أبو أنس السلفي
04-19-2008, 08:20 PM
سُئل الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان هذا السؤال:
س 34 : يلاحظ على بعض الشباب في هذه الآونة الأخيرة إهمالهم وزهدهم في تعلم العقيدة ومدارستها والاهتمام بها، وإنشغالهم بأمور أخرى، فما هو توجيهكم لمثل هؤلاء الشباب ؟ .
جـ/ بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد .
فإنني أنصح للشباب وغيرهم من المسلمين أن يهتموا بالعقيدة أولاً وقبل كل شيء (89)، لأن العقيدة هي الأصل التي تُبنى عليه جميع الأعمال قبولاً ورداً، فإذا كانت العقيدة صحيحة موافقة لما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام خصوصاً خاتم النبيين نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ، فإن سائر الأعمال تقبل إذا كانت هذه الأعمال خالصة لوجه الله تعالى، وموافقة لما شرع الله ورسوله،
وإذا كانت العقيدة فاسدة، أو كانت ضالة مبنية على العوائد وتقليد الأباء والأجداد، أو كانت عقيدة شركية، فإن الأعمال مردودة لا يقبل منها شيء ولو كان صاحبها مخلصًا وقاصدًا بها وجه الله، لأن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كانت أعمالاً خالصة لوجهه الكريم، وصوابًا على سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، فمن كان يريد النجاة لنفسه ويريد قبول أعماله ويريد أن يكون مسلمًا حقًا، فعليه أن يعتني بالعقيدة، بأن يعرف العقيدة الصحيحة وما يضادها وما يناقضها، حتى يبني أعماله عليها، وذلك لا يكون إلا بتعلمها من أهل العلم وأهل البصيرة الذين تلقوها عن سلف هذه الأمة ( 90)، قال سبحانه وتعالى لنبيـه محمـد صلى الله عليه و سلم : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ }( 91)، وقد ترجم الإمام البخاري -رحمه الله- ترجمة قال فيها : (( باب العلم قبل القول والعمـل )) (92 ) وساق هذه الآية الكريمة : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ } .
وقال تعالى : { وَالْعَصْـرِ * إِنَّ الأِنْسَـانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُـوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } ( 93) .
فرتب السلامة من الخسارة على مسائل أربع :
المسألة الأولى : الإيمان : ويعني الاعتقاد الصحيح .
المسـألة الثانية : العمل الصالح والأقوال الصالحة، وعطف الأقوال الصالحة، والأعمـال الصالحـة على الإيمـان مع أنها جزء منه من باب عطف الخاص على العام، لأن الأعمال داخلة في الإيمان، وإنما عطفها عليه اهتمامًا بها.
والمسألة الثالثة : تواصوا بالحق يعني دعوا إلى الله، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، ولمّا اعتنوا بأنفسهم أولاً وعرفوا الطريق، دعوا غيرهم إلى ذلك، لأن المسلم مكلف بدعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وتواصوا بالصبر، هذه هي المسألة الرابعة: وهي الصبر على ما يلاقونه في سبيل ذلك من التعب والمشقة .
فلا سعادة لمسلم إلا إذا حقق هذه المسائل الأربع، أما الاهتمام بالثقافات العامة، والأمور الصحفية وأقوال الناس، وما يدور في العالم، فهذه إنما يطّلع الإنسان عليها بعدما يحقق التوحيد، ويحقق العقيدة ويطّلع على هذه الأمور من أجل أن يعرف الخير من الشر، ومن أجل أن يحذر من ما يدور في الساحة من شرور ودعايات مضللة، لكن هذا بعدما يتسلح بالعلم، ويتسلح بالإيمان بالله ورسوله؛ أما أن يدخل في مجالات الثقافة والأمور الصحفية وأمور السياسة وهو على غير علم بعقيدته، وعلى غير علم بأمور دينه، فإن هذا لا ينفعه شيئًا، بل هذا يشتغل بما لا فائدة له منه، ولا يستطيع أن يميز الحق من الباطل، فكثير ممن جهلوا العقيـدة واعتنوا بمثل هذه الأمور ضلـوا وأضلوا، ولبّسوا على الناس بسبب أنهم ليس عندهم بصيرة، وليس عندهم علم يميزون به بين الضار والنافع، وما يؤخذ وما يترك، وكيف تعالج الأمور، فبذلك حصل الخلل وحصل اللبس. عند كثير منهم، لأنهم دخلوا في مجالات الثقافة، ومجالات السياسة من غير أن يكون عندهم علم بعقيدتهم، وبصيرة من دينهم، فحسبوا الحق باطلاً والباطل حقًا .
الهامش:
(89 )وقد استقى شيخنا هذا المنهج من قوله صلى الله عليه و سلم من حديث تميم الداري: (الدين النصيحة) قلنا لمن قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) " مسلم " : (55) . وقوله صلى الله عليه و سلم لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن ( أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله ) " البخاري " : (6937) .
(90) وأن يكونوا ممن شهد لهم أهل العلم - المشهود لهم بالنصح – بالاستقامة وصدق الإخلاص والرزانة، وأن لا يكونوا من أهل الأهواء والأحزاب والفرق الضالة .
(91) محمـد : 19 .
(92) صحيح البخاري : ( 1/37 ) .
(93) سورة العصر
المصدر:الأسئلة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة
س 34 : يلاحظ على بعض الشباب في هذه الآونة الأخيرة إهمالهم وزهدهم في تعلم العقيدة ومدارستها والاهتمام بها، وإنشغالهم بأمور أخرى، فما هو توجيهكم لمثل هؤلاء الشباب ؟ .
جـ/ بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد .
فإنني أنصح للشباب وغيرهم من المسلمين أن يهتموا بالعقيدة أولاً وقبل كل شيء (89)، لأن العقيدة هي الأصل التي تُبنى عليه جميع الأعمال قبولاً ورداً، فإذا كانت العقيدة صحيحة موافقة لما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام خصوصاً خاتم النبيين نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ، فإن سائر الأعمال تقبل إذا كانت هذه الأعمال خالصة لوجه الله تعالى، وموافقة لما شرع الله ورسوله،
وإذا كانت العقيدة فاسدة، أو كانت ضالة مبنية على العوائد وتقليد الأباء والأجداد، أو كانت عقيدة شركية، فإن الأعمال مردودة لا يقبل منها شيء ولو كان صاحبها مخلصًا وقاصدًا بها وجه الله، لأن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كانت أعمالاً خالصة لوجهه الكريم، وصوابًا على سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، فمن كان يريد النجاة لنفسه ويريد قبول أعماله ويريد أن يكون مسلمًا حقًا، فعليه أن يعتني بالعقيدة، بأن يعرف العقيدة الصحيحة وما يضادها وما يناقضها، حتى يبني أعماله عليها، وذلك لا يكون إلا بتعلمها من أهل العلم وأهل البصيرة الذين تلقوها عن سلف هذه الأمة ( 90)، قال سبحانه وتعالى لنبيـه محمـد صلى الله عليه و سلم : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ }( 91)، وقد ترجم الإمام البخاري -رحمه الله- ترجمة قال فيها : (( باب العلم قبل القول والعمـل )) (92 ) وساق هذه الآية الكريمة : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ } .
وقال تعالى : { وَالْعَصْـرِ * إِنَّ الأِنْسَـانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُـوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } ( 93) .
فرتب السلامة من الخسارة على مسائل أربع :
المسألة الأولى : الإيمان : ويعني الاعتقاد الصحيح .
المسـألة الثانية : العمل الصالح والأقوال الصالحة، وعطف الأقوال الصالحة، والأعمـال الصالحـة على الإيمـان مع أنها جزء منه من باب عطف الخاص على العام، لأن الأعمال داخلة في الإيمان، وإنما عطفها عليه اهتمامًا بها.
والمسألة الثالثة : تواصوا بالحق يعني دعوا إلى الله، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، ولمّا اعتنوا بأنفسهم أولاً وعرفوا الطريق، دعوا غيرهم إلى ذلك، لأن المسلم مكلف بدعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وتواصوا بالصبر، هذه هي المسألة الرابعة: وهي الصبر على ما يلاقونه في سبيل ذلك من التعب والمشقة .
فلا سعادة لمسلم إلا إذا حقق هذه المسائل الأربع، أما الاهتمام بالثقافات العامة، والأمور الصحفية وأقوال الناس، وما يدور في العالم، فهذه إنما يطّلع الإنسان عليها بعدما يحقق التوحيد، ويحقق العقيدة ويطّلع على هذه الأمور من أجل أن يعرف الخير من الشر، ومن أجل أن يحذر من ما يدور في الساحة من شرور ودعايات مضللة، لكن هذا بعدما يتسلح بالعلم، ويتسلح بالإيمان بالله ورسوله؛ أما أن يدخل في مجالات الثقافة والأمور الصحفية وأمور السياسة وهو على غير علم بعقيدته، وعلى غير علم بأمور دينه، فإن هذا لا ينفعه شيئًا، بل هذا يشتغل بما لا فائدة له منه، ولا يستطيع أن يميز الحق من الباطل، فكثير ممن جهلوا العقيـدة واعتنوا بمثل هذه الأمور ضلـوا وأضلوا، ولبّسوا على الناس بسبب أنهم ليس عندهم بصيرة، وليس عندهم علم يميزون به بين الضار والنافع، وما يؤخذ وما يترك، وكيف تعالج الأمور، فبذلك حصل الخلل وحصل اللبس. عند كثير منهم، لأنهم دخلوا في مجالات الثقافة، ومجالات السياسة من غير أن يكون عندهم علم بعقيدتهم، وبصيرة من دينهم، فحسبوا الحق باطلاً والباطل حقًا .
الهامش:
(89 )وقد استقى شيخنا هذا المنهج من قوله صلى الله عليه و سلم من حديث تميم الداري: (الدين النصيحة) قلنا لمن قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) " مسلم " : (55) . وقوله صلى الله عليه و سلم لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن ( أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله ) " البخاري " : (6937) .
(90) وأن يكونوا ممن شهد لهم أهل العلم - المشهود لهم بالنصح – بالاستقامة وصدق الإخلاص والرزانة، وأن لا يكونوا من أهل الأهواء والأحزاب والفرق الضالة .
(91) محمـد : 19 .
(92) صحيح البخاري : ( 1/37 ) .
(93) سورة العصر
المصدر:الأسئلة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة