المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل نسينا الشيخ عمر عبد الرحمان؟


أبو الفداء الأندلسي
06-17-2008, 04:31 AM
كلما حلت مصيبة جديدة في الأمة الإسلامية إلا و أنستنا في التي قبلها وهذه في حد ذاتها مصيبة و كارثة يجب أن تعالج,لقد نسينا الأندلس و لم نلتفت إليها حتى أصبح عوام المسلمين إن لم يكن الكثير من طلاب العلما يعتقد أنها جزء من إسبانيا و لا علاقة للمسلمين بها,و أخشى أن يأتي يوم تصبح فيه فلسطين كالأندلس و لا غرابة في ذلك.

ومثل ما أقوله في أراضينا المغتصبة إلا و أقوله في أسرانا,كلما أسر لنا شيخ عزيز أو أخ حبيب إلا نسيناه بأسر من بعده و لم نعد نلتفت إليه و لا إلى حاله و لا نسأل عنه,هذه هي سياسة من سياسات العدو عليه من الله ما يستحق.

أسرت أمريكا شيخا من شيوخ المسلمين في مطلع التسعينات حينها كنت صغيرا جدا و لا أفهم بل حينها الكفر و الفسق و المروق من الدين في أشده خصوصا بعد الإعتقالات التي حدثت في بلادنا في مطلع التسعينات,مرت السنوات و السنوات ونسي الشيخ لعل سبب ذلك أن المشايخ 'الكبار' لم يتحدثوا عنه و عن محنته كما أن الزعماء لا يطيقون ذلك أو لعل كثر أسرى المسلمين في كل البلاد حتى شغل كل واحد منا بمصاب,ليس معنى هذا أن جميع من في الأرض من المسلمين نسوا الشيخ و لم يلتفتوا له فالخير لا ينقطع ومعاذ الله أن نصف جميع الناس بالغفلة أو الفسق أو غير ذلك من الأوصاف المذمومة و قد جاء في الحديث{من قال هلك الناس فهو أهلكهم}.


هذا الشيخ الذي أحدثكم عنه هو الشيخ عمر عبد الرحمان.

ذلك الأسد الرابض في سجون طاغوت العصر أمريكا عليه من الله ما تستحق.

قال الشيخ حسن الخطاب فك الله أسره{فو الذي لا رب سواه لقد رأيت ما يرى النائم أن الشيخ{عمر عبد الرحمان} يعظنا و يقول لقد نسيتمونا في بلاد المجرمين} هذا ما جعلني أذكر بالشيخ و بمحنته و أنبه الغافلين عن أحوال مشايخ المسلمين.



و الآن أترككم مع كلمات للشيخ عبد الآخر الغنيمي يحدثنا فيها عن الذلم الواقع للشيخ و عن بعض الجوانب من سيرته.


عمر عبد الرحمن؛ الأسير المنسي





.poem {font-size:14pt;font-family:'Simplified Arabic';color:rgb(0, 0, 0);}"إنني مطالب أمام عقيدتي وأمام ضميري أن أدفع الظلم والجبروت، وأرد الشبه والضلالات، وأكشف الزيف والانحراف، وأفضح الظالمين على أعين الناس، وإن كلفني ذلك حياتي وما أملك".

* * *

كلمات مضيئات لا تزال محفورة في الذاكرة، منذ سمعناها ووعيناها من شيخنا الدكتور عمر عبد الرحمن منذ أكثر من عشرين عاماً، وأشهد أنا ما رأينا منه خلال هذه السنين الطوال إلا مزيداً من الثبات على الحق، ومزيداً من الترجمة العملية لما تحويه تلك الكلمات من معاني التضحية والصبر على الأذى في سبيل الله.

ولعل في محنته في سجون الأمريكان - والتي مضى عليها الآن قرابة السنوات العشر - خير دليل على ما نقول...

فلقد امتحن الشيخ على يد هؤلاء المجرمين بما لم يمتحن به سواه، فلفقت له التهم الباطلة، ودُس عليه من بني جلدته من يحاول توريطه في قضية هي من إعداد المباحث الفيدرالية الأمريكية، انتهت بالحكم عليه من قبل قاضٍ يهودي مجرم؛ بالسجن مدى الحياة، استناداً لقانون قديم لم يطبق منذ الحرب الأهلية الأمريكية.

هذا كله بالرغم من أنه كان من بين الأشرطة السمعية التي زعموا أنها أدلة إدانة للشيخ، كان من بينها شريط قُدِّم للمحكمة بطريق الخطأ، وهو يحوي مكالمة هاتفية بين ضابط من المباحث الفيدرالية وبين العميل المصري المدعو عماد سالم، وفيه يشرح الضابط لذلك العميل كيف يمكنه الإيقاع بالشيخ وتوريطه في القضية، وأن عليه أن يحاول استدراجه للحصول منه على أقوال يمكن أن تعد جرائم يعاقب عليها القانون.

وقد كان هذا الشريط وحده كافياً في نسف كل التهم الموجهة للشيخ، على أساس أن القانون الأمريكي يمنع من استدراج شخص لإيقاعه في خطأ يحاسب عليه القانون، ولكن الحقد اليهودي الصليبي أبى إلا أن يتجلى في أبشع صوره وأسوأ مظاهره.

بل إن هيئة المحلفين قد برأت الشيخ من قضية محاولة تفجير "مركز التجارة العالمي"، ومن كل التهم المنسوبة إليه، باستثناء تهمتي التحريض على اغتيال الرئيس المصري أثناء زيارة كانت مقررة وقت ذاك إلى نيويورك، والتحريض على قتال الجيش الأمريكي، والشكوك تحيط من كل جانب باعتبار الأقوال المنسوبة للشيخ تحريضاً بالمعنى القانوني.

لكنا إذا افترضنا جدلاً أن هذا التحريض قد وقع فعلاً، فإن من المقطوع به أن الرئيس المصري لم يزر نيويورك في تلك الفترة، كما أنه لم تحدث أي هجمات ضد الجيش الأمريكي، بل لم يتم الشروع في أي من "الجريمتين" المزعومتين، فهل تكون عقوبة التحريض على جريمة لم تتم، بل لم يشرع فيها، هي السجن مدى الحياة، مع الحرمان من حق المتهم في الإفراج عنه بعد مضي نصف المدة إذا كان حسن السير والسلوك، وهو الحق المقرر في القانون الأمريكي وغيره من القوانين المعاصرة؟!

وقد كانت آخر معلوماتنا عن الشيخ - قبل أن تنقطع أخباره منذ شهور - أنه لا يزال في الحبس الانفرادي، وهو الشيخ الضرير، الذي يعاني من أمراض السكر وارتفاع ضغط الدم... وغير ذلك، كما سمعنا أنه فقد الإحساس بأنامله، وتدهورت حالته الصحية كثيراً، حتى قال من سُمح له بزيارته منذ أكثر من عام؛ إن من يراه يظنه في التسعين من عمره لا في الثانية والستين، وقد تعرض للضرب والإهانة أكثر من مرة، وأخيراً أعلنت محاميته منذ عدة أشهر؛ أنه ليس موجوداً في سجنه، ولسنا ندري ماذا فعل به هؤلاء المجرمون.

