المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السيف المهند في مناصرة شيخنا المقدسي أبي محمد


البتار
03-20-2008, 03:23 AM
السيف المهند في مناصرة شيخنا المقدسي أبي محمد


بسم الله الرحمن الرحيم


" السيف المهند في مناصرة شيخنا أبي محمد "



" كم سيدٍ متفضــلٍ قد سبهُ *** من لا يساوي غرزةً في نعلهِ "


تأليف : أبو همام بكر بن عبد العزيز الأثري
1429هـ - 2008م

رسالة من الشيخ أبي محمد المقدسي إلى المخالفين :

قال شيخنا الحبيب الأريب أبو محمد المقدسي حفظه الله :

( ولذلك فإني أحتسب عند الله ما لقيته في سبيل ذلك من تطاول بعض الجهال أو بعض أصحاب الحماس الأجوف ، لعدم متابعتي وإقراري لما تستحسنه عقولهم من ذلك . أو لوقوفي في وجه تلك الأخطاء والإطلاقات والممارسات .. فذلك خير لي من إقرار أحد على الخطأ أو الغلو أو الإفراط الذي قد يشوه هذه الدعوة المباركة ، أو يسوغ لأعدائها الذين لا يفرقون – لأنهم لا يعرفون الإنصاف – بين الراسخين فيها وبين المبتدئين ، ولا بين القائمين بها المتحملين لتكاليفها ، وبين المدعين وصلها من الأدعياء .. ويكون مبرراً لهم وذريعة عندهم لرميها ووصفها بالغلو والتكفير ، أو أنها كما يزعمون ؛ من إفرازات القهر والفقر والأفكار السجونية ، ونحو ذلك من دعاويهم الفارغة المتهافته . التي يلبسون بها أمر هذه الدعوة على الناس وينفرونهم بذلك عنها .
وليس همي هنا الدفع عن نفسي ، فيشفيني في ذلك ويكفيني ، قوله تبارك و تعالى (( إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور ))فما ذلك إلا بعض تكاليف هذه الطريق ، وقد وطنا النفس عليها ، وواسيناها بما طال مَن هُم خيرٌ منا، فما من نبي إلا وقد أوذي في نفسه أو عرضه ، ولا بد لورثتهم – إن كانوا صادقين – من نصيب من تبعات ذلك الميراث ..
ولذلك فإني في سعة صدر لكل من خالفني أو نال مني وتعدى علي متأولاً ، فما داموا من أنصار هذه الدعوة ، لا تثريب عليهم ، يغفر الله لي ولهم وهو أرحم الرحمين .. وأصرح بهذا هنا إغاظة لأعداء الله وخصوم هذه الدعوة الذين .يسعون دوما لاستغلال بعض ذلك للإيضاع بين الصفوف ..
أما من كان من خصوم دعوة التوحيد ، فليس في حلٍّ من ذلك في شيء ، بل الله حسيبه وإليه وحده أرفع شكايتي ..أهـ [ الرسالة الثلاثينية ص 9-10 ]


بسم الله الرحمن الرحيم

" الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلي الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى. ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه. وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس. وأقبح أثر الناس عليهم.ينفـــون عن كتاب اللـــه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين " الحمد لله الذي كتب القتال , والصلاة والسلام على الضحوك القتال , وعلى الصحب والأزواج والآل , وعلى من سار على هديهم من نساء ورجال , أما بعد :


فـ " لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل " , هذه العبارة الذهبية , تخفى على كثيرٍ من أصحاب العصبيات المذهبية , فتراهم ينتقصون من الجبال , ويطعنون في الرجال , بلا بينة يحتويها المقال ! سوى الظنون والتخرصات , والغيرة والتوهمات !


فنقول لهم : حنانيكم يا إخوة التوحيد والعقيدة , ما هكذا تورد الإبل ولا هذه بالأفعالِ الرشيدة , أتنتقصون من أبي محمد المقدسي , فما تنقمون منه ؟! أأغاظكم خروجه وفكاك أسره ؟! أم أغاظكم طيب وعلو ذكره ؟!

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه *** فالكل أضدادٌ له وخصومُ
كضرائرِ الحسناء قلن لوجهها *** حسداً وضيماً إنه لدميمُ


لما سمعتُ نبأ الإفراج عن شيخنا الجليل , العالم الأصيل , فرحتُ فرحاً لا يعلم مقداره إلا الله , ولكني لما سارعتُ إلى المنتديات الجهادية , على الشبكة العنكبوتية , لأُبشر وأُهنأ وأُبارك , بكيتُ من كلام شبابٍ ما عندهم سعة مدارك , وحضرني حينها كلام الشافعي حين قال : اعرف الحق لذي الحق إذا أحق الله الحق . أهـ [ حلية الأولياء 9/119 ] يا لها – واللهِ – من كلمة عزيزة , غابة عن أولئك الأغرار , الذين يتشدقون بحب الأخيار , كالشيخ أبي مصعب الزرقاوي رحمه الله وأسكنه مساكن الأبرار !
صعب على عقولهم الصغيرة أن يرد الشيخ المقدسي على الشيخ الزرقاوي , ويرد الشيخ الزرقاوي على الشيخ المقدسي ! واللهِ لو قرأ أولئك كتاباً واحداً في الفقه المقارن , لعلموا حقاً وصدقاً ما قاله الإمام مالك : " ما منا إلا رد ورد عليه " . فإن رد شيخ على شيخ , لا يكون ذلك طعناً في الراد ولا طعناً في المردود عليه .


ولكم هذا المثال – وبالمثال ؛ يتضح المقال - :

1- الإمام السيوطي . 2- الإمام السخاوي .

كليهما قد بلغ من العلم والفضل ما بلغ , لكن لكم أن تقرؤوا كلام أحدهم في الثاني , وطعن الثاني في الأول !!!

قال الإمام مالك بن دينار رحمه الله : يؤخذ بقول العلماء والقرَّاء في كل شيء إلا قول بعضهم في بعض ؛ فلهم أشد تحاسداً من التيوس , تنصب لهم الشاة الضارب فينيبها هذا من هاهنا وهذا من هاهنا . أهـ [ الجامع لابن عبد البر 2/249 ]


هذا كلام شديد ذكرته هنا ليرجع أناس عن غيهم , ومن أراد الاستزادة , فليراجع جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر " باب حكمُ قول العلماء بعضهم في بعض " الذي ختمه بقوله:

(قال الثوري رحمه الله عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ومن لم يحفظ من أخبارهم إلا ما بدر من بعضهم في بعض الحسد والشهوات دون والغضب والشهوات أن يعي بفضائلهم حرم التوفيق ودخل في الغيبة وحال عن الطريق جعلنا الله وإياك ممن يسمع القول فيتبع أحسنه وقد افتتحنا هذا الباب بقوله صلى الله عليه وسلم دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء وفي ذلك كفاية وقد أكثر الناس من القول في الحسد نظما ونثرا وقد بينا ما يجب ذلك وأوضحناه في كتاب التمهيد عند قوله صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ومن صحبه التوفيق أغناه من الحكمة يسيرها ومن المواعظ قليلها إذا فهم واستعمل ما علم وما توفيقي إلا بالله وهو وحسبي ونعم والوكيل وحدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا ابن دحمون قال سمعت محمد بن بكر بن داسة يقول سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث السجستاني يقول رحم الله مالكا كان إماما رحم الله الشافعي كان إماما رحم الله أبا حنيفة كان إماما)ولو أننا لم نلتفت لهذا الأمر ولم نرفع به رأساً لما أخذنا العلم عن أحد , إذ لا يوجد أحد إلا وتُكلم فيه , لكن ( إذا بلغ الماءُ قلتينِ لم يحملِ الخبث ) .

