

أسألكم الدعاء لى ولوالدى ،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أبو عمر الأزهري
04-09-2007, 05:00 PM
فاسمع إذا أوصافها وصفاتها***تيك المنازل ربة الإحسان
هي جنة طابت وطاب نعيمها***فنعيمها باق وليس بفان
دار السلام وجنة المأوى ومنـ***ـزل عسكر الايمان والقرآن
فالدار دار سلامة وخطابهم*** فيها سلام واسم ذي الغفران
درجاتها مائة وما بين اثنتيـ***ـن فذاك في التحقيق للحسبان
مثل الذي بين السماء وبين ها***ذي الأرض قول الصادق البرهان
لكن عاليها هو الفردوس مسـ***ـقوف بعرش الخالق الرحمن
وسط الجنان وعلوها فلذاك كا***نت قبة من أحسن البنيان
منه تفجر سائر الأنهار فالـ***ـينبوع منه نازل بجنان
أبوابها حق ثمانية أتت*** في النص وهي لصاحب الإحسان
باب الجهاد وذاك أعلاها وبا***ب الصوم يدعى الباب بالريان
ولكل سعي صالح باب ورب*** السعي منه داخل بأمان
ولسوف يدعى المرء من أبوابها*** جمعاً إذا وفى حلى الإيمان
منهم أبو بكر هو الصديق ذا*** ك خليفة المبعوث بالقرآن
سبعون عاما بين كل اثنين منـ***ـها قدّرت بالعد والحسبان
هذا حديث لقيط المعروف بالـ***ـخبر الطويل وذا عظيم الشان
وعليه كل جلالة ومهابة*** ولكم حواه بعد من عرفان
لكن بينهما مسيرة أربعيـ***ـن رواه حبر الامة الشيباني
في مسند بالرفع وهو لمسلم*** وقف كمرفوع بوجه ثان
ولقد روى تقديره بثلاثة الـ***أيام لكن عند ذي العرفان
أعني البخاري الرضي هو منكر***وحديث راوية فذو نكران
هذا وفتح الباب ليس بممكن*** إلا بمفتاح على أسنان
مفتاحه بشهادة الاخلاص والتو***حيد تلك شهادة الإيمان
أسنانه الأعمال وهي شرائع الـ***إسلام والمفتاح بالأسنان
لا تلغين هذا المثال فكم به*** من حل أشكال لذي العرفان
هذا ومن يدخل فليس بداخل*** إلا بتوقيع من الرحمن
وكذاك يكتب للفتى لدخوله*** من قبل توقيعان مشهوران
إحداهما بعد الممات وعرض أر***واح العباد على الديان
فيقول رب العرش جل جلاله*** للكاتبين وهم أولو الديوان
ذا الاسم في الديوان يكتب ذاك ديـ***ـوان الجنان مجاور المنان
ديوان عليين أصحاب القرآ***ن وسنة المبعوث بالقرآن
فإذا انتهى للجسر يوم الحشر يعـ***ـطى للدخول اذا كتاب ثان
عنوانه هذا الكتاب من عزيـ***ـز راحم لفلان ابن فلان
فدعوه يدخل جنة المأوى التي ار***تفعت ولكن القطوف دوان
هذا وقد كتب اسمه مذ كان في الـ***أرحام قبل ولادة الإنسان
بل قبل ذلك هو وقت القبضتيـ***ـن كلاهما للعدل والإحسان
سبحان ذي الجبروت والملكوت والـ*** إجلال والاكرام والسبحان
والله أكبر عالم الأسرار والـ***إعلان واللحظات بالأجفان
والحمد لله السميع لسائر الـ***أصوات من سر ومن إعلان
وهو الموحد والمسبح والممجـ***ـد والحميد ومنزل القرآن
والأمر من قبل ومن بعد له*** سبحانك اللهم ذا السلطان
هذا وإن صفوفهم عشرون مع*** مئة وهذي الأمة الثلثان
يرويه عنه بريدة إسناده*** شرط الصحيح بمسند الشيباني
وله شواهد من حديث أبي هريـ***ـرة وابن مسعود وحبر زمان
أعني ابن عباس وفي إسناده*** رجل ضعيف غير ذي اتقان
ولقد أتانا في الصحيح بأنهم ***شطر وما اللفظان مختلفان
إذ قال أرجو أن تكونوا شطرهم*** هذا رجاء منه للرحمن
أعطاه رب العرش ما يرجو وزا***د من العطاء فعال ذي الإحسان
هذا وأول زمرة فوجوههم*** كالبدر ليل الست بعد ثمان
السابقون هم وقد كانوا هنا*** أيضا أولي سبق إلى الإحسان
والزمرة الأخرى كأضوء كوكب*** في الأفق تنظره به العينان
أمشاطهم ذهب ورشحهم فمسـ***ـك خالص يا ذلة الحرمان
ويرى الذين بذيلها من فوقهم*** مثل الكواكب رؤية بعيان
ما ذاك مختصا برسل الله بل*** لهم وللصديق ذي الإيمان
هذا وأعلاهم فناظر ربه*** في كل يوم وقته الطرفان
لكن أدناهم وما فيهم دني*** إذ ليس في الجنات من نقصان
فهو الذي تلقى مسافة ملكه*** بسنيننا ألفان كاملتان
فيرى بها أقصاه حقا مثل رؤ***يته لأدناه القريب الداني
أو ماسمعت بأن آخر أهلها*** يعطيه رب العرش ذو الغفران
أضعاف دنيانا جميعا عشر أمـ***ـثال لها سبحان ذي الإحسان
هذا وسنهم ثلاث مع ثلا***ثين التي هي قوة الشبان
وصغيرهم وكبيرهم في ذا على*** حد سواء ما سوى الولدان
ولقد روى الخدري أيضا أنهم*** أبناء عشر بعدها عشران
وكلاهما في الترمذي وليس ذا*** بتناقض بل ها هنا أمران
حذف الثلاث ونيف بعد العقو***د وذكر ذلك عندهم سيان
عند اتساع في الكلام فعندما*** يأتوا بتحرير فبالميزان
والطول طول أبيهم ستون لـ***ـكن عرضهم سبع بلا نقصان
الطول صح بغير شك في الصحيـ***ـحين اللذين هما لنا شمسان
والعرض لم نعرفه في احداهما*** لكن رواه أحمد الشيباني
هذا ولا يخفى التناسب بين هـ***ـذا العرض والطول البديع الشان
كل على مقدار صاحبه وذا*** تقدير متقن صنعة الإنسان
ألوانهم بيض وليس لهم لحى*** جعد الشعور مكحّلوا الأجفان
هذا كمال الحسن في أبشارهم*** وشعورهم وكذلك العينان
ولقد أتى أثر بأن لسانهم*** بالمنطق العربي خير لسان
لكنّ في اسناده نظرا ففيـ***ـه راويان وما هما ثبتان
أعني العلاء هو ابن عمرو ثم يحـ***ـيى الأشعري وذان مغموزان
والريح يوجد من مسيرة أربعيـ***ـن وإن تشأ مائة فمرويان
وكذا روى سبعين أيضا صح هـ***ـذا كله وأتى به اثران
ما في رجالهما لنا من مطعن*** والجمع بين الكل ذو إمكان
ولقد أتى تقديره مائة بخمـ***ـس ضربها من غير ما نقصان
إن صح هذا فهو أيضا والذي*** من قبله في غاية الامكان
أما بحسب المدركين لريحها*** قربا وبعدا ما هما سيّان
أو باختلاف قرارها وعلوّها*** أيضا وذلك واضح التبيان
أو باختلاف السير أيضا فهو أنـ***ـواع بقدر إطاقة الإنسان
ما بين ألفاظ الرسول تناقض*** بل ذاك في الأفهام والأذهان
مائة بخمس ضربها أو أربعيـ***ـن كلاهما في ذاك محفوظان
فأبو هريرة قد روى أولاهما*** وروى لنا الثاني صحابيان
هذا بحسب تفاوت الفقراء في اسـ***ـتحقاق سبقهم إلى الإحسان
أو ذا بحسب تفاوت في الأغنيا***ء كلاهما لا شك موجودان
ونظير هذا سبق أهل الفقر للـ***ـجنات في تقديره أثران
هذا وأولهم دخولا خير خلـ***ـق الله من قد خصّ بالقرآن
والأنبياء على مراتبهم من التـ***ـفضيل تلك مواهب المنان
هذا وأمة أحمد سباق با***قي الخلق عند دخولهم لجنان
وأحقهم بالسبق أسبقهم الى الـ***إسلام والتصديق بالقرآن
وكذا أبو بكر هو الصديق أسـ***ـبقهم دخولا قول ذي البرهان
وروى ابن ماجة أن أولهم يصا***فحه إله العرش ذو الإحسان
ويكون أولهم دخولا جنة الـ***ـفردوس ذلك قامع الكفران
فاروق دين الله ناصر قوله*** ورسوله وشرائع الايمان
لكنه أثر ضعيف فيه مجـ***ـروح يسمى خالدا ببيان
لو صح كان عمومه المخصوص بالصـ***ـديق قطعا غير ذي نكران
هذا وأولهم دخولا فهو حمـ***ـاد على الحالات للرحمن
إن كان في السراء أصبح حامدا*** أو كان في الضرا فحمد ثان
هذا الذي هو عارف بإلهه*** وصفاته وكماله الرباني
وكذا الشهيد فسبقه متيقن*** وهو الجدير بذلك الإحسان
وكذلك المملوك حين يقوم بالـ***ـحقين سباق بغير توان
وكذا فقير ذو عيال ليس بالـ***ـملحاح بل ذو عفة وصيان
والجنة اسم الجنس وهي كثيرة*** جدا ولكن أصلها نوعان
ذهبيتان بكل ما حوتاه من*** حلى وآنية ومن بنيان
وكذاك أيضا ففضة ثنتان من*** حلى وبنيان وكل أوان
لكن دار الخلد والمأوى وعد***ن والسلام اضافة لمعان
أوصافها استدعت اضفتها اليـ***ـها مدحة مع غاية التبيان
لكنما الفردوس أعلاها وأو***سطها مساكن صفوة الرحمن
أعلاه منزلة لأعلى الخلق منـ***ـزلة هو المبعوث بالقرآن
وهي الوسيلة وهي أعلى رتبة*** خلصت له فضلا من الرحمن
ولقد أتى في سورة الرحمن تفـ***ـضيل الجنان مفصلا ببيان
هي أربع ثنتان فاضلتان ثم*** يليهما ثنتان مفضولان
فالأوليان الفضليان لأوجه*** عشر ويعسر نظمها بوزان
وإذا تأملت السياق وجدتها*** فيه تلوح لمن له عينان
سبحان من غرست يداه جنة الـ***فردوس عند تكامل البنيان
ويداه أيضا أتقنت لبنائها*** فتبارك الرحمن أعظم بان
هي في الجنان كآدم وكلاهما*** تفضيله من أجل هذا الشان
لكنما الجهميّ ليس لديه من*** ذا الفضل شيء فهو ذو نكران
ولد عقوق عق والده ولم*** يثبت بذا فضلا على الشيطان
فكلاهما تأثير قدرته وتأ***ثير المشيئة ليس ثم يدان
إلا هما أو نعمتاه وخلقه*** كل بنعمة ربه المنان
لما قضى رب العباد قا***ل تكلمي فتكلمت ببيان
قد أفلح العبد الذي هو مؤمن*** ماذا ادّخرت له من الإحسان
ولقد روى حقا أبو الدرداء ذا***ك عويمر أثرا عظيم الشان
يهتز قلب العبد عند سماعه*** طربا بقدر حلاوة الايمان
ما مثله أبدا يقال برأيه*** أو كان يا أهلا بذا العرفان
فيه النزول ثلاث ساعات فاحـ***ـداهن ينظر في الكتاب الثاني
يمحو ويثبت ما يشاء بحكمة*** وبعزة وبرحمة وحنان
فترى الفتى يمسي على حال ويصـ***ـبح في سواها ما هما مثلان
هو نائم وأموره قد دبرت*** ليلا ولا يدري بذاك الشان
والساعة الأخرى الى عدن مسا*** كن أهله هم صفوة الرحمن
الرسل ثم الأنبياء ومعهم الصـ***ـديق حسب فلا تكن بجبان
فيها الذي والله لا عين رأت*** كلا ولا سمعت به الأذنان
كلا ولا قلب به خطر المثا***ل له تعالى الله ذو السلطان
والساعة الأخرى الى هذي السما***ء يقول هل من تائب ندمان
أو داع أو مستغفر أو سائل*** أعطيه إني واسع الإحسان
حتى يصلي الفجر يشهدها مع الـ***أملاك تلك شهادة القرآن
هذا الحديث بطوله وسياقه*** وتمامه في سنة الطبراني
وبناؤها اللبنات من ذهب*** وأخرى فضة نوعان مختلفان
وقصورها من لؤلؤ وزبرجد*** أو فضة أو خالص العقيان
وكذاك من در وياقوت به*** نظم البناء بغاية الإتقان
والطين مسك خالص أو زعفرا***ن جابذا أثران مقبولان
ليسا بمختلفين لا تنكرهما*** فهما الملاط لذلك البنيان
والأرض مرمرة كخالص فضة*** مثل المرأة تنالها العينان
في مسلم تشبيهها بالدرمك الصـ***ـافي وبالمسك العظيم الشان
هذا لحسن اللون لكن ذا لطيـ**ـب الريح صار هناك تشبيهان
حصباؤها در وياقوت كذا***ك لآلىء نثرت كنثر جمان
وترابها من زعفران أو من المـ***ـسك الذي ما استلّ من غزلان
غرفاتها في الجو ينظر بطنها *** من ظهرها والظهر من بطنان
سكانها أهل القيام مع الصيا***م وطيب الكلمات والاحسان
ثنتان خالص حقه سبحانه***وعبيده أيضا لهم ثنتان
للعبد فيها خيمة من لؤلؤ*** قد جوفت هي صنعة الرحمن
ستون ميلا طولها في الجو في*** كل الزوايا أجمل النسوان
يغشى الجميع فلا يشاهد بعضهم*** بعضا وهذا لاتساع مكان
فيها مقاصير بها الأبواب من*** ذهب ودر زين بالمرجان
وخيامها منصوبة برياضها*** وشواطئ الأنهار ذي الجريان
ما في الخيام سوى التي لو قابلت*** للنيرين لقلت منكسفان
لله هاتيك الخيام فكم بها*** للقلب من علق ومن أشجان
فيهن حور قاصرات الطرف خيـ***ـرات حسان هن خير حسان
خيرات أخلاق حسان أوجها*** فالحسن والاحسان متفقان
فيها الأرائك وهي من سرر عليـ***ـهن الحجال كثيرة الألوان
لا تستحق اسم الأرائك دون ها***تيك الحجال وذاك وضع لسان
بشخنانة يدعونها بلسان فا***رس وهو ظهر البيت ذي الأركان

أشجارها نوعان منها ما له *** في هذه الدنيا مثال ثان
كالسدر أصل النبق مخضود مكا***ن الشوك من ثمر ذوي ألوان
هذا وظل السدر من خير الظلا***ل ونفعه الترويح للأبدان
وثماره أيضا ذوات منافع*** من بعضها تفريح ذي الأحزان
والطلح وهو الموز منضود كما*** نضدت يد بأصابع وبنان
أو أنه شجر البوادي موقرا*** حملا مكان الشوك في الأغصان
وكذلك الرمان والأعناب التي منها القطوف دوان
هذا ونوع ما له في هذه الد***نيا نظير كي يرى بعيان
يكفي من التعداد قول إلهنا*** من كل فاكهة بها زوجان
وأتو به متشابها في اللون مخـ***ـتلف الطعوم فذاك ذو ألوان
أو أنه متشابه في الاسم مخـ***ـتلف الطعوم فذاك قول ثان
أو أنه وسط خيار كله*** فالفحل منه ليس ذا ثنيان
أو أنه لثمارنا ذي مشبه*** في اسم ولون ليس يختلفان
لكن لبهجتها ولذة طعمها*** أمر سوى هذا الذي تجدان
فيلذها في الأكل عند منالها*** وتلذها من قبله العينان
قال ابن عباس وما بالجنة الـ***ـعليا سوى أسماء ما تريان
يعني الحقائق لا تماثل هذه*** وكلاهما في الاسم متفقان
يا طيب هاتيك الثمار وغرسها*** في المسك ذاب الترب للبستان
وكذلك الماء الذي يسقى به*** ياطيب ذاك الورد للظوآن
وإذا تناولت المار أتت نظيـ***ـرتها فحلت دونها بمكان
لم تنقطع أبدا ولم ترقب نزو***ل الشمس من حمل إلى ميزان


وكذاك لم تمنع ولم يحتج إلى*** أن يرتقي للقنو في العيدان
بل ذللت القطوف فكيف ما***شئت انتزعت بأسهل الإمكان
بل ذللت القطوف فكيف ما***شئت انتزعت بأسهل الإمكان
ولقد أتى خبر بأن الساق من*** ذهب رواه الترمذي ببيان
قال ابن عباس وهاتيك الجذو***ع زمرد من أحسن الألوان
ومقطعاتهم من الكرم الذي***فيها ومن سعة من العقيان
وثمارها ما فيه من عجم كأمـ***ـثال القلال فجلّ ذو الإحسان
وظلالها ممدودة ليست تقي*** حرا ولا شمسا وأنى ذان
أو ما سمعت بظل أصل واحد*** فيه يسير الراكب العجلان
مائة سنين قدرت لا تنقضي*** هذا العظيم الأصل والأفنان
ولقد روى الخدري أيضا أن طو***بى قدريها مائة بلا نقصان
تتفتح الأكمام فيها عن لبا***سهم بما شاءوا من الألوان
قال ابن عباس ويرسل ربنا*** ريحا تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتا تلذ لمسمع ال***إنسان كالنغمات بالأوزان
يا لذة الأسماع لا تتعوضي*** بلذاذة الأوتار والعيدان
أو ما سمعت سماعهم فيها غنا***ء الحور بالأصوات والألحان
واها لذيّاك السماع فإنه*** ملئت به الأذنان بالاحسان
واها لذيّاك السماع وطيبه*** من مثل أقمار على أغصان
واها لذيّاك السماع فكم به*** للقلب من طرب ومن أشجان
واها لذيّاك السماع ولم أقل*** ذيّاك تصغيرا له بلسان
ما ظن سامعه بصوت أطيب الـ*** أصوات من حور الجنان حسان
نحن النواعم والخوالد خيرا***ت كاملات الحسن والاحسان
لسنا نموت ولا نخاف وما لنا*** سخط ولا ضغن من الأضغان
طوبى لمن كنا له وكذاك طو***بى للذي هو حظنا لفظان
في ذاك آثار روين وذكرها*** في الترمذي ومعجم الطبراني
ورواه يحيى شيخ الأوزاعي تفـ***ـسيرا للفظة يحبرون أغان
نزه سماعك إن أردت سماع ذيـ***ـاك الغناء عن هذه الألحان
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحـ***ـرم ذا وذا يا ذلة الحرمان
إن اختيارك للسماع النازل الـ***أدنى على الأعلى من النقصان
والله إن سماعهم في القلب والـ***إيمان مثل السم في الأبدان
والله ما انفك الذي هو دأبه*** أبدا من الإشراك بالرحمن
فلقلب بيت الرب جل جلاله*** حبا وإخلاصا مع الإحسان
فإذا تعلق بالسماع اصاره*** عبدا لكل فلانة وفلان
حب الكتاب وحب ألحان الغنا*** في قلب عبد ليس يجتمعان
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا*** تقييده بشرائع الايمان
واللهو خف عليهم لما رأوا*** ما فيه من طرب ومن ألحان
قوت النفوس وإنما القرآن قو***ت القلب أنى يستوي القوتان
ولذا تراه حظ ذي النقصان كالـ***ـجهال والنسوان والصبيان
وألذهم فيه أقلهم من العقل*** الصحيح فسل أخا العرفان
يا لذة الفساق لست كلذة الـ***أبرار في عقل ولا قرآن
أنهارها في غير أخدود جرت*** سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاؤوا مفجـ***ـرة وما للنهر من نقصان
عسل مصفى ثم ماء ثم خمـ***ـر ثم أنهار من الألبان
والله ما تلك المواد كهذه*** لكن هما في اللفظ مجتمعان
هذا وبينهما يسير تشابه*** وهو اشتراك قام بالأذهان
وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم*** ولحوم طير ناعم وسمان
وفواكه شتى بحسب مناهم*** يا شبعة كملت لذي الايمان
لحم وخمر والنسا وفواكه*** والطيب مع روح ومع ريحان
وصحافهم ذهب تطوف عليهم*** بأكف خدام من الولدان
وانظر الى جعل اللذاذة للعيو***ن وشهوة للنفس في القرآن
للعين فيها لذة تدعو إلى*** شهواتها بالنفس والأمران
سبب التناول وهو يوجب لذة*** أخرى سوى ما نالت العينان
يسقون فيها من رحيق ختمه*** بالمسك أوله كمثله الثاني
من خمرة لذت لشاربها بلا*** غول ولا داء ولا نقصان
والخمر في الدنيا فهذا وصفها*** تغتال عقل الشارب السكران
وبها من الأدواء ما هي أهله*** ويخاف من عدم لذي الوجدان
فنفى لنا الرحمن أجمعها عن الـ***ـخمر التي في جنة الحيوان
وشرابهم من سلسبيل مزجه الـ***ـكافور ذاك شراب ذي الإحسان
هذا شرب أولي اليمين ولكن الـ***أبرار شربهم شرب ثان
يدعى بتسنيم سنام شرابهم*** شرب المقرب خيرة الرحمن
صفى المقرب سعيه فصفا له*** ذاك الشراب فتلك تصفيتان
لكن أصحاب اليمين فأهل مز***ج بالمباح وليس بالعصيان
مزج الشراب لهم كما مزجوا*** هم الأعمال ذاك المزج بالميزان
هذا وذو التخليط مزجى أمره*** والحكم فيه لربه الديان
هذا وتصريف المآكل منهم*** عرق يفيض لهم من الأبدان
كروائح المسك الذي ما فيه خلـ***ـط غيره من سائر الألوان
فتعود هاتيك البطون ضوامرا*** تبغي الطعام على مدى الأزمان
لا غائط فيها ولا بول ولا*** مخط ولا بصق من الانسان
ولهم جشاء ريحه مسك يكو***ن به تمام الهضم بالإحسان
هذا وهذا صح عنه فواحد*** في مسلم ولأحمد الأثران
وهم الملوك على الأسرة فوق ها***تيك الرؤوس مرصع التيجان
ولباسهم من سندس خضر ومن*** استبرق نوعان معروفان
ما ذاك من دود بنى من فوقه*** تلك البيوت وعاد ذو طيران
كلا ولا نسجت على المنوال نسـ***ـج ثيابنا بالقطن والكتان
لكنها حلل تشق ثمارها*** عنها رأيت شقائق النعمان
بيض وخضر ثم صفر ثم حمـ***ـر كالرباط بأحسن الألوان
لا تقرب الدنس المقرب للبلى*** ما للبلى فيهن من سلطان
ونصيف احداهن وهو خمارها*** ليست له الدنيا من الأثمان
سبعون من حلل عليها لا تعو***ق الطرف عن مخ ورا الساقان
لكن يراه من ورا ذا كله*** مثل الشراب لدى زجاج أوان

