المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «إيقاظ الضمير العام والأوضاع الأخلاقية»«٢-٣»


الشافعى الصغير
09-06-2008, 08:19 AM
http://www.sciencedaily.com/images/2008/06/080626144441.jpg
الدكتور أحمد عكاشة يكتب: «إيقاظ الضمير العام والأوضاع الأخلاقية» «٢-٣» مأساة قومية في ضمائر المصريين


(http://www.almasry-alyoum.com/popimage.aspx?ImageID=32202)
طلب مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار من الدكتور أحمد عكاشة، الخبير النفسي العالمي، إعداد دراسة عن الشخصية المصرية وما طرأ عليها خلال العقود الأخيرة.
وجاءت الدراسة بمثابة تشريح دقيق لهذه الشخصية وتصرفاتها وطريقة تفكيرها، وعلاقة ما يصدر منها من سلوكيات بالسلطة وقراراتها والجو العام المحيط بحياة المصريين.. وهنا نعرض نص الدراسة:
علي هذا المجتمع، من خلال ضميره العام، أن يلعب دوراً مؤثراً فعالاً في إدانة التطرف في كل شيء.. وبداية، لا أميل لأن تظل صفة التطرف لصيقة بالدين، لأن الدين لا يعرف التطرف، ولا يسوغ لأحد أن يعتدي علي أحد، بدعوي أن المعتدي عليه ليس كامل العقيدة أو مخالف لها.
وبالطبع، فليس من حق مسلم أن يتعدي علي مسيحي لمجرد أنه مسيحي، والعكس صحيح.. والدولة قد تتخذ إجراءات تري فيها مقاومة للتطرف والقضاء عليه، خاصة ما يقترن بالإرهاب، وقد تخفق الدولة في إجراءاتها أو تنجح، لاسيما أن وسائل إعلامها لا تعي أبعاد القضية، بل في كثير من الأحيان تزيد النار اشتعالاً أو تزين التطرف، وهنا يأتي دور الضمير الاجتماعي العام الذي يجب أن يتصدي للمأساة، فلا يسوغ العدوان المتطرف، ولا يسمح للأفكار المتطرفة بالمرور، هذا إذا سلم من الثقوب التي يتخذ منها البعض دافعاً لتطرفه، مادام ثقب الضمير العام يمرر الكثير من الآثام الحقيقية في المال العام وغيره!
علينا أن نقطع الطريق علي تلك القيادات التي تمارس غسل المخ للشباب الضائع، وتبث الأفكار التي من شأنها إغراق هذا الشباب في غيبوبة فكرية، تصل إلي حد التنويم الكامل والإقدام علي أي شيء في سبيل هذه الأفكار، فبتنا نسمع عن نهب متاجر في جريمة سرقة واضحة قد تقترن بالقتل للإنفاق علي تحقيق أفكار جماعة من الجماعات!
أما الذين يطلعون علي الناس بمظاهر الاستفزاز الترفي والاستهلاك الأحمق في تِيهٍ بما يملكون، حراماً أو حلالاً، فلا يدرون حجم الجريمة التي يرتكبونها في حق هذا الوطن، فهذا الاستفزاز في الواقع هو أحد أسباب إشعال نيران التطرف وسط الأغلبية التي تعاني ـ الكثيرين العاجزين عن توفير المأوي أو القوت لأنفسهم ـ مما يسهل مهمة قادة الأفكار المتطرفة في إقناع ضحاياهم بالاستشهاد من أجل هذه الأخطاء، والوعد بالجزاء العادل والحياة الناعمة المؤجلة في العالم الآخر.. حقاً لقد اختل التوازن المنشود في ضمائر الناس وذواتهم، حتي إن هذا الخلل يشكل مأساة قومية، لأننا قد نغفل عما حاق بنا، نحن الذين نخطو نحو النهاية، ولكننا لابد أن نأخذ في الاعتبار أبناءنا الذين هم أصحاب هذا الوطن ومستقبله، فلا نترك صغارنا نهباً لكل ما يلوث عقولهم ويعتم علي بصائرهم الغضة.