هذا إذا كان الطعن موجه من عالم إلى أخر , أما إذا كان موجهاً إلى مسألة أو مسائل يخالف فيها قرينه , فالأمر لا غضاضة فيه , ولا ينكره إلا رجل سفيه , اتخذ من الرفض أو التصوف منهجاً , وتقديس الأئمة وعصمة العلماء مسلكاً .

إن الذي يتكلم في شيخنا المقدسي – ثبته الله – بالثلب والطعن , ما حمله على ذلك إلا أحد أمرين :

1- إما جهله بالشيخ . 2- وإما جهله بالمنهج المستقيم .


فالشيخ على هذا الخط المبارك منذ أن كان كثير منا في أرحام النساء ربات الحجال ! بل وكثير منا في أصلاب الرجال !!
فقام الشيخ بالتأصيل والتفصيل , والتمثيل والتنزيل , في كتاباته الغنية بالعلم النافع , والمترعة بالفن الماتع , حتى استفاد منه أقوام وأقوام , وعالة عليه عقول وأقلام , وسارت على نهجه جماعات وفئام , ولموقعه الأثر البالغ في نشر دعوة التوحيد , والكفر بالطاغوت والتنديد , حقاً والله إنه " منبر التوحيد والجهاد ".


أقلوا عليهم لا أبا لأبيكـــمو *** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
وهذا الفضل للشيخ عرفه الأعداء وأصحاب الحياد , قبل أهل التوحيد والجهاد :

أولاً : فلك على سبيل المثال لا الحصر من كلام الأعداء : " دراسة أجرتها جامعة ( ... ) وهي من أهم الجامعات العسكرية في أمريكا : اعتبرت المقدسي أخطر من شيخنا الحبيب أسامة بن لادن , لأنه هو أول منظر للعنف (ومعلوم ما يقصد القوم بالعنف) " . أهـ
والحق ما شهدت به الأعداء , وكلامهم هذا مثيل كلام أحمد بن الحسين المتنبي حين قال:

الرأي قبل شجاعة الشجعانِ *** هو أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفسٍ حرة *** بلغت من العلياء كل مكان

ويكفيك أيها الموحد أن تعلم أن وسائل الإعلام المختلفة – سواء منها المقروءة أو المسموعة أو المرئية – تصف الشيخ بأنه " منظر " , " من أبرز المنظرين " ... خذ على سبيل المثال لا الحصر :

جاء في قناة الجزيرة الفضائية يوم الأربعاء 4/3/1429هـ - 12/3/2008م : " السلطات الأردنية تفرج عن أبي محمد المقدسي منظر ما يُسمى بالتيار السلفي الجهادي بعد اعتقال دام سنتين " .

وجاء في جريدة الغد , الخميس 12 آذار 2008م – 5 ربيع الأول 1429هـ : " الإفراج عن منظر السلفية أبو محمد المقدسي بعد 33 شهرا من التوقيف".

#### قال عبد الله السبت : إن أسلوب ( الكواشف ) أسلوب إحصائيات وأرقام بينة برجل ضليع بأخبار أهل نجد وهذه المعلومات ليست متوفرة للمقدسي ولا حتى لمحمد سرور ذلك الوقت . أهـ [ وهو يحاول أن يطعن في الشيخ فمدحه من حيث لا يشعر !!! ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) الأنفال : 30 ]

ثانياً : ولك على سبيل المثال لا الحصر من كلام المحايدين : قال فؤاد حسين : كان المقدسي هو بمثابة الأب الروحي والمنظر والعقل المفكر لهذا الفكر ولهذا التنظيم , الذي يسموه فكر التوحيد , الذي أطلق عليه في الأردن بيعة الإمام, المقدسي عبارة عن رجل موسوعي , مكتبة متنقلة , ملم بكل العلوم , متخصص بالعلوم الشرعية ... أهـ
ثالثاً : ولك على سبيل المثال لا الحصر من كلام أهل التوحيد والجهاد :


قال الدكتور الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله في كتاب التبرئة ص 39 : " الشيخ أبو محمد المقدسي فك الله أسره. وفي الحقيقة يصعب علي أن أوجز في التعريف بذلك البحر الزخار من العلم والتصنيف، وتلك العقلية الموسوعية، وذلك الصمود الراسخ في وجه طواغيت العصر. ولكن يخفف عني العبء أنه لا يحتاج لتعريفي، فهو علم من أعلام الدعوة للتوحيد ومعاداة الباطل في زماننا هذا. وقد تشرفت بمعرفته والاستفادة منه في فترات إقامته في بشاور إبان الجهاد الأفغاني. ويكفي المجاهدين فخراً أن من بينهم ذلك العامل العامل، الذي نسأل الله أن يثبته على الحق الذي يرضيه حتى يلقاه. ولضيق المجال عن التوسع فسأورد له هنا نصين من كلامه، الأول عن رأيه في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والثاني عن التراجعات داخل السجون. فلعل فيهما فائدة في موضوعنا الذي نعالجه... أهـ


وقال الشيخ العلامة علي الخضير فك الله أسره , وقد سئل هذا السؤال في لقائه مع منتدى السلفيون " س 70/1 ما الذي ترونه في هؤلاء الشيوخ: عبد المنعم مصطفى حليمة الملقب بأبي بصير ... عصام محمد البرقاوي المشهور بأبي محمد المقدسي ... عمر بن محمود الملقب بأبي قتادة الفلسطيني؟


ج ـ هؤلاء من علماء أهل السنة والتوحيد والعقيدة ، ومن أهل الجهاد والتأليف والتعليم ، ولا نعلم عنهم إلا خيرا ، وقد قرأت لهم كتبا كثيرة ، وما يُفترى عليهم من الكذب والزور في مسائل التكفير فهو محض افتراء ومن صنع المرجئة ، وهم أهل سنة في باب التكفير والإيمان ، وكان شيخنا العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله يثني عليهم خيرا ويمدحهم ويذب عنهم ، ويراسلهم ويراسلونه ، وسئل شيخنا حمود رحمه الله عنهم في ندوة ألقاها عبر الهاتف في المغرب العربي سئل عنهم فأثنى عليهم وحث على قراءة كتبهم والتتلمذ عليهم ، وكان ذلك قبل وفاته رحمه الله بشهرين تقريبا ، وقد سمعته مرارا وتكرارا وفي مجالس عدة يثني عليهم ويدعو لهم ويذب عنهم ، ولقد هاتف بعضهم بالهاتف وقُرأ عليه بعض كتبهم وراسل بعضهم" .أهـ

قال شيخنا المقدسي حفظه الله في آخر رثائه للعلامة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله , وبعد أن ذكر شيء من أفضال الشيخ : ولذا فقد كنت قد قلت له حين هاتفني قبل عشرة أيام من وفاته رحمه الله تعالى مثنيا على مواقفه وفتاواه التي لم يكن تأخذه فيها لومة لائم : ( إنها مواقف وفتاوى سيسجلها لك التاريخ يا شيخنا ولن تنساها الأمة خصوصا في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها ). أهـ [ وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ص 2 ]


وقال الشيخ أبو بصير الطرطوسي في آخر رسالته " ذبَّاً عن عِرض أخينا الشيخ أبي محمد المقدسي " : وأخونا أبو محمد ممن عُرفوا بالعلم .. والتضحية .. والجهاد .. وسابقة بلاء في سبيل الله .. ولا أزكيه على الله .. لا ينكر ذلك إلا كل حقود حسود ..!

بل لا أعرف رجلاً معاصراً ضحى وتحمل العناء والبلاء في سبيل دعوة ونشر التوحيد كما ضحى هذا الأخ الكريم .. هذا مما ينبغي أن نتذكره وأن لا ننساه عند الحديث عن الأخ مدحاً أو ذماً .. ولا أزكيه ونفسي على الله.

