المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عقيدة الطائفة المنصورة تأليف عبد المجيد بن محمد المنيع


المرابط المقدسي
06-01-2008, 08:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمدٍ عليه وعلى آله وصحبه أتم الصلاة والتسليم ، أما بعد :
فاعلموا عباد الله أن الله تعالى خلق الخلق لحكمةٍ عظيمةٍ وهي عبادته وحده لا شريك له ، قال الله تعالى :  وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ  [الذاريات: 56] أي : ليوحدون يقول الله تعالى :  وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ  [الكافرون : 3] فنفى الله عن المشركين عبادتهم له مع أنهم كانوا يقومون ببعض العبادات وذلك لعدم توحيدهم لله  في العبادة .
والتوحيد : هو إفراد الله  بحقوقه .
قال تعالى :  وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا  [ الجن : 18 ] .
وقد اصطلح بعض أهل العلم على تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أنواع :
النوع الأول : توحيد الربوبية .
النوع الثاني : توحيد الألوهية .
النوع الثالث : توحيد الأسماء والصفات .
وقد اجْتَمَعت هذه الأقسام الثلاثة في قولِهِ تعالَى:  رَبِّ السَّمَواتِ والأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [ مريم : 65 ] ، فقوله تعالى :  رَبِّ السَّمَواتِ والأَرْضِ وَما بَيْنَهُما  فيه توحيد الربوبية ، وقوله :  فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ  فيه توحيد الألوهية ، وقوله :  هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا  فيه توحيد الأسماء والصفات .
النوع الأول : توحيد الربوبية :
وهو إفرادُ الله بأفعاله كالخلق ، والملك ، والأمر وغير ذلك من أفعاله .
فنعتقد بانفراده بالخلق والأمر كما قال تعالى :  أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [ الأعراف : 54 ] .
ولا يملك الخلق إلا الله قال تعالى :  وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  [ النور : 42 ] .
وهذا النوع يُقرُّ به حتى الكفار ، فهم يؤمنون بأن الله هو الخالق الرازق المدبر ليس له شريك في ملكه ولذلك كان القرآن يستدل بتوحيد الربوبية الذي يُقرّون به على توحيد الألوهية الذي يُنكرونه قال تعالى :  قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس:31].
النوع الثاني : توحيد الألوهية :
وهو إفراد الله تعالى بأفعال العباد كالدعاء والخوف والرجاء والمحبة والتوكل والإنابة وغيرها من أنواع العبادة .
قال تعالى :  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [ البقرة : 21 ] .
وتوحيد الألوهية هو دعوة جميع الرسل من أولهم إلى آخرهم قال تعالى:  وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ  [الأنبياء:25] ، وقال تعالى :  وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ  [ النحل : 36 ] .
وهو الذي أنكره الكفار وكفَّر الله به المشركين ، وأباح به دماءهم وأموالهم ونساءهم كما جاء في الحديث المتواتر قال  : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) أخرجاه في الصحيحين .
وهذا النوع هو معنى قول : لا إله إلا الله .
فمعناها : لا معبود حقٌّ إلا الله قال تعالى لكليمه موسى – عليه السلام - :  إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي  [ طه : 14 ] ، وهي تشتمل على ركنين :
الأول : النفي في قوله : لا إله ، نافياً جميع ما يعبد من دون الله .
الثاني : الإثبات في قوله : إلا الله ، مُثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته كما أنه لا شريك له في مُلكه وربوبيته .
فلا يتم التوحيد إلا بهذين الركنين قال الله تعالى :  فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا [ البقرة : 256 ] ، وقال سبحانه :  أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [ النحل : 36 ] ، وجاء في صحيح الإمام مسلم أن رسول الله  قال : ( من قال : لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله ) .
والطاغوت : هو كل ما تجاوز به العبد حدَّه من معبودٍ أو متبوعٍ أو مطاعٍ .
فالمعبود : مثل الأصنام .
والمتبوع : مثل الكُهَّانُ ، والسحرة ، وعلماء السوء .
والمطاع : مثل الطواغيت المعاصرة كالمحاكم القانونية سواءً أكانت إقليميَّةً أو محليَّةً أو عالميَّةً ، وكالحكومات الطاغوتية ، وكالحكَّامِ المُشركين ، وكالمجالس التشريعية البرلمانية وأمثالها ، فإذا اتخذهم الإنسان أرباباً يُحلُّ ما حرَّم الله من أجل تحليلهم له ، ويُحرِّم ما أحلَّ الله من أجل تحريمهم له فهؤلاء طواغيت ، والفاعل عابدٌ للطاغوت قال تعالى :  أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا  [النساء:60] ، وقال سبحانه :  اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ  [التوبة:31] عن عدي بن حاتم  : أنه سمع النبي  يقرأ هذه الآية:  اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا الآية ، قال : ( فقلت له : إنا لسنا نعبدهم ) قال : ( أليس يُحرِّمون ما أحلّ اللهُ فتُحرِّمونَهُ ، ويُحلُّونَ ما حرّمَ الله فتُحلُّونَهُ ؟ ) فقلت : ( بلى ) قال : ( فتلك عبادتهم ) رواه الترمذي ، وقد أجمع أهل العلم على تفسير هذه الآية بما جاء في الحديث .