والفرش من استبرق قد بطنت*** ما ظنكم بظهارة لبطان
مرفوعة فوق الأسرة يتكى*** هو والحبيب بخلوة وأمان
يتحدثان عن الأرائك ما ترى***حبين في الخلوات ينتجيان
هذا وكم زريبة ونمارق*** ووسائد صفت بلا حسبان
والحلى أصفى لؤلؤ وزبرجد*** وكذاك أسورة من العقيان
ما ذاك يختص الاناث وانما*** هو للاناث كذاك للذكران
التاركين لباسه في هذه الد***نيا لأجل لباسه بجنان
أو ما سمعت بأن حليتهم الى*** حيث انتهاء وضوئهم بوزان
وكذا وضوء أبي هريرة كان قد*** فازت به العضدان والساقان
وسواه أنكر ذا عليه قائلا*** ما الساق موضع حلية الانسان
ما ذاك الا موضع الكعبين والز***نـدين لا الساقان والعضدان
وكذاك أهل الفقه مختلفون في*** هذا وفيه عندهم قولان
والراجح الأقوى انتهاء وضوئنا*** للمرفقين كذلك الكعبان
هذا الذي قد حدد الرحمن في الـ***ـقرآن لا تعدل عن القرآن
واحفظ حدود الرب لا تتعدها*** وكذاك لا تجنح إلى النقصان
وانظر إلى فعل الرسول تجده قد***أبدى المراد وجاء بالتبيان
ومن استطاع يطيل غرته فمو***قوف على الراوي هو الفوقاني
فأبو هريرة قال ذا من كيسه*** فغدا يميزه أولو العرفان
ونعيم الراوي له قد شك في*** رفع الحديث كذا روى الشيباني
وإطالة الغرات ليس ببمكن*** أبدا وذا في غاية التبيان
يا من يطوف بكعبة الحسن التي*** حفت بذاك الحجر والأركان
ويظل يسعى دائما حول الصفا*** ومحسّر مسعاه لا العلمان
ويروم قربان الوصال على منى*** والخيف يحجبه عن القربان
فلذا تراه محرما أبدا ومو***ضع حله منه فليس بدان
يبغي التمتع مفردا من حبه*** متجردا يبغي شفيع قران
فيظل بالجمرات يرمي قلبه*** هذي مناسكه بكل زمان
والناس قد قضوا مناسكهم وقد*** حثوا ركائبهم إلى الأوطان
وحدت بهم همم لهم وعزائم*** نحو المنازل أول الأزمان
رفعت لهم في السير أعلام الوصا***ل فشمّروا يا خيبة الكسلان
ورأوا على بعد خياما مشرفا***ت مشرقات النور والبرهان
فتيمموا تلك الخيام فآنسوا*** فيهن أقمارا بلا نقصان
من قاصرات الطرف لا تبغى سوى**** محبوبها من سائر الشبان
قصرت عليه طرفها من حسنه*** والطرف في ذا الوجه للنسوان
أو أنها قصرت عليه طرفه*** من حسنها فالطرف للذكران
والأول المعهود من وضع الخطا***ب فلا تحد عن ظاهر القرآن
ولربما دلت إشارته على الثـ***ـاني فتلك إشارة لمعان
هذا وليس القاصرات كمن غدت*** مقصورة فهما إذا صنفانيا مطلق الطرف المعذب في الألى*** جردن عن حسن وعن إحسان
لا تسبينّك صورة من تحتها*** الداء الدوي تبوء بالخسران
قبحت خلائقها وقبح فعلها*** شيطانه في صورة الإنسان
تنقاد للأنذال والأرذال هم*** أكفاؤها من دون ذي الإحسان
ما ثم من دين ولا عقل ولا*** خلق ولا خوف من الرحمن
وجمالها زور ومصنوع فان*** تركته لم تطمح لها العينان
طبعت على ترك الحفاظ فما لها*** بوفاء حق البعل قط يدان
إن قصر الساعي عليها ساعة *** قالت وهل أوليت من إحسان
أو رام تقويما لها استعصت ولم*** تقبل سوى التعويج والنقصان
أفكارها في المكر والكيد الذي*** قد حار فيه فكرة الإنسان
فجمالها قشر رقيق تحته*** ما شئت من عيب ومن نقصان
نقد رديء فوقه من فضة*** شيء يظن به من الأثمان
فالناقدون يرون ماذا تحته*** والناس أكثرهم من العميان
أما جميلات الوجوه فخائنا***ت بعولهن وهن للأخدان
والحافظات الغيب منهن التي*** قد أصبحت فردا من النسوان
فانظر مصارع من يليك ومن خلا*** من قبل من شيب ومن شبان
وارغب بعقلك أن تبيع العالي الـ***ـباقي بذا الأدنى الذي هو فان
إن كان قد أعياك خود مثل ما*** تبغي ولم تظفر إلى ذا الآن
فاخطب من الرحمن خودا ثم قد*** م مهرها ما دمت ذا إمكان
ذاك النكاح عليك أيسر أن يكن*** لك نسبة للعلم والإيمان
والله لم تخرج إلى الدنيا للذ***ة عيشها أو للحطام الفاني
لكن خرجت لكي تعد الزاد للـ***أخرى فجئت بأقبح الخسران
أهملت جمع الزاد حتى فات بل*** فات الذي ألهاك عن ذا الشان
والله لو أنّ القلوب سليمة*** لتقطعت أسفا من الحرمان
لكنها سكرى بحب حياتها الد***نيا وسوف تـفيق بعد زمان

فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اخـ***ـتر لنفسك يا أخا العرفان
حور حسان قد كملن خلائقا*** ومحاسنا من أجمل النسوان
حتى يحار الطرف في الحسن الذي*** قد ألبست فالطرف كالحيران
ويقول لما أن يشاهد حسنها*** سبحان معطي الحسن والاحسان
والطرف يشرب من كؤوس جمالها*** فتراه مثل الشارب النشوان
كملت خلائقها وأكمل حسنها*** كالبدر ليل الست بعد ثمان
والشمس تجري في محاسن وجهها** والليل تحت ذوائب الأغصان
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من*** ليل وشمس كيف يجتمعان
فيقول سبحان الذي ذا صنعه***سبحان متقن صنعة الإنسان
لا اليل يدرك شمسها فتغيب عنـ***ـد مجيئه حتى الصباح الثاني
والشمس لا تأتي بطرد الليل بل*** يتصاحبان كلاهما إخوان
وكلاهما مرآة صاحبه إذا*** ما شاء يبصر وجهه يريان
فيرى محاسن وجهه في وجهها*** وترى محاسنها به بعيان
حمر الخدود ثغورهن لآلئ*** سود العيون فواتر الأجفان
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها*** فيضيء سقف القصر بالجدران
ولقد روينا أن برقا ساطعا*** يبدو فيسأل عنه من بجنان
فيقال هذا ضوء ثغر ضاحك*** في الجنة العليا كما تريان
لله لاثم ذلك الثغر الذي*** في لثمه إدراك كل أمان
ريانة الأعطاف من ماء الشبا***ب فغصنها بالماء ذو جريان
لما جرى ماء النعيم بغصنها*** حمل الثمار كثيرة الألوان
فالورد والتفاح والرمان في*** غصن تعالى غارس البستان
والقد منها كالقضيب اللدن في*** حسن القوام كأوسط القضبان
في مغرس كالعاج تحسب أنه*** عالي النقا أو واحد الكثبان
لا الظهر يلحقها وليس ثديها*** بلواحق للبطن أو بدوان
لكنهن كواعب ونواهد*** فثديهن كألطف الرمان
والجيد ذو طول وحسن في بيا***ض واعتدال ليس ذا نكران
يشكو الحليّ بعاده فله مدى الـ***أيام وسواس من الهجران
والمعصمان فان تشأ شبههما*** بسبيكتين عليهما كفان
كالزبد لينا في نعومة ملمس*** أصداف در دورت بوزان
والصدر متسع على بطن لها*** حفت به خصران ذات ثمان
وعليه أحسن سرة هي مجمع الـ***ـخصرين قد غارت من الأعكان
حق من العاج استدار وحوله*** حبات مسك جل ذو الإتقان
وإذا انحدرت رأيت أمرا هائلا*** ما للصفات عليه من سلطان
لا الحيض يغشاه ولا بول ولا*** شيء من الآفات في النسوان
فخذان قد حفا به حرسا له*** فجنابه في عزة وصيان
قاما بخدمته هو السلطان بيـ***ـنهما وحق طاعة السلطان
وهو المطاع أميره لا ينثني*** عنه ولا هو عنده بجبان
وجماعها فهو الشفا لصبها*** فالصبّ منه ليس بالضجران
وإذا يجامعها تعود كما أتت*** بكرا بغير دم ولا نقصان
فهو الشهي وعضوه لا ينثني*** جاء الحديث بذا بلا نكران


ولقد روينا أن شغلهم الذي*** قد جاء في يس دون بيان
شغل العروس بعرسه من بعدما*** عبثت به الأشواق طول زمان
بالله لا تسأله عن أشغاله*** تلك اليالي شأنه ذو شان

واضرب لهم مثلا بصب غاب عن*** محبوبه في شاسع البلدان
والشوق يزعجه إليه وما له***بلقائه سبب من الامكان
وافى إليه بعد طول مغيبه*** عنه وصار الوصل ذا إمكان
أتلومه أن صار ذا شغل به*** لا والذي أعطى بلا حسبان
يا رب غفرا قد طغت أقلامنا*** يا رب معذرة من الطغيان

أقدامها من فضة قد ركبت*** من فوقها ساقان ملتفان
الساق مثل العاج ملموم يرى*** مخ العظام وراءه بعيان
والريح مسك والجسوم نواعم*** واللون كالياقوت والمرجان
وكلاهما يسبي العقول بنغمة*** زادت على الأوتار والعيدان
وهي العروب بشكلها وبدلها*** وتحبب للزوج كل أوان
وهي التي عند الجماع تزيد في*** حركاتها للعين والأذنان
لطفا وحسن تبعل وتغنج*** وتحبب تفسير ذي العرفان
تلك الحلاوة والملاحة أوجبا*** اطلاق هذا اللفظ وضع لسان
فملاحة التصوير قبل غناجها*** هي أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لصب وامق*** بلغت به اللذات كل مكان
أتراب سن واحد متماثل*** سن الشباب لأجمل الشبان
بكر فلم يأخذ بكارتها سوى الـ***ـمحبوب من انس ولا من جان
حصن عليه حارس من أعظم الـ***ـحرّاس بأسا شأنه ذو شان
فإذا أحسّ بداخل للحصن ولـ***ـى هاربا فتراه ذا إمعان
ويعود وهنا حين رب الحصن يخـ***ـرج منه فهو كذا مدى الأزمان
وكذا رواه أبو هريرة أنها*** تنصاع بكرا للجماع الثاني
لكن دراجا أبا السمح الذي*** فيه يضعفه أولو الإتقان
هذا وبعضهم يصح عنه في التـ***ـفسير كالمولود من حبان
فحديثه دون الصحيح وأنه*** فوق الضعيف وليس ذا إتقان
يعطي المجامع قوة المائة التي أجـ***ـتمعت لأقوى واحد الإنسان
لا أن قوته تضاعف هكذا*** إذ قد يكون لأضعف الأركان
ويكون أقوى منه ذا نقص من الـ***إيمان والأعمال والإحسان


ولقد روينا أنه يغشى بيو***م واحد مائة من النسوان
ورجاله شرط الصحيح رووا لهم*** فيه وذا في معجم الطبراني
هذا ودليل أن قدر نسائهم*** متفاوت بتفاوت الإيمان
وبه يزول توهم الأشكال عن*** تلك النصوص بمنة الرحمن
وبقوة المائة التي حصلت له*** أفضى إلى مائة بلا خوران
وأعفهم في هذه الدنيا هو الـ***أقوى هناك لزهده الفاني
فاجمع قواك لما هناك وغمض الـ***ـعينين واصبر ساعة لزمان
ما ههنا والله ما يسوى قلا*** مة ظفر واحدة ترى بجنان
ما ههنا إلا النقار وسيّيء الـ***أخلاق مع عيب ومع نقصان
هم وغم دائم لا ينتهي*** حتى الطلاق أو الفراق الثاني
والله قد جعل النساء عوانيا*** شرعا فأضحى البعل وهو العاني
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فان*** تفعل رجعت بذلة وهوان

وإذا بدت في حلة من لبسها*** وتمايلت كتمايل النشوان
تهتز كالغصن الرطيب وحمله*** ورد وتفاح على رمان
وتبخرت في مشيها ويحق ذا***ك لمثلها في جنة الحيوان
ووصائف من خلفها وأمامها*** وعلى شمائلها وعن أيمان
كالبدر ليلة تتمه قد حف في*** غسق الدجى بكواكب الميزان
فلسانه وفؤاده والطرف في*** دهش وإعجاب وفي سبحان
فالقلب قبل زفافها في عرسه*** والعرس من أثر العرس متصلان
حتى إذا ما واجهته تقابلا*** أرأيت إذ يتقابل القمران
فسل المتيم هل يحل الصبر عن*** ضم وتقبيل وعن فلتان
وسل المتيم أين خلف صبره*** في أي واد أم بأي مكان
وسل المتيم كيف حالته وقد*** ملئت له الأذنان والعينان
من منطق رقت حواشيه ووجـ***ـه كم به للشمس من جريان
وسل المتيم كيف عيشته إذا*** وهما على فرشيهما خلوان
يتساقطان لآلئا منثورة*** من بين منظوم كنظم جمان


وسل المتيم كيف مجلسه مع الـ***ـمحبوب في روح وفي ريحان
وتدور كاسات الرحيق عليهما*** بأكف أقمار من الولدان
يتنازعان الكأس هذا مرة*** والخود أخرى ثم يتكئان
فيضمها وتضمه أرأيت معـ***ـشوقين بعد البعد يلتقيان
غاب الرقيب وغاب كل منكد***وهما بثوب الوصل مشتملان
أتراهما ضجرين من ذا العيش لا*** وحياة ربك ما هما ضجران
ويزيد كل منهما حبا لصا***حبه جديدا سائر الأزمان
ووصاله يكسوه حبا بعده*** متسلسلا لا ينتهي بزمان
فالوصل محفوف بحب سابق*** وبلاحق وكلاهما صنوان
فرق لطيف بين ذاك وبين ذا*** يدريه ذو شغل بهذا الشان
ومزيدهم في كل وقت حاصل*** سبحان ذي الملكوت والسلطان
يا غافلا عما خلقت له انتبه*** جد الرحيل فلست باليقظان
سار الرفاق وخلفوك مع الألي*** قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني
ورأيت أكثر من ترى متخلفا*** فتبعتهم ورضيت بالحرمان
لكن أتيت بخطتي وعجز وجهـ***ـل بعد ذا وصحبت كل أمان
منتك نفسك باللحاق مع القعو***د عن المسير وراحة الأبدان
ولسوف تعلم حين ينكشف الغطا*** ماذا صنعت وكنت ذا إمكان

والناس بينهم خلاف هل بها*** حبل وفي هذا لهم قولان
فنفاه طاووس وإبراهيم ثم*** مجاهد هم أولو العرفان
وروى العقيلي الصدوق أبو رزيـ***ـن صاحب المبعوث بالقرآن
أن لا توالد في الجنان رواه تعـ***ـليقا محمد عظيم الشان
وحكاه عنه الترمذي وقال اسـ***ـحاق بن إبراهيم ذو الإتقان
لا يشتهي ولدا بها ولو اشتها***ه لكان ذاك محقق الامكان
وروى هشام لابنه عن عامر*** عن ناجي عن سعد بن سنان
ان المنعم بالجنان إذا اشتهى الـ***ـولد الذي هو نسخة الإنسان
فالحمل ثم الوضع ثم السن في*** فرد من الساعات في الأزمان
اسناده عندي صحيح قد روا***ه الترمذي وأحمد الشيباني
ورجال ذا الإسناد محتج بهم*** في مسلم وهم أولو إتقان
لكن غريب ما له من شاهد***فرد بذا الإسناد ليس بثان
لولا حديث أبي رزين كان ذا*** كالنص يقرب منه في التبيان
ولذلك أوله ابن إبراهيم بالـ***ـشرط الذي هو منتفي الوجدان
وبذاك رام الجمع بين حديثه*** وأبي رزين وهو ذو إمكان
هذا وفي تأويله نظر فـ***ـان إذا لتحقيق وذي إتقان
ولربما جاءت لغير تحقق*** والعكس في أن ذاك وضع لسان


واحتج من نصر الولادة أن في الجـ***ـنات سائر شهوة الإنسان
والله قد جعل البنين مع النسا*** من أعظم الشهوات في القرآن
فأجيب عنه بأنه لا يشتهي*** ولدا ولا حبلا من النسوان
واحتج من منع الولادة أنها*** ملزومة أمرين ممتنعان
حيض وإنزال المنى وذانك الـ***أمران في الجنات مفقودان
وروى صدى عن رسول الله*** أن منيّهم إذ ذاك ذو فقدان
بل لا مني ولا منية هكذا*** يروي سليمان هو الطبراني
وأجيب عنه بأنه نوع سوى الـ***ـمعهود في الدنيا من النسوان
فالنفي للمعهود في الدنيا من الـ***إيلاد والإثبات نوع ثان
والله خالق نوعنا من أربع*** متقابلات كلها بوزان
ذكر وأنثى والذي هو ضده*** وكذاك من أنثى بلا ذكران
والعكس أيضا مثل حوا أمنا*** هي أربع معلومة التبيان
وكذاك مولود الجنان يجوز أن*** يأتي بلا حيض ولا فيضان
والأمر في ذا ممكن في نفسه*** والقطع ممتنع بلا برهان



ويرونه سبحانه من فوقهم*** رؤيا العيان كما يرى القمران
هذا تواتر عن رسول الله لم*** ينكره إلا فاسد الإيمان
وأتى به القرآن تصريحا وتعـ***ـريضا هما بسياقه نوعان
وهي الزيادة قد أتت في يونس*** تفسبره من قد جاء بالقرآن
ورواه عنه مسلم بصحيحه*** يروي صهيب ذا بلا كتمان
وهو المزيد كذاك فسره أبو***بكر هو الصديق ذو الإيقان
وعليه أصحاب الرسول وتابعو***هم بعدهم تبعية الإحسان

ولقد أتى ذكر اللقاء لربنا الـ***ـرحمن في سور من الفرقان
ولقاؤه إذ ذاك رؤيته حكى الـ***إجماع فيه جماعة ببيان
وعليه أصحاب الحديث جميعهم*** لغة وعرفا ليس يختلفان


هذا ويكفي أنه سبحانه*** وصف الوجوه بنظرة بجنان
وأعاد أيضا وصفها نظرا وذا*** لا شك يفهم رؤية بعيان
وأتت أداة إلي لرفع الوهم من*** فكر كذاك ترقب الإنسان
وإضافة لمحل رؤيتهم بذكـ***ـر الوجه إذ قامت به العينان
تالله ما هذا بفكر وانتظا***ر مغيب أو رؤية لجنان
ما في الجنان من انتظار مؤلم*** واللفظ يأباه لذي العرفان
لا تفسدوا لفظ الكتاب فليس فيـ***ـه حيلة يا فرقة الروغان
ما فوق ذا التصريح شيء ما الذي*** يأتي به من بعد ذا التبيان
لو قال أبين ما يقال لقلتم*** هو مجمل ما فيه من تبيان
ولقد أتى في سورة التطفيف أن*** القوم قد حجبوا عن الرحمن
فيدل بالمفهوم أن المؤمنيـ***ـن يرونه في جنة الحيوان
وبذا استدل الشافعي وأحمد*** وسواهما من عالمي الأزمان
وأتى بذا المفهوم تصريحا بآ***خرها فلا تخدع عن القرآن
وأتى بذاك مكذبا للكافريـ***ـن الساخرين بشيعة الرحمن
ضحكوا من الكفار يومئذ كما*** ضحكوا هم منهم على الإيمان
وأثابهم نظرا إليه ضد ما*** قد قاله فيهم أولو الكفران
فلذاك فسره الأئمة أنه*** نظر إلى الرب العظيم الشان
لله ذاك الفهم يؤتيه الذي*** هو أهله من جاد بالإحسان

ولقد أتى في سورة التطفيف أن*** القوم قد حجبوا عن الرحمن
فيدل بالمفهوم أن المؤمنيـ***ـن يرونه في جنة الحيوان
وبذا استدل الشافعي وأحمد*** وسواهما من عالمي الأزمان
وأتى بذا المفهوم تصريحا بآ***خرها فلا تخدع عن القرآن
وأتى بذاك مكذبا للكافريـ***ـن الساخرين بشيعة الرحمن
ضحكوا من الكفار يومئذ كما*** ضحكوا هم منهم على الإيمان
وأثابهم نظرا إليه ضد ما*** قد قاله فيهم أولو الكفران
فلذاك فسره الأئمة أنه*** نظر إلى الرب العظيم الشان
لله ذاك الفهم يؤتيه الذي*** هو أهله من جاد بالإحسان

وكذا حديث أبي هريرة ذلك الـ***ـخبر الطويل أتى به الشيخان
فيه تجلى الرب جل جلاله*** ومجيئه وكلامه ببيان
وكذاك رؤيته وتكيم لمن*** يختاره من أمة الإنسان
فيه أصول الدين أجمعها فلا*** تخدعك عنه شيعة الشيطان
وحكى رسول الله فيه تجدد الـ***ـغضب الذي للرب ذي السلطان
إجماع أهل العزم من رسل الـ***إله وذاك إجماع على البرهان
لا تخدعنّ عن الحديث بهذه الـ***آراء فهي كثيرة الهذيان
أصحابها أهل التخرص والتنا***قض والتهاتر قائلو البهتان


يكفيك أنك لو حرصت فلن ترى*** فئتين منهم قط يتفقان
إلا إذا ما قلدا لسواهما*** فتراهم جيلا من العميان
ويقودهم أعمى يظن كمبصر*** يا محنة العميان خلف فلان
هل يستوي هذا ومبصر رشده*** الله أكبر كيف يستويان
أو ما سمعت منادي الإيمان يخـ***ـبر عن منادي جنة الحيوان
يا أهلها لكم لدى الرحمن وعـ***ـد وهو منجزه لكم بضمان
قالوا أما بيضت أوجهنا كذا*** أعمالنا أثقلت في الميزان
وكذاك قد أدخلتنا الجنات حيـ***ـن أجرتنا من مدخل النيران
فيقول عندي موعد قد آن أن*** أعطيكموه برحمتي وحناني
فيرونه من بعد كشف حجابه*** جهرا روى ذا مسلم ببيان

ولقد أتانا في الصحيحين اللذيـ***ـن هما أصح الكتب بعد قرآن
برواية الثقة الصدوق جريـ***ـر البجلي عمن جاء بالقرآن
أن العباد يرونه سبحانه*** رؤيا العيان كما يرى القمران



والله لولا رؤية الرحمن في الـ***ـجنات ما طابت لذي العرفان
أعلى النعيم نعيم رؤية وجهه*** وخطابه في جنة الحيوان
وأشد شيء في العذاب حجابه*** سبحانه عن ساكني النيران
وإذا رآه المؤمنون نسوا الذي*** هم فيه مما نالت العينان


فإذا توارى عنهم عادوا إلى*** لذاتهم من سائر الألوان
فلهم نعيم عند رؤيته سوى*** هذا النعيم فحبذا الأمران
أو ما سمعت سؤال أعرف خلقه*** بجلاله المبعوث بالقرآن
شوقا إليه ولذة النظر التي*** بجلال وجه الرب ذي السلطان
فالشوق لذة روحه في هذه الـ***ـدنيا ويوم قيامة الأبدان
تلتذ بالنظر الذي فازت به*** دون الجوارح هذه العينان


والله ما في هذه الدنيا ألذ *** من اشتياق العبد للرحمن
وكذاك رؤية وجهه سبحانه*** هي أكمل اللذات للإنسان
لكنما الجهمي ينكر ذا وذا***والوجه أيضا خشية الحدثان
تبا له المخدوع أنكر وجهه*** ولقاءه ومحبة الديان
وكلامه وصفاته وعلوه*** والعرش عطله من الرحمن
فتراه في واد ورسل الله في***واد وذا من أعظم الكفران