وإذا كانت نصرة الشيخ واجباً قصر فيه أكثر المسلمين، فقد رأيت أن أقل ما ينبغي علينا القيام به الحديث عن بعض ما وعيناه عنه من الدروس، وما سمعناه أو شهدناه من مواقفه التي كانت مثالاً يحتذى في الصبر والثبات، لعل ذلك يُعرِّفُ به من لم يعرفه، أومن سمع به ولم يعلم عنه إلا ما تردده أجهزة الإعلام المضللة، التي لا تزال تصم الشيخ وأمثاله بأنهم "متطرفون"، "إرهابيون"، "أصوليون"... إلى آخر تلك القائمة التي لا تنتهي.

والحق أن جهاد الشيخ وصدعه بالحق بدأ في وقت مبكر من حياته ،وقبل عدة سنوات من اتهامه في قضيتي مقتل السادات والقضية التي سميت بـ "قضية الجهاد"، عام 1981، وهما القضيتان اللتان ارتبط اسمه بهما، واشتهر إعلامياً من خلالهما.

فالذين يعرفون الشيخ عن قرب، يعلمون أنه كان صادعاً بالحق منذ توليه الخطابة بمساجد وزارة الأوقاف قبل تخرجه من كلية أصول الدين، بدءاً من العام 1964م، وأنه لأجل ذلك كان يستدعى للتحقيق من قبل الأجهزة الأمنية، بل أحيل للاستيداع عام 1969م، ثم أعيد ولكن إلى عمل إداري لا يحتك فيه بالجماهير، ثم اعتقل في أكتوبر عام 1970م بعد إفتائه بأنه لا تجوز صلاة الجنازة على جمال عبد الناصر.

وفي العام 1974 أرادت زوجة الرئيس السابق – السادات - تمرير قانون جديد للأحوال الشخصية يمنع تعدد الزوجات، ويمنع الطلاق إلا على يد القاضي، ووقف الغيورون ضد هذا القانون المخالف لشرع الله، وكان شيخنا واحداً من هؤلاء الغيورين، وقد كان حينئذ مدرساً بكلية أصول الدين بأسيوط، فقاد مسيرة من طلاب فرع جامعة الأزهر بأسيوط، التقت مع مسيرة أخرى لطلاب جامعة أسيوط عند مبنى المحافظة، وهناك سلم الدكتور عمر إلى محافظ أسيوط وثيقة احتجاجية باسم الجامعتين تعترض على هذا القانون الخبيث، وتطالب بمنع إقراره.

ثم سافر الشيخ إلى أرض الحرمين في إعارة لإحدى الجامعات السعودية، ولكنه قطع إعارته وعاد لمصر في عام 1980م لما أرادوا التضييق عليه ومنعه من الدعوة والخطابة.

ثم جاءت أحداث عام 1981 في مصر، وسُجن الشيخ وقدم للمحاكمة مرتين كما أسلفنا، وقد برئ في كلتا القضيتين بعد ما ذاق التعذيب ألواناً، لكنه تلقاه بصبر المؤمن وثبات الواثق، وكان كثيراً ما يردد أثناء تعذيبه: (ذق أيها الجسد الفاني... ذق).

وحين كان يسأله بعض زبانية التعذيب؛ ماذا كنت تقول بالخارج؟ كان يجيب في غير خوف ولا تردد: (كنت أقول الحق ولو كان مراً).

ولا زالت كلماته القوية في مرافعته أمام محكمة أمن الدولة ماثلة في أذهان من عاصروها...

من مثل قوله مخاطباً قاضيه: (أيها القاضي المستشار؛ حق الله ألزم من حق رئيس الجمهورية، الله يمنعك من الحكومة، والحكومة لا تمنعك من الله).

وقوله: (إنني مسلم أحيا لديني وأموت في سبيله، ولا يمكن بحال أن أسكت والإسلام يحارب في كل مكان، أو أن أهدأ وأمواج الشرك والضلالة تتلاطم وتغمر كل اتجاه، {كظلمات في بحر لجي يغشه موج من فوقه موج من فوقه سحاب}).

(أنا لا يرهبني السجن ولا الإعدام، ولا أفرح بالعفو أو البراءة، ولا أحزن حين يحكم علي بالقتل؛ فهي شهادة في سبيل الله، وعندئذ أقول؛ فزت وربِّ الكعبة، وعندئذ أقول أيضاً:

ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي).
كما كان موقف الشيخ واضحاً في مرافعته من أنظمة الحكم المخالفة لشرع الله تعالى، وفقدانها للشرعية بسبب امتناعها عن تطبيق شرع الله، حتى كان محاموه يشفقون عليه من أن تتخذ أقواله تلك دليل إدانة ضده، فكانوا يتدخلون ليقولوا للمحكمة؛ إنه لا يقول هذا الكلام بصفته متهماً في القضية، وإنما بصفته واحداً من علماء المسلمين.

وإذا كانت مواقفه في وجه الظلم والظالمين قد اتسمت بهذا القدر الذي أشرنا إليه من القوة والصلابة، فإن مواقفه مع إخوانه وتلاميذه كانت تتسم بحنو الوالد، وحرص الأستاذ والمعلم على محبيه ومريديه، فكان دائم المواساة لهم والتسرية عنهم.

ولقد روى الأخ الشيخ عبود الزمر في حوار صحافي معه؛ أنه لما حكم عليه بالسجن حزن حزناً شديداً، إذ كان يريد أن يلقى الله شهيداً، وظل في حزنه إلى أن جاءته كلمات الشيخ حفظه الله: (لقد بعتم أنفسكم لله ورضيتم بالجنة ثمناً لها، وهو سبحانه صاحب الحق في أن يضع السلعة التي اشتراها حيث شاء، وما عليكم إلا التسليم والرضا؛ لأنها بالبيع خرجت عن ملككم، فإن شاء ابتلاكم بالسجن، وإن شاء رزقكم الشهادة، وليس لكم أن تشترطوا فتقولوا؛ نريد شهادة ولا نريد سجناً).

كما كان الشيخ - ولا يزال - حاملاً هم الإسلام والمسلمين، شديد الحزن والتأثر لما آلت إليه أحوال الأمة من ضعف وذلة، حتى إنه استمع إبان محاكمته في قضية اغتيال السادات إلى الشباب وهم ينشدون:

ملكنا هذه الدنيا القرونا وأخضعها جدود خالدونا
فلما بلغوا قول الشاعر:

ترى هل يرجع الماضي فإني أتوق لذلك الماضي حنينا
فوجئوا بدموع الشيخ تنهال على لحيته، ورأوه يبكي - وهو الذي تحمل كل صنوف التعذيب فلم تخنه عبراته - رأوه يبكي حنيناً وشوقاً لمجد تعب في تحصيله الأجداد فأضاعه الأحفاد.