ويدخل في الكفر بالطَّاغوت معاداته و بغضه ، وعدم الرِّضى بعبادته بوجهٍ من الوجوه قال تعالى :  قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ  [ الممتحنة : 4] ، وقال تعالى :  وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ  [ الزمر : 17 ] .
قال ابن القيم - رحمه الله - : ( وكلُّ آيةٍ في القرآن ، فهي داعيةٌ إلى هذا التوحيد ، شاهدةٌ به ، متضمِّنةٌ له ؛ لأن القرآن :
- إما خبرٌ عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله ، وهو توحيد الرُّبوبيَّة ، وتوحيد الصِّفات .
- وإما دعاءٌ إلى عبادته وحده لا شريك له ، وخلع ما يعبد من دونه ، أو أمرٌ بأنواعٍ من العبادات ، ونهيٌ عن المخالفات ، فهذا هو توحيد الإلهيَّة والعبادة .
- وإما خبرٌ عن إكرامه لأهل توحيده وطاعته ، وما فعل بهم في الدُّنيا ، وما يكرمهم به في الآخرة ، فهو جزاء توحيده .
- وإما خبرٌ عن أهل الشِّرك وما فعل بهم في الدُّنيا من النَّكال ، وما يُحِلُّ بهم في العُقبى من الوَبَال ، فهو جزاءُ من خرج عن حكم التوحيد ) .
وهذا التوحيد هو حقيقة دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحدٍ سواه ، قال تعالى :  وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ  [ آل عمران : 85 ] .
ويتضمن هذا التوحيد جميع أنواع العبادة ، فيجبُ إخلاصها جميعاً لله  قال تعالى :  وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ  [ البينة : 5 ].
النوع الثالث من أنواع التوحيد : توحيد الأسماء والصفات :
وهو إفرادُ اللهِ - عَزَّ وجلَّ - بما اختصَّ به مِن الأسماءِ والصِّفاتِ ، وهذا يتضمَّنُ شيئينِ:
الأول : الإثبات ، وذلك بأن نُثبتَ للهِ عزَّ وجلَّ جميعَ أسمائِهِ وصفاتِهِ التي أثبَتَها لنفسِهِ في كتابهِ أو سنَّةِ نبيِّهِ  .
الثاني: نَفيُ المماثلةِ ، وذلك بأن لا نجعَلَ للهِ مثيلاً في أسمائِهِ وصفاتِهِ ، وذلك كما قال تعالَى:  لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ  [الشورى : 11] .
فقوله  :  وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ  فيه إثبات لصفتي السمع والبصر .
وقوله  :  لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ  فيه نفي مماثلته  لأحدٍ من خلقه .
وقد ضلَّت في هذا طائفتان :
الطائفة الأولى سلكت مسلك التمثيل فشبهت الله بالمخلوقين فقالت : لله سمعٌ كسمعي ، وبصرٌ كبصري ، وهكذا غيرها من الصفات ، والرد على هؤلاء من الآية قوله تعالى :  لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ  .
الطائفة الثانية هربت مما وقعت فيه الطائفة الأولى من التمثيل فسلكت مسلك التعطيل فنفوا عن الله  ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله  من الأسماء والصفات فيقولون : ليس لله سمعٌ ، ولا بصر ، أو نفوا علوَّه واستواءه على عرشه وغيرها من الصفات ، والرد على هؤلاء من الآية قوله تعالى :  وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ  .
فالواجبُ : أن نؤمن بأسمائه وصفاته التي ذكر الله تعالى في كتابِهِ ، وعلى لسانِ رسولِهِ  ، مِنْ غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ ولا تكييفٍ ولا تمثيلٍ قال تعالى :  هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا  [ مريم : 65] ، وقال تعالى :  وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ  [ الإخلاص : 4 ] ؛ فيقال : لله سمعٌ ليس كسمع المخلوق ، وبصرٌ ليس كبصر المخلوق .
* الشرك :
إذا تبيَّن هذا فاعلم أنَّ ضد التوحيد الشِّرك : وهو إشراك غير الله فيما هو من خصائص الله .
قال تعالى حاكياً ما يقوله المشركون لآلتهم في النار :  تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ  إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ  [الشعراء: 97-98].
وهو نوعان :
1- شرك أكبر .
2- شرك أصغر .
النوع الأول : الشرك الأكبر:
وهو المخرج من الملة ، ولا يغفر الله لصاحبه إلا بالتوبة ، وصاحبه إن لقي الله به فهو خالدٌ مخلدٌ في النار ، قال تعالى :  إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء  [النساء : 48] ، وقال تعالى :  إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ  [المائدة :72 ] .