أسأل الله تعالى أن يُفرج عن أخينا الشيخ أبي محمد .. وعن جميع أسرى المسلمين .. وأن يُخزي الظلم والظالمين .. إنه تعالى سميع قريب مجيب. أهـ [ ص 4 ]

وقال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي رحمه الله وتقبله في الشهداء في آخر رده على الشيخ أبي محمد المقدسي حفظه الله : وقبل الختام لا بد من القول : أن الشيخ المقدسي حفظه الله ممن يُحفظ لهم حقهم وبلاؤهم , وهو ممن يُحسن الظن به , وهو أولى الناس بالمعذرة وإقالة العثرة , ولا أظن موحداً في هذا الزمان إلا وللشيخ عليه فضل ... أهـ
ويكفيك أخي الموحد لتعرف قدر شيخنا المقدسي حفظه الله أن تعلم أن الشيخ العالم أبا قتادة الفلسطيني فك الله أسره لم ينشر كتابه " جؤنة المطيبين " إلا بعد عرضه على الشيخ المقدسي حفظه الله ومراجعته وتقديمه له .

ومن لم يكفه كل هذا وراح يطعن ويثلب في الشيخ فلا كفاه الله , ومن العجيب المريب الغريب أن البعض يطعن في شيخنا بحجة قوله " إن لم يتراجع فكيف أخرجوه إذن ؟! " سبحان الله أتظن أنهم هم الذين أخرجوه , واللهِ الذي لا إله إلا هو ما أخرجه من السجن إلا الذي أخرج يوسف , قال الله تعالى على لسان يوسف : ( قد جَعَلها ربيّ حقاً وقد أَحسنَ بي إذ أخرجني مِنَ السِجنِ وجاء بِكم من الَبدوِ من بعدِ أن نزغَ الشيطانُ بيني وبينَ إخوتي إن ربي لطيفٌ لِما يشاءُ إنهُ هُوَ العليمُ الحكيم ) [ يوسف : 100 ]

وإني لأحسبُ أنه قد أصابته دعوة الرجل الصالح " الشيخ الليث أبو الليث الليبي رحمه الله " حين قال في آخر شريط " في مواجهة حرب السجون , الدقيقة : 10 " : " اللهم أنجِ الشيخ أبا محمد المقدسي " . أهـ

أتهزُ بالــدعاءِ وتزدريهِ *** وما تدري بما صنعَ الدعاءُ
سهامُ الليلِ لا تخطي ولكن *** لها أمدٌ وللأمدِ انقضاءُ
فيُمسِكُها إذا ما شاءَ ربي *** ويُرسِلُها إذا نَفَذَ القضاءُ


وأنصح كل من تناول شيخنا بالهمز واللمز من هذا الباب الشيطاني أن يقرأ الرسالة الماتعة النافعة " رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه " وهي رسالة كتبها شيخنا المقدسي حفظه الله من سجن سواقة لما انتشرت إشاعات بصدور عفو عام في السجون , وذلك في فجر يوم الأربعاء 8 من جمادى الآخرة لسنة 1416 من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام , ومما قال فيها حفظه الله :
" إن نزول عفو أو فرج على بعض الناس لا يجوز بحال أن يحمد عليه الطاغوت ، بل لا يحمد عليه إلا الله الذي بيده الأمر كله والذي ما شاء سبحانه كان ، وما لم يشأ لم يكن …

ولا نعمة ولا كرامة ولا حمدا لكافر متجبر يحارب الله ودينه ويسوم الخلق سوء العذاب إذا ما رفع ظلمه عن القليل منهم ليس طاعة ولا استسلاما لحكم الله وشرعه أو ابتغاء مرضاته .. بل لتغطية جرائمه ولترقيع باطله ، وللتمويه على الطغام وللبس الحق بالباطل والنور بالظلام … .

ومن ثم فلا يتغير موقف الموحد تجاه الطاغوت سواء أصدر عفوه عن بعض الناس أم لم يصدر ..
فنحن لم نكفر به أو نتبرأ منه أو نعاديه هو وأوليائه لأجل سجنهم لنا ، بل لأجل سجنهم للتوحيد وتكبيلهم للشريعة وزنزنتهم للقرآن والإسلام ، وإقصائه عن دفة الحكم واستبدالهم تشريعاتهم وتشريعات أوليائهم الساقطة المتهافتة بشرع الله الواحد القهار.. .

ونحن كفرنا بهم وبقوانينهم وبأنصارهم وأشياعهم عندما كنا أحرارا طلقاء ، وما زلنا _ بفضل الله _ نكفر بهم ونتقرب إلى الله ببغضهم والبراءة منهم ونحن معتقلين مسجونين ، ولن نفارق هذا الدرب إن شاء الله ،وسنبقى بتثبيته سبحانه نكفر بهم ونتبرأ منهم إن خرجنا من السجون ، لأن الخصومة معهم لم تبدأ بسبب سجننا أو تعذيبنا ، ولن تنتهي بخروجنا من السجن والعذاب ، وإنما الخصومة كانت ولازالت لأجل شركهم وباطلهم وظلمهم العظيم ، ولن تزول الخصومة بيننا وبين الطاغوت وأوليائه إن شاء الله سواء أبقينا في السجن أم خرجنا ، لن تزول إلا في حالة واحدة لا غير ، أن يتبرؤوا من كفرهم وشركهم وقوانينهم

الوضعية وتشريعاتهم الشركية ، ويتبعوا شرع الله وحده _ وأسوتنا في ذلك النبيون من قبل : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ) " . أهـ [ ص : 4-5 ]

وأنصحه كذلك بأن يقرأ رسالة " لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي " وهي رسالة كتبها شيخنا بعد تراجع بعض المساجين , وقد قال في آخرها :
إن الكلمات التي قالها أسعد بن زرارة رضي الله عنه على حداثة سنه لقومه لا مخذلا ومثبطا ؛ بل منبها لهم ومحرضا وهو ممسك بيد النبي صلى الله عليه وسلم يحجزهم عن بيعته مخافة أن يكونوا لم يعوا بعد هذه الحقيقة ؛ تنم عن فقه عميق لحقيقة هذا المنهاج :

( يا أهل يثرب، إن إخراجه اليوم مفارقة للعرب كافة، أو قتل خياركم وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك، فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فبينوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله ) رواه الإمام أحمد والبيهقي.

ويومها قال الصحابة لأسعد : ( أمط يدك يا أسعد فو الله لا ندع هذه البيعة ولا نسلبها أبدا)

ونحن نقول لهذا وأمثاله من الدعاة العصرانيين الذين يخجلون من إعلان حقيقة دينهم أو يحيدون عنها أو يشوهونها أو يبرؤون منها ويميزون أنفسهم عن أصحاب هذا المنهاج طمعا في إرضاء أعداء هذا الدين ..
نقولها رغم أننا وكثير من إخواننا أصحاب هذا المنهاج ملاحقون مطاردون يتخطفنا الناس ونتلقى الضربات تلو الضربات :
أمط عنا يا هذا فوالله لا ندع هذه البيعة ولا نسلبها أبدا .. [ ص 5-6 ]

وها هنا سؤال أتوجه به إلى كل من يزايد , على شيخنا الحبيب :

كم مرةٍ سجنتَ ؟!! وكم مكثت في سجنك إن كنت قد سجنت ؟!!

إن هذا السؤال لعظيم ! يتجاهله كثير ممن يجلس على أريكته ويصف الناس بالتأثيم ! وهذا السؤال يبين لك بجلاء مدى الفرق بين من شنع على المشايخ الثلاثة " الخضير , الفهد , والخالدي " لما تراجعوا على الشاشات, وبين من عذرهم وأقال عثرتهم كالشيخ أبي محمد المقدسي ... ولك كلامه حفظه الله في ذلك ,

حين قال في رسالته " السجن جنات ونار":

"( السجن بلاء إما أن يُثمر أو يَكسر أو يُعكر ) هذه المقولة نردّدها نحن خريجو السجون كما يحلو للبعض تسميتنا وهي مقولة تكرّست من مشاهداتنا في السجون ، ولذلك فهي تصف حقيقة السجن وآثاره المتباينة على من يدخلونه ويعيشون في أقبيته وبين قضبانه ويمكثون في زنازينه ويعايشون ساحات تعذيبه .