وفي فترة سجنه التي استمرت ثلاث سنوات، ضرب الشيخ أروع الأمثلة في الصبر والثبات، مستعيناً على ذلك بأنواع الطاعات من الصيام والقيام وغير ذلك، وقد كان يداوم على قيام الليل بجزء كامل كل ليلة، حتى إن بعض إخوانه كانوا يتعبون من متابعتهم له، بل كان البعض يتهرب من الصلاة خلفه، هذا وهو يومها كهل مصاب بعدة أمراض، وهم شباب في العشرينيات من أعمارهم.

وما إن منَّ الله عليه بالخروج من السجن في أواخر عام 1984م، حتى عاد الشيخ مرة أخرى لممارسة دوره في الدعوة والصدع بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحاول الطغاة إغراءه؛ فعرضوا عليه أن يولوه الخطابة في مسجد كبير بمدينة الفيوم التي كان يقيم فيها، وكان هدفهم من ذلك تحجيمه وعدم توسيع نطاق دعوته، وقد فهم الشيخ ذلك فرفض ذلك العرض، مفضلاً أن يكون داعية حراً يجوب البلاد صادعاً بالحق، متحملاً في سبيل ذلك أي مشقة وابتلاء.

ثم تولى اللواء زكي بدر وزارة الداخلية في فبراير 1986، وبدأت مرحلة جديدة كانت سياسة النظام فيها الاعتقالات المتكررة والضرب في سويداء القلب، كما كان يكرر ذلك الوزير الهالك - عليه من الله ما يستحقه –

وقد كانت البداية هي قيام أحد مخبري أمن الدولة بقتل أخ يدعى شعبان راشد، وهو يهم بإلصاق إعلان عن محاضرة للشيخ بمدينة أسيوط، وثارت ثائرة الشباب، رغبة في الانتقام من هذا المجرم الأثيم، ولكن الشيخ من منطلق حرصه على أبنائه - ولم يكن قد مضى وقتها على خروجهم من السجون إلا عام وبضعة أشهر - رأى أنه لا يصح التورط في أي عمل يجر الشباب إلى معركة غير متكافئة مع نظام طاغوتي ظالم، بل إن الشيخ قد ذكر - في مؤتمر حاشد عقد بتلك المناسبة - أنه علم أن الشباب ينوون الخروج عقب المؤتمر بمسيرة حاشدة تجوب أرجاء المدينة، وناشدهم أن لا يفعلوا ذلك وأن ينصرفوا في هدوء، حتى لا يتخذ ذلك ذريعة لتدخل أمني غاشم.

ولم يكن هذا التصرف من الشيخ إلا تغليباً لمصلحة الإسلام والمسلمين، لا رغبة في إرضاء حاكم أو تملق ذي سلطان، ولذا فإنه لما جاءه بعد المؤتمر مجموعة من رجال الأزهر مبعوثين من قِبَل محافظ أسيوط، الذي قال - بحسب روايتهم - ؛ إنه يريد شكر الشيخ على منعه الشباب من القيام بتلك المسيرة، حيث حمى بذلك البلد من شر كبير، وقالوا له: (إن المحافظ يريد أن يقابلك ليشكرك بنفسه).

أقول: إنه لما حدث ذلك فإن الشيخ المجاهد العازف عن متاع الدنيا، المستعلي بدينه على أصحاب الكراسي والمناصب رفض هذا العرض بكل شدة، ولما رأوا إصراره عرض شيخ المعهد الديني بأسيوط أن يتم لقاؤه بالمحافظ في بيته هو - أي بيت شيخ المعهد - لكن الشيخ أصر على رفضه، وحدثهم بما لا يعرفونه عن هذا المحافظ، وأنه كان من قبل مسؤولاً أمنياً كبيراً في مدينة بورسعيد، وكان يقوم بنفسه بتعذيب الشباب المسلمين هناك، حتى إنه ضرب أحدهم على خصيتيه ضرباً شديداً، وقال الشيخ لهم؛ إنه لا يمكنه أن يصافح يداً يعلم أنها أوقعت أذى بفرد من المسلمين.

واستمر الشيخ في دعوته متحملاً ما يلقاه في ذلك من التضييق والاعتقال، ثم فُرض عليه حصار ظالم، مُنع بمقتضاه من الخروج من إطار مدينة الفيوم وما حولها، ولكن ذلك لم يمنعه من مواصلة دعوته، فكان يتحرك داعياً إلى الله في تلك المنطقة، كما كان يسجل بعض الأشرطة ويرسلها لإخوانه في المناطق الأخرى.

بل كان أحياناً يخاطر بخرق هذا الحصار، ويقوم من أجل ذلك بأنواع من المغامرات التي يتخوف من القيام بها المبصرون، كأن يترك زيه الأزهري إلى أحد إخوانه يلبسه حتى يظن رجال الأمن أنه الشيخ، ثم يخرج هو في لباس آخر وسط مجموعة من الشباب، ثم يتحمل مخاطر السفر والانتقال، وما عسى أن يكون في طريقه من الدوريات ونقاط التفتيش الأمنية.

ثم فرضوا عليه الإقامة الجبرية، فمنعوه من الخروج من منزله، إلا إلى المسجد القريب للصلاة مأموماً فيه، ثم منعوا ذلك أيضاً.

وفي تلك الفترة أرسل أكبر ولدين له إلى ساحة الجهاد في أفغانستان، وقد كانا في مقتبل العمر، لا يزيد عمر أكبرهما عن ستة عشر عاماً، هذا مع حاجته وحاجة الأسرة إليهما، إذ كان بقية أولاده لا يزالون أطفالاً صغاراً.

ثم سمح له بالخروج من مصر، فخرج مهاجراً في سبيل الله، مكملاً مسيرته في الدعوة والجهاد، إلى أن استقر به المقام في بلاد، يزعم أهلها أنها زعيمة العالم الحر، وأنها الراعية لحقوق الإنسان، وفيها نسجت خيوط المؤامرة السالفة الذكر من حوله.

ومن أسف؛ أن قضية الشيخ لم تأخذ حقها عند إخوانه من العلماء والدعاة وقادة الحركات الإسلامية، فلقد رأينا تجاهل أكثرهم لمحنة الشيخ، وهم الذين نظن أنه لا يغيب عنهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بفك الأسير، كما في صحيح البخاري من حديث أبي موسى مرفوعاً: (أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني)، قال سفيان: (والعاني الأسير) [1].

وقد أجمع أهل العلم على وجوب فك أسارى المسلمين، حتى قال بعض أهل العلم: (لو أسرت امرأة بالمشرق، ولم يستطع أهل المشرق فك أسرها، وجب على أهل المغرب العمل على فك أسرها)، فكيف بعالم من علماء المسلمين؟

ولست ادعى العصمة للشيخ، ولمن شاء من أهل العلم والدعوة أن يخالفه في بعض ما ذهب إليه، بيد أنا كنا نود أن لا يكون الخلاف في بعض المسائل مانعاً من القيام بما أوجبه الشرع من نصرة المسلم لأخيه المسلم، لكن الواقع كان مع الأسف خلاف ما نتمنى.

بل قد رأينا من المنسوبين للعلم والدعوة من يصم الشيخ ظلماً وعدواناً؛ بأنه خارجي تكفيري.

ورأينا من يخاف من مجرد أن يجري اسم الشيخ على لسانه.

