المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نصائح لطلبة العلم منتخبة من شرح الأربعين النووية


مع الله
08-16-2008, 08:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله النبي الأمي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه فوائد قيمة منتقاة من شرح الأربعين النووية للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ المعروف بسعة علمه وإطلاعه على أقوال العلماء قديما وحديثا في شتى الفنون، ويلفت النظر طريقته المتميزة في نصائحه لطلبة العلم في طلبهم للعلم وكيفية التعامل مع العلم، جمعها الأخ سالم الجزائري.. وهذه النصائح كثير منها منثور في أشرطته، نفعنا الله بها وزادنا من العلم ورزقنا العمل ونسأله أن يثبتنا على دينه القويم، وأن يعيذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وسنعرض في كل أسبوع مرة جزء منها حتى يعم النفع والفائدة .. وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى...
قال في أول شرح الأربعين النووية الوجه الأول من الشريط الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيمًا لمجده، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا، أن يجعلني وإياكم ممن يتحرّك لله، ويعمل لله، ويطلب العلم لله، ويتكلم ويعمل لله جل جلاله فـ«إِنّما الأعْمَالُ بالنّيات, وإِنّمَا لِامْرِىءٍ ما نَوَى» وما من شك أن «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلّ مُسْلِمٍ» كما ثبت ذلك عن المصطفى r.
وطلب العلم له أصوله، وله رتبُه، فمن فاته طلب العلم على رتبِه وأصوله، فإنه يحرم الوصول، وهذه مسألة كثيرًا ما نكررها رغبة في أن تَقَرَّ في قلوب طلبة العلم ومحبِّي العلم، ألا وهي: أنْ يُطلب العلم شيئًا فشيئًا على مر الأيام والليالي، كما قال ذلك ابن شهاب الزهري الإمام المعروف إذ قال: ”من رام العلم جملة ذهب عنه جملة، وإنما يُطلب العلم على مر الأيام والليالي“، وهذا كما تُدَرِّس صغيرًا أصول الكتابة، أو أصول نُطق الكلمات، فإنه لا بد أن يأخذه شيئًا فشيئًا، ثم إذا استمرّ على ذلك أحكم الكتابة، وأحكم النطق حتى تمكّن من ذلك، والعلم كذلك، فالعلم منه صِغار ومنه كِبار باعتبار الفهم وباعتبار العمل وباعتبار كون العلم من الله جل جلاله وعن رسوله r، فإنه ليس في العلم شيء سهل، كما قال مالك رحمه الله تعالى إذ قيل له: هذا من العلم السهل، قال: ليس في علم القرآن والسنة شيء سهل، وإنما كما قال الله جل وعلا﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً﴾[المزمل:5]، فالعلم من أخذه على أنه ثقيل صعب أدركه، وأما من أخذ المسائل على أنها سهلة، وهذه سهلة، وهذه مُتصوّرة، وهذه مفهومة، ويمرّ عليها مرور السريع، فإن هذا يفوته شيء كثير.
فإذن لا بد لنا في طلب العلم من تدرج فيه، على أصوله، وعلى منهجية واضحة، ولا بد لنا أن نأخذ العلم على أنه ليس فيه شيء سهل؛ بل كلُّه ثقيل من حيث فهمُه، ومن حيثُ تثبيتُه، ومن حيث استمرارُه مع طالب العلم، فهو ثقيل لا بد له من مواصلة ومتابعة، فالعلم يُنسى إذا تُرِك، وإذا تواصل معه طالب العلم فإنه يبقى، وهذا يُعظِّم التبعة على طالب العلم في ألا يتساهل في طلبه للعلم، فلا يقولن قائل مثلا: هذا الكتاب سهل، وهذا المتن لم يشرح لأنه سهل واضح، أحاديث معروفة، فإن هذا يُؤتى من هذه الجهة، حيث استسهل الأصول وعُقَد العلم، وقد قال طائفة من أهل العلم: ”العلم عُقَد وملح، فمن أحكم العقد سهل عليه العلم، ومن فاته حل العقد فاته العلم“ وهذا إنما يكون بإحكام أصول العلوم.
