المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العقد بيننا وبين الفقيه قواعد البحث فى الأوامر


كامل محمد محمد محمد عامر
07-31-2015, 12:39 PM
العقد بيننا وبين الفقيه

قواعد البحث فى الأوامر




إعداد


دكتور كامل محمد عامر




بتصرف
من وحى كتاب

الإحكام في أصول الأحكام
للإمام المحدث الحافظ أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي القرطبي



1436هـ ــــ 2015م

(الطبعة الأولي)
مقدمة
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على الذين اصطفى، وأشهد أن لا اله إلا الله خلق الإنسان وعلمه البيان وأخذ العهد على العلماء بتبيين ما أُنْزِل إلى العباد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ بلغ الرسالة وبين لنا ما أُنزل إلينا، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يضل عنها الا هالك.
أما بعد
فلما كانت وظيفة أصول الفقه وقاية الفقيه من الزلل كما كانت وظيفة علم النحو حماية اللسان من اللحن, ولما كانت تلك الأصول بمثابة عقد بيننا وبين الفقيه وحتى لا نكون ممن ينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } [التوبة: 31] كانت تلك المسودة لتكون بمثابة خواطر ريثما يقيض الله جلّ وعلا من يبيض تلك المسودة فتكون عقد حقيقى يعرف بها جمهور المسلمين كيف يستقى علماؤنا الأفاضل الأحكام التى ندين لله بها.
قواعد البحث فى الأوامر
قاعدة
كل أمرٌ فهو فرضٌ أبداً لقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] فلو لم يكن الأمر للوجوب لما ترتب على تركه عذاب.
لا ينتقل الأمر من الوجوب إلى الندب أو الإباحة إلا بنص أو إجماع أو ضرورة حسّ أو عقل.
أمثلة
قال تعالى: { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا } [المائدة: 2] والنبي صلى الله عليه وسلم حَلَّ بالطواف بالبيت وانحدر إلى منًى ولم يصطد، وقال عليه السلام:"خذوا عنى مناسككم" [أخرجه مسلم: كِتَاب الْحَجِّ ؛بَاب اسْتِحْبَابِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ]فخرج الأمر من الوجوب إلى الإباحة بهذه النصوص.
قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا } [الجمعة: 10] فقد انتقل الأمر هنا إلى الإباحة بالحديث الذى ذكره البخارى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ » [البخاري: كِتَاب الصَّلَاةِ؛ بَاب الْحَدَثِ فِي الْمَسْجِدِ] فَنَدَبَنا إلى القعود في مُصَلَّانا بعد الصلاة، فصح بذلك أن الانتشار بعد الصلاة إباحة.
قاعدة
الأوامر يجب أن نسارع إلى فعلها إلا إذا جاء نص آخر أو إجماع يبيح عدم المسارعة.
لقول الله تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133].
قاعدة
الأوامر المرتبطة بأوقات محددة
ما كان مرتبطاً بوقت محدد لا فسحة فيه فلا يجوز تعجيله ولا تأخيره عن وقته، مثل صيام شهر رمضان فإذا خرج الوقت فلا يمكن تأديته أبداً.
وما كان مرتبطاً بوقت محدود الطرفين كأوقات الصلوات فلا يجوز أداء شيء من ذلك قبل دخول وقته، ولا بعد خروج وقته، فإنه يجب بأول الوقت وقد جاء النص بإباحة تأخيره إلى آخر وقته فإذا خرج الوقت فقد ثبت العجز عن تأديته إلا أنه يؤجر على التعجيل ولا يأثم على التأخير لأنه فعل ما أبيح له، وذلك مثل تأخير المرء الصلاة إلى آخر وقتها الواسع.
وما لم يأت مرتبطاً بوقت كقضاء صيام المريض والمسافر لأيام رمضان، فيجب هنا المسارعة إلى القضاء فإن بادر فقد أدى ما عليه وإن أخّره لغير عذر كان عاصياً بالتأخير وكان الأمر ثابتاً عليه لا يسقط أبداً.
وما كان مرتبطاً بوقت له أول محدود لم يحد آخره فإن الأمر به ثابت متجدد وقتاً بعد وقت، وهو ملوم في تأخيره، وكلما أخّره حصل عليه اسم التضييع، وإثم الترك فإن أدَّاه سقط عنه إثم الترك، وقد استقر عليه إثم عدم المبادرة ولا يسقطه عنه إلا ربه تعالى بفضله إن شاء لا إله إلا هو وكذلك القول في ديون الناس، فإن المماطل الغني آثم بالمطل، وآثم بمنع الحق، فإذا أدى الحق يوماً ما سقط عنه المنع، وقد استقر إثم المطل عليه فلا يسقط عنه بالأداء. وكوجوب الزكاة، فإن لوقتها بداية وهو انقضاء الحول، وليس قبل ذلك أصلاً، وليس لآخر وقتها حدٌّ معين بل هو باق أبداً إلى وقت العرض على الله عزَّ وجلَّ.