والشرك الأكبر أنواعه كثيرة ومدارها على أربعة أنواع :
الأول : شرك الدعاء :
قال تعالى :  وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ  [ المؤمنون : 117 ] .
الثاني : شرك الطاعة :
وهي طاعة الأحبار والرهبان والعلماء والأمراء في معصية الله  ، قال تعالى :  اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ  [التوبة:31] وقد تقدم ذكر حديث عديِّ بن حاتمٍ  عند هذه الآية ، وقال تعالى :  يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا  وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا  [ الأحزاب : 66 ، 67 ] ، وقال تعالى :  وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا  [ الكهف : 26 ] .
الثالث : شرك المحبة :
قال تعالى :  وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ  [البقرة :165] .
* أنواع المحبة :
قال ابن القيم – رحمه الله - : ( وها هنا أربعة أنواع من المحبة ، يجب التفريق بينها ، وإنما ضلَّّ من ضلَّ بعدم التمييز بينها :
أحدها : محبة الله ، ولا تكفي وحدها في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه ، فإن المشركين وعُبَّاد الصليب واليهود وغيرهم يُحبُّون الله .
الثاني : محبة ما يُحب الله ، وهذه هي التي تدخله في الإسلام ، وتخرجه من الكفر ، وأحبُّ الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة ، وأشدهم فيها .
الثالث : الحب لله وفيه ، وهي من لوازم محبة ما يُحبُّ ، ولا تستقيم محبة ما يُحبُّ إلا فيه وله.
الرابعة : المحبة مع الله ، وهي المحبة الشركية ، وكل من أحب شيئاً مع الله ، لا لله ، ولا من أجله ، ولا فيه ؛ فقد اتَّخذه ندَّاً من دون الله ، وهذه محبة المشركين ) .
الرابع : شرك النية والإرادة والقصد :
وهو أن يقصد بعمله غير الله  ، قال تعالى :  مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ  أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ  [هود : 15-16] ، وقال تعالى :  إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ  أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ  [ الزمر : 2 ، 3 ] .
وعن أبي هريرةَ  قال : قال رسول الله  : ( قال اللهُ تعالى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَن الشِّرْكِ ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ مَعِي فِيهِ غَيْرِي تَركْتُه وَشِرْكَه ) رواهُ مسلمٌ .

النوع الثاني من أنواع الشرك : الشرك الأصغر :
وهو غير مخرج من الملة ، وصاحبه إن لقي الله به فهو تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذَّبه ؛ ولكن لا يخلد صاحبه في النار ، وقيل : أنه لابد أن يطهر بالنار لعموم دخوله تحت مسمى الشرك في قوله تعالى :  إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء  [ النساء : 48 ] .
ومن أنواع الشرك الأصغر :
يسير الرياء : قال  : ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ) فسُئل عنه ؟ فقال : ( الرياء ) رواه أحمد وغيره بإسنادٍ حسن .
وقال  : ( الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة ) قالوا : كيف ننجو منه يا رسول الله؟ قال : ( قل اللهم إني أعوذ بك أن أُشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم ) رواه ابن حبان في صحيحه .
ومن أنواعه أيضاً : الحلف بغير الله إن لم يقصد تعظيم المحلوف به كتعظيم المعبود ، وأما إن قصد تعظيمه ومساواته بالله فهو شرك أكبر .
وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : قال  : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه .
ومن أنواعه أيضاً : قول الشخص لآخر : ما شاء الله وشئت ، وهذا من الله ومنك ، وأنا بالله وبك ، ولولا الله وأنت لم يكن كذا وكذا ، فإن اعتقد أنَّه يُشارك الله عزَّ وجلَّ في التدبير والمشيئة فهو شركٌ أكبر ، وإن لم يعتقد ذلك واعتقد أنَّ الله سبحانه وتعالى هو القادر على كلِّ شيءٍ فهو شركٌ أصغر .
ودليله ما ثبت أنَّ النبي  لمَّا قال له رجلٌ : مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ ، قالَ : ( أَجَعَلْتَنِي للهِ نِدًّا ؟ بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ ) رواهُ أحْمَدُ وابنُ أَبي شَيْبَةَ ، والبخاريُّ في ( الأَدَبِ المُفْرَدِ ) والنَّسَائِيُّ وابنُ مَاجَةَ .
وَعَنْ حُذَيْفَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللهِ  قَالَ: ( لاَ تَقُولُوا : مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ فُلاَنٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شَاءَ فُلاَنٌ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
ولاشك أن قول : ما شاء الله وحده أكمل في الإخلاص وأبعد عن الشرك .
ومن أنواعه لُبْس الحلقة والخيط إذا لم يعتقد لابِسُها أنها مؤثرةٌ بنفسها دون الله أو مع الله فإن اعتقد ذلك فهو مُشركٌ شركاً أكبر ، لأنه اعتقد أن هذه تنفع وتضرُّ دون الله .
