المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلام نفيس للعلامة صديق خان عن الوسوسة في العبادات


أبو الفداء الأندلسي
05-25-2008, 12:53 AM
يقول العلامة صديق خان في كتابه الروضة الندية



ثم ترى أحدهم يلعب به الشيطان حتى يصير ماهو فيه نوعاً من الجنونفيغسل يده أو وجهه مرة بعد مرة حتى يبلغ العدد إلى حد يضيق عنه الحصر مع دلك شديدوكلفة عظيمة وإستغراق للفكر وهو يعلم بأن ذلك العضو لم تصبه نجاسة مغلظة ولا مخففةفلا يزال فى تعب ونصب ومزاولة لا يشك من رآه أنه لم يبق عنده من العقل بقية ، ثمإذا فرغ من العضو الأول بعد جهد جهيد شرع في العضو الثاني ثم كذلك ، وكثير منهم منيدخل محل الطهارة قبل طلوع الفجر ولا يخرج إلا بعد طلوع الشمس فما بلغ الشيطان هذاالمبلغ من أحد العصاة لأنه عذب نفسه في معصية لا لذة فيها للنفس ولا رفعة للقدر ،وصار بمجرد مجاوزة الثلاث الغسلات كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنتجاوزهافقد أساء وتعدى وظلمفجمع له صلى الله عليه وسلمبين هذه الثلاثة الأنواع ثم لم يقنع منه بهذا حتى صيره تاركاً للفريضة التي ليس بينالعبد وبين الكفر إلا تركها ، كما ثبت في الحديث الصحيح عن جابر بلفظقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاةأخرجه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، وأخرج أهل السنن وأحمد منحديث بريدة قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : العهدالذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفروأخرج الترمذي عن عبد الله بنشقيق العقيلي قال :كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرونشيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاةفانظر كيف صار هذا الموسوس بنص رسولالله صلى الله عليه وسلم مسيئاً متعدياً ظالماً كافراً إن بلغ إلى الحد الذي ذكرناه ، فهذا بإعتبار ما له عند ربه وأما بإعتبار ما له عند الخلق ، فأقل الأحوال أن يقال : مجنون يلعب به الشيطان في مخالفة شريعة الرحمن فخسر الدنيا والآخرة ذلك هوالخسران المبين ، ومع هذا فهو يعذب نفسه بأشد العذاب وكثيراً ما يفضي به ذلك إلىعلة كبيرة تكون سبباً لهلاكه فيلقى ربه قاتلاً لنفسه في معصية فلا يراح رائحة الجنةكما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ، فيمن قبل نفسه وهذه المحنة يقع فيها العالموالجاهل ، فمن كان جاهلاً اعتذر لنفسه بأعذار شيطانية قد استزله الشيطان بها فمنهممن يقول : لم أتيقن كمال الثلاث الغسلات في كل عضو ، وهو قد غسل ذلك العضو مئات ،ومنهم من يقول : أريد أن أغسل غسلاً مشروعاً لا تبقى شعرة ولا بشرة إلا وقد شملهاالغسل والدلك ، فتراه يقلب يديه ورجليه ويدلك كل موضع منه في مقدار الجثة دلكاًفظيعاً ، فيشرع بالأنملة ثم يدلك جزءاً بعد جزء حتى يفرغ من الأصبع ، ثم يأخذ فيالأخرى ، ثم كذلك فلا يفرغ من غسل يده إلا بعد مدة طويلة ، ثم يلعب به الشيطانفيشككه فيما قد غسله أنه لم يغسله فيعود إليه ثم كذلك فلا يكمل الثلاث الغسلات فيزعمه إلا بعد أن يبلغ بنفسه إلى حد يرحمه من رآه ، ومن كان عالماً يعترف بأن هذاالفعل مخالف للشريعة وأنه وسوسة شيطانية ، وهو أقبح الرجلين فإنه ممن أضله الله علىعلم ونادى على نفسه بأنه منقاد لطاعة شيطانه في مخالفة خالقه مستغرق بعبادة عدوالله إبليس لم يبق فيه بقية تزجره عن معصيته ، فلم يستحي من الله فيحمله الحياء علىإيثار الرحمن على الشيطان ، ولم يستحي من الناس فيردعه حياؤه عن التحدث لعباد اللهبأنه قد اشتغل عن ربه بطاعته الشيطان ، وفي مثل هذا قال رسول الله صلى الله عليهوسلم :إذا لم تستحي فاصنع ماشئت. والحاصل : أن هذهالمحنة قد عمت وطمت ، عند كل فرد من أفراد العباد منها جزء من الأجزاء وإن قل ،والكل من طاعة الشيطان ومخالفة الرحمن ، والناجي من ذلك هو الكبريت الأحمر وعنقاءمغرب ، والغراب الأبقع ، ومن أنكر هذا فليجرب نفسه ويعمل بمثل هذا النص الثابت عنهصلى الله عليه وسلم في مسح الأذى الذي يعلق بالنعل في الأرض ثم يصلي فيه ، وينظرعند ذلك كيف يجد نفسه ، مع أن ذلك هو المهيع الذي لا يرجح المجتهد سواه ، إن أنصفمن نفسه فليصدق فعله قوله، وإن كان مقلداً فله بالأئمة الأسلاف قدوة وهم الأقل منالقائلين بذلك ، وهيهات ذاك فإن الشكوك والخيالات قد جعلها الشيطان ذريعة يقتنص بهامن لم يقع في شباكه المنصوبة للمتهتكين من العصاة المستهترين بمحبتها لأنه وجدقوماً لا تطمح أنفسهم إلى شرب الخمور وإرتكاب الفجور فحفر لهم حفيرة جمع لهم فيهابين خزي الدنيا والآخرة ، فهم أشقى أتباعه اللهم أعذنا من نزعات الشيطان وأجرنا منخزي الدنيا وعذاب الآخرة