علينا أن نغرس فيهم حرية التفكير، فلن تقتنع عقولهم بدعوي أننا بمقتضي حق الأبوة والأمومة لابد أن تسيطر أفكارنا عليهم. علينا أن نعلم الصغار احترام آراء الآخرين وتقديس حق المخالفة في الرأي. لابد أن نغرس فيهم إدانة لكل ما يكرس القبح في الروح وأن ننشئهم علي أن العمل وحده هو السبيل الوحيد إلي التقدم. إن الذي يعتبر طفله شاطراً أو فهلوياً لأنه نجح في الغش من زميله علي مقاعد الدرس، لا يدري أن بمباركته هذه لفعلة ابنه إنما يعد للوطن رجلاً فاسد الخلق عديم الضمير، ولا يدري أنه يسهم دون أن يدري في أن يظل الضمير الاجتماعي العام عرضة لثقب بعد آخر يتسع يوماً بعد يوم.
إن علي المجتمع أن يتوجه توجهاً عاماً نحو تنقية ضميره العام، حتي نخرج من أزمة الضمير الحالية الخانقة سالمين، حتي نطمئن علي المستقبل الذي هو ليس ملكاً لنا في الواقع.. علينا أن ننطلق من نقاء الضمير الخاص إلي نقاء الضمير العام. فليكن قلقنا أولاً لما يقع بيننا مخالفاً للضمير العام، ثم ليتطور هذا القلق ليغدو قلقاً للضمير الإنساني العام.. إذا ما وقع في الأقاصي البعيدة ما يأباه الضمير الإنساني.
لا نجاة لنا إلا إذا جعلنا هذا شاغلاً أول لنا حتي يستقيم المجتمع كله بدلاً من الأنين والشكوي الجماعية. وكأن ما يقع مثاراً للشكوي هو في مجتمع آخر، أو نتحايل علي تبرير فسادنا بدعوي أن أجنبياً وراء ذلك، ولنتأكد أنه لو أراد لنا الغرباء هذه الشرور المستطيرة لما استطاعوا دون معاونة منا! وأظن أن ممارستنا حتي الآن تقدم هذه المعاونة للغرباء بأحسن ما يكون الأداء، ومع ذلك فإنني أشك كثيراً في أن الغرباء مشغولون بنا إلي هذا الحد، فلو كنا شاغلهم لما تفرغوا لما يحققون كل يوم من إنجاز، نكتفي نحن أمامه بالانبهار.. فهل نبدأ؟!.. ومتي؟!
http://img527.imageshack.us/img527/2118/58587230wp4.png
الفساد في مصر ووسائل محاربته
إنني أعتبر الفساد سبباً رئيسياً يحول بين مصر وتحقيق أهدافها الاستراتيجية بعد أن تضخمت أبعاده في المجتمع المصري عبر العصور، حتي اكتسب كثير من صور الفساد مع الوقت قيماً اجتماعية إيجابية!
ولاشك أن الفساد أحد الأسباب الرئيسية للتغيير في الضمير والأخلاقيات والقيم والتسيب في المواطن المصري فالفرد الذي ينجح في التهرب من القوانين أو الضرائب، كثيراً ما يوصف بالمهارة التي تستحق التقدير والتقليد، والموظف الكبير الذي يساعد أقرباءه وبلدياته في الحصول علي الوظائف «علي حساب من هم أولي بها» يوصف بالشهامة، ومسؤول الضرائب أو الجمارك الذي يتغاضي عن التحصيل مقابل خدمات تقدم له من الممول يوصف بالعرفان بالجميل، ورجل الأعمال الذي يفسد مناخ المنافسة برشوة المسؤول يوصف بالفاعلية ويعفي من العقوبة إن أبلغ عما جنته يداه، والمسؤول الكبير الذي يحتفظ بالهدايا التي تقدم له من جهات في الداخل أو الخارج يشبّه بالنبي «الذي قَبل الهدية»، إلي آخر الصور الشائعة المعروفة في مصر وفي بعض الدول النامية الأخري.