أو ما سمعت بأنه سبحانه*** حقا يكلم حزبه بجنان
فيقول جل جلاله هل أنتم*** راضون قالوا نحن ذو رضوان
أم كيف لا نرضى وقد أعطيتنا*** ما لم ينله قط من إنسان
هل ثم شيء غير ذا فيكون أفـ***ـضل منه نسأله من المنان
فيقول أفضل منه رضواني فلا*** يغشاكم سخط من الرحمن
وبذكر الرحمن واحدهم بما*** قد كان منه سالف الأزمان
منه إليه ليس ثم وساطة*** ما ذاك توبيخا من الرحمن
لكن يعرّفه الذي قد ناله*** من فضله والعفو والإحسان
ويسلم الرحمن جل جلاله*** حقا عليهم وهو في القرآن

وكذاك يسمعهم لذيذ خطابه*** سبحانه بتلاوة الفرقان
فكأنهم لم يسمعوه قبل ذا*** هذا رواه الحافظ الطبراني
هذا سماع مطلق وسماعنا الـ***ـقرآن في الدنيا فنوع ثان
والله يسمع قوله بوساطة*** وبدونها نوعان معروفان
فسماع موسى لم يكن بوساطة*** وسماعنا بتوسط الإنسان
من صير النوعين نوعا واحدا*** فمخالف للعقل والقرآن


أو ما سمعت بشأنهم يوم المزيـ***ـد وأنه شأن عظيم الشان
هو يوم جمعتنا ويوم زيارة الـ***ـرحمن وقت صلاتنا وأذان
والسابقون إلى الصلاة هم الألى*** فازوا بذاك السبق بالإحسان
سبق بسبق والمؤخر هاهنا*** متأخر في ذلك الميدان
والأقربون إلى الإمام فهم أولو الزلفى هناك فهاهنا قربان
قرب بقرب والمباعد مثله*** بعد ببعد حكمة الديان
ولهم منابر لؤلؤ وزبرجد*** ومنابر الياقوت والعيقان
هذا وأدناهم وما فيهم دنيّ*** من فوق ذاك المسك كالكثبان
ما عندهم أهل المنابر فوقهم*** مما يرون بهم من الإحسان
فيرون ربهم تعالى جهرة*** نظر العيان كما يرى القمران
ويحاضر الرحمن واحدهم محا***ضرة الحبيب يقول يا ابن فلان
هل تذكر اليوم الذي كنت فيـ***ـه مبارزا بالذنب والعصيان
فيقول رب أما مننت بغفرة*** قدما فانك واسع الغفران
فيجيبه الرحمن مغفرتي التي*** قد أوصلتك إلى المحل الداني


ويظلهم إذ ذاك منه سحابة*** تأتي بمثل الوابل الهتان
بينا هم في النور إذ غشيتهم*** سبحان منشيها من الرضوان
فتظل تمطرهم بطيب ما رأوا*** شبها له في سالف الأزمان
فيزيدهم هذا جمالا فوق ما*** لهم وتلك مواهب المنان

فيقول جل جلاله قوموا إلى*** ما قد ذخرت لكم من الإحسان
يأتون سوقا لا يباع ويشترى*** فيه فخذ منه بلا أثمان
قد أسلف التجار أثمان المبيـ***ـع بعقدهم في بيعة الرضوان
لله سوق قد أقامته الملا***ئكة الكرام بكل ما إحسان
فيها الذي والله لا عين رأت*** كلا ولا سمعت به أذنان
كلا ولم يخطر على قلب امرئ*** فيكون عنه معبرا بلسان
فيرى امرءا من فوقه في هيئة*** فيروعه ما تنظر العينان
فإذا عليه مثلها إذ ليس يلـ***ـحق أهلها شيء من الأحزان
واها لذا السوق الذي من حله*** نال التهاني كلها بأمان
يدعى بسوق تعارف ما فيه من*** صخب ولا غش ولا أيمان
وتجارة من ليس تلهيه تجا***رات ولا بيع عن الرحمن
أهل المروة والفتوة والتقى*** والذكر للرحمن كل أوان
يا من تعوض عنه بالسوق الذي*** ركزت لديه راية الشيطان
لو كنت تدري قدر ذاك السوق لم*** تركن إلى سوق الكساد الفاني



فإذا هم رجعوا إلى أهليهم*** بمواهب حصلت من الرحمن
قالوا لهم أهلا ورحبا ما الذي*** أعطيتم من ذا الجمال الثاني
والله لازددتم جمالا فوق ما*** كنتم عليه قبل هذا الآن
قالوا وأنتم والذي أنشأكم*** قد زدتم حسنا على الإحسان
لكن يحق لنا وقد كنا إذا*** جلساء رب العرش ذي الرضوان
فهم إلى يوم المزيد أشد شو***قا من محب للحبيب الداني


هذا وخاتمة النعيم خلودهم*** أبدا بدار الخلد والرضوان
أو ما سمعت منادي الإيمان يخـ***ـبر عن مناديهم بحسن بيان
لكم حياة ما بها موت وعا***فية بلا سقم ولا أحزان
ولكم نعيم ما به بؤس وما*** لشبابكم هرم مدى الأزمان
كلا ولا نوم هناك يكون ذا*** نوم وموت بيننا أخوان
هذا علمناه اضطرارا من كتا***ب الله فافهم مقتضى القرآن
والجهم أفناها وأفنى أهلها*** تبا لذاك الجاهل الفتان
طردا لنفي دوام فعل الرب في الـ***ـماضي وفي مستقبل الأزمان
وأبو الهذيل يقول يفنى كلما*** فيها من الحركات للسكان
وتصير دار الخلد مع سكانها*** وثمارها كحجارة البنيان
قالوا ولولا ذاك لم يثبت لنا*** رب لأجل تسلسل الأعيان
فالقوم أما جاحدون لربهم*** أو منكرون حقائق الإيمان

أو ما سمعت بذبحه للموت بيـ***ـن المنزلين كذبح كبش الضان
حاشا لذا الملك الكريم وإنما*** هو موتنا المحتوم للإنسان
والله ينشىء منه كيشا أملحا*** يوم المعاد يرى لنا بعيان
ينشىء من الأعراض أجساما كذا*** بالعكس كل قابل الامكان

أفما تصدق أن أعمال العبا***د تحط يوم العرض في الميزان
وكذاك تثقل تارة وتخف أخـ***ـرى ذاك في القرآن ذو تبيان
وله لسان كفتاه تقيمه*** والكفتان إليه ناظرتان
ما ذاك أمرا معنويا بل هو الـ***ـمحسوس حقا عند ذي الإيمان


أو ما سمعت بأن تسبيح العبا***د وذكرهم وقراءة القرآن
ينشيه رب العرش في صورة يجا***دل عنه يوم قيامة الأبدان
أو ما سمعت بأن ذاك حول عر***ش الرب ذو صوت وذو دوران
يشفعن عند الرب جل جلاله*** ويذكرون بصاحب الإحسان
أو ما سمعت بأن ذلك مؤنس*** في القبر للملفوف في الأكفان
في صورة الرجل الجميل الوجه في*** سن الشباب كأجمل الشبان


أو ما سمعت بأن ما نتلوه في *** أيام هذا العمر من قرآن
يأتي يجادل عنك يوم الحشر للر***حمن كي ينجيك من نيران
في صورة الرجل الذي هو شا***حب يا حبذا ذاك الشفيع الداني
أو ما سمعت حديث صدق قد*** أتى في سورتين من أول القرآن
فرقان من طير صواف بينهما*** شرق ومنه الضوء ذو تبيان
شبههما بغمامتين وان تشا*** بغيابتين هما لذا مثلان
هذا مثال الأجر وهو فعالنا*** كتلاوة القرآن بالإحسان
فالموت ينشيه لنا في صورة خلاقة حتى يرى بعيان
والموت مخلوق بنص الوحي والـ***ـمخلوق يقبل سائر الألوان
في نفسه وبنشأة أخرى بقد***رة قالب الأعراض والألوان
أو ما سمعت بقلبه سبحانه الـ***أعيان من لون إلى ألوان
وكذلك الأعراض يقلب ربها*** أعيانها والكل ذو امكان
لم يفهم الجهال هذا كله*** فأتوا بتأويلات ذي البطلان
فمكذب ومؤول ومحير*** ما ذاق طعم حلاوة الإيمان
لما فسى الجهال في آذانه*** أعموه دون تدبر القرآن
فثنى لنا العطفين منه تكبرا*** وتبخترا في حلة الهذيان
إن قلت قال الله قال رسوله*** فيقول جهلا أين قول فلان



أوما سمعت بأنها القيعان فاغـ***ـرس ما تشاء بذا الزمان الفاني
وغراسها التسبيح والتكبير والتـ***ـحميد والتوحيد للرحمن
تبار لتارك غرسه ماذا الذي*** قد فاته من مدة الامكان
يا من يقر بذا ولا يسعى له*** بالله قل لي كيف يجتمعان
أرأيت لو عطلت أرضك من غرا***س ما الذي تجني من البستان
وكذاك لو عطلتها من بذرها*** ترجو المغل يكون كالكيمان
ما قال رب العالمين وعبده*** هذا فراجع مقتضى القرآن


وتأمل الباء التي قد عينت*** سبب الفلاح لحكمة الفرقان
وأظن باء النفي قد غرتك في*** ذاك الحديث أتى به الشيخان
لن يدخل الجنات أصلا كادح*** بالسعي منه ولو على الأجفان
والله ما بين النصوص تعارض*** والكل مصدرها عن الرحمن
لكنّ بالإثبات للتسبيب والـ***ـباء التي للنفي بالأثمان
والفرق بينهما ففرق ظاهر*** يدريه ذو حظ من العرفان



بالله ما عذر امرئ هو مؤمن*** حقا بهذا ليس باليقظان
بل قلبه في رقدة فإذا استفا***ق فلبسه هو حلة الكسلان
تالله لو شاقتك جنات النعيـ***ـم طلبتها بنفائس الأثمان
وسعيت جهدك في وصال نواعم*** وكواعب بيض الوجوه حسان
جليت عليك عرائس والله لو*** تجلى على صخر من الصوان
رقت حواشيه وعاد لوقته*** ينهال مثل نقى من الكثبان
لكن قلبك في القساوة جاز حد*** الصخرة والحصباء في أشجان
لو هزك الشوق المقيم وكنت ذا*** حس لما استبدلت بالأدوان
أو صادفت منك الصفات حياة قلـ***ـب كنت ذا طلب لهذا الشان
خود تزف إلى ضرير مقعد*** يا محنة الحسناء بالعميان
شمس تزف إليه ما*** ذا حيلة العنين في الغشيان


يا سلعة الرحمن لست رخيصة*** بل أنت غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها*** في الألف إلا واحد لا اثنان
يا سلعة الرحمن ماذا كفؤها*** إلا أولو التقوى مع الإيمان
يا سلعة الرحمن سوقك كاسد*** بين الأراذل سلفة الحيوان
يا سلعة الرحمن أين المشتري*** فلقد عرضت بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن هل من خاطب*** فالمهر قبل الموت ذو امكان
يا سلعة الرحمن كيف تصبر الـ***ـخطاب عنك وهم ذوو ايمان
يا سلعة الرحمن لولا أنها*** حجبت بكل مكاره الإنسان
ما كان عنها قط من متخلف*** وتعطلت دار الجزاء الثاني
لكنها حجبت بكل كريهة*** ليصد عنها المبطل المتواني
وتنالها الهمم التي تسمو إلى*** رب العلى بمشيئة الرحمن


فاتعب ليوم معادك الأدنى تجد*** راحاته يوم المعاد الثاني
وإذا أبت ذا الشان نفسك فاتـ***ـهمها ثم راجع مطلع الإيمان
فإذا رأيت الليل بعد وصبحه*** ما انشق عنه عمودة لأذان
والناس قد صلوا صلاة الصبح وانـ***ـتظروا طلوع الشمس قرب زمان
فاعلم بأن العين قد عميت فنا***شد ربك المعروف بالإحسان


واسأله إيمانا يباشر قلبك الـ***ـمحجوب عنه لتنظر العينان
واسأله نورا هاديا يهديك في*** طرق المسير إليه كل أوان
والله ما خوفي الذنوب فإنها*** لعلى طريق العفو والغفران
لكنما أخشى انسلاخ القلب من*** تحكيم هذا الوحي والقرآن
ورضا بآراء الرجال وخرصها*** لا كان ذاك بمنة الرحمن
فبأي وجه التقى ربي إذا*** أعرضت عن ذا الوحي طول زمان
وعزلته عمّا أريد لأجله*** عزلا حقيقيا بلا كتمان
صرّحت أن يقيننا لا يستفاد*** به وليس لديه من إتقان
أوليته هجرا وتأويلا وتحـ***ـريفا وتفويضا بلا برهان
وسعيت جهدي في عقوبة ممسك*** بعراه لا تقليد رأي فلان


يا معرضا عما يراد به وقد*** جد المسير فمنتهاه دان
جذلان يضحك آمنا متبخترا*** فكأنه قد نال عقد أمان
خلع السرور عليه أوفى حلة*** طردت جميع الهم والأحزان
يختال في حلل المسرة ناسيا*** ما بعدها من حلة الأكفان
ما سعيه إلا لطيب العيش في الد***نيا ولو أفضى إلى النيران
قد باع طيب العيش في دار النعيـ***ـم بذا الحطام المضمحل الفاني
إني أظنك لا تصدق كونه*** بالقرب بل ظن بلا إيقان
بل قد سمعت الناس قالوا جنة*** أيضا ونار بل لهم قولان
والوقف مذهبك الذي تختاره*** وإذا انتهى الإيمان للرجحان
أم تؤثر الأدنى عليه وقالت النـ***ـفس التي استعلت على الشيطان
أتبيع نقدا حاصلا بنسيئة*** بعد الممات وطي ذي الأكوان
لو أنه بنسيئة الدنيا لها*** ن الأمر لكن في معاد ثان
دع ما سمعت الناس قالوه وخذ*** ما قد رأيت مشاهدا بعيان


والله لو جالست نفسك خاليا*** وبحثتها بحثا بلا روغان
لرأيت هذا كامنا فيها ولو*** أمنت لألقته إلى الآذان
هذا هو السر الذي من أجله اخـ***ـتارت عليه العاجل المتدان
نقد قد اشتدت إليه حاجة*** منها ولم يحصل لها بهوان
أتبيعه بنسيئة في غير هذي*** الدار بعد قيامة الأبدان
هذا وان جزمت بها قطعا ولـ***ـكن حظها في حيّز الامكان
ما ذاك قطعيا لها والحاصل الـ*** ـموجود مشهود برأي عيان
فتألفت من بين شهوتها وشبـ***ـهتها قياسات من البطلان
واستنجدت منها رضا بالعاجل الـ***أدنى على الموعود بعد زمان
وأتى من التأويل كل ملائم*** لمرادها يا رقة الإيمان


وصغت إلى شبهات أهل الشرك والـ***ـتعطيل مع نقص من العرفان
واستنقصت أهل الهدى ورأيتهم*** في الناس كالغرباء في البلدان
ورأت عقول الناس دائرة على*** جمع الحطام وخدمة السلطان
وعلى المليحة والمليح وعشرة الـ***أحباب والأصحاب والإخوان
فاستوعرت ترك الجميع ولم تجد*** عوضا تلذ به من الاحسان
فالقلب ليس يقر إلا في إنا***ء فهو دون الجسم ذو جولان
يبغي له سكنا يلذ بقربه*** فتراه شبه الواله الحيران
فيحب هذا ثم يهوى غيره*** فيظل منتقلا مدى الأزمان
لو نال كل مليحة ورياسة*** لم يطمئن وكان ذا دوران
بل لو ينال بأسرها الدنيا لما*** قرت بما قد ناله العينان
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى*** واختر لنفسك أحسن الإنسان
فالقلب مضطر إلى محبوبه الـ***أعلى فلا يغنيه حب ثان
وصلاحه وفلاحه ونعيمه*** تجريد هذا الحب للرحمن
فإذا تخلى منه أصبح حائرا*** ويعود في ذا الكون ذا هيمان

أبو عمر الأزهري
04-09-2007, 05:08 PM
يتوالى شرح الأبيات على مراحل ،، إن شاء الله ،،،،


جزاكم الله خيرا جميعا على المتابعة .


أسألكم الدعاء لى ولوالدى .

ابوعائش
04-09-2007, 05:23 PM
وفقك الله تعالى
واسال الله تعالى ان يعينك على ماقدمت عليه
بارك الله فيك يا محمد
اسال الله العظيم ان يغفر لك ولوالديك وان يرحمهما

أبو عمر الأزهري
04-09-2007, 06:43 PM
اللهم آمين ،،،
وفيك بارك ياحبيب ،،،
وجزاك خيرا ،، ونفع بك ،،،

أبو عمر الأزهري
04-09-2007, 06:51 PM
فصل
في صفة الجنة لتي أعدها الله ذو الفضل والمنة
لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة


فاسمع إذا أوصافها وصفاتها***تيك المنازل ربة الإحسان
هي جنة طابت وطاب نعيمها***فنعيمها باق وليس بفان
دار السلام وجنة المأوى ومنـ***ـزل عسكر الايمان والقرآن
فالدار دار سلامة وخطابهم*** فيها سلام واسم ذي الغفران




فصل
في عدد درجات الجنة وما بين كل درجتين

درجاتها مائة وما بين اثنتيـ***ـن فذاك في التحقيق للحسبان
مثل الذي بين السماء وبين ها***ذي الأرض قول الصادق البرهان
لكن عاليها هو الفردوس مسـ***ـقوف بعرش الخالق الرحمن
وسط الجنان وعلوها فلذاك كا***نت قبة من أحسن البنيان
منه تفجر سائر الأنهار فالـ***ـينبوع منه نازل بجنان




في مسند الامام احمد من حديث ابي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المتحابين لترى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي او الغربي فيقال من هؤلاء فيقال هؤلاء المتحابون ي الله عز وجل وفيه ايضا من حديثه صلى الله عليه وسلم إن في الجنة مائة درجة ولو أن العالمين اجتمعوا في احداهن وسعتهم وفيه عنه ايضا صلى الله عليه وسلم قال يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد فيقرا ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه قال الناظم رحمه الله في حادي الارواح وهذا صريح في أن درج الجنة تزيد على مائة درجة وأما حديث ابي هريرة عند البخاري عنه صلى الله عليه وسلم إن في الجنة مائة درجة فاما ان هذه المائة من جملة الدرج واما ان يكون نهايتها هذه المائة وفي ضمن كل درجة درج دونها ويدل على المعنى الاول حديث معاذ بن جبل قال سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى الصلوات الخمس وصام شهر رمضان كان حقا على الله ان يغفر له هاجرا وقعد حيث ولدته امه قلت يا رسول الله الا اخرج فأوذن الناس قال لا دع الناس يعملون فان في الجنة مائة درجة بين كل درجتين مثل ما بين السماء والارض واعلاها درجة منها الفردوس وعليها يكون العرش وهي اوسط شيء في الجنة ومنها تفجر انهار الجنة فاذا سألتم الله فاسألوه الفردوس وراه الترمذي وروي ايضا عن عبادة بن الصامت نحوه وفيه ايضا من حديث ابي سعيد يرفعه ان في الجنة مائة درجة ورواه احمد بدون لفظة في فان كان المحفوظ ثبوتها فهي من جملة درجها و ان كان المحفوظ سقوطها فهي الدرج الكبار المتضمنة للدرج الصغار ولا تناقض بين تقدير ما بين الدرجتين بالمائة وتقديرها بالخمس لاختلاف السير في السرعة والبطء والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذا تقريبا للأفهام ويدل عليه حديث ابي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الجنة مائة درجة ما بين الدرجتين ما بين السماء والارض وابعد مما بين السماء والارض قلت يا رسول الله لمن قال للمجاهدين في سبيل الله عز وجل أنتهى كلامه




فصل
في أبواب الجنة



أبوابها حق ثمانية أتت*** في النص وهي لصاحب الإحسان
باب الجهاد وذاك أعلاها وبا***ب الصوم يدعى الباب بالريان
ولكل سعي صالح باب ورب*** السعي منه داخل بأمان
ولسوف يدعى المرء من أبوابها*** جمعاً إذا وفى حلى الإيمان
منهم أبو بكر هو الصديق ذا*** ك خليفة المبعوث بالقرآن

في الصحيحين من حديث بن سعد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الجنة ثمانية ابواب باب منها يسمى الريان لا يدخله الا الصائمون وفيهما من حديث ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنفق زوجين في شيء من الاشياء في سبيل الله دعي من ابواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من اهل الجنة الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من اهل الصيام دعي من باب الريان فقال ابو بكر بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الابواب من ضرورة فهل يدعى احد من تلك الابواب كلها فقال نعم وأرجو ان تكون منهم وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما منكم من أحد يتوضا فيبلغ او فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا اله الا اله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من ايها شاء زاد ابو داود والامام احمد ثم يرفع نظره الى السماء وعند احمد عن انس يرفعه من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال ثلاث مرات أشهد أن لا اله الا الله الخ وعن عتبة بن عبد الله السلمي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث الا تلقوه نم أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل رواه ابن ماجه وعبد الله بن احمد





فصل
في مقدار ما بين الباب والباب منه



سبعون عاما بين كل اثنين منـ***ـها قدّرت بالعد والحسبان
هذا حديث لقيط المعروف بالـ***ـخبر الطويل وذا عظيم الشان
وعليه كل جلالة ومهابة*** ولكم حواه بعد من عرفان



قال الناظم في حادي الارواح روينا في معجم الطبراني عن عاصم ابن لقيط بن عامر خرج وافدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت يا رسول الله فما الجنة والنار قال لعمرو الهك أن للنار سبعة ابواب ما منها بابان الا يسير الراكب بينهما سبعين عاما وان للجنةن ثمانية أبواب ما منها بابابن الايسير الراكب بينهما سبعين عاما الحديث بطوله وهذا الظاهر منه أن هذه المسافة بين هذا الباب والباب لأن بين مكة وبصرى لا يحتمل التقدير بسبعين عاما ولا يمكن حمله على باب معين بقوله ما منها بابان انتهى كلامه








فصل
في مقدار ما بين مصراعي الباب



لكن بينهما مسيرة أربعيـ***ـن رواه حبر الامة الشيباني
في مسند بالرفع وهو لمسلم*** وقف كمرفوع بوجه ثان
ولقد روى تقديره بثلاثة الـ***أيام لكن عند ذي العرفان
أعني البخاري الرضي هو منكر***وحديث راوية فذو نكران


عن ابي هريرة في حديث الشفاعة قال صلى الله عليه وسلم فأنطلق فآتي العرض فأقع ساجدا لربي فيقيمني رب العالمين مقاما لم يقمه أحدا قبلي ولا يقيمه أحدا بعدي فاقول يا رب أمتي أمتي فيقول يا محمد ادخل من أمتك من لاحساب عليهم من الباب الأيمن وهم شركاه الناس فيما سوى ذلك من الابواب والذي نفس محمد بيده إن ما بين مصراعين فيما سوى ذلك من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر أو هجر ومكة وفي لفظ لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى متفق على صحته وفي لفظ خارج الصحيح باسناده ان ما بين عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر وفي خطبة عتبة بن غزوان لقد ذكر لنا أن مصراعين من مصاريع الجنة بينهما مسيرة اربعين سنة وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام فهذا موقوف والذي قبله مرفوع فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذاكر لهم ذلك كان هذا سعة ما بين باب من أبوابها ولعله الباب الأعظم وان كان الذاكر غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقدم على حديث ابي هريرة المتقدم ولكن قد روى احمد عن حكيم بن معاوية عن ابيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنتم موفون سبعين امه أنتم خيرها وأكرمها على الله وما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة اربعين عاما وليأتين عليه يوم له كظيظ وقد رواه ابن ابي داوج عنه يرفعه ما بين كل مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة سبع سنين وفي مسند عبد بن حميد ثنا الحسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا دراج ابو السمح عن ابي الهيثم عن ابي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان ما بين مصراعين في الجنة لمسيرة اربعين سنة وحديث ابي هريرة أصح وهذه النسخة ضعيفة والله اعلم
وروى ابو الشيخ عن سالم بن عبد الله عن ابيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الباب الذي يدخل منه اهل الجنة مسيرة الراكب المجد ثلاثا ثم أنهم ليضغطون عليه حتى تكاد مناكبهم تزول رواه ابو نعيم عنه وهذا مطابق للحديث المتفق عليه ان ما بين المصراعين كما بين مكة وبصرى فان الراكب المجود غاية الاجادة على اسرع هجين لا يقر ليلا ولا نهارا يقطع هذه المسافة في هذا القدر أو قريب منه وأما حديث حكيم بن معاوية فقد اضطرب رواته فحماد بن سلمة ذكر عن الجريري أربعين عاما وخالد ذكر عنه سبع سنين وفي حديث ابي سعيد المرفوع أربعون عاما وفي طريقه دراج قال احمد أحاديثه مناكير وقال ابو حاتم الرازي ضعيف وقال النسائي ليس بالقوي فالصحيح المرفوع السالم عن الاضطراب والشذوذ والعلة حديث ابي هريرة المتفق على صحته على أن حديث حكيم ليس التقدير فيه بظاهر الرفع ويحتمل أنه مدرج في الحديث موقوف فيكون كحديث عتبه بن غزوان والله اعلم انتهى كلام الناظر في حادي الارواح ملخصا فهذا كلامه في حادي الارواح وظاهره ترجيح رواية التقدير بثلاثة ايام ولهذا جمع بينه وبين حديث أبي هريرة المتفق عليه الذي فيه ان ما بين المصراعين لكما بين مكة وبصرى وفي هذا النظم ذكر عن البخارى انه منكر والله اعلم .







