الشافعى الصغير
05-21-2008, 05:44 AM
شيء ما.. «ناقص»
بقلم لميس الحديدي
http://bp0.blogger.com/_ds5OVu3DQE8/RvtWpE9jUgI/AAAAAAAAAfE/7UUrbhAx6m0/s1600/question-mark.jpg
في ندوة بسياتل بالولايات المتحدة، جمعت عددًا من أكبر رؤساء شركات العالم، تحدث المستثمرون عن مستقبل استثماراتهم في العالم وفي الشرق الأوسط.. وعندما جاء اسم مصر، خرج تعليق يستحق أن نقف عنده.. قالوا: لا نعرف.. هناك شيء ما غير موجود.. شيء ما ناقص..
(Something missing in Egypt)..
الحكاية السابقة ليست لي، ولكن رواها المهندس علي فرماوي، نائب رئيس شركة مايكروسوفت، الذي حضر ندوات سياتل مع الكبار، مثل وارن بافيت، بيل جيتس، ويلش، وغيرهم من «عظماء» الصناعة والاستثمار في أمريكا والعالم.
وفي المنتدي الاقتصادي العالمي بشرم الشيخ «دافوس» - الذي ينهي أعماله اليوم - سأل فرماوي السؤال الذي طرحه الكبار:
«ماذا ينقص في مصر؟!»
طرح سؤاله في حفل العشاء الأول الذي أقامه وزير الاستثمار، وحضره رئيس الوزراء وعدد من الوزراء المصريين والعرب، وأمين السياسات بالحزب الوطني جمال مبارك.. ويبدو أن د. نظيف أراد تخفيف السؤال أو لم يجد له إجابة، فقال: «ربما يجب أن ندعو هؤلاء المستثمرين إلي مصر لنريهم الأمور علي الواقع، ونؤكد لهم أنه لا يوجد شيء ما ناقص».. هكذا.. وبكل بساطة.
لكن الحقيقة تقول غير ذلك.. هناك شيء ما ناقص.. هناك أشياء ناقصة.. وإذا كنا لا نراها، وإذا كنا لا نعرفها، فتلك مصيبة أكبر..
وأظن أن كل قارئ لهذه الحكاية، لديه «قائمة» من الأمور الناقصة.. قائمة من الفرص الضائعة يمكن أن يملأ بها الصفحات..
من التعليم إلي الصحة، إلي الأمن، إلي العدل، إلي الحريات، إلي الديمقراطية، إلي العمل... إلخ، لكني سأوجز ما أراه بحق ناقصًا في كلمتين:
واحدة: «الرؤية»، فعلي الرغم مما قدمته الحكومة الأخيرة من إصلاحات جديدة - قد نتفق أو نختلف معها - فإن هناك شعورًا عامًا بأنها تسير وفقًا لنظرية «رد الفعل»، فلا رؤية واضحة.. قرارات تناقض قرارات سابقة.. لا تخطيط لأشهر مقبلة، الأرقام تعني لها هي فقط ولا تعني كثيرًا لمواطنيها.. وأتحدي أن يكون هناك مسؤول واحد في هذه الحكومة يعرف حق المعرفة ما نحن مقبلون عليه في ٥ سنوات.. وإلا كنا تمكنا من الإعداد مثلاً لأزمة ارتفاع أسعار الغذاء التي كانت هناك توقعات عالمية بحدوثها، ولم تفاجئنا بها الأحداث.
وفي المنتدي الاقتصادي بشرم الشيخ، عندما تحدثنا مع عدد من المستثمرين العرب والأجانب، كان هناك شعور ما بالقلق.. لا أحد يقول لك علي الإطلاق لن نستثمر في مصر، أو إننا سنسحب استثماراتنا.. ولكن علامات الاستفهام بدأت تعود إلي الوجوه.. بعد سنوات قليلة من الثقة.. لماذا؟! جانب منها قد يعود لبعض القرارات الأخيرة، وبالذات قرارات المناطق الحرة التي فاجأت المستثمرين..
والبعض الآخر يعود لشعور ما يجتاحنا جميعًا بـ«التردد»: التردد في اتخاذ القرار.. التردد في استمرار الإصلاح.. والتردد في حسم أمور كثيرة، خشية رد فعل شعبي مضاد يؤثر في النهاية علي استقرار النظام السياسي.
الحكومة في مأزق.. هذه حقيقة، جزء منها تبرره الظروف العالمية، لكننا لا نستطيع دائمًا أن نقف ونعلق همومنا ومصائبنا علي المشاكل العالمية.. ففن الإدارة وعلمها نعرف كفاءتهما فقط في المآزق.. والآن.. الآن هو الوقت الذي ينظر فيه كل مستثمر حول العالم إلي الدول المختلفة: ماذا فعلت، كيف أدارت الأزمة، هل كانت إدارتها خلاقة أم أنها لجأت إلي الجباية من جيوب الناس.. هل تستطيع أن تخرج من المأزق أم أنها ستغرق فيه ،كما يغرقون في بحار الرمال الصحراوية؟!
وعندما يخرج علينا، وفي زمن متقارب جدًا، تقريران سلبيان عن الاقتصاد المصري «سيتي جروب وHSBC» فعلينا هنا أن نقف ونفكر..
ماذا فعلنا خطأ.. وماذا ينقص؟!
عفوًا.. أعزائي المحتفين في شرم الشيخ.. هناك شيء ما ناقص.. إذا كنتم لا تعرفونه، فلابد أن تبحثوا عنه قبل فوات الأوان من جديد.