وأما إن اعتقد أنها سببٌ وليست مؤثرةً بنفسها ، فهو مشركٌ شركاً أصغر لأنه اعتقد ما ليس بسببٍ لا قدراً ولا شرعاً سَبَبَاً .
ودليله ما رواه عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ  : أَنَّ النَّبِيَّ  رَأَى رَجُلاً فِي يَدِهِ حَلْقَةٌ مِنْ صُفْرٍ ، فَقَالَ : ( مَا هَذِهِ ؟ ) ، قَالَ : مِنَ الْوَاهِنَةِ ، فَقَالَ : ( انْزِعْهَا فَإِنَّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاَّ وَهْنًا، فَإِنَّكَ لَوْ مُتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا ) رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ لاَ بَأْسَ بِهِ ، وعن ابن مسعودٍ  قال : سمعت رسول الله  يقول : ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) رواه أحمد وأبو داود .
* بيان أركان الإسلام والإيمان والإحسان :
أخرج مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب  قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله  ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر , لا يرى عليه أثر السفر , ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي  فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه , وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام , فقال رسول الله  : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) قال : صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه , قال : أخبرني عن الإيمان قال : ( أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ) قال : صدقت , قال : فأخبرني عن الإحسان , قال : ( أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) قال : فأخبرني عن الساعة , قال: ( ما المسئول بأعلم من السائل ) قال : فأخبرني عن أماراتها ، قال : ( أن تَلِدَ الأمةُ رَبَّتَها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ) ، ثم انطلق فلبثتُ مليَّاً , ثم قال : ( يا عمر , أتدري من السائل ؟ ) , قلت : الله ورسوله أعلم , قال : ( فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) .
* الإيمان ونواقضه :
الإيمان عند أهل السنة اعتقادٌ بالجنان ، وقولٌ باللسان ، وعملٌ بالأركان ، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان .
ودليل ذلك قول الرسول  : ( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياءُ شُعبةٌ من الإيمان ) رواه مسلم .
فجعل قول : لا إله إلا الله من الإيمان ، وهو قولٌ فدلَّ على دخول الأقوال في مُسمَّى الإيمان .
كما أنه  جعل إماطة الأذى عن الطريق من الإيمان وهو عمل ، فدلَّ على دخول الأعمال أيضاً في مُسمَّى الإيمان .
وأيضاً قوله  : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم .
ودليلُ زيادة الإيمان ونُقصانه قوله تعالى :  هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ  [الفتح : 4 ] ، وقوله تعالى :  وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ  [ التوبة : 124] وإذا ثبتت الزيادة ثبت النقص ومن الأدلة على نقصانه أيضاً قوله  كما في صحيح الإمام مسلم : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن ) .

المرابط المقدسي
06-01-2008, 08:52 PM
وإن أهل السنة والجماعة وسطٌ في هذا الباب بين طائفتين :
الطائفة الأولى :
غلت في هذا الباب فأصبحت تُكفِّر بالذنوب ، فتُكفِّر من يزني ومن يسرق ومن يشرب الخمر ونحوها من المعاصي ، وهؤلاء هم الخوارج الذين مرقوا من الدين ، وجاء أنهم كلاب النار ، وأنهم شرُّ الخلق والخليقة – نسأل الله السلامة والعافية - .
الطائفة الثانية :
وهم المرجئة الذين يعتقدون أن الأعمال غير داخلةٍ في مسمى الإيمان فلا يكفر العبد إلا إذا استحلَّ بقلبه ، فلا يُكفِّرون من يسجد للصنم ، ويدعوا غير الله ، ويسبُّ الله ورسوله  ، فلا يرون الكفر إلا في الجحود والتكذيب القلبي وحده – نسأل الله السلامة والعافية - .
وكلا الطائفتين على بدعةٍ وضلالةٍ – والعياذ بالله - ، وأصل نزاعهم أنهم جعلوا الإيمان شيئاً واحداً ، إذا زال بعضه زال جميعه ، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه ، فلم يقولوا بأنه يزيد وينقص فيذهب بعضه ويبقى بعضه .
وأما أهل السنة فهم متفقون على أن العبد لا يكفر بالذنب ، وإنما يكفر إذا وقع في أحد نواقض الإيمان والإسلام التي وردت النصوص الشرعية والأدلة المرعية بخروج مرتكبها من دائرة الإسلام فمنها مثلاً : الشرك كأن يدعو العبد غير الله  ، أو يذبح لغيره ، أو نحوها من العبادات فمن صرف شيئاً منها لغير الله فقد كفر ، فالذي يدعو علياً  أو البدوي أو عبد القادر الجيلاني أو غيرهم ، وكذا من يدعو الأشجار والأحجار والملائكة والأنبياء فقد كفر قال تعالى :  إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء  [ النساء : 48 ] ، وعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله  : ( من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار ) رواه مسلم .
