المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صرخة في آذان الدعاة


البتار
02-17-2008, 01:45 AM
صرخة في آذان الدعاة



نداء من داخل الصف إلى رفاق الدرب، نداء من القلب إلى الرعيل الأول، إلى أصحاب السَمُرَة:


هموم القلب قد صاغت مقالي **** وإن خطّت يدي رسمْ السؤالِ

سؤالٌ ما أردت به جدالاً فكم **** صدَّ الهدى خوضُ الجدالِ

ولا لشماتةٍ برفيق دربٍ فما **** حبُّ الشماتة من خصالي

ولا لفضيحةٍ تَشفي الأعادي **** وتقطع بيننا حبلَ الوصالِ

ولكنْ نصحُ إخواني مُرادي **** وقد تأتي النصيحةُ بالكمالِ

دعاةَ الحق كم خضتمْ صعاباً **** تهاوتْ دونَها هممُ الرجالِ

حملتمْ همَّ أمتكمْ فقُدْتمْ **** ركائبَ مجدِها نحوَ الأعالي

وجدَّدْتم لها الدينَ المسجَّى **** بأثواب الجهالةِ والضلالِ

فقامتْ صحوةُ الإسلام فيها **** يبدِّد فجرُها ظُلَمَ الليالي

وعمَّ ضياؤها في كل حدْب **** وشعَّ بريقها كالاشتعالِ

كأنَّ ضياءها في الكون عرسٌ **** يَزُفُّ الكونَ في يوم احتفالِ

إلى مستقبلٍ يزهو بماضٍ **** تضلَّعَ من زُهُوٍّ واْختيالِ

تفاءلتِ الحياة بها وسُرّت **** بمقدمها وكانت خيرَ فالِ

فمن رحِمِ الظلام إلى ضياءٍ **** ومن حرِّ الهجير إلى ظلالِ

ومن ضعفٍ إلى عز منيع **** ومن يأْس إلى طلب المعالي

كأن الدِين بعد الأسر حرٌّ **** من الأحرار أطلق من عقالِ

ويشهد بالحقائق ما صنعتم **** ويغنينا الصنيع عن المقالِ

فكم من سنَّة ماتت فأحييْ **** تُموها في الورى بعد الزوالِ

وكم من بدعة راجت فلما **** بدوتم أصبحت في شرِّ حال

وكم طفلاً يتيماً قد كفلتم **** وكم يمنى تخفَّت عن شمالِ

وعاصٍ للإله دعوتموهُ **** فآب إلى الهدى بعد الضلال

ورايات الجهاد رفعتموها **** وقد طُويت سنينَ عن القتالِ

وأنظمة الربا حاربتموها **** ويسَّرتم لنا سُبلَ الحلال

فأنشأتم بيوتَ المال حَلاً **** من الإسلام لا من رأس مال

وخضتم في مجال الفكر حرباً **** فأبلتْ ثم أفنتْ كل بالي

على الإلحاد قد دارت رحاها **** فكم طحنت بساحات النزال

وعادت كرَّة للدين أخرى **** ولا تخلو الحروب من السِجال

فصرح الجاهلية يوم عادا **** وما في القوم من حر يبالي

أجبتم يومَ أن نادى المنادي **** فَهُدَّ الصرح من أعلى الأعالي

على قومية ساقت جموعاً **** كقطعان البهائم للنضال

تبشِّرهم بنصر سوف يرمي **** بإسرائيل في قاع القنال

وصَدَّقت الجماهير الثُمالى **** وعلَّقت الأمانيَ في جمالِ

فذاقوا من دعاوى النصر ذلاًّ **** وعارا لا يطهّر بِاغْتسال

وحلَّت نكسة واحتُلَّ أقصى **** وحَطَّت نجمةٌ فوق الهلال

وكفِّنت العروبة يوم صلى **** على المبكى جنود الاحتلال

وشوهدَ نجمُها بعد التعالي **** يخرُّ من العُلوِّ إلى سَفال

ليعلوَ بعده نجم أصيل **** من الإسلام في الآفاق عالي

أعاد بريقه جيل فريد **** من الأبطال ميئوس المنال

يرون بأن نَيْلَ النصر حقٌّ **** لمن أعلى شريعة ذي الجلال

فنعم الجيل أنتم يا رجالاً **** أعادوا سيرة الجيل المثالي

رجالٌ طلقوا الدنيا ثلاثاً **** ولم تخطر لهم يوماً ببال

فما الأموال كانت مبتغاهم **** وقد حازوا غنىً من غير مال

ولا لمناصبٍ سارت خطاهمْ **** ولا طمعوا بألقاب المعالي

ولا ركنوا لطاغية ظلوم **** ولا وقفوا على أبواب والي

ولا سلبت قلوبَهمُ الغواني **** وإن تلْقَ الحسان فلا تبالي

ولا عجبٌ إذا فتنت قلوب **** رأت حسناً فهامتْ في الجمال

ولكنَّ العجيب ثباتُ قلبٍ **** على الإيمانِ صلباً كالجبال

تراهمْ في المَعامِعِ أُسْدَ غابٍ **** وفي السرّاء أليَنَ من طِلال

يصومون النهار وإن تمادى **** وإن أَمْسَوْا فرهبانُ الليالي

يرون تلاوة القرآن زاداً **** فما بين المفصَّل والطِّوال

فتحسبُ أنهمْ بقلوب طيرٍ **** ترقّ إذا تلا القرآن تالي

لهم شغَفٌ بذكر الله سراًّ **** وجوفُ الليل في الأسحارٍ خالي

إذا ذكروا مآل الروح يوماً **** تفيضُ العين من ذكر المآل

دعاةَ الحق لا تغني الدعاوى **** ولا الأمجاد تبنى في الرمال

فتلك الحالُ حالُ الأمس لكنْ **** دوامُ الحال من ضَرْبِ المحال

فما أنتمْ كمثل الأمس قطعاً **** ولا تبدو الحقيقة كالخيال

أرى الأشخاصَ والهيئاتِ فيكم **** ولكن لا أرى نفْسَ الخصال

فإن كنتم نياماً فاسْتفيقوا **** وإن حِرْتم أجيبوا عن سؤالي

أشَقَّ عليكم الدربُ المُحلَّى **** بأشواك المتاعب والعِضال

أمِ العزمُ الشديد غدا هزيلاً **** فَحَلَّ العجزُ فيه من الهُزال

أمِ اسْتعجلتمُ النصر انتظاراً **** فطال النصرَ شؤْمُ الاعتجال

أمِ القلب الصبور غدا ملولاً **** فذاب الصبر فيه من المَلال

أقول وإنَّ بعضَ القول أغلى **** من الدُرَر النفائس واللآلي

حياةُ القلب يكشفها المحيا **** ويكشف موتَهُ سوءُ الفِعال

فكم حبُّ الحياة أمات قلباً **** وكم أَحياه ذكر الارتحال

فوخز الذنب في قلبٍ تقيٍّ **** أشدُّ عليه من طعن النصال

وطمس النور في قلبٍ شقيٍّ **** يراه كشربة الماء الزلال

فإن تَمُتِ القلوب من المعاصي **** فما موت القلوب من المحال

وإني قد ظننت ورب ظنٍّ **** يكون من اليقين واْلاحتمال

أرى حبَّ الحياة طغى عليكم **** وأُشْرِبَ في قلوبكمُ الخوالي

فبعد جفائها رُمْتُمْ هواها **** وأرخيتم لها عُقَدَ الحبال

فوا أسفا إذا صَدَقَتْ ظنوني **** وكان جوابَها عينُ السؤال

أبعد جهادكم زمناً شباباً **** بزهرة عمْركمْ وبكلِّ غالي

وبعد الغربة الكبرى وصبرٍ **** على مستهزئٍ بالدين قالي

وبعد الزهد والدنيا رخاءٌ **** وأنتم عن هواها في انْشغال

يباع جهادكم بخساً رخيصاً **** بزائلِ منصبٍ وحقيرِ مالِ

دعاةَ الحق لا تخفى النوايا **** فما المولى عن الإنسان سالي

وقد سبق الكتاب بأن يجازى **** مسيءُ الفعل من جنس الفِعال

فمن يَبِعِ الديانةَ بالدنايا **** يُبَعْ في ذلةٍ بيعَ الموالي

ومن يَشْري الحياة بظل **** عرشِ اْلإلهِ نجا وأُمِّن من نكال

فعودوا مثلما كنتم رجالاً **** يطيب بذكرهم ضَرْبُ المثال