المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النِّفَاقُ الِإجْتِمَاعِيّ !!


أبو أنس الأنصاري
05-05-2008, 02:46 AM
أصبح لكل رمز ديني أو سياسي أو وطني بطانةٌ يمارسون معه لُعبة التضليلِ والتَّملّق والتّزلّف والمديح المزيَّف، فشيخُ العلم لديه أتباع من المحبِّين والمعجبين يخلعون عليه صفات الكمال ويوهمونه بأنه بركة العصر ، ووحيد الدهر ، وشبيه البحر ، وأن الله نفع بعلمه العباد والبلاد، وأن كتبه وفتاويه ودروسه شرّقت وغرّبت، فيصدّق المسكين ويقع في الفخ ويصاب بداء العُجْبِ والتيه . والسياسي عنده بطانة تقتات بكلمات الإطراء ومقامات الثناء الممجوج، وتوهمه بأنه الملهم وقلب الأمة النابض ومحبوب الجماهير، وتذكر له أحلاماً مناميَّة كاذبة تدل على صلاحه وعدله وإيمانه واستقامته، وتخبره هذه البطانة أن العجائز في البيوت يدعون له، وأن الشيوخ والأطفال يعيشون على حبّه، وأن عدله وصل الجميع وبرّه وَجُوده عمّ الكل، ( فيتوهّق ) و ( يتورّط ) في دهاليز العلو في الأرض والتّكبر على عباد الله والتّجبر على الأمة. والأعيان من العسكريين والتجار والمشاهير لهم جُلاّس وسُمّار يمارسون معهم لعبة الضحك على الذقون وتمويه الحقائق، ويعطونهم صورة خاطئة عن الواقع ليكسبوا الحظوة لديهم، وينالوا شرف صحبتهم، ويبتزوا أموالهم، فإذا غابوا عنهم سلقوهم بألسنة حِداد شِداد، فإذا أتيتَ تريد المكاشفة والصدق والوضوح والشفافية ضاع صوتك بين الأصوات وصرت ثقيلاً وأصبحت نشازاً، فتضطر رغم أنفك للمشاركة في حفل تأبين الضمير وفي جنازة موت الحقيقة، وهذا يدلّك على الغثائية التي وصلت إليها الأمة. أما كان الأعرابي يحاور عمر ويناقشه وهو على المنبر؟ أما طلب عمر من الناس تيسير المهر وعدم المغالاة في الصداق، فقامت امرأة من آخر المسجد فقالت لعمر: يا عمر كيف تريد تقليل المهر والله تعالى يقول: ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا )؟ فصاح عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر.

نحن لا نطلب من الناس سوء الأدب مع الرموز الدينية والسياسية والوطنية وسائر الناس، ولا التجريح ولا التشهير، ولكن نطالب الجميع بالكف عن هذا النفاق الاجتماعي وحجب الحقائق وإدخال هذه الرموز في نفق مظلم من الوهم. يقول الحسن البصري: « تولّى الحجاج العراق وهو عاقل كيّس، فما زال الناس يمدحونه حتى صار أحمق طائشاً سفيهاً » ، فلما ضعف الوازع الديني عند الأمة وقلَّ الصدق أكثرتْ من ألقاب المديح وصفات التّزلّف بعدما كان الصحابة في عصر الخيريّة والقيادة والريادة ينادي بعضهم بعضًا، فيقولون : يا أبا بكر ، يا عمر ، يا عثمان، يا علي، وهم قد فتحوا القلوب والأسماع والأبصار والبلدان بالإيمان والعدل والسلام، ولكن الرئيس العربي ركَّبَ على صدره النياشين وعلى أكتافه النجوم وفي الشوارع أقواس النصر وهو لم ينتصر في معركة واحدة بل إن أجزاء من بلاده تحتلها إسرائيل.

إن تمويه الحقائق على الرموز وصنّاع القرار والمؤثِّرين معناه ضياع البلاد والعباد، فهؤلاء المتملِّقون والمتزلِّفون من البطانة همهم أنفسهم، وهم الذين يحملون شعار ( كل شيء على ما يرام )، فتجد الشيخ مثلاً عنده أخطاء كبرى ومغالطات عظمى لكن بطانته يصوّبون قوله وفعله حتى يوصلوه إلى درجة العصمة، فيبقى على خطئه، ويستمر على أوهامه، والسياسي تُحجب عنه حقائق الوطن والناس تحت مظلّة ( الناس مرتاحون ويدعون لكم وهم في أرغد عيش وأحسن حال )، فيُعطَّل اهتمام الوالي بأحوال الناس وحاجاتهم، وتنحدر البلاد في التّخلّف والفقر؛ لأن هذه العصبة قد ضمنت مصالحها، واطمأنت لمستقبلها، فلا يعنيها حال أحد من البشر.

د / عائض القرني

قـَسْوَرَةُ الأَثَرِيُّ
05-05-2008, 03:01 AM
واللهِ كنتُ اقرأُ السطْرَ فالسَّطرَ و أقولُ في نفسي صاحِب هذا المقال جدير ان يكون كاتب مقامات لسلاسة العبارة في قلمه و حسن بيانه و تعبيره و خفة اختياره للمفردات ....

فلم يخِب ظنّي عندما رأيتُ شيخ مشايخنا الدكتور العائض القرني الذي شنف اذني سماعه مشافهة و ابرق عينيّ ملاطفة محياه في جلسات عديدة هذه الأشهر الفائتة طاب بها اللقاء و تنعمتُ بحسن عبارته و جميل كلماته للهِ درّه
جزاك الله خيرا ابا انس

أبو أنس الأنصاري
05-05-2008, 04:09 AM
وَجَزاكَ بِالمِثْلِ وزِيادَةَ يا حَبيبْ ،
وَنَفَعَنَا اللهُ بالشَّيْخِ الدُكتور وَحَفِظَهُ ، وَرَدَّ كَيْدَ الكائِدينَ لَهُ والمُنْتَقِصينَ مِنْ حَقِّهِ وَقَدْرِهِ مِنَ السبَّابَةَ وَغَيْرِهِم .

قـَسْوَرَةُ الأَثَرِيُّ
06-04-2008, 04:19 PM
للرفع رفع الله قدر اهل السنة

محمد عبدة
06-12-2008, 05:01 PM
انا والله العطيم واحد من منهم يكرهون هذه الظاهره لاسباب عديدة

أمّ يُوسُف
10-15-2008, 03:40 AM
جــزاكم الله خيرًا