فصل
في مفتاح باب الجنة



هذا وفتح الباب ليس بممكن*** إلا بمفتاح على أسنان
مفتاحه بشهادة الاخلاص والتو***حيد تلك شهادة الإيمان
أسنانه الأعمال وهي شرائع الـ***إسلام والمفتاح بالأسنان
لا تلغين هذا المثال فكم به*** من حل أشكال لذي العرفان



عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الجنة شهادة أن لا اله الا الله رواه احمد وذكر البخاري في صحيحه عن وهب بن منبه انه قيل له اليس مفتاح الجنة لا اله الا الله قال بلى ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان فإن اتيت بمفتاح له اسنان فتح والا لم يفتح وعن انس قال قال اعرابي يا رسول الله ما مفتاح الجنة قال لا اله الا الله رواه ابو نعيم وذكر ابو الشيخ عن يزيد بن سخبرة أن السيوف مفاتيح الجنة وفي المسند من حديث معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلكم على باب من ابواب الخير قلت بلى قال لا حول ولا قوة الا بالله
قال الناظم في حادي الارواح وقد جعل الله سبحانه لكل مطلوب مفتاحا يفتح به فجعل مفتاح الصلاة الطهور ومفتاح الحج الاحرام ومفتاح البر الصدق ومفتاح الجنة التوحيد ومفتاح العلم حسن السؤال وحسن الاصغاء ومفتاح النصر والظفر الصبر ومفتاح المزيد الشكر ومفتاح الولاية المحبة ومفتاح الرغبة في الآخرة الزهد في الدنيا ومفتاح الايمان التكفر فيما دعا الله عباده الى التفكر فيه ومفتاح الدخول على الله اسلام القلب وسلامته له والاخلاص له في الحب والبغض له والفعل والترك ومفتاح حياة القلب تدبر القرآن والتضرع بالاسحار وترك الذنوب ومفتاح حصول الرحمة الاحسان في عبادة الخالق والسعي في نفع عبيده ومفتاح الرزق السعي مع الاستغفار والتقوى ومفتاح العز طاعة الله ورسوله ومفتاح الاستعداد للآخرة قصر الأمل ومفتاح كل خير الرغبة في الله والدار الآخرة ومفتاح كل شرب حب الدنيا وطول الامل وهذا باب عظيم من أنفع ابواب العلم وهو معرفة مفاتيح الخير والشر ولا يوفق لمعرفته ومراعاته الا من عظم حظه وتوفيقه فان الله سبحانه جعل لكل خير وشر ومفتاحا وبابا يدخل منه اليه كما جعل الشرك والكبر والاعراض عما بعث الله به رسوله والغفلة عن ذكره والقيام بحقه مفتاحا للنار كما جعل الخمر مفتاح كل إثم وجعل الغناء مفتاح الزنا وجعل اطلاق النظر في الصور مفتاح العشق والطلب وجعل الكسل والراحة مفتاح الخيبة والحرمان وجعل المعاصي مفتاح الكفر وجعل الكذب مفتاح النفاق وجعل الشح والحرص مفتاح البخل وقطعية الرحم مفتاح البخل وقطيعة الرحم واخذ المال من غير حله وجعل الاعراض عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مفتاح كل بدعة وضلال وهذه امور لا يصدق بها الا كل من له بصيرة صحيحة وعقل يعرف به ما في نفسه وما في الوجود من الخير والشر فينبغي للعبد ان يعتني كل الاعتناء بمعرفة المفاتيح وما جعلت مفاتيح له والله من وراء توفيقه وعدله له الملك وله الحمد وله النعمة والفضل ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون








فصل
في منشور الجنة الذي يوقع به لصاحبها
[المنشور ما كان غير مختوم من كتب السلطان ]




هذا ومن يدخل فليس بداخل*** إلا بتوقيع من الرحمن
وكذاك يكتب للفتى لدخوله*** من قبل توقيعان مشهوران
إحداهما بعد الممات وعرض أر***واح العباد على الديان
فيقول رب العرش جل جلاله*** للكاتبين وهم أولو الديوان
ذا الاسم في الديوان يكتب ذاك ديـ***ـوان الجنان مجاور المنان
ديوان عليين أصحاب القرآ***ن وسنة المبعوث بالقرآن
فإذا انتهى للجسر يوم الحشر يعـ***ـطى للدخول اذا كتاب ثان
عنوانه هذا الكتاب من عزيـ***ـز راحم لفلان ابن فلان
فدعوه يدخل جنة المأوى التي ار***تفعت ولكن القطوف دوان
هذا وقد كتب اسمه مذ كان في الـ***أرحام قبل ولادة الإنسان
بل قبل ذلك هو وقت القبضتيـ***ـن كلاهما للعدل والإحسان
سبحان ذي الجبروت والملكوت والـ*** إجلال والاكرام والسبحان
والله أكبر عالم الأسرار والـ***إعلان واللحظات بالأجفان
والحمد لله السميع لسائر الـ***أصوات من سر ومن إعلان
وهو الموحد والمسبح والممجـ***ـد والحميد ومنزل القرآن
والأمر من قبل ومن بعد له*** سبحانك اللهم ذا السلطان

قال الله تعالى : ( كلا إن كتاب الابرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتب مرقوم يشهده المقربون ) المطففين 18 21 ، فأخبر تعالى أن كتابهم كتاب مرقوم تحقيقا لكونه مكتوبا كتابة حقيقة وخص كتاب الابرار بأنه يكتب ويوقع لهم به بمشهد المقربين من الملائكة والنبيين ولم يذكر شهادة هؤلاء كتاب الفجار تنويها بكتاب الابرار وما وقع به لهم واشهارا له واظهارا بين خواص خلقه كما تكتب الملوك تواقيع من تعظمه من بين الامراء وخواص اهل المملكة تنويها باسم المكتوب واشارة بذكره وهذا نوع من صلوات الله سبحانه وملائكته على عبده
وروى أحمد وابن حبان وابو عوانه في صحيحيهما من حديث البراء بن عازب الطويل في شأن القبر مرفوعا فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين واعيدوه الى الارض فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى وتطرح روحه طرحا ورواه ابو داود بطوله فهذا التوقيع والمنشور الاول واما المنشور الثاني وهو التوقيع الثاني الذي ذكره الناظم فعن سلمان الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة أحد الا بجواز بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله لفلان بن فلان أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية رواه الطبراني في معجمه وعنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يعطى المؤمن جوازا على الصراط بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لفلان أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية اخرجها الطبراني في معجمه
قوله هذا وقد كتب اسمه الخ أي إن المؤمن وقع في قبضة اصحاب اليمين يوم القبضتين ثم كتب من اهل الجنة يوم نفخ الروح فيه ثم يكتب في ديوان اهل الجنة يوم موته ثم يعطى هذا المنشور يوم القيامة والله المستعان فهذا ما اشتمل عليه هذا الفصل








فصل
في صفوف أهل الجنة



هذا وإن صفوفهم عشرون مع*** مئة وهذي الأمة الثلثان
يرويه عنه بريدة إسناده*** شرط الصحيح بمسند الشيباني
وله شواهد من حديث أبي هريـ***ـرة وابن مسعود وحبر زمان
أعني ابن عباس وفي إسناده*** رجل ضعيف غير ذي اتقان
ولقد أتانا في الصحيح بأنهم ***شطر وما اللفظان مختلفان
إذ قال أرجو أن تكونوا شطرهم*** هذا رجاء منه للرحمن
أعطاه رب العرش ما يرجو وزا***د من العطاء فعال ذي الإحسان

في الصحيحين عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ترضون ان تكونوا ربع اهل الجنة فكبرنا ثم قال اما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة قال فكبرنا ثم قال أني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة وسأخبركم عن ذلك ما المسلمون في الكفار الا كشعرة بيضاء في ثور اسود أو كشعرة سوداء في ثور ابيض هذا لفظ مسلم وعن بريده بن الحصيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهل الجنة عشرون ومائة صف هذه الامة منها ثمانون صفا رواه احمد والترمذي واسناده على شرط الصحيح ورواه الطبراني يف معجمه من حديث ابن عباس وفي سنده خالد بن يزيد البجلي وقد تكلم فيه ورواه ايضا من حديث ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنتم وثلثها قالوا ذاك اكثر قال كيف أنتم والشطر لكم قالوا ذاك اكثر قال اهل الجنة عشرون ومائة صف لكم منها ثمانون صفا قال الطبراني تفرد به خالد بن زياد وروى عبد لله بن احمد عن ابي هريرة قال لما نزلت ( ثلة من الاولين وثلة من الآخرين ) الواقعة 13 14 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم ربع اهل الجنة أنتم ثلث أهل الجنة أنتم نصف اهل الجنة أنتم ثلثا أهل الجنة قال الطبراني تفرد برفعه ابن المبارك عن الثوري وروى خيثمة بن سليمان عن بهز بن حكيم عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أهل الجنة عشرون ومائة صف أنتم ثمانون صفا .
قال الناظم وهذه الاحاديث قد تعددت طرقها واختلفت مخارجها وصح سند بعضها ولا تنافي بينها وبين حديث الشطر لأنه صلى الله عليه وسلم رجا أولا أن يكونوا شطر أهل الجنة فأعطاه الله وزاد عليه سدسا أخر وروى احمد عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أرجو أن يكون من يتبعني من أمتي يوم القيامة ربع أهل الجنة فكبرنا فقال أرجو أن يكونوا الشطر و إسناده على شرط مسلم






فصل
في صفة أول زمرة تدخل الجنة



هذا وأول زمرة فوجوههم*** كالبدر ليل الست بعد ثمان
السابقون هم وقد كانوا هنا*** أيضا أولي سبق إلى الإحسان




فصل
في صفة الزمرة الثانية

والزمرة الأخرى كأضوء كوكب*** في الأفق تنظره به العينان
أمشاطهم ذهب ورشحهم فمسـ***ـك خالص يا ذلة الحرمان

في الصحيحين عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون ولا يتمخطون فيها آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب رجل واحد يسبحون الله بكرة وعشيا وفيهما أيضا عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة لا يبولون ولا يتغوطون ولا ينتفلون ولا يتمخطون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة وأزواجهم الحور العين واخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة ابيهم آدم ستون ذراعا في السماء








فصل
في تفاضل أهل الجنة في الدرجات العلى


ويرى الذين بذيلها من فوقهم*** مثل الكواكب رؤية بعيان
ما ذاك مختصا برسل الله بل*** لهم وللصديق ذي الإيمان



في الصحيحين عن ابي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن اهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر من الافق من المشرق الى او المغرب لتفاضل ما بينهم قالوا يا رسول الله تلك منازل الانبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ولفظ البخاري في الافق وهو ابين الغابر هو الذاهب الماضي الذي قد تدلى للغروب وفي التمثيل به دون الكواكب المسامت للرأس فائدتان إحداهما بعده عن العيون والثانية أن الجنة درجات بعضها اعلى من بعض وان لم تسامت العليا السفلى كالبساتين الممتدة من رأس الجبل الى ذيله والله تعالى أعلم





فصل
في ذكر أعلى أهل الجنة منزلة وأدناهم



هذا وأعلاهم فناظر ربه*** في كل يوم وقته الطرفان
لكن أدناهم وما فيهم دني*** إذ ليس في الجنات من نقصان
فهو الذي تلقى مسافة ملكه*** بسنيننا ألفان كاملتان
فيرى بها أقصاه حقا مثل رؤ***يته لأدناه القريب الداني
أو ماسمعت بأن آخر أهلها*** يعطيه رب العرش ذو الغفران
أضعاف دنيانا جميعا عشر أمـ***ـثال لها سبحان ذي الإحسان


عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أدنى اهل الجنة منزلة لمن ينظر الى جنانه وازواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمهم على الله من ينظر الى وجهه غدوة وعشيا ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة ) القيامة 2223 رواه الترمذي وقال روي هذا الحديث من غير وجه عن ابن عمر غير مرفوع ورواه ابن الجبر موقوفا
قلت ورواه الطبراني في معجمه مرفوعا إن أدنى اهل الجنة منزلة الرجل في ملكة ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه ينظر الى ازواجه وسرره وخدمه الحديث ورواه ابو نعيم ايضا عنه مرفوعا
قوله أو ما سمعت بأن اخر اهلها الخ روى مسلم من حديث المغيرة ابن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم ان موسى سأل ربه عن ادنى منزلة فقال رجل يجيء بعد ما دخل اهل الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له اترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة رضيت رب قال رب فأعلاهم منزلة قال أولئك الذين أردت غرس كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على قلب بشر
وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعلم أخر اهل النار خروجا منها وأخر اهل الجنة دخولا الجنة رجل يخرج من النار حبوا فيقول الله تعالى له اذهب فادخل الجنة قال فيأتيها فيخيل اليه أنها ملأى فيرجع فيقول الله له اذهب فادخل الجنة قال فيأتيها فيخيل اليه انها ملأى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملأى فيقول الله له اذهب فادخل الجنة فان لك مثل الدنيا وعشرة امثالها او ان لك عشرة امثال الدنيا قال فيقول اتسخر بي او تضحك به وانت الملك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه قال فكانه يقال ذلك أدنى أهل الجنة منزلة .





فصل
في ذكر سن أهل الجنة


هذا وسنهم ثلاث مع ثلا***ثين التي هي قوة الشبان
وصغيرهم وكبيرهم في ذا على*** حد سواء ما سوى الولدان
ولقد روى الخدري أيضا أنهم*** أبناء عشر بعدها عشران
وكلاهما في الترمذي وليس ذا*** بتناقض بل ها هنا أمران
حذف الثلاث ونيف بعد العقو***د وذكر ذلك عندهم سيان
عند اتساع في الكلام فعندما*** يأتوا بتحرير فبالميزان


قال الناظم روى احمد عن ابي هريرة مرفوعا يدخل اهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكلحين ابناء ثلاث وثلاثين وهم على خلق آدم ستون ذراعا في عرض سبعة اذرع قيل تفرد به حماد عن علي بن زيد وروى الترمذي واستغربه عن معاذ بن جبل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين بني ثلاث وثلاثين وروى ابو بكر ابن ابي داود عن انس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث اهل الجنة على صورة آدم في ميلاد ثلاث وثلاثين سنة جردا مردا مكحلين ثم يذهب بهم الى شجرة في الجنة فيكسون منها لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم
قوله ولقد روى الخدري الخ قال الناظم في حادي الارواح عن ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات من اهل الجنة من صغير او كبير يردون بني ثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها ابدا وكذلك اهل النار رواه الترمذي قال الناظم فان كان محفوظا لم يناقض ما قبله فان العرب اذا قدرت بعدد له نيف فان لهم طريقين تارة يذكرون النيف للتحرز وتارة يحذفونه وهذا معروف في كلامهم وخطاب غيرهم من الامم وروى ابن ابي الدنيا عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ستين ذراعا بذراع الملك على حسن يوسف وعلى ميلاد عيسى ثلاثا وثلاثين سنة وعلى لسان محمد جردا مردا مكحلين وروى ابن وهب عن ابي هريرة انه قال صلى الله عليه وسلم إن اهل الجنة يدخلون الجنة على قدر آدم ستون ذراعا وعلى ذلك قطعت سررهم وفي الصحيحين أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة ابيهم آدم ستون ذراعا في السماء والرواية على خلق بفتح الخاء وسكون اللام والاخلاق كما تكون جمعا للخلق بالضم فهي جمع للخلق بالفتح والمراد تساويهم في الطول والعرض والسن وان تفاوتوا في الحسن والجمال ولهذا فسره بقوله على صورة ابيهم آدم ستون ذراعا في السماء واما اخلاقهم وقلوبهم ففي الصحيحين من حديث ابي هريرة ان اول زمرة تلج الجنة الحديث وفيه لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا








فصل
في طول قامات أهل الجنة وعرضهم



والطول طول أبيهم ستون لـ***ـكن عرضهم سبع بلا نقصان
الطول صح بغير شك في الصحيـ***ـحين اللذين هما لنا شمسان
والعرض لم نعرفه في احداهما*** لكن رواه أحمد الشيباني
هذا ولا يخفى التناسب بين هـ***ـذا العرض والطول البديع الشان
كل على مقدار صاحبه وذا*** تقدير متقن صنعة الإنسان

قد تقدمت الاحاديث في طول اهل الجنة في الصحيحين وغيرهما واما العرض فهو كما قال الناظم ليس في الصحيحين لكن قد رواه احمد قال الناظم وفي هذا الطول والعرض والسن من الحكمة ما لا يخفى فانه ابلغ واكمل في استيفاء اللذة لأنه اكمل سن القوة مع عظم آلات اللذة وباجتماع الأمرين يكون كمال اللذة وقوتها بحيث يصل في اليوم الواحد الى مائة عذراء ولا يخفى التناسب بين هذا الطول والعرض وانه لو زاد احدهما على الاخر فات الاعتدال وتناسب الخلقة ويصير طولا مع دقة او غلظا مع قصر وكلاهما غير مناسب والله اعلم انتهى









فصل
في لحاهم وألوانهم


ألوانهم بيض وليس لهم لحى*** جعد الشعور مكحّلوا الأجفان
هذا كمال الحسن في أبشارهم*** وشعورهم وكذلك العينان



اللحى بضم اللام جمع لحية بكسرها وقد تقدمت الاحاديث بذلك كالحديث الذي رواه الترمذي عن معاذ بن جبل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخل اهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين بني ثلاث وثلاثين وروي عن ابي هريرة مرفوعا يدخل اهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين ابناء ثلاث وثلاثين وهم على خلق آدم ستون ذراعا في عرض سبعة اذرع





فصل
في لسان أهل الجنة

ولقد أتى أثر بأن لسانهم*** بالمنطق العربي خير لسان
لكنّ في اسناده نظرا ففيـ***ـه راويان وما هما ثبتان
أعني العلاء هو ابن عمرو ثم يحـ***ـيى الأشعري وذان مغموزان


تقدم حديث انس بن مالك عند ابن ابي الدنيا وفيه يدخل أهل الجنة الجنة على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وروي عن ابن عباس قال لسان أهل الجنة عربي وكذا قال الزهري

:7:

أبو عمر الأزهري
04-09-2007, 10:58 PM
فصل
في ريح الجنة من مسيرة كم يوجد


والريح يوجد من مسيرة أربعيـ***ـن وإن تشأ مائة فمرويان
وكذا روى سبعين أيضا صح هـ***ـذا كله وأتى به اثران
ما في رجالهما لنا من مطعن*** والجمع بين الكل ذو إمكان
ولقد أتى تقديره مائة بخمـ***ـس ضربها من غير ما نقصان
إن صح هذا فهو أيضا والذي*** من قبله في غاية الامكان
أما بحسب المدركين لريحها*** قربا وبعدا ما هما سيّان
أو باختلاف قرارها وعلوّها*** أيضا وذلك واضح التبيان
أو باختلاف السير أيضا فهو أنـ***ـواع بقدر إطاقة الإنسان
ما بين ألفاظ الرسول تناقض*** بل ذاك في الأفهام والأذهان


روى الطبراني عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل قتيلا من اهل الذمة لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة مائة عام ورواه البخاري وقال ليوجد م من مسيرة اربعين عاما وعند الترمذي عن ابي هريرة رضي الله عنه يرفعه وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا وصححه قال محمد بن عبد الواحد المقدسي واسناده عندي على شرط الصحيح وعند الطبراني مرفوعا وان ريح الجنة يوجد من ميسرة عام وعن ابي بكرة عند قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ريح الجنة يوجد من مسيرة عام
قال الناظم وهذه الالفاظ لا تعارض فيها وفي الصحيحين من حديث انس في قصة عمه قال فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم احد فاستقبل سعد بن معاذ فقال له الجنة ورب الكعبة إني لأجد ريحها من دون احد فقال فقاتلهم حتى قتل
قال الناظم وريح الجنة نوعان ريح يوجد في الدنيا تشمه الارواح احيانا لا تدركه العبارة وريح تدرك بحاسة الشم للأبدان كما تشم روائح الازهار وغيرها وهذا يشترك اهل الجنة في ادراكه في الآخرة من قرب وبعد واما في الدنيا فقد يدركه من شاء الله من انبيائه ورسله وهذا الذي وجده انس بن النضر يجوز أن يكون من هذا القسم وان يكون من الاول وروى ابو نعيم عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رائحة الجنة توجد من مسيرة خمسمائة عام وروى الطبراني عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ريح الجنة يوجد من مسيرة الف ولا يجدها عاق ولا قاطع رحم وروى ابو داود الطيالسي في مسنده عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ادعى الى غير ابيه لم يرح رائحة الجنة وان ريحها ليوجد من مسيرة خمسين عاما وقد اشهد الله سبحانه عباده في هذه الدار من آثار الجنة وانموذجا منها من الرائحة الطيبة واللذات المشتهاة والمناظر البهية الحسنة والنعيم والسرور وقرة العين وقد روى ابو نعيم عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقل الله عز وجل للجنة طيبي لأهلك فتزداد طيبا فذلك البرد الذي يجده الناس في السحر والله اعلم

أبو عمر الأزهري
04-09-2007, 11:07 PM
فصل
في أسبق الناس دخولا الى الجنة



ونظير هذا سبق أهل الفقر للـ***ـجنات في تقديره أثران
مائة بخمس ضربها أو أربعيـ***ـن كلاهما في ذاك محفوظان
فأبو هريرة قد روى أولاهما*** وروى لنا الثاني صحابيان
هذا بحسب تفاوت الفقراء في اسـ***ـتحقاق سبقهم إلى الإحسان
أو ذا بحسب تفاوت في الأغنيا***ء كلاهما لا شك موجودان