ومن النواقض أيضاً : السحر قال تعالى :  وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ  [البقرة :102] .
ومنها : الاستهزاء بالله ، أو برسوله  ، أو بدين الإسلام ، أو بشيءٍ من شعائره قال تعالى :  وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ  لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ  [التوبة : 65-66] .
ومنها : مظاهرة اليهود أو النصارى أو نحوهم من المشركين على المسلمين قال تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  [المائدة:51] .
* الإيمان بالغيب :
إن من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكل ما أخبر الله  به ، وما أخبر به رسوله  مما صحَّ عنه من الغيب قال تعالى :  الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ  [البقرة 3] وأخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : قال  : ( مفاتيح الغيب خمسٌ لا يعلمهنَّ إلا الله  إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ  [ لقمان : 34 ] .
ومثال ذلك الإيمان بالعرش والكرسي قال تعالى :  وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ  [هود : 7] ، وقال تعالى :  وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ  [ البقرة : 255] .
ومن ذلك أيضاً الإيمان بعذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين للعبد في قبره قال تعالى :  وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ  النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ  [غافر : 45-46] ، وقال تعالى :  سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ  [التوبة : 101] .
وأخرج البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك  قال : قال رسول الله  : (إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليَسْمَعُ قرعَ نِعالهم ، قال : يأتيه ملكان فيُقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ، قال : فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، قال : فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة قال نبي الله  : فيراهما جميعاً ، قال قتادة وذكر لنا : أنه يُفسح في قبره ، ثم رجع إلى حديث أنس ، قال : ( وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال : لا دريت ولا تليت ، ويضرب بمطارق من حديد ضربة ، فيصيح صيحة ، يسمعها من يليه غير الثقلين ) .
ومِنْ ذلك إيمانهم بالبعثِ بعد الموت ، و مَا يحصُل في ذلك اليوم العظيم من الشدائد والأهوال ، وحساب الله لخلقه على الأعمال قال تعالى :  وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ  [البقرة : 203] ، وقال تعالى :  وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ  [الحج 7] ، وقال تعالى :  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ  يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ  [الحج :1-2] ، وقال تعالى :  وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ  [البقرة :281] ، وقال تعالى :  قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ  وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ  وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ  [الجاثية : 26-28] .
ومن ذلك إيمانهم برؤية المؤمنين لربهم في الآخرة قال تعالى :  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ  إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ  [القيامة : 22-23] ، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله  في ذلك ومنها حديث أبي هريرة  أن ناساً قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله  : ( هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ ) قالوا : لا يا رسول الله ، قال : ( هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ ) قالوا : لا ، قال : ( فإنكم ترونه كذلك ) الحديث ، أخرجاه في الصحيحين بطوله .
ومن ذلك إيمانهم بالشفاعة لمن أذن الله له فيها ، ورضي عن المشفوع له قال تعالى :  وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ  [سبأ : 23] ، وقال تعالى :  وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى  [الأنبياء : 28] .
وممن يشفع الأنبياء والملائكة والشهداء ومن أذن له الله  من الصالحين .
ويختص الرسول  بالشفاعة العظمى ، وهي شفاعته لأهل الموقف يوم القيامة بأن يقضي الله بينهم ، وكذا الإيمان بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها ، وهي للنبي  وغيره من النبيين والمؤمنين والملائكة ، وهذه الشفاعة تتكرر منه  أربع مرات ، وبأن الله تعالى يُخرج من النار أقواماً من المؤمنين بغير شفاعة ، بل بفضله ورحمته ، فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن معبد بن هلال العنزي قال : اجتمعنا ، ناسٌ من أهلِ البصرة ، فذهبنا إلى أنس بن مالك ، وذهبنا معنا بثابتِ البُناني إليه ، يسأله لنا عن حديث الشفاعة ، فإذا هو في قصره ، فوافقناه يصلي الضحى ، فاستأذنا ، فأذن لنا وهو قاعد على فراشه ، فقلنا لثابت : لا تسأله عن شيءٍ أول من حديث الشفاعة ، فقال : يا أبا حمزة ، هؤلاء إخوانك من أهل البصرة ، جاؤوك يسألونك عن حديث الشفاعة ، فقال : حدثنا محمد  ، قال : إذا كان يوم القيامة ، ماج الناس بعضهم في بعض ، فيأتون آدم ، فيقولون : اشفع لنا إلى ربك ، فيقول : لست لها ولكن عليكم بإبراهيم ، فإنه خليل الرحمن ، فيأتون إبراهيم ، فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بموسى ، فإنه كليم الله ، فيأتون موسى ، فيقول : لست لها ، لكن عليكم بعيسى ، فإنه