وإذا ضبط طالب العلم المتون المعروفة في الحديث، وفي العلوم المختلفة، فإنه يكون مهيئًا للانتقال إلى درجات أعلى بفهمٍ وتأسيس لما سبق، فلهذا أحض جميع الإخوة وجميع طلاب العلم ممن يسمعون كلامي هذا؛ أحضهم على أن يأخذوا العلم بحزم، وألا يأخذوه على أن هذه المسألة مفهومة، وهذه سهلة، وهذه واضحة؛ بل إنّه يكرّر الواضح ليزداد وضوحًا، ويكرر المعلوم ليزداد به علما وهكذا.

مع الله
08-16-2008, 08:27 PM
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله فهذه تتمة نصائح لطلبة العلم نسأل الله أن يرزقن العلم النافع والعمل به


وقال في الوجه الثاني من الشريط الأول.
عند شرحه لحديث جبريل؛ الحديث الثاني:
وقال آخرون: لا، (ووَضَعَ كَفّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ) هذه على فخذي جبريل أيضًا، يعني وضع كفي نفسه على فخذي نفسه، وهذا أدب منه أمام مقام النبي r.
في هذا أنّ طالب العلم ينبغي له أن يكون مهيِّئا نفسَه، ومهيِّئا المسؤول للإجابة على سؤاله في حسن الجِلسة، وفي حسن وضع الجوارح، وفي القرب منه، وهذا نوع من الأدب مُهم، فإنّ سؤال طالب العلم للعالم، أو سؤال المتعلم لطالب العلم له أثر في قَبول العالم للسؤال، وفي انفتاحه للجواب. قد ذُكر في آداب طلب العلم، وفي الكلام عليه أنّ بعض العلماء من علماء السّلف كانوا ينشطون لبعض تلاميذهم فيعطونهم، وبعضهم لا ينشطون له فيعطونه بعض الكلام الذي يكون عامًّا، أو لا يكون مكتملاً من كل جهاته، وذلك راجع إلى حسن أدب طالب العلم أو المتعلم، فإنّه كلما كان المتعلم أكثر أدبًا في جلسته، وأكثر أدبًا في لفظه، وفي سؤاله كلما كان أوقع في نفس المسؤول؛ فيحرص ويتهيأ نفسيًّا لجوابه؛ لأنه مَن احْتَرَم احْتُرِم، ومن أَقبل أُقبل عليه، فهذا فيه أن نتأدب جميعًا بهذا الأدب؛ فمثلاً ألحظ على بعض طلاب العلم، أو بعض المتعلمين أنه إذا أتى يسأل العالم يسأله بِنِدِّية لا يسأله على أنّه يستفيد، فيجلس جلسة العالم نفسه، أو يجلس جلسة المستغني، ويداه في وضع ليس في وضع أدب؛ واحدة هنا والأخرى هناك، وجسمه أيضًا يعني في استرخاء تام ليس فيه الاستجماع، ونحو ذلك مما يدل على أنه غير متأدب مع العالم، أو طالب العلم الذي سيستفيد منه.
وهذه الآداب لها أثر على نفسية العالم أو المجيب، فإنك تريد أن تأخذ منه العلم، وكلما كنت أذلّ على الوجه الشرعي في أخذ العلم، كلما كان العالم أكثر إقبالًا عليك؛ ولهذا تجد أنَّ مِنْ؛ بل أكثر أهل العلم لهم خواص، هذا من خاصته، هذه الخصوصية راجعة إلى إيش؟ راجعة إلى أن هذا المتعلم كان متأدبًا في لفظه، وفي تعامله، وفي كلامه، وفي حركته مع شيخه، مما جعل شيخه يثق فيه، ويقبل عليه في العلم، ويعطيه من العلم ما لا يعطيه غيره، ويعطيه من تجاربه في الحياة وتجاربه مع العلم ومع العلماء، وفي الأمور، وفي الواقع بما لا يفيده غير المتأدب معه.