أضف إلي ذلك أنه في معظم البلاد الأخري يدفع الراشون لكي يحصلوا علي منافع غير مشروعة أو ليتهربوا من القواعد المعمول بها، أما في مصر فقد أصبحت الرشوة جزءاً من سمات التعامل العادي في كثير من الأماكن، وأصبحت أكثر الرشاوي الصغيرة تدفع لكي يقوم الموظف بأداء العمل المكلف به أصلاً دون تباطؤ أو تعقيد، وفي معظم البلاد الأخري تتم ترقية الموظفين أساساً بناء علي كفاءتهم في الأداء، بينما كثيراً ما تتم في مصر علي أساس الأقدمية أو إرضاء الرؤساء والتزلف إليهم مما يزيد من تخلف الجهاز الإداري.
وفي البلاد الأخري يؤدي المدرسون عملهم في فصول المدرسة التي تكرس لتقديم تعليم حقيقي للطلاب، أما في مصر فإن كثيراً من المدرسين يتخاذلون عن ذلك ويبذلون معظم جهودهم في «الدروس الخصوصية» التي لا يستفيد منها إلا من لهم القدرة علي الدفع، ولا ننسي تأثير الأبوين في تشجيع الغش والمراوغة علي أخلاقيات النشء، وثمة أمثلة أخري لا نهاية لها لصور الفاسد الظاهر والمستتر.
وفي هذا المناخ لم يعد الفساد والعلاقات الشخصية مجرد ظاهرة توجد في المعاملات من حين لآخر كما هو الوضع في كثير من المجتمعات، وأصبحا في حالات كثيرة أساساً للتعامل وبديلاً لحكم القانون، بل معياراً للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية الناجحة، وحتي الذين يرون الفساد فساداً تراهم يكتفون بالتباكي علي الأخلاق الضائعة أو يقولون: إن المشكلة في أساسها «مشكلة أخلاقية» مما يعني ضمناً استحالة معالجتها ما لم تنصلح أخلاق الناس بأعجوبة من الأعاجيب.
لأن الفساد مشكلة المجتمع كله ولا يمكن مواجهتها بفاعلية بغير المشاركة الحقيقية والالتزام من جانب غالبية الشعب خاصة من يتسببون في الفساد بتقديم الرشاوي للحصول علي معاملة خاصة «مشروعة أو غير مشروعة» كما هو سائد في التعامل في مصر نتيجة التعقيدات الشديدة في المعاملات العادية، بل إن المواجهة الفعالة لبعض صور الفساد «مثل الرشاوي في المناقصات الدولية، وغسيل الأموال الناتجة عن أعمال إجرامية بتهريبها إلي دول أخري»، تقتضي ـ كما رأينا ـ مجهودات علي المستوي الدولي وليس فقط داخل الدولة التي يقع الفساد فيها، خاصة مع التقدم التكنولوجي الهائل والانفتاح المستمر في التعامل عبر الحدود.
وحتي الإصلاحات التي لا تستهدف الفساد بصورة خاصة قد، تؤدي إلي تقليص فرص الفساد بشكل مؤثر:
* كثيراً ما يرجع الفساد إلي عيوب في الطرق التي يتم بها تنفيذ القوانين والنظم وضعف الأجهزة المسؤولة عن ذلك مما يدفع الناس إلي تفادي الانتظار الطويل واختصار الطريق بالرشاوي والوساطة وما إليها.