ومن لم يعايش ذلك ويعرفه عن قرب فقد يعجب أو يفاجأ بما يصدر عن كثير من رواد السجون من تقلبات أو تصريحات .. أما من عايشه وذاق ويلات بلائه وصنوف الأذى وفنون التعذيب في ساحاته فربما تروّى وتريّث قبل أن يطلق أحكامه على بعض أهله إن بدرت منهم بعض التصريحات العكرة أو حتى المنكسرة ، ويتريّث في متابعة فتاويهم المناقضة لمنهجهم والتي قد تصدر تحت الإكراه ..


فالسجين قاصر الأهلية لمظنة تعرضه للضغظ والإكراه ؛ ولذلك لا يحل أن يحمل المسؤولية الكاملة عن أقواله حتى يخرج من الأسر والقيد فيبين عن أقواله مختاراً دون أي ضغط أو إكراه ؛ ويتأكد ذلك في مشايخ التيار الجهادي لضراوة عداوة الطواغيت لهم وشدة ضغطهم عليهم ... فبدهي أن شدة عداوتهم لمن جرّد سيفه في وجوههم أو حرّض على ذلك ليست كعداوتهم لغيره ..


ولذلك نصحنا كل من زارنا وراجعنا بما صدر عن الشيخ الخضير وناصر الفهد وأمثالهم من المشايخ بعدم الاغترار بما صدر عنهم من الفتاوى أو التراجعات في الأسر أولاً ، والتريث ثانياً وعدم إطالة ألسنتهم في أعراض هؤلاء المشايخ ، والدعاء لهم بأن ينجيهم الله من كيد الطواغيت والتريث إلى أن يفك الله أسرهم..

ولذلك كففنا ألسنتنا عن قيادات الجماعة الإسلامية في مصر لما خرج عنهم ما خرج من تراجعات في السجون تحت مسمى المراجعات ولازلنا إلى اليوم نتحفظ في كلامنا على من لا زال منهم في الأسر ونحفظ لهم سابقة دعوتهم وجهادهم وبلائهم في الله ، بخلاف من قد خرجوا أو كانوا بالخارج أصلاً فقد ساءنا إخلاد بعضهم إلى الأرض وما نسب إليهم من انتكاسات كما ساءنا جداً هجومهم على إخواننا المجاهدين في القاعدة ومبادرتهم بالتبري منهم ، ودعوتهم إلى التوبة مما يقومون به من عمليات جهادية ؛ وكأنهم قد اقترفوا منكراً من الفعل وزوراً ؛ معتمدين في التشنيع عليهم بدعاوى قتلهم للمسلمين واستهدافهم لمكة والمعتمرين ؛ على المعلومات التي تعلنها الحكومات الكافرة ويروجها إعلامها الخبيث ، مع أنهم أنفسهم قد جربوا كذب هذه الحكومات وإعلامها وقد اكتووا بناره من قبل !! وإلا فهل يصدق مسلم عاقل أن مجاهدي القاعدة وأمثالهم من المجاهدين يمكن أن يستهدفوا المسلمين سواء كانوا في الرياض أو جدة أو غيرها ؛ فضلاً عن استهداف المعتمرين في مكة البلد الحرام؟! اللهم إلا إذا كانوا يعدََّون عملاء السي آي إيه والإف بي آي الذين قد طفحت بهم الجزيرة من المسلمين ، أو أنهم يقصدون بالمعتمرين الطواغيت الذين يعتمرون لالتقاط صور يروجونها على شعوبهم وللتضييق على المسلمين في مناسكهم ...أعتذر للقارئ عن هذا الاسترسال ، وأرجع إلى ما كنا فيه...


نعم السجن قد يثمر ثمرات عظيمة عندما يوفق صاحب الدعوة أو المجاهد في استغلاله في طاعة الله وعبادته وحفظ كتابه وطلب العلم ونشر الدعوة ، والاستفادة من تجاربه وتجارب الآخرين ليخرج منه أصلب مراساً وأشد تمسّكاً بدعوته وثباتاً على جهاده ومنهاجه .


وقد يكسر بأن ينقلب المرء على عقبيه فيجعل فتنة الناس كعذاب الله فيبدّل ويغير ويتراجع ويُخلد إلى الأرض بعد أن عرف الحق وأبصره وسار على الدرب وتبيّنه.. فيغدو يُلبس الحق بالباطل وينحاز إلى عدوة أعداء الدين ، وصور ذلك كثيرة ومتنوعة ، نسأل الله العافية والسلامة وحسن الختام ...

وقد يُعكّر.. والمعنى أنه قد يحرف المرء عن الجادة بحسب طبيعة المرء ، فإن كان إلى الشدة أميل انحرف به القيد والكبت والتعذيب إلى الغلو ، ومن كيس هؤلاء خرج الفكر السجوني التكفيري الذي كفّر الخلائق بالعموم والمجتمعات بالجملة ، وصار التكفير عندهم لا يتّبع الدليل بل عبارة عن ردود أفعال انتقامية وتشنجية لا تستثني أحداً إلا من كان على طريقتهم واعتقد معتقداتهم بحذافيرها وإن كانت طبيعة السجين إلى اللين أميل انحرف به إلى التجهم والإرجاء العصري أو التفريط والمداهنة وتتبّع الرخص أو قل زلات العلماء وأخطائهم وتبنيها لا عن قناعة وتفهّم واستدلال ؛ بل لمناسبتها لرغباته وتوجهاته التي مال إليها في ضيق السجن ، وبنات أفكاره التي ارتضاها وانحرف إليها عقله المعيشي لشدة القيد...

هذه كلها آفات عايشنا أهلها ، ونجانا الله تعالى بفضله ومنّه وكرمه وإحسانه وتوفيقه وتثبيته وحده ؛ من أهل الإفراط وإفراطهم وأهل التفريط وتفريطهم..

أضف إلى هذا أن فتنة السجن وأذى أعداء الله فيه تتفاوت تبعاً للبلاد المختلفة وضراوة التعذيب فيها ، وتبعاً لمجاهرة صاحب الدعوة بدعوته وعقيدته الحقة ، وتبعاً لمدى قربه من التيار الجهادي الأشد عداوة للطواغيت ، وأيضاً تبعاً للمراحل التي يمر بها المعتقل ، فأول أيام الاعتقال حيث الحبس الانفرادي والتحقيق المتواصل وساحات التعذيب ومنع الاتصال مع العالم الخارجي ، هذه الظروف أشد من ظروف السجين بعد استقرار أمره ونقله إلى السجن العام ، حيث يتيسر اتصاله بالناس ...

ومعرفة تفاصيل هذا كله ، وفي أي المراحل والظروف صدر ما صدر عن المعتقل يمكن من خلاله تقدير مصداقيته وقيمته..وعلى كل حال يبقى السجن عموماً مظنةً للضغط والإكراه فالسجين ما دام في القيد والأسر فهو عرضة لتقلب ظروفه ونقله وتحويله إلى سجن آخر وتعرضه إلى ضغوط مفاجئة ، وغير ذلك من الأحوال التي يجب مراعاتها والنظر فيها عند تمحيص ما يصدر عن السجناء من فتاوى وتصريحات.. ويتأكد ذلك إذا جاءت مناقضة لنهجهم وسيرتهم الأولى..