روى احمد عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يدخل فقراء المسلمين الى الجنة قبل اغنيائهم بنصف يوم وهو خمسمائة وصححه الترمذي ورجال اسناده احتج بهم مسلم في صحيحه وروى الترمذي عن جابر أنه قال يدخل فقراء امتي الجنة قبل الاغنياء باربعين خريفا وفي صحيح مسلم عن ابن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الفقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا وروى الطبراني عن ابي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الفقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل أغنياءهم بنصف يوم وذلك خمسمائة عام الحديث بطوله والذي في الصحيح أن سبقهم لهم بأربعين خريفا فاما ان يكون هو المحفوظ وإما أن يكون كلاهما محفوظا ويختلف مدة السبق بحسب أحوال الفقراء والأغنياء فمنهم من يسبق بخمسمائة كما يتأخر مكث العصاة من الموحدين في النار بحسب جزائهم



هذا وأولهم دخولا خير خلـ***ـق الله من قد خصّ بالقرآن
والأنبياء على مراتبهم من التـ***ـفضيل تلك مواهب المنان



روى مسلم في صحيحه من حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول صلى الله عليه وسلم آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من انت فأقول محمد فيقول بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا وأنا خطيبهم إذا أنصتوا وقائدهم إذا وفدوا وشافعهم إذا حبسوا وأنا مبشرهم إذا يئسوا لواء الحمد بيدي ومفتاح الجنة بيدي وأنا أكرم ولد آدم يومئذ على ربي ولا فخر يطوف علي ألف خادم وكأنهم اللؤلؤ المكنون رواه الترمذي والبيهقي واللفظ له وفي صحيح مسلم من حديث المختار بن فلفل عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أكثر الناس تبعا يوم القيامة وأنا أول من يقرع باب الجنة
وروى الطبراني عن أنس مرفوعا فيقوم الخازن فيقول لا أفتح لأحد قبلك ولا أقوم لأحد بعدك وروى الدارقطني عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الجنة حرمت على الانبياء كلهم حتى أدخلها وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي قال الدارقطني غريب


هذا وأمة أحمد سباق با***قي الخلق عند دخولهم لجنان
وأحقهم بالسبق أسبقهم الى الـ***إسلام والتصديق بالقرآن
وكذا أبو بكر هو الصديق أسـ***ـبقهم دخولا قول ذي البرهان


وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ونحن اول من يدخل الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه وفي الصحيحين عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نحن الآخرون الأولون يوم القيامة نحن أول الناس دخولا الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتينا من بعدهم
قوله وكذا أبو بكر الصديق الخ روى أبو داود في سننه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل فأخذ بيدي فأراني باب الجنة الذي تدخل منه امتي فقال أبو بكر يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وددت أني كنت معك حتى أنظر اليه فقال أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي


وروى ابن ماجة أن أولهم يصا***فحه إله العرش ذو الإحسان
ويكون أولهم دخولا جنة الـ***ـفردوس ذلك قامع الكفران
فاروق دين الله ناصر قوله*** ورسوله وشرائع الايمان
لكنه أثر ضعيف فيه مجـ***ـروح يسمى خالدا ببيان
لو صح كان عمومه المخصوص بالصـ***ـديق قطعا غير ذي نكران



روى ابن ماجة في سننه عن ابي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من يصافحه الحق عمر وأول من يسلم عليه وأول من يأخذ بيده فيدخله الجنة
قال الناظم في حادي الأرواح هو حديث منكر جدا قال أحمد راود بن عطاء ليس بشيء وقال البخاري منكر الحديث ثم لو صح لكان مخصوصا بالحديث الذي تقدم وفيه قوله صلى الله عليه وسلم أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي


هذا وأولهم دخولا فهو حمـ***ـاد على الحالات للرحمن
إن كان في السراء أصبح حامدا*** أو كان في الضرا فحمد ثان
هذا الذي هو عارف بإلهه*** وصفاته وكماله الرباني
وكذا الشهيد فسبقه متيقن*** وهو الجدير بذلك الإحسان
وكذلك المملوك حين يقوم بالـ***ـحقين سباق بغير توان
وكذا فقير ذو عيال ليس بالـ***ـملحاح بل ذو عفة وصيان



وفي صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه مرفوعا قال أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب كل ذي قربى ومسلم عفيف متعفف ذو عيال
وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة النبي في الجنة والصديق في الجنة والشهيد في الجنة والرجل يزور أخاه في ناحية المصر لا يزوره إلا لله في الجنة اخرج النسائي من هذا الحديث فضل النساء خاصة وباقي الحديث على شرطه .

أبو عمر الأزهري
04-10-2007, 04:44 AM
فصل
في عدد الجنات وأجناسها





والجنة اسم الجنس وهي كثيرة*** جدا ولكن أصلها نوعان
ذهبيتان بكل ما حوتاه من*** حلى وآنية ومن بنيان
وكذاك أيضا ففضة ثنتان من*** حلى وبنيان وكل أوان
لكن دار الخلد والمأوى وعد***ن والسلام اضافة لمعان
أوصافها استدعت اضفتها اليـ***ـها مدحة مع غاية التبيان
لكنما الفردوس أعلاها وأو***سطها مساكن صفوة الرحمن
أعلاه منزلة لأعلى الخلق منـ***ـزلة هو المبعوث بالقرآن
وهي الوسيلة وهي أعلى رتبة*** خلصت له فضلا من الرحمن



قوله والجنة اسم الجنس الخ أي إنها أجناس كثيرة ولهذا قال اسم جنس لأن الجنس يصدق على بعض أفراده فالجنة اسم شامل لجميع ما حوته من البساتين والمساكن والقصور وهي جنات كثيرة جدا ولكن أصلها نوعان وفي حديث أنس يرفعه إنها جنان وإن ابنك اصاب الفردوس الأعلى أخرجه البخاري وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جنتان من ذهب آنيتهما وحليتهما وما فيها وجنتان من فضة آنيتهما وحليتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا الى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن
قال الناظم وقال تعالى ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) الرحمن فذكرهما ثم قال ( ومن دونهما جنتان ) الرحمن فهذه أربع قالت طائفة من دونهما أي أقرب منهما الى العرش فيكونان فوقهما وقالت طائفة تحتهما وهذا في لغة العرب وفي الصحاح دون نقيض فوق ويقال دون هذا أي اقرب منه والسباق يدل على تفضيل الجنتين الأوليين بوجوه أحدها قوله ( ذواتا أفنان ) الرحمن جمع فنن وهو الغصن او جمع فن وهو الصنف أي اصناف شتى من الفواكه وغيرها ولم يذكر ذلك في اللتين بعدهما الثاني ( فيهما عينان تجريان ) الرحمن وفي الأخريين ( فيهما عينان نضاختان ) الرحمن وهي الفوارة والجارية السارحة وهي أحسن من الفوارة لأنها تتضمن الفوارة والجريان الثالث ( فيهما من كل فاكهة زوجان) الرحمن وفي الأخريين ( فيهما فاكهة ونخل ورمان ) الرحمن ولا ريب أن الأول أكمل قالت طائفة الزوجان الرطب واليابس وفيه نظر وقالت طائفة صنف معروف وصنف من شكل غريب وقال آخرون نوعان ولم يزيدوا والظاهر أنه الحلو والحامض والأبيض والأحمر لأن اختلاف اصناف الفواكه أعجب وألذ للعين والفم والله أعلم الرابع ( متكئين على فرش بطائنها من إستبرق ) الرحمن وهذا تنبيه على فضل الظهائر وخطرها وفي الأخريين ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ) الرحمن وفسر الرفرف بالمجالس والبسط والفرش وعلى كل فلم يصفه بما وصف به فرش الأولين الخامس ( وجنى الجنتين دان ) الرحمن أي قريب سهل يتناوله كيف شاؤوا ولم يذكر ذلك في الأخريين السادس ( فيهن قاصرات الطرف ) الرحمن أي على أزواجهن فلا يردن غيرهم وقال في الأخريين ( حور مقصورات في الخيام ) الرحمن ومن قصرت طرفها على زوجها أكمل ممن قصرت بغيرها السابع أنه وصفهن بشبه الياقوت والمرجان في صفاء اللون واشراقه وحسنه ولم يذكر ذلك في التي بعدها الثامن هل جزاء الاحسان الا الاحسان الرحمن وهذا يقتضي أن أصحابها من أهل الاحسان المطلق الكامل فكان جزاؤهم باحسان كامل التاسع أنه جعلهما جزاء لمن خاف مقامه والخائفون نوعان مقربون وأصحاب يمين فذكر جنتي المقربين ثم جنتي أصحاب اليمين العاشر أنه قال ( ومن دونهما جنتان ) الرحمن السياق يدل على أنه نقيض فوق فكان للمقربين منهم الجنتان العاليتان ولأصحاب اليمين اللتان دونهما والراجح أن لكل واحد جنتان وقيل لمجموع الخائفين يشتركون فيها ويرجح الأول قوله صلى الله عليه وسلم هما شأنان في رياض الجنة إحداهما جزاء أداء الأوامر والثانية جزاء اجتناب المحارم انتهى كلامه
قوله إضافة لمعان أي إنها سميت دار الخلد وجنة المأوى وجنات عدن ودار السلام ونحو ذلك للمعاني التي تدل عليها هذه الأسماء فسميت دار الخلد لأن أهلها لا يظعنون عنها كما قال تعالى ( عطاء غير مجذوذ ) هود وقال تعالى ( إن هذا لرزقنا ماله من نفاذ ) ص وقال ( أكلها دائم وظلها ) الرعد وقال ( وما هم منها بمخرجين ) الحجر وأما اسمها دار المقامة فقد قال تعالى حكاية عن اهلها ( وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله ) فاطر قال مقاتل أنزلنا دار الخلود اقاموا فيها أبدا لا يموتون ولا يتحولون منها أبدا وقال الفراء والزجاج المقامة مثل الاقامة يقال أقمت بالمكان إقامة ومقامة ومقاما وأما جنة المأوى فقد قال تعالى ( عندها جنة المأوى) النجم والمأوى مفعل من أوى يأوي إذا انضم إلى المكان وصار اليه واستقر به قال عطاء عن ابن عباس هي الجنة التي يأوي اليها جبريل والملائكة وقال مقاتل والكلبي هي جنة تأوي اليها أرواح الشهداء وقال كعب جنة المأوى جنة فيها طير خضر يرتقي فيها ارواح الشهداء وقال تعالى ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) النازعات وأما جنة عدن فقيل اسم لجنة من الجنان قال الناظم والصحيح أنه اسم لجملة الجنات فكلها جنات عدن قال تعالى ( جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب ) مريم وقال تعالى ( جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ ولباسهم فيها حرير ) فاطر وقال تعالى ( ومساكن طيبة في جنات عدن ) الصف يقال عدن بالمكان إذ أقام به وعدنت البلد توطنته وعدنت الابل بمكان كذا لزمته فلم تبرح منه قال الجوهري ومنه جنات عدن أي جنات الاقامة ومنه سمي المعدن بكسر الدال لأن الناس يقيمون فيه الصيف والشتاء ومركز كل شيء معدنه والعادن الناقة المقيمة في المرعى وأما اسمها دار السلام فقد سماها الله تعالى بهذا الاسم في قوله ( لهم دار السلام عند ربهم ) الانعام وقوله ( والله يدعو إلى دار السلام ) وهي احق بهذا الاسم فانها دار السلامة من كل بلية وآفة ومكروه وهي دار الله واسمه سبحانه السلام الذي سلمها وسلم أهلها وتحيتهم فيها سلام والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم والرب تعالى يسلم عليهم من فوقهم كما قال تعالى( لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون سلام قولا من رب رحيم ) وكلامهم كله فيها سلام أي لا لغو فيها ولا فحش ولا باطل كما قال تعالى ( لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ) مريم وقد ذكر الناظم رحمه الله تعالى للجنة اثني عشر اسما في كتابه حادي الأرواح وتكلم عن معانيها وبسط الكلام في ذلك والله اعلم
قوله لكنما الفردوس أعلاها الخ عن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فانه من صلى الله عليه وسلم علي صلى الله عليه وسلم عشرا ثم سلوا لي وسيلة فانها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة أخرجه مسلم وروى احمد عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صليتم علي فاسألوا الله لي الوسيلة قيل وما الوسيلة قال اعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد وارجو أن أكون أنا هو هكذا الرواية أن أكون أنا هو ووجهها أن تكون الجملة خبرا عن اسم كان المستتر فيها ولا يكون أنا فصلا ولا توكيدا بل مبتدأ وفي الصحيحين من حديث جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته الا حلت له الشفاعة يوم القيامة قال الناظم هذا لفظ الحديث مقاما بالتنكير ليوافق لفظ الآية ولأنه لما تعين وانحصر نوعه في شخصه جرى مجرى المعرفة فوصف بما توصف به المعارف وهذا لفظ من جعل الذي وعدته بدلا فتأمله وفي المسند عن ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسيلة درجة عند الله عز وجل ليس فوقها درجة فاسألوا الله لي الوسيلة ورواه ابن ابي الدنيا وقال فيه درجة في الجنة ليس في الجنة درجة أعلى منها فسلوا الله أن يؤيتنها على رؤوس الخلائق وسميت درجة النبي صلى الله عليه وسلم الوسيلة لأنها اقرب الدرجات إلى عرش الرحمن تبارك وتعالى وهي اقرب الدرجات على الله ومعنى الوسيلة والوصلة والقربة والزلفى واحد ولهذا كانت أفضل الجنة وأشرفها وأعظمها نورا قال فضيل بن عياض تدرون لم حسنت الجنة لأن عرش رب العالمين سقفها وقال ابن عباس نور سقف مساكنكم نور عرشه وقال الحسن إنما سميت عدن لأن فوقها العرش ومنها تفجر أنها الجنة وللحور العدنية الفضل على سائر الحور وفي الوسيلة معنى القرب اليه بأنواع الوسائل قال الكلبي اطلبوا اليه القربة بالأعمال الصالحة وقد كشف الله سبحانه هذا المعنى بقوله ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ) الاسراء فقوله أيهم أقرب هو تفسير الوسيلة ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق عبودية لربه وأعملهم وأشدهم له خشية وأعظمهم له محبة كانت منزلته أقرب المنازل إلى الله وهي أعلى درجة في الجنة وقوله حلت عليه يروى عليه وله فمن رواه باللام فمعناه حصلت له ومن رواه ب على فمعناه وقعت عليه شفاعتي انتهى كلام الناظم رحمه الله





ولقد أتى في سورة الرحمن تفـ***ـضيل الجنان مفصلا ببيان
هي أربع ثنتان فاضلتان ثم*** يليهما ثنتان مفضولان
فالأوليان الفضليان لأوجه*** عشر ويعسر نظمها بوزان
وإذا تأملت السياق وجدتها*** فيه تلوح لمن له عينان







تقدم كلام على مضمون هذه الابيات وذكرنا الأوجه العشرة في تفضيل الجنتين الأوليين من كلام الناظم






سبحان من غرست يداه جنة الـ***فردوس عند تكامل البنيان
ويداه أيضا أتقنت لبنائها*** فتبارك الرحمن أعظم بان
هي في الجنان كآدم وكلاهما*** تفضيله من أجل هذا الشان





عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله بنى الفردوس بيده وحظرها على كل مشرك وكل مدمن خمر رواه الحسن بن سفيان وعن عبد الله بن الحارث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق الله تبارك وتعالى ثلاثة أشياء بيده ثم قال وعزتي وجلالي لا يدخلها مدمن خمر ولا الديوث رواه الدارمي والنجاد وغيرهما
قال الناظم المحفوظ أنه موقوف وفيه أبو معشر متكلم فيه وقال ابن عمر خلق الله أربعة أشياء بيده العرش والقلم وعدن وآدم ثم قال لسائر الخلق كن فكان رواه الدارمي وعن ميسرة إن الله لم يمس شيئا من خلقه غير ثلاث خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده ونحوه عن كعب زاد ثم قال لها تكلمي فقالت ( قد أفلح المؤمنون ) المؤمنون رواهما الدارمي وذكر البيهقي عن ابي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله حائطها لبنة من ذهب ولبنة من فضة وغرس غرسها بيده وقال لها تكلمي فقالت قد أفلح المؤمنون فقال طوبى لك منزل الملوك وروى ابن ابي الدنيا عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق الله جنة عدن بيده لبنة من درة بيضاء ولبنة من ياقوتة حمراء ولبنة من زبرجد خضراء ملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ وحشيشها الزعفران ثم قال لها انطقي قالت قد أفلح المؤمنون فقال الله تعالى وعزتي وجلالي لا يجاورون فيك بخيل ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون الحشر والتغاين فتأمل هذه العناية كيف جعل الجنة التي غرسها بيده لمن خلقه بيده ولأفضل ذريته اعتناء وتشريفا واظهارا لفضل ما خلقه بيده وشرفه بذلك عن غيره فهذه الجنة في الجنان كآدم في نوع الحيوان .








لكنما الجهميّ ليس لديه من*** ذا الفضل شيء فهو ذو نكران
ولد عقوق عق والده ولم*** يثبت بذا فضلا على الشيطان
فكلاهما تأثير قدرته وتأ***ثير المشيئة ليس ثم يدان
إلا هما أو نعمتاه وخلقه*** كل بنعمة ربه المنان






أي أن الجهمية لما أنكروا يده سبحانه وقالوا هي يد القدرة أويد النعمة فلم يثبتوا فضيلة لأبيهم آدم عليه السلام ولأن اليد إذا كان معناها القدرة استوى آدم وابليس فإن كلاهما مخلوق بقدرة الله تعالى وقد عقوا أباهم آدم عليه السلام بذلك أي فآدم والشيطان كلاهما تأثير قدرته ومشيئته أو نعمتيه فان الكل مخلوق بنعمة ربه والله اعلم .







لما قضى رب العباد قا***ل تكلمي فتكلمت ببيان
قد أفلح العبد الذي هو مؤمن*** ماذا ادّخرت له من الإحسان





يشير إلى حديث أنس الذي رواه ابن ابي الدنيا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق الله جنة عدن بيده لبنة من درة بيضاء ولبنة من ياقوتة حمراء ولبنة من زبرجد خضراء ملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ وحشيشها الزعفران قال لها انطقي قالت قد أفلح المؤمنون فقال الله تعالى وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم [ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون] الحشر والتغابن .






ولقد روى حقا أبو الدرداء ذا***ك عويمر أثرا عظيم الشان
يهتز قلب العبد عند سماعه*** طربا بقدر حلاوة الايمان
ما مثله أبدا يقال برأيه*** أو كان يا أهلا بذا العرفان
فيه النزول ثلاث ساعات فاحـ***ـداهن ينظر في الكتاب الثاني
يمحو ويثبت ما يشاء بحكمة*** وبعزة وبرحمة وحنان
فترى الفتى يمسي على حال ويصـ***ـبح في سواها ما هما مثلان
هو نائم وأموره قد دبرت*** ليلا ولا يدري بذاك الشان
والساعة الأخرى الى عدن مسا*** كن أهله هم صفوة الرحمن
الرسل ثم الأنبياء ومعهم الصـ***ـديق حسب فلا تكن بجبان
فيها الذي والله لا عين رأت*** كلا ولا سمعت به الأذنان
كلا ولا قلب به خطر المثا***ل له تعالى الله ذو السلطان
والساعة الأخرى الى هذي السما***ء يقول هل من تائب ندمان
أو داع أو مستغفر أو سائل*** أعطيه إني واسع الإحسان
حتى يصلي الفجر يشهدها مع الـ***أملاك تلك شهادة القرآن
هذا الحديث بطوله وسياقه*** وتمامه في سنة الطبراني




قوله ولقد روى حقا أبو الدرداء الخ أي أن أبا الدرداء روى هذا الأثر موقوفا عليه ومثله لا يقال بالرأي قوله أو كان أي أو كان قاله برأيه فيا أهلا بذلك ولفظه ينزل الله تعالى في آخر ثلاث ساعات يبقين من الليل فينظر الله تعالى في الساعة الأولى في الكتاب الذي لا ينظر فيه غيره فيمحو ما يشاء ويثبت ثم ينظر في الساعة الثانية في جنة عدن وهي مسكنه الذي يسكن فيه لا يكون معه فيها أحد إلا الأنبياء والشهداء والصديقون وفيها ما لم يره أحد ولا خطر على قلب بشر ثم يهبط آخر ساعة من الليل فيقول ألا مسغفر يستغفرني فأغفر له ألا سائل يسألني فأعطيه ألا داع يدعوني فأستجيب له حتى يطلع الفجر رواه الطبراني في معجمه .

أبو مصعب السلفي
04-10-2007, 05:18 AM
ياماشاء الله

جزاك الله خيراً
ورحم الله الإمام
وجمعنى وأياك مع والدىّ ووالديك مع النبىّ محمد -عليه الصلاة والسلام-

أبو عمر الأزهري
04-10-2007, 05:26 AM
لاأملك سوى التأمين على دعائك ياحبيب ،،
اللهم آمين ،، اللهم آمين ،، اللهم آمين ،،


جزاك الله خيرا ياحبيب وبارك لك وعليك .

أيهم فارس
04-10-2007, 06:04 AM
بارك الله فيكم جميعا

أبو عمر الأزهري
04-10-2007, 09:18 AM
اللهم آمين ،،،
وفيك بارك الأخ الفاضل الكريم ،،،

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 02:19 AM
فصل
في بناء الجنة



وبناؤها اللبنات من ذهب*** وأخرى فضة نوعان مختلفان
وقصورها من لؤلؤ وزبرجد*** أو فضة أو خالص العقيان
وكذاك من در وياقوت به*** نظم البناء بغاية الإتقان
والطين مسك خالص أو زعفرا***ن جابذا أثران مقبولان
ليسا بمختلفين لا تنكرهما*** فهما الملاط لذلك البنيان



قال الناظم في حادي الارواح روى ابو بكر بن مردويه عن ابن عمر قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة فقال من يدخل الجنة يحيى لا يموت وينعم لا يبأس لا تبلي ثيابه ولا يفنى شبابه قيل يا رسول الله كيف بناؤها قال لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها مسك أذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران هكذا جاء في هذه الأحاديث ان ترابها الزعفران وكذلك روى يزيد بن زريع عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ترابها الزعفران وطينها المسك وفي الصحيحين عن ابي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ادخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك وهو قطعة من حديث المعراج وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ابن صياد عن تربة الجنة فقال درمكة بيضاء مسك خالص فقال صدق وروى سفيان بن عيينة عن جابر بن عبد الله في قصة اليهود فلما أن جاؤوه قالوا يا أبا القاسم كم عدد خزنة أهل النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه كلتيهما هكذا وهكذا وقبض واحدة أي تسعة عشر فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تربة الجنة فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا خبزة فقال الخبزة من الدرمكة فهذه ثلاث صفات في تربتها لا تعارض بينها فذهبت طائفة من السلف إلى أن تربتها متضمنة للنوعين المسك والزعفران قال مغيث بن سمي الجنة ترابها المسك والزعفران ويحتمل معنيين آخرين أحدهما أن يكون التراب من زعفران فإذا عجن بالماء صار مسكا والطين يسمى ترابا ويدل على هذا قوله ملاطها المسك والملاط الطين ويدل عليه ان في حديث العلاء بن زياد ترابها الزعفران وطينها المسك فلما كانت تربتها طيبة وماؤها طيبا فأنظم أحدهما إلى الآخر حدث لها طيب آخر فصار مسكا الثاني أن يكون زعفرانا باعتبار اللون مسكا باعتبار الرائحة وهذا من احسن شئ يكون في البهجة والاشراق في لون الزعفران والرائحة في رائحة المسك وكذلك شبهها بالدرمك وهو الخبز الصافي الذي يضرب لونه الى صفرة مع لينها ونعومتها وهو معنى ما ذكره سفيان بن عيينه عن مجاهد أن أرض الجنة من فضة وترابها المسك فاللون في البياض لون الفضة والرائحة رائحة المسك وروى ابن ابي شيبة عن ابن عمر قال قيل يا رسول الله كيف بناء الجنة قال لبنة من فضة ولبنة من ذهب وملاطها مسك أذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران وروى أبو الشيخ عن ابي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت ليلة اسري بي يا جبريل إنهم يسألوني عن الجنة قال فأخبرهم أنها من درة بيضاء وأن أرضها عقيان والعقيان الذهب فان كان محفوظا فهي أرض الجنتين الذهبيتين فيكون جبريل أخبر بأعلى الجنتين وأفضلها والله اعلم آخر كلامه
قوله وقصورها من لؤلؤ وزبرجد الخ في الصحيحين من حديث أبي موسى الاشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤ واحدة مجوفة طولها ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا ومن حديث ابن ابي أوفى وابي هريرة وعائشة أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم هذه خديجة أقرأها السلام ربها وأمره أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب والقصب ههنا اللؤلؤ المجوف وروى ابن ابي الدنيا عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان في الجنة لقصرا من لؤلؤ ليس فيه صدع ولا وهن اعده الله عز وجل لخليله ابراهيم

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 02:21 AM
فصل
في أرضها وحصبائها وتربها



والأرض مرمرة كخالص فضة*** مثل المرأة تنالها العينان
في مسلم تشبيهها بالدرمك الصـ***ـافي وبالمسك العظيم الشان
هذا لحسن اللون لكن ذا لطيـ**ـب الريح صار هناك تشبيهان
حصباؤها در وياقوت كذا***ك لآلىء نثرت كنثر جمان
وترابها من زعفران أو من المـ***ـسك الذي ما استلّ من غزلان



تقدم شرح هذا الفصل في الفصل الذي قبله .