* وكثيراً ما يرجع الفساد إلي الطريقة التي يتم بها الإنفاق الحكومي وتخير أوجه هذا الإنفاق، ويساعد علي الفساد الضعف الواضح في رواتب الموظفين العموميين وقصورها عن تغطية المتطلبات الأساسية، مما يورث اليأس لدي العاملين ويدفعهم إلي البحث عن دخول تكميلية، ويحرم الجهاز الحكومي ممن تتوافر لديهم الرغبة والقدرة علي الخدمة العامة.
واضح في مثل هذه الحالات أن الإصلاح في المجالات المختلفة وتقوية الأجهزة المسؤولة عن وضع السياسات وتنفيذها وحسم المنازعات بشأنها، يترتب عليه تقليص فرص الفساد.
* وفي هذا الشأن يأتي الإصلاح القانوني للاهتمام بالقواعد القانونية التي تضع الضوابط السليمة وتقتصر علي الحد الأدني من الموافقات والقيود التي تفرضها مصلحة عامة حقيقية، وللاهتمام بالإجراءات المتبعة في تنفيذ هذه القواعد بهدف تبسيطها وتخفيض الرسوم التي تصطحبها.
* كذلك الأمر بالنسبة للإصلاح القضائي الذي يستهدف تحقيق الكفاءة والنزاهة في هذا الجهاز المهم بأن يضمن للقضاء استقلاليته ويتيح اللجوء إليه لوقف التعسف في ممارسة السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويضمن للعاملين في هذا الجهاز من قضاة ومحققين وكتبة ومحضرين.. إلخ، مستوي من المعيشة يكفيهم شر الفساد، في الوقت الذي يهتم فيه بتحسين إدارة المحاكم وإدارة القضايا وإجراءات التقاضي، مع إنشاء محاكم ذات إجراءات سريعة ومبسطة ولا تخضع للاستئناف لتتولي القضايا الصغيرة.
* والحق أن مثل هذه الإصلاحات القانونية والقضائية هي جزء لا يتجزأ من الإصلاح الاقتصادي اللازم لزيادة الاستثمارات وتغيير الضمير والأخلاقيات، ويعتبر الإصلاح المالي عنصراً مهما في تخفيض الفساد كذلك، فالنظام المالي يضع قواعد صارمة ومعلومة للجميع للإنفاق الحكومي، الذي يتجه إلي أوجه الإنفاق العام التي تقل فيها فرص الفساد.
وكذلك الأمر بالنسبة للإصلاح الإداري، ففي مصر جهاز حكومي متضخم جداً، تفوق نسبة عدد العاملين فيه إلي مجموع السكان النسب المماثلة في معظم الدول الأخري، وقد ترتب علي هذا التضخم الشديد عجز الحكومة عن تقديم رواتب للعاملين فيها تكفيهم شر البحث عن وسائل أخري للكسب، مما أدي إلي اعتماد كثيرين منهم علي دخول أخري بطرق مشروعة أو غير مشروعة، بل إلي تعاطف بعض الناس مع تلك الممارسات واعتبارها نتيجة طبيعية للدخل الحكومي المنخفض.
http://www.downstate.edu/psychiatry/images/frontimage.gif
لإصلاح ذي طابع سياسي وأخلاقي
بالرغم من وجود الفساد في المجتمعات الديمقراطية وغير الديمقراطية، فقد أثبتت التجربة بغير شك أن فرص ارتكاب الفساد والتستر عليه تزيد كثيراً في المجتمعات التي لا تتوافر فيها حرية الصحافة والتعبير والنشر، والتي تتسم فيها أعمال الحكومة بسرية مبالغ فيها، ولا تكون الحكومة فيها مسؤولة أمام مجالس نيابية حقيقية، ويعود ذلك بصورة خاصة إلي أن الضوابط التي تمكن المجتمع من كشف محاولات الفساد قبل وقوعها ومن محاكمة المسؤولين عنها بعد وقوعها تكاد تختفي في المجتمعات غير الديمقراطية،
وإذا كنا نسمع عن قضايا الفساد في المجتمعات الديمقراطية أكثر مما نسمعه عنها في المجتمعات المغلقة فليس معني هذا ندرة الفساد في المجتمعات الأخيرة، بل معناه عدم القدرة علي الكشف عن الفساد في هذه المجتمعات والتكتم عليه، حيثما وجد، والذي وصل إلي أرواح كثير من الناس وأصبح جزءاً من طباعهم، يقتضي تغييراً كبيراً في المفاهيم والسلوك الأخلاقي للجماعات والأفراد.
وليست المسألة في مصر نقصاً في قواعد السلوك السوي أو جهلاً بهذه القواعد، إنما تكمن المسألة في النفاق الذي جعل الالتزام بالقواعد لا يجاوز الأقوال في معظم الأحوال، وتعود المجتمع علي التعايش مع هذه القواعد المثالية مع تجاهلها معظم الوقت في الحياة اليومية دون أن يجد في ذلك غضاضة كبيرة.
ولا يمكن الاعتماد هنا علي إصلاح الأخلاق المعوجة بالوعظ والإرشاد، إنما يقتضي الأمر أولاً سلوكاً قويماً من جانب القيادات السياسية والإدارية في جميع المستويات، وكذلك من جانب الآباء في المنازل والأساتذة في المدارس والجامعات والزعماء داخل الحزب الحاكم وخارجه، فلاشك أن لهذا السلوك تأثيراً مباشراً علي أخلاقيات الجيل الصاعد.
غير أن الضمانة الرئيسية للالتزام بهذا السلوك تكمن في حكم القانون ومعاقبة الخارجين عليه، ودور مؤسسات المجتمع المدني التي تراقب المسؤولين وتحاسبهم إن اختلفت أقوالهم عن أفعالهم، كما تكمن في بناء الجهاز الإداري علي أساس مهني سليم يقوم علي الكفاءة والنزاهة مع تحسين أحوال العاملين في الدولة، خاصة أعضاء هيئات التدريس، المسؤولين عن تعليم النشء وغرس القيم السليمة فيه عن طريق سلوكهم الفعلي، وبغير ذلك كله تصير محاربة الفساد مجرد شعار آخر يضاف إلي مئات الشعارات التي فقد الناس الأمل فيها.
http://www.npi.ucla.edu/images/resources.jpg
دستور جديد
لا يمكن الإحساس بالانتماء والعدل وحب الوطن ونهضة الأخلاقيات والقيم إلا عند تطبيق دستور يحترم المواطن:
أولاً: الدستور الحالي يفترض دولة اشتراكية في حين أن مصر تتجه إلي اقتصاد السوق.
ثانياً: الدستور الحالي يخضع كثيراً من الحريات والحقوق المدنية والسياسية الواردة فيه لقيود غير محددة قد يأتي بها التشريع مما يفقدها قيمتها الدستورية.
ثالثاً: الدستور الحالي يتضمن أحكاماً مهمة تعتبر من قبيل الشعارات التي لم تطبق عملياً.
رابعاً: الدستور الحالي يتوسع في الحالات التي تعطي لرئيس الدولة سلطات استثنائية تسمح بتعطيل العمل بالدستور أو القوانين العادية.
خامساً: الدستور الحالي يتضمن تفاصيل ليس محلها الدستور ولا تجد مقابلاً لها في دساتير الدول الديمقراطية العريقة.
سادساً: الأحكام الواردة في الدستور الحالي بشأن نائب الرئيس قد تفيد بوجوب تعيين نائب للرئيس، في حين أن هذا لم يحدث منذ عام ١٩٨١.
سابعاً: النص الدستوري الخاص بالمدعي الاشتراكي يقتضي إعادة النظر فيه.
ثامناً: الدستور الحالي يتضمن عدداً من المسائل المهمة الأخري التي تحتاج إلي إعادة البحث والدراسة، في ظل تقدم مصر علي الطريق الديمقراطي منذ تولي الرئيس مبارك رئاسة الجمهورية:
أ- طريقة اختيار رئيس الجمهورية.