فهذه نأخذها من حديث جبريل عليه السلام هذا، ونأخذها أيضًا، من قصة الخضر مع موسى في سورة الكهف، وهي حَرِيَّة بالتأمل في آداب طلب العلم.
وقال في الوجه الأول من الشريط الثالث.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق الحمد وأوفاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ومصطفاه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الاهتمام بشرح الأحاديث يُثرِي طالب العلم في مادته، وفي فهمه للشريعة بعامة، والأحاديث منها ما يشتمل على أصول وقواعد، فهمُها يريح طالب العلم في فهم مسائل كثيرة إذا اشتبهت عليه ردَّها إلى هذه الأصول الواضحات، فاتضح له علم ما ربما أشكل أو خفي في بعض المواضع.
فعلم الحديث وفهم كلام العلماء على الأحاديث ينبغي أن يكون متسلسلا بحسب أهمية تلك الأحاديث، فكما ذكرت لكم سالفا أنّ هذه الأربعين النووية مهمة؛ لأن في شرحها بيان كثير من الأصول الشرعية، التي إذا استوعبها طالب العلم رَدَّ إليها ما أَشكل عليه؛ تجد مثلا أن العالم أو طالب العلم إذا وردت عليه مسألة مشكلة، ربما لم يطَّلِع فيها على كلام لأهل العلم، وهي مشكلة، فيرد ذلك المشكل إلى ما يعلمه من الأصول الشرعية التي دلت عليها أدلة الكتاب أو أدلة السنة، فيتضح له الإشكال؛ لأنه مما يميز أهل العلم أنهم يردون المتشابه إلى المحكم.
فإذا ضبط طالب العلم المحكمات من الأدلة الواضحات البينات، وتبَيَّن له كلام أهل العلم الراسخين عليها، فإنه يستطيع بفضل الله ونعمته ورحمته أن يردّ ما يشكل فيما يقرأ، أو فيما يسمع، أو ربما فيما يُورد عليه من سؤال، أو في مجلس من حديث، أو نحو ذلك، يرد ما أَشْكَل إلى ما اتضح له أو يتوقف فيه.
وهذا هو الفرق ما بين طالب العلم المُؤَصَّل وطالب العلم الذي يقرأ فقط؛ فطالب العلم المؤصّل يكون عنده بناء المحكمات شيئا فشيئا في العقيدة والحديث والفقه، فلا تجد أنه يضطرب عند إيراد المشكلات، أو أنه يغير رأيه تارة هنا وتارة هناك، كما قال الإمام مالك رحمه الله ”من جعل دينه عرضة للخصومات أكثر التنقل“؛ لأنه لا يكون عند كل أحد من العلم بالشريعة وفهم أصولها وفروعها والمحكمات ما يمكنه أن يرد الشبه، أو يرد الإشكالات إلى ما أُحْكِمَ من أدلة هذه الشريعة العظيمة.
لهذا لا بد من أنْ يؤخذ العلم شيئا فشيئا، وأن تُفْهَمَ شروح أهل العلم على الأحاديث على مر الأيام والليالي، فيتحصل طالب العلم على حصيلة علمية متينة يكون معها إنْ شاء الله تعالى وضوح الشريعة، وفهم الأدلة، وهكذا كان يسير العلماء، فيحرِصون على فهم الأولويات، فهم الأشياء، أو الأحاديث التي هي مختصرة أو جوامع أو كليات، ثم ينتقلون إلى المطولات بحسَب الحاجة.