أذكر هذا لمن لم يعايش السجون وفتنها ليعرف ويتبصر بحال ما يصدر عن السجين فلا يتعجل بالحكم عليه ، أو يتضرر بتقلباته في السجن أو تراجعاته إذا كان شيخاً أو متبوعاً ، وإن كان الأولى فيمن كان كذلك أن يأخذ بالعزيمة ولو قُطّع ولو حرّق ، وأن يختار القتل والأذى والهوان في سبيل صيانة دينه وعدم التلبيس على الأمة ويتأكد ذلك في حق رموز التيار الجهادي في زماننا لأنهم أقل من القليل والناس تنظر إليهم في خضم الملحمة الدائرة بين الإسلام والكفر ويسمعون ما يقولون ، ولهم في ذلك قدوة وأسوة بمن سبقوهم كالإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام النابلسي الذي سُلخ جلده ليبدل فتواه في قتال العبيديين المرتدين فلم يفعل حتى قُتل رحمه الله وأمثالهم ممن رفع الله ذكرهم بثباتهم على الحق ..
ولا يغفلوا عن قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )


وليتذكروا دوماً حديث النبي صلى الله عليه وسلم لما شكا له بعض أصحابه أذى المشركين في مكة فقال :(قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، ويُمْشَطُ بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ، ما يصده ذلك عن دينه ..)رواه البخاري.

ومع هذا فلا بد من اعتبار ما قدمناه حتى لا يبادر المرء بالطعن في إخوانه المبتلين أو التضرر بتصريحاتهم وفتاواهم التي تصدر من وراء القضبان ، بل يتأملها فإن كانت على ما كانوا عليه من الحق من قبل فبها ونعمت وإن تغيّرت إلى الإفراط أو التفريط لم يبادر إلى الثلب والطعن على قائلها حتى يعرف ظروف قوله لها ، وليتريّث حتى يفرج الله عنه ، فإن أصر في السعة على ما قاله في القيد فلكل حادث حديث.. وإلا فقد كفى الله المؤمنين القتال وحفظنا أخانا في غيبته ، فالأصل إحسان الظن بالمسلمين فضلاً عن أنصار الدين..


وأخيراً فقد قال تعالى : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)

فهذه قاعدة من قواعد أهل الإسلام أن الله كتب على نبيه صلى الله عليه وسلم الموت ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ )


ولم يُعلّق دينهم بحياته ووجود شخصه بينهم ، وإنما علّق قلوبهم به سبحانه الحي الذي لا يموت وبدينه وكتابه الذي لا يغسله الماء ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فمن تعلق به فقد استمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، وإذا كان ذلك كذلك بالنسبة لشخص النبي صلى الله عليه وسلم أعز الخلق وأحبهم إلى المسلمين ، فغيره من البشر الذين قد تطرأ عليهم إضافة إلى طوارئ الموت أو القتل ؛ طوارئ الردة والتغيير والتبديل من باب أولى أن لا يعلق المسلم دينه بأشخاصهم ، والأصل فينا أهل الإسلام عموماً ودعاة التوحيد وأهل الجهاد على وجه الخصوص عدم التقليد ، وعدم قبول قول القائل إلا بدليل شرعي..

قال تعالى لنبيه: ( قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ )


وقال سبحانه:


(اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء)



ودين الله غني عن العالمين إِن (تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ )


ولو شاء الله لانتصر من أعدائه بغير أنصار ورجال، ولكن ليبلو بعض الناس ببعض ويتخذ من المؤمنين شهداء. وهذه الهزّات يتميّز بها أهل الثبات عن أهل الذبذبة والإرجاف..الظانين بالله ظن السوء الذين لا يزيدون الصف إلا خبالاً ، فمن كان ينتظر مثل هذه الهنّات ليعلّل بها تخاذله ومفارقته للقافلة وتركه الصف ، فأبعده الله وسيزداد الصف ببعده تماسكاً ورصّاً وثباتاً.. ( مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ )



فمن كان يعبد المشايخ الخضير أو ناصر الفهد أو أبا قتادة أو المقدسي أو غيرهم فإن المشايخ غير معصومين ولا تؤمن عليهم الفتنة ، ومن كان يعبد الله فإن دين الله ثابت راسخ معصوم لا يعتريه التبديل ولا التغيير (إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )
ومن علم الله منه خيراً وصدقاً ثبته وعصمه ، ومن علم منه غير ذلك صفى الصفوف ونقاها منه ومن أمثاله بمثل هذه الهزات..

(وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ).

الرسائل المهذبة المذهبة :

الرسالة الأولى :


إلى شيخنا العالم العامل , والموسوعي الشامل , الذي شهد له المتنبي بأنه كامل :

وإذا أتتكَ مذمتي من ناقصٍ *** فهي الشهادة لي بأني كاملُ



إلى الحبر البحر , الزاخر باللآلئ والدرر , الساطع نور علمهِ كما القمر , شيخنا المعطاء , ذي الرفعة والسناء , والمجد والإباء , علم الأتقياء الأنقياء , وقدوة الأصفياء الأخفياء , بقية السلف الأوائل , ومفتي أهل الخير الأفاضل , إلى شيخي وقرة عيني وعيون كل الموحدين , الصابرين الصامدين , وفخر المرابطين المجاهدين , إلى قرين الصبر واليقين , فمع ذكره يُذكر الصبر واليقين , ومع ذكرهما يُذكر

شيخنا الرزين , إلى أبي محمد المقدسي , فداه روحي ونفسي :


إننا نُشهد الله وملائكته وجميع خلقه على حبك في الله حباً , فأنت من خيارنا ولا يماري في ذلك إلا من يصد الحق ويأبى , ولقد قال أبو الدرداء رضي الله عنه: لا تزالون بخير ما أحببتم خياركم . أهـ [ حلية الأولياء 1/210 ]

وإننا نعتقد أن حبنا لكم من أفضل الأعمال التي نتقرب بها إلى الله , فعن مسلم بن يسار قال : ما شيء من عملي إلا وأنا أخاف أن يكون قد دخله ما أفسده علي, ليس الحب في الله عز وجل , فإني لا أجدني أحب إلا في الله عز وجل . أهـ [ حلية الأولياء 2/293 ]


بل إنني فتشت في أعمالي جميعها فلم أجد أفضل من حبي لك في الله وحب أولياء الله , وبغض أعداء الله , ولما ذُكر عند مجمع التيمي: الحب في الله والبغض في الله . قال : ما من شيء يعدله عندي .

أهـ [ حلية الأولياء 5/90 ]


ولا يزال صدى كلامك يصول ويجول في قلبي , حين قلت - حماك ربي - :

كفكف دموعك
ليس في عبراتك الحرّى ارتياحي
هذي سبيلي
إن صدقت محبتي فاحمل سلاحي


واللهِ لقد حملنا سلاحك وقلمك , واقتدينا بصالح علمك وعملك , وللهِ در الإمام المبجل أحمد بن حنبل حين قال : هذا الذي ترون , كله أو عامته عن الشافعي ؛ وما بت منذ ثلاثين سنة , إلا وأنا أدعو للشافعي . أهـ [ حلية الأولياء 9/98 ]


وليسمع العالم بأسره أن جل كتاباتنا ومحاضراتنا ومناظراتنا عن المقدسي :

من بحر شعركَ أغترف *** وبفيضِ علمكَ أعترف


فيا شيخنا المعطاء , هل تعكر على البحر الدلاء ؟! فلا تغتم ولا تحزن من القيل والقال , فللهِ در من قال :
وإذا بلغ الفتى السماء بمجده *** كانت كأعدادِ النجوم عداه

وإن هذه الدار دار ابتلاء وامتحان , سواء في الحرية أو وراء القضبان , وكما قال الشافعي : " الراحة للرجال غفلة " . أهـ هذا إن كان من جملة الرجال , فكيف إن كان من خواص الرجال ؟!


عن هشام الدستوائي رحمه الله قال : عجباً للعالم كيف يضحك ؟! [ حلية الأولياء 6/279 ]


ولما سُئل الإمام أحمد : متى ترتاح ؟

قال : عند أول قدم أضعها في الجنة . أهـ نسأل الله لنا ولك الجنة .

