المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموجز اليسير فى تفسير ايات القرأن الكريم...ارجو التثبيت


سترك ربى
08-23-2008, 05:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبى الهدى وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بحسان الى يوم الدين وبعد،

بعد تفكير مع الله قررت ا ن اقدم لكم: الموجز اليسير فى تفسير ايات القرأن الكريم
وهن اذ اختصر تفسير القران لابن كثير الذى صححه الشيخ مصطفى العدوى واقوم انا ان شاء الله بتلخيص ذلك حيث ان الكثير ممن يتشوقون الى معرفة معانى وتفسير الايات ولكنهم لا يقرءون التفاسير المفصلة بالايات والاحاديث والعنعنة وكذا : نبدأ بفضل الله ومنة راجية ان يرزقنى الله الاخلاص فى الاقوال والاعمال راجية وجه الكريم :


1) سورة الفاتحة
مكية واياتها سبع


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) }}}


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أي استجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياى أو يصدني عن فعل ما أمرت به أو يحثني على فعل ما نهيت عنه


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : بدأ الله باسم الله ووصفه بالرحمن لأنه اخص واعرف من الرحيم


الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة ورحمن اشد مبالغة من رحيم


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: الشكر لله خالصا دون سائر ما يعبد من دونه ودون كل ما بدأ من خلقه بما انعم على عباده من النعم التي لا يحصيها احد

رَبِّ الْعَالَمِينَ: المالك المتصرف للعالم وهو كل موجود سوى الله عز وجل


الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : وصف نفسه سبحانه بالرحمن الرحيم بعد قوله رب العالمين ليكون من باب قرن الترغيب بعد الترهيب


مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ: الله مالك وملك كل شيء إنما التخصيص ليوم الدين " القيامة " هنا لأنه لا يدعى احد هنالك شيئا ولا يتكلم احد إلا بإذنه


اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ: وهذا أكمل أحوال السائل أن يمدح مسئوله ثم يسأله حاجته وحاجة إخوانه المؤمنين بقوله "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" ولهذا ارشد الله إليه والمعنى اهدنا اى أرشدنا ووفقنا وألهمنا وارزقنا واعطنا ، والصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه.



صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ: الذين انعم الله عليهم هم المذكرون في سورة النساء حيث قال تعالى : :{ومن يطعِ اللهَ والرسولَ فأولئكَ مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقًا} (سورة النساء/69).

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ: وهم أهل الهداية والاستقامة

وَلَا الضَّالِّين : الذين فقدوا العلم لا يهتدون إلى الحق
والذين فقدوا العمل اليهود والذين فقدوا العلم النصارى والغضب لليهود والضلال للنصارى
ويستحب لمن قرأ الفاتحة أن يقول بعدها " أمين" ومعناه اللهم استجب




قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : {الحمد لله رب العالمين} ، قال الله : حمدني عبدي . فإذا قال : {الرحمن الرحيم} ، قال : اثني علي عبدي . فإذا قال : {مالك يوم الدين} ، قال مجدني عبدي.وإذا قال:{إياك نعبد وإياك نستعين} ، قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل . فإذا قال : {اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ، قال : هذا لعبدي . ولعبدي ما سأل ) ..

سترك ربى
08-25-2008, 01:02 PM
طيب نكمل ان شاء الله

سترك ربى
08-25-2008, 01:06 PM
سورة البقرة
مدنية الا اية 281 فنزلت بمنى فى حجة الوداع

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ(2)
الم يرد علمها عند الله عز وجل
ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ اى ان هذا القران لا شك فيه نورا وهد ى للمؤمنين المتقين


الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَ ممَِّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون(3) : اى يصدقون ويخشون ربهم ويؤمنون بالغيب كما يؤمنون بالشهادة
الغيب : ان يومنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وجنته وناره ولقائه ويؤمنون بالحياة بعد الموت والبعث..
ويقيمون الصلاة بإتمام ركوعها وسجودها والتلاوة والخشوع والاقبال عليها والمحافظة على مواقيتها ووضوئها
وينفقون زكاة اموالهم وعلى اهلهم.


‏ والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) : اى يصدقون بما جئت به من الله وما جاء به من قبلك من المرسلين لا يفرقون بينهم ولا يجحدون ما جاءهم به من ربهم ويوقنون بالبعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان وإنما سميت الآخرة لأنها بعد الدنيا

أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) : اى المتصفون بما تقدم على هدى اى نور وبيان وبصيرة من الله تعالى واستقامة وسداد منه
وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ : اى المنجحون المدركون ما طلبوا عند الله بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله من الفوز بالثواب والخلود في الجنات والنجاة مما اعد الله لأعدائه من العقاب

سترك ربى
08-26-2008, 01:52 PM
نكمل على بركة الله

سترك ربى
08-26-2008, 01:56 PM
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ(6) اى غطوا الحق وستروه وسواء عليهم إنذارك وعدمه فإنهم لا يؤمنون بما جئتهم به

خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ (7) اى طبع الله على قلوب الكافرين فإن البع يكون على القلب والسمع والغشاوة وهى الغطاء يكون على البصر

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) هذا خبر عن المنافقين لئلا يغتر بظاهر أمرهم المؤمنون فيقع لذلك فساد عريض من عدم الاحتراز منهم ومن اعتقاد إيمانهم وهم كفار في نفس الآمر وهذا من المحذورات الكبار أن يظن لأهل الفجور خير

يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) يعتقدون بجهلهم انهم يخدعون الله بذلك اى بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع اسرارهم الكفر ويقول الله وما يغرون بصنيعهم هذا ولا يخدعون الا انفسهم وما يشعرون بذلك

فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)
اى فى قلوبهم شك ونفاق وهم المنافقون والمرض هو الشك الذى دخلهم فى الاسلام فزادهم الله رجسا اى شرا ولهم عذاب اليم بما كانوا متصفين بهذا وهذا فإنهم كانوا كذبة ويكذبون بالغيب يجمعون بين هذا وهذا .

أبو مصعب السلفي
08-26-2008, 03:15 PM
جزاكم الله خيراً,
ويُثبت ثبتكم الله على الحق
..

سترك ربى
08-26-2008, 04:09 PM
جزاكم الله خيرا على التثبيت وشكرا على المتابعة والمرور الكريم

أبو مصعب السلفي
08-26-2008, 04:17 PM
وجزاكم خيراً مثله,
ننتظر منكم ما يُفيد بإذن الله تبارك وتعالى
..

سترك ربى
08-26-2008, 04:40 PM
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12)

هؤلاء هم المنافقون والفساد هو الكفر والعمل بالمعصية والمعنى لا تعصوا الله فى الأرض وكان فسادهم ذلك معصية الله لأنه من عصى الله فى الأرض او أمر بمعصيته فقد افسد في الأرض لان صلاح الأرض والسماء بالطاعة
إلا ان هذا الذي يعتمدونه ويزعمون انه إصلاح هو عين الفساد ولكن من جهلهم لا يشعرون بكونه فسادا

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ (13)
وإذا قيل للمنافقين امنوا كما امن الناس بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والجنة والنار وغير ذلك وأطيعوا الله ورسوله قالوا أنؤمن كما امن السفهاء ويعنون – لعنهم الله – أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم.
يقولون انصير وهؤلاء بمنزلة واحدة وعلى طريقة واحدة وهم سفهاء؟ والسفهاء جمع سفيه والسفيه هو الجاهل الضعيف الراى القليل المعرفة بمواضع المصالح والمضار .. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ : فأكد وحصر السفاهة فيهم ومن تمام جهلهم انهم لا يعلمون بحالهم فى الضلالة والجهل

وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ (14)
يقول تعالى : واذا لقى هؤلاء المنافقون المؤمنين قالوا امنا واظهروا لهم الايمان والموالاة نفاقا وليشركوهم فيما اصابوا من خير ومغنم ، واذا ما خلصوا الى رؤساؤهم فى الكفر من يهود ومنافقين ومشركين وقادتهم فى الشرك والشر قابالقوم ونلعب بهم


اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)
هنا يستهزىء الله من المنافقين واهل الشرك ويملى لهم ويزيدهم فى طغيانهم والطغيان هو المجاوزة فى الشىء والعمه والضلال .. يعنى فى ضلالتهم وكفرهم الذى غمرهم دنسه وعلاهم رجسه

سترك ربى
08-28-2008, 01:32 PM
أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (16)

اى انهم اخذوا الضلالة وهو الكفر وتركوا الهدى وهو الايمان وما ربحت صفقتهم فى هذه البيعة وما كانوا راشدين فى صنيعهم ذلك

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (18)

والمعنى ان المنافق تكلم بلا اله الا الله فاضاءت له فى الدنيا فناكح المسلمين وغازاهم بها ووارثهم بها فلما كان عند الموت سلبها المنافق لانها لم يكن لها اصل فى قلبه ولا حقيقه فى عمله فهم " صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ " فهم خرس عمى لا يسمعون لا يسمعون الهدى ولا يعقلونه ولا يرجعون الى هدى وقيل لا يرجعون الى الاسلام وقيل لا يتوبون ولا هم يتذكرون

أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (19)

هذا مثل اخر ضربه الله تعالى لصنف اخر من المنافقين فقلوبهم فى حال شكهم وكفرهم كالمطر نزل من السماء فى حال ظلمات وهى الشكوك والكفر والنفاق ورعد وهو ما يزعج القلوب من الخوف فإن من شأن المنافقين الخوف الشديد والفزع .. والبرق وهو ما يلمع فى قلوب هؤلاء المنافقين فى بعض الاحيان من نور الايمان ولهذا قالوا " يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ" اى ولا يجدي عنهم حذرهم شيئا لان الله محيط بقدرته وهم تحت مشيئته وإرادته

يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)

ثم قال"يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ" اى لشدته وقوته فى انفسهم وضعف بصائرهم او يكاد محكم القرأن يدل على عورات المنافقين كلما اصابهم من عز الاسلام اطمأنوا اليه واذا اصاب الاسلام نكبة قاموا ليرجعوا الى الكفر
"وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ" لما تركوا من الحق بعد معرفته . "إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" اى ان الله على كل ما اراد بعبادة من نقمة او عفو قدير وذلك وذلك لانه حذر المنافقين بأسه وسطوته واخبرهم انه بهم محيط وعلى ذهاب اسماعهم وابصارهم قدير عليم عالم .

أبو مصعب السلفي
08-30-2008, 04:39 AM
جزاكم الله خيراً
..

سترك ربى
08-30-2008, 12:43 PM
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22)

اى اعبدوا الله وحده المنعم على عبيده باخراجهم من العدم الى الوجود واسباغة عليهم النعم الظاهرة والباطنة بأن بان جعل لهم الارض مهدا كالفراش مقررة مثبتة موطأة والسماء جعلها سقفا وانزل من السحاب فى وقته عند احتياجهم اليه الماء فاخرج به من انواع الزروع والثمار ما هو مشاهد رزقا لهم ولانعامهم فلا تشركوا بالله غيره من الانداد التى لا تنفع ولا تضر وانتم تعلمون انه لا رب لكم يرزقكم غيره
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)

يعنى ان كنتم فى شك وعدم تصديق مما نزلنا على محمد صلى الله عليه وسلم فأتوا بسورة من مثل ما جاء به ان زعمتم انه من عند غير الله فعارضوه بمثل ما جاء به واستعينوا على ذلك بمن شئتم من دون الله، فانكم لا تستطيعون ذلك
شهداءكم : اعوانكم ولن تفعلوا ذلك وهذه معجزة حيث اخبر المولى خبرا جازما ان هذا القران لا يعارض بمثله ابد الابدين
الوقود: هو ما يلقى فى النار لاضرامها كالحطب ونحوه فيكون الوقود الناس والحجارة : حجارة الكبرت العظيمة السوداء الصلبة المنتنة وهى اشد الاحجار حرا اذا حميت اجارنا الله منها وهيئت هذه النار للكافرين بالله ورسوله

وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)

وهنا ذكر حال اولياء الله من السعداء المؤمنين به وبرسله الذين صدقوا ايمانه باعمالهم الصالحة لهم الجنات وانهم اتوا بالثمرة فى الجنة فلما نظروا اليها قالوا : هذا الذى رزقنا من قبل فى الدنيا واتوا به متشايها يعرفونه وليس هو مثله فى الطعم ولهم ازواج مطهرة من الحيض والقذر والاذى والغائط والبول والنخام والبزاق والمنى والولد
وتمام السعادة مع هذا النعيم انهم فى مقام امين من الموت والانقطاع فلا اخر له ولا انقضاء له بل فى نعيم سرمدى ابدى

سترك ربى
09-01-2008, 01:22 PM
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)

هذا مثل ضربه الله للدنيا ان البعوضه تحيا ما جاعت فإذا سمنت ماتت وكذلك مثل هؤلاء القوم الذين ضرب لهم هذا المثل فى القران اذا امتلئوا ريا من الدنيا اخذهم الله عند ذلك والذين امنوا يعلمون انه من عند الله والذين كفروا فهم المتشككون الجاهلون يضل به المنافقين ويهدى به المؤمنين بما قد علموه حقا ويقينا
الفاسقين هم المنافقون او الكافرون
ثم ان من خصال المنافقين ست اذا كانت فيهم الظهرة على الناس اظهروا هذه الخصال : اذا حدث كذب ، واذا وعد اخلف ، واذا اؤتمن خان ونقض عهد الله من بعد ميثاقه ، وقطع ما امر الله به ان يوصل ، والفساد فى الارض . واذا كانت الظهرة عليهم اظهروا الخصال الثلاث: اذا حدث كذب ،واذا وعد اخلف ، واذا اؤتمن خان
وقوله : " وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ" اى صلة الارحام والقرابات اولئك هم الناقصون انفسهم حظوظهم- بمعصيتهم لله – من رحمته كما يخسر الرجل فى تجارته بان يوضع من راس ماله فى بيعة

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28)

اى كيف تجحدون وجود الله او تعبدون غيره وقد كنتم عدما فأخرجكم الى لوجود
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(29)

وفى هذا دلالة على انه تعالى ابتدأ بخلق الارض اولا ثم خلق السماوات السبع وهذا شان البناء ان يبدأ بعمارة اسافله ثم اعاليه والاية دليل اخر ما يشاهده الناس من خلق السماوات والارض

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30)

واذكر يا محمد اذ قال ربك للملائكة واقصص على قومك ذلك " إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" اى قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل
وقول الملائكة ليس على وجه الاعتراض على الله او الحسد لبنى ادم وانما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة فى ذلك يقولون يا ربنا ما الحكمة فى خلق هؤلاء مع ان منهم من يفسد فى الارض ويسفك الدماء فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك ولا يصدر منا شىء من ذلك ، وهلا وقع الاقتصار علينا ؟
قال تعالى مجيبا لهم عن هذا السؤال : انى اعلم من المصلحة الراجحة فى خلق هذا الصنف على المفاسد التى ذكرتموها ما لا تعلمون فإنى سأجعل فيهم الانبياء والرسل والصديقون والشهداء والصالحون والعباد والابرار والخاشعون....

سترك ربى
09-02-2008, 06:21 PM
وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(31)قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(32)قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ(33)}.

هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف ادم على الملائكة بما اختصه من علم اسماء كل شىء وهذا كان بعد سجودهم له ..انبئونى باسماء من عرضته عليكم ايها الملائكة القائلون : اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدما؟ مِن غيرنا ام من منا فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك... ان كنتم صادقين فى قيلكم : انى ان جعلت خليفتى فى الارض من غيركم عصانى وذريته وافسدوا وسفكوا الدماء وان جعلتكم فيها اطعتمونى واتبعتم امرى بالتعظيم والتقديس فإذا كنتم لا تعلمون اسماء هؤلاء الذين عرضت عليكم وانتم تشاهدونه فأنتم بما هو غير موجود من الامور الكائنه التى لم توجد احرى ان تكونوا غير عالمين "
"قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" هذا تقديس وتنزيه من الملائكة لله تعالى ان يحيط احد بشىء من علمه الا بما شاء .. فالله هو العليم بكل شىء الحكيم فى خلقه وامره ،
قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُون" قال : انت جبريل ، انت ميكائيل، انت اسرافيل حتى عدد الاسماء كلها حتى بلغ الغراب
فلما ظهر فضل ادم على الملائكة فى سرده ما علمه الله من اسماء الاشياء قال الله تعالى للملائكة :" قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ" اى : الم اتقدم لكم انى اعلم الغيب الظاهر والخفى . اعلم السر كما اعلم العلانية

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِن الْكَافِرِينَ(34)} وهذه كرامه عظيمة من الله تعالى لادم امن بها على ذريته حيث اخبر انه تعالى امر الملائكة بالسجود لادم فكانت الطاعة لله والسجدة لادم وكان سجود تحيه وسلام واكرام "فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِن الْكَافِرِينَ" حسد عدو الله ابليس ادم على ما ااعطاه الله من الكرامه وقال انا نارى وهذا طينى .. وكان بدء الذنوب الكِبر . استكبر ابليس ان يسجد لادم
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر (javascript:OpenHT('Tak/Hits24002728.htm'))

{وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ(35)فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ(36)
يقول تعالى انه امر الملائكة بالسجود فسجدوا الا ابليس ، وانه اباح له الجنة يسكن فيها حيث يشاء ويأكل ويأكل منها يشاء . رغدا اى هنيئا واسعا طيبا
وقد اختلف فى الجنة التى اسكنها ادم اهى فى السماء او فى الارض ؟ فالاكثرون على الاول ونهى الله ادم وزوجته عن اكل شجرة بعينها من اشجار الجنة دون سائر اشجارها فأكلا منها
"فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا " وهنا يوجد تفسيرين : اى فنحاهما عن الجنة ويصح ان يكون : اى اخرجهما بسبب الشجرة مما كانا فيه اى من اللباس والمنزل والرحب والرزق الهنىء والراحه
وقوله تعالى " وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ" اى قرار وارزاق واجال . " وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ" اى الى وقت مؤقت ومقدار معين ثم تقوم الساعة

سترك ربى
09-06-2008, 12:58 PM
"فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(37)" قيل ان هذه الكلمات مفسره بقوله تعالى " قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" الاعراف الايه(23)
"إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" اى يتوب على من تاب اليه واناب وهذا من لطفه بخلقه ورحمته بعبيده .. لا اله الا هو التواب الرحيم
قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ(38)وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(39)}يقول تعالى مخبرا عما انذر به ادم وزوجته حين اهبطهم من الجنة والمراد الذرية : انه سينزل الكتاب ويبعث الانبياء والرسل" فمن تبع هداى" اى من اقبل على ما انزلت به من الكتاب وارسلت به الرسل فلا خوف عليهم " اى فيما يستقبلونه من امر الاخره " ولا هم يحزنون " على ما فاتهم من امور الدنيا اى فلا يضل فى الدنيا ولا يشقى فى الاخرة
اما اهل النار الكافرون المكذبون فهم مخلدون لا محيد لهم عنها ولا محيص
{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ(40)وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ(41) }.
يا بنى العبد الصالح نبى الله يعقوب كونوا مثل ابيكم فى متابعة الحق وذلك بالدخول فى الاسلام والنعمة: فحجر لهم الحجر وانزل عليهم المن والسلوى ونجاهم من عبودية ال فرعون او ... النعمة ان جعل منهم الانبياء والرسل .. او انزل عليهم الكتب . "وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ" اى : بعهدى الذى اخذت فى اعناقكم للنبى صلى الله عليه وسلم حيث يوجب اتباعكم وتصديقكم له وضع ما كان عليكم من الاغلال التى كانت فى اعناقكم بذنوبكم.
"وَإِيَّايَ فَارْهَبُون" اى فاخشون وهذا انتقال من الترغيب الى الترهيب لعلههم يرجعون الى الحق ، "وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُم" يعنى القرأن الكريم مصدقا لما بين يديه من التوراة والانجيل.. اول كافر به: يعنى اول من كفر به من بنى اسرائيل لانه قد تقدمهم من كفار قريش وغيرهم من العرب ،فإن يهود المدينة اول بنى اسرائيل خوطبوا بالقرأن فكفرهم به يستلزم انهم اول من كفر به من جنسهم
"وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً" اى لا تعتاضوا عن الايمان بأياتى وتصديق رسولى بالدنيا وشهواتها ، فإنها قليله فانية. "وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ" انه تعالى يتوعدهم فيما يتعمدونه من كتمان الحق واظهار خلافه ومخالفتهم الرسول

سترك ربى
09-09-2008, 01:14 PM
نتابع ان شاء الله

سترك ربى
09-09-2008, 01:16 PM
{وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(42)وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ(43)}. ينهى الله تعالى اليهود عما كانوا يتعمدونه من تلبيس الحق بالباطل وتمويهه وكتمانهم الحق وامرهم سبحانه بإظهار الحق والتصريح به
والحق هو معرفتهم برسول الله وبما جاء به وانتم تجدونه مكتوبا عندكم فيما تعلمون من الكتب التى بأيديكم وامرهم ان يصلوا عن النبى صلى الله عليه وسلم وان يدفعوا الزكاة الى النبى صلى الله عليه وسلم وان يركعوا مع الراكعين من امة محمد صلى الله عليه وسلم : يعنى كونوا مع المؤمنين فى احسن اعمالهم واخص ذلك واكمله " الصلاة "