وقال أيضا عند شرحه للحديث الخامس:

وعن أمِّ المؤمنين أمِّ عبدِ الله عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول الله r «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» [رواه البخاري مسلم]، وفي رواية لمسلمٍ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». ما يلي :
هذا الحديث حديث عظيم جدّا، وعَظَّمَه العلماء، وقالوا إنه أصل في رد كل المحدثات والبدع والأوضاع المخالفة للشريعة، فهو أصل في ردّ البدع في العبادات، وفي ردّ العقود المحرمة، وفي ردّ الأوضاع المحدثة على خلاف الشريعة في المعاملات، وفي عقود النكاح، وما أشبه ذلك، ولهذا جعل كثير من أهل العلم هذا الحديث مستمسكا في ردّ كل مُحدَث، كل بدعة من البدع التي أحدثت في الدين، ولهذا ينبغي لطالب العلم أن يحرص على هذا الحديث حرصا عظيما، وأن يحتج به في كل مورد يحتاج إليه فيه في رد البدع والمحدثات، في الأقوال والأعمال والاعتقادات؛ فإنه أصل في هذا كلِّه.

مع الله
08-16-2008, 08:28 PM
وقال في الوجه الأول من الشريط الخامس.
عند شرحه للحديث الثاني عشر «مِنْ حُسْن إِسلاَمِ الْمَرْءِ: تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ»:
فلهذا يظهر من الحديث عند كثيرين أن المراد به -كما ذكرتُ- القول أو السماع، فيدخل فيه إذن البحث عن أحوال لا تخصك، أو لا تعنيك في دينك، أو الحرص على معرفة الأخبار، أخبار فلان، وإيش عمل، وأيش سوَّى وقال وفعل، وخبره مع فلان، وأيش عندك من الأخبار، وأيش قال فلان، والناس أيش عملوا، ونحو ذلك، فالاهتمام بهذه الأشياء بما لا يعني هذا مخالف لما يدل عليه حسن الإسلام، فمن أدلة حسن الإسلام ترك ما لا يعني من فضول الأقوال، وفضول ما يسمع.
فإذن هذا الحديث من أحاديث الآداب العظيمة فينبغي لنا وجوبا أن نحرص على حسن الإسلام؛ لأن فيه من الفضل العظيم ما فيه، ومن حسن الإسلام أن نترك ما لا يعني من الكلام أو السماع، الكلام، الأسئلة التي ليس لها داع، يأتي يستفصل، وتارة مع من هو أكبر منه، أو من قد يحرج باستفصاله، وتدقيق في الأسئلة، تجميع الأخبار عن الناس، وهذا فَعَل، وهذا ترك، وهذا ذهب، وهذا جاء إلى آخره، والتحدث بها، وتوسيع ذلك هذا كله مذموم، ويسلب عن العبد حسن الإسلام إذا غلب عليه، ولهذا نقول: في هذا الحديث وصية عظيمة في هذا الأدب العظيم من المصطفى عليه الصلاة والسلام؛ فإنّ من حسن إسلام المرء أن يترك ما لا يعنيه، ما لا يعنيه في دينه، ما لا يعنيه في أمر دنياه، ما لا يعنيه من الأقوال، ومما يَسمع أو مما لا يُسمع، وأشباه ذلك، فإن في هذا الأثر الصالح له في صلاح قلبه، وصلاح عمله، والناس يؤتون من كثرة ما يسمعون أو يتكلمون، ولهذا قال بعض السلف في أناس يُكثرون الكلام والحديث مع بعضهم قال: هؤلاء خفَّ عليهم العمل، فأكثروا الكلام، وهذا مذموم أن نكثر الكلام بلا عمل، نجلس مجالس طويلة ساعة، ساعتين، ثلاث في كلام مكرّر، وضار لا نفع فيه والواجبات لو تأمَّلها كثيرة، تجد أنه يتوسع في مباح، وربما كان معه بعض الحرام في الأقوال والأعمال ويترك واجبات كثيرة، وهذا ليس من صفة طلاب العلم، فطالب العلم يتحرى أن يكون عمله دائما فيما فيه نفعٌ له، يعني فيما يعنيه مما أُمر به في الشريعة أو حُثَّ عليه، وأن يترك ما لا يعنيه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
وقال في الوجه الثاني من الشريط الخامس.