شيخنا الحبيب الأريب – واللهِ – ما أنت بالجبانِ ولا بالمتواني , ولكأني بأبي محمد عبد الله الأندلسي

القحطاني , يخاطبك حين قال في نونيته :

فاجعل كتابَ اللهِ درعاً سابغاً *** والشرعَ سيفكَ وَابدوُ في الميدانِ
والسنةَ البيضاءَ دونكَ جُنةً *** وَاركب جوادَ العزمِ في الجولانِ
واثبت بصبركَ تحتَ ألويةِ الهدى *** فالصبرُ أوثقُ عُدةِ الإنسانِ
واطعن برمحِ الحقَّ كُلَّ معاندٍ *** للهِ درُ الفارسِ الطعانِ
واحمل بسيف الصدق حملةُ مُخلصٍ *** مُتجردٍ لله غيرِ جبانِ


شيخنا الودود , أنه ليطيب لنا أن نرسل لك ما أرسلته للشيخ حمود : " وكم والله أتمنى لو أكون قريبا منكم فأصير لكم أنا وأولادي وأهل بيتي ـ لا أقول طلبة وحسب ـ بل خدما مخلصين نتشرف بخدمتكم وخدمة أمثالكم من العلماء حقا كما نحسبكم والله حسيبكم .. فنحن فضيلة الشيخ نحفظ لعلمائنا الربانيين حقهم ونعرف فضلهم ونتشوّق إلى أن نضع ركبنا إلى ركبهم في مجالس العلم والدين " . أهـ
شيخنا المفضال , إن في مثلك يقال :

وعلم لم تدنسه الدنايا *** وجلَّ عن الهوى والمغريات
ومدرسة من الأسلاف عاشت *** تعلمنا الثبات إلى الممات
فرات سائغ ما كدرته *** من التقوى دلاء الأعطيات
إذا سكتوا تصدى للفتاوى *** ليعلنها بإعلان الثقات
ويصدع بالحقيقة في شموخ *** ويأنف من دهاليز السبات
وفي هذا الزمان بلا مراء *** إمام أئمة الحق الهداة


فأمضي شيخنا باسم الله وعلى بركة الله ولا تلتفت , أمتعنا بالتأليف والتصنيف , وأتحفنا بالردود على المبتدعة وأهل التطفيف , فأنت فخرٌ لنا وسندٌ لكل ضعيف :

واعلم بأن العلم أرفع رتبة *** وأجل مكتسب وأسنى مفخر
فاسلك سبيل المتقين له *** تّسُد إن السيادة تقتنى بالدفتر
والعالم المدعو حَبراً إنما *** سماه باسم الحبر حمل المحبر
وبضمر الأقلام يبلغ أهلها *** ما ليس يبلغ بالجياد الضمّر


شيخنا الغريب الفريد , لقد قرأنا جل كتبك ؛ القديم منها والجديد , فوجدنا بها كل نافع ومفيد , فهل من مزيد ؟!


الرسالة الثانية :

وإلى إخوان التوحيد والعقيدة , أصحاب الغربة الشديدة , أعرفوا لشيخنا أبي محمد المقدسي قدره ,

فعن أبي مسلم الخولاني قال : مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء , إذا ظهرت لهم شاهدوا , وإذا غابت عنهم تاهوا . أهـ [ حلية الأولياء 5/120 ]

وأعلموا أنه لو كان شيخنا المقدسي حفظه الله من شيوخ المرجئة لرفعوه فوق النجوم , وسودوه محدِثاً في كل العلوم , فلا يكونوا أحرص منكم على تقدير العلماء , ولا أفضل منكم في احترام الفضلاء .

علماؤنا نور البلاد وعزُّها *** حرسُ الفضيلة والسياجُ الأطولُ
تُستنزل الرحمات من عبراتهم *** ورؤى الحياة بجودهم تتهلّلُ
الموصلون إلى النجاة إذا طغى *** موجُ الحياة وللسفين تميّلُ
الراسخون الثابتون على الهدى *** إن أنكر الإشراق طرفٌ أحولُ
المصلحون بهمةٍ نبويةٍ *** في الله لا تخبو ولا تتبدّلُ

وإننا لا ندعي عصمة الشيخ , ولكننا ندعي رسوخ وشموخ الشيخ وثباته , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


( لو يُعطى الناسُ بدعواهم لادعى رجالٌ أموال قوم ودماءهم , ولكنِ البينةُ على المدعي واليمين على من أنكر)


وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن البينة على المدعي . أهـ [ جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ص 416 ]

فبينتنا نحن متينة ثخينة من رآها لُجم وأُفحم ؛ ألا وهي " كتب الشيخ " , تصفح المكتبة المقدسية في " منبر التوحيد والجهاد "

( وسئل القريةَ التي كُنا فيها والعيرَ التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون ) [ يوسف : 82 ]

ثم لتبدي رأيك , ولن تقول إلا خيراً , فقد قال الخطيب البغدادي رحمه الله : من صنف , فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس . أهـ [ أنظر شرح حلية طالب العلم ص 210 ] ومن قرأ كتب شيخنا سيعلم لا محالة أن عقله من ذهب , وسيتمنى لو أنه أثنى عنده الركب .

فتٍن أتت وتفننت في نشرها *** أذناب كل مكابرٍ فتَّانِ
فأتت جهود الشيخ تكشف زيفها *** بالرد والإفصاح بالبرهانِ
إن الدفاع عن المبادئ عزة *** شرفت بذاك عساكر الإيمانِ
يا شيخنا قد غظت كل منافق *** وكبت كل مجازف علمانِ
وهتكتَ أستار الطغاة وأرعبت *** فتواك عبد معازف وقيانِ
ووقفت كالجبل الأشم مناضلاً *** ومنازلاً لجحافل الصلبانِ

فيا أهل المنهج المستقيم , والصراط القويم , يا أهل التوحيد والحديد , يا أهل القرآن والسنان , يا سلفيون في المعتقدات والأقوال والأفعال : قال الله الواحد المتعال :

( هل جَزاءُ الإحسانِ إلا الإحسان ) [ الرحمن : 60 ]

وقال خير نبيٍ من عدنان صلى الله عليه وسلم : ( من أتى إليكم معروفاً , فكافئوه , فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه ) رواه أبو داود , والنسائي , وابن حبان , والطبراني , ولفظه : ( من اصطنع إليكم معروفاً فجازوه , فإن عجزتم عن مجازاته , فادعوا له حتى تعلموا أن قد شكرتم , فإن الله شاكر يحب الشاكرين ) .


فمن طعن في الشيخ أو قصده بالسوء والآثام , وراح يأكل في لحم الشيخ ويستلذ ذلك الطعام , فليعلم علم اليقين " إن لحوم العلماء مسمومة , ومن تعرض للعلماء بالثلب , أصابه الله قبل موته بموت القلب " , ومن الموافقات أنني قرأت لشيخنا كلاماً , وكأنني به يخاطب هؤلاء , حيث قال : فإلى هؤلاء جميعاً أقول: اتقوا الله، وقولوا قولاً سديداً، وتذكروا حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام: "ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مما قال" . أهـ [ هذه عقيدتنا ص 4 ]



الرسالة الثالثة :


وإلى مرجئة الزمان , ومفتي الأمريكان , ( قل موتوا بغيظكم ) [ آل عمران : 119 ] ,

وابشروا بما يسوؤكم , فلقد سُل السيف الصقيل من غمده , ليقطع الله به ألسنت المرجفين , وشبه الناكصين المخذلين , ولقد قال الصادقُ الأمين صلى الله عليه وسلم : ( يحمل هذا العلم من كل خَلَفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) .
فاتونا أيها المرجئة بكل شبهة, فإن بيننا شيخنا المقدسي ينقشها بالمناقيش , كيف لا ! وهو القائل :

إن عادت العقرب عدنا لها *** وكانت النعل لها جاهزة

وقد وقفتُ قديماً على بعض الشبه الإرجائية , فقلتُ : " شبهٌ ولا أبا محمد لها", أما اليوم وقد فُك قيد الشيخ الهمام , والفارس الضرغام , والعالم الإمام, فعلا شبه المرجئة السلام !


