المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب ترك العالم للحديث


كامل محمد محمد محمد عامر
09-28-2015, 11:21 PM
أسباب ترك العالم للحديث
لعل هذا العالم لم يبلغه هذا الحديث، أو بلغه فنسيه جملة، أو لم ينسه لكنه لم يخطر على باله إذا خالفه:
كما نسي عمر أن بين يديه محمد بن مسلمة صاحب رسول الله ، وأبا أيوب الأنصاري صاحب رحل النبي ، وأبا موسى الأشعري عامله على بعض اليمن، وهذان لا يعرفان إلا بكناهما، حتى إن أكثر الناس لا يعرف اسمهما البتة. فنهى عن التسمي بأسماء الأنبياء عليهم السلام، فإذا جاز كما ترى أن لا يمر بباله شيء وهو بين يديه وفي حفظه حتى ينهى عنه، فهو فيما يمكن مغيبه عنه أمكن وأحرى.
وكما نسي عمر أيضاً قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } حين موت النبي صلى الله عليه وسلمة فقال: والله ما مات ولا يموت حتى يسوسنا كلنا. حتى تليت عليه هذه الآية فخرَّ مغشياً عليه، ثم قام وقال: والله كأني ما سمعتها قط قبل وقتي هذا.
وكما نهى عن المغالاة في صدقات النساء، حتى ذكرته المرأة بقول الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء : 20] فاعترف بالحق ورجع عن قوله، وقد كان حافظاً لهذه الآية، ولكنه لم يذكرها في ذلك الوقت.
وكما نسي عثمان رضي الله عنه ــــ وهو أحفظ الناس للقرآن ــــ قوله تعالى: { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف : 15] فأمر برجم التي ولدت لستة أشهر، وهو حافظ للآية المذكورة حتى ذكر بها، فذكرها وأمر ألا ترجم.
أو لعل ذلك العالم كان ذاكراً لتلك الآية وذلك الحديث ولكنه تأول تأويلاً مَّا، من خصوص أو نسخ بما لا يصح وجهه، كما فعلوا رضي الله عنهم في نهيه عليه السلام عن لحوم الحُمُرِ الأهلية؛فقال بعضهم: إنما نهى عنها لأنها كانت حمولة الناس، وقال بعضهم: لأنها لم تخمس، وقال بعضهم: لأنها كانت تأكل القذر، وقال بعضهم: بل حرمت البتة.
ومثل هذا كثير فهذا كله يخرج تارك الحديث، من العلماء السالفين، عن الفسق وعن المجاهرة بخلاف نص القرآن والحديث ومعصية النبي الموجبة سخط الله تعالى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي أو رجل يضل الناس بغير علم أو مصور يصور التماثيل" [صحيح وضعيف الجامع الصغير؛تحقيق الألباني: حسن] فنعيذ الله من سلف من القصد إلى هذه المرتبة.
وكل من سلف من الأئمة رضي الله عنهم، إنما أداهم إلى ما أفتوا به اجتهادهم، فالمخطىء منهم معذور مأجور أجراً واحداً، هذا لا يظن بهم مسلم سواه.