عند الحديث السادس عشر الذي رواه البخاري عن أبي هريرة t: أنّ رجلاً قال للنبيِّ r: أَوْصِني، قال«لاَ تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قال «لاَ تَغْضَبْ»
فهذا الحديث دل على هذا الأدب العظيم، فحرى بطالب العلم، وبكل مستقيم على أمر الله أن يوطن نفسه على ترك الغضب، وترك الغضب لا بد له من صفة تحمل عليه، والصفة التي تحمل عليه الحلم والأناة، ومن اتصف بالحلم والأناة كان حكيما؛ ولهذا الغضوب لا يصلح أن يكون معالجا للأمور، بل يحتاج إلى أن يهدأ حتى يكون حكيما.
وكان للغضب بعض الآثار السيئة في قَصص متنوعة، ولهذا نقول قوله عليه الصلاة والسلام (لاَ تَغْضَبْ) ينبغي أن يكون بين أعيننا دائما في علاقاتنا مع إخواننا، ومع أهلينا ومع الصغار، ومع الكبار فكلما كان المرء أحلم وأحكم في لفظه وفعله، كلما كان أقرب إلى الله جل وعلا، وهذا من صفات خاصة عباد الله. [/



وقال في الوجه الثاني من الشريط الثامن.
عند شرحه للحديث التاسع والعشرين حديث معاذ بن جبل:
قال معاذ بن جبل (قلتُ: يا رسول الله؛ أخبرني بعملٍ يُدخِلُنِي الجنَّة ويباعِدُني عن النار)
هذا فيه ما ينبغي التأدب به؛ على ما ينبغي التأدب به لأهل العلم؛ لأن معاذ بن جبل t ورحمه، من أعلم هذه الأمة بالحلال والحرام، بل هو أعلم الأمة بالحلال والحرام، فهو من أهل العلم، وهذا يدل على أن طالب العلم ينبغي عليه أن يكون حريصا على ما يقربه من الجنة ويباعده عن النار، قال معاذ (يا رسول الله؛ أخبرني بعملٍ يُدخِلُنِي الجنَّة ويباعِدُني عن النار) وهذا مما ينبغي لكل طالب علم أن يحرص عليه؛ ما يقربه إلى الجنة، وما يباعده من النار. لأن العلم له شهوة، والعلم له عنفوان، وقد يصرف صاحبه عن السعي في الغاية من العلم، وهو ما يُقرِّب من الجنة، وما يباعد عن النار، وقد قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: ”إن للعلم طغيانا كطغيان المال“، فالعلم يُطغي إذا لم يكن صاحبه يسعى فيما يقرِّبه إلى الجنة، ويباعده عن النار. فالعلم له مقتضيات كثيرة، وأصحاب العلم وأهل العلم وطلبة العلم ينبغي لهم أن يكونوا ألين الناس في غير تفريط، وأن يكونوا أبصر الناس، وأحق الناس بالحكمة والأخذ بما يقربهم إلى الله جل وعلا؛ فهم القدوة، وهم البصراء في العلم والعمل. لهذا سأل معاذ هذا السؤال، وذلك من حكمة الله جل وعلا أن يسأل ليبصِّر أهل العلم جميعا بما ينبغي أن يكونوا عليه، قال (يا رسول الله؛ أخبرني بعملٍ يُدخِلُنِي الجنَّة ويباعِدُني عن النار. قال عليه الصلاة والسلام «لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمِ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ الله تَعَالى عَلَيْهِ»). هذا السؤال العظيم ”ما يقرب إلى الجنة، ويبعد عن النار“، سؤال عظيم، وهو شاق من حيث الامتثال، لكنه يسير على من يسره الله عليه، فإذن نفهم من هذا أن ثم كلفة في أن يمتثل المرء بمقتضى العلم، ولكنه يسير على من يسره الله عليه.

الشافعى الصغير
12-30-2008, 03:05 PM
جزاكم الله خيرا ونفع بكم