ولقد قال الحميدي : كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي , فلم نحسن كيف نرد عليهم ؛ حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا . أهـ [ حلية الأولياء 9/96 ]

ولأن كان عونكم وظهيركم أيها المرجئة كل شيطان مريد , وتلاميذه من كل مفتٍ فتانٍ بليد , كما قال السميع الحميد : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ) [ الأنعام : 121 ] ,

فإننا نعلم كما تعلمون أن عونكم وظهيركم ذو ضعفٍ شديد , قال الحق المجيد :

( إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ) [ النساء : 76 ]


فلنُنسينكم وساوس الشيطان , بأبي محمد .

وقابلونا بعلمائكم دعاة الضلال فإننا سنقابلكم بالمدفع الأرفع ,

والسيف الأقطع , والفارس الأشجع ؛ شيخنا أبي محمد المقدسي حفظه الله وثبته , وما أظن من عندكم يستطيع أن يواقف شيخنا ساعة , بل ليُولون الأدبار مع الضراطِ إلى قيام الساعة ! قال الله تعالى : ( كذلكَ يَضرِبُ اللهُ الحقَّ والباطلَ فأما الزَّبدُ فيذهبُ جُفاءً وأما ما ينفعُ الناسَ فيمكثُ في الأرضِ كذلكَ يَضربُ اللهُ الأمثال ) [ الرعد : 17 ]

وختاماً نقول : إن عهدنا بشيخنا المقدسي حفظه الله أنه لو تراجع أهل الحق جميعهم ما تراجع هو – نحسبه والله حسيبه - ( وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيبِ حافظين ) [ يوسف : 81 ]
كيف وهو القائل في مسألة بعد أن قرر اعتقاده فيها : " ولا يهمني مع ذلك مخالفة أهل الأرض جميعا".أهـ [ ميزان الاعتدال ص 32 ]


فلتسمع الدنيا بأسرها قولي في المحافل والمنتديات , والمساجد والحلقات : "هذا شيخي فليرني امرئ شيخه ! ".




ويطيب لي هاهنا أن أُذكر القارئ بملاحظة :

وهي أنني لم أكتب هذه الكلمات مجاملة لشيخنا حفظه الله , ولا غلواً فيه , بل هذه الكلمات هي عين ما أدين الله به .

ولقد كتبت هذه الكلمات دفاعاً عن الشيخ , وذباً عن عرضه لعل الله أن يذب عن أعراضنا , مع العلم أن الشيخ لا يحتاج لدفاع المخلوق , بل يكفيه دفاع الخالق عنه :
( إن اللهَ يُدافعُ عن الذين آمنوا إن اللهَ لا يحبُ كُلَّ خوانٍ كفورٍ ) [ الحج : 38 ] ,

وكتبتها أيضاً دفاعاً عن الحق الذي يحمله الشيخ ويدعو له, مع العلم أن الحق لا يحتاج لدفاع أحد من عباد الله , فهو نور الله : ( ويأبى اللهُ إلا أن يُتم نُورهُ ) [ التوبة : 32 ] .

اللهم ثبت شيخنا المقدسي على الحق , وكف عنه أذى وألسنة الخلق , يا فرد يا صمد يا حق , اللهم من أراد شيخنا بسوء فأشغله في نفسه , وأجعل كيده في نحره , وتدبيره تدميره , اللهم أجمعنا بشيخنا في ساحات الجهاد والجلاد , وأنفع بعلمه جميع العباد , يا حي يا قيوم يا جواد , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


وكتب أبو همام بكر بن عبد العزيز الأثري
في الثلث الأخير من ليلة السبت 7/3/1429هـ - 15/3/2008م


منقول بتصرف يسير

البتار
04-14-2008, 09:41 AM
ذبَّاً عن عِرض أخينا الشيخ أبي محمد المقدسي

للشيخ أبي بصير الطرطوسي حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وبعد.

على حين غيبة يقضيها الأخ في غياهب سجون الطواغيت الظالمين .. تستشرف بعض رؤوس الجهل والجهالة .. أصحاب الأقلام المريبة المغرضة .. التي عُرفت بجدالها العقيم عن طواغيت الكفر والظلم .. لتخوض بعرض الأخ الشيخ .. وترميه ظلماً وعدواناً بألقاب وأوصاف سيُسألون عنها، كقولهم عنه: خارجي .. تكفيري .. يكفر العلماء .. من مشايخ خوارج العصر .. إلى آخر قائمة السب، والطعن، والتشهير ..!


غاظهم فيه نقمته على طواغيت الظلم والكفر .. وعلى عملائهم وأعوانهم .. فانطلقوا ـ تاركين جميع مؤلفاته القيمة وما أكثرها ـ ليقتاتوا بعض العبارات والإطلاقات المتشابهة .. حمالة الأوجه والمعاني .. يمكن تفسيرها وتأويلها على المحمل الذي يليق بمكانة الأخ العلمية، وبتضحيته، وجهاده .. فحمَّلوها من المعاني السقيمة مالا تحتمل .. ونثروا حولها الغبار والضوضاء والفتن .. طمعاً في أن ينفروا الإخوان عن الشيخ .. وعن كتبه وأبحاثه القيمة النافعة .. ولكن يأبى الله إلا أن يضع القبول لأوليائه ولو بعد حين ..!

وكان الصواب أن يدرأ الأخ عن نفسه ـ سهام الغدر والطعن هذه ـ بنفسه .. وهو أهل لذلك .. ولكن الذي يحيل بينه وبين ذلك سجون الطواغيت الظالمين التي استهلكت من عمره وجسده أكثر مما استهلكه أي شيء آخر .. ولعل هذا الذي جرأ عليه أولئك الجهلة الظالمين ..!

لذا من قبيل مقابلة جميل الأخ وفضله على الأمة .. وعلى شباب التوحيد .. نجد أنفسنا ـ إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل ـ ملزمين بالذود عن عرضه وعقيدته .. وهذا أقل الواجب .. وأضعف الإيمان ..!

وألخص ردي وجوابي على شبهات وأراجيف القوم .. في النقاط التالية:


***أولاً: ما من عالم إلا وله من كلامه المحكم .. وله المتشابه .. ولكي يُفهم المتشابه منه لا بد من رده إلى كلامه المحكم ليفسره ويوضحه ..!

ومن الظلم والجهل أن يذهب المرء إلى المتشابه .. ويستدل به كدليل على مذهب العالم من دون أن يرد هذا المتشابه إلى المحكم من قوله ..!

وهكذا الحال مع أخينا الشيخ أبي محمد .. فله كلام محكم كثير .. وهو الغالب على أبحاثه ومؤلفاته ولله الحمد .. وله كذلك بعض الإطلاقات والعبارات لها حكم المتشابه .. لا يمكن فهمها بمفردها من دون ردها إلى المحكم من قوله .. ومن لم يفعل لا محالة أنه واقع في الظلم .. والفهم الخاطئ!


***ثانياً: من خلال الوقوف على كثير من مؤلفات الشيخ أبي محمد .. لا يسع المنصف إلا أن يجزم بأن عقيدة الأخ ـ وبخاصة في مسائل الكفر والإيمان ـ هي عقيدة أهل السنة والجماعة .. وأنه من أبعد ما يكون عن عقيدة الخوارج الغلاة .. فأبحاثه وكتبه كلها تنطق بهذه الحقيقة وتدل عليها .. والذي يقول بخلاف ذلك فعليه بالبينة .. وأنىّ!