بقلم لميس الحديدي
http://bp0.blogger.com/_ds5OVu3DQE8/RvtWpE9jUgI/AAAAAAAAAfE/7UUrbhAx6m0/s1600/question-mark.jpg
في ندوة بسياتل بالولايات المتحدة، جمعت عددًا من أكبر رؤساء شركات العالم، تحدث المستثمرون عن مستقبل استثماراتهم في العالم وفي الشرق الأوسط.. وعندما جاء اسم مصر، خرج تعليق يستحق أن نقف عنده.. قالوا: لا نعرف.. هناك شيء ما غير موجود.. شيء ما ناقص..
(Something missing in Egypt)..
الحكاية السابقة ليست لي، ولكن رواها المهندس علي فرماوي، نائب رئيس شركة مايكروسوفت، الذي حضر ندوات سياتل مع الكبار، مثل وارن بافيت، بيل جيتس، ويلش، وغيرهم من «عظماء» الصناعة والاستثمار في أمريكا والعالم.
وفي المنتدي الاقتصادي العالمي بشرم الشيخ «دافوس» - الذي ينهي أعماله اليوم - سأل فرماوي السؤال الذي طرحه الكبار:
«ماذا ينقص في مصر؟!»
طرح سؤاله في حفل العشاء الأول الذي أقامه وزير الاستثمار، وحضره رئيس الوزراء وعدد من الوزراء المصريين والعرب، وأمين السياسات بالحزب الوطني جمال مبارك.. ويبدو أن د. نظيف أراد تخفيف السؤال أو لم يجد له إجابة، فقال: «ربما يجب أن ندعو هؤلاء المستثمرين إلي مصر لنريهم الأمور علي الواقع، ونؤكد لهم أنه لا يوجد شيء ما ناقص».. هكذا.. وبكل بساطة.
لكن الحقيقة تقول غير ذلك.. هناك شيء ما ناقص.. هناك أشياء ناقصة.. وإذا كنا لا نراها، وإذا كنا لا نعرفها، فتلك مصيبة أكبر..
وأظن أن كل قارئ لهذه الحكاية، لديه «قائمة» من الأمور الناقصة.. قائمة من الفرص الضائعة يمكن أن يملأ بها الصفحات..
من التعليم إلي الصحة، إلي الأمن، إلي العدل، إلي الحريات، إلي الديمقراطية، إلي العمل... إلخ، لكني سأوجز ما أراه بحق ناقصًا في كلمتين:
واحدة: «الرؤية»، فعلي الرغم مما قدمته الحكومة الأخيرة من إصلاحات جديدة - قد نتفق أو نختلف معها - فإن هناك شعورًا عامًا بأنها تسير وفقًا لنظرية «رد الفعل»، فلا رؤية واضحة.. قرارات تناقض قرارات سابقة.. لا تخطيط لأشهر مقبلة، الأرقام تعني لها هي فقط ولا تعني كثيرًا لمواطنيها.. وأتحدي أن يكون هناك مسؤول واحد في هذه الحكومة يعرف حق المعرفة ما نحن مقبلون عليه في ٥ سنوات.. وإلا كنا تمكنا من الإعداد مثلاً لأزمة ارتفاع أسعار الغذاء التي كانت هناك توقعات عالمية بحدوثها، ولم تفاجئنا بها الأحداث.
وفي المنتدي الاقتصادي بشرم الشيخ، عندما تحدثنا مع عدد من المستثمرين العرب والأجانب، كان هناك شعور ما بالقلق.. لا أحد يقول لك علي الإطلاق لن نستثمر في مصر، أو إننا سنسحب استثماراتنا.. ولكن علامات الاستفهام بدأت تعود إلي الوجوه.. بعد سنوات قليلة من الثقة.. لماذا؟! جانب منها قد يعود لبعض القرارات الأخيرة، وبالذات قرارات المناطق الحرة التي فاجأت المستثمرين..
والبعض الآخر يعود لشعور ما يجتاحنا جميعًا بـ«التردد»: التردد في اتخاذ القرار.. التردد في استمرار الإصلاح.. والتردد في حسم أمور كثيرة، خشية رد فعل شعبي مضاد يؤثر في النهاية علي استقرار النظام السياسي.
الحكومة في مأزق.. هذه حقيقة، جزء منها تبرره الظروف العالمية، لكننا لا نستطيع دائمًا أن نقف ونعلق همومنا ومصائبنا علي المشاكل العالمية.. ففن الإدارة وعلمها نعرف كفاءتهما فقط في المآزق.. والآن.. الآن هو الوقت الذي ينظر فيه كل مستثمر حول العالم إلي الدول المختلفة: ماذا فعلت، كيف أدارت الأزمة، هل كانت إدارتها خلاقة أم أنها لجأت إلي الجباية من جيوب الناس.. هل تستطيع أن تخرج من المأزق أم أنها ستغرق فيه ،كما يغرقون في بحار الرمال الصحراوية؟!
وعندما يخرج علينا، وفي زمن متقارب جدًا، تقريران سلبيان عن الاقتصاد المصري «سيتي جروب وHSBC» فعلينا هنا أن نقف ونفكر..
ماذا فعلنا خطأ.. وماذا ينقص؟!
عفوًا.. أعزائي المحتفين في شرم الشيخ.. هناك شيء ما ناقص.. إذا كنتم لا تعرفونه، فلابد أن تبحثوا عنه قبل فوات الأوان من جديد.