ورأينا من لا يرغب في أن يذكر اسم الشيخ في مجلس هو فيه.

وأذكر أنه عقد في مدينة الخرطوم بعد اعتقال الشيخ في أمريكا مؤتمر حضره الكثيرون من ممثلي الحركات الإسلامية، وقد حدثني أحد من حضروا ذلك المؤتمر؛ أن المؤتمرين قد وجهوا التحية في بيانهم الختامي لكثير من الدعاة المضطهدين في بعض البلاد العربية، وتناسوا قضية الشيخ بالكلية، وهذا ما حدا بأحد الحاضرين أن يكتب ورقة للمشرف على الجلسة يقول له فيها: (ألا يستحق الشيخ عمر عبد الرحمن المسجون في أمريكا تحية مثل هؤلاء الذين ذكرتم؟!)، ولم يجب مدير الجلسة على السؤال، ولم يقرأه على الحاضرين، بل ألقى بالورقة جانباً، وكأن ما بها لا يعنيه في شيء.

ففي سبيل الله ما لقيت وما تلقى أيها الشيخ الجليل، وإلى الله نشكو ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، مع اعترافنا بالتقصير في نصرتك والقيام بالواجب نحوك، وعند الله تعالى نحتسب ما تعاني من تجاهل قضيتك حتى ممن كانوا يوماً من أقرب الناس إليك:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند

البتار
06-20-2008, 05:01 PM
اللهم لا حول ولا قوة الا بك , أنت ناصر المستضعفين ,
ومغيث المستصرخين بك في كل مكان علي الأرض ,
لا يعجزك تجبر المتجبرين ولا كيد الكائدين , وأنت الذي يقول للشيء كن فيكون .
اللهم ألهم لهذه الأمة أن تعود اليك ,
ومن عليها بنصرك الذي وعدت ,
أنت جبار السماوات والأرض وأنت أرحم الراحمين .
اللهم فك أسر الشيخ المجاهد العالم الرباني عمر عبد الرحمن ..
اللهم فرج كربه , اللهم ثبته علي الحق .

حفيد ابن تيمية
06-20-2008, 08:00 PM
لا لم ننسه ! فك الله أسره وجميع أسرى المسلمين , إنه ولي دلك والقادر عليه .
وعلى كل جزاك الله كل خير على عملك هدا ومأجور بإدن الله

المرابط المقدسي
06-23-2008, 10:10 PM
اللهم لا حول ولا قوة الا بك , أنت ناصر المستضعفين ,
ومغيث المستصرخين بك في كل مكان علي الأرض ,
لا يعجزك تجبر المتجبرين ولا كيد الكائدين , وأنت الذي يقول للشيء كن فيكون .
اللهم ألهم لهذه الأمة أن تعود اليك ,
ومن عليها بنصرك الذي وعدت ,
أنت جبار السماوات والأرض وأنت أرحم الراحمين .
اللهم فك أسر الشيخ المجاهد العالم الرباني عمر عبد الرحمن ..
اللهم فرج كربه , اللهم ثبته علي الحق .

أبو الفداء الأندلسي
06-25-2008, 07:40 AM
وهذه محنة الدكتور عمر عبد الرحمن
الكاتب: محمد مصطفى المقرئ



.poem {font-size:14pt;font-family:'Simplified Arabic';color:rgb(0, 0, 0);}كم يتضاءل المرء أمام رموز الثبات والإباء، وكم يهون بلاء العبد بجوار بلاء غيره، ممن يختارهم الله ليكونوا للناس مثلاً، أولئك قوم يمتن الله على عباده بمثلهم في كل جيل فيحذو طلاب المعالي حذوهم.. خطوة بخطوة، وشبراً بشبر، تحدوا الجميع بشرى النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل).

وإن تعجب فعجب أن ينسب المرء نفسه إلى الحكمة والحصافة والخبرة والرشد، لا لشيء إلا أنه غير مطلوب من نظام، ولا صادر بحقه قرار اتهام، ولا محكوم عليه بسجن أو إعدام، أوَ يحسب مثل هذا أنه قد أوتي مما زعم مالم يؤته من قال فيه ربه تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} [الأنفال: 30].

ولست أتخيل أن يكون الناس في مثل ما نحن فيه من ضيعة الدين ثم يكون علماؤهم ودعاتهم ينعمون بالراحة والدعة، وأنى لعالم أو داعية هو على الجادة ولا يقتل ولا يسجن ولا ينفى مع أن الظلم ضج منه النمل في جحوره، ولكن صدق الله: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً} [الإسراء: 73].

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: (يامخنث العزم أين أنت والطريق: طريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورمي في النار الخليل، واضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضرب أيوب، وزاد على المقدار بكاء داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم، تزها أنت باللهو واللعب؟!) اهـ [الفوائد: 42].

وعلى الطريق مضى بعدهم من حملوا الأمانة وأدوا الرسالة {الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيباً} [الأحزاب: 39].

فسجن إمام الأئمة أبو حنيفة النعمان.
وشلت ذراع إمام دار الهجرة مالك ابن أنس.
وأبعد الشافعي.
وعذب أحمد بن حنبل.
ونفي سلطان العلماء العز ابن عبد السلام.
وسجن شيخ الإسلام ابن تيمية.

وما من إمام من الأئمة ترجم له إلا وصدرت ترجمته بحهاده وصبره، وجاء على رأس مناقبه صدعه بالحق وتحمله الإيذاء في سبيل ذلك، على أنهم لم يكونوا في زمان بدلت فيه الشريعة ونُحِّىَ الدين عن إدارة الحياة، بل غاية ما كان من انحراف في زمانهم لا يتجاوز في توصيفه الشرعي أن يكون جوراً أو ظلماً أو فسقاً، لم يصل في أسوأ أحوال إلى تغيير قواعد الإسلام أو اتباع شرائع الشيطان.

إن محنة د. عمر عبد الرحمن هي محنة الأمة في علمائها، فلو أن العلماء اضطلعوا بدورهم حقاً ما اجترأ الطغاة من الحكام والدول على أن يستهينوا بالأمة وينتهكوا حرمة الأئمة، وإذا كان الطغاة ظلموه بتهمة باطلة نسبته إلى تطرف وإرهاب - زعموا - فقد ظلمه بعض المنتسبين إلى العلم بأضعاف أضعافها حين عدوا مواقفه في الحق بدعاً من القول، وفتناً من باطل العمل!! والتي هي أنكى منها تقاعسهم وغيرهم عن نصرته، وقد علموا يقيناً أنه مظلوم فوق العادة.

محنة الشيخ:

ليس من السهل أن يصور محنة السجين إلا سجين مثله، فكيف إذا انضاف إلى مأساة المسلم في سجنه كونه كفيف البصر، وأنه يعاني أمراضاً مزمنة زادت بدنه وهناً على وهن، وهو الشيخ المسن الذي ناهز عمره الستين عاماً؟.