***ثالثاً: من كانت أصوله سليمة .. وقواعده صحيحة .. لا يعني ذلك أنه لا يمكن أن يُخطئ في الحكم على نازلة معينة أو شخص معين بحسب ما يظهر له .. فالخطأ والصواب في هذا الجانب وارد بحق كل عالم من علماء المسلمين ..!
كما أن الخطأ في هذا الجانب لا يعني ولا يستلزم أن صاحبه قد وافق أصول الخوارج الغلاة أو غيرهم من أهل البدع والأهواء .. وبالتالي لا يجوز أن يُرمى بأنه منهم .. إلا إذا كان هذا الخطأ ناتجاً عن إعمال قواعد وأصول الغلاة .. أو غيرهم من أهل الأهواء!


****رابعاً: قد ثبت عن بعض الصحابة أنهم أطلقوا في حق بعضهم البعض بعض الإطلاقات والأحكام الشديدة .. وبعضها يُفيد التكفير .. ولكن لما صدرت عنهم عن اجتهاد، وغيرة للدين .. وكانت أصولهم صحيحة .. لم يعنفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- .. ولم يقل لهم أنتم من خوارج وغلاة هذه الأمة .. وإنما كان يكتفي بتصحيح الخطأ والحكم؛ كما في قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن حاطب ابن أبي بلتعة بأنه قد نافق، وكفر، وغير وبدل .. واستأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أن يقطع عنقه .. فأخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن حاطباً ليس منافقاً .. وهو لا يزال على عقده وإيمانه .. وبنفس الوقت لم يقل لعمر .. أنت خارجي قد كفرت صحابي بدري .. وذلك لأن عمر -رضي الله عنه- إذ فعل ذلك فعله عن اجتهاد وغيرة لحرمات هذا الدين .. إضافة إلى أن أصوله وعقيدته صحيحة ..!

كذلك قول الصحابي أسيد بن حضير لسعد بن عبادة في حضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، لما جادل عن رأس النفاق ابن أبي: إنك منافق تجادل عن المنافقين .. فلم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم- لأسيد بن حضير .. أنت تكفيري خارجي .. كفرت صاحبي .. ورميته بالجدال عن المنافقين .. وذلك لما ذكرناه آنفاً بأن فعله هذا كان ناتجاً عن اجتهادٍ وغضب لله ولرسوله .. إضافة إلى سلامة أصوله واعتقاده ..!


ونحو ذلك قول الصحابة ـ بادئ ذي بدئ ـ عن الصحابي البدري عبد الله بن مظعون ومن معه لما استحلوا شرب الخمر تأولاً .. فقالوا: يا أمير المؤمنين نرى أنهم كذبوا على الله، وشرعوا في دينهم ما لم يأذن به الله، فاضرب أعناقهم .. وهذا يعني أنهم حكموا عليهم بالكفر والردة .. ثم ظهر أنهم كانوا مخطئين في حكمهم .. وأن الحق هو ما أفتى به علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- .. والشاهد أن عمر لم يوبخهم ولم يرمهم بأنهم خوارج ومن غلاة التكفير .. وذلك للعلة الآنفة الذكر .. وهي أنهم كانوا مجتهدين .. إضافة إلى سلامة أصولهم واعتقادهم!

وهكذا ينبغي التعامل مع بعض الإطلاقات الشديدة التي أطلقها الأخ أبو محمد بحق بعض أهل العلم المعاصرين .. وطار بها أصحاب النفوس المريضة .. فهو عند من يعتبره مخطئاً لا يجوز أن يتعدى القول فيه بأن يقول: أخطأ الحكم ..

والصواب كذا .. وكذا .. فقط .. من دون أن يتجاوز ذلك ليقول فيه بأنه خارجي أو من غلاة التكفير أو نحو ذلك ..!!
وسبب ذلك أن أصول الأخ ـ كما تقدم ـ هي صحيحة ولله الحمد .. وأن ما صدر عنه .. صدر عن اجتهاد وغيرة، وحرقة على هذا الدين .. فإن أصاب فله أجران .. وإن أخطأ فله أجر .. ويُبين له خطؤه من دون حصول التعدي والظلم .. أو التشهير!

الذين تكلم فيهم الشيخ أبي محمد .. مهما قيل في فضلهم وعلمهم .. لا يمكن أن يبلغوا درجة حاطب بن أبي بلتعة، وسعد بن عبادة، وعبد الله بن مظعون .. فعلام تُستساغ الإطلاقات الشديدة التي قيلت بحق هؤلاء الصحابة .. وتُفسر التفسير الحسن .. ولا تُستساغ الإطلاقات التي قالها أبو محمد بحق بعض الشيوخ المعاصرين .. وتحمل على أنها خارجية معاصرة؟!!

الشيخ ابن العثيمين ـ رحمه الله ـ كفر القرضاوي وحكم عليه بالردة .. وبقطع العنق .. لمقولته المشؤومة التي أطلقها الآخر وهو على المنبر .. والتي يعرفها الجميع ..!

والشاهد عند من يعتبر الشيخ ابن العثيمين مخطئاً في حكمه على القرضاوي ـ وما أكثرهم ـ هل يصح أن يقول عن الشيخ ابن العثيمين أنه خارجي وتكفيري؛ لأنه كفر عالماً من علماء الأمة ..؟!

الجواب: لا شك .. أنه لا ..!

فإن قيل: ولِمَ ..؟!

سيأتي الجواب من الجميع ـ بما فيهم هؤلاء الذين يُشنعون على الشيخ أبي محمد ـ: لأن الشيخ ابن العثيمين أصوله في الاعتقاد صحيحة .. وهو إذ حكم هذا الحكم ـ وإن كان مخطئاً ـ فهو ناتج عن اجتهاد، وعن حرقة على هذا الدين ..!

نقول: الذي تقولونه في الشيخ ابن العثيمين .. قولوه في الشيخ أبي محمد .. وكفى الله المؤمنين الجدال!!



****خامساً: استفاضت أدلة السنة الدالة على أن من عُرف بالعلم والجهاد والتضحية والبلاء من أجل نصرة هذا الدين .. فإن ساحة التأويل وإقالة العثرات تتسع بحقه .. بخلاف عمن كثر خطؤه وقل عمله وجهاده .. فإن قيل حبذا الدليل على ذلك .. أقول عليك بكتاب " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " لشيخ الإسلام .. فإنه يُغنيك إن شاء الله.

وأخونا أبو محمد ممن عُرفوا بالعلم .. والتضحية .. والجهاد .. وسابقة بلاء في سبيل الله .. ولا أزكيه على الله .. لا ينكر ذلك إلا كل حقود حسود ..!

بل لا أعرف رجلاً معاصراً ضحى وتحمل العناء والبلاء في سبيل دعوة ونشر التوحيد كما ضحى هذا الأخ الكريم .. هذا مما ينبغي أن نتذكره وأن لا ننساه عند الحديث عن الأخ مدحاً أو ذماً .. ولا أزكيه ونفسي على الله.
أسأل الله تعالى أن يُفرج عن أخينا الشيخ أبي محمد .. وعن جميع أسرى المسلمين .. وأن يُخزي الظلم والظالمين .. إنه تعالى سميع قريب مجيب.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

سلفي موحد
04-18-2008, 08:57 PM
بارك الله فيما قدمت

وأسأل الله أن يحفظ الشيخ الهمام الجبل

فإنه بحق أحد جبال هذ الزمن

اللهم احفظه بحفظك يا أرحم الراحمين

وبارك الله فيما قدمت

البتار
04-18-2008, 11:18 PM
بارك الله فيما قدمت

وأسأل الله أن يحفظ الشيخ الهمام الجبل

فإنه بحق أحد جبال هذ الزمن

اللهم احفظه بحفظك يا أرحم الراحمين

وبارك الله فيما قدمت

شرفني مرورك أخي الكريم
جزاك الله خيرا ونفع بك

أبو الفداء الأندلسي
06-14-2008, 04:02 AM
أخي الكريم جازاك الله خيرا على هذا النقل الرائع

حقا إن الشيخ من من جددوا معاني التوحيد و الولاء و البراء في هذا العصر رغم تربص الطواغيت المجرمين