المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلماءُ بين التقديرِ والتقديس


كامل محمد محمد محمد عامر
08-06-2015, 10:03 PM
ما لا يسع طالب العلم جهله
العلماءُ بين التقديرِ والتقديس


إعداد
دكتور كامل محمد عامر

مختصر بتصرف
من وحى كتاب
نبذة في اتباع النصوص مع احترام العلماء
ضمن مؤلفات الشيخ
محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي
(المتوفى: 1206هـ)


1433هـ ــــ 2012م
(الطبعة الأولي)

مقدمة
الحمد لله على آلائه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في أرضه وسمائه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخاتم أنبيائه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً دائمةً إلى يوم لقائه وسلم تسليماً .
وبعد :
"فيجب على المسلمين بعد موالاة الله ورسوله موالاة المؤمنين خصوصاً العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ولِيُعْلَمَ أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولاً عاماً يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته فإنهم متفقون اتفاقاً يقينياً على وجوب اتباع الرسول وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إذا وجد لأحدهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه فلا بد له من عذر في تركه" [مجموع الفتاوى لابن تيمية جزء 20 ص 232].
فصــــــــــل
أن من أعظم ما منّ الله سبحانه وتعالى به على رسولنا صلى الله عليه وسلم وعلى أمته إعطائه جوامع الكلم، فيذكر الله تعالى في كتابه كلمة واحدة تكون قاعدة جامعة يدخل تحتها من المسائل ما لا يحصر، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد خصه الله بالحكمة الجامعة.
ومن فهم هذه المسألة فهماً جيداً فهم قول الله تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }[المائدة: 3]. وهذه الكلمة أيضا من جوامع الكلم إذ الكامل لا يحتاج إلى زيادة، فعلم منه بطلان كل محدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما أوصانا به في قوله:
"فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ" [سنن أبي داود: كِتَاب السُّنَّةِ ؛بَاب فِي لُزُومِ السُّنَّةِ][ صحيح وضعيف سنن أبي داود، تحقيق الألباني :صحيح] وتفهّم أيضا معنى قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }[النساء: 59]
فإذا كان الله سبحانه قد أوجب علينا أن نردَّ ما تنازعنا فيه إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله عليه السلام ، علمنا قطعاً أن من ردَّ إلى الكتاب والسنة ما تنازع الناس فيه وجد فيهما ما يفصل النزاع.
فإذا اختلف كلام العلماء فالردُّ يجب أن يكون إلى الله وإلى رسوله لا إلى كلام زيد ولا إلى كلام عمرٍ.
فإذا استدل كل منهما بدليل فالأدلة الصحيحة لا تتناقض، بل الصواب يصدق بعضه بعضاً، لكن قد يكون أحدهما أخطأ في الدليل إما يستدل بحديث لم يصح، وإما فهم من كلمة صحيحة مفهوماً مخطئاً.
هناك مسائل قد وقع فيها خلاف بين السلف والخلف من غير نكير من بعضهم على بعض، فإذا رأيت من يعمل ببعض الأقوال المرجوحة عندك ، مع كونه قد اتقى الله ما استطاع لم يحل لأحد الإنكار عليه، اللهم إلا أن يتبين الحق فلا يحل لأحد أن يتركه لقول أحد من الناس، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلفون في بعض المسائل من غير نكير، ما لم يتبين النص.
فينبغي للمؤمن أن يجعل همه وقصده معرفة أمر الله ورسوله في مسائل الخلاف والعمل بذلك، ويحترم أهل العلم ويوقرهم ولو أخطؤا لكن لا يتخذهم أرباباً من دون الله، هذا طريق المُنْعَمُ عليهم.
وأما ترك كلامهم وعدم توقيرهم فهو طريق المغضوب عليهم.
وأما اتباعهم وتقليدهم والتعصب لهم كما إذا قيل له: قال الله وقال رسول الله. قال: هم أعلم منا بهذا، فهذا طريق الضالين.