إن محنة د. عمر عبد الرحمن محنة أمة أهينت في علمائها، محنة جيل يرى رواده يقتلون ببطء، وهو عاجز عن مجرد إنقاذهم، إنني لا أبالغ إن قلت: لقد أقدم الأمريكان على تغييب الشيخ بعد التآمر عليه وحبك الخيوط حوله تصفية لحسابات شخصية قديمة. ولا تزال ذاكرتهم تحتفظ بأسماء من صفوا بعض عملائهم أو شاركوا في ذلك، واليوم هم ينتقمون.

لا يكاد المتابع يخطئ أن سجن الشيخ عمر بيت بليل، وانعقدت عليه نية الأمريكان فعملت على تحقيقه بكل وسيلة، ولو بتخطي القانون وتجاوز حدود القضاء، وانتهاك حقوق الإنسان المقررة في مواثيقهم ودساتيرهم، وإن المتابع لسير التحقيقات ليلحظ التواطؤ المتعمد في كل مراحلها وجميع اجراءاتها، لقد قرروا الاحتفاظ بالشيخ عندهم ولو أن يتم ذلك بهذه الصورة الهزيلة المتهافتة المتهتكة النسيج. وسواء كان ذلك تم بطريق المقايضة بينهم وبين الحكومة المصرية، أو لالتقاء مصالحهم مع مصالح مبارك في التخلص من كابوس عمر عبد الرحمن فإن الأمريكان يتحملون المسؤولية المباشرة عن تغييب الشيخ ويتحملون المسؤولية الكاملة عما يمارس عليه الآن في سجنه من تجاوز لكل معاني الإنسانية في بلد تدعي أنها قلعة الحريات.

لقد تأكد لنا أن تمثال الحرية المشرئب العنق في وسط مدينة نيويورك مجرد صنم أصم أبكم لا روح فيه ولا دماء، وأن رمزه مجرد حجر وطلاء فاقع الألوان كما هي الأشياء في بلادهم كبيرة براقة ولكن لا طعم ولا رائحة.

ولن أقف طويلاً أمام ما يمارس على الشيخ، فإنه شيء بشع يهينني ويهين كل حر مجرد ذكره، فهو فوق احتمال من تجري بعروقهم الدماء الحارة، بل ومن بقيت به بقية غيرة على الدين والكرامة، ويكفيك من ذلك أن تعرف ما يلي:

1) إهانة الشيخ ومحاولات إذلاله برنامج يومي ضمن وظائف السجانين من جلاوزة الدولة العظمى زعيمة النظام الدولي الجديد، بل النظام الوحشي الجديد.

2) فرض اجراءات شديدة جداً على معيشة الشيخ في سجنه وحقه في الحصول على متطلباته الحياتية والتثقيفية، وحقه في الزيارات بطريقة إنسانية، حتى طال الأمر زائريه وبشكل مؤذ.

3) التضييق على الشيخ - وهو الكفيف البصر - حتى إنه ليضطر للقيام بجميع شؤونه الحياتية رغم ما يعانيه من أمراض مزمنة ومعقدة.

هذا وقد بلغ الأمر بإدارة السجن تعمد تفتيش الشيخ تفتيشاً مهيناً كلما خرج إلى الزيارة أو عاد منها وهو ما يتعرض له زائروه أيضاً... وكل ذلك يتم بدعوى خشية الإدارة من تسريب ممنوعات إلى زنزانة الشيخ (!!). وقد قامت مباحث السجن بتجريد الشيخ من كل أمتعته الخاصة حتى سلبوه جهاز التسجيل الخاص وسجادة الصلاة.

وهم يتعمدون التسويف والتراخي في تلبية حاجاته حتى ما يتعلق منها بحالته الصحية كالأدوية والأغذية الخاصة، في حين أن عتاة المجرمين القاطنين بجواره تلبى حاجاتهم على الفور بما في ذلك ما هو ممنوع ومحظور. كما أن الإدارة تغري بالشيخ بعض السفهاء من الجند والحرس فيتعمدوا مضايقته وإيذاءه حتى إنهم ليشوشون على صلاته وقراءاته بإطلاق صوت المذياع عالياً بالموسيقى والغناء، وغير ذلك مما يتفوقون فيه على خبرات المصريين في الإضرار والإيذاء.

إنها صرخة تحتبس في الحلق تبحث عن مجيب، فمن أنادي؟! أأنادي العلماء؟ هم بين سجين وطريد ومعافى لا يكاد يأمن على نفسه!! ثم الآخرون مارزئت الأمة بمثل ما رزئت فيهم. أنادي الشباب؟ هم حيارى بين أفكار ومناهج شتى يبحثون عن الطريق، والطريق إنما تتهيأ للمتزودين {الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} [العنكبوت: 69] وهذه طريق الحق محجة واضحة فأين المتزودون العازمون على السير؟

أنادي الأمة! أراها مغيبة الوعي كلما كادت تفيق جرعها حكامها مزيداً من المحن والمخازي مع قدر كبير من المغيبات ولكن أمة ينبض قلبها بالإيمان بعد قرنين أو يزيد من الإكفار والإضلال يمارس عليها، فإذا الصحوة المباركة تجري في عروقها دماً مدراراً، أمة هذه طبيعتها وتلك أصالتها حتماً ستستجيب "الخير في وفي أمتي إلى قيام الساعة".

قال القاضي أبو بكر بن العربي: (... إلا أن يكونوا أسراء مستضعفين فإن الولاية معهم قائمة، والنصرة لهم واجبة بالبدن، بألا يبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك، أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم حتى لا يبقى لأحد درهم، كذلك قال الإمام مالك وجميع العلماء، فإنا لله وإنا إليه راجعون على ماحل بالخلق من تركهم إخوانهم في أسر العدو، وبأيديهم خزائن الأموال وفضول الأحوال والعدة والعدد والقوة والجلد) [أحكام القرآن].

فليحذر أمرؤ على نفسه أن يكون خاذلاً لإخوانه المؤمنين، بل لخيرتهم ونخبتهم، إذ لم يكن د. عمر وحده الذي اختطف من بيننا بل سجون الطغاة مكتظة بآخرين حتى في أرض البلد الأمين.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

أبو الفداء الأندلسي
06-28-2008, 11:13 PM
الشيخ عمر عبد الرحمن؛ {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}

الكاتب: أبو محمد المقدسي




.poem {font-size:14pt;font-family:'Simplified Arabic';color:rgb(0, 0, 0);}بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

عرفت الشيخ عمر عبد الرحمن حفظه الله - أول ما عرفته - يوم التقيته بمكة، وحضرت دروسه وجلساته في منى مرارا في موسم من مواسم الحج.

وعرفت فيه يومها - أول ما عرفت - جرأة في قول الحق وشجاعة في التحريض على نصر الدين.

لا يحتاج الشيخ شهادة مثلي بها، فالقاصي والداني يعرف من هو الشيخ.

ثم التقيته بعد سنين مرارا في بيشاور على ما هو عليه، لم يبدل ولم يغير، شعلة وقادة في التحريض على نصر الدين لم أرها من أهل جيله في زماننا إلا في نفر معدودين، منهم شيخنا العلامة حمود الشعيبي رحمه الله تعالى.

