المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حمل المطلق على القيد


كامل محمد محمد محمد عامر
02-10-2016, 09:02 AM
تبسيط علوم السلف

حمل المطلق على القيد

إعداد

دكتور كامل محمد محمد عامر




قال الشاطبى رحمه الله:"الأمر بالمطلقات لا يستلزم الأمر بالمقيدات" فالأمر بالمقيد راجع إلى تأدية الأمر على وجه مخصوص والأمر إنما تعلق بها مطلقاً لا مقيداً؛ والمكلف مفتقر في أداء المطلقات على وجه واحد دون غيره إلى دليل فإذا التزم في صلاة الظهر مثلا أن يقرأ بالسورة الفلانية دون غيرها دائما فلا بد من طلب دليل على ذلك.[الموافقات:كتاب الاوامر والنواهى]
إنه من المسلمات المنطقية والعقلية أن "كل قضية لا تعطى أكثر مما فيها" والله سبحانه وتعالى افترض على الرسول عليه السلام البيان وليس من البيان الإطلاق فى موضع والمقصود منه التقييد؛ فقول الله سبحانه وتعالى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا } [المجادلة: 3] وقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] فإطلاق الرقبة هنا لا يمكن أن يكون المقصود منه التقييد بالإيمان كما فى كفارة القتل الخطأ يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } [النساء: 92]
وهذا فى الأحكام العملية؛ فالحكم المطلق يظل على إطلاقه والحكم المقيد يظل على قيده ولا نحمل أحدهما على الآخر.
أما فى الأخبار فلا يجوز فيها نسخ ولا يجوز فيها التخلف ولذلك فلا بد من حمل المطلق فيها على المقيد حتى تستقيم الأخبار ولا تتعارض؛ فيقول الله سبحانه وتعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر: 60] ولما كان الانسان قد يدعو فلا يستجاب له وهذا خبر وجميع آيات القرآن وصحيح السنة ككلمة واحده وجب حمل هذه الآية على المشيئة كما فى آية سورة الانعام فى قوله تعالى: { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 41]