{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ(44) }. يقول تعالى كيف يليق بكم يا معشر اهل الكتاب وانتم تأمرون الناس بالبر ان تنسوا انفسكم فلا تأتمرون بما تأمرون الناس به وانتم مع ذلك تتلون الكتاب وتعلمون ما فيه .. افلا تعقلون ما انتم صانعن بانفسكم فتنتبهوا من رقدتكم وتتبصروا من عمايتكم والفرصة ان الله ذمهم على هذا الصنيع ونبههم على خطئهم فى حق انفسهم حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه
وليس المراد ذمهم على امرهم بالبر مع تركهم له ، بل على تركهم له
فإن الامر بالمعروف معروف وهو واجب على العالم ولكن الواجب والاولى بالعالم ان يفعله مع من امرهم به ولا يتخلف عنهم

وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ(45)الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(46)
استعينوا عبيد الله على على طلب الاخرة بالصبر على الفرائض والصلاة فأما الصبر فقيل انه الصيام وقيل انه الكف عن المعاصى وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ اى مشقة ثقيلة وهى الصلاة او الوصية بالاستعانة بالصبر والصلاة
والاية هنا عامة فى سياق انذار بنى اسرائيل ولغيرهم..
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ : اى ان الصلاة و الوصاة لثقيلة الا على الخاشعين الذين يعلمون انهم محشورون اليه يوم القيامة معرضون عليه وان امورهم راجعة الى مشيئته يحكم فيها ما يشاء بعدله
والظن هنا يعنى اليقين فلهذا لما ايقنوا بالمعاد والجزاء سهل عليهم فعل الطاعات وترك المنكرات

أم عمر السلفية
09-10-2008, 01:05 AM
ماشاء الله جزاكم الله خيرا ونفع بكم

:mashaAllah:

حسن البياتي
09-10-2008, 11:12 AM
جزاك الله الجنة اخي الكريم ونفع الله بك المسلمين

سترك ربى
09-15-2008, 06:31 PM
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ(47) يذكرهم تعالى بسالف نعمة على ابائهم واسلافهم وما كان فضلهم به من ارسال الرسل منهم وانزال الكتب عليهم وعلى سائر الامم من اهل زمانهم والتفضيل بما اعطوا من الملك والرسل والكتب على عالم من كان فى ذلك الزمان
وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ(48)} لما ذكرهم الله تعالى بنعمه اولا عطف على ذلك التحديد من طول نعمته يوم القيامة فقال : وَاتَّقُوا يَوْمًا يعنى يوم القيامة . لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا : اى لا يغنى عن احد ولا يقبل شفاعة اى من الكافرين وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ : اى لا يقبل منها فداء فإنهم ان لم يؤمنوا برسزله ويتابعوه على ما بعثه به ووافوا الله يوم القيامة على ما هم عليه فإنه لا ينفعهم قرابة قريب ولا شفاعة ذى جاه ولا يقبل منهم فداء ولو بملء الارض ذهبا
عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ : لا احد يغضب لهم فينصرهم وينقذهم من عذاب الله فلا ينصرهم ناصر كما لا يشفع لهم شافع ولا يقبل منهم فدية. بطلت هنالك المحاباة واضمحلت الرش والشفاعات وارتفع من القوم التناصر والتعاون وصار الحكم الى الجبار العدل
{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ(49)وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ(50) اذكروا يا بنى اسرائيل نعمتى عليكم اى :خلصتكم منهم وانقذتكم ن ايديهم صحبة موسى وقد كانوا يذيقونكم : يسومونكم سوء العذاب والعذاب هنا اما ذبح الابناء او انهم يديمون عذابهم
وفى الذى فعلنا بكم من نجائنا اباءكم مما كنتم فيه من عذاب ال فرعون
بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ : اى نعمة عليكم فى ذلك
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ : اى بعد ان انقذناكم من ال فرعون وخرجتم مع موسى خرج موسى فى طلبكم ففرقنا بكم البحر فَأَنْجَيْنَاكُم: اى خلصناكم منهم وحجزنا بينكم وبينهم واغرقناهم وانتم تنظرون ليكون ذلك افى لصدوركم وابلغ فى اهانة عدوكم.

ملك
09-16-2008, 08:04 PM
ما شاء الله
مجهود مممتاز
جزاكم الله خيرا

سترك ربى
09-17-2008, 06:21 PM
جزاكم الله كل خير ونتابع............

سترك ربى
09-17-2008, 06:23 PM
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ(47) يذكرهم تعالى بسالف نعمة على ابائهم واسلافهم وما كان فضلهم به من ارسال الرسل منهم وانزال الكتب عليهم وعلى سائر الامم من اهل زمانهم والتفضيل بما اعطوا من الملك والرسل والكتب على عالم من كان فى ذلك الزمان
وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ(48)} لما ذكرهم الله تعالى بنعمه اولا عطف على ذلك التحديد من طول نعمته يوم القيامة فقال : وَاتَّقُوا يَوْمًا يعنى يوم القيامة . لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا : اى لا يغنى عن احد ولا يقبل شفاعة اى من الكافرين وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ : اى لا يقبل منها فداء فإنهم ان لم يؤمنوا برسزله ويتابعوه على ما بعثه به ووافوا الله يوم القيامة على ما هم عليه فإنه لا ينفعهم قرابة قريب ولا شفاعة ذى جاه ولا يقبل منهم فداء ولو بملء الارض ذهبا
عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ : لا احد يغضب لهم فينصرهم وينقذهم من عذاب الله فلا ينصرهم ناصر كما لا يشفع لهم شافع ولا يقبل منهم فدية. بطلت هنالك المحاباة واضمحلت الرش والشفاعات وارتفع من القوم التناصر والتعاون وصار الحكم الى الجبار العدل
{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ(49)وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ(50) اذكروا يا بنى اسرائيل نعمتى عليكم اى :خلصتكم منهم وانقذتكم ن ايديهم صحبة موسى وقد كانوا يذيقونكم : يسومونكم سوء العذاب والعذاب هنا اما ذبح الابناء او انهم يديمون عذابهم
وفى الذى فعلنا بكم من نجائنا اباءكم مما كنتم فيه من عذاب ال فرعون
بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ : اى نعمة عليكم فى ذلك
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ : اى بعد ان انقذناكم من ال فرعون وخرجتم مع موسى خرج موسى فى طلبكم ففرقنا بكم البحر فَأَنْجَيْنَاكُم: اى خلصناكم منهم وحجزنا بينكم وبينهم واغرقناهم وانتم تنظرون ليكون ذلك فى صدوركم وابلغ فى اهانة عدوكم

سترك ربى
09-28-2008, 03:39 PM
اعتذر عن التوقف المؤقت وان شاء الله نعود بقوة بعد رمضان

سترك ربى
09-29-2008, 12:51 PM
وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ(51)ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(53

يقول تعالى : واذكروا نعمتى عليكم فى عفوى عنكم لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه ،/ عند انقضاء امد المواعدةوكانت اربعين يوما {وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} أي معتدون في تلك العبادة ظالمون لأنفسكم وقوله تعالى : " وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ " يعنى التوراة والْفُرْقَانَ هو ما يفرقبين الحق والباطل والهدى والضلالة {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي لكي تهتدوا بالتدبر فيها والعمل بما فيها من أحكام.


وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(54)}

يا قوم لقد ظلمتم أنفسكم {بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} أي بعبادتكم للعجل {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} أي توبوا إِلى من خلقكم بريئاً من العيب والنقصان
{فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} أي ليقتل البريء منكم المجرم واخبر الذين عبدوا العجل فجلسوا وقام الذين لم يعكفوا على العجل {ذَلِكُمْ} أي القتل {خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ} أي رضاكم بحكم الله ونزولكم عند أمره خير لكم عند الخالق العظيم {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أي قبل توبتكم {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} أي عظيم المغفرة واسع التوبة.. فجعل يقتل بعضهم بعضا فانجلت الظلمة عنهم وقد جلوا عن سبعين الف قتيل كل من قتل كان له توبة وكل من بقى كانت له تقوى


{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ(55)ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(56)

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى} أي اذكروا يا بني إِسرائيل حين خرجتم مع موسى لتعتذروا إِلى الله من عبادة العجل فقلتم { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} أي لن نصدّق لك بأنَّك رسول من عند الله {حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} أي حتى نرى الله علانية.يقول تعالى : اذكروا نعمتى عليكم فى بعثى لكم بعد الصعق اذ سالتمرؤيتى عيانا جهارا مما لا يستطاع لكم ولا لامثالكم والصاعقة هى صيحة من السماء او النار
ثم لما ماتوا قام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: ربّ ماذا أقول لبني إِسرائيل وقد أهلكت خيارهم، ومازال يدعو ربه حتى أحياهم قال تعالى {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} أي أحييناكم بعد أن مكثتم ميتين يوماً وليلة، فقُاموا وعاشوا ينظر بعضهم إِلى بعض كيف يحيون {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي لتشكروا الله على إِنعامه عليكم بالبعث بعد الموت

وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(57

لما ذكر الله تعالى ما دفعه عنهم من النقم شرع يذكرهم ايذا بما اسبغ عليهم من النعم فقال : " وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ" } أي سترناكم بالسحاب من حر الشمس وجعلناه عليكم كالظُلَّة ظللوا به فى
التيه ليقيهم حر الشمس

وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ اى نزلنا عليكم الطعام والشراب وغير ذلك مما من الله به عليهم مما ليس لهم فيه عمل ولا كدا، والسلوى: طير يشبه السماني كانوا يأكلون منه

كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ : امر اباحة وارشاد وامتنان بأكل ما انزل الله
"وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ("57
اى أنهم إذ كفروا هذه النعم الجليلة، ما ظلمونا ولكن ظلموا أنفسهم، لأن وبال العصيان راجع عليهم
اى امرناهم بالاكل مما رزقناهم وان يعبدوا ، كما قال : " كلوا من رزق ربكم واشكروا له" سبأ 15
فخالفوا وكفروا فظلموا انفسهم هذا مع ما شاهدوه من الايات البينات والمعجزات القاطعات وخوارق العادات


وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ(58)فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ(59)


يقول تعالى لائما لهم على نكولهم عن الجهاد ودخولهم الارض المقدسة لما قدموا من بر مصر صحبة موسى عليه السلام فأمروا بدخول الارض المقدسة التى هى ميراث لهم عن ابيهم اسرائيلوقتال من فيها من العماليق الكفرة فنكلوا عن قتالهم وضعفوا واستحسروا فرماهم الله فى التيه عقوبة لهم وهذه البلده هى بيت المقدس
سُجَّدًا : اى شكر لله تعالى على ما انعم به عليهم من الفتح والنصر ورد بلدهم عليهم وانقاذهم من التيه والضلال
وَقُولُوا حِطَّةٌ: مغفرة استغفروا
نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ : اى اذا فعلتم ما امرناكم غفرنا لكم الخطيئات وضاعفنا لكم الحسنات وحاصل الامر : انهم امروا ان يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول وان يعترفوا بذنوبهم ويستغفروا منها والشكر على النعمة عندها والمبادرة الى ذلك من المحبوب عند الله
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ: وحاصل ما ذكره المفسرون : انهم بدلوا امر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل فأمروا ان يدخلوا سجدا فدخلوا يزحفون على ادبارهم رافعى رؤسهم وامروا ان يقولوا حطة اى احطط عنا ذنوبنا وخطايانا فاستهزءوا فقالوا : حنطة فى شعيرة وهذا فى غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ولهذا انزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم وهو خروجهم عن طاعته ولهذا قال : فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ(59) وكل شىء فى كتاب الله من الرجز يعنى به العذاب، أي أنزلنا عليهم طاعوناً وبلاءً {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} أي بسبب عصيانهم وخروجهم عن طاعة الله،


وَإِذْ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ(60)}

{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ} أي اذكروا يا بني إِسرائيل حين طلب موسى السقيا لقومه وقد عطشوا في التيه {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} أي اضرب أيّ حجر كان تتفجر بقدرتنا العيون منه {فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} أي فضرب فتدفق الماء منه بقوة وخرجت منه اثنتا عشرة عيناً بقدر قبائلهم.
وهنا ينبغي أن نقف وقفة، فالإنسان حين يستسقي الله يطلب منه أن ينزل عليه ماء من السماء، والحق جل جلاله كان قادراً على إنزاله من السماء، ولكنه تعالى أرادها معجزة لبني إسرائيل فسقاهم من الحجر التي تحت أرجلهم، ليعلموا أنه يستطيع أن يأتي بالماء من الحجر الصلب، وأن نبع الماء من متعلقات "كُنْ فيكون" وإن اقتضت حكمته تعالى ربط الأسباب بمسبباتها.
وصح هذا فقد تعنت بنو إسرائيل وقالوا لموسى عليه السلام: هب أننا في مكان لا حجر فيه، من أين ينبع الماء؟ فلا بد أن نأخذ معنا الحجر حتى عطشنا ضربت الحجر وشربنا. وقد نسوا أن سقوا بكلمة "كُنْ" لا بالحجر، ولكنهم قوم لا يؤمنون إلا بما يرونه بأُمِّ أعينهم.
{قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} أي علمت كل قبيلة مكان شربها لئلا يتنازعوا {كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ} أي قلنا لهم: كلوا من المنّ والسلوى، واشربوا من هذا الماء، من غير كدّ منكم ولا تعب، بل هو من خالص إِنعام الله {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} أي ولا تطغوا في الأرض بأنواع البغي والفساد

سترك ربى
10-07-2008, 06:15 PM
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُو بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ(61)}


يقول تعالى : واذكروا يا بنى اسرائيل نعمتى عليكم فى انزالى عليكم المن والسلوىطعاما طيبا نافعا هنيئا سهلا واذكروا دبركم وضجركم مما رزقناكم وسؤالكم موسى استبدال ذلك بالاطعمة الدنيئة من البقول ونحوها مما سألتم {مِنْ بَقْلِهَا}البقول {وَقِثَّائِهَا} يعني القتَّة التي تشبه الخيار {وَفُومِهَا} الحبوب التى تؤكل{وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} أي العدس والبصل المعروفان
قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْر" فيه تقريع لهم وتوبيخ على ما سألوا من هذه الاطعمه الدنيئة مع ما هم فيه من العيش الرغيد والطعام الهنىء الطيب النافعٌ"


اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} أي ادخلوا مصراً من الأمصار وبلداً من البلدان أيّاً كان لتجدوا فيه مثل هذه الأشياء.فهذا الذى سألتم ليس بأمر عزيز بل هو كثير فى اى بلد دخلتموه وجدتموه

وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُو بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُون : يقول تعالى " وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ " َاى وضعت عليهم والزموا بها شرعا وقدرا اى لا يزالون مستذلين، من وجدهم استذلهم واهانهم وهم فى ذلك اذلاء مستكينون

وَبَاءُو بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ:اى استحقوا الغضب من الله

"ذلك بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ" يقول تعالى : ِهذا الذى جازيناهم من الذلة والمسكنة واحلال الغضب بهم بسبب استكبارهم عن اتباع الحق وكفرهم بأيات الله وإهانتهم حملة الشرع وهم الانبياء وأتباعهم فانتقصوهم الى ان افضى بهم الحال الى ان قتلوهم، فلا كفر اعظم من هذا انهم كفروا بأيات الله وقتلوا انبياء الله يغير الحق ولهذا جاء فى الحديث المتفق علي صحته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الكبر بطر الحق وغمط الناس "

وقوله تعالى : " ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" وهذه علة اخرى فى مجازاتهم بما جوزوا به انهم كانوا يعصون ويعتدون فالعصيان فعا المناهى والاعتداء المجاوزة حد المأذون فيه والمأمور به

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ(62)}

نبه تعالى على ان من احسن من الامم السالفة واطاع فإن له جزاء الحسنى وكذلك الامر الى قيام الساعة كل من اتبع الرسول النبى الامى فله السعاده الابدية ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه، ولا هم يحزنون على ما يتركونه ويخلفونه.
والصابئين : فقد اختلف فيهم فقيل : قوم بين المجوس واليهود والنصارى ليس لهم دين
وقيل انهم كالمجوس
وقيل هم قوم يعبدون الملائكة
وقيل هم قوم باقون على فطرتهم ولا دين مقرر لهم يتبعونه ويقتفونه وقيل هم الذين لم تبلغهم دعوة نبى

سترك ربى
10-15-2008, 12:43 PM
نتابع ان شاء الله

سترك ربى
10-15-2008, 12:44 PM
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(63)ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ(64) }.

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ} أي اذكروا يا بني إِسرائيل حين أخذنا منكم العهد المؤكد على العمل بما في التوراة.

وذلك بعد أن أنجاكم وأهلك عدوكم بالغرق ورجع موسى عليه السلام بالألواح والتوراة ووجدكم قد عبدتم العجل، ثم أعرضتم عن اتباع ما جاء فيها زاعمين أنها فوق طاقتكم، عندها كان التأديب الإلهي لكم بأن رفع جبل الطور فوقكم وخيّركم بين الامتثال لأوامره وبين أن يطبق عليكم الجبل.


{وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} أي نتقناه حتى أصبح كالظلة فوقكم وقلنا لكم {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} أي اعملوا بما في التوراة بجدٍّ وعزيمة {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} أي احفظوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} أي لتتقوا الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة، أو رجاء منكم أن تكونوا من فريق المتقين.
{ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} أي أعرضتم عن الميثاق بعد أخذه {فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} أي بقبول التوبة {وَرَحْمَتُهُ} بالعفو عن الزلة {لَكُنتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ} أي لكنتم من الهالكين في الدنيا والآخرة. لقد توليتم بعد هذا الميثاق المؤكد العظيم عنه وانثنيتم ونقضتموه

فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ اى : بتوبته عليكم وارساله النبيين والمرسلين اليكم
لَكُنتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ اى بنقضكم ذلك الميثاق


وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ(65)فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ(66)}.

يقول تعالى " ولقد علمتم" يا معشر اليهود ما حل من البأس بأهل القرية التى عصت امر الله وخاتلفوا عهده وميثاقه فيما اخذه عليهم من تعظيم السبت والقيام بأمره إذ كان مشروعا لهم ، فتحيلو على اصطياد الحيتان يوم السبت بما وضعوا لها من الحبائل والبرك قبل يوم السبت فلما جاءت يوم السبت على عادتها فى الكثرة نشبت بتلك الحبائل والحيل فلم تخلص منهال يومهافلما كان الليل اخذوها بعد انقضاء السبت
فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فلما فعلوا هذه الحيل جعل الله منهم القردة والخنازير
فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا : فجعل الله هذه القرية : اهلها بسبب اعتدائهم فى سبتهم نكالا اى : ما عاقبناهم عقوبة فجعلناها عبرةً

لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ اى فجعلهم عبرة ونكالا لمن فى زمانهم وموعظة لمن يأتى بعدهم بالخبر المتواتر عنهم ولهذا قال : " وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ" اى فليحذر المتقون صنيعهم لئلا يصيبهم ما اصابهم


{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ(67)قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ(68)قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ(69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ(70)قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ(71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ(72)فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(73)}.


يقول تعالى واذكروا يا بنى اسرائيل نعمتى عليكم فى خرق العادة لكم فى شأن البقرة وبيان القاتل من هو بسببها واحياء الله المقتول ونصه على من قتله منه
ذكر بسط القصة:
أن رجلاً من بني إسرائيل كان ثرياً جداً ولم يكن له وارث، فتآمر على ابن أخيه فقتله ليلاً ثم أخذ الجثة وألقاها في مكان قريب من إحدى القرى المجاورة ليتهموا بقتله. وكذلك كان الحال واحتدم الخلاف بينهم وأقارب القتيل، فذهبوا إلى موسى عليه السلام ليدعو ربه فيكشف القاتل، فاستجاب الله دعاءه وأمرهم بذبح البقرة.
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} أي اذكروا يا بني إِسرائيل حين قال لكم نبيكم موسى إِن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة.
جاء الأمر هنا من غير علة وقد أرجئت إلى آخر القصة، والحكمة في ذلك أن الأمر إذا كان صادراً ممّن هو أعلى ينبغي المبادرة إلى تنفيذه من غير البحث عن علة ذلك، فالعبد يمتثل أوامر مولاه ظهرت له الحكمة والعلة أو أخفيت عنه للابتلاء. قال تعالى: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23].
{قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} أي فكان جوابكم الوقح لنبيكم أن قلتم: أتهزأ بنا يا موسى {قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ} أي ألتجئ إِلى الله أن أكون في زمرة المستهزئين الجاهلين.
ولو لم يعترضوا لاأجزأت عنهم ادنى بقرة ولكنهم شددوا فشدد عليهم حتى انتهوا الى البقرة التى امروا بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها
{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} أي ما هي هذه البقرة وأي شيء صفتها؟ {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} أي لا كبيرة هرمة، ولا صغيرة لم يلحقها الفحل {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} أي وسط بين الكبيرة والصغيرة {فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ} أي افعلوا ما أمركم به ربكم ولا تتعنتوا ولا تشدّدوا فيشدّد الله عليكم.
{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا} أي ما هو لونها أبيض أم أسود أم غير ذلك؟ {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} أي إِنها بقرة صفراء شديدة الصفرة، حسن منظرها تسر كل من رآها. ومع هذا اختلفوا بينهم في تحديدها فرجعوا إلى موسى عليه السلام.
و {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} أعادوا السؤال عن حال البقرة بعد أن عرفوا سنها ولونها ليزدادوا بياناً لوصفها، ثم اعتذروا بأن البقر الموصوف بكونه عواناً وبالصفرة الفاقعة كثيرٌ {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} أي التبس الأمر علينا فلم ندر ما البقرة المأمورة بذبحها {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} أي سنهتدي إِلى معرفتها إِن شاء الله، ولو لم يقولوا ذلك لم يهتدوا إِليها أبداً كما ثبت في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال: "لو لم يستثنوا ويقولوا: إن شاء الله لما تبينت لهم آخر الأبد".
{قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ} أي ليست هذه البقرة مسخرة لحراثة الأرض، ولا لسقاية الزرع {مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا} أي سليمة من العيوب ليس فيها لونٌ آخر يخالف لونها فهي صفراء كلها {قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} أي الآن بينتها لنا بياناً شافياً لا غموض فيه ولا لبس، وكأن ما قاله لهم موسى عليه السلام وحياً من ربه قبل ذلك ليس حقاً. قال تعالى إِخباراً عنهم {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} لغلاء ثمنها أو خوف الفضيحة أو تماطلاً في تطبيق الأوامر الإلهية كما هو شأنهم ولعله الأرجح.
ثم أخبر تعالى عن سبب أمرهم بذبح البقرة، وعما شهدوه من آيات الله الباهرة {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} أي اذكروا يا بني إِسرائيل حين قتلتم نفساً {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} أي تخاصمتم وتدافعتم بشأنها، وأصبح كل فريق يدفع التهمة عن نفسه وينسبها لغيره {وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} أي مظهر ما تخفونه {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} أي اضربوا القتيل بشيء من البقرة يحيا ويخبركم عن قاتله {كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} أي كما أحيا هذا القتيل أمام أبصاركم يحيي الموتى من قبورهم {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي يريكم دلائل قدرته لتتفكروا وتتدبروا وتعلموا أن الله على كل شيء قدير.

سترك ربى
10-18-2008, 04:56 PM
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)
يقول تعالى توبيخا لبنى اسرائيل وتقريعا لهم على ما شاهدوه من ايات الله تعالى واحيائه الموتى : )ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ) كله فى كالحجارة التى لا تلين ادبا فصارت قلوب بنى اسرائيل مع طول الامد قاسية بعيدة عن الموعظة فهى فى قسوتها كالحجارة التى لا علاج للينها او اشد قسوة من الحجارة فإن من الحجارة ما يتفجر منه العيون بالانهار الجارية ومنها ما يشقق فيخرج منه الماء وان لم يكن جاريا ومنها ما يهبط من رأس الجبل من خشية الله
قوله تعالى: { وما الله بغافل عما تعملون }: فنفى سبحانه وتعالى أن يكون غافلاً عما يعملون؛ وذلك لكمال علمه، وإحاطته تبارك وتعالى..
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُون وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ(76) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) (البقرة:77)

يقول تعالى : افتطمعون " ايها المؤمنون "ان يؤمنوا لكم " اى ينقاد لكم بالطاعة هذه الفرقة الضالة الذين شاهد اباؤهم من البينات ما شاهدوه وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ اى يتأولونه على غير تاويله مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ اى فهموه على الجلية ومع هذا يخالفونه على بصيرة وَهُمْ يَعْلَمُون : انهم مخطئون فيما ذهبوا اليه من تحريفه وتأويله ... هى التوراه حرفوها
اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُون : يجعلون الحلال فيه حراما والحرام فيه حلالا والحق فيه باطل والباطل فيه حقا
تَعْقِلُونَ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ : يعنى المنافقين من اليهود كانوا اذا لقوا اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا امنا وكانوا يقولون اذا دخلوا المدينة : نحن مسلمون ليعلموا خبر رسول الله وامره فإذا رجعوا رجعوا الى الكفر فلما اخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون
وقوله تعالى : قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ : يعنى بما انزل فى كتابكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم
او : أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ" من العذاب لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ هؤلاء ناس من اليهود امنوا ثم نافقوا فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذبوا به فقال بعضهم لبعض : أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ من العذاب ليقولوا نحن احب الى الله منكم واكرم على الله منكم
أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ يعنى ما اسروا من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم به وهم يجدونه مكتوبا عندهم
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ(78) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ(79)
اى ومن اهل الكتاب اميون والامى هو الرجل الذى لا يحسن الكتابة لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ اى لا يدرون ما فيه إِلَّا أَمَانِيَّ قيل : الا احاديث وقيل : الا قولا يقولون بأفواههم كذبا : هم اناس من اليهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما فى كتاب الله ويقولون : هو من الكتاب امانى يتمنونها : اى يتمنون على الله ما ليس لهم ... تمنوا فقالوا نحن من اهل الكتاب وليسوا منه وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ : يكذبون
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً هؤلاء صنف اخر من اليهود وهم الدعاة الى الضلال بالزور والكذب على الله وكا اموال الناس بالباطل والويل والهلاك والدمار وهم احبار اليهود
كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه من العرب ويحدثونهم انه من عند الله فيأخذوا به ثمنا قليلا
فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ اى فويل لهم مما كتبوا بأيديهم من الكذب والبهتان والافتراء وويل لهم مما اكلوا به من السحت فَوَيْلٌ لَهُمْ يقول : فالعذاب عليهم من الذى كتبوا بأيديهم من ذلك الكذب وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ اى مما يأكلون به الناس السفلة وغيرهم

(وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:80)
يقول تعالى اخبار عن اليهود فيما نقلوه لانفسهم من انهم لن تمسهم النار الا اياما معدودة ثم ينجون منها فرد الله عليهم ذلك بقوله تعالى : " قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً " اى : بذلك ، فإن كان قد وقع عهد فهو لا يخلف عهده ولكن هذا ما جرى ولا كان ، ولهذا اتى ب " ام " التى بمعنى بل " تقولون على الله ما لا تعلمون من الكذب والافتراء عليه
وقال بعض العلماء : زعمت اليهود انهم وجدوا فى التوراة مكتوبا ان ما بين طرفى جهنم مسيرة اربعين سنة الى ان ينتهوا الى شجرة الزقوم فتذهب جهنم وتهلك فذلك قوله تعالى وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً

أم الزبير محمد الحسين
10-20-2008, 05:51 AM
بارك الله فيكم و نفع بكم

أم هبة الرحمن
10-22-2008, 07:07 AM
جزاكم الله خيرا

أبو مصعب السلفي
10-22-2008, 10:39 AM
بارك الله فيكم,
رزقنا الله وإياكم فهم القرآن وتدبره والعمل بما فيه
..

سترك ربى
10-27-2008, 02:44 PM
جزاكم الله خيرا على المتابعه

نتابع ان شاء الله

سترك ربى
10-27-2008, 02:46 PM
بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(81)وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(82)}.
يقول تعالى : ليس الامر كما تمنيتم ولا كما تشتهون بل الامر انه من عمل سيئة واحاطت به خطيئتة – ومو من وافى وليست له حسنة ، بل جميع اعماله سيئات – فهذا من اهل النار " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" اى امنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات من العمل الموافق للشريعة ، فهم من اهل الجنة وقال عدد من العلماء : وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ اى احاط به شركه




{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ(83)
يذكر الله تبارك وتعالى بنى اسرائيل بما امرهم به من الاوامر واخذه ميثاقهم على ذلك وانهم تولوا عن ذلك كله واعرضو قصدا وعمدا وهم يعرفونه ويذكرونه فأمرهم تعالى ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وهذا هو اعلى الحقوق واعظمها وهو حق المولى عز وجل ان يعبد وحده لا شريك له ثم بعده حق المخلوقين واكدهم واولاهم بذلك حق الوالدين والاقربون واليتامى وهم الصغار الذين لا كاسب لهم من الاباء والمساكين الذين لا يجدون ما ينفقون على انفسهم واهليهم
وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" اى : كلموهم طيبا ولينوا لهم جانبا يدخل فى ذلك الامر بالمعروف والنهى عن المنكربالمعروف وناسب ان يأمرهم بأن يقولو للناس حسنا بعدما امرهم بالاحسان اليهم بالفعل ، فجمع بين طرفى الاحسان الفعبى والقولى ثم اكد الامر بعبادته والاحسان الى الناس بالمتعين من ذلك وهو الصلاة والزكاة فقال وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ
واخبر انهم تولو عن ذلك كله اى : تركوه وراء ظهورهم واعرضو عنه على عمد بعد العلم به الا القليل منهم



وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ(84)ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمُ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(85)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ(86)}.

يقول تعالى منكرا على اليهود الذين كانوا فى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وما كانوا يعانونه من القتال مع الاوس والخزرج وذلك ان الاوس والخزرج – وهم الانصار- كانوا فى الجاهلية عباد اصنام وكانت بينهم حروب كثيرة وكانت يهود المدينة ثلاث قبائل : بنو قينقاع وبنو النضير حلفاء الخزرج، وبنو قريظة حلفاء الاوس فكانت الحرب اذا نشبت بينهم قاتل كلفريق مع حلفائه فيقتل اليهودى اعدائه وقد يقتال اليهودى الاخر من الفريق الاخر وذلك حرام عليهم فى دينهم ونص كتابهم ويخرجونهم من بيوتهم وينتهبون ما فيها من الاثاث والامتعة والاموال ثم اذا وضعت الحرب اوزارها استفكوا الاسارى من الفريق المغلوب عملا بحكم التوراة ولهذا قال تعالى " إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعضٍ "

أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ: اى اقررتم بمعرفة هذا الميثاق وصحته وانتم تشهدون به
فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" اى بسبب مخالفتهم شرع الله واوامره

الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ" جزاء على مخالفتهم كتاب الله الذى بأيديهم وما الله بغافل عما تعملون
وقوله تعالى : " أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ واختاروها فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ اى : لا يقتر عنهم ساعة واحدة وَلا هُمْ يُنصَرُونَ : اى وليس لهم ناصر ينقذهم مما هم فيه من العذاب الدائم السرمدى ولا يجيرهم منه

حسام باشا
10-27-2008, 05:12 PM
مشكوووووووووووووووووووووووووووووور

سترك ربى
10-29-2008, 03:05 PM
جزاكم الله خيرا

نتابع ان شاء الله

سترك ربى
10-29-2008, 03:07 PM
{ولَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ(87)

ينعت تبارك وتعالى بنو اسرائيل بالعتو والعناد والمخالفة والاستكبار على الانبياء ، وانهم انما يتبعون اهوائهم فذكر تعالى انه اتى موسى الكتاب وهو التوراة فحرفوها وبدلوها وخالفوا اوامرها واولوها وارسل الرسل والنبيين من بعده

وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ اى : اتبعنا واردفنا حتى ختم انبياء بنى اسرائل بعيسى ابن مريم فجاء بمخالفة التوراة فى بعض الاحكام ولهذا اعطاه الله من البينات والمعجزات من احياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة الطين فينفخ فيها فتكون طيرا بإذن الله، وابراء الاسقام واخباره بالغيوب وتأييده بروح القدس وهو جبريل عليه السلام ما يدلهم على صدقه فيما جاءهم به فاشتد تكذيب بنى اسرائيل له وحسدهم وعنادهم لمخالفة التوراةفى البعض

فكانت بنو اسرائيل تعامل الانبياء اسوأ المعاملة ففريقا يكذبونه وفريقا يقتلونه ، وما ذاك الا لانهم يأتونهم بالامور المخالفة لاهوائهم وارائهم وبالالزام باحكام التوراة التى قد تصرفوا فى مخالفتها فلهذا كان ذلك يشق عليهم فكذبوهم وربماقتلوا بعضهم ولهذا قاال سبحانه وتعالى : " أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ"

وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ(88)

اى فى اكنة وقيل اى لا تفقه
قلوبنا اوعية لكل علم فلا تحتاج الى علمك بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ اى طردهم الله وابعدهم من كل خير فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ اى لا يؤمن منهم الا القليل او فقليل يؤمن منهم او فقليل ايمانهم بمعنى انهم يؤمنون لما جاءهم به موسى من امر المعاد والثواب والعقاب ولكنه ايمان لا ينفعهم لانه مغمور بما كفروا به من الذى جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم وقيل المعنى : انما كانوا غير مؤمنين بشىء وانما قال : فقليلا ما يؤمنون وهم بالجميع كافرون كما تقول العرب قلما رأيت مثل هذا قط

وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ(89)}

يقول تعالى وَلَمَّا جَاءهُمْ يعنى اليهود كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ الله وهو القرأن الذى انزل على محمد صلى الله عليه وسلم مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ يعنى من التوراة

وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا اى : وقدكانوا من قبل مجىء هذا الرسول بهذا الكتاب يستنصرون بمجيئه على اعدائهم من المشركين اذا قاتلوهم يقولون : انه سيبعث نبى فى اخر الزمان نقتلكم معه قتل عاد وارم

يقول الله تعالى : فَلَمَّا جَاءهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ(89)}

{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُو بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ(90)

{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ: باعوا انفسهم : بئسما اعتاضوا لانفسهم فرضوا به وعدلوا اليه من الكفر بما انزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم عن تصديقه ومؤزارته ونصرته وانما حملهم على ذلك البغى والحسد والكراهيه

أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ " ولا حسد اعظم من هذا

فَبَاءُو اى استوجبوا واستحقوا واستقروا بغضب على غضب : غضب الله عليهم بكفرهم بالانجيل وعيسى ثم غضب الله عليهم بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقران

وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ" ولما كان كفرهم سببه البغى والحسد ومنشأ ذلك التكبر قوبلوا بالاهانة والصغار فى الدنيا والاخرة



:011:

أبو مصعب السلفي
11-09-2008, 05:43 PM
واصلوا وصلكم الله
..

سترك ربى
11-10-2008, 02:40 PM
واصلوا وصلكم الله
..


اللهم امين واياكم

حاضر واسفه على التاخير

سترك ربى
11-10-2008, 02:56 PM
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(91)}{وَلَقَدْ جَاءكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ(92)
يقول تعالى " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ" اى لليهود وامثالهم من اهل الكتاب آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ اى على محمد صلى الله عليه وسلم وصدقوه واتبعوه
قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا" اى يكفينا الايمان بما انزل علينا من التوراة والانجيل ولا نقر الا بذلك وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءهُ يعنى : بما يعدوه وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ : اى وهم يعلمون ان ما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم " وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ" منصوبا على الحال اى حال تصديقه لما معهم من التوراةوالانجيل فالحجة قائمة عليهم بذلك
قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ اى ان كنتم صادقين فى دعواكم الايمان بما انزل عليكم فلم قتلتم الانبياء الذين جاءوكم بتصديق التوراة التى بأيديكم ؟ قتلتموهم بغيا وعنادا واستكبارا على رسل الله فلستم تتبعون الا الاهواء
{وَلَقَدْ جَاءكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَات) اى بالايات الواضحات والدلائل القاطعات على انه رسول الله وانه لا اله الا الله والايات البينات هى : الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا واليد وفرق البحر وتظليلهم بالغمام والمن والسلوى والحجر وغير ذلك من الايات التى شاهدوها
ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ: اى معبودا من دون الله "َ مِنْ بَعْدِه" ِ اى من بعد ما ذهب عنكم الى الطور لمناجاة الله عز وجل
وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ وانتم ظالمون فى هذا الصنيع الذى صنعتموه من عبادتكم العجل


وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(93)}
يعدد سبحانه وتعالى عليهم خطأهم ومخالفتهم للميثاق وعتوهم واعراضهم عنه حتى رفه الطور عليهم حتى قبلوه ثم خالفوه ولهذا قالوا " سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا"
وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ : اشربوا حبه حتى خلص ذلك فى قلوبهم
قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ: اى بئسما تعتمدونه فى قديم الدهر وحديثه من كفركم بايات الله ومخالفتكم الانبياء ثم اعتمادكم فى كفركم بمحمد صلى الله عليه وسلم وهذا اكبر ذنوبكم واشد الامور عليكم

{قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(94)وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ(95)وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ(96)
فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ: فسلوا الموت ان كنتم صادقين وتعتقدون انكم اولياء الله من دون الناس وانكم من اهل الجنة فباهلوا على ذلك وادعوا على الكاذبين منكم او من غيركم _ اعلموا ان المباهله تستأصل الكاذب لا محاله _ فلما علموا بكذبهم وكذب ابناءهم رجعوا عن المباهله
وكانت المباهلة بالموت لان الحياة عندهم عزيزة عظيمة لما يعلمون من سوء مألهم بعد الموت ولهذا قال الله تعالى : وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ
وقوله تعالى : " وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ اى على طول العمر لما يعلمون مألهم السىء وعاقبتهم عند الله الخاسرة فهم يودون لو تأخروا عن مقام الاخرة بكل ما امكنهم حتى وهم احرص من المشركين الذين لا كتاب لهم وهذا من باب عطف الخاص على العام " وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا"



قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(97)مَنْ كَانَ عَدُوًّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ(98)}
نزلت هذه الايه ردا على اليهود الذينقالوا ان جبريل عدو لهم وان ميكائيل ولى لهم
مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ" اى من عادى جبريل فليعلم انه الروح الامين الذى نزل بالذكر الحكيم على قلبك من الله
فهو رسول من رسول الله ملكى ومن عادى رسولا فقد عادى جميع الرسل كما ان من امن برسول فانه يلزمه الايمان بجميع الرسل وكما ان من كفر برسول فانه يلزم الكفر بجميع الرسل
لهذا غضب الله لجبرائيل على من عاداه فقال تعالى " قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ" اى من الكتب المتقدمة
وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ : اى هدى لقلوبهم وبشرى لهم بالجنة وليس ذلك الا للمؤمنين
ثم قال تعالى : " مَنْ كَانَ عَدُوًّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ" يقول تعالى من عادانى وملائكتى ورسلى – ورسله تشمل رسله من الملائكة ولان اليهود زعموا ان جبريل عدوهم وميكائيل وليهم : فأعلمهم الله تعالى ان من عادى واحدا منهما فقد عادى الاخر وعادى الله ايضا
وقوله فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِين" فيه ايقاع المظهر مكتن المضمر حيث لم يقل فأنه عدو بل قال فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِين

سترك ربى
11-12-2008, 01:12 PM
{وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلا الْفَاسِقُونَ(99)أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ(100)وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ(101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(102)وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(103)}









وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ : اى انزلنا اليك يا محمد علامات واضحات دالات على نبوتك وتلك الايات هى ما حواه كتاب الله من خفايا علوم اليهود من احكامهم التى كانت فى التوراة والتى بدلوها وغيروها فاطلع الله فى كتابه الذى انزله على محمد صلى الله عليه وسلم فكان فى ذلك من امره الايات البينات لمن انصف من نفسه









بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ: يعاهدون اليوم وينقضون غدا








وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ: اى طرح طائفة منهم كتاب الله الذى يايديهم – مما فيه البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم – وراء ظهورهم اى تركوها كأنهم لا يعلمون ما فيها وأقبلوا على تعلم السحر واتباعه



ولهذا ارادوا كيدا برسول الله صلى الله عليه وسلم وسحروه فى مشط ومشاطه وجف طلعة ذكر تحت رعوفة ببئر ذروان فأطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم وشفاه منه






كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ: ان القوم كانوا يعلمون ولكنهم نبذوا علمهم وكتموه وجحدوا به






وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا "’ اى واتبعت اليهود الذين اوتوا الكتاب من بعد اعراضهم عن كتاب الله الذى بأيديهم ومخالفتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترويه الشياطين وتخبر به






وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِه






ذلك ان اليهود كانوا يزعمون انه نزل به جبريل وميكائيل فأكذبهم الله وجعل قوله " هروت ومروت " بدلا من الشياطين فتقدير الكلام : يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت


وكذبهم الله وبرأ سليمان واخبرهم ان السحر عن عمل الشياطين وانها تعلم الناس ذلك ببابل وان الذين يعلمونهم ذلك رجلان : اسمهما هاروت وماروت او انهما ملكين من عند الله نزلا لابتلاء الناس واختبارهم بهذا البلاء






والسحر هذه اختصاره : ان سليمان كان اذا دخل الخلاء او اتى احد ازواجه اعطى خاتمه لزوجته جرادة فجاء الشيطان فى صورة سليمان وقال لها هاتى الخاتم فلما لبسه دانت له الشياطين والانس والجن


فاجاءها سليمان وقال لها هاتى الخاتم فقالت كذبت لست سليمان فعرف سليمان انه ابتلاء ابتلى به



فانطلقت الشياطين فكتبت كتبا فيها سحر وكفر فدفنوها تحت كرسى سايمتن ثم اخرجوها وقرأوها على الناس وقالوا انما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب






وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ: لا يجترىء على السحر الا كافر واما الفتنة فهى المحنة والاختبار وقد استدل بعض العلماء بهذه الاية على تكفير من تعلم السحر






فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ: اى يتعلم الناس من هاروت وماروت من علم السحر انهم يفرقون به بين المرء وزوجه مع ما بينهما من الوفاق والائتلاف





وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَ بِإِذْنِ اللَّهِمن شاء الله سلطهم عليه ومن لم يشأ الله لم يسلطهم ولا يستطيعون ضر احد الا باذن الله






وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْاى يضرهم فى دينهم وليس له نفع يوازى ضرره


" وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ولقد علمو اليهود- الذين استبدلوا السحر عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم – لمن فعلهم ذلم انه ماله نصيب فى الاخرة فالساحر لا خلاق له فى الاخرة





وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون اى لبئس البديل الذى استبدلو به من السحر عوضا عن الايمان ومتابعة الرسول ، لو كان لهم بما وعظوا به



وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ اى ولو انهم امنوا بالله ورسله واتقوا المحارم لكان مثوبة الله خيرا لهم مما استخاروا لانفسهم ورضوا به




:004111:

سترك ربى
11-13-2008, 03:21 PM
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ(104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ(105)}


نهى الله تعالى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولا وفعلا فقال {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
وذلك ان اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدون من التنقيص فإذا أرادوا أن يقولوا: أسمع لنا يقولوا راعنا ويورون بالرعونة وكانوا إذا سلموا إنما يقولون السامٌ عليكم والسام هو الموت وبهذا أمرنا أن نرد عليهم بـ وعليكم .

قوله تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) يبين بذلك تعالى شدة عداوة الكافرين من اهل الكتاب والمشركين الذين حذر الله تعالى من مشابهتهم للمؤمنين ليقطع المودة بينهم وبينهم ونبه تعالى على ما انعم به على المؤمنين من الشرع التام الكامل الذي شرعه لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول تعالى:( وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ(105)).

{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(106)أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ(107){
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ: وأصل النسخ هو نسخ الحكم إلى غيره أي تحويله ونقل عبارة إلى غيرها وسواء نسخ حكمها أو خطها إذ هي في كلتا حالتيها منسوخة
وقوله تعالى : (أَوْ نُنسِهَا) قُرِأت على وجهين ننسأها أي نؤخرها وننسها أي كان الله عز وجل ينسي نبيه صلى الله عليه وسلم ما يشاء وينسخ ما يشاء وقيل نرفعها من عندكم.

وقولهِ:( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا) أي في الحكم بالنسبة إلى مصلحة المكلفين وقوله:( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(106)أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ(107){
يرشد تعالى عباده إلى أنه المتصرف في خلقه بما يشاء فله الخلق والأمر وهو المتصرف.
ألم تعلم يا محمد أن لي ملك السموات والأرض أحكم فيهما بما أشاء وآمر فيهما وأنهى عما أشاء وأنسخ وأبدل وأغير من أحكامي التي أحكم بها في عبادي بما أشاء إذ أشاء وهذا الخبر تكذيب لليهود الذين أنكروا نس أحكام التوراة وجحدوا نبوة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام لمجيئهما بما جاءا به من عند الله بتغيير ما غير الله من حكم التوراة فكما ان لله الملك بلا منازع فكذلك له الحكم بما يشاء.

(أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ(108) ) بل تريدون: والمراد أن الله ذم من سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء على وجه التعنت والاقتراح كما سألت بنوا إسرائيل موسى عليه السلام تعنتا وتكذيبا وعنادا.

وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ: أي من يشترِ الكفر بالإيمان.

( فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ(108) ) : أي خرج عن الطريق المستقيم إلى الجهل والظلام وهكذا حال الذين عدلوا عن تصديق الانبياء إلى مخالفتهم وتكذيبهم والاقتراح عليهم بالاسئلة التي لا يحتاجون إليها على وجه التعنت والكفر.

{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(109)وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(110)}
: يحذر الله تعالى عباده المئمنين عن سلوك طريق الكفار من أهل الكتاب ويعلمهم بعداوتهم لهم في الباطن والظاهر وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين مع علمهم بفضلهم وفضل نبيهم .
مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ: أي من قِبل أنفسم.
مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقّ: أن محمدا رسول الله يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والانجيل فكفروا به حسدا وبغيا ، إذ كان من غيرهم
فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ : يأمر الله عباده المؤمنين بالصفح والعفو او الاحتمال حتى يأتى امر الله من النصر والفتح
وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" يحثهم تعالى على الاشتغال بمل ينفعهم وتعود عليهم عاقبته يوم القيامة من اقام الصلاة وايتاء الزكاة حتى يمكن الله لهم النصر فى الحياة الدنيا

سترك ربى
11-15-2008, 01:42 PM
{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(111)بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ(112)وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(113)}.


يبين تعالى اغترار اليهود والنصارى بما هم فيه حيث ادعت كل طائفة منهما : انه لن يدخل الجنة الا من كان على ملتها

تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ: تمنوها على الله بغير حق

ثم قال تعالى : قُلْ : اى يا محمد" هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ " حجتكم وبينتكم على ذلك

إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ: اى فيما تدعونه

بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ: اى اخلص العمل والدين لله وحده لا شريك له وهو محسن اى اتبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم

للعمل المتقبل شرطين :
احدهما ان يكون خالصا لله وحده
والاخر ان يكون موافقا للشريعة

فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ : ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيا الاجور وامنهم مما يخافون من المحذور ف : ولا خوف عليهم" فيما يستقبلونه ... او فى الاخرة

وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ " : على ما مضى مما يتركونه .. او لا يحزنون للموت

وقوله تعالى : ")وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ " : يدل على تناقضهم وتباعدهم وتباغضهم وتعاديهم وتعاندهم

وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ: بلى قد كانت اوائل النصارى على شىء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا

وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ : بلى قد كانت اوائل اليهود على شىء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا

وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ: " اى وهم يعلمون ان شريعة التوراة والانجيل كل منهما قد كانت مشروعةفى وقت ولكنهم تجاحدوا فيما بينهم عنادا وكفرا ومقابلة للفاسد بالفاسد

َ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: بين بهذا جهل اليهود والنصارى فيما تقابلوه من القول

و" الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ: النصارى واليهود او امم كانت قبل اليهود والنصارى او العرب قالوا ليس محمد على شىء

قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون: اى انه تعالى يجمع بينهم يوم الميعاد وبفصل بينهم بقضائه العدل


{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(114)

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا: هؤلاء المشركون الذين حالوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية وبين ان يدخلوا مكة حتى نحر هديه بذى طوى وهادنهم ، فإذا كان من هو كذلمك مطرودا منها مصدودا عنها فأى خراب لها اعظم من ذلك ؟

وليس المراد بعمارتها زخرفتها انما عمارتها بذكر الله فيها وإقامة شرعه فيها
أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَ خَائِفِينَ : اى : لا تمكنوا هؤلاء اذا قدرتم عليهم من دخولها الا تحت الهدنة والجزية

وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ : على ما انتهكوا من حرمة البيت وامتهنوه من نصب الاصنام والطواف به عرايا الى غير ذلك


:004111:واسالكم الدعاء

سترك ربى
11-18-2008, 01:10 PM
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(115)}


وهذا – والله اعلم فيه تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه الذين اخرجوا من مكة وفارقوا مسجدهم ومصلاهم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بمكة الى بيت المقدس والكعبة بين يديه فلما قدم المدينة وجه الى بيت المقدس ستة عشر شهرا او سبعة عشر شهرا ، ثم صرفه الله الى الكعبه بعد ولهذا يقول الله تعالى : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ"

فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ: قبلة الله اينما توجهت شرقا او غربا .. وقيل حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها

إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ: يسع خلقه كلهم بالكفايه والجود والافضال

واما قوله: عليم : فإنه يعنى عليم بأعمالهم ما يغيب عنه منها شىء


{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ(116)بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(117)
سُبْحَانَهُ تنزه عما ادعاه اليهود والنصارى ومشركى العرب من ان لله ولد او ان الملائكة بنات الله


بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ اى : اى ليس الامر كما افتروا ، وانما له ملك السموات والارض ومن فيهن وهو خالقهم ورازقهم والجميع عبيد له وملك له فكيف يكون له ولد منهم


كل له قانتون : قيل مصلون وقيل مقرون له بالعبودية او مخلصون وقيل كل قائم يوم القيامة وقيل مطيعون


بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ : اى خالقهما على غير سبق ، مبدعها ومنشأها
وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ: يبين بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه ، وتنه اذا قدر امرا وأراد امرا وأراد كونه فإنما يقول : كن اى مرة واحده ، فيكون اى فيوجد على وفق ما اراد


وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(118)}.


هذا قول كفار العرب : لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ : اى يخاطبنا بنبوتك يا محمد

كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ : قالوا هم اليهود والنصارى

تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ: اى اشبهت قلوب مشركى العرب قلوب من تقدمهم فى الكفر والعناد

قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ : اى قد اوضحنا الدلالات على صدق الرسل بما لا يحتاج معها الى سؤال اخر

{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ(119)

بشيرا بالجنة ونذيرا من النار

وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ : اى لا نسألك عن كفر من كفر بك


وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ(120)الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(121)}.


وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ : وليست اليهود – يا محمد- ولا النصارى براضيه عنك ابدا فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم واقبل على طلب رضا الله فى دعائهم الى ما بعثك الله به من الحق


قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى : اى قل يا محمد ان هدى الله الذى بعثنى به هو الهدى يعنى هو الدين المستقيم الصحيح


وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ: فيه تهديد ووعيد شديد للامة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى بعدما علموا من القران والسنة فإن الخطاب مع الرسول والامر لامته


الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ : قيل هم اليهود والنصارى وقيل هم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و "حَقَّ تِلاَوَتِهِ" اى يتبعونه حق اتباعه


أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ: خبر عن: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ /: اى من اقام كتابه من اهل الكتب المنزلة على الانبياء المتقدمين حق اقامته، امن بما ارسلتك به يا محمد

وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ : ومن يكفر برسالة محمد يدخل النار

{يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ(122)وَاتَّقُوا يَوْمًا لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(123)}.

وقد تقدم نظير هذه الايه فى صدر السورة وكررت هاهنا للتأكيد والحث على اتباع النبى تلامى الذى يجدون وصفه فى كتبهم


{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ(124)

وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ :اى : واذكر يا محمد لهؤلاء المشركين واهل الكتابين الذين ينتحلون ملة ابراهيم وليسوا عليها اذكر لهم ابتلاء ابراهيم اى اختباره له بما كلفه به من الاوامر والنواهى

بِكَلِمَاتٍ : اى بشرائع واوامر ونواه

فَأَتَمَّهُنَّ : اى قام بهن كلهن

إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا : اى جزاء على ما فعل ، كما قام بالاوامر وترك الزواجر جعله الله للناس قدوة واما يقتدى به


وقيل فى تعيين الكلمات التى اختبر الله بها ابراهيم الخليل :


- ابتلاه الله بالمناسك
- ابتلاه بالطهاره : خمس فى الرأس وخمس فى الجسد فى الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس وفى الجسد تقليم الاظفار وحلق العانة والختان ونتف الابط وغسل اثر الغائط والبول بالماء
- ابتلاه بالكواكب والشمس والقمر
- ابتلاه بالهجره من بلاده
- ابتلاه بالنار قبل الهجره
- وابتلاه الله بذبح ابنه



قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ: لما جعل الله ابراهيم اماما ، سأل الله ان تكون الائمة من بعده من ذريته فأجيب الى ذلك انه سيكون من ذريته ظالمون وانه لا ينالهم عهد الله

سترك ربى
11-23-2008, 01:03 PM
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ(125)


مضمون ما فسر به الائمة هذه الاية : ان اللهتعالى يذكر شرف البيت وما جعله موصوفا به شرعا وقدرا من كونه مثابة للناس اى جعله محلا تشتاق اليه الارواح وتحن اليه ولا تقضى منه وطرا ولو ترددت اليه كل عام


وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى : المقام هو الحجر الذى كان ابراهيم عليه السلام يقوم عليه لبناء الكعبة وفى هذا امر بأن يصلى المسلمون عنده لا ان يقوموا بمسحه


وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ : امرهما الله ان يطهراه من الاذى والنجس

أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ : قال من الاوثان وقيل : أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ : اى بلا اله الا الله من الشرك

وقوله لِلطَّائِفِينَ : فالطواف بالبيت معروف وَالْعَاكِفِينَ: المقيمين فيه وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ : اذا كان مصليا فهو من الركع السجود



وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(127)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(128)


قوله تعالى : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ : اى امنا من الخوف لا يرعب اهله وقد فعل الله ذلك شرعا وقدرا ذلك قول ابراهيم يسأل ربه ويحجر الدعاء على المؤمنين دون الناس فأنزل الله وَمَنْ كَفَرَ ايضا ارزقهم كما ارزق المؤمنين


ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ : اى : ثم ألجئه بعد متاعه فى الدنيا وبسطنا عليه من ظلها الى عذاب النار وبئس المصير ... اى ان الله ينظرهم ويمهلهم ثم يأخذهم اخذ عزيز مقتدر



وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(127)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ


فالقواعد هى السارية والاساس يقول تعالى وتذكر يا محمد لقومك بناء ابراهيم واسماعيل عليهما السلام – البيت ورفعهما القواعد وهما يقولا رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ: يعنيان بذلك واجعلنا مستسلمين لامرك خاضعين لطاعتك لا نشرك معك فى الطاعة احدا سواك ولا فى العبادة غيرك



رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(129)}.


يقول تعالى اخبارا عن تمام دعوة ابراهيم عليه السلام لاهل الحرم : ان يبعث الله فيهم رسولا منهم اى : من ذرية ابراهيم وقد وافقت هذه الدعوة المستجابة قدرالله السابق فى تعيين محمد-صلى الله عليه وسلم- رسولا فى الاميين اليهم والى سائر الاعجمين من الانس والجن


وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ : القرأن


الْحِكْمَةَ : السنة وقيل الفهم فى الدين وقيل يعلمهم الخير فيفعلوه والشر فيتقوه


إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ : اى العزيز الذى لا يعجزه شىء وهو قادر على كل شىء الحكيم فى افعاله واقواله فيضع الاشياء فى محالها لعلمه وحكمته وعدله



{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ(130)إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(131)وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(132)


وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ : اى : ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحق الى الضلال جيث خالف طريق من اصطفى فى الدنيا للهدايه والرشاد من حداثة سنه الى ان اتخذه الله خليلا وهو فى الاخره من الصالحين السعداء فمن ترك طريقه هذا ومسلكه وملته واتبع طرق الضلاله والغى فأى سفه اعظم من هذا ام اى ظلم اكبر من هذا كله ؟


إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ : اى امره الله تعالى بالاخلاص والاستسلام والانقياد فأجاب الى ذلك شرعا وقدرا


وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ : اى وصى بهذه المله- وهى الاسلام لله- اى حافظوا عليها ووصوا ابناءهم بها من بعدهم


يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ : اى احسنوا فى حال الحياة والزموا هذا ليرزقكم الله الوفاة عليه فإن المرء يموت غالبا على ما كان عليه

سترك ربى
11-24-2008, 01:37 PM
أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(133)تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(134)}


يقول تعالى محتجا على المشركين من العرب ابناء اسماعيل عليه السلام وعلى الكفار من بنى اسرائيل – وهو يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام – بأن يعقوب لما حضرته الوفاة وصى بنيه بعبادة الله وحده لا شريك له فقال لهم مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ" وهذا من باب التغليب لان اسماعيل عمه : والعرب تسمى العم ابا


إِلَهًا وَاحِدًا : اى نوحده بالالوهيه ولا نشرك به شيئا


وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ: اى مطيعون خاضعون


تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ : اى مضت لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ : اى ان السلف الماضيين من اباءكم من الانبياء و الصالحين لا ينفعكم انتسابكم اليهم اذا لم تفعلوا خيرا يعود نفعه عليكم فإن لهم اعمالهم التى فعلوها ولكم اعمالكم



{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةََ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(135)


قُلْ بَلْ مِلَّةََ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا : اى لا نريد ما دعوتمونا اليه من اليهودية والنصرانيه بل نتبع مِلَّةََ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا: اى مستقيما


والحنيف : الذى يستقبل البيت بصلاته ويرى ان حجه عليه ان استطاع اليه سبيلا

قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(136)


ارشد الله تعالى عباده المؤمنين الى الايمان بما انزل اليهم بواسطة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم مفصلا وما انزل على الانبياء المتقدمين مجملا ونص على اعيان من الرسل واجمل ذكر بقية الانبياء وان لا يفرقوا بين احد منهم بل يؤمنوا بهم كلهم ( والاسباط هم شعوب بنى اسرائيل )



فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(137)}صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ(138)
يقول تعالى: فَإِنْ آمَنُوا ، يعنى الكفار من اهل الكتاب وغيرهم بمثل ما امنتم به – يا ايها المؤمنون – من الايمان بجميع كتب الله ورسله ولم يفرقوا بين احد منهم فَقَدِ اهْتَدَوا اى : فقد اصابوا الحق وارشدوا اليه وَإِنْ تَوَلَّوْا : اى عن الحق الى الباطل بعد قيام الحجة عليهم فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ اى فسينصرك عليهم ويظفرك بهم وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(137)}



صِبْغَةَ اللَّهِ اى دين الله اما على الاغراء كقوله : "فطرت الله "اى الزموا ذلك عليكموه وقال بعضهم : بدلا من قوله : ملة ابراهيم




قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ(139)أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ ءَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(140)تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(141)}.
قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ اى قل يا محمد للكافرين تناظروننا فى توحيد الله والاخلاص له وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ المتصرف فينا وفيكم المستحق لاخلاص الالهيه له وحده لا شريك له


وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ : اى نحن براء منكم كما انتم براء منا ونحن له مخلصون اى فى العبادة والتوجه


أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى: ثم انكر تعالى عليهم فى دعواهم : ان ابراهيم ومن ذكر بعده من الانبياء والاسباط كانوا على ملتهم إما اليهودية وإما النصرانية فقال : قُلْ ءَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ : يعنى بل الله اعلم ، وقد اخبر انهم لم يكونوا هودا ولا نصارا


وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ : كانوا يقرءون فى كتاب الله الذى اتاهم ان الدين الاسلام وان محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله وان ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط كانوا براء من اليهودية والنصرانية فشهدوا الله بذلك واقروا على انفسهم لله فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك


وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ : تهديد ووعيد اى ان علمه محيط بعملكم وسيجزيكم عليه


تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ : اى قد مضت


لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ : اى لهم اعمالهم ولكم اعمالكم


وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ : وليس يغنى عنكم انتسابكم اليهم من غير متابعة منكم لهم ولا تغتروا بمجرد النسب اليهم حتى تكونوا منقادين مثلهم لاوامر الله واتباع رسله الذين بعثوا مبشرين ومنذرين فإنه من كفر بنبى واحد فقد كفر بسلئر الرسل ولا سيما بسيد الانبياء وخاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر انبياء الله اجمعين



:004111:أسالكم الدعاء

سترك ربى
11-30-2008, 12:17 PM
{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ(143)}

قيل المراد بالسفهاء هنا : مشركوا العرب وقيل احبار اليهود وقيل المنافقون والاية عامة فى هؤلاء كلهم والله اعلم

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمر باستقبال الصخرة من بيت المقدس فكان بمكة يصلى بين الركنين وهو مستقبل صخرة بيت المقدس فلما هاجر الى المدينة تعذر الجمع بينهما فأمره الله بالتوجه الى بيت المقدس

واستمر الامر هكذا بضعة عشر شهرا وكان صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء والابتهال ان يوجه الى الكعبة التى هى قبلة ابراهيم عليه السلام فُأًًُجيب الى ذلك فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس واعلمهم ذلك وكان اول صلاة صلاها اليها هى صلاة العصر

ولما وقع هذا حصل لبعض الناس من اهل النفاق الكفرة من اليهود ارتياب وزيغ عن الحق وقالوا : " مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا"

فالحكم والتصرف كله لله فنحن عبيده وفى تصرفه وخدامه حيثما وجهنا توجهنا : " قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

وقوله تعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" يقول تعالى إنما حولناكم الى قبلة ابراهيم عليه السلام واخترناها لكم لنجعلكم خيار الامم ، لتكونوا يوم القيامة شهداء على الامم لان الجميع معترفون لكم بالفضل والوسط هاهنا : الخيار والاجود كما يقال : قريش اوسط العرب نسبا ودارا اى خيرها

وقوله تعالى : " وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ " يقول تعالى انما شرعنا لك يا محمد التوجه اولا الى بيت المقدس ثم صرفناك عنه الى الكعبة ليظهر حال من يتبعك ويطيعك ويستقبل معك حيثما توجهت ممن ينقلب على عقبيه

وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً : اى هذه الفعلة وهو صرف التوجه عن بيت المقدس الى الكعبة
إِلاَ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ : اى ان هذا الامر عظيما فى النفوس الا على الذين هدى الله قلوبهم وايقنوا بتصديق الرسول

وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ : اى صلاتكم الى بيت المقدس قبل ذلك ، ما كان يضيع ثوابها عند الله

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ(144)

عن البراء ان النبى صلى الله عليه وسلم صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا او سبعة عشر شهرا وكان يعجبه قبلته قبل البيت وانه صلى صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان يصلى معه فمر على اهل المسجد وهم راكعون فقال : اشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبل مكة فداروا كما هم قِبِل البيت


وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ: امر تعالى استقبال الكعبة منجميع جهات الارض شرقا وغربا وشمالا وجنوبا
ولا يستثنى من هذا الا النافلة فى حالة السفر فإنه يصليها حيثما توجه قلبه وقالبه نحو الكعبة

وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ : اى واليهود الذين انكروا استقبالكم الكعبة وانصرافكم عن بيت المقدس يعلمون ان الله تعالى سيوجهك اليها بما فى كتبهم عن انبيائهم من النعت والصفة لرسول الله وامته ولهذا تهددهم تعالى بقوله : وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ



وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ(145)

يخبر تعالى عم كفر اليهود وعنادهم ومخالفتهم ما يعرفونه من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه لو اقام عليهم كل دليل على صحة ما جاءهم به

وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ: اخبار عن شدة متابعة رسول الله لما امره الله تعالى به
وانه لا يتبع اهواءهم فى جميع احواله ولا كونه متوجها الى بيت المقدس لكونها قبلة اليهود وانما ذلك عن امر الله ثم حذر تعالى عن مخالفة الحق الذى يعلمه العالم الى الهوى فإن العالم الحجة عليه اقوم من غيره ولهذا قالمخاطبا للرسول والمراد به الامة : " وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ"


الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(146)الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ(147)}

يخبر تعالى ان علماء اهل الكتاب يعرفون صحة ما جاءهم له الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرف احدهم ولده..... ثم اخبر تعالى انهم مع هذا التحقق والاتقان العلمى " لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ" اى ليكتمون الناس ما فى كتبهم من صفة النبى صلة الله عليه وسلم وَهُمْ يَعْلَمُونَ

ثم ثبت نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين واخبرهم بأن ما جاء به الرسول هو الحق الذى لا مرية فيه ولا شك فقال : " الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ"
{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(148)

لليهودى وجهة هو موليها وللنصرانى وجهة هو موليها وهداكم انتم ايتها الامة الى القبلة التى هى القبلة

أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ : اى هو قادر على جمعكم من الارض وان تفرقت اجسادكم وابدانكم

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(150)

هذا امر ثالث من الله تعالى باستقبال المسجد الحرام من جميع اقطار الارض

لِئَلاَ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ : اى اهل الكتاب فإنهم يعلمون من صفة هذه الامة التوجه الى الكعبة فإذا فقدوا ذلك من صفتها ربما احتجوا بها على المسلمين ولئلا يحتجوا بموافقة المسلمين فى التوجه الى بيت المقدس

فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي: اى لا تخشوا شُبه الظلمة المتعنتين وافردوا الخشية لى

وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ : اى : لاتم نعمتى عليكم فيما شرعت لكم من استقبال الكعبة لتكمل لكم الشريعة من جميع وجوهها

وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ : اى : الى ما ضلت عنه الامم هديناكم اليه وخصصناكم به ولهذا كانت هذه الامة اشرف الامم وافضلها

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ(151)فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ(152)}

يذكر تعالى عباده المؤمنين ما انعم به عليهم من بعثة الرسوب صلى الله عليه وسلم اليهم يتلو عليهم ايات الله مبينات وَيُزَكِّيكُمْ اى يطهرهم من رذائل الاخلاق وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وهو القرأن

وَالْحِكْمَةَ وهى السنة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون

ولهذا ندب الله سبحانه وتعالى المؤمنين الى الاعتراف بهذه النعمة ومقابلته بذكره وشكره فقال : " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ"

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(153)وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ(154)

لما فرغ تعالى من بيان الامر بالشكر شرع فى بيان الصبر والاستعانة بالصبر والصلاة فإن العبد لإما ان يكون فى نعمة فيشكر عليها او فى نقمة فيصبر عليها

والصبر صبران : فصبر على ترك المحارم والمأثم وصبر على فعل الطاعات والقربات واما الصبر الثالث وهو الصبر على المصائب

وقوله : " وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ" يخبر تعالى ان الشهداء فى برزخهم احياء يرزقون

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ(155)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(156)أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ(157)}

اخبرنا تعالى انه يبتلى عباده اى يختبرهم ويمتحنهم
بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ: اى بقليل من ذلك

وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ اى ذهاب بعضها

وَالأَنفُسِ كموت الاصحاب والاقارب والاحباب

وَالثَّمَرَاتِ : اى لا ُتغل الحدائق والمزارع كعادتها

وهذ مما يختبر عباده فمن صبر اثابه ومن قنط احل به عقابه ولهذا قال وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
ثم بين تعالى من الصابرون الذين شكرهم فقال : الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ " اى تسلوا بقولهم هذا عما اصابهم وعلموا انهم ملك لله يتصرف فى عبيده بما يشاء فأحدث لهم ذلك اعترافهم بانهم عبيده وانهم اليه راجعون فى الدار الاخرة لهذا اخبر تعالى عما اعطاهم على ذلك فقال : " أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ : اى ثناءً من الله عليهم وامنة من العذاب


وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ فهؤلاء اعطوا الثواب وهو الامن وايدوا ايضا عليه




:astagfor: :004111: :011:

محبة الرسول الكريم
12-11-2008, 04:49 AM
جزاكِ الله خيراً أُخيتي

مجهود مبارك أثابكِ الله عليه يوم لاينفع مالٌ ولا بنون

ولي عندكِ طلب

ممكن تغيري توقيعك

وجزاكِ الله خيراً

سترك ربى
12-13-2008, 03:51 PM
جزاكِ الله خيراً أُخيتي

مجهود مبارك أثابكِ الله عليه يوم لاينفع مالٌ ولا بنون

ولي عندكِ طلب

ممكن تغيري توقيعك

وجزاكِ الله خيراً

جزاكِ الله خيرا محبة الرسول وحاضر انا غيرت التوقيع
وكل عام وانتِ وجميع المسلمين بخير
هيا بنا نتابع ان شاء الله

...........................

سترك ربى
12-13-2008, 03:53 PM
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ(158)
اُنزلت :
- لان الانصار قبل ان يسلموا كانوا يُهلون لمناة الطاغية التى كانوا يعبدونها وكان من اهل لها يتحرج ان يطوف بالصفا والمروة فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله انا كنت نتحرج ان نطوف بالصفا والمروة فى الجاهلية فأنزل الله :
"إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا"
وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا : اى زاد فى طوافه بينهما على قدر الواجب ثامنة وتاسعة ونحو ذلكوقيل يطوف بينهما فى حجة تطوع وقيل المراد تطوع خيرا فى سائر العبادات
فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ : اى يثيب على القليل بالكثير عليم بقدر الجزاء فلا يبخس احد ثوابه




إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَعِنُونَ(159)إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(160)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(161)خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ(162)}.
هذا وعيد شديد لمن كتم ما جاءت به الرسل من الدلالات البينة على المقاصد الصحيحة والهدى النافع للقلوب من بعد ما بينه الله تعالى لعباده فى كتبه التى انزلها على رسله
أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَعِنُونَ : قيل دواب الارض والبهائم وقيل كل دابة والجن والانس وقيل تلعنهم الملائكة والمؤمنون وكاتم العلم يلعنه الله والملائكة والناس اجمعون
ثم استثنى الله تعالى من هؤلاء من تاب اليه فقال : إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا " اى رجعوا واصلحوا اعمالهم وبينوا للناس ما كانوا يكتمونه
وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيم : وفى هذ دلالة على ان الداعية الى كفر او بدعة اذا تاب الى الله تاب الله عليه
ثم اخبر تعالى عمن كفر به واستمر به الحال الى مماته بأن " عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(161)خَالِدِينَ فِيهَا" اى فى اللعنة التابعة لهم الى يوم القيامة ثم المصاحبة لهم فى نار جهنم التى " لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ " اى لا ينقص عما هم فيه وَلا هُمْ يُنظَرُونَ اى لا يُغير عنهم ساعة واحدة بل هو متواصل دائم

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ(163)
يخبر تعالى عن تفرده بالالهية وانه لا شريك له ولا عديل له بل هو الله الواحد الاحد الفرد الصمد الذى لا اله الا هو الرحمن الرحيم ثم ذكر الدليل على تفرده بالالهيه بخلق السموات والارض وما فيهما وما بين ذلك مما ذرأ وبرأ من المخلوقات الدالة على وحدانيته

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(164)
يقول تعالى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ: تلك فى ارتفاعها واتساعها وكواكبها السيارة والثوابت ودوران فلكها وهذه الارض فى كثافتها وانخفاضها وكواكبها وجبالها وبحارها وقفارها واختلاف الليل والنهار : هذا يجىء ثم يذهب ويخلفه الاخر ويعقبه وتارة يطول هذا ويقصر هذا
وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ : اى فى تسخير البحر بحمل السفن من جانب الى جانب لمعايش الناس
وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ: اى على اختلاف اشكالها والوانها ومنافعها وصغرها وكبرها وهو يعلم ذلك كله ولا يخفى عليه شىء من ذلك
وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ : اى فتارة تأتى بالرحمة وتارة تأتى بالعذاب وتارة تأتى مبشرة بين يدى السحاب وتارة تُسوقه وتارة تجمعه وتارة تفرقه وتاره تصرفه .......
وقوله تعالى : وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ : اى سائر بين السماء والارض مسخر الى ما يشاء الله من الاراضلا والاماكن كما يصرفه تعالى
لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ : اى فى هذه الاشياء دلالات بينة على وحدانية الله تعالى

{وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ(165)إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ(166)وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ(167)}.
يذكر تعالى حال المشركين به فى الدنيا وما لهم فى الدار الاخرة حيث جعلوا له اندادا اى امثالا ونظراء يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ : ولحبهم لله وتمام معرفتهم به وتوقيرهم له لا يشركون به شيئا بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه ويلجئون اليه فى كل امورهم
ثم توعد تعالى المشركين به الظالمين لانفسهم بذلك فقال : وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا" اى لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذ ان القوة لله جميعا
ثم اخبر عن كفرهم بأوثانهم وتبرىء المتبوعين من التابعين فقال : إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا" تبرأت منهم الملائكة الذين كانوا يزعمون انهم يعبدونهم فى الدار الدنيا
وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ : اى عاينوا عذاب الله وتقطعت بهم الحيل واسباب الخلاص ولم يجدوا عن النار معدلا ولا مصرفا وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ : المودة ، وقيل تقطعت المودة
وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا: اى لو ان لنا عودة الى الدار الدنيا حتى نتبرأ من هؤلاء ومن عبادتهم فلا نلتفت اليهم بل نوحد الله وحده بالعبادة وهم كاذبون فى هذا بل لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون
كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ :اى تذهب وتضمحل ولهذا قال تعالى " وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ"

سترك ربى
12-13-2008, 03:54 PM
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(168)إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ(169)
لما بين تعالى انه لا اله الا هو وانه المستقل بالخلق شرع يبين انه الرزاق لجميع خلقه فذكر فى مقا الامتنان : انه اباح ان يأكلوا مما فى الارض فى حال كونه حلالا من الله طيبا اى : مستطاب فى نفسه غير ضار للابدان والعقول ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان وهى طرائقه ومسالكه فيما اضل اتباعه فيه
وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ : قيل : كل معصية لله فهى من خطوات الشيطان وقيل هى نزغات الشيطان وقيل خطاه
وقوله تعالى : إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " تنفير عنه وتحذير منه
إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ: اى انما يأمركم عدوكم الشيطان بالافعال السيئة وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه وأغلظ من ذلك وهو القول على الله بلا علم فيدخل فى هذا كل كافر وكل مبتدع ايضا

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ(170)وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ(171)}.
يقول تعالى : واذا قيل لهؤلاء الكفرة من المشركين اتبعوا ما انزل الله على رسوله واتركوا ما انتم عليه من الكفر والضلال قالوا فى جواب ذلك : بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا اى ما وجدنا عليه اباءنا من عبادة الاصنام والانداد
قال تعالى منكرا عليهم " أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ الذين يقتدون بهم ويقتفون اثرهم لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ اى ليس لهم فهم ولا هداية
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا :اى فيما هم فيه من الغى والضلال والجهل كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَ دُعَاءً وَنِدَاءً" كالدواب السارحة التى لا تفقه ما يقال لها بل اذا نعق بها راعيها اى دعاها الى ما يرشدها لا تفقه ما يقول ولا تفهمه بل انما تسمع صوته فقط
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ : اى صم عن سماع الحق بكم لا يتفوهون به عمى عن رؤية طريقة ومسلكه
فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ: اى لا يعقلون شيئا ولا يفهمونه


{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(172)إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(173)}.
يقول تعالى امرا عباده المؤمنين بالاكل من طيبات ما رزقهم وان يشكروه سبحانه على ذلك ان كانوا عبيده
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَقَالَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ
ولما امتن تعالى عليهم برزقه وارشدهم الى الاكل من طيبه ذكر انه لم يحرم عليهم من ذلك الا الميتة وهى التى تموت حتف انفها من غير تذكية وسواء كانت منخنقة او موقوذة او متردية او نطيحة او عدا عليها السبع
ثم اباح تعالى تناول ذلك عند الضرورة والاحتياج اليها عند فقد غيرها من الاطعمة فقال : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ : اى فى غير بغى ولا عدوان وهو مجاوزة الحد فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ اى فى اكل ذلك إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(174)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ(175)ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ(176)}
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ: اى اليهود الذين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم فى كتبهم التى بأيديهم وكتموا ذلك لئلا تذهب رياستهم وما كانوا يأخذونه من العرب من الهدايا والتحف على تعظيمهم اباءهم
وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً : وهو عرض الحياة الدنيا
أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَ النَّار: اى انما يأكلون ما يأكلونه فى مقابلة كتمان الحق نارا تأجج فى بطونهم يوم القيامة
وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : وذلك لانه تعالى غضبان عليهم لانهم كتموا وقد علموا فاستحقوا الغضب فلا ينظر اليهم ولا يزكيهم اى يثنى عليهم ويمدحهم بل يعذبهم عذابا اليما
قال تعالى مخبرا عنهم : أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى اى اعتاضوا عن الهدى وهو نشر ما فى كتبهم من صفة الرسول ، استبدلو عن ذلك واعتاضوا عنه الضلالة وهو تكذيبه والكفر به وكتمان صفاتهم فى كتبهم
وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ: اى اعتاضوا عن المغفرة بالعذاب
فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ : يخبر تعالى انهم فى عذاب شديد عظيم هائل يتعجب من رأهم فيها من صبرهم على ذلك مع شدة ما هم فيه من العذاب والنكال والاغلال : ويعنى ايضا فما ادومهم لعمل المعاصى التى تفضى بهم الى النار
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ: اى انما استحقوا هذا العذاب الشديد لان الله تعالى انزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الانبياء قبله كتبه بتحقيق الحق وابطال الباطل وهؤلاء اتخذوا ايات الله هزوا فكتابهم يأمرهم بإظهار العلم ونشره فخالفوه وكذبوه ولها استحقوا العذاب والنكال : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ(177)}.
لما امر الله تعالى المؤمنين اولا بالتوجه الى بيت المقدس ثم حولهم الى الكعبة شق ذلك على نفوس طائفة من اهل الكتاب وبعض المسلمين فأنزل الله بيان حكمته فى ذلك وهو ان المراد امتثال اوامره وطاعته سبحانه والتوجه حيثما وجهفهذا هو البر وليس فى لزوم التوجه الى جهة من المشرق او المغرب بِر ولا طاعة ان لم يكن عن امر الله وشرعه ولهذا قال لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
والايه جامعة لجميع انواع البر وهو الايمان بالله وانه لا اله الا هو والتصديق بوجود الملائكة والكتب المنزلة من السماء على الانبياء والايمان بأنبياء الله كلهم
وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ: اى اخرجه وهو محب له راغب فيه
ذَوِي الْقُرْبَى : وهم قرابات الرجل وهم اولى من اعطى من الصدقة
وَالْيَتَامَى : هم الذين لا كاسب لهم وقد مات اباؤهم وهم ضعفاء صغار دون البلوغ والقدرة على التكسب
وَالْمَسَاكِينَ: وهم الذين لا يجدون ما يكفيهم فى قوتهم وكسوتهم وسكناهم
وَابْنَ السَّبِيلِ : وهو المسافر المجتاز الذى قد فرغت نفقته فيعطى ما يوصله لبلده وكذا الذى يريد سفرا فى طاعة فيعطى ما يكفيه فى ذهابه وايابه
وَالسَّائِلِينَ: وهم الذين يتعرضون للطلب فيعطون من الزكوات والصدقات
وَفِي الرِّقَابِ : وهم المكاتبون الذين لا يجدون ما يؤدونه فى كتابتهم
وَأَقَامَ الصَّلاةَ :اى واتم افعال الصلاة فى اوقاتها بركوعها وسجودها وخشوعها
وَآتَى الزَّكَاةَ : يحتمل ان يكون المراد به زكاة النفس وتخليصها من الرذائل ويحتمل ان يكون المراد زكاة المال
وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا : كقوله تعالى " الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق"
وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ: اى فى حال الفقر وهو البأساء وفى حال المرض والاسقام وهو الضراء وَحِينَ الْبَأْسِ: اى فى حال القتال والتقاء الاعداء
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا : اى هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات هم الذين صدقوا فى ايمانهم لانهم حققوا الايمان القلبى بالاقوال والافعال فهؤلاء الذين صدقوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ، لانهم اتقوا المحارم وفعلوا الطاعات

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(178)وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179)}.
يقول تعالى كتب عليكم العدل فى القصاص ايها المؤمنون حركم بحركم وعبدكم بعبدكم وانثاكم بأنثاكم ولا تتجاوزوا و تعتدوا كما اعتدى من كان قبلكم وسبب ذلك قريظة والنضير فكانو بنو نضير قد غزت قريظة فى الجاهلية وقهروهم فكان اذا قتل النضرى القرظى لا يقتل به بل يفادى بمائة وسقِِ ِِ من التمر واذا قتل القرظى النضرى قُتل وان فادوه فدوه بمائتى وسق من التمر ، فأمر الله بالعدل فى القصاص
بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ: فالعفو ان يقبل الدية فى العمد او اخذ الدية بعد استحقاق الدم وذلك العفو : فعل الطالب اتباع بالمعروف اذا قبل الدية
وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ: يعنى : من القاتل من غير ضرر ولا معْك يعنى المدافعة
ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ : انما شرع لكم اخذ الدية فى العمد تخفيفا من الله عليكم ورحمة بكم مما كان محتوما على الامم قبلكم من القتل او العفو
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ: وفى شرع القصاص لكم وهو قتل القاتل حكمة عظيمة لانه اذا علم القاتل انه يُقتل انكف عن صنيعه فكان فى ذلك حياة للنفوس
يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ: يا اولى العقول والافهام والنهى لعلكم تنزجرونوتتركون محارم الله ومأثمه والتقوى اسم جامع لفعل الطاعات وترك المنكرات

محبة الرسول الكريم
12-14-2008, 12:39 AM
جزاكِ الله خير الجزاء

ونفع الله بكِ

يا حبيبة

سترك ربى
12-18-2008, 03:29 PM
جزاكِ الله خير الجزاء

ونفع الله بكِ

يا حبيبة


اللهم امين واياكى
نتابع ان شاء الله

سترك ربى
12-18-2008, 03:30 PM
{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ(180)فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(182)}.
اشتملت هذه الاية الكريمة على الامر بالوصية للوالدين والاقربين
إِنْ تَرَكَ خَيْرًا: اى مالا
ِبالْمَعْرُوفِ: اى بالرفق والاحسان والمراد بالمعروف ان يوى لاقربيه وصية لا تجحف بورثته من غير اسراف ولا تقتير
فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ : فمن بدل الوصية وحرفها فغير حكمها وزاد فيها او نقص ، ويدخل فى ذلك الكتمان لها بطريق الاولى فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ اى وقع اجر الميت على الله وتعلق الاثم بالذين بدلوا ذلك ِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ: : اى قد اطلع على ما اوصى به الميت وهو عليم بذلك وبما بدله الموصى اليهم
فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا - الاية : الجنف : الخطأ وهذا يشمل انواع الخطأ كلها ، بأن زادوا وارثا بواسطة او وسيلة ، كما اذا اوصى ببيعة الشىء الفلانى محاباة او اوصى لابن ابنته ليزيد او نحو ذلك من الوسائل ، إما مخطئا غير عامد بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر او متعمدا اثما فى ذلك فللوصىِّ – والحاله هذه- ان يصلح القضية ويعدل فى الوصية على الوجه الشرعى وهذا الاصلاح والتوفيق ليس من التبديل فى شىء

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(183)أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(184)
يقول تعالى مخاطبا للمؤمنين من هذه الامة وامرا لهم بالصيام وهو الامساك عن الطعام والشراب والوِقاع بنية خالصة لله وذكر انه كما اوجبه عليهم فقد اوجبه على من كان قبلهم ولهذا قال : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ لان الصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان
ثم بين حكم الصيام على ما كان عليه الامر فى ابتداء الاسلام فقال فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ: اى المريض والمسافر لا يصومان فى حال المرض والسفر لما فى ذلك من المشقة عليهما بل يفطران ويقضيان بعدة ذلك من ايام اخر
واما الصحيح المقيم الذى يطيق الصيام فقد كان مخيرا بين الصيام وبين الاطعام فان افطر اطعم عن كل يوم مسكينا فإن اطعم اكثر كان خيرا وان صام فهو افضل من الطعام ، قاله عدد من السلف : ولهذا قال تعالى : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
ثم ان الله انزل الايه الاخرى شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ الى قوله فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الاطعام للكبير الذى لا يستطيع الصيام

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(185)}
يمدح الله تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لانزال القرأن العظيم فيه وقد ورد الحديث بأنه الشهر الذى تنزلت فيه الكتب الالهيه على الانبياء
هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ: هذا مدح للقرأن الذى انزله الله هدى لقلوب ممن امن به وصدقه واتبعه وَبَيِّنَاتٍ اى ودلائل وحجج بينة واضحة
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ: هذا ايجاب حتم على من شهد استهلال الشهر اى كان مقيما فى البلد حين دخل شهر رمضان وهو صحيح فى بدنه ان يصوم لا محاله ونسخت هذه الايه الاباحة المتقدمة لمن كان صحيحا مقيما ان يفطر ويفدىولما خُتم الصيام اعاد ذكر الرخصة للمريض وللمسلفر فى الافطار بشرط القضاء فقال : وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر
ومعناه : ومن كان به مرض فى بدنه يشق عليه الصيام معه او يؤذيه او كان على سفر فله ان يفطر فإذا افطر فعليه عدة ما افطره من الايام ولهذا قال : َ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ: اى انما رخص لكم فى الفطر فى حال المرض والسفر مع تحتمه فى حق المقيم الصحيح تيسيرا عليكم ورحمة بكم
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ: وانما امركم بالقضاء لتكملوا عدة شهركم
وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ: اى ولتذكروا الله عند انقضاء عبادتكم ولهذا جاءت السنة باستحباب التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات المكتوبات
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: اى اذا قمتم بما امركم الله من طاعته بأداء فرائضه وترك محارمه وحفظ حدوده فلعلكم ان تكونوا من الشاكرين بذلك

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(186)
ان الله تعالى لا يخيب دعاء داعٍ ولا يشغله عنه شىء بل هو سميع الدعاء وفى ذكره تعالى هذه الايه الباعثة على الدعاء متخللة بين احكام الصيام ارشاد الى الاجتهاد فى الدعاء عند اكمال العدة بل وعند كل فطر

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(187)}
هذه رخصة من الله تعالى للمسلمين ورفع لما كان عليه الامر فى ابتداء الاسلام فأنه كان اذا افطر احدهم انما يحب له الاكل والشرب والجماع الى صلاة العشاء او ينام قبل ذلك فمتى نام او صلى العشاء حُرم عليه الاكل والشراب والجماع الى الليلة القابلة فوجدوا من ذلك مشقة كبيرة والرفث هنا هو الجماع
هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ: يعنى هن سكن لكم وانتم سكن لهن اى رخص لهم فى المجامعة فى ليل رمضان لئلا يشق ذلك عليهم
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ: اباح تعالى الاكل والشرب مع ما تقدم من اباحة الجماع فى اى الليل شاء الصائم الى ان يتبين ضياء الصباح من سواد الليل ورفع اللبس بقوله مِنَ الْفَجْرِ
ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ: يقتضى الافطار عند غروب الشمس حكما شرعيا ونهى عن الوصال بأن يصل يوما بيوم اخر ولا يأكل بينهما شيئا
وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ: لا يقربها وهو معتكف ولو ذهب الى منزلة لحاجة لابد له منها وليس له ان يقبل امرأته ولا ان يضمها اليه ولا يشتغل بشىء سوى اعتكافه
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ: اى هذا الذى بيناه وفرضناه من الصيام واحكامه وما ابحنا فيه وما حرمنا وذكرنا غاياته ورخصة وعزائمة حُدُودُ اللَّهِ : اى شرعها الله وبينها بنفسه
فَلا تَقْرَبُوهَا: اى لا تُجاوزوها وتتعدوها
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ : اى كما بين الصيام واحكامه وشرائعه وتفاصيله كذلك يبين سائر الاحكام على لسان عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم
لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ: اى يعرفون كيف يهتدون وكيف يطيعون

فارس السنه
12-25-2008, 03:24 AM
جزاكم الله خيرا

سترك ربى
01-03-2009, 03:34 PM
{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(188)}
هذا فى الرجل يكون عليه مال وليس عليه بينة فيجحد المال ويخاصم الى الحكام وهو يعرف ان الحق عليه وهو يعلم انه اكل الحرام وقيل : لا تخاصم وانت تعلم انك ظالم
حكم الحاكم لا يغير الشىء فى نفس الامر فلا يحل فى نفس الامر حراما هو حرام ولا يحرم حلالا هو حلال وانما هو ملزم فى الظاهر فإن طابق فى نفس الامر فذاك والا فللحاكم اجره وعلى المحتال وزره


{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(189)}.
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ : جعلها الله مواقيت لصوم المسلمين وافطارهم وعدة نسائهم ومحل دينهم
وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا : عن البراء قال : كانوا اذا احرموا فى الجاهلية أتوا البيت من ظهره
وقال ايضا كانت الانصار اذا قدموا من سفرهم لم يدخل الرجل من قِبل بابه فنزلت هذه الاية
وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ: اى اتقوا الله فافعلوا ما امركم به واتركوا ما نهاكم عنه
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ: غدا" اذا وقفتم بين يديه فيجازيكم على التمام



{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ(190)وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ(191)فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(192)وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَ عَلَى الظَّالِمِينَ(193)
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ : تهييج واغراء بالاعداء الذين همتهم قتال الاسلام واهله اى كما يقاتلونكم فاقتلوهم انتم
وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ : اى قاتلوا فى سبيل الله ولا تعتدوا فى ذلك ويدخل فى ذلك ارتكاب المناهى من المثُله والغلول وقتل النساء والصبيان والشيوخ الذين لا رأى لهم ولا قتال فيهم والرهبان واصحاب الصوامع وتحريق الاشجار وقتل الحيوان لغير مصلحة
وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ: اى الشرك اشد من القتل وقيل ما انتم مقيمون عليه اكبر من القتل
وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ : كما جاء فى الصحيحين " «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا سَاعَتِي هذِهِ حَرامٌ بحُرْمَةِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، لا يُعْضَدُ شَجَرُهُ، وَلَا يُخْتَلىَ خَلَاهُ، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلّم، فَقُولُوا: إنَّ اللهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُم» يعنى بذلك صلوات الله وسلامه عليه – قتاله اهله يوم مكة فإنه فتحها عنوة
حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ : يقول تعالى : ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام الا ان يبدءوكم بالقتال فيه، فلكم حينئذ قتالهم وقتلهم دفعا للصائل
فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ : اى : فإن انتهوا عما هم فيه من الشرك وقتال المؤمنين فكفوا عنهم فإن من قاتلهم بعد ذلك فهو ظالم ولا عدوان الا على الظالمين او يكون تقديره : فإن انتهوا فقد تخلصوا من الظلم وهو الشرك فلا عدوان عليهم بعد ذلك والمراد بالعدوان هاهنا : المعاقبة والمقاتلة

سترك ربى
01-10-2009, 03:53 PM
الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(194)وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(195)}

عن جابر بن عبد الله قال " لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو فى الشهر الحرام الا ان يغزى او يغزوا فإذا حضره اقامم حتى ينسلخ
ولهذا لما بلغ النبى صلى الله عليه وسلم وهو مخيم بالحديبية ان عثمان قُتل وكان قد بعثه فى رسالة للمشركين بايع اصحابه وكانوا الفا واربعمائة تحت الشجرة على قتال المشركين فلما بلغه ان عثمان لم يقتل كف عن ذلك وجنح الى المسالمة والمصالحة فكان ما كان
فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ: امر بالعدل حتى فى المشركين
وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ: امر لهم بطاعة الله وتقواه واخبار بأنه تعالى مع الذين اتقوا بالنصر والتأييد فى الدنيا والاخرة
وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(195)
عن حذيفة قال نزلت فى النفقة
و عن أسلم أبي عمران:كنا بالقسطنطينية - وعلى أهل مصر عقبة بن عامر؛
وعلى أهل الشام رجل - يزيد بن فَضَالة بن عُبَيد- فخرج من المدينة صَف عظيم من الروم، فصففنا لهم فحَمَل رجل من المسلمين على الروم حتى دخل فيهم:ثم خرج إلينا فصاح الناس إليه فقالوا:سبحان الله، ألقى بيده إلى التهلكة. فقال أبو أيوب:يا أيها الناس، إنكم لتتأولون هذه الآية على غير التأويل، وإنما نـزلت فينا معشر الأنصار، وإنا لما أعز الله دينه، وكثر ناصروه قلنا فيما بيننا:لو أقبلنا على أموالنا فأصلحناها. فأنـزل الله هذه الآية.
وقيل : ان يذنب الرجل الذنب فيقول : لا يغفر لى فأنزل الله "
وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ


{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(196)
لما ذكر الله احكام الصيام وعطف بذكر الجهاد شرع فى بيان المناسك فأمر باتمام الحج والعمرة
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ: قيل : ان تحرم من دويرة اهلك وقيل : اتمامها ان تحرم من اهلك لا تريد الا الحج والعمرة وتُهل من الميقات وقيل اتمامها إنشاؤهما جميعا من الميقات وقيل اى اقيموا الحج والعمرة
استحصرتم: اى ُصددتم عن الوصول الى البيت وُمنعتم من اتمامها
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: قيل ان هذه الايه نزلت سنة ست اى فى عام الحديبية حين حال المشركون بين رسول الله وبين الوصول الى البيت وانزل الله فى ذلك سورة الفتح بكاملها
وانزل لهم رخصة ان يذبحوا ما معهم من الهدى وان يحلقوا رؤسهم وان يتحللوا من احرامهم إحرامهم فعند ذلك أمرهم -عليه السلام- أن يحلقوا رؤوسهم، وأن يتحللوا، فلم يفعلوا انتظاراً للنسخ حتى خرج فحلق رأسه، ففعل الناس وكان منهم من قصّر رأسه ولم يحلقه، فلذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: ((رحم الله المحلقين)) قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ فقال في الثالثة: ((والمقصرين)) وقد كانوا اشتركوا في هديهم ذلك كل سبعة في بدنة، وكانوا ألفاً وأربعمائة، وكان منزلهم بالحديبية خارج الحرم، وقيل: بل كانوا على طرف الحرم، فالله أعلم.

قال الثوري: الإحصار من كل شيء آذاه، ثبت في الصحيحين عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية، فقال: ((حجِّي واشترطي أنَّ محلي حيث حبستني))
فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: قال بن عباس الهدى من الازواج الثمانية من الابل والبقر والاغنام والمعز والضأن وقيل : شاة وهو قول الجمهور
وقوله: ( وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) معطوف على قوله: ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) وليس معطوفًا على قوله: ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) كما زعمه ابن جرير، رحمه الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية لما حصرهم كفار قريش عن الدخول إلى الحرم، حلقوا وذبحوا هديهم خارج الحرم، فأما في حال الأمن والوصول إلى الحرم فلا يجوز الحلق ( حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) ويفرغ الناسك من أفعال الحج والعمرة، إن كان قارنًا، أو من فعْل أحدهما إن كان مُفْردًا أو متمتعًا، كما ثبت في الصحيحين عن حَفْصَةَ أنها قالت: يا رسول الله، ما شأن الناس حَلّوا من العمرة، ولم تَحِلّ أنت من عمرتك؟ فقال: "إني لَبَّدْتُ رأسي وقلَّدت هَدْيي، فلا أحلّ حتى أنحر"
"ُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ" :
.عن كعب بن عُجْرَةَ : حُملْتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقملُ يتناثر على وجهي. فقال: "ما كنتُ أرَى أن الجَهد بلغ بك هذا! أما تجد شاة؟ " قلت: لا. قال: "صُمْ ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك". فنـزلت فيّ خاصة، وهي لكم عامة
قلت: وهو مذهب الأئمة الأربعة وعامة العلماء أنه يُخَيَّر في هذا المقام، إن شاء صام، وإن شاء تصدّق بفَرق، وهو ثلاثة آصع، لكل مسكين نصفُ صاع، وهو مُدّان، وإن شاء ذبح شاة وتصدّق بها على الفقراء، أيّ ذلك فعل أجزأه. ولما كان لفظ القرآن في بيان الرخصة جاءَ بالأسهل فالأسهل: ( فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) ولما أمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم كعبَ بن عجرة بذلك، أرشده إلى الأفضل، فالأفضل فقال: انسك شاة، أو أطعم ستة مساكين أو صم ثلاثة أيام. فكلّ حسن في مقامه. ولله الحمد والمنة.

وقوله: ( فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) أي: إذا تمكنتم من أداء المناسك، فمن كان منكم مُتَمتِّعًا بالعُمرة إلى الحج، وهو يشمل من أحرم بهما، أو أحرم بالعمرة أولا فلما فرغ منها أحرم بالحج وهذا هو التمتع الخاص، وهو المعروف في كلام الفقهاء. والتمتع العام يشمل القسمين، كما دلت عليه الأحاديثُ الصحاح، فإن من الرُواة من يقولُ: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وآخر يقول: قَرَن. ولا خلاف أنّه ساق الهدي
.
وقال تعالى: ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) أي: فليذبح ما قدر عليه من الهدي، وأقله شاة، وله أن يذبح البقر؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه البقر

فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ: فمن لم يجد هَدْيًا فَلْيصمْ ثلاثة أيام في الحج، أي: في أيام المناسك
وقوله: ( وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ) فيه قولان:
أحدهما: إذا رجعتم في الطريق. ولهذا قال مجاهد: هي رخصة إذا شاء صامها في الطريق
وفى البخارى من حديث ابن عمر قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهَدْي من ذي الحُلَيفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهلَّ بالعمرة، ثم أهلَّ بالحج، فتمتع الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج. فكان مِنَ الناس مَنْ أهدى فساق الهَدْي، ومنهم من لم يُهْد. فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس: "من كان منكم أهدى فإنه لا يَحل لشيء حَرُم منه حتَى يقضي حَجّه، ومَنْ لم يكن منكم أهدى فَلْيَطُفْ بالبيت وبالصفا والمروة، وَلْيُقَصِّر وليَحللْ ثم ليُهِلّ بالحج، فمن لم يجد هديًا, فليصُمْ ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله".
ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ : قال ابن جرير: اختلف أهلُ التأويل فيمن عُني بذلك بعد إجماع جميعهم على أن أهل الحرم مَعْنِيُّون به، وأنه لا متعة لهم، فقال بعضهم: عني بذلك أهل الحرم خاصة دون غيرهم. وقال اخرون هم اهل الحرم ومن بينه وبين المواقيت

وَاتَّقُوا اللَّهَ اى فيما امركم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ اى لمن خالف امره وارتكب ما نهى عنه زجره

سترك ربى
01-11-2009, 03:54 PM
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ(197)}
اختلف أهل العربية في قوله: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) فقال بعضهم: [تقديره] الحج حَجُّ أشهر معلومات، فعلى هذا التقدير يكون الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام به فيما عداها، وإن كان ذاك صحيحا، والقول بصحة الإحرام بالحج في جميع السّنَةِ مذهبُ مالك، وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل، وغيرهم
واحْتَجّ لهم بقوله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=189');) وبأنه أحد النسكين. فصح الإحرام به في جميع السَّنَةِ كالعمرة.
وذهب الشافعي، رحمه الله، إلى أنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره فلو أحرم به قبلها لم ينعقد إحرامه به،والدليل عليه قوله تعالى: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ )
وظاهره التقدير الآخر الذي ذهب إليه النحاة، وهو أن: وقت الحج أشهر مَعْلُومات، فخصصه بها من بين سائر شهور السنة، فدلّ على أنه لا يصح قبلها، كميقات الصلاة.
فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ: أي: أوجب بإحرامه حَجًّـا. فيه دلالة على لزوم الإحرام بالحج والمضي فيه. قال ابن جرير: أجمعوا على أن المراد من الفَرْض هاهنا الإيجاب والإلزام
فَلا رَفَثَ: أي: من أحرم بالحج أو العمرة، فليجتنب الرفث، وهو الجماع،
وَلا فُسُوقَ: الفسوقُ هاهنا السباب بما ثبت في الصحيح "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر"
والذين قالوا: الفسوق هاهنا هو جميع المعاصي، معهم الصواب، كما نهى تعالى عن الظلم في الأشهر الحرم، وإن كان في جميع السنة منهيًا عنه، إلا أنه في الأشهر الحرم آكَدُ؛ ولهذا قال: مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=9&nAya=36');)[التوبة: 36]، وقال في الحرم: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=22&nAya=25');)[الحج: 25]
وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ: فيه قولان : احدهما : ولا مجادلة في وقت الحج وفي مناسكه، وقد بينه الله أتَمّ بيان ووضحه أكمل إيضاح
والقول الثانى : ان المراد بالجدال هاهنا المخاصمة
وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ: لما نهاهم عن إتيان القبيح قولا وفعْلا حَثَّهم على فعل الجميل، وأخبرهم أنه عالم به، وسيجزيهم عليه أوفرَ الجزاء يوم القيامة.

وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى : عن بن عباس قال : كان اهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون فأنزل الله وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى
لما أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة، وهو استصحاب التقوى إليها،

وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ: واتقوا عقابي، ونكالي، وعذابي، لمن خالفني ولم يأتمر بأمري، يا ذوي العقول والأفهام

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ(198)
عن ابن عباس، قال: كانت عكاظ ومَجَنَّة ، وذو المجاز أسواقا فى الجاهلية، فتأثَّموا أن يتجروا في المواسم فنـزلت: ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ ) في مواسم الحج.
فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ: إنما صَرَفَ "عرفات" وإن كان علما على مؤنث؛ لأنه في الأصل جَمْع كمسلمات ومؤمنات، سمي به بقعة معينة، فروعي فيه الأصل، فصرف. اختاره ابن جرير
وعرفة: موضع الموقف في الحج، وهي عمدة أفعال الحج؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحج عرفات -ثلاثا -فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر، فقد أدرك. وأيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه".
ووقت الوقوف من الزوال يومَ عرفة إلى طُلُوع الفجر الثاني من يوم النحر؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع، بعد أن صلى الظهر إلى أن غربت الشمس، وقال: "لتأخُذوا عني مناسككم"
الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ: المشاعر هى المعالم الظاهرة وانما سميت المزدلفة المشعر الحرام لانها داخل الحرم
وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ: تنبيه لهم على ما أنْعَم به عليهم، من الهداية والبيان والإرشاد إلى مشاعر الحج، على ما كان عليه إبراهيم الخليل، عليه السلام؛ ولهذا قال (وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) قيل: من قبل هذا الهدي، وقبل القرآن، وقبل الرسول، والكل متقارب، ومتلازم، وصحيح

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(199)
"ثم" هاهنا لعطف خبر على خبر وترتيبه عليه، كأنه تعالى أمر الواقف بعرفات أن يَدْفَع إلى المزدلفة، ليذكر الله عند المشعر الحرام، وأمره أن يكون وقوفه مع جمهور الناس بعرفات، كما كان جمهور الناس يصنعون، يقفون بها إلا قريشًا، فإنهم لم يكونوا يخرجون من الحرم، فيقفون في طرف الحرم عند أدنى الحِل ، ويقولون: نحن أهل الله في بلدته، وقُطَّان بيته.
وقوله: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) كثيرًا ما يأمر الله بذكره بعد قضاء العبادات؛ ولهذا ثبت في صحيح مسلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة يستغفر ثلاثًا. وفي الصحيحين أنَّه ندب إلى التسبيح والتحميد والتكبير، ثلاثًا وثلاثين، ثلاثًا وثلاثين .

سترك ربى
01-17-2009, 06:19 PM
فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=200');)(200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=201');)(201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=202');)(202)

وقوله: ( كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ ) اختلفوا في معناه، فقال ابن جُرَيج، عن عطاء: هو كقول الصبي: "أبَهْ أمَّهْ"، يعني: كما يَلْهَج الصبي بذكر أبيه وأمه، فكذلك أنتم، فالهجوا بذكر الله بعد قضاء النسك.
والمقصود منه الحث على كثرة الذكر لله عز وجل؛ ولهذا كان انتصاب قوله: ( أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ) على التمييز، تقديره كذكركم آباءكم أو أشد منه ذكرًا. و"أو" هاهنا لتحقيق المماثلة في الخبر، كقوله: فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=74');) [البقرة: 74]، وقوله: يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=4&nAya=77');) [النساء: 77]، < 1-558 > وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=37&nAya=147');) [الصافات: 147]، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=53&nAya=9');) [النجم: 9].