وتتابعت المحن على الشيخ - كما سردها الشيخ عبد الآخر حماد - إلى أن وقع في أسر الصليبيين في أمريكا عليها لعائن الله، وبلغنا نبأ ذلك وما يعانيه من تضييق وأذى ونحن نرسف بقيودنا في سجون الطواغيت، فالله يعلم كم آلمنا ذلك، فقد كنا نكتوي بنار السجن وقتها، ولا نحب مثل ذلك للشيخ؛ إذ نعلم أن سجنه اليوم ليس كما كان بالأمس، حيث كان معه في سجنه بمصر إخوان وطلبة وأبناء يقومون على خدمته ويكرمونه، فإنه وربي يستحق الإكرام.

أما اليوم؛ فها هو ثبته الله فريد وحيد في سجنه، بين قوم لا يرقبون في عالم رباني وشيخ مؤمن إلا ولا ذمة.

ولكنها كلماته التي قالها لبعض إخوانه، لا أجد أن أقول له أبلغ منها: (لقد بعتم أنفسكم لله ورضيتم بالجنة ثمناً لها، وهو سبحانه صاحب الحق في أن يضع السلعة التي اشتراها حيث شاء، وما عليكم إلا التسليم والرضا، لأنها بالبيع خرجت عن ملككم، فإن شاء ابتلاكم بالسجن، وإن شاء رزقكم الشهادة، وليس لكم أن تشترطوا فتقولوا؛ نريد شهادة ولا نريد سجناً) أهـ.

عذرا شيخنا وحبيبنا، العلم الأشم الأسير، فوالله إننا لمقصرون في حقك أشد التقصير.

لم ننسك شيخنا، فما زلت في قلوبنا نبتهل إلى الله تعالى ليل نهار أن يمكننا فنفك أسرك، ويجمعنا بك في ميادين نصرة دينه، فنحسبك - أي والله - من أنصار الله الربيين.

وقد رأيت مقالة الشيخ عبد الآخر حماد هذه، فآلمتني وأثارت بي الشجون، فرأيت أن أثبتها في موقعي [1]، تذكيرا لي ولغيري بتقصيرنا في حق هذا العلم الجليل، علّ هذا التذكير يساهم في التحرك لنصرة شيخنا بكل سبيل.

وإن من أعجز الناس مع عجز عن نصرته ولو بالدعاء.

فلنتذكر شيخنا الجليل في ليالي هذا الشهر الفضيل، ونخلص في الدعاء له ولسائر أسرى المسلمين؛ أن يثبتهم الله على الحق المبين، ويفك أسرهم، ويكبت عدوهم، ويمكن لعباده المؤمنين.

أبو محمد المقدسي
منتصف شهر رمضان/1423 هـ

صاحبة القلادة
06-29-2008, 12:44 AM
جزاك الله خيرا

أبو الفداء الأندلسي
07-01-2008, 01:26 PM
الشيخ الضرير ... من له؟

الكاتب: محمد مصطفى المقرئ


.poem {font-size:14pt;font-family:'Simplified Arabic';color:rgb(0, 0, 0);}لو أن قسيساً تهكم منه سفيه حقير، أو أن حاخاماً حذفه طفل بحجر صغير، أو أن كاهناً بُغي عليه في نقير أو قطمير.. لو أن شيئاً من هذا - فما فوقه - وقع لأرذل الناس فيهم؛ صعلوكاً شاذاً، أو سفاكاً قاتلاً أو غير ذلك، لقامت قيامة القوم، الصحيح منهم والقعيد، أو بمعنى أدق؛ لاستنفرت جحافل النظام الدولي الجديد، ولأرغموا وأزبدوا بالويل والوعيد، ولأنزلوا بشعوبنا وحدها - دون الأنظمة المستأجرة - نقم حصاراتهم وجحيم قاذفاتهم… {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}، ولأنذروا بالويل والثبور وعظائم الأمور، ولجردت حملات، ولنظمت للطيران طلعات، ولفرضت حصارات، ولصبت العولمة المتوحشة جام غضبها على "الإرهابيين".. وشبه الإرهابيين، وشبه شبه الإرهابيين، ولطالت يد مخابراتهم من يحمل فقط "ملامح شرق أوسطية‍‍!"، أو من كان - يا ويله - ذا لحية وسمات إسلامية!!

وإلى هنا.. والأمر طبيعي غير مستغرب، فهم القوم {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر} حقداً وكيداً وحرباً، {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينهم إن استطاعوا}.

ولكن أن لا تتحرك في المسلمين شعرة، ولا يرعد لهم أنف، ولا تثور فيهم نخوة، فهذا ما يدهشني ويذهلني، ويغمني ويحزنني!!

عالم جليل يملأ صيته الدنيا شرقاً وغرباً.. فكم جلجل صوته يدوي في قاعات جامعاتنا - أستاذاً للتفسير بها - وكم اهتزت لكلماته منابر مساجدنا صادعاً بالحق غير وجل ولا هياب لتبعاتها، مما أزعج أهل الباطل وأفزعهم، فأخرجوه من بلده وحيداً طريداً، حتى استقر به الأمر في بلد تدعي أنها راعية حقوق الإنسان، وحسب الشيخ أن الحرية التي يتشدق بها الأمريكان يمكن أن تباح لمسلم، أو أن المسلم معدود - عندهم - كإنسان، فلما قام عبد الله يدعوه زلزلوا زلزالاً شديداً، وسارعوا يخوفونه إنذاراً وتهديداً، وتخويفاً ووعيداً، وما دروا أن أمثاله من {الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله} لا يرهبهم إنذار وتهديد، أو تخويف ووعيد، حتى إذا رأوا ذلك في ثباته ورباطة جأشه.. طفقوا يلفقون له القضايا، ويفترون عليه الاتهامات والرزايا، لقد حبكوا من نسج خيالهم ومريض أذهانهم ما تذرعوا به إلى سجنه، فكان فعلهم خبر شاهد على براءته وغبنه {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}.

شيخ مسن ضرير مريض يفجر ويقتل؟!! كذلك يدعون!! أي فرية تلك التي تفتقت عنها عقول الشياطين؟ وأي تجاوزات وانتهاكات في بلاد الحضارات - يزعمون -؟ ألا إن إصلاح "العالم الثالث" بات أكثر انطباقاً على دول يقال عنها: متقدمة!!

فتعجبوا أيها العقلاء - وخطابي لكم وحدكم دون سواكم "وماذا علي إن لم يفهم البقر؟" - كيف تستنفر أجهزة مخابرات عتيدة للإيقاع بشيخ مقعد لا حول له ولا قوة، وكيف يدوس القوم قوانينهم ويتحايلون في تطبيقها ويحتالون ليدينوا الشيخ من خلالها وهم المدانون، لقد استفرغوا وسعهم في اتهام الشيخ بما يجعله تحت طائلة الإدانة، وعلى الرغم من أن جهودهم قد كلت في إحكام هذا.. إلا أنهم لم ينجحوا في مواراة تهافت ما جاؤوا به من إفك ظاهر للعيان، وضعف ما حاكوه من زور وبهتان.