ب - مدة رئاسة الجمهورية.
ج - عدد أعضاء مجلس الشعب وتشكيله.
د - جواز الجمع بين عضوية مجلس الشعب والوظائف في الحكومة والقطاع العام.
هـ - دور مجلس الشعب في إقرار الموازنة العامة.
و - شرط موافقة مجلس الشعب علي أي قرض تقترضه الحكومة.
ز - الأحكام الخاصة بمسؤولية رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الشعب.
ح - دور مجلس الشوري.
تاسعاً: الدستور الحالي، رغم إسهابه لا يتضمن أحكاماً مهمة تنص عليها الدساتير الحديثة:
ـ ليس في الدستور مادة واحدة بشأن حماية البيئة.
ـ ليس في الدستور نصوص تتعلق بحقوق المصريين المقيمين في الخارج.
ـ ليس في الدستور نصوص تتعلق بحماية الآثار وحماية التراث الثقافي لمصر.
ـ لا يعالج الدستور بصورة كافية دور المجتمع المدني.
ـ لا يتكلم الدستور عن مسؤولية البنك المركزي عن السياسة النقدية ولا يكفل استقلاله في تحديد هذه السياسة.
ـ يحتاج الدستور إلي تأصيل حقوق الوالدين وحقوق الأطفال.
دعوة للإحياء والتجديد
وإذا سألني أحد عن الأسباب الرئيسية التي تحول بين مصر وتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية الواضحة، وكثيراً ما تسببت في تشتيت تفكيرها في أمور أخري أكثرها من القشور التي لا تفيد، بل في تعطيل حركاتها وقدرتها، سأقول أيضاً بغير تردد إنها تكمن أساساً في ثلاث مسائل متداخلة ذات طابع نفسي وثقافي واجتماعي وهي:
١- التردد لفترة طويلة في تطبيق الإصلاحات الجذرية والتخوف من تبعة هذه الإصلاحات باعتبار أن كثيراً منها يتعارض مع شعارات رفعت في الماضي، ومع مصالح اكتسبها المستفيدون من أوضاع خاطئة، والذين مازال لهم قول مؤثر فيما يتخذ من قرارات، وقد رأينا الحظ بداية لتراجع هذا التردد، والتخوف في السنوات الأخيرة، كما أن رئيس الدولة أعلن أكثر من مرة تحيزه الكامل للإصلاح ولمصالح الأغلبية الفقيرة، لكن طريق الإصلاح مازال طويلاً وشاقاً وفي حاجة إلي مواصلة الخطوات الشجاعة في جميع المجالات.
٢- عجز المجتمع المصري في مجموعه حتي الآن عن أن يجد صيغة مناسبة للتوفيق بين قيمه الموروثة وما يتطلع إليه من تقدم في العصر الحديث، بحيث يتمكن من تغليب مصالح المستقبل علي اعتبارات الماضي، أي بحيث لا يجعل قيم الماضي قيداً علي التقدم بل يجعلها حافزاً لبناء مستقبل أكثر تحرراً وأكثر اهتماماً بالمساواة والعدالة وبالحكم الديمقراطي والعمل الإنتاجي طبقاً للمفاهيم العصرية لهذه المبادئ.
٣- شيوع الفساد الظاهر والمستتر في الجوانب المختلفة للحياة المعاصرة، وذلك كظاهرة اجتماعية عامة وليس كمجرد ظاهرة بيروقراطية تقتصر علي بعض الموظفين العموميين.
http://www.4drv.com/psychiatry.gif
التوفيق بين الماضي والمستقبل
يحول العجز عن التوفيق بين اعتبارات الماضي والمستقبل دون تغليب الحداثة في التفكير والتشريع والممارسات، وقد نتج من هذا العجز عدة اعتبارات معقدة يمكن تلخيص أهمها فيما يلي:
١- الاتجاه العام لدي الشعب المصري، لأسباب تاريخية واجتماعية، إلي تمجيد الماضي والحط من الحاضر وما يتبعه من تقديس أقوال الأولين وأفعالهم، وتغليب الآراء السلفية علي الآراء الحديثة مع إحاطة الماضي بسياج من المثالية ليس له دائماً سند، وقد تزامن مع اتجاه متزايد في منطقتنا، وفي مناطق أخري نحو إثارة الرموز والشعارات الدينية، بل التعصب لما يميز كل مجموعة داخل المجتمع من هوية دينية أو عرقية.