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 02:23 AM
فصل
في صفة غرفاتها




غرفاتها في الجو ينظر بطنها *** من ظهرها والظهر من بطنان
سكانها أهل القيام مع الصيا***م وطيب الكلمات والاحسان
ثنتان خالص حقه سبحانه***وعبيده أيضا لهم ثنتان




روى الطبراني عن أبي مالك الأشعري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأدام الصيام وصلى باليل والناس نيام ورواه ابن وهب عن ابن عمرو ولفظه لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائما والناس نياما قال محمد بن عبد الواحد وهذا عندي إسناد حسن وفي حديث ابي سعيد إن أهل الجنة ليتراؤون أهل الغرف فوقهم كما تراؤون الكوكب الغابر في الافق وروى الترمذي واستغربه عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة لغرفا ترى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها فقام اعرابي فقال لمن هي يا رسول الله قال لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام .

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 02:25 AM
فصل
في خيام اهل الجنة



للعبد فيها خيمة من لؤلؤ*** قد جوفت هي صنعة الرحمن
ستون ميلا طولها في الجو في*** كل الزوايا أجمل النسوان
يغشى الجميع فلا يشاهد بعضهم*** بعضا وهذا لاتساع مكان
فيها مقاصير بها الأبواب من*** ذهب ودر زين بالمرجان
وخيامها منصوبة برياضها*** وشواطئ الأنهار ذي الجريان
ما في الخيام سوى التي لو قابلت*** للنيرين لقلت منكسفان
لله هاتيك الخيام فكم بها*** للقلب من علق ومن أشجان
فيهن حور قاصرات الطرف خيـ***ـرات حسان هن خير حسان
خيرات أخلاق حسان أوجها*** فالحسن والاحسان متفقان



قد تقدم حديث ابي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤ واحدة مجوفة طولها ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا متفق عليه وعن ابن مسعود في قوله ( مقصورات في الخيام ) الرحمن قال در مجوف وروى ابن المبارك عن ابي الدرداء قال الخيمة لؤلؤة واحدة لها سبعون بابا من در

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 02:28 AM
فصل
في أرائكها وسررها




فيها الأرائك وهي من سرر عليـ***ـهن الحجال كثيرة الألوان
لا تستحق اسم الأرائك دون ها***تيك الحجال وذاك وضع لسان
بشخنانة يدعونها بلسان فا***رس وهو ظهر البيت ذي الأركان




قال تعالى ( متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين ) الطور وقال تعالى ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين ) الواقعة وقال تعالى ( فيها سرر مرفوعة ) الغاشية فأخبر تعالى عن سررهم بأنها مصفوفة بعضها إلى جانب بعض ليس بعضها خلف بعض ولا بعيدا من بعض والوضين في لغتهم النضة والنسج المضاعف بعضه فوق بعض وقال الليث الوضن نسج السرير وأشباهه قالوا موضونة منسوجة بقصبات الذهب مشبكة بالدر والياقوت والزبرجد قال ابن عباس سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت والسرير مثل ما بين مكة وأيله وقال الكلبي طول السرير في السماء مائة ذراع فاذا أراد الرجل أن يجلس عليه تواضع له حتى يجلس عليه فإذا جلس عليه ارتفع إلى مكانه وأما الأرائك فهي جمع اريكة حتى يكون السرير في الحجلة فان كان سرير بغير حجلة لا يكون أريكة وان كانت حجلة بغير سرير لم يكن أريكة ولا يكون أريكة إلا والسرير في الحجلة فإذا اجتمعا كانت أريكة وقال مجاهد هي الاسرة في الحجال وقال الليث الأريكة سرير حجلة فالحجلة والسرير أريكة وقال ابو أبو اسحق الارائك الفرش في الحجال
قال الناظم في حادي الأرواح قلت هاهنا ثلاثة أشياء أحدها السرر والثاني الحجلة وهي البشخانة التي تعلق فوقه والثالثة الفراش الذي على السرير ولا يسمى السرير أريكة حتى يجتمع ذلك كله وفي الصحاح الأريكة سرير متخذ مزين في قبة أو بيت فإذا لم يكن فيه سرير فهو حجلة وفي الحديث أن خاتم النبي صلى الله عليه وسلم كان مثل زر الحجلة وهو الزر الذي يجمع بين طرفيها من جملة أزرارها قوله بشخانة يدعونها الخ أي إن الأريكة تسمى بلسان الفرس بشخانة

حفيد الصحابة
04-11-2007, 03:05 AM
ماشاء الله مجهود رائع|

جزاك الله خيراً

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 03:08 AM
جزانا وإياك ياحبيب ،،
بارك الله لك وعليك ،، وبارك سبحانه فيك .

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 09:45 AM
فصل
في أشجارها وثمارها وظلالها






أشجارها نوعان منها ما له *** في هذه الدنيا مثال ثان
كالسدر أصل النبق مخضود مكا***ن الشوك من ثمر ذوي ألوان
هذا وظل السدر من خير الظلا***ل ونفعه الترويح للأبدان
وثماره أيضا ذوات منافع*** من بعضها تفريح ذي الأحزان
والطلح وهو الموز منضود كما*** نضدت يد بأصابع وبنان
أو أنه شجر البوادي موقرا*** حملا مكان الشوك في الأغصان
وكذلك الرمان والأعناب التي منها القطوف دوان

ذكر الناظم في هذا الفصل أن أشجار الجنة نوعان منها ماله نظير في هذه الدنيا والنوع الثاني ما لا نظير له في الدنيا وبدأ بالنوع الأول وهو الذي له مثل في هذه الدنيا وقد قال تعالى ( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ) وقال تعالى ( ذواتا أفنان ) جمع فنن وهو الغصن وقال ( فيها فاكهة ونخل ورمان )
قال الناظم في حادي الأرواح والمخضوض الذي قد خضد شوكه أي نزع وقطع فلا شوك فيه هذا قول ابن عباس ومجاهد ومقاتل وقتادة وأبي الأحوص وقسامة بن زهير واحتجوا بحجتين الأولى أن الخضد في اللغة القطع خضدت الشجر قطعت شوكة فهو خضيد ومخضود والثانية ما روى ابن ابي داود عن عتبة السلمي قال كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا أعلم شجرة أكثر شوكا منها يعني الطلح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد جعل مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصوة التيس الملبود فيها سبعون لونا من الطعام لا يشبه لونا آخر الملبود الذي قد اجتمع شعره بعضه إلى بعض وروى ابن المبارك عن سليم بن عامر قال أقبل أعرابي يوما فقال ذكر الله في الجنة شجرة مؤذية وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها قال وما هي قال السدر فإن له شوكا مؤذيا قال أليس يقول عز وجل ( في سدر مخضود ) خضد الله شوكة فجعل مكان كل شوكة ثمرة وقالت طائفة هو الموقر حملا ولم يصب الذي أنكروا هذا القول وهو صحيح وأربابه ذهبوا إلى أن الله لما خضد شوكه فأذهبه وجعل مكان كل شوكة ثمرة أوقره بالحمل الحديثان المذكوران يجمعان القولين ومن قال المخضود ما لا يعقر لا يرد اليد منه شوك ولا أذى فقد فسره بلازم المعنى وهكذا غالب المفسرين يذكرون لازم المعنى المقصود تارة وفردا من أفراده تارة ومثالا من أمثلته فيحكيها الجماعون للغث والسمين أقوالا مختلفة ولا اختلاف بينها وأما الطلح فأكثر المفسرين أنسه شجر الموز وهذا قول علي وابن عباس وابي هريرة وأبي سعيد الخدري وقالت طائفة بل هو شجر عظام طوال من البوادي الكثير الشوك وله نور ورائحة طيبة وظل ظليل قال ابن قتيبة هو الذي نضد بالحمل أو بالورق فليس له ساق بارز وقال مسروق ورق الجنة نضد من أسفلها إلى أعلاها وأنهارها تجري من غير أخدود وقال الليث الطلح شجر أم غيلان من أعظم العضاة شوكا وأصلبه عودا وأجوده صمعنا قال أبو اسحاق له نور طيب الرائحة وليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسامي والظاهر أن التفسير بالموز تمثيل به لحسن نضده والا فالطلح في اللغة هو الشجر العظام من البوادي والله أعلم



هذا ونوع ما له في هذه الد***نيا نظير كي يرى بعيان
يكفي من التعداد قول إلهنا*** من كل فاكهة بها زوجان
وأتو به متشابها في اللون مخـ***ـتلف الطعوم فذاك ذو ألوان
أو أنه متشابه في الاسم مخـ***ـتلف الطعوم فذاك قول ثان


قال الله تعالى ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها )
قال الناظم قال مجاهد ما أشبههه به وقال ابن زيد يعرفونه وقال آخرون قيل هذا لشدة مشابهة بعضه بعضا في اللون والطعم وهو أعظم من المشابهة التي بينها وبين ثمار الدنيا ولشدة المشابهة قالوا هذا هو قال أبو عبيدة كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى قال الحسن وقتادة وابن جريج وجماعة خيار كله لارذل فيه وعلى هذا فالمراد بالمشابهة التوافق والتماثل وقال ابن مسعود وابن عباس وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متشابها في اللون والمرئي وليس يشبه الطعم الطعم وقال مجاهد متشابها لونه مختلفا طعمه وكذلك قال الربيع ابن أنس وقال يحيى ابن أبي كثير عشب الجنة الزعفران وكثبانها المسك ويطوف عليهم الولدان بالفاكهة فيأكلونها ثم يأتون بمثلها فيقولون هذا الذي جئتمونا به آنفا فيقول لهم الخدم كلو فإن اللون واحد والطعم مختلف وقال عبد الرحمن بن زيد يعرفون اسماءه كما كانوا في الدنيا التفاح بالتفاح والرمان بالرمان وليس هو مثله في الطعم واختاره ابن جرير



أو أنه وسط خيار كله*** فالفحل منه ليس ذا ثنيان
أو أنه لثمارنا ذي مشبه*** في اسم ولون ليس يختلفان
لكن لبهجتها ولذة طعمها*** أمر سوى هذا الذي تجدان



قال الله تعالى ( وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة )
روى الطبراني عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى
قوله لم تنقطع أبدا الخ قال الله تعالى ( لا مقطوعة ولا ممنوعة ) أي لا تكون في وقت دون وقت ولا يمنع من ارادها




فيلذها في الأكل عند منالها*** وتلذها من قبله العينان
قال ابن عباس وما بالجنة الـ***ـعليا سوى أسماء ما تريان
يعني الحقائق لا تماثل هذه*** وكلاهما في الاسم متفقان
يا طيب هاتيك الثمار وغرسها*** في المسك ذاب الترب للبستان
وكذلك الماء الذي يسقى به*** ياطيب ذاك الورد للظوآن
وإذا تناولت المار أتت نظيـ***ـرتها فحلت دونها بمكان
لم تنقطع أبدا ولم ترقب نزو***ل الشمس من حمل إلى ميزان


وكذاك لم تمنع ولم يحتج إلى*** أن يرتقي للقنو في العيدان
القنو واحد الأقناء والعيدان جمع عيدانه وهي النخل الطوال
بل ذللت القطوف فكيف ما***شئت انتزعت بأسهل الإمكان




قال الله تعالى ( قطوفها دانية )
القطوف جمع قطف وهو ما يقطف أي ثمارها دانية قريبة ممن يتناولها فيأخذها كيف شاء قال البراء بن عازب يتناول الثمرة وهو نائم
وقال تعالى ( ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا )
قال ابن عباس إذا هم أن يتناولها تدلت إليه حتى يتناول ما يريد وقال غيره قربت اليهم مذللة كيف شاؤوا فهم يتناولونها قياما وقعودا ومضجعين فيكون كقوله ( قطوفها دانية )
ومعنى تذليل القطف تسهيل تناوله وفي نصب دانية وجهان احدهما أنه على الحال عطفا على قوله متكئين والثاني أنه صفة الجنة

بل ذللت القطوف فكيف ما***شئت انتزعت بأسهل الإمكان
ولقد أتى خبر بأن الساق من*** ذهب رواه الترمذي ببيان



روى الترمذي وحسنه عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب




قال ابن عباس وهاتيك الجذو***ع زمرد من أحسن الألوان
ومقطعاتهم من الكرم الذي***فيها ومن سعة من العقيان
وثمارها ما فيه من عجم كأمـ***ـثال القلال فجلّ ذو الإحسان



روى ابن المبارك عن ابن عباس قال نخل الجنة جذوعها من زمرد اخضر وكربها ذهب أحمر وسعفها كسوة لأهل الجنة فيها مقطعاتهم وحللهم وثمرها أمثال القلال والدلاء أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد ليس له عجم .


وظلالها ممدودة ليست تقي*** حرا ولا شمسا وأنى ذان
أو ما سمعت بظل أصل واحد*** فيه يسير الراكب العجلان
مائة سنين قدرت لا تنقضي*** هذا العظيم الأصل والأفنان
ولقد روى الخدري أيضا أن طو***بى قدريها مائة بلا نقصان
تتفتح الأكمام فيها عن لبا***سهم بما شاءوا من الألوان

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 09:49 AM
فصل
في سماع أهل الجنة




قال ابن عباس ويرسل ربنا*** ريحا تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتا تلذ لمسمع ال***إنسان كالنغمات بالأوزان
يا لذة الأسماع لا تتعوضي*** بلذاذة الأوتار والعيدان
أو ما سمعت سماعهم فيها غنا***ء الحور بالأصوات والألحان
واها لذيّاك السماع فإنه*** ملئت به الأذنان بالاحسان
واها لذيّاك السماع وطيبه*** من مثل أقمار على أغصان
واها لذيّاك السماع فكم به*** للقلب من طرب ومن أشجان
واها لذيّاك السماع ولم أقل*** ذيّاك تصغيرا له بلسان
ما ظن سامعه بصوت أطيب الـ*** أصوات من حور الجنان حسان
نحن النواعم والخوالد خيرا***ت كاملات الحسن والاحسان
لسنا نموت ولا نخاف وما لنا*** سخط ولا ضغن من الأضغان
طوبى لمن كنا له وكذاك طو***بى للذي هو حظنا لفظان
في ذاك آثار روين وذكرها*** في الترمذي ومعجم الطبراني
ورواه يحيى شيخ الأوزاعي تفـ***ـسيرا للفظة يحبرون أغان




قوله واها قد تقدم تفسير ذلك
قال الله تعالى ( ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون )
قال يحيى بن ابي كثير الحبرة اللذة والسماع ولا يخالف هذا قول ابن عباس يكرمون وقول مجاهد وقتادة ينعمون فلذة الاذن بالسماع من الحبرة والنعم وروى الترمذي واستغربه عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة لمجتمعا للحور العين يرفعن أصواتهم لم تسمع الخلائق بمثلها يقلن نحن الخالدت فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن كان لنا وكنا له وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال إن في الجنة نهرا طول الجنة حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنين باصوات حتى يسمعها الخلائق ما يرون في الجنة لذة مثلها قلنا يا ابا هريرة وما ذلك الغناء قال إن شاء الله التسبيح والتقديس والتحميد وثناء على الرب عز وجل هكذا رواه موقوفا جعفر الفرياني وروى ابو نعيم عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة شجرة جذوعها من ذهب وفروعها من زبرجد ولؤلؤ فتهب لها الريح فتصفق فما سمع السامعون بصوت شيء قط ألذ منه وروى جعفر الفرياني عن خالد بن معدان عن ابي امامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يدخل إلا ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين تغنيانه بأحسن صوت سمعه الانس والجن وليس بمزامير الشيطان وروى الطبراني عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ازواج اهل الجنة ليغنين ازواجهن بأحسن أصوات سمعها احد قط إن مما يغنين به نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ينظرون بقرة أعيان وإن مما يغنين به نحن الخالدات فلا تمتنه نحن الآمنات فلا تخفنه نحن المقيمات فلا تظعنه تفرد به ابن أبي مريم وروى ابن وهب أنه قال رجل من قريش لابن شهاب هل في الجنة سماع فانه حبب الي السماع فقال إي والذي نفس ابن شهاب بيده ان في الجنة شجرا حمله اللؤلؤ والزبرجد تحه حور ناهدات يغنين بألوان يقلن نحن الناعمات فلا نبأس ونحن الخالدات فلا نموت فإذا سمع ذلك الشجر صفق بعضه بعضا فاجبن الجواري فلا ندري أصوات الجواري احسن ام اصوات الشجر ولهم سماع أعلى من هذا وروى ابن ابي الدنيا عن الاوزاعي قال بلغني أنه ليس من خلق الله أحسن صوتا من اسرافيل فيأمره الله تعالى فيأخذ في السماع فما يبقى ملك إلا وقطع عليه صلاته فيمكث بذلك ما شاء الله ان يمكث فيقول الله عز وجل وعزتي لو يعلم العباد قدر عظمتي ما عبدوا غيري وعن محمد ابن المنكدر قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الذين كانوا ينزهون أسماعهم وأنفسهم عن مجالس اللهو ومزامير الشيطان أسكنوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة اسمعوهم تمجيدي وتحميدي وروى ابن ابي الدنيا عن مالك بن دينار في قوله تعالى ( وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب )
قال إذا كان يوم القيامة أمر بمنبر رفيع فيوضع في الجنة نودي يا داود مجدني بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في دار الدنيا قال فيستفرغ صوت داود نعيم أهل الجنة وروى حماد ابن سلمة عن شهر بن حوشب أن الله جل ثناؤه يقول لملائكته إن عبادي كانوا يحبون الصوت الحسن في الدنيا فيدعونه من اجلي فأسمعوا عبادي فيأخذون بأصوات من تسبيح وتكبير لم يسمعوا بمثله قط وعن ابن عباس قال في الجنة شجرة على ساق قدر ما يسير الراكب في ظلها مائة عام فيتحدثون في ظلها فيشتهي بعضهم فيذكر لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة فيحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا ولهم سماع أعلى من هذا يضحمل دونه كل سماع وذلك حين يسمعون كلام الرب جل جلاله وسلامه عليهم وخطابه ومحاضرته لهم ويقرأ عليهم كلامه فإذا سمعوه منه كأنهم لم يسمعوه قبل ذلك روى أبو الشيخ عن عبد الله بن بريدة قال إن أهل الجنة يدخلون كل يوم مرتين على الجبار جل جلاله فيقرأ عليهم القرآن وقد جلس كل امريء منهم مجلسه الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزبرجد والذهب والزمرد فلم تقر أعينهم بشيء ولم يسمعوا شيئا قط أعظم وأحسن منه ثم ينصرفون إلى رحالهم ناعمين قريرة أعينهم إلى مثلها من الغد .