والحقيقة التي لا يخطئها رأي أي محلل منصف؛ أن ثم مقايضة تمت بين نظامين متواطئين، أحدهما يريد التخلص من الشيخ، والآخر ذو مأرب خبيث ماكر {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}، فالغطرسة الأمريكية تريد أن تؤكد على أنها شرطي العالم، وهي تصر على إبقاء الشيخ رهن الحبس إمعاناً في إذلال الأمة، ولتهينها في شخص واحد من علمائها ورمز كبير من رموزها، إنها تريد أن تشيع شعوراً عاماً لدى الناس بأن الأمة لم يعد بها طاقة لرفض الضيم واستنكاف الهوان، تريد لتؤكد على قهرها لشعوبنا المسلمة المغلوبة على أمرها.. نوع من التحدي لإرادة الأمة ووجودها، فكأنها تصرخ بها - واثقة مستكبرة-: هل من مبارز؟ وصدق الله في وصفهم {إنهم إن يظهروا عليكم لا يرقبون فيكم إلا ولا ذمة}.

فيا أيتها الضمائر.. كيف أوقظك؟ وبأي شيء أخزك؛ كي أتثبت أنك لا زلت على قيد الحياة؟ أم أنه قد بلغ الأمر ما قاله الشاعر: (ما لجرح بميت إيلام؟)، أو كما قال غيره:

وتمددت جسداً جريحاً أمتي نهب الكلاب ومرتع الغربانففزعت أصرخ في المعانق للكرى وكأنه قد لف بالأكفانيا قوم من للدين يحفظ عهده والدين والسلطان مفترقانإن لم نكن للحق نحن فمن يكو نُ إذا تولى يلتهي ذو الشان
ويا أيتها القلوب المسلمة.. أمؤمنة أنت حقاً، فتقيمي أمارة دعواك فيما للمسلمين من نصرة وولاء.. {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر}، و "المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يخذله"، "أنصرك أخاك ظالماً أو مظلوماً"، و "من نفس على مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".

ويا كل مسلم غيور، وكل عالم موثوق، ويا كل داعية صدوق.. كيف إذا سألك الله غداً عن شيخ ضعيف كفيف ظلم فيكم فلم تنصروه؟!!

أما أنت - سماحة الوالد الفاضل - فوالذي نفوسنا بيده.. ما هنت علينا، ولا انقطعت منا، بل لم تزل بروحك وعلمك تلبث فيها.. أبداً أيها المعلم والمثل ما جفوناك ولا نسينا، وإنما قعدت بنا عن نصرك بعض بلايانا، فإلى الله المشتكى.

ولقد نعتذر بضعفنا، وهو عذر أقبح من ذنوبنا، فما لمليار من معجز به يعتذرون، ولكنه الوهن قذف في قلوبنا "حب الدنيا، وكراهية الموت" والفرقة التي شرذمت جموعنا، والكيانات المشتتة التي توهم كل منها أنه بوسعه وحده التصدي لمصير أمة لا تغيب عنها الشمس، أمة استذلت من مشرقها إلى مغربها!! أمة قد مضى عليها قرنان أو أكثر وهي تغط في نوم عميق، فإذا استيقظ بعضها فمتناحرون!!

قد اتسع الخرق والراقعون نيام قصير المدى عزمه خائروذو العزم فيهم بليد الخطى ويقظانهم حائروذو الرأي جن أنانية وأفسده المسلك الجائرقد اتسع الخرق والرتق أعيا وطوقنا الخطر الدائر
إن مصيبة الشيخ أنه ابتلي في زمان أمثالي، ممن لم تزل عقلياتهم تفكر بمنطق الحزبية، حتى في قضايا الأمة المصيرية، وممن يأبون أن تكون المرجعية العلمية من سواهم، فإما أن يكون لأحزابهم الولاء كله، وإلا فلا اعتراف بالآخر، والشعار المرفوع: من ليس معي فهو علي، ورأيي صواب لا يحتمل غير الصواب، ورأي غيري خطأ لا يحتمل إلا الخطأ، والحركة الإسلامية عند بعض فصائلها اصطلاح لا ينطبق إلا على تيار بعينه، بل مخالفوهم ليسوا إسلاميين بالمرة، وإن كان لهم في مسيرة التغيير ألف أثر وأثر، بل وإن أدرك أعداؤهم أنفسهم أنه ما من فصيل أو جماعة إلا وهي بعض الجسد الكبير، بل مكمن من مكامن القوة فيه، وفي سياسة تجفيف المنابع التي يتبعها أعداؤنا خير شاهد وأوضح برهان على أن الجميع لهم بصماتهم على الصحوة المباركة، ولهم آثارهم الملموسة في المجتمع والحياة.. ولكن - وآهٍ من لكن -:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
يا ويحنا ألم يئن بعد أو يولد جيل جيد فريد، مكتمل النضج مستوفي الوعي منكر الذات؟

إن مثل قضية الشيخ ينبغي أن تكون نافذة تطل منها على خارطة الأزمة كاملة، فإن استرداد كرامة عالم تهان الأمة في شخصه هو بعض المطلوب لكرامة الأمة ذاتها، ولا أمل للأمة في هبة كاملة لقضيتها الكبرى ما لم تهب في كل مفردة من مفردات هذه القضية، ولن نفتأ نتهاون في الكبير ما هان في أعيننا الصغير، لو أنه صغير.

وتكبر في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
والسؤال الكبير الملح: هل تتعامل الأمة اليوم مع قضاياها، أو بالتحديد: مع قضية كقضية إهانة علمائها من منظور شرعي، وبروح إيمانية، وبوعي منهجي، يلتزم فيه أهله التزام من يحرص على الواجب ويحذر من الحرام؟

لقد أولى الفقه الإسلامي قضية فك أسر المسلم أهمية كبيرة وعناية خاصة، حتى إنها لتكاد ترقى إلى مستوى حفظ النفوس من الهتك وحصانتها من الإهدار، بل هي - لعمري - كذلك وأكثر، وذلك لتضمنها حفظ الدين، فإن استنقاذ الأسير هو حفظ لنفسه من القتل أو الإتلاف، وحفظ لدينه من الفتنة والارتداد، وقد قرر تعالى - في محكم تنزيله - أن الفتنة أكبر من القتل وأنها أدهى منه وأشد، حيث قال: {والفتنة أكبر من القتل}، وقال تعالى: {والفتنة أشد من القتل}.

فهل سأل المسلم نفسه: ماذا يجب عليه حيال أخيه المسلم يقع في أسر العدو؟

أورد البخاري في صحيحه - تحت عنوان "باب فكاك الأسير" -: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فكوا العاني – الأسير - وأطعموا الجائع، وعودوا المريض).

قال الحافظ في الفتح: (قوله: باب فكاك الأسير: أي: من أيدي العدو بمال أو بغيره، والفكاك: التخليص.. قال ابن بطال": فكاك الأسير واجب على الكفاية، وبه قال الجمهور، وقال إسحاق بن راهوية: من بيت المال) .

وجاء في السير الكبير وشرحه - من كتب الحنفية -: (أن تخليص أسراء المسلمين من أيدي المشركين واجب).