٢- تحكم الطبقة المتوسطة ذات الأصول الريفية في جهاز الحكم مع غلبة القيم المعلنة لهذه الطبقة، وهي قيم سلفية في الأساس تكتسب تأييداً واسعاً بسبب جذورها الدينية، هذا مع التفاوت الواضح بين القيم المعلنة والسلوكيات الفعلية.
٣- التوسع الكبير في الخطاب الديني في التعليم والإعلام دون اعتبار مسبق لما يترتب علي ذلك من حيث مجالات العمل لخريجي التعليم الديني، وتأثيرهم العام في تفكير المجتمع، فقد تضاعفت أعداد طلاب المعاهد الأزهرية عدة مرات، وكثرت المدارس الأهلية ذات الطابع الإسلامي أو المسيحي، وزادت المقررات الدينية في جميع المدارس، وتعددت كليات «الشريعة والقانون»، وظهرت الصفحات الدينية في الصحف والمجلات بما لم يكن معروفاً من قبل، وشاعت البرامج والمواعظ الدينية في أعمال الإذاعة والتليفزيون بما لا يقاس بالوقت المخصص للبرامج العلمية ومناقشة الأفكار المعاصرة، بل بما جعل البرامج الأخيرة تتخذ أحياناً طابعاً دينياً هي الأخري.
وقد أدي التوسع الكبير إلي أن تخطي الأمر مطالبة الناس بالتمسك بدينهم، وتعدي ذلك إلي حالات من التعصب والتشنج الديني حتي سادت في أماكن كثيرة في مصر الدعوة إلي أن يعيش الناس في الواقع في نهاية القرن العشرين علي ما كان عليه سكان شبه الجزيرة العربية في القرن السابع، ليس فقط فيما يتعلق بمكارم الأخلاق أو شؤون العبادات، وإنما أيضاً في ملبسهم وتعاملهم اليومي وشؤون الحكم فيهم،
وفي هذا المناخ العام أصبح كثير من الدعاة الذين عينوا أنفسهم لهذا العمل، وحظوا بدعم واسع من أجهزة الإعلام الرسمية، رموزاً للفكر في المجتمع، وانحسرت القيم التحررية في المجال الديني وفي غيره وسادت مظاهر في السلوك تعتمد علي أكثر التفاسير تشدداً وأبعدها عن التلاؤم مع مقتضيات الحياة في مجتمع حديث، والأهم من ذلك أن العقلية التي نجمت عن هذه الإجراءات كلها قد زادت، بدعوتها إلي الحلول السطحية، في تعقيد المشاكل السياسية والاجتماعية التي تواجه المجتمع في مصر وتشجيع الفهم الديني الخاطئ. ـ هذه النقطة تحتاج إلى مناقشة ـ
٤- تفشي الأمية بين البالغين وضعف مستوي التعليم عند الأطفال والشباب بما يسهل علي الذين يستغلون الدين لأغراض سياسية مهمتهم، ويدفع السياسيين إلي مسايرة التيار اكتساباً للشعبية.
٥- انتظار البطالة السافرة والمقنعة التي تورث اليأس بقدر ما تتيح المناخ والوقت لرواج الدعوات المتطرفة.
انتظرونا فى .. الجزء الثالث من الدراسة

أم عبد الرحمن السلفية
09-06-2008, 09:14 AM
جزاكم الله خيراً ونفع الله بكم

مُتابعة معكم بقدر الله