فليست هاهنا للشك قطعًا، وإنما هي لتحقيق الخبر عنه بأنه كذلك أو أزْيَد منه. ثم إنه تعالى أرشد إلى دُعَائه بعد كثرة ذكره، فإنه مظنة الإجابة، وذَمَّ من لا يسأله إلا في أمر دنياه، وهو معرض عن أخراه، فقال: ( فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) أي: مِنْ نَصِيب ولا حظ. وتضمَّن هذا الذمّ التنفير عن التشبه

ولهذا مدح من يسأله للدنيا والأخرى، فقال: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) فجمعت هذه الدعوةُ كلَّ خير في الدنيا، وصرَفت كلّ شر فإن الحسنة في الدنيا تشملُ كلّ مطلوب دنيوي، من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هنيء، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عباراتُ المفسرين، ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا. وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العَرَصات، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة، وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا، من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام


وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=203%22))(203)

قال ابن عباس: "الأيام المعدودات" أيام التشريق، و"الأيام المعلومات" أيام العَشْر. وقال عكرمة: ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ) يعني: التكبير أيامَ التشريق بعد الصلوات المكتوبات: الله أكبر، الله أكبر

وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوم عَرَفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدُنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب
وقيل الايام المعدودات : ايام التشريق اربعة ايام : يوم النحر وثلاثة بعده
ولما ذكر الله تعالى النَّفْر الأول والثاني، وهو تفرق الناس من موسم الحج إلى سائر الأقاليم والآفاق بعد اجتماعهم في المشاعر والمواقف، قال: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) [أي: تجتمعون يوم القيامة] ، كما قال: وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=23&nAya=79%22))[المؤمنون: 79].



وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=204%22))(204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=205%22))(205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=206%22))(206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=207%22))(207)


عن ابن عباس: أنها نـزلت في نفر من المنافقين وقيل: بل ذلك عام في المنافقين كلهم وفي المؤمنين كلهم
وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ: ومعناها: أن هذا وإن أظهر لكم الحيل لكن الله يعلم من قلبه القبيح، وقيل معناه أنه يُظْهرُ للناس الإسلام ويبارزُ الله بما في قلبه من الكفر والنفاق،
وقيل معناه أنه إذا أظهر للناس الإسلام حَلَف وأشهد الله لهم: أن الذي في قلبه موافق للسانه
وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ: الألد في اللغة: [هو] الأعوج، وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=19&nAya=97%22))[مريم:97] أي: عُوجًا. وهكذا المنافق في حال خصومته، يكذب، ويَزْوَرّ عن الحق ولا يستقيم معه، بل يفتري ويفجر، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".
وعن عائشة تَرْفَعُه قال: "أبغض الرجال إلى الله الألَدُّ الخَصم".
وقوله: ( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ) أي: هو أعوج المقال، سيّئ الفعَال، فذلك قوله، وهذا فعله: كلامه كَذِب، واعتقاده فاسد، وأفعاله قبيحة.
والسعي هاهنا هو: القَصْد فهذا المنافق ليس له همة إلا الفساد في الأرض، وإهلاك الحرث، وهو: مَحل نماء الزروع والثمار والنسل، وهو: نتاج الحيوانات الذين لا قوَام للناس إلا بهما.
وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ: أي: لا يحب من هذه صفَته، ولا من يصدر منه ذلك.
وقوله: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإثْمِ ) أي: إذا وُعظ هذا الفاجر في مقاله وفعاله، وقيل له: اتق الله، وانـزع عن قولك وفعلك، وارجع إلى الحق -امتنع وأبى، وأخذته الحميَّة والغضب بالإثم، أي: بسبب ما اشتمل عليه من الآثام، ولهذا قال في هذه الآية: ( فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ) أي: هي كافيته عقوبة في ذلك.
لما أخبر عن المنافقين بصفاتهم الذميمة، ذَكَر صفات المؤمنين الحميدة فقالل ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ )
قال بعض اهل العلم : نـزلت في صُهيب بن سنَان الرومي، وذلك أنَّه لما أسلم بمكة وأراد الهجرة، منعه الناس أن يهاجر بماله، وإنْ أحب أن يتجرّد منه ويهاجر، فَعَل. فتخلص منهم وأعطاهم ماله، فأنـزل الله فيه هذه الآية، فتلقاه عمر بن الخطاب وجماعة إلى طرف
الحرّة. فقالوا: رَبح البيع. فقال: وأنتم فلا أخسر الله تجارتكم، وما ذاك؟ فأخبروه أنّ الله أنـزل فيه هذه الآية. ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "ربِح البيع صهيب، ربح البيع صهيب".
وأما الأكثرون فحمَلوا ذلك على أنها نـزلت في كل مُجَاهد في سبيل الله

سترك ربى
01-17-2009, 06:21 PM
يا الله بفضل الله نحن قريبين جدا ان نستكمل تفسير سورة البقرة

اسألكم الدعاء بالستر والنصر وان يكفينا والمسلمين الظلم

جزاكم الله خيرا

سترك ربى
01-19-2009, 01:41 PM
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=208%22))(208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=209%22))(209)

يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين به المصدّقين برسوله: أنْ يأخذوا بجميع عُرَى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك.
قال العوفي، عن ابن عباس، ومجاهد، وطاوس، والضحاك، وعكرمة، وقتادة، والسُّدّي، وابن زيد، في قوله: ( ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ ) يعني: الإسلام.وقيل : الطاعة..
وقوله: ( كَافَّةً ) قيل: جميعًا، وقيل: أي اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر
ومن المفسرين من يجعل قوله: ( كَافَّةً ) حالا من الداخلين، أي: ادخلوا في الإسلام كلكم. والصحيح الأول، وهو أنَّهم أمروا [كلهم]

وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ: أي: اعملوا الطاعات ، واجتنبوا ما يأمركم به الشيطان
ولهذا قال: ( إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) قال مُطَرِّف: أغش عباد الله لعَبِيد الله الشيطان



فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ: أي: عدلتم عن الحق بعد ما قامت عليكم الحُجَجُ، فاعلموا أن الله عزيز [أي] في انتقامه، لا يفوته هارب، ولا يَغلبه غالب. حكيم في أحكامه ونقضه وإبرامه؛ ولهذا ولهذا قالوا : عزيز في نقمته، حكيم في أمره



هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=210%22))(210)
يقول تعالى مُهَدّدًا للكافرين بمحمد صلوات الله وسلامه عليه: ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ ) يعني: يوم القيامة، لفصل القضاء بين الأولين والآخرين، فيجزي كُلّ عامل بعمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، ولهذا قال: ( وَقُضِيَ الأمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) كما قال: كَلا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=89&nAya=21%22))* وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=89&nAya=22%22))* وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=89&nAya=23%22))[الفجر: 21 -23]،



سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=211%22))(211) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=212%22))(212)

يقول تعالى مُخْبرًا عن بني إسرائيل: كم قد شاهدوا مع موسى ( مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ) أي: حجة قاطعة على صدقه فيما جاءهم به، كَيَدهِ وعصاه وفَلْقه البحر وضَرْبه الحجر، وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدة الحر، ومن إنـزال المَنّ والسلوى وغير ذلك من الآيات الدالات على وجود الفاعل المختار، وصدق من جرت هذه الخوارق على يَدَيه، ومع هذا أعرض كثير منهم عنها، وبَدلوا نعمة الله [كفرًا] أي: استبدلوا بالإيمان بها الكفر بها، والإعراض عنها. ( وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) كما قال إخبارًا عن كفار قريش: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=14&nAya=28%22))* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=14&nAya=29%22))[إبراهيم: 28، 29].

ثم أخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدنيا للكافرين الذين رُضُوا بها واطمأنّوا إليها، وجمعوا الأموال ومنعوها عَنْ مصارفها التي أمروا بها مما يُرْضِي الله عنهم، وسخروا من الذين آمنوا الذين أعرضوا عنها، وأنفقوا ما حصل لهم منها في طاعة ربهم، وبذلوا ابتغاء وجه الله؛ فلهذا فازوا بالمقام الأسعد والحظ الأوفر يوم معادهم، فكانوا فوق أولئك في محشرهم ومَنْشَرهم، ومسيرهم ومأواهم، فاستقروا في الدرجات في أعلى علّيين، وخلد أولئك في الدركات في أسفل السافلين؛ ولهذا قال تعالى: ( وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) أي: يرزق من يشاء من خَلْقه، ويعطيه عطاء كثيرًا جزيلا بلا حصر ولا تعداد في الدنيا والآخرة كما جاء في الحديث: "ابن آدم، أَنْفقْ أُنْفقْ عليك"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا". وقال تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=34&nAya=39%22))[سبأ: 39]، وفي الصحيح أن مَلَكين ينـزلان من السماء صَبيحة كل يوم، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا. ويقول الآخر: اللهم أعط مُمْسكا تلفًا. وفي الصحيح "يقول < 1-569 > ابن آدم: مالي، مالي! وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، وما لَبسْتَ فأبليتَ، وما تصدقت فأمضيت ؟ وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس".



كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=213%22))(213)

عن ابن عباس، قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق. فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين. قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله: ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ) .
وقيل في قوله: ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) قال: كانوا على الهدى جميعًا، "فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين منذرين لأن الناس كانوا على ملة آدم، عليه السلام، حتى عبدوا الأصنام، فبعث الله إليهم نوحًا، عليه السلام، فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض.ولهذا قال تعالى : ( وَأَنـزلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ )

أي: من بعد ما قامت عليهم الحجج وما حملهم على ذلك إلا البغي من بعضهم على بعض، ( فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )

: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، نحن أوّلُ الناس دخولا الجنة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه، فهدانا له فالناس لنا فيه تبع، فغدًا لليهود، وبعد غد للنصارى".

وقوله: ( بِإِذْنِهِ ) أي: بعلمه، بما هداهم له ( وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) أي: منْ خلقه ( إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) أي: وله الحكم والحجة البالغة

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=214%22))(214)

يقول تعالى: ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ) قبل أن تُبتَلُوا وتختبروا وتمتحنوا، كما فعل بالذين من قبلكم من الأمم؛ ولهذا قال: ( وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ ) وهي: الأمراض؛ والأسقام، والآلام، والمصائب والنوائب.

( وَزُلْزِلُوا ) خَوْفًا من الأعداء زلْزالا شديدًا، وامتحنوا امتحانًا عظيمًا،
وقوله: ( مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ) أي: سنتهم. كما قال تعالى: فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=43&nAya=8%22))[الزخرف: 8] .
وقوله: ( وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ) أي: يستفتحون على أعدائهم، ويَدْعون بقُرْب الفرج والمخرج، عند ضيق الحال والشدة ولهذا قال الله تعالى: ( أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ )

أبو مصعب السلفي
01-19-2009, 02:10 PM
ياسألكم الدعاء بالستر والنصر وان يكفينا والمسلمين الظلم



اللهم آمين
واصلوا جزاكم الله خيراً
..

سترك ربى
01-22-2009, 05:39 PM
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=215%22))(215)
ومعنى الآية: يسألونك كيف ينفقون؟ فبين لهم تعالى ذلك فقال : ( قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) أي: اصرفُوها في هذه الوجوه وتلا ميمون بن مِهْرَان هذه الآية، ثم قال: هذه مواضع النفقة ما ذكر فيها طبلا ولا مزمارًا، ولا تصاوير الخشب، ولا كُسوة الحيطان.
ثم قال تعالى: ( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) أي: مهما صَدَرَ منكم من فعل معروف، فإن الله يعلَمُه، وسيجزيكم على ذلك أوفرَ الجزاء؛ فإنه لا يظلم أحدًا مثقالَ ذَرّة
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (https://www.qurancomplex.org/quran/display/display.asp?l=arb&nSora=2&nAya=216)(216)
هذا إيجاب من الله تعالى للجهاد على المسلمين: أن يكُفُّوا شرّ الأعداء عن حَوْزة الإسلام.
وقال الزهري: الجهادُ واجب على كلّ أحد، غزا أو قعد؛ فالقاعد عليه إذَا استعين أن يَعينَ، وإذا استُغيثَ أن يُغيثَ، وإذا استُنْفرَ أن ينفر، وإن لم يُحتَجْ إليه قعد.
قلت: ولهذا ثَبَت في الصحيح "من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بغزو مات ميتة جاهلية". وقال صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: "لا هجرة، ولكن جهاد ونيَّة، إذا استنفرتم فانفروا"
وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ: أي: شديد عليكم ومشقة. وهو كذلك، فإنه إما أن يُقْتَلَ أو يجرحَ مع مشقة السفر ومجالدَة الأعداء
ثم قال تعالى: ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) أي: لأنّ القتالَ يعقبه النصر والظفر على الأعداء، والاستيلاء على بلادهم، وأموالهم، وذرَاريهم، وأولادهم.
( وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ) وهذا عام في الأمور كلّها، قد يُحِبّ المرءُ شيئًا، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة. ومن ذلك القُعُود عن القتال، قد يَعْقُبُه استيلاء العدو على البلاد والحكم.
ثم قال تعالى: ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) أي: هو أعلم بعواقب الأمور منكم، وأخبَرُ بما فيه صلاحكم في دنياكم وأخراكم؛ فاستجيبوا له، وانقادوا لأمره، لعلكم ترشدون.

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=217');)(217) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=218');)(218)
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=219');)(219) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=220');)(220)

عن عمر بن الخطاب أنَّه قال: لما نـزل تحريم الخمر قال: اللهم بَيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنـزلت هذه الآية التي في البقرة: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ]
فقوله: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) أما الخمر فكما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: إنه كل ما خامر العقل. كما سيأتي بيانُه في سورة المائدة، وكذا الميسر، وهو القمار
وقوله: ( قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) أما إثمهما فهو في الدين، وأما المنافع فدنيوية، من حيث إن فيها نفع البدن، وتهضيم الطعام، وإخراجَ الفضلات، وتشحيذ بعض الأذهان، ولذّة الشدّة المطربة التي فيها.وكذا بيعها والانتفاع بثمنها. وما كان يُقَمِّشه بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله. ولكن هذه المصالح لا توازي مضرّته ومفسدته الراجحة، لتعلقها بالعقل والدين ولهذا قال تعالى :
"وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا" ولهذا كانت هذه الآية ممهدة لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرحة بل معرضة؛ ولهذا قال عمر، رضي الله عنه، لما قرئت عليه: اللهم بَين لنا في الخمر بيانًا شافيًا، حتى نـزل التصريح بتحريمها في سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=5&nAya=90');)* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=5&nAya=91');) [المائدة: 90، 91]

وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْو: ما يفضل عن أهلك. ( قُلِ الْعَفْوَ ) يعني الفضل.
وقوله: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=219');)* فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=220');)أي: كما فصَّل لكم هذه الأحكام وبينَها وأوضحها، كذلك يبين لكم سائر الآيات في أحكامه ووعده، ووعيده، لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة يعني في زوال الدنيا وفنائها، وإقبال الآخرة وبقائها لمن تفكر فيها، ليعلم أن الدنيا دار بلاء، ثم دار فناء، وليعلم أن الآخرة دار جزاء، ثم دار بقاء
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ:
عن ابن عباس قال: لما نـزلت: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=17&nAya=34');)[الإسراء: 34] و إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=4&nAya=10');) [النساء: 10] انطلق من كان عنده يتيم فعزَل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضُل له الشيء من طعامه فيُحبَس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ) فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم فقوله " قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ" أي: على حدَة ( وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ) أي: وإن خلطتم طعامكم بطعامهم وشرابكم بشرابهم، فلا بأس عليكم؛ لأنهم إخوانكم في الدين؛ ولهذا قال "وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ": أي: يعلم مَنْ قَصْدُه ونيته الإفسادَ أو الإصلاح.
وقوله :" وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" أي: ولو شاء لضيّق عليكم وأحرجَكم ولكنه وَسَّع عليكم، وخفَّف عنكم، وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن، كما قال: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=6&nAya=152');) [الأنعام: 152]، ، بل قد جوز الأكل منه للفقير بالمعروف، إما بشرط ضمان البدل لمن أيسر، أو مجانًا كما سيأتي بيانه في سورة النساء.

سترك ربى
01-27-2009, 05:19 PM
وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=221');)(221)
هذا تحريم من الله عزّ وجل على المؤمنين أن يتزوّجوا المشركات من عبدة الأوثان. ثم إن كان عمومُها مرادًا، وأنَّه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية، فقد خَص من ذلك نساء أهل الكتاب
وقيل: بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان، ولم يُردْ أهل الكتاب بالكلية، والمعنى قريب من الأول، والله أعلم.
قال أبو جعفر بن جرير، رحمه الله، بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات: وإنما كره عمر ذلك، لئلا يزهد الناس في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني،
وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا: أي: لا تُزَوّجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات،
ثم قال تعالى: ( وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ) أي: ولرجل مؤمن -ولو كان عبدًا حبشيًا -خير من مشرك، وإن كان رئيسًا سَرِيًا ( أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) أي: معاشَرتهم ومخالطتهم تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الآخرة، وعاقبة ذلك وخيمة ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ) أي: بشرعه وما أمر به وما نهى عنه ( وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=222');)(222) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=223');)(223)
عن أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يُؤَاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحابُ النبي [النبيَّ] صلى الله عليه وسلم فأنـزل الله عز وجل: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ) حتى فرغ من الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح". فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يَدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه! فجاء أسيد بن حُضَير وعبَّاد بن بشر فقالا يا رسول الله، إن اليهود قالت كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وَجَدَ عليهما، فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يَجدْ عليهما.
فقوله: ( فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) يعني الفَرْج، لقوله: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" ؛ ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه تجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج.
فقوله تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) تفسير لقوله: ( فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) ونهي عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجودًا، ومفهومه حله إذا انقطع
فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ: فيه ندب وإرشاد إلى غشيانهن بعد الاغتسال
وقد اتفق العلماء على أن المرأة إذا انقطع حيضُها لا تحل حتى تغتسل بالماء أو تتيمم، إن تعذر ذلك عليها بشرطه،
( حَتَّى يَطْهُرْنَ ) أي: من الدم ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ) أي: بالماء وقوله: ( مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) يعني الفَرْج؛ وقيل: أي: أن تعتزلوهن. وفيه دلالة حينئذ على تحريم الوطء في الدبر

( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) أي: من الذنب وإن تكرر غشْيانه، ( وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) أي: المتنـزهين عن الأقذار والأذى، وهو ما نهوا عنه من إتيان الحائض، أو في غير المأتى.
وقوله: ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) قال ابن عباس: الحرث موضع الولد ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أي: كيف شئْتم مقبلة ومدبرة في صِمام واحد، كما ثبتت بذلك الأحاديث.
وقوله تعالى: ( وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ ) أي: من فعل الطاعات، مع امتثال ما نهاكم عنه من ترك المحرمات؛ ولهذا قال: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ ) أي: فيحاسبكم على أعمالكم جميعًا.
( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) أي: المطيعين لله فيما أمرهم، التاركين ما عنه زجرهم.
، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جَنِّبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدًا"
وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=224');)(224)
يقول تعالى: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها،
فالاستمرار على اليمين آثَمُ لصاحبها من الخروج منها بالتكفير. كما قال البخاري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لأن يلجَّ أحدكم بيمينه في أهله آثمُ له عند الله من أن يُعطي كفارته التي افترض الله عليه"
قوله تعالى : ( وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ ) عن بن عباس قال قال: لا تجعلن عرضة ليمينك ألا تصنع الخير، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير.
لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=225%22))(225)
وقوله: ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) أي: لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية، وهي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد ولا تأكيد
ولهذا قال تعالى: ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) قيل ان يحلف على الشىء وهو يعلمةانه كاذب

سترك ربى
03-01-2009, 06:40 PM
لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=226%22))(226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=227%22))(227)
الإيلاء: الحلف، فإذا حلف الرجل ألا يجامع زوجته مدة، فلا يخلو: إما أن يكون أقل من أربعة أشهر، أو أكثر منها، فإن كانت أقل، فله أن ينتظر انقضاء المدة ثم يجامع امرأته، وعليها أن تصبر، وليس لها مطالبته بالفيئة في هذه المدة، وهذا كما ثبت في الصحيحين عن عائشة: أن رسول الله آلى من نسائه شهرًا، فنـزل لتسع وعشرين، وقال: "الشهر تسع وعشرون" ولهما عن عمر بن الخطاب نحوه. فأما إن زادت المدة على أربعة أشهر، فللزوجة مطالبة الزوج عند انقضاء أربعة أشهر: إما أن يفيء -أي: يجامع -وإما أن يطلق، فيجبره الحاكم على هذا أو هذا لئلا يضر بها. ولهذا قال تعالى: ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ ) أي: يحلفون على ترك الجماع من نسائهم، فيه دلالة على أن الإيلاء يختص بالزوجات دون الإماء كما هو مذهب الجمهور. ( تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) أي: ينتظر الزوج أربعة أشهر من حين الحلف، ثم يوقف ويطالب بالفيئة أو الطلاق. ولهذا قال: ( فَإِنْ فَاءُوا ) أي: رجعوا إلى ما كانوا عليه، وهو كناية عن الجماع، قاله ابن عباس، ومسروق والشعبي، وسعيد بن جبير، وغير واحد، ومنهم ابن جرير رحمه الله ( فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) أي: لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين.
وقوله: ( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ) فيه دلالة على أنه لا يقع الطلاق بمجرد مضي الأربعة أشهر كقول الجمهور ،وذهب آخرون إلى أنه يقع بمضي الأربعة أشهر تطليقة، ثم قيل إنها تطلق بمضي الأربعة أشهر طلقة رجعية؛ فكل من قال: إنها تطلق بمضي الأربعة أشهر أوجب عليها العدة ، والذي عليه الجمهور أنه يوقف فيطالب إما بهذا أو هذا ولا يقع عليها بمجرد مضيها طلاق.
وعن عبد الله بن عمر أنه قال: إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت أربعة أشهر، حتى يوقف، فإما أن يطلق، وإما أن يفيء.


وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=228%22))(228)

هذا الأمر من الله سبحانه وتعالى للمطلقات المدخول بهن من ذوات الأقراء، بأن يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، أي: بأن تمكث إحداهن بعد طلاق زوجها لها ثلاثة قروء؛ ثم تتزوج إن شاءت
وقد اختلف السلف والخلف والأئمة في المراد بالأقْرَاء ما هو ؟ على قولين:
أحدهما : أن المراد بها: الأطهار. والقول الثاني : أن المراد بالأقراء: الحيض، فلا تنقضي العدة حتى تطهر من الحيضة الثالثة، زاد اخرون وتغتسل منه
وقوله: ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ) أي: من حَبَل أو حيض..
وقوله: ( إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) تهديد لهن على قول خلاف الحق. ودل هذا على أن المرجع في هذا إليهن؛ لأنه أمر لا يعلم إلا من جهتين، وتتعذر إقامة البينة غالبًا على ذلك، فردّ الأمر إليهن، وتُوُعِّدْنَ فيه، لئلا تخبر بغير الحق إما استعجالا منها لانقضاء العدة، أو رغبة منها في تطويلها، لما لها في ذلك من المقاصد. فأمرت أن تخبر بالحق في ذلك من غير زيادة ولا نقصان.

وقوله: ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا ) أي: وزوجها الذي طلقها أحق بردها ما دامت في عدتها، إذا كان مراده بردها الإصلاح والخير. وهذا في الرجعيات. فأما المطلقات البوائن فلم يكنْ حالَ نـزول هذه الآية مطلقة بائن، وإنما صار ذلك لما حُصروا في الطلقات الثلاث، فأما حال نـزول هذه الآية فكان الرجل أحقّ برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة، فلما قصروا في الآية التي بعدها على ثلاث تطليقات صار للناس مطلقة بائن وغير بائن
وقوله: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) أي: ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فلْيؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف، كما ثبت في صحيح مسلم، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته، في حجة الوداع:"فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهُنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مُبَرِّح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف". وفي حديث بهز بن حكيم، عن معاوية بن حَيْدَة القُشَيري، عن أبيه، عن جده، أنه قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمْتَ، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تُقَبِّح، ولا تهجر إلا في البيت
وقوله: ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) أي: في الفضيلة في الخُلُق، والمنـزلة، وطاعة الأمر، والإنفاق، والقيام بالمصالح، والفضل في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=4&nAya=34%22))[النساء:34] .
وقوله: ( وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) أي: عزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره، حكيم في أمره وشرعه وقدره.

سترك ربى
03-04-2009, 05:21 PM
الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=229%22))(229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=230%22))(230)
هذه الآية الكريمة رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام، من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته، وإن طلقها مائة مرة ما دامت في العدة، فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات قصرهم الله عز وجل إلى ثلاث طلقات، وأباح الرجعة في المرة والثنتين ، فقال: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) .

وقوله: ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) أي: إذا طلقتها واحدة أو اثنتين، فأنت مخير فيها ما دامت عدتها باقية، بين أن تردها إليك ناويًا الإصلاح بها والإحسان إليها، وبين أن تتركها حتى تنقضي عدتها، فتبين منك، وتطلق سراحها محسنًا إليها، لا تظلمها من حقها شيئًا، ولا تُضارّ بها.

وقوله: ( وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) أي: لا يحل لكم أن تُضَاجِروهن وتضيّقوا عليهن، ليفتدين منكم بما أعطيتموهن من الأصدقة أو ببعضه، كما قال تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=4&nAya=19%22))[النساء:19] فأما إن وهبته المرأة شيئًا عن طيب نفس منها. فقد قال تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=4&nAya=4%22))[النساء:4]
وأما إذا تشاقق الزوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها، ولا عليه في قبول ذلك منها؛ ولهذا قال تعالى: ( وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) الآية.
فأما إذا لم يكن لها عذر وسألت الافتداء منه، فقد ورد عن عن ثوبان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة".
ثم قد قال طائفة كثيرة من السلف وأئمة الخلف: إنه لا يجوز الخلع إلا أن يكون الشقاق والنشوز من جانب المرأة، فيجوز للرجل حينئذ قبول الفدية، واحتجوا بقوله: ( وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا [إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ]) . قالوا: فلم يشرع الخلع إلا في هذه الحالة، فلا يجوز في غيرها إلا بدليل، والأصل عَدَمُه، وممن ذهب إلى هذا ابن عباس، وطاوس، وإبراهيم، وعطاء، [والحسن] والجمهور، حتى قال مالك والأوزاعي: لو أخذ منها شيئًا وهو مضارّ لها وجب ردّه إليها، وكان الطلاق رجعيًا.
وقوله: ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) أي: هذه الشرائع التي شرعها لكم هي حدوده، فلا تتجاوزوهاوقد يستدل بهذه الآية من ذهب إلى أن جمع الطلقات الثلاث بكلمة واحدة حرام، كما هو مذهب المالكية ومن وافقهم، وإنما السنة عندهم أن يطلق واحدة واحدة، لقوله: ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ) ثم قال: ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
وقوله تعالى: ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) أي: أنه إذا طلق الرجل امرأته طلقة ثالثة بعد ما أرسل عليها الطلاق مرتين، فإنها تحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره، أي: حتى يطأها زوج آخر في نكاح صحيح، فلو وطئها واطئ في غير نكاح، ولو في ملك اليمين لم تحل للأول؛ لأنه ليس بزوج، وهكذا لو تزوجت، ولكن لم يدخل بها الزوج لم تحل للأول
عن عائشة قالت: دخلت امرأة رفاعة القرظي -وأنا وأبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم -فقالت: إن رفاعة طلقني البتة، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني، وإنما عنده مثل الهدبة، وأخذت هدبة من جلبابها، وخالد بن سعيد بن العاص بالباب لم يؤذن له، فقال: يا أبا بكر، ألا تنهي هذه عما تجهر به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم! فما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك".
وقوله: ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) أي: الزوج الثاني بعد الدخول بها ( فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا ) أي: المرأة والزوج الأول ( إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ) أي: يتعاشرا بالمعروف [وقال مجاهد: إن ظنا أن نكاحهما على غير دلسة] ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ) أي: شرائعه وأحكامه ( يُبَيِّنُهَا ) أي: يوضحها ( لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )
وقد اختلف الأئمة، رحمهم الله، فيما إذا طلق الرجل امرأته طلقة أو طلقتين، وتركها حتى انقضت عدتها، ثم تزوجت بآخر فدخل بها، ثم طلقها فانقضت عدتها، ثم تزوجها الأول: هل تعود إليه بما بقي من الثلاث، كما هو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وهو قول طائفة من الصحابة، رضي الله عنهم؟ أو يكون الزوج الثاني قد هدم ما قبله من الطلاق، فإذا عادت إلى الأول تعود بمجموع الثلاث، كما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله؟ وحجتهم أن الزوج الثاني إذا هدم الثلاث فلأن يهدم ما دونها بطريق الأولى والأحرى، والله أعلم.

سترك ربى
03-08-2009, 03:51 PM
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=231');)(231)

هذا أمر من الله عز وجل للرجال إذا طلق أحدهم المرأة طلاقا له عليها فيه رجعة، أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدتها، ولم يبق منها إلا مقدار ما يمكنه فيه رجعتها، فإما أن يمسكها، أي: يرتجعها إلى عصمة نكاحه بمعروف، وهو أن يشهد على رجعتها، وينوي عشرتها بالمعروف، أو يسرحها، أي: يتركها حتى تنقضي عدتها، ويخرجها من منـزله بالتي هي أحسن، من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح، قال الله تعالى: ( وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا )
قال غير واحد: كان الرجل يطلق المرأة، فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها ضرارًا، لئلا تذهب إلى غيره، ثم يطلقها فتعتد، فإذا شارفت على انقضاء العدة طلق لتطول عليها العدة، فنهاهم الله عن ذلك، وتوعدهم عليه فقال: ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) أي: بمخالفته أمر الله تعالى.
وقوله: ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) أي: في إرساله الرسول بالهدى والبينات إليكم ( وَمَا أَنـزلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ ) أي: السنة ( يَعِظُكُمْ بِهِ ) أي: يأمركم وينهاكم ويتوعدكم على ارتكاب المحارم ( وَاتَّقُوا اللَّهَ ) أي: فيما تأتون وفيما تذرون ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) أي: فلا يخفى عليه شيء من أموركم السرية والجهرية، وسيجازيكم على ذلك.

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=232');)(232)

قال عدد من اهل العلم نـزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين، فتنقضي عدتها، ثم يبدو له أن يتزوجها وأن يراجعها، وتريد المرأة ذلك، فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى الله أن يمنعوها.
وهذا الذي قالوه ظاهر من الآية، وفيها دلالة على أن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها، وأنه لا بد في تزويجها من ولي،
وقد روي أن هذه الآية نـزلت في معقل بن يسار المزني وأخته، فقد اخرج البخاري من حديث معقل بن يسار أنه زوج أخته رجلا من المسلمين، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عنده ما كانت، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت العدة، فهويها وهويته، ثم خطبها مع الخطاب، فقال له: يا لكع أكرمتك بها وزوجتكها، فطلقتها! والله لا ترجع إليك أبدًا، آخر ما عليك قال: فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها، فأنـزل الله: ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) إلى قوله: ( وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فلما سمعها معقل قال: سَمْعٌ لربي وطاعة ثم دعاه، فقال: أزوجك وأكرمك.

وقوله: ( ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) أي: هذا الذي نهيناكم عنه من منع الولايا أن يتزوجن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف، يأتمر به ويتعظ به وينفعل له ( مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ) أيها الناس ( يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) أي: يؤمن بشرع الله، ويخاف وعيد الله وعذابه في الدار الآخرة وما فيها من الجزاء ( ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ ) أي: اتباعكم شرع الله في رد الموليات إلى أزواجهن، وترك الحمية في ذلك، أزكى لكم وأطهر لقلوبكم ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ ) أي: من المصالح فيما يأمر به وينهى عنه ( وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) أي: الخيرة فيما تأتون ولا فيما تذرون.


وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=233');)(233)

هذا إرشاد من الله تعالى للوالدات: أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة، وهي سنتان، فلا اعتبار بالرضاعة بعد ذلك؛ ولهذا قال: ( لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) وذهب أكثر الأئمة إلى أنه لا يحرم من الرضاعة إلا ما كان دون الحولين، فلو ارتضع المولود وعمره فوقهما لم يحرم.
عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام".والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئًا
ومعنى قوله: إلا ما كان في الثدي، أي: في محل الرضاعة قبل الحولين.

وقد روي في الصحيح عن عائشة، رضي الله عنها: أنها كانت ترى رضاع الكبير يؤثر في التحريم، وهو قول عطاء بن أبي رباح، والليث بن سعد، وكانت عائشة تأمر بمن تختار أن يدخل عليها من الرجال لبعض نسائها فترضعه، وتحتج في ذلك بحديث سالم مولى أبي حذيفة حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أبي حذيفة أن ترضعه، وكان كبيرًا، فكان يدخل عليها بتلك الرضاعة، وأبى ذلك سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ورأين ذلك من الخصائص، وهو قول الجمهور. وحجة الجمهور -منهم الأئمة الأربعة، والفقهاء السبعة، والأكابر من الصحابة، وسائر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى عائشة -ما ثبت في الصحيحين، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "انظرْنَ من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة".
وقوله: ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) أي: وعلى والد الطفل نفقة الوالدات وكسوتهن بالمعروف، أي: بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهنّ من غير إسراف ولا إقتار، بحسب قدرته في يساره وتوسطه وإقتاره، كما قال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=65&nAya=7');) [الطلاق:7]
وقوله: ( لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا ) أي: لا تدفعه عنها لتضر أباه بتربيته، ولكن ليس لها دفعُه إذا ولدته حتى تسقيه اللّبأ الذي لا يعيش بدون تناوله غالبًا، ثم بعد هذا لها رفعه عنها إن شاءت، ولكن إن كانت مضارة لأبيه فلا يحل لها ذلك، كما لا يحل له انتزاعه منها لمجرد الضّرار لها. ولهذا قال: ( وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ) أي: بأن يريد أن ينتزع الولد منها إضرارًا بها.
وقوله: ( وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ) قيل: في عدم الضرار وقيل: عليه مثل ما على والد الطفل من الإنفاق على والدة الطفل، والقيام بحقوقها وعدم الإضرار بها، وهو قول الجمهور.
وقوله: ( فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ) أي: فإن اتفق والدا الطفل على فطامه قبل الحولين، ورأيا في ذلك مصلحة له، وتشاورا في ذلك، وأجمعا عليه، فلا جناح عليهما في ذلك، فيؤْخَذُ منه: أن انفراد أحدهما بذلك دون الآخر لا يكفي، ولا يجوز لواحد منهما أن يستبد بذلك من غير مشاورة الآخر، قاله الثوري وغيره، وهذا فيه احتياط للطفل، وإلزام للنظر في أمره، وهو من رحمة الله بعباده، حيث حجر على الوالدين في تربية طفلهما وأرشدهما إلى ما يصلحه ويصلحهما كما قال في سورة الطلاق: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (javascript:AyatServices('https://www.qurancomplex.org/quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=65&nAya=6');)[الطلاق:6].
وقوله: ( وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ) أي: إذا اتفقت الوالدة والوالد على أن يتسلم منها الولد إما لعذر منها، أو عذر له، فلا جناح عليهما في بذله، ولا عليه في قبوله منها إذا سلمها أجرتها الماضية بالتي هي أحسن، واسترضع لولده غيرها بالأجرة بالمعروف. قاله غير واحد.
وقوله: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ ) أي: في جميع أحوالكم ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) أي: فلا يخفى عليه شيء من أحوالكم وأقوالكم.

سترك ربى
04-04-2009, 02:26 PM
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=234%22))(234)

هذا أمر من الله للنساء اللاتي يُتَوَفَّى عنهن أزواجهن: أن يعتددن أربعة أشهر وعشر ليال وهذا الحكم يشمل الزوجات المدخول بهن وغير المدخول بهن بالإجماع، ومستنده في غير المدخول بها عُمُوم الآية الكريمة،
وحديث أن ابن مسعود سُئِل عن رجل تزوّج امرأة فمات ولم يدخل بها، ولم يفرض لها؟ فترددوا إليه مرارًا في ذلك فقال: أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكُن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه: [أرى] لها الصداق كاملا. وفي لفظ: لها صداق مثلها، لا وكس، ولا شَطَط، وعليها العدّة، ولها الميراث. فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قَضى به في بَرْوَع بنت واشق. ففرح عبد الله بذلك فرحًا شديدًا. وفي رواية: فقام رجال من أشجع، فقالوا: نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في بَرْوَع بنت وَاشِق


ولا يخرج من ذلك إلا المتوفى عنها زوجها، وهي حامل، فإن عدّتها بوضع الحمل، ولو لم تمكث بعده سوى لحظة؛ لعموم قوله: وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=65&nAya=4%22))[الطلاق: 4] . وكان ابن عباس يرى: أن عليها أن تتربص بأبعد الأجلين من الوضع، أو أربعة أشهر وعشر، للجمع بين الآيتين، وهذا مأخذ جيد ومسلك قوي، لولا ما ثبتت به السنة في حديث سبيعة الأسلمية،أنه توفي عنها زوجها سعد بن خولة، وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، وفي رواية: فوضعت حملها بعده بليال، فلما تَعَلَّتْ من نفاسها تجملت للخُطَّاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بَعْكَك، فقال لها: ما لي أراك مُتَجَمِّلة؟ لعلك ترجين النكاح. والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعَشْر. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حلَلَتُ حين وضعتُ، وأمرني بالتزويج إن بدا لي.


قال أبو عمر بن عبد البر: وقد روي أن ابن عباس رجع إلى حديث سُبَيعة، يعني لما احتج عليه به. قال: ويصحح ذلك عنه: أن أصحابه أفتوا بحديث سبيعة، كما هو قول أهل العلم قاطبة.
وكذلك يستثنى من ذلك الزوجة إذا كانت أمة، فإن عدتها على النصف من عدة الحرة، شهران وخمس ليال، على قول الجمهور؛ لأنها لما كانت على النصف من الحرة في الحَدّ، فكذلك فلتكن على النصف منها في العدة. ومن العلماء -كمحمد بن سيرين وبعض الظاهرية -من يسوي بين الزوجات الحرائر والإماء في هذا المقام؛ لعموم الآية، ولأن العدة من باب الأمور الجبلية التي تستوي فيها الخليقة.
وقد ذكر سعيدُ بن المسيب، وأبو العالية وغيرهما: أن الحكمة في جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا؛ لاحتمال اشتمال الرحم على حمل، فإذا انتظر به هذه المدة ظهر إن كان موجودًا، كما جاء في حديث ابن مسعود الذي في الصحيحين وغيرهما: "إن خلق أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح". فهذه ثلاث أربعينات بأربعة أشهر، والاحتياط بعشر بعدها لما قد ينقص بعض الشهور، ثم لظهور الحركة بعد نفخ الروح فيه، والله أعلم.

وقوله: ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) يستفاد من هذا وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها مدة عدتها، لما ثبت في الصحيحين، عن أم حبيبة وزينب بنت جحش أمي المؤمنين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة بالله واليوم الآخر أن تُحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا". وفي الصحيحين أيضا، عن أم سلمة: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابنتي تُوفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينُها، أفنكْحُلُها؟ فقال: "لا ". كل ذلك يقول: "لا" مرتين أو ثلاثًا. ثم قال: "إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية تمكث سنة"
قالت زينب بنت أم سلمة: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفْشًا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبًا ولا شيئًا، حتى تمر بها سنة، ثم تخرج فتعطى بَعْرة فترمي بها، ثم تؤتى بدابة -حمار أو شاة أو طير -فَتَفْتَضَّ به فقلما تفتض بشيء إلا مات

ومن هاهنا ذهب كثير من العلماء إلى أن هذه الآية ناسخة للآية التي بعدها، وهي قوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ (javascript:AyatServices(%22/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=2&nAya=240%22))[البقرة: 240]، كما قاله ابن عباس وغيره، وفي هذا نظر كما سيأتي تقريره.
والغرض أن الإحداد هو عبارة عن ترك الزينة من الطيب، ولبس ما يدعوها إلى الأزواج من ثياب وحُلِيٍّ وغير ذلك وهو واجب في عدة الوفاة قولا واحدًا، ولا يجب في عدة الرجعية قولا واحدًا، وهل يجب في عدة البائن؟ فيه قولان.
ويجب الإحداد على جميع الزوجات المتوفى عنهن أزواجهن، سواء في ذلك الصغيرة والآيسة والحرة والأمة، والمسلمة والكافرة، لعموم الآية. وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: لا إحداد على الكافرة. وبه يقول أشهبُ، وابنُ نافع من أصحاب مالك. وحجة قائل هذه المقالة قولهُ صلى الله عليه وسلم:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدّ على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا": قالوا: فجعله تعبدًا. وألحق أبو حنيفة وأصحابه والثوري الصغيرة بها، لعدم التكليف. وألحق أبو حنيفة وأصحابه الأمة المسلمة لنقصها. ومحل تقرير ذلك كله في كتب الأحكام والفروع، والله الموفق للصواب.
وقوله: ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) أي: انقضت عدتهن. قاله الضحاك والربيع بن أنس، ( فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) قال الزهري: أي: على أوليائها ( فِيمَا فَعَلْنَ ) يعني: النساء اللاتي انقضت عدتهن وقيل: ( فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) قال: هو النكاح الحلال الطيب.

سترك ربى
06-03-2009, 02:43 PM
http://www.qurancomplex.com/Quran/tafseer/Tafseer.asp?nSora=2&t=katheer&l=arb&nAya=196


هذا اللينك

فيه كل القرأن ان شاء الله مفسر

وجزاكم الله خيرا

أم كريم
06-04-2009, 11:30 PM
بارك الله فيكِ أختنا الكريمة وجزاكِ الله خيرا على هذا المجهود جعله الله فى ميزان حسناتك