وجاء في قوانين الأحكام الشرعية - من كتب المالكية -: (يجب استنقاذهم من يد الكفار بالقتال، فإن عجز المسلمون عنه - كما هو الحال اليوم - وجب عليهم الفداء بالمال، فيجب على الغني فداء نفسه، وعلى الإمام فداء الفقراء من بيت المال، فما نقص تعين في جميع أموال المسلمين، ولو أتى عليها) .

وفي كلمات الإمام القرطبي خير تعبير عما يمزقني من ألم، وهو ألم يخزني به إهمال المسلمين تخليص الأسرى من أيدي المشركين، والواقع المرير الذي تعاني فيه الأمة من تفرقها من جهة، ومن استظهار بعضها على بعض ليت بالمسلمين بل بمعونة الكافرين!!

يقول الإمام القرطبي: (تظاهر بعضنا على بعض، ليت بالمسلمين، بل بالكافرين!! حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين، يجري عليهم حكم المشركين، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!! قال علماؤنا: فداء الأسارى واجب، وإن لم يبق درهم واحد، قال ابن خويز منداد: ... وردت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فك الأسارى وأمر بفكهم، وجرى بذلك عمل المسلمين، وانعقد به الإجماع، ويجب فك الأسارى من بيت المال، فإن لم يكن - يعني أموال - فهو فرض على كافة المسلمين، ومن قام به منهم؛ أسقط الفرض عن الباقين) .

وجاء في مغني المحتاج - من كتب الشافعية -: (وحمل البلقيني استحباب فك الأسرى على ما إذا لم يعاقبوا - يعني إذا تمحض الأسر سجناً دون عقوبة أخرى تنزل بهم - فإن عوقبوا وجب، وحمل (الغزي) الاستحباب على الآحاد والوجوب على الإمام، وهذا أولى) .

وقال ابن قدامة في المغني - من كتب الحنابلة -: (ويجب فداء أسرى المسلمين إذا أمكن، وبهذا قال عمر بن عبد العزيز ومالك وإسحاق) .

روى سعيد بن منصور عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه قال: (إذا خرج الرومي بالأسير من المسلمين فلا يحل للمسلمين أن يردوه إلى الكفر، وليفادوه بما استطاعوا).

ومع ذلك فإن غاية ما نطلبه من الناس أن يوصلوا للعالم أن قضية الشيخ هي قضية المسلمين بأسرهم، أن يهتفوا بهذا ويلمؤوا به سمع الدنيا، أن يعلموا الأمريكان أن الشيخ رقم كبير في حساباتنا، وأن رصيد الأمريكان سينقص أو ينفد بمقدار هذا الرقم، ذلك إن لم يكن قد نفد فعلاً ومنذ حين كما نفد صبر المسلمين.

إننا مطالبون أن نلقن ذرياتنا وأجيالنا القادمة كيف يكرهون من يتعمد إهانتهم ويجتهد في إذلالهم، فلتمتلئ قلوب أبنائنا نقمة على أعدائهم، ولتتخم صدورهم غيظاً وتحرقاً، ولنترقب لحظة الخلاص {ألا إن نصر الله قريب}.

فهل نستشعر الخطر الداهم والمتزايد والذي لم يقف عند الحد المرئي إن بقينا هكذا مستسلمين للواقع، أم أننا قد تخدرت أعصابنا بما نعزي به أنفسنا من التبرير وفلسفة الهزيمة، وهل نجتهد في أن نكون على مستوى الواجب ونتعامل مع قضايانا بحزم وعزم، حتى يعلم الله ذلك من قلوبنا، فيبدل ضعفنا قوة وعجزنا قدرة، وذلنا عزاً، وهواننا شرفاً وفخراً، ورفعة ومجداً؟

يا أمة الإسلام: {خذوا ما آتيناكم بقوة}.
جمادى الآخرة / 1420 هـ

أبو الفداء الأندلسي
07-05-2008, 12:08 AM
ما هكذا يكون الوفاء. . سامحنا يا شيخ



.poem {font-size:14pt;font-family:'Simplified Arabic';color:rgb(0, 0, 0);}سامحنا يا شيخ..

لطالما جلسنا في حلقاتك.. ولطالما رددنا مقولاتك..

لطالما اصطففنا في القيام خلفك نستمع الى قراءتك فتحلّق أرواحنا في آفاق من الإيمان واليقين..

ولربما حدثنا أنفسنا أننا نفديك - عند الشدائد - بآبائنا وأمهاتنا وأرواحنا فضلاً عما دون ذلك.

وجاءت ساعة الامتحان وأقبلت الشدائد بثقلها..

فما الذي حدث ؟


لقد نجحت نجاها باهراً واخفقنا إحقاقا فاضحاً!

دخلت سجنك كما يدخل الأسد إلى قفصه في كامل أبهته.. لم تلِن لك قناة.. ولم تنحَنِ لك هامة.. ولم ينكسر لك طرف.

أخذت بالعزيمة التي تليق بالعلماء، فأديت زكاة ما تحمله في صدرك من النور والهدى.. مع مرضك وضعفك وضرارتك وشيخوختك.

أما نحن فقد عافسنا الأولاد والزوجات ونسينا أو تناسينا ما مضى.

وصار الهم بحثاً عن حياة رتيبة، وبيت مريح وسيارة فارهة، وإقامة في بلد عربي، أو الحصول على جواز سفر أوروبي وربما أمريكي (لخدمة الإسلام طبعا!!)..

سامحنا يا شيخ..

لم نعد نفكر في قضيتك فقد طال عليها الأمد، ولم نعد نشعر بالحاجة إلى حمل همها، فقد أقنعنا أنفسنا بأنه لا جدوى من ذلك.

لقد طلقنا السلاح الذي طالما تغنينا بحبه، ورتلنا الأناشيد في عشقه.. طلقناه ثلاثا لارجعة فيها.. لقد صهرنا بنادقنا وصنعنا بها لعباً لأطفالنا.. ولما رأى البعض ضعفنا دلّنا على سلاح أخف وزناً يسمى سلاح المقاطعة.. ولكن خارت قوانا، وضعفنا عن حمله، وسفهنا (المتحمسين) الذين يدعون إليه ولم نقوَ على ترك (البيبسي) ووجبات (الماكدونالد) و(الكي أف سي) وغيرها..

لم نعد نتحمل رائحة الغبار.. فغسلنا ملابسنا القديمة وضمخناها بعطور صنعت في مصانع سجانيك.

سامحنا يا شيخ..

فما هكذا يكون الوفاء!

كسرنا أقلامنا التي أهديتها لنا لنحرض المسلمين على القتال.. ورمينا بحطامها في مدفأة (القعود) لنستدفئ بها من برد الشتاء..

لقد تبنا عن التحريض توبة نصوحا واستغفرنا منه كثيراً.

وحتى اشرطتك بعناها في سوق بعيد عن الأنظار.. واشترينا بأثمانها مجموعة من أربطة العنق الملونة..

ولا عجب.. فرباط يوم وليلة خير من الدنيا وما فيها!
[بقلم: خالد عبد الهادي المغربي]

أبو بلال الأثري
07-22-2008, 09:31 AM
اللهم فك قيد أسرانا وأسرى المسلمين