المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ


كامل محمد محمد محمد عامر
05-09-2016, 07:17 PM
من وحى أهل الحديث



أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ











إعداد

دكتور كامل محمد عامر







1433هـ ــــ 2012م



(الطبعة الأولي)







عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالًا وَوَلَدًا وَإِنَّ وَالِدِي يَحْتَاجُ مَالِي قَالَ: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُمْ" [سنن أبي داود: كِتَاب الْبُيُوعِ بَاب فِي الرَّجُلِ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ]

قَالَ صَاحِبُ كتاب عَوْنِ الْمَعْبُودِ :

( إِنَّ وَالِدِي يَجْتَاح مَالِي ) بِتَقْدِيمِ جِيم وَآخِره حَاء مُهْمَلَة مِنْ الِاجْتِيَاح وَهُوَ الِاسْتِئْصَال ، وَفِي بَعْض النُّسَخ يَحْتَاج بِتَقْدِيمِ حَاء مُهْمَلَة وَآخِره جِيم مِنْ الِاحْتِيَاج .. وَيُشْبِه أَنْ يَكُون مَا ذَكَرَهُ السَّائِل مِنْ اِجْتِيَاح وَالِده مَاله إِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ النَّفَقَة عَلَيْهِ وَأَنَّ مِقْدَار مَا يَحْتَاج إِلَيْهِ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِ شَيْء كَثِير لَا يَسْعَهُ عَفْو مَاله وَالْفَضْل مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَجْتَاح أَصْله وَيَأْتِي عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَعْذُرهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُرَخِّص لَهُ فِي تَرْك النَّفَقَة وَقَالَ لَهُ أَنْتَ وَمَالُك لِوَالِدِك عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إِذَا اِحْتَاجَ إِلَى مَالِك أَخَذَ مِنْك قَدْر الْحَاجَة كَمَا يَأْخُذ مِنْ مَال نَفْسه ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَك مَال وَكَانَ لَك كَسْب لَزِمَك أَنْ تَكْتَسِب وَتُنْفِق عَلَيْهِ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُون أَرَادَ بِهِ إِبَاحَة مَاله وَاعْتِرَاضه حَتَّى يَجْتَاحهُ وَيَأْتِي عَلَيْهِ لَا عَلَى هَذَا الْوَجْه فَلَا أَعْلَم أَحَدًا مِنْ الْفُقَهَاء ذَهَبَ إِلَيْهِ وَاَللَّه أَعْلَم اِنْتَهَى .

عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ لِي مَالًا وَإِنَّ وَالِدِي يَحْتَاجُ إِلَى مَالِي قَالَ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ كُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُمْ» [مشكاة المصابيح؛المؤلف: محمد بن عبد الله الخطيب العمري، أبو عبد الله، ولي الدين، التبريزي (المتوفى: 741هـ)؛تحقيق الالبانى:صحيح]

(عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ) ، أَيْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الطِّيبِيُّ (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ لِي مَالًا، وَإِنَّ وَالِدِي يَحْتَاجُ إِلَى مَالِي. قَالَ: " أَنْتَ وَمَالُكَ " : بِضَمِّ اللَّامِ (لِوَالِدِكَ) ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنْ سَمُرَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ: أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ (إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ) : أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ الطَّيِّبِ وَهُوَ الْحَلَالُ يَعْنِي: أَوْلَادُكُمْ مِنْ أَحَلِّ أَكْسَابِكُمْ وَأَفْضَلِهَا، فَمَا كَسَبَتْ أَوْلَادُكُمْ فَإِنَّهُ حَلَالٌ لَكُمْ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْوَلَدُ أَطْيَبَ كَسْبٍ وَأَحَلَّهُ ; لِأَنَّهُ أَصْلُهُ. قَالَهُ الْقَاضِي أَيْ مِنْ أَطْيَبِ مَا وُجِدَ بِسَبَبِكُمْ وَبِتَوَسُّطِ سَعْيِكُمْ، أَوْ إِكْسَابُ أَوْلَادِكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ فَحَذْفُ الْمُضَافِ (" كُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادُكُمْ ") . فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ أَوْ أَلَمَّ بِأَمَتِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا حَاجَةَ إِلَى التَّقْدِيرِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: " إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ ". خِطَابٌ عَامٌّ وَتَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: " أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ ". وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ كَسْبًا لِلْوَالِدِ. بِمَعْنَى أَنَّهُ طَلَبَهُ وَسَعَى فِي تَحْصِيلِهِ ; لِأَنَّ الْكَسْبَ مَعْنَاهُ الطَّلَبُ وَالسَّعْيُ فِي تَحْصِيلِ الرِّزْقِ وَالْمَعِيشَةِ، وَالْمَالُ تَبَعٌ لَهُ، كَانَ الْوَلَدُ نَفْسَ الْكَسْبِ مُبَالَغَةً، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ التَّنْزِيلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى جَلَّ جَلَالُهُ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ}[البقرة: 233] سَمَّاهُ مَوْلُودًا لَهُ إِيذَانًا بِأَنَّ الْوَالِدَاتِ إِنَّمَا وَلَدَتْ لَهُمْ، وَلِذَلِكَ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِمْ، وَأُنْشِدَ لِلْمَأْمُونِ بْنِ الرَّشِيدِ:

فَإِنَّمَا أُمَّهَاتُ النَّاسِ أَوْعِيَةٌ ... مُسْتَوْدَعَاتٌ وَلِلْآبَاءِ أَبْنَاءُ

وَقَدْ أَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ» ". وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.

مناقشة

قِالوا: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ مِلْكًا نَاجِزًا فِي مَالِهِ.

قال ابن حزم: نَعَمْ لَوْ لَمْ يُقَيِّدْهُ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهَا مَرْفُوعًا «إِنَّ أَوْلَادَكُمْ هِبَةٌ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ، وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ إِذَا احْتَجْتُمْ إِلَيْهَا».

وَمِمَّا يَقْطَعُ بِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مُئَوَّلٌ أَنَّهُ تَعَالَى وَرَّثَ الْأَبَ مِنِ ابْنِهِ السُّدُسَ مَعَ وَلَدِ وَلَدِهِ، فَلَوْ كَانَ الْكُلُّ مِلْكَهُ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ شَيْءٌ مَعَ وُجُودِهِ. [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف: علي بن (سلطان) محمد، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ)]

قلتُ (كامل محمد) ويرد على هذا بأن أحكام المواريث غير أحكام الدنيا؛ ففى أحكام الدنيا للمكلف التصرف بجميع ماله فهو ملك خالص له, وبعد الموت تنقطع علاقته بماله وليس له التصرف إلا فى حدود الثلث, فكأن المال له فى الدنيا وفلى حياة ابنه أما بعد الموت فتكون هناك أحكاماً أُخرى.

ومما تقرر فى الأصول أن الحديث الآخر جزء من الحديث الأول وهو بعض ما فيه كما قال مالك فى السائمة وغير السائمة أن فى كليهما زكاة.