روح الله وكلمته ، فيأتون عيسى ، فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بمحمدٍ  ، فيأتوني ، فأقول : أنا لها ، فأستأذن على ربي فيؤذن لي ، ويلهمني محامد أحمده بها ، لا تحضرني الآن ، فأحمده بتلك المحامد ، وأَخِرُّ له ساجداً ، فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، واشفع تُشفَّع ، وسَلْ تُعط ، فأقول : يا رب أمتي أمتي ، فيقال : انطلق فأخرِج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان ، فأنطلق فأفعل ، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ، ثم أَخِرُّ له ساجداً ، فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، واشفع تشفع ، وسل تعط ، فأقول : يا رب أمتي أمتي ، فيقال : انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان ، فأنطلق فأفعل ، ثم أعود بتلك المحامد ، ثم أخر له ساجداً ، فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، وسل تعط ، واشفع تشفع ، فأقول : يا رب ، أمتي أمتي ، فيقول : انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان ، فأخرجه من النار ، فأنطلق فأفعل . قال : فلما خرجنا من عند أنس ، قلت لبعض أصحابنا لو مررنا بالحسن ، وهو متوارٍ في منزل أبي خليفة ، فحدثناه بما حدثنا به أنس بن مالك ، فأتيناه ، فسلمنا عليه ، فأذن لنا ، فقلنا له : يا أبا سعيد ، جئناك من عند أخيك أنس بن مالك ، فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة ، فقال : هيه ؟ فحدثاه بالحديث ، فانتهى إلى هذا الموضع ، فقال : هيه ؟ فقلنا لم يزد لنا على هذا ، فقال : لقد حدثني وهو جميع ، منذ عشرين سنة ، فما أدري ، أنسي أم كره أن تتكلوا ؟ فقلنا : يا أبا سعيد ، فحدِّثنا ، فضحِك وقال : خُلق الإنسان عجولاً ! ما ذكرتُهُ إلا وأنا أريد أن أحدِّثكم ، حدَّثني كما حدَّثكم به ، قال : ثم أعود الرابعة ، فأحمده بتلك المحامد ، ثم أخر له ساجداً ، فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع ، فأقول : يا رب ، ائذن لي فيمن قال : لا إله إلا الله ، فيقول : وعِزَّتي وجلالي ، وكبريائي وعظمتي ، لأُخرِجَنَّ منها من قال : لا إله إلا الله .
قال رسول الله  : ( يقول الله : شفعت الملائكة ، وشفع النبيون ، وشفع المؤمنون ، ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط ) .
ومن ذلك إيمانهم بحوض النبي  في الآخرة قال تعالى :  إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ  [ الكوثر : 1 ] ، أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله  : (حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها فلا يظمأ أبداً ) ، وأخرج أيضاً في صحيحه عن أنس بن مالك  قال : قال رسول الله  : (إنَّ قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن، وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء ) ، وأخرج في صحيحه أيضاً عن أنسٍ  قال : قال رسول الله  : (ليردن عليَّ ناسٌ من أصحابي الحوض ، حتى إذا عرفتهم اختُلجوا دوني ، فأقول : أصيحابي ؟ فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك ) .
ومن ذلك إيمانهم بالميزان قال تعالى :  وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ  [الأعراف : 8-9] ، وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة  قال : قال رسول الله  : (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ) .
ومن ذلك إيمانهم بالصراط قال تعالى :  وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ  [يس : 66] ، وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة  عن رسول الله  في حديثٍ طويل وفيه : ( ويُضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يُجيز ، ولا يتكلم يومئذٍ إلا الرسل ، ودعوى الرسل يومئذٍ : اللهم سلِّم سلِّم ، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم السعدان ؟ ) قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : ( فإنها مثل شوك السعدان ؛ غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم ) .
ومن ذلك إيمانهم بالجنة والنار قال تعالى :  وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ  [الشورى : 7] .
* ومن عقيدة أهل السنة والجماعة إيمانهم بأن القرآن كلام الله  منزَّلٌ غير مخلوق تكفَّل الله بحفظه من النقص والزيادة والتحريف والتبديل قال تعالى : وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ  نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ  عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ  بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ  [ الشعراء : 192-195 ] ، وقال تعالى :  إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ  [ الحجر : 9 ] .
* أفضل القرون :
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن خير هذه الأمة هم الصحابة ثم التابعون ثم تابعوهم بإحسان ، قال  : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) أخرجاه في الصحيحين .
ثم إنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم قال  : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة ) أخرجاه في الصحيحين .
* محبة الصحابة :
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة محبة أصحاب الرسول  ، و الترضي عليهم ، فقد أثنى الله  ورسوله  عليهم ، فقال تعالى :  وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  [التوبة :100] ، وقال  : ( لا تسبوا أحداً من أصحابي ، فإن أحدكم لو أنفق مثل أُحدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه ) أخرجاه في الصحيحين .
وأخرج أهل السنن عن العرباض بن سارية ، قال : وعظنا رسول الله  موعظة بليغة ، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقال قائل : يا رسول الله ، كأن هذه موعظة مودع ، فماذا تعهد إلينا ؟ فقال : ( أوصيكم بالسمع والطاعة ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة ). وقال  : ( الخلافة في أمتي ثلاثين سنة ) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وكان آخرها خلافة علي  ، حيث خلف أبو بكر  الرسول  سنتين ، وعمر  عشراً ، وعثمان  اثنا عشر سنة ، وعلي  ستَّ سنين .
وترتيب الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم أجمعين - في الفضل ، كترتيبهم في الخلافة .
وأخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نخير بين الناس في زمن النبي  ، فنخير أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم .
ولأبي بكر وعمر – رضي الله عنهما – مزية في أن النبي  أمرنا بالاقتداء بهما فقال  : ( اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر و عمر ) رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
ويعتقد أهل السنة أن ما حصل بين الصحابة من الفتن إنما صدر عن تأولٍ واجتهاد ، فمن كان منهم مصيباً فله أجران ، ومن كان مخطئاً فله أجرٌ واحد وخطؤه مغفورٌ له .
* طاعة ولي أمر المسلمين وحضور الجمعة والجماعة ونحوها معه برَّاً كان أو فاجراً :
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يرون وجوب طاعة إمام المسلمين ونصرته وحضور الجمعة والجماعة والأعياد والحج والجهاد معه برَّاً كان أو فاجراً ، فلا يتركون حضور هذه العبادات العظيمة لفسق الإمام ، مع وجوب نصحه في ذلك كما قال  : ( الدين النصيحة ) قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : ( لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين ، وعامتهم ) رواه مسلم.
* خلع الإمام إذا طرأ عليه الكفر :
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم لا يعقدون للكافر إمامةً ، ولو طرأ على الإمام الكفر سقطت طاعته ووجب إعلان الجهاد لخلعه ونصب إمامٍ عادل إن أمكنهم ذلك ، وإن لم يُمكنهم وجب عليهم الإعداد لذلك لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، قال عبادة بن الصامت  : ( دعانا النبي  فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرةٍ علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله ، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما .
وأما الحكومات المتسلِّطة على ديار المسلمين اليوم والتي تدَّعي الإسلام فهذه الحكومات قد دخلت في الكفر من أوسع أبوابه لارتكابها عدداً من نواقض الإسلام منها :
1- تشريعهم مع الله ما لم يأذن به الله ، قال تعالى:  أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ  [ يوسف : 39 ] .
2- طاعتهم للمشرِّعين المحلِّيين والدوليين واتباعهم لتشريعاتهم الكفرية ، ودخولهم في أحلافهم الشركية ، كاتباعهم لتشريعات هيئة الأمم المتحدة وغيرها مع مخالفة هذه التشريعات والتحالفات لشرع الله تعالى ؛ بل ومحاربته ، قال تعالى:  أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ  [الشورى: 21 ] ، وقال سبحانه :  إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ  ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ  [ محمد : 25-26 ] .
3- حكمهم بغير ما أنزل الله ، قال تعالى :  وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ  [ المائدة : 44 ] ، وقال تعالى :  فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً  [ النساء :65 ] .
4- مظاهرتهم وتوليهم للكفار من اليهود والنصارى والمشركين وحمايتهم ونصرتهم ومنع من يُنكر عليهم كفرهم ، وعقدوا معهم اتفاقيات ومعاهدات النصرة بالنفس والمال واللسان ، قال تعالى :  وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ  [ المائدة : 51 ] ، وقال تعالى :  أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ  [ الحشر : 11 ] ، كما قام هؤلاء الحكام الخونة بقتال الموحدين المجاهدين ومطاردتهم وحبسهم وإيصال الأذى إليهم بكل ما أوتوا من قوة خدمةً لليهود والنصارى – عليهم من الله ما يستحقون - .
وكذا إعلانهم للمودة المطلقة للنصارى والمشركين قال تعالى :  لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ  [ المجادلة : 22 ] وما أكثر ما يُعلنون ذلك عبر وسائل الإعلام بكل وقاحة وصفاقة .
5- استحلالهم الحرام بالترخيص له وحمايته وحراسته والتواطؤ والاصطلاح عليه ، كمؤسسات الربا ، قال تعالى :  إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ  [التوبة: 37 ] .
6- استهزاؤهم بدين الله والترخيص للمستهزئين وحمايتهم وسنُّ القوانين التشريعية التي ترخّص لهم وتسهل لهم هذا الاستهزاء عبر وسائل الإعلام ، قال تعالى :  قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ  لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ  [ التوبة : 65-66 ] .
وغير ذلك من نواقض الإسلام التي ارتكبوها وللاختصار نكتفي بما سبق .
* التحذير من الابتداع في الدين :
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة اقتفاء آثار السلف الصالح في اتباعهم لكتاب الله  وسنة رسوله  وعدم الابتداع في الدين فقد قال الله تعالى :  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا  [ المائدة : 3 ] ، وفي الصحيحين عن أنس  قال : قال رسول الله  : ( من رغب عن سنتي فليس مني ) ، وفيهما عن أبي هريرة  عن رسول الله  قال : ( دعوني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ) ، وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال  : ( أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) ، وقال  : ( تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ) رواه مسلم ، وقال  : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها ، وعضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة ) أخرجه أهل السنن وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .
قال عبد الله بن مسعود  : ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم ) وقال أيضاً : ( اقتصادٌ في سنة خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة ) .
وكتب عمر بن عبد العزيز في وصيةٍ له لرجلٍ سأله عن القدر : ( أما بعد : أوصيك بتقوى الله ، والاقتصاد في أمره ، واتباع سنة نبيه  ، وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته ، وكفوا مؤونته ، فعليك بلزوم السنة فإنها لك بإذن الله عصمة ، ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعةً إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها ، أو عبرة فيها ، فإن السنة إنما سنَّها من قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل ، والحمق والتعمق ، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم ، فإنهم على علمٍ وقفوا ، وببصرٍ نافذ كفَّوا ، ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى ، وبفضل ما كانوا فيه أولى ، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه ، ولئن قلتم إنما حدث بعدهم ، ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم ، ورغب بنفسه عنهم ، فإنهم هم السابقون ، فقد تكلموا فيه بما يكفي ، ووصفوا منه ما يشفي ، فما دونهم من مقصر ، وما فوقهم من محسِّر ، وقد قصر قوم دونهم فجفوا ، وطمح عنهم أقوام فغلوا ، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم ... ) .
وقال الإمام الأوزاعي – رحمه الله - : ( عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول ) .
* موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين :
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة محبة المؤمنين وموالاتهم ، وبغض الكافرين ومعاداتهم ، قال الله تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ  إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ  وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ  [ المائدة : 54-57 ] ، وقال تعالى :  مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ  [ الفتح : 29 ] ، وقال تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا  [ النساء : 144 ] ، وقال تعالى :  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ  [ التوبة : 73 ] ، وقال تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ  [ التوبة : 123 ] ، وقال  : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدُّ بعضه بعضاً ) وشبك بين أصابعه. رواه البخاري ومسلم ، وأخرجا أيضاً في صحيحيهما قوله  : (مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى، والسهر) ، وقال  : ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث أنس بن مالك  .
* المذاهب الكفرية الحديثة :
ومن المذاهب الكفرية الحديثة التي يجب البراءة منها ما يلي :
- العلمانية : وهي فصل الدين عن الحياة ، فهذا المذهب هو من الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه الآخر قال تعالى :  إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً  أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً  [ النساء : 150-151 ] ، وقد بيَّن الله تعالى في كتابه أنه أكمل دين الإسلام ورضيه لنا وأتم علينا به النعمة فقال تعالى :  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً  [ المائدة: 3 ] ، وبيَّن خسارة من ابتغى غيره من الأديان فقال تعالى :  وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ  [ آل عمران:85 ] . - الديموقراطية : وهي حكم الشعب للشعب ، فلا يُحكم بين الناس بكتاب الله وإنما بما يرتضيه الشعب ويحكم به عن طريق البرلمان الذي يمثّلهم فيُشرِّع من دون الله – والعياذ بالله - وقد ذكرنا سابقاً الأدلة على كفر المُشرِّعين والحاكمين بغير ما أنزل الله .
- الوطنية أو القومية ونحوها : وتعني أن الولاء لكل من ينتمي لهذا الوطن أو لهؤلاء القوم حتى وإن كان يهودياً أو نصرانياً أو مشركاً أو غير ذلك من الأديان ، وتفضيل من كان من هذا الوطن أو هؤلاء القوم ولو كان مشركًا على من ليس منهم ولو كان مؤمنًا ، قال تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ  [ التوبة : 23-24 ] ، وقال تعالى :  لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُم  [ المجادلة :22 ] .
* الطائفة المنصورة :
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة إيمانهم بأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق لا يضرها من خذلها ولا من خالفها حتى تقوم الساعة ، فعن معاوية  قال : سمعت رسول الله  يقول : ( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس ) رواه مسلم ، وله عن ثوبان  قال : قال رسول الله  : ( ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل ) ، وله أيضاً عن عقبة بن عامر  قال : سمعت رسول الله  يقول : ( لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك ) ، وله أيضاً عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال : سمعت رسول الله  يقول : ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال : فينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم : تعال صلِّ لنا ، فيقول : لا إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة ) .
هذا والله تعالى أعلم وأحكم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ، ويا مصرف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك .
اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والإنس والجن يموتون.

تأليف الشيخ
عبد المجيد بن محمد المنيع

أم الزبير محمد الحسين
12-04-2009, 02:44 AM
جزاكم الله خيراً

هجرة إلى الله السلفية
12-07-2009, 01:07 PM
جزاكم الله خيرا
ونفع بكم