نزه سماعك إن أردت سماع ذيـ***ـاك الغناء عن هذه الألحان
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحـ***ـرم ذا وذا يا ذلة الحرمان
إن اختيارك للسماع النازل الـ***أدنى على الأعلى من النقصان
والله إن سماعهم في القلب والـ***إيمان مثل السم في الأبدان
والله ما انفك الذي هو دأبه*** أبدا من الإشراك بالرحمن
فلقلب بيت الرب جل جلاله*** حبا وإخلاصا مع الإحسان
فإذا تعلق بالسماع اصاره*** عبدا لكل فلانة وفلان
حب الكتاب وحب ألحان الغنا*** في قلب عبد ليس يجتمعان
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا*** تقييده بشرائع الايمان
واللهو خف عليهم لما رأوا*** ما فيه من طرب ومن ألحان
قوت النفوس وإنما القرآن قو***ت القلب أنى يستوي القوتان
ولذا تراه حظ ذي النقصان كالـ***ـجهال والنسوان والصبيان
وألذهم فيه أقلهم من العقل*** الصحيح فسل أخا العرفان
يا لذة الفساق لست كلذة الـ***أبرار في عقل ولا قرآن



شرع الناظم رحمه الله تعالى في التحذير من سماع الأغاني والألحان وللعلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة مصنفات مفردة كالامام أبي بكر الطرطوشي والقاضي أبي الطيب الطبري وللحافظ ابن رجب نزهة الأسماع في مسألة السماع وغيرهم وهو من مكائد الشيطان التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين وصاد بها قلوب المبطلين والجاهلين سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة هو الذي يصد القلوب عن القرآن ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان فهو قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن وهو رقية اللواط والزنا وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقة غاية المنى كادبة الشيطان النفوس المبطلة وحسنه لها مكرا منه وغرورا وأوحى اليها الشبه الباطلة على حسنه فقبلت النفوس وحيه واتخذت لأجله القرآن مهجورا فلو رأيتهم عند ذاك السماع وقد خشعت منهم الأصوات وهدأت منهم الحركات وعكفت قلوبهم بكليتها عليه وانصبابها انصبابة واحدة اليه فتمايلوا له كتمايل النشوان وتكسروا في حركاتهم ورقصهم ولا تحرك المخانيث والنسوان ويحق لهم ذلك وقد خالط خمارة النفوس ففعل فيها أعظم مما يفعله حميا الكؤوس فلغير الله بل للشيطان قلوب هناك تمزق وأثواب تشقق وأموال في غير طاعة الله تنفق حتى إذا عمل السكر في عمله وبلغ الشيطان منهم أمنيته وأمله واستفزهم بصوته وحيله وأجلب عليهم بخيله ورجله وخز في صدورهم وخزا وأزهم إلى ضرب الأرض بالأقدام أزا فطورا يجعلهم كالحمير حول المدار وتارة كالذباب يترقص وسط الديار فيا رحمتا للسقوف والأرض من دك تلك الأقدام واسوأتا من أشباه الحمير والأنعام وشماته أعداء الاسلام بالذين يزعمون أنهم خواص الاسلام قال الامام ابو بكر الطرطوشي في خطبة كتابه في تحريم السماع الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ونسأل الله ان يرينا الحق حقا فنتبعه والباطل باطلا فنجتنبه وقد كان الناس فيما مضى يتستر أحدهم بالمعصية اذا واقعها ثم يستغفر الله ويتوب اليه منها ثم كثر الجهل وقل العلم ونناقص الأمر حتى صار أحدهم يأتي بالمعصية جهارا ثم ازداد الأمر إدبارا حتى بلغنا ان طائفة من اخواننا المسلمين وفقنا الله واياهم استزلهم الشيطان واستغوى عقولهم في حب الأغاني واللهو وسماع الطقطقة والتغبير واعتقدته من الدين الذي يقربهم إلى الله وجاهرت به جماعة المسلمين وشاقت سبيل المؤمنين وخالفت الفقهاء والعلماء وحملة الدين ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )
فرأيت أن أوضح الحق وأكشف من شبه اهل الباطل بالحجج التي تضمنها كتاب الله وسنة رسوله وأبدأ بذكر اقاويل العلماء الذين تدور الفتيا عليهم في أقاصي الأرض وأدانيها حتى تعلم هذه الطائفة أنها قد خالفت علماء المسلمين في بدعتها والله ولي التوفيق ثم قال أما مالك فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه قال واذا اشترى جارية فوجدها مغنية فله ان يردها بالعيب وسئل مالك عما ترخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال إنما يفعله عندنا الفساق قال وأما أبو حنيفة فإنه يكره الغناء ويجعله من الذنوب وكذلك مذهب أهل الكوفة سفيان وحماد وابراهيم والشعبي وغيرهم لا اختلاف بينهم في ذلك ولا نعلم خلافا أيضا بين أهل البصرة في المنع منه قال الناظم رحمه الله تعالى مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب وقوله فيه أغلظ الأقوال وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف حتى والضرب بالقضيب وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد به الشهادة وأبلغ من ذلك قالوا إن السماع فسق والتلذذ به كفر هذا لفظهم ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه قالوا ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره وأما الشافعي فقال في كتاب أدب القضاء إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل والمحال ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب اليه حله كالقاضي أبي الطيب الطبري والشيخ أبي اسحاق وابن الصباغ قال الشيخ ابو اسحاق في التنبيه ولا يصح يعني الاجارة على منفعة محرمة كالغناء والزمر وحمل الخمر ولم يذكر فيه خلافا وقال في المهذب ولا يجوز على المنافع المحرمة لأنه محرم فلا يجوز أخذ العوض عنه كالميته والدم فقد تضمن كلامه أمورا أحدها أن منفعة الغناء بمجرده منفعة محرمة الثاني أن الاستئجار عليها باطل الثالث أن أكل المال به أكل مال باطل بمنزلة أكله عوضا عن الميتة والدم الرابع أنه لا يجوز للرجل بذل ماله للمغني ويحرم عليه ذلك فانه بذل ماله في مقابلة محرم وأن بذله في ذلك كبذله في مقابلة الدم والميتة الخامس أن الزمر حرام فان كل الزمر الذي هو أخف آلات اللهو حراما فكيف بما هو اشد منه كالعود والطنبور واليراع ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك فأقل ما فيه أنه من شعار الفساق وشاربي الخمر وقد تواتر عن الشافعي رحمه الله أنه قال خلفت ببغداد شيئا أحدثه الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن فإذا كان هذا قوله في التغبير وتعليله أنه يصد عن القرآن وهو شعر مزهد في الدنيا يغني به مغن فيضرب بعض الحاضرين بقضيب نطع أو مخدة على توقيع غناه فليت شعري ما يقول في سماع التغبير عنده كتفلة في بحر قد اشتمل على كل مفسدة وكل محرم فالله بين دينه وبين كل متعلم مفتون وعبد جاهل وأما مذهب الامام احمد فقال عبد الله ابنه سألت أبي عن الغناء فقال الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ثم يذكر قول مالك إنما يفعله عندنا الفساق قال عبد الله وسمعت أبي يقول لو أن رجلا عمل بكل رخصة بقول أهل الكوفة في النبيذ وأهل مكة في المتعة لكان فاسقا قال أحمد وقال سليمان التيمي لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله ونص في أيتام ورثوا جارية مغنية وأرادوا بيعها قال لا تباع إلا على أنها ساذجة قالوا إذا بيعت مغنية ساوت عشرين ألفا أو نحوها واذا بيعت ساذجة لا تساوى ألفين فقال لا تباع إلا على أنها ساذجة ولو كانت منفعة الغناء مباحة لما فوت هذا المال على الايتام


وقد أحسن الناظم رحمه الله تعالى في قوله:

تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة *** لكنه إطراق ساه لاهي
وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا *** والله ما رقصوا لأجل الله
دف ومزمار ونغمة شادن *** فمتى شهدت عبادة بملاهي
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا *** تقييده بأوامر ونواهي
سمعوا له رعدا وبرقا إذ حوى *** زجرا وتخويفا بفعل مناهي
ورأوه أعظم قاطع للنفس عن *** شهواتها يا ويحها المتناهي
وأتى السماع موافقا أغراضها *** فلأجل ذا غدا عظيم الجاه
أين المساعد للهوى من قاطع *** أسبابه عند الجهول الساهي
إن لم يكن خمر الجسوم فإنه *** خمر العقول مماثل ومضاهي
فانظر إلى النشوان عند شرابه *** وانظر إلى النشوان عند ملاهي
وانظر إلى تمزيق ذا أثوابه *** من بعد تمزيق الفؤاد اللاهي
واحكم بأي الخمرتين أحق بالتحريم والتأثيم عند الله


وقد أكثر العلماء الكلام على هذا السماع الشيطاني المحدث ولكن آثرنا لاختصار والله أعلم

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 09:54 AM
فصل
في انهار الجنة




أنهارها في غير أخدود جرت*** سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاؤوا مفجـ***ـرة وما للنهر من نقصان
عسل مصفى ثم ماء ثم خمـ***ـر ثم أنهار من الألبان
والله ما تلك المواد كهذه*** لكن هما في اللفظ مجتمعان
هذا وبينهما يسير تشابه*** وهو اشتراك قام بالأذهان



روى ابن ابي الدنيا عن انس بن مالك قال إنكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض لا والله إنها لسائحه على وجه الأرض إحدى حافتيها اللؤلؤ والآخر الياقوت وطينه المسك الاذفر قال معاوية بن قرة ما الأذفر قال معاوية بن قرة ما الأذفر قال الذي لا خلط له رواه ابن مروديه في تفسيره عن أنس مرفوعا هكذا وروى ابو خيثمة عن انس أنه قرأ هذه الآية ( إنا أعطيناك الكوثر )

فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت الكوثر فاذا هو نهر يجري ولم يشق شقا واذا حافتاه قباب اللؤلؤ فضربت بيدي إلى تربته فاذا مسك أذفر واذا حصباؤه اللؤلؤ وروى سفيان الثوري عن مسروق في قوله تعالى ( وماء مسكوب ) قال أنهار تجري في غير أخدود ونخل طلعها هضيم من اصلها الى فرعها أو كلمة نحوها قوله من تحتهم تجري الخ قد تكرر في القرآن الكريم في عدة مواضع قوله تعالى ( جنات عدن تجري من تحتها الأنهار ) وفي موضع ( تجري تحتها الأنهار ) وفي موضع ( تجري من تحتهم الأنهار ) وهذا يدل على أمور أحدها وجود الأنهار فيها حقيقة والثاني أنها جارية لا واقفة والثالث أنها تحت غرفهم وقصورهم وبساتينهم كما هو المعهود في أنهار الدنيا وقد ظن المفسرين أن معنى ذلك جريانها بأمرهم وتصريفهم لها كيف شاؤوا وهؤلاء أتو من ضعف الفهم فإن أنهارها وإن جرت في غير أخدود فهي تحت القصور والمنازل والغرف وتحت الأشجار وهو سبحانه لم يقل من تحت أرضها وقد أخبر عن جريان الأنهار تحت الناس في الدنيا فقال ( ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض مالم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم) فهذا على المعهود المتعارف وكذلك ما حكاه عن قول فرعون ( وهذه الأنهار تجري من تحتي ) وقال تعالى ( فيهما عينان نضاختان ) أي بالماء والفواكه قاله سعيد وقال انس بالمسك والعنبر تنضخان على دور أهل الجنة كما ينضخ المطر على دور أهل الدنيا وقال البراء اللتان تجريان أفضل من النضاختين رواها ابن ابي شيبة وقال تعالى ( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم ) فذكر سبحانه هذه الأجناس الأربعة ونفى عن كل واحد منهما الآفة التي تعرض له في الدنيا فآفة الماء أن يأسن ويأجن من طول مكثه وآفة اللبن أن يتغير طعمه الى الحموضة وأن يصير قارصا وآفة الخمر كراهة مذاقها المنافي للذة شربها وآفة العسل عدم تصفيته وهذا من أيات الرب تعالى أن يجري أنهارا من أجناس لم تجر العادة في الدنيا باجرائها ويجريها في غير أخدود وينفى عنها الآفات التي تمنع كمال اللذة بها كما نفى عن خمر الجنة جميع آفات خمر الدنيا من الصداع والغول واللغو ونزف المال وتصدع الرأس وهي كريهة المذاق وهي رجس من عمل الشيطان توقع العداوة والبغضاء بين الناس وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة وتدعو الى الزنا وربما دعت الى الوقوع على البنت وذوات المحارم وتذهب الغيرة وتورث الخزي والندامة والفضيحة وتلحق شاربها بأنقص نوع الانسان وهم المجانين وتسلبه أحسن الاسماء والصفات وتكسوه أقبح الأسماء والصفات وآفات الخمر أضعاف أضعاف ما ذكرناه وكلها منفية عن خمر الجنة .

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 09:57 AM
فصل
في طعام أهل الجنة




وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم*** ولحوم طير ناعم وسمان
وفواكه شتى بحسب مناهم*** يا شبعة كملت لذي الايمان
لحم وخمر والنسا وفواكه*** والطيب مع روح ومع ريحان
وصحافهم ذهب تطوف عليهم*** بأكف خدام من الولدان
وانظر الى جعل اللذاذة للعيو***ن وشهوة للنفس في القرآن
للعين فيها لذة تدعو إلى*** شهواتها بالنفس والأمران
سبب التناول وهو يوجب لذة*** أخرى سوى ما نالت العينان




قال تعالى ( إن المتقين في ظلال وعيون وفواكه مما يشتهون كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون )
وقال تعالى ( مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها )
وقال تعالى ( وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون يتنازعون فيها كأسا لالغو فيها ولا تأثيم)
وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل أهل الجنة ويشربون ولا يتمخطون ولا يتغوطون ولا يبولون طعامهم ذلك جشاء كريح المسك يلهمون التسبيح والحمد وفي المسند والنسائي بسند صحيح عن زيد بن ارقم قال جاء رجل من اهل الكتاب الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا القاسم تزعم أن اهل الجنة يأكلون ويشربون قال نعم والذي نفس محمد بيده إن أحدهم ليعطي قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة قال فإن الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة وليس في الجنة أذى قال يكون حاجة أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كريح المسك فيضمر بطنه ورواه الحاكم في صحيحه بنحوه وروى الحسن بن عرفة عن ابن مسعود قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخرج من يديك مشويا وروى الحاكم عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة طيرا أمثال البخاتي فقال أبو بكر إنها لناعمة يا رسول الله قال أنعم منها من يأكلها وأنت ممن يأكلها وروى الحاكم عن قتادة في قوله تعالى ( ولحم طير مما يشتهون )
نحوه بلفظة أخرى وعن ابن عمرو في قوله تعالى ( ويطاف عليهم بصحاف من ذهب )
قال بسبعين صحفة كل صحفة فيها لون ليس في الأخرى وروى الدراوردي عن أنس بن مالك أنه قال في الكوثر ويرفعه فيه طيور أعنافها كأعناق الجزر فقال عمر إنها لناعمة فقال أكلها أنعم منها في رواية أبو بكر بدل عمر
وقال تعالى ( يطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبنهم لؤلؤا منثورا )
قال أبو عبيدة والفراء مخلدون لا يهرمون ولا يتغيرون وقال آخر مخلدون مقرطون مسورون في آذانهم القرطة وفي أيديهم الأساور وهذا ابن الأعرابي قال الأولون الخلد هو البقاء قال ابن عباس لا يموتون وهذا قول مجاهد ومقاتل والكلبي وجمعت طائفة بين القولين لا يعرف لهم الكبر والهرم وفي آذانهم القرطة وشبههم باللؤلؤ لما فيه من البياض وحسن الخلقة وفي كونه منثورا فائدتان احداهما أنهم غير معطلين بل مثبوثون في خدمتهم وجوائحهم والثاني أن اللؤلؤ إذا كان منثورا لا سيما على بساط من ذهب أو حرير كان أحسن لمنظره وأبهى من كونه مجموعا في مكان وفي حديث انس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول الناس إذا بعثوا وفيه يطوف على ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون المكنون المستور المصون الذي لم تبتذله الأيدي
وقول الناظم وانظر إلى جعل اللذاذة للعيون الخ أي انظر إلى اللذاذة التي تحصل بالعيون بسبب النظر إلى ألوان الذين هم كاللؤلؤ المنثور وشهوة النفس لما في الصحاف التي يطوفون بها فاجتمع لهم لذة النظر ولذة الشهوة لما في الصحاف وذلك يوجب لذة أخرى فتكمل لهم اللذة والله اعلم

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 10:00 AM
فصل
في شرابهم




يسقون فيها من رحيق ختمه*** بالمسك أوله كمثله الثاني
من خمرة لذت لشاربها بلا*** غول ولا داء ولا نقصان
والخمر في الدنيا فهذا وصفها*** تغتال عقل الشارب السكران
وبها من الأدواء ما هي أهله*** ويخاف من عدم لذي الوجدان
فنفى لنا الرحمن أجمعها عن الـ***ـخمر التي في جنة الحيوان



قال تعالى ( يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون )
رحيق مختوم أي الخمر ختم بالمسك وعن ابن مسعود ختامه مسك أي خلطه وليس بخاتم ختم


قال الناظم قلت يريد والله أعلم أن آخره مسك يخالطه فهو من الخاتمة ليس من الخاتم وهو قول علقمة ومسروق قال يجدون عاقبتها طعم المسك وقال مجاهد طيبه مسك كأنه يريد ما يبقى في أسفل الاناء من الدردي وقال أبو الدرداء هو أي ختامه مسك شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر شرابهم لو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل يده فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها رواه الحاكم

قوله من خمرة لذت لشاربها الخ نفى الله سبحانه عن خمر الجنة جميع آفات خمر الدنيا من الصداع والغول واللغو والانزاف وعدم اللذة فهذه خمس آفات من آفات خمر الدنيا تغتال العقل وتكثر اللغو على شربها بل ولا يطيب شربها ذلك إلا باللغو وتنزف في نفسها وتنزف المال وتصدع الرأس وهي كريهة المذاق وقد تقدم بعض آفاتها في فصل أنهار الجنة والله أعلم



وشرابهم من سلسبيل مزجه الـ***ـكافور ذاك شراب ذي الإحسان
هذا شرب أولي اليمين ولكن الـ***أبرار شربهم شرب ثان
يدعى بتسنيم سنام شرابهم*** شرب المقرب خيرة الرحمن
صفى المقرب سعيه فصفا له*** ذاك الشراب فتلك تصفيتان
لكن أصحاب اليمين فأهل مز***ج بالمباح وليس بالعصيان
مزج الشراب لهم كما مزجوا*** هم الأعمال ذاك المزج بالميزان
هذا وذو التخليط مزجى أمره*** والحكم فيه لربه الديان


قال تعالى ( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا )
قال بعض السلف معهم قضبان الذهب حيثما مالوا مالت معهم قيل الباء بمعنى من أي يشرب منها وقيل يروى بها وهذا أصح وألطف وقيل الباء الظرفية والعين اسم للمكان
وقال تعالى (ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا )
فأخبر سبحانه عن العين التي يشرب بها المقربون صرفا ان شراب الابرار يمزج منها لأن اولئك اخلصوا الاعمال كلها لله تعالى فأخلص شرابهم وهؤلاء فمزج شرابهم ونظير هذا قوله ( يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون )
فأخبر سبحانه عن مزاج شرابهم بشيئين بالكافور وبالزنجبيل فما في الكافور من البرد وطيب الرائحة ما يحدث لهم باجتماع الشرايين ومجيء أحدهما على الآخر حالة أخرى أكمل وأطيب وألذ من كل منهما بانفراده وتعدل كيفية كل منهما بكيفية الآخر وما ألطف ذكر الكافور في أول السورة والزنجبيل في آخرها فان شرابهم مزج أولا بالكافور والزنجبيل بعده فيعدله والظاهر أن الكأس الثانية غير الأولى وأنها نوعان لذيذان من الشراب أحدهما مزج بالكافور والثاني بالزنجبيل وأيضا فانه سبحانه أخبر عن مزج شرابهم بالكافور وبرده في مقابلة ما وصفهم به من حرارة الخوف والايثار والصبر والوفاء بجميع الواجبات التي نبه على وفائهم بأضعافها وهو ما أوجبوه على أنفسهم بالنذر على الوفاء بجميع الواجبات التي نبه على وفائهم بأضعافها وهو ما أوجبوه على أنفسهم بالنذر على الوفاء باعلاها وهو ما أوجبه الله عليهم ولهذا قال ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا )
فان في الصبر الخشونة وحبس النفس عن شهواتها ما اقتضى ان يكون في إجزائهم من سعة الجنة ونعومة الحرير ما يقابل ذلك الحبس والخشونة وجمع لهم بين النضرة والسرور وهذا جمال بواطنهم كما جملوا في الدنيا ظواهرهم بشرائع الاسلام وبواطنهم بحقائق الايمان أفاده الناظم رحمه الله تعالى

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 10:02 AM
فصل
في مصرف طعامهم وشرابهم وهضمه



هذا وتصريف المآكل منهم*** عرق يفيض لهم من الأبدان
كروائح المسك الذي ما فيه خلـ***ـط غيره من سائر الألوان
فتعود هاتيك البطون ضوامرا*** تبغي الطعام على مدى الأزمان
لا غائط فيها ولا بول ولا*** مخط ولا بصق من الانسان
ولهم جشاء ريحه مسك يكو***ن به تمام الهضم بالإحسان
هذا وهذا صح عنه فواحد*** في مسلم ولأحمد الأثران



قوله هذا صح عنه فواحد في مسلم الخ تقدم الحديث الذي رواه مسلم في ذلك من حديث جابر وتقدم الحديث الذي رواه الامام أحمد والنسائي من حديث زيد بن أرقم قال جاء رجل من اهل الكتاب الى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث قوله هذا وهذا أصح عنه الخ أي أن تصريف مآكل أهل الجنة قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث جابر أن ذلك جشاء ورشح كرشح المسك وفي حديث زيد بن أرقم أن ذلك يكون رشحا يفيض من جلودهم كرشح المسك قوله ولأحمد الأثران أي أن حديث جابر وحديث زيد بن أرقم قد رواهما الامام أحمد وأما مسلم فلم يرو الا حديث جابر ومع ذلك فهما صحيحان والله أعلم

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 10:07 AM
فصل
في لباس أهل الجنة




وهم الملوك على الأسرة فوق ها***تيك الرؤوس مرصع التيجان
ولباسهم من سندس خضر ومن*** استبرق نوعان معروفان
ما ذاك من دود بنى من فوقه*** تلك البيوت وعاد ذو طيران
كلا ولا نسجت على المنوال نسـ***ـج ثيابنا بالقطن والكتان
لكنها حلل تشق ثمارها*** عنها رأيت شقائق النعمان
بيض وخضر ثم صفر ثم حمـ***ـر كالرباط بأحسن الألوان
لا تقرب الدنس المقرب للبلى*** ما للبلى فيهن من سلطان
ونصيف احداهن وهو خمارها*** ليست له الدنيا من الأثمان
سبعون من حلل عليها لا تعو***ق الطرف عن مخ ورا الساقان
لكن يراه من ورا ذا كله*** مثل الشراب لدى زجاج أوان




قال الله تعالى ( إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين)
وقال ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات انا لا نضيع أجر من أحسن عملا اولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الانهار يحلون فيها من اساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك )
قال جماعة من المفسرين السندس من مارق الديباج والاستبرق ما غلظ منه وقال آخرون المراد به الصفيق وقال الزجاج هما نوعان من الحرير وأحسن الألوان الأخضر والبني لملابس الحرير فجمع لهم بين حسن منظر اللباس والتذاذ العين به وبين نعومته والتذاذ الجسم به وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من يدخل الجنة ينعم فلا يبأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال الناظم في حادي الارواح والظاهر أن الثياب المعينة لا يلحقها البلى ويحتمل أن المراد الجنس بل لا تزال عليه الثياب الجدد كما أنها لا ينقطع أكلها في جنسه بل كل مأكول يخلفه مأكول آخر والله أعلم وروى أحمد عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قيد سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا ومثلها معها ولقاب قوس أحدكم خير من الدنيا ومثلها معها ونصيف امرأة من الجنة خير من الدنيا ومثلها معها قلت وما النصيف قال الخمار وروى ابن وهب عن ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل في الجنة ليتكىء سبعين سنة قبل أن يتحول ثم نأتيه امرأة فتضرب على منكبيه فيظهر وجهه في خدها أصفى من المرآة وان ادنى لؤلؤة عليها لتضىء ما بين المشرق والمغرب فتسلم عليه فيرد السلام ويسألها من أنت فتقول انا المزيد وانه ليكون عليها سبعون حلة ثوبا ادناها مثل النعمان من طوبى فينقدها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك وان عليها التيجان وان ادنى لؤلؤة عليها لتضىء ما بين المشرق والمغرب
وروى أحمد عن ابن عمرو مرفوعا وفيه فقام آخر أي أعرابي فقال أخبرني عن ثياب أهل الجنة أتخلق خلقا أو تنسج نسجا فضحك بعض القوم فقال صلى الله عليه وسلم تضحكون من جاهل يسأل عالما فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة ثم قال أين السائل قال ها هو ذا يا رسول الله قال تشقق عنها ثمار الجنة ثلاث مرار وروى البيهقي عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ القرآن فقام به آناء الليل والنهار ويحل حلاله ويحرم حرامه خلطه الله بلحمه ودمه وجعله رفيق السفرة البررة واذا كان يوم القيامة كان القرآن له حجيجا فقال يا رب كل عامل يعمل في الدنيا يأخذ بعمله من الدنيا الا فلانا كان يقوم بي آناء اليل والنهار ويحل حلالي ويحرم حرامي يقول رب فأعطه فيتوجه الله تاج الملك ثم يكسوه من حلل الكرامة ثم يقول هل رضيت فيقول يا رب أرغب في أفضل من هذا فيعطيه الله الملك بيمينه والخلد بشماله ثم يقول هل رضيت فيقول نعم يا رب وروى ابن وهب عن ابي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قوله تعالى ( يحلون فيها من اساور من ذهب )
فقال ان عليهم التيجان إن أدنى لؤلؤة فيها لتضىء ما بين المشرق والمغرب قوله المنوال قال في القاموس والنول الوادي السائل وحبل السفينة وخشبه الحائك كالمنوال والمنوال جمع أنوال


انتهى كلامه

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 10:09 AM
فصل
في فرشهم وما يتبعها



والفرش من استبرق قد بطنت*** ما ظنكم بظهارة لبطان
مرفوعة فوق الأسرة يتكى*** هو والحبيب بخلوة وأمان
يتحدثان عن الأرائك ما ترى***حبين في الخلوات ينتجيان
هذا وكم زريبة ونمارق*** ووسائد صفت بلا حسبان




قال الله تعالى ( متكئين على فرش بطائنها من إستبرق )
قال تعالى ( وفرش مرفوعة )
فوصف الفرش بكونها مبطنة بالاستبرق وهذا يدل على أمرين احدهما أن طهارتها أعلى وأحسن من بطانتها لأنها للأرض وظهائرها للجمال والزينة والمباشرة قال سفيان الثوري عن عبد الله في قوله ( بطائنها من إستبرق )
قال هذه البطائن قد خبرتم عنها فكيف بالظهائر الثاني أنها فرش عالية لها سمك وحشو بين البطانة والظهارة وقد روي في سمكها وارتفاعها آثار إن كانت محفوظة فالمراد ارتفاع محلها كما روى الترمذي عن ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم
في قوله تعالى ( وفرش مرفوعة )
قال ارتفاعها كما بين السماء والارض ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام واستغربه الترمذي وقيل معناه ان الارتفاع المذكور للدرجات والفرش عليها وروى ابن وهب عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين الفراشين كما بين السماء والأرض وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ وروى الطبراني عن كعب قال مسيرة أربعين سنة وعن ابي امامة عند الطبراني قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفرش المرفوعة قال لو طرح فراش في أعلاها لوقع الى قرارها مائة خريف وفي رفع هذا الحديث نظر فقد روى ابن ابي الدنيا عنه قال لو أن أعلاها سقط ما بلغ أسفلها اربعين خريفا وأما البسط والزرابي
فقد قال تعالى ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان )
وقال تعالى ( فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة )
عن سعيد بن جبير قال الرفرف رباض الجنة والعبقري عتاق الزاربي وقال الحسن هي البسط وبه قال أهل المدينة وأما النمارق فقال الواحدي هي الوسائد واحدها نمرقة بضم النون وكسرها قال مقاتل هي الوسائد مصفوفة على الطنافس وزرابي يعني البسط والطنافس واحدها زريبة في قول جميع أهل اللغة والتفسير مبثوثة مبسوطة منشورة قوله فوق الأسرة يتكي الخ الاسرة جمع سرير متكئين قال في القاموس توكأ عليه تحامل واعتمد وانما جعل له متكأ
وقوله صلى الله عليه وسلم أما أنا فلا آكل متكأ أي جالسا المنكمش المتربع ونحوه من الهيئات المستدعية لكثرة الأكل بل كان جلوسه للأكل مستوفزا مقعيا غير تربع ولا متمكن وليس المراد الميل على شق كما يظنه عوام الطلبة وذكر الاتكاء لأنه حال الصحيح الفارغ القلب المتنعم البدن بخلاف المريض المهموم

وقوله تعالى ( متكئين على فرش... الآية )
منصوب على الحال من فاعل قوله ( ولمن خاف مقام ربه )
وانما جمع حملا على معنى من وقيل منصوب على المدح وقيل عاملها محذوف والتقدير يتنعمون متكئين أي مضطجعين أو متربعين

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 10:13 AM
فصل
في حلى أهل الجنة



والحلى أصفى لؤلؤ وزبرجد*** وكذاك أسورة من العقيان
ما ذاك يختص الاناث وانما*** هو للاناث كذاك للذكران
التاركين لباسه في هذه الد***نيا لأجل لباسه بجنان
أو ما سمعت بأن حليتهم الى*** حيث انتهاء وضوئهم بوزان
وكذا وضوء أبي هريرة كان قد*** فازت به العضدان والساقان
وسواه أنكر ذا عليه قائلا*** ما الساق موضع حلية الانسان
ما ذاك الا موضع الكعبين والز***نـدين لا الساقان والعضدان



قال الله تعالى ( إن الذين امنوا وعملوا الصالحات إن لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب )
الأية يحتمل أن يكون أساور من لؤلؤ وان تكون مركبة منهما معا والله أعلم وروى ابن ابي الدنيا عن وهب قال ان الله عز وجل منذ يوم خلق يصوغ علي أهل الجنة وعن الحسن الحلي في الجنة على الرجال أحسن منه على النساء وروى أحمد ابن منيع عن سعد ابن ابي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أن رجلا من اهل الجنة
اطلع فبدا سواره لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم وروى ابن وهب عن ابي امامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم وذكر حلي اهل الجنة فقال مسورون بالذهب والفضة مكللون بالدر عليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة وعليهم تاج كتاج الملوك شباب جرد مكحلون وفي الصحيحين والسياق لمسلم عن ابي حازم قال كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة وكان يمد يده حتى يبلغ إبطه فقلت يا أبا هريرة هذا الوضوء فقال يا بني فروخ أنتم هاهنا لو علمت أنكم ها هنا ما توضأت هذا الوضوء سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء



وكذاك أهل الفقه مختلفون في*** هذا وفيه عندهم قولان
والراجح الأقوى انتهاء وضوئنا*** للمرفقين كذلك الكعبان
هذا الذي قد حدد الرحمن في الـ***ـقرآن لا تعدل عن القرآن
واحفظ حدود الرب لا تتعدها*** وكذاك لا تجنح إلى النقصان
وانظر إلى فعل الرسول تجده قد***أبدى المراد وجاء بالتبيان
ومن استطاع يطيل غرته فمو***قوف على الراوي هو الفوقاني
فأبو هريرة قال ذا من كيسه*** فغدا يميزه أولو العرفان
ونعيم الراوي له قد شك في*** رفع الحديث كذا روى الشيباني
وإطالة الغرات ليس ببمكن*** أبدا وذا في غاية التبيان


قال الناظم في حادي الارواح وقد ساق حديث أبي هريرة المتقدم وقد احتج بهذا من يرى استحباب غسل العضد وإطالته والصحيح أنه لا يستحب وهو قول أهل المدينة وعن احمد روايتان والحديث لا يدل على الاطالة فان الحلية انما تكون زينا في الساعد والمعصم لا في العضد والكتف وأما قوله فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل فهذه الزيادة مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بين ذلك غير واحد من الحفاظ وفي مسند الامام احمد في هذا الحديث قال نعيم فلا أدري قوله فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل من تمام كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء قاله أبو هريرة من عنده وكان شيخنا رحمه الله يقول هذه اللفظة لا يمكن أن تكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فان الغرة لا تكون في اليد لا تكون الا في الوجه وإطالتها غير ممكنة إذ تدخل في الرأس ولا يسمى ذلك غرة

أبو عمر الأزهري
04-11-2007, 10:21 AM
فصل
في صفة عرائس الجنة وحسنهن وجمالهن ولذة وصالهن ومهورهن



يا من يطوف بكعبة الحسن التي*** حفت بذاك الحجر والأركان
ويظل يسعى دائما حول الصفا*** ومحسّر مسعاه لا العلمان
ويروم قربان الوصال على منى*** والخيف يحجبه عن القربان
فلذا تراه محرما أبدا ومو***ضع حله منه فليس بدان
يبغي التمتع مفردا من حبه*** متجردا يبغي شفيع قران
فيظل بالجمرات يرمي قلبه*** هذي مناسكه بكل زمان
والناس قد قضوا مناسكهم وقد*** حثوا ركائبهم إلى الأوطان
وحدت بهم همم لهم وعزائم*** نحو المنازل أول الأزمان



يعني الى الجنة التي أسكنها آدم وحواء عليهما السلام كما أشار الى ذلك الناظم في الميمية بقوله

وحي على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا ونسلم

و أشار الناظم بهذه الاستعارات

رفعت لهم في السير أعلام الوصا***ل فشمّروا يا خيبة الكسلان
ورأوا على بعد خياما مشرفا***ت مشرقات النور والبرهان
فتيمموا تلك الخيام فآنسوا*** فيهن أقمارا بلا نقصان
من قاصرات الطرف لا تبغى سوى**** محبوبها من سائر الشبان
قصرت عليه طرفها من حسنه*** والطرف في ذا الوجه للنسوان
أو أنها قصرت عليه طرفه*** من حسنها فالطرف للذكران
والأول المعهود من وضع الخطا***ب فلا تحد عن ظاهر القرآن
ولربما دلت إشارته على الثـ***ـاني فتلك إشارة لمعان


قوله من قاصرات الطرف الخ قال الله تعالى
( فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان )
( كأنهن الياقوت والمرجان )
وصفهن سبحانه بقصر الطرف في ثلاث مواضع أحدها هذا
والثاني قوله في الصافات ( وعندهم قاصرات الطرف عين )
والثالث قوله في سورة ص ( وعندهم قاصرات الطرف أتراب )
والمفسرون كلهم على أن المعنى قصر طرفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم وهذا معنى قول الناظم قصرت عليه طرفها من حسنه الخ وقيل قصر طرف أزواجهن عليهم فلا يدعهم حسنهن وجمالهن أن ينظروا إلى غيرهن وهذا صحيح من جهة المعنى دون اللفظ قال مجاهد والله ما هن متبرجات ولا متطلعات وهذا معنى قول الناظم أو أنها قصرت عليه طرفه الخ قوله والأول المعهود من وضع الخطاب أي أن القول الأول وهو أن المعنى قصرت عليه طرفها من حسنه هو ظاهر القرآن


هذا وليس القاصرات كمن غدت*** مقصورة فهما إذا صنفان


قال تعالى ( حور مقصورات في الخيام )
أي محبوسات في الخيام قاله مقاتل وقال أبو عبيدة خدرن في الخيام وقال الفراء محبوسات على أزواجهن لا يطمحن إلى من سواهم قال الناظم قلت هذا معنى قاصرات الطرف وهؤلاء مقصورات أي هن في الخيام . قال الناظم :


يا مطلق الطرف المعذب في الألى*** جردن عن حسن وعن إحسان
لا تسبينّك صورة من تحتها*** الداء الدوي تبوء بالخسران
قبحت خلائقها وقبح فعلها*** شيطانه في صورة الإنسان
تنقاد للأنذال والأرذال هم*** أكفاؤها من دون ذي الإحسان
ما ثم من دين ولا عقل ولا*** خلق ولا خوف من الرحمن
وجمالها زور ومصنوع فان*** تركته لم تطمح لها العينان
طبعت على ترك الحفاظ فما لها*** بوفاء حق البعل قط يدان
إن قصر الساعي عليها ساعة *** قالت وهل أوليت من إحسان
أو رام تقويما لها استعصت ولم*** تقبل سوى التعويج والنقصان
أفكارها في المكر والكيد الذي*** قد حار فيه فكرة الإنسان
فجمالها قشر رقيق تحته*** ما شئت من عيب ومن نقصان
نقد رديء فوقه من فضة*** شيء يظن به من الأثمان
فالناقدون يرون ماذا تحته*** والناس أكثرهم من العميان


شرع الناظم رحمه الله تعالى في ذكر عيوب نساء الدنيا فقال لا تسبينك صورة من تحتها الخ أي إن صورتها وان حسنت فتحتها مالا يحصى من القبائح قوله تنقاد للأنذال والأرذال الخ قال في القاموس النذل والنذيل الخسيس من الناس المحتقر في جميع أحواله جمع أنذال ونذول ونذلاء ونذال وقد نذل ككرم نذالة ونذولة قال والرذل والرذال والرذيل والارذل الدون الخسيس أو الردىء من كل شيء جمع أرذال ورذول ورذلاء ورذال وأرذلون وقد رذل ككرم وعلم رذالة ورذولة بالضم انتهى قوله هم اكفاؤها الخ أي أنها لنذالتها ورذالتها تنقاد للانذال والأرذال قوله طبعت على ترك الحفاظ الخ أي أنها طبعت على عدم الوفاء بحق الزوج قوله إن قصر الساعي عليها ساعة الخ يدل على ذلك الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن فاني اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء فقامت امرأة جزلة فقالت ولم ذلك يا رسول الله قال انكن تكفرن العشير وتكثرن اللعن قوله أو رام تقويما لها استعصت الخ يشير الى ما في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالنساء خيرا فان المرأة خلقت من ضلع وان اعوج ما في الضلع أعلاه فان ذهبت تقيمه كسرته وان تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء متفق عليه وفي رواية في الصحيحين المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها وان استمعت بها استمتعت بها وفيها عوج وان ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها .

قال الناظم:

أما جميلات الوجوه فخائنا***ت بعولهن وهن للأخدان


الأخدان جمع خدن قال في القاموس الخدن بالكسر وكأمير الصاحب ومن يخادنك في أمر ظاهر وباطن والاخذان الاحباب يزنون بهن في السر قال الحسن المسافحة هي ان كل من دعاها تبعته وذات خدن أي تختص بواحد لا تزني الا معه والعرب تحرم الاولى وتجوز الثانية .


والحافظات الغيب منهن التي*** قد أصبحت فردا من النسوان
فانظر مصارع من يليك ومن خلا*** من قبل من شيب ومن شبان
وارغب بعقلك أن تبيع العالي الـ***ـباقي بذا الأدنى الذي هو فان
إن كان قد أعياك خود مثل ما*** تبغي ولم تظفر إلى ذا الآن
فاخطب من الرحمن خودا ثم قد*** م مهرها ما دمت ذا إمكان
ذاك النكاح عليك أيسر أن يكن*** لك نسبة للعلم والإيمان
والله لم تخرج إلى الدنيا للذ***ة عيشها أو للحطام الفاني
لكن خرجت لكي تعد الزاد للـ***أخرى فجئت بأقبح الخسران
أهملت جمع الزاد حتى فات بل*** فات الذي ألهاك عن ذا الشان
والله لو أنّ القلوب سليمة*** لتقطعت أسفا من الحرمان
لكنها سكرى بحب حياتها الد***نيا وسوف تـفيق بعد زمان


قوله خود الخود الحسنة الخلق الشابة الناعمة قوله والحافظات للغيب أي حافظات للفروج في غيبة الازواج وقيل حافظات لسرهم وقيل حافظات للغيب بحفظ الله وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير النساء امرأة ان نظرت اليها سرتك وان أمرتها أطاعتك واذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها ثم تلا ( الرجال قوامون على النساء )
قوله فانظر مصارع من يليك ومن خلا الخ أي انظر مصارع العشاق واقرأ ما صنفه العلماء في ذلك ك مصارع العشاق للشيخ أبي محمد جعفر السراج ترى ما جرى على عشاق الصور قوله والله لو أن القلوب سليمة الخ لو تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره فاذا كان ما بعدها مثبتا كان منفيا نحو لو جاءني أكرمته واذا كان منفيا كان مثبتا نحو لو لم يسيء لم أعاقبه هكذا ذكر النحاة فمعنى البيت على هذا إن القلوب ليست بسليمة لأن ما بعد لو مثبت والله أعلم .

أبو عمر الأزهري
04-13-2007, 08:08 AM
فصل



فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اخـ***ـتر لنفسك يا أخا العرفان
حور حسان قد كملن خلائقا*** ومحاسنا من أجمل النسوان



قال الله تعالى ( وزوجناهم بحور عين ) الدخان الحور جمع حوراء وهي المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين التي يحار الطرف فيها من رقة الجلد وصفاء اللون قاله مجاهد والصحيح أن الحور مأخوذ من الحور في العين وهو شدة بياضها مع قوة سوادها فهو يتضمن الأمرين وقال تعالى (وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ) الواقعة روى الطبراني عن أم سلمة قالت قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل ( وحور عين ) قال حور بيض عين ضخام العيون شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر قلت اخبرني عن قوله ( كأنهم بيض مكنون ) الصافات 49 قال صفاؤهن صفاء الدر في الأصداف الذي لم تمسه الأيدي قلت أخبرني عن قوله ( فيهن خيرات حسان ) الرحمن قال خيرات الأخلاق حسان الوجوه قلت أخبرني عن قوله ( كأنهن بيض مكنون ) الصافات قال رقتهن كرقة الجلد الذي رأيته في داخل البيضة مما يلي القشر الحديث



حتى يحار الطرف في الحسن الذي*** قد ألبست فالطرف كالحيران
ويقول لما أن يشاهد حسنها*** سبحان معطي الحسن والاحسان
والطرف يشرب من كؤوس جمالها*** فتراه مثل الشارب النشوان
كملت خلائقها وأكمل حسنها*** كالبدر ليل الست بعد ثمان
والشمس تجري في محاسن وجهها** والليل تحت ذوائب الأغصان
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من*** ليل وشمس كيف يجتمعان
فيقول سبحان الذي ذا صنعه***سبحان متقن صنعة الإنسان
لا اليل يدرك شمسها فتغيب عنـ***ـد مجيئه حتى الصباح الثاني
والشمس لا تأتي بطرد الليل بل*** يتصاحبان كلاهما إخوان
وكلاهما مرآة صاحبه إذا*** ما شاء يبصر وجهه يريان
فيرى محاسن وجهه في وجهها*** وترى محاسنها به بعيان



روى ابن وهب عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل في الجنة ليتكىء سبعين سنة قبل أن يتحول ثم تأتيه امرأة فتضرب على منكبه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة الحديث وروى ابو يعلى الموصلي عن رجل من الأنصار عن ابي هريرة قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طائفة من أصحابه فذكر حديث الصور وفيه والذي بعثني بالحق نبيا ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم فيدخل رجل منهم على اثنين وسبعين زوجة مما ينشىء الله وثنتين من ولد أم لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما الله عز وجل في الدنيا يدخل على الأولى منهما في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ عليها سبعون حلة من سندس وإستبرق وانه ليضع يده بين كتفيها ثم ينظر إلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت كبده لها مرآة إلى آخر الحديث هذا قطعة من حديث الصور الذي تفرد به اسماعيل بن رافع وقد روى له الترمذي وابن ماجة وقال الترمذي ضعفه بعض اهل العلم وسمعت محمد يعني البخاري يقول هو ثقة مقارب الحديث
قال الناظم قال شيخنا ابو الحجاج الحافظ هذا الحديث مجموع من عدة احاديث ساقه اسماعيل وغيره وشرحه الوليد بن مسلم في كتاب مفرد وما تضمنه معروف في الأحاديث والله أعلم


حمر الخدود ثغورهن لآلئ*** سود العيون فواتر الأجفان
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها*** فيضيء سقف القصر بالجدران
ولقد روينا أن برقا ساطعا*** يبدو فيسأل عنه من بجنان
فيقال هذا ضوء ثغر ضاحك*** في الجنة العليا كما تريان
لله لاثم ذلك الثغر الذي*** في لثمه إدراك كل أمان

روى أبو نعيم عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سطع نور في الجنة فرفعوا رؤوسهم فاذا هو ثغر حوراء ضحكت في وجه زوجها
وروى ابن أبي الدنيا عن يزيد الرقاشي قال بلغني أن نورا سطع في الجنة لم يبق موضع في الجنة إلا دخل من ذلك النور فيه فقيل ما هذا قيل حوراء ضحكت في وجه زوجها قال صالح فشهق رجل من ناحية المجلس فلم يزل يشهق حتى مات ورواه الخطيب في تاريخه مرفوعا ولم يذكر الشهق .




والجيد ذو طول وحسن في بيا***ض واعتدال ليس ذا نكران
يشكو الحليّ بعاده فله مدى الـ***أيام وسواس من الهجران
والمعصمان فان تشأ شبههما*** بسبيكتين عليهما كفان
كالزبد لينا في نعومة ملمس*** أصداف در دورت بوزان
وإذا انحدرت رأيت أمرا هائلا*** ما للصفات عليه من سلطان
لا الحيض يغشاه ولا بول ولا*** شيء من الآفات في النسوان




قوله والجيد ذو طول الخ وصف الجيد وهو الرقبة بأنه ذو طول وحسن وأنه ليس بالطويل ولا بالقصير
كما قال امرؤ القيس :
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش إذا هي رضته ولا بمعطل
قوله والمعصمان الخ المعصمان تثنية معصم وهو موضع السوار من الزند والزند طرف الذراع الذي انحسر عنه اللحم .

.


قاما بخدمته هو السلطان بيـ***ـنهما وحق طاعة السلطان
وهو المطاع أميره لا ينثني*** عنه ولا هو عنده بجبان



روى الطبراني عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكار تفرد به يعلى وروى أبو نعيم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل هل يمس أهل الجنة أزواجهم قال نعم بذكر لا يمل وفرج لا يخفى وشهوة لا تنقطع .


ولقد روينا أن شغلهم الذي*** قد جاء في يس دون بيان
شغل العروس بعرسه من بعدما*** عبثت به الأشواق طول زمان
بالله لا تسأله عن أشغاله*** تلك اليالي شأنه ذو شان



قال عكرمة في قوله تعالى ( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ) يس أي افتضاض الأبكار وراه سعيد بن منصور وروى عبد الله ابن أحمد عن ابن مسعود في الآية المذكورة قال شغلهم افتضاض العذارى وروى الحاكم عن الأوزاعي في الآية المذكورة قال شغلهم افتضاض الأبكار ومثله قال ابن عباس فيها رواه ابن ابي الدنيا .


واضرب لهم مثلا بصب غاب عن*** محبوبه في شاسع البلدان
والشوق يزعجه إليه وما له***بلقائه سبب من الامكان
وافى إليه بعد طول مغيبه*** عنه وصار الوصل ذا إمكان
أتلومه أن صار ذا شغل به*** لا والذي أعطى بلا حسبان
يا رب غفرا قد طغت أقلامنا*** يا رب معذرة من الطغيان


قوله غفرا هو بفتح الغين مصدر منصوب أي اغفر غفرا والغفر التغطية يقال غفر الله ذنبك أي ستره ومعنى قول رب اغفر لي : استر علي ذنبي وقني عقوبته في الآخرة .

أبو عمر الأزهري
04-13-2007, 08:20 AM
فصل

أقدامها من فضة قد ركبت*** من فوقها ساقان ملتفان
الساق مثل العاج ملموم يرى*** مخ العظام وراءه بعيان
والريح مسك والجسوم نواعم*** واللون كالياقوت والمرجان
وكلاهما يسبي العقول بنغمة*** زادت على الأوتار والعيدان
وهي العروب بشكلها وبدلها*** وتحبب للزوج كل أوان
لطفا وحسن تبعل وتغنج*** وتحبب تفسير ذي العرفان
تلك الحلاوة والملاحة أوجبا*** اطلاق هذا اللفظ وضع لسان
فملاحة التصوير قبل غناجها*** هي أول وهي المحل الثاني


قوله وهي العروب الخ قال الله تعالى ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا ) الواقعة الآية عربا جمع عروب وهن المتحببات إلى أزواجهن وزاد ابن الأعرابي المطيعات لأزواجهن وقال أبو عبيد الحسنة التبعل وذكر المفسرون في تفسير العرب أنهن العواتق المتحببات الغنجات الشكلات الغلمات المغنوجات كل ذلك من ألفاظهم قال البخاري في صحيحه عربا متصلة واحدها عروب تسميها أهل مكة العربة وأهل المدينة الغنجة وأهل العراق الشكلة فجمع سبحانه بين حسن صورتها وحسن عشرتها وهذا غاية ما يطلب من النساء وبه تكمل لذة الرجل بهن
قوله تبعل قال في القاموس تبعلت أطاعت بعلها أو تزينت له
قوله تغنج قال في القاموس الغنج بالضم وبضمتين وكغراب الشكل غنجت الجارية كسمع وتغنجت وهي مغناج وغنجة وهذا شرح ما ذكر الناظم في هذه الأبيات والله اعلم .

أم عمر
12-25-2008, 09:56 PM
واصلو وصلكم الله

أبو عمر الأزهري
12-28-2008, 05:25 AM
جزاكم الله خيرا
نسأل اللهَ التيسيرَ لنا ولكم .

صآحبة الفخآمه
12-02-2010, 03:01 AM
اللهم اجعلنا من أهلها
آمين
بوركتم

أبو عمر الأزهري
12-06-2010, 03:08 AM
بارك الله فيكم.