وما كان مرتبطاً بوقت محدود متكرر كالحج فإنه مرتبط بوقت من العام محدود، وليس ذلك على الإنسان في عام بعينه، بل هو ثابت على كل مستطيع إلى وقت العرض على الله عز وجل، والقول في المبادرة إليه أو تأخيره، كالقول في النوعين اللذين قبله.
كل فرض تعين في وقت لا فسحة فيه، فإنه لا يجوز أداء غيره في ذلك الوقت وذلك كإنسان لم يبق له من وقت الصلاة إلا مقدار ما يدخل فيها فقط، فهذا حرام عليه أن يتطوع أو يقضي صلاة عليه حتى تتم التي حضر وقتها بلا مهلة ولا فسحة و من حضره وقت الحج وهو مستطيع، فلا يجزئه أن يحج تطوعاً ولا نذراً قبل أداء الفرض.
قاعدة
القضاء للأوامر المرتبطة بوقت محدد يكون بأمر جديد ولا يكون بالأمر الأول
لأن الشريعة لما جعلت لتلك العبادة وقتاً محدداً وجب فعلها في ذلك الوقت، ولا يغنى عنها فعلها فى وقت آخر إلا أن يأتى أمر آخر بالإعادة أو القضاء.
قاعدة
من أمر بفعل ما ولم يأت نص بإيجاب تكراره، فمن فعله مرة واحدة فقد أدي ما عليه ولا يلزمه تكرار الفعل إلا أن ينتهى سبب الأمر ثم يعود فإن الأمر يعود ولا بد؛ كمرض المسلم تجب عيادته، فبمرة واحدة يخرج من الفرض ما دام في تلك العلة، فإن أفاق ثم مرض عاد حكم العيادة أيضاً، وكالتعوذ متى قطع الإنسان القراءة ثم ابتدأ القراءة.
قاعدة
الأوامر التى تأتى بشرط أو وصف معين
من لم يأتى الأمر بشرطه ووصفه فالأمر باق عليه كما كان، وهو عاص بما فعل كمن صلى بثوب نجس وهو يعلم ذلك، أو صلى في مكان نجس لقوله عليه السلام: » مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنا فَهُوَ رَدٌّ« [البخاري: كِتَاب الْبُيُوعِ؛ بَاب النَّجْشِ]
قد يكون العمل ليس بواجب ولكن من ابتدأ ذلك العمل فيجب أن يكون على الوصف الذى جاء الأمر به ؛ كقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُوتِرْ" [ مسلم:كِتَاب الطَّهَارَةِ؛ بَاب الْإِيتَارِ فِي الِاسْتِنْثَارِ وَالِاسْتِجْمَار] فالاستجمار ليس بواجب ومن استجمر عليه أن يوتر.
قاعدة
إن جاء نسخ النهى بلفظ الأمر فهو فرض واجب فعله بعد أن كان حراماً لأن الأمر للوجوب؛ ما لم يرد نص أو إجماع أو ضرورة حسّ أو عقل تخرجه عن الوجوب.
مثل قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا } [الأحزاب: 53] فالانتشار هنا فرض لا يحل لهم القعود بعد أن يطعموا.
قاعدة
الأمر إذا أتى بعده فعل بخلافه فهذا الفعل مباح, والأمر مندوب اليه .
مثال
أمرَ صلى الله عليه و سلم الناسَ إذا صلى إمامهم جالساً أن يصلوا وراءه جلوساً(هذا أمرمتقدم)
ثم صلى عليه السلام في مرضه الذي توفي فيه جالساً، والناس وراءه وأبو بكر إلى جنبه قائم (فعل خلاف الأمر المتقدم)
فعلمنا أن (الامر بالجلوس) ندب ، إلا أن يفعل ذلك تعظيماً للإمام فهو حرام،
وعلمنا أن الوقوف (الفعل بخلاف الامر) مباح
وهذا فيما تيقنا فيه المتقدم والمتأخر.
وأما ما لم يعلم أي الخبرين كان أولاً؛ فالعمل بذلك:
· الأخذ بالزائد على ما كنا عليه قبل ذلك الأمر (معهود الأصل). فالأصل مثلاً قبل أن يشرب الإنسان فى أى وضع جالساً أو واقفاً فإذا شاهد الصحابى الرسول عليه السلام يشرب واقفاً فهذا بلا شك قبل التشريع فإذا جاء النهى عن الشرب واقفاً كان هذا زائداً عن معهود الأصل فنأخذ به.
· واستثناء الأقل معانى من الأكثر معانى (استثناء الأخص من الأعم)
قاعدة
اتباع ظاهر النص بدون تأويل فرض ولا يصرف الكلام عن ظاهره إلا:
· بضرورة حسّ أو عقل.
· أو بنصِّ آية أو حديث صحيح.
· أو إجماع جميع الصحابة.
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ.
فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ»
قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ
قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } [البخاري: كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ؛ بَاب قَوْلِهِ تعالى:{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }
ففي هذا الحديث بيان كاف في حمل كل شيء على ظاهره ، فحمل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللفظ الوارد «أو» على التخيير ، فلما جاء النهي المجرد حمله على الوجوب.
وصح بهذا أن لفظ الأمر والنهي غير لفظ التخيير والندب، ورسوله عليه الصلاة و السلام أعلم الناس بلغة العرب التي بها خاطبه ربه سبحانه و تعالى.

عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ وَقُلْ "اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ لَا وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ" [مسلم كتاب الذكر باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع]و [البخارى كتاب الوضوء باب فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الْوُضُوءِ]
وهذا دليل على وجوب الأخذ بظاهر اللفظ دون تأويل أو تبديل.
قاعدة
ليس لخطاب الذكور لفظ مجرد في اللغة العربية غير اللفظ الجامع لهم وللإناث، إلا أن يأتى بيانٌ زائد بأن المراد الذكور دون الإناث
فرسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوثاً إلى الرجال والنساء بعثاً مستوياً، وخطاب الله تعالى، وخطاب نبيه عليه السلام للرجال والنساء خطاباً واحداً فلم يجز أن يخص بشيء من ذلك الرجال دون النساء إلا بنص جليّ أو إجماع.
قاعدة
الأوامر المعطوفة إذا خرج بعضها عن الوجوب بأحد الدلائل بقي سائرها على حكم الوجوب.
فمن ذلك قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[الأنعام: 141] الأكل من الثمر ليس فرضاً بالإجماع، والفعل المعطوف عليه باقٍ على حكم الوجوب.
ومن ذلك أيضاً قوله عليه السلام:"فانتبذوا ولا تشربوا مسكراً"
فالأمرالأول نَدْبٌ بالإجماع والثاني فرضٌ.
وكذلك قوله: { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ } [الجمعة: 9] فالسعي خاصّاً للرجال دون النساء، ولم يمنع ذلك الأمر بترك البيع من أن يكون فرضاً على ظاهره وعامّاً لكل أحد من رجل أو امرأة.
قاعدة
يجب حمل الأمر على العموم ولا يخصص إلا :
· بضرورة حسّ أو عقل.
· أو بنص.
· أو إجماع.
· أو دليل من اللغة
لايوجد لفظ عام يراد به الخصوص إلا بدليل كالدليل على تخصيص قوله تعالى : }تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ{ [الأحقاف: 25] فصح بالنص أنها لم تدمر من الأشياء إلا ما أُمِرَت بتدميره.
قاعدة
لم يُقْصَد بالعموم كل موجود في العالم، وإنما المقصود حمل كل لفظ على ما يقتضيه، ولو لم يقتض إلا اثنين من النوع، فإن ذلك عموم لهما.
قاعدة
لو أن حاكماً، أو مفتياً لم يبلغه تخصيص ما بلغه من العموم، لكان الفرض عليهما الحكم بالذي بلغهما من العموم والفتيا به.
قاعدة
كل لفظ ورد بـ «عليكم« فهو فرض، وكل أمر ورد بـ«لكم« أو »بأنه صدقة « فهو ندب
قاعدة
إذا ورد خبر صحيح، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى أمراً ما فحكم فيه بحكم معين فإن الواجب أن نحكم في ذلك الأمر بمثل ذلك الحكم ولا بد وذلك مثل ما روي وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خلف الصف وحده فأمره فأمره بالإعادة"[التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (4/ 67)] [تعليق الشيخ الألباني :صحيح]
ورأى رجلاً يحتجم فقال عليه السلام : "أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ" [ البخاري:كِتَاب الصَّوْمِ؛ بَاب الْحِجَامَةِ وَالْقَيْءِ لِلصَّائِمِ]
مناقشة
قالوا: لعله إنما أمره بالإعادة ليس من أجل انفراده، ولكن لغير ذلك، وأن الحاجم والمحجوم، كانا يغتابان الناس.
وهذا لا يجوز لأنه عليه السلام مأمور بالتبليغ، فلو أمر إنساناً بإعادة صلاة أبطلها عليه، ولم يبين له وجه بطلانها لكان غير مبلغ وقد نزهه